ميليتس

 


ميليتس” كلمة يونانية معناها “قرمزي”، وكانت مدينة يونانية هامة تقع عند مصب نهر مياندر، على الساحل الغربي لأسيا الصغرى. وقد استوطنها قوم كريتيون منذ 1339- 1288 ق.م. ثم استوطنها اليونانيون (750 – 550 ق.م.) وعندما مد اليونانيون نفوذهم إلى كل أركان حوض البحر المتوسط، كان لميليتس دورها الهام في ذلك، فإليها يُنسب إنشاء نحو تسعين مستعمرة يونانية، وبخاصة في منطقة البحر الأسود، مثل : أبيدوس، وسينوب، وغيرهما. كما أنها فتحت الطريق لوصول الإغريق إلى مصر، فكان لها الدور الرئيسي في تأسيس مدينة “نقراطيس” في مصر غربي الدلتا، في القرن السابع قبل الميلاد، أولى المستعمرات الإغريقية في مصر، وأصبح لميليتس قوة بحرية عظيمة تسلطت بها على تجارة البحر الأسود مما جعلها فاحشة الثراء. وكان لها دورها الكبير في ازدهار أثينا في القرن السادس قبل الميلاد. وقد وجد ملوك ليدية منافساً قوياً لهم في ميليتس، إلى أن عقدت بينهما معاهدة اعترفت فيها ميليتس بسيادة ليدية، ولكن ظل لها مركزها المتميز وبخاصة في عهد “قارون” ملك ليدية الشهير. وقد استمرت هذه العلاقة بعد الغزو الفارسي في منتصف القرن السادس قبل الميلاد. وطوال هذه المدة كانت تشتهر بإنجازاتها العلمية والأدبية، فقد كانت موطن الفيلسوف اليوناني “تاليس
” (Thales)
الذي تنبأ بحدوث كسوف للشمس في 585 ق.م. كما أن تلميذه “أناكسيمندر
” (Anaximander)
قال بالتطور من الكائنات البحرية، كما أنه كان أول من حاول رسم خريطة للعالم. وقرب نهاية القرن السادس قبل الميلاد، أسس “هيكاتيوس
” (Hecataeus)
مدرسة لمؤرخي العصور القديمة، كان لها تأثيرها الكبير على أعمال هيرودوت المشهور “بأبي التاريخ”. وظلت ميليتس حتى 500 ق.م. أعظم المدن الإغريقية الشرقية
.

ولكن انتهت مدة ازدهارها حضارياً ومادياً، باشتراكها في الحروب اليونانية ضد الفرس، التي بدأت في 499 ق.م. وكانت فارس قد أصبحت قوة لا تقاوم. وبعد الكارثة البحرية في لاد
(Lade)
في 494 ق.م. وقعت ميليتس في يد الفرس، فنهبوها وخّربوها، وباعوا سكانها عبيداً، ثم أعيد بناء المدينة علي أسلوب جديد، وأصبحت جزءاً من الاتحاد الأثينوي في نحو 450ق.م. وفي 412 ق.م. ثارت مرة أخرى على الفرس، ولكنها وقعت مرة أخرى في أيديهم. وقرب نهاية القرن الرابع غزاها الاسكندر الأكبر وأعاد بناءها، واستعادت بعض أهميتها كمدينة تجارية، وأقام فيها الحكام بعض العمائر الضخمة. وفي 133 ق.م. انتقلت المدينة إلى يد الرومان كجزء من ولاية أسيا الرومانية، وحظيت بعناية خاصة من أوغسطس وتراجان لأهميتها التجارية. ولكن شيئاً فشيئاً، تراكمت رواسب طمي نهر مياندر في مينائها ، فتضاءلت أهميتها. وفي 263 م. استولى عليها القوط ، وهدموا هيكل أرطاميس العظيم. وفي عصر جستنيان (القرن السادس الميلادي) كانت المدينة قد أصبحت مجرد قرية صغيرة مهجورة. وبدأت فيها الكشوف الأثرية منذ القرن السادس عشر حتى الآن. وبالمدينة الكثير من الأطلال، من المباني العامة والخاصة، منها مسرح كبير كان يتسع لنحو 15.000 شخص ، وهو أكبر المسارح التي اكتشفت في أسيا الصغرى، والتي تمتد من القرن الخامس قبل الميلاد إلى عصور الامبراطورية الرومانية
.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول الثانية إلي تيموثاوس 02

وقد توقف الرسول بولس في ميليتس في رحلته الثالثة من بلاد اليونان إلى أورشليم. ومن ميليتس أرسل إلى أفسس واستدعى شيوخ الكنيسة في أفسس، وأوصاهم أن يرعوا كنيسة الله التي أقامهم الروح القدس فيها أساقفة (أع 20: 17- 35). ومن ميليتس أبحر إلى صور. ويذكر في رسالته الثانية لتلميذه تيموثاوس، أنه ترك تروفيمس مريضاً في ميليتس (2 تي 4: 20) مما قد يعني أنه زار ميليتس مرة أخرى بعد إطلاق سراحه من سجنه الأول في رومية. ولم تلعب ميليتس إلا دوراً صغيراً في تاريخ المسيحية بعد ذلك، رغم أنه تأسست بها أسقفية مسيحية في القرن الخامس
.

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي