يافا
اسم كنعانى معناه ” جمال ” لما كان تتصف به مدينة يافا من جمال . وتقع يافا على بعد 53 ميلا إلى الشمال الغربي من أورشليم . وكانت تعتبر ميناء أورشليم . وقد أقيمت يافا على تل صخري يعلو نحو 116 قدماً فوق سطح البحر . وتبرز رأسه في البحر . وكانت يافا هي الميناء الطبيعى الوحيد على شاطىء البحر المتوسط بين حدود مصر ومدينة عكا القديمة . وعلى بعد نحو 100 إلى 400 قدم من الشاطىء توجد سلسلة صخرية تكوِّن حاجزاً للأمواج يجعل المدخل إلى الميناء من الجهة الشمالية . ويحتمل أن الميناء كان أكثر اتساعاً وأفضل حماية فى العصور الكتابية ، عنه الآن . وكانت المدينة في تلك العصور ، جيدة الري ، تحيط بها أراض خصبة
.
وتظهر يافا في السجلات المصرية القديمة في قائمة بأسماء المدن الفلسطينية التى فتحها تحتــــــمس الثـــالث ( 1490 – 1432 ق.م. ) . وكان يحكمها في عصر تل العمارنة حاكم محلي فى تحالف مع أورشليم . ويصف أحد المراجع – من ذلك العصر – حدائقها الغناء ، ومهارة حرفييها فى صناعة المعادن والجلود والأخشاب
.
وعند تقسيم فلسطين بين الأسباط الاثني عشر ، وقعت يافا في نصيب سبط دان ( يش 19 : 46 ) . ولكن سرعان ما استولى عليها الفلسطينيون وجعلوا منها ميناء لهم . ولكن استطاع داود الملك أن يستردها منهم . وفى عهد سليمان ، أصبحت يافا ميناء كبيراً تستقبل أرماث الأخشاب التي كان يبعث بها حيرام ملك صور ، من لبنان إلى يافا لتنقل منها إلى أورشليم لاستخدامها فى بناء الهيكل في أورشليم ( 2 أخ 2 : 16
) .
وكما كانت يافا هي الميناء التى نزل إليها يونان النبي ليهرب من وجه الرب حتي لا يقوم بالمناداة لأهل نينوى بالتوبة ، فوجد فى يافا سفينة ذاهبة إلى ترشيش فنزل فيها ( يونان 1 : 3
) .
وعندما غزا تفلث فلاسر الثالث فلسطين في 743 ق.م. كانت يافا إحدى المدن التي وقعت في يده . كما أن سنحاريب في غزوته في 701 ق.م. يذكر أن يافا كانت إحدى المدن التى استولى عليها . ثم لا نعرف عنها إلا القليل حتى زمن عزرا ، بعد العودة من السبي البابلي ، حين أصبحت يافا مرة أخرى تستقبل أخشاب أرز لبنان ، بناء على أمر كورش ملك فارس ، لتستخدم في اعادة بناء الهيكل فى أورشليم ( عز 3 : 7 ) . وفي القرن الرابع قبل الميلاد استولي إشمو ناصر ملك صيدون عليها . وعندما عصت صيدون على فارس قام ارتشستا الثالث بتدميرها . ثم استولى عليها الاسكندر الأكبر ، وأعاد تعميرها ، وأنشأ فيها داراً لسك العملة ، وهكذا استعادت أهميتها فى العصر اليوناني . وبعد موت الاسكندر ، كانت الحرب سجالاً بين خلفائه للاستيلاء على المدينة ، فحكمها مصر من 301 ق.م. إلى 197 ق.م . ثم استولى عليها أنطيوكس الثالث وجعلها جزءاً من المملكة السلوقية
.
وفي عصر المكابيين ، تعرضت يافا لظروف متقلبة ، فعندما تحرك انطيوكس أبيفانس نحو أورشليم في 168 ق.م. لتنفيذ نشر الثقافة اليونانية بالقوة ، حشد جيوشه في يافا . وفي 461 ق.م. نجح يهوذا المكابي في حربه ضد السلوقيين ، فقام المواطنون ، من غير اليهود بإغراق نحو 200 يهودي ، فرد يهوذا باحراق منشآت الميناء والسفن التى كانت ترسو فيه ، ولكنه لم يستطع الاستيلاء على المدينة نفسها ( 2 مك 12 : 3 – 9
) .
وفي 147 ق.م. هزم يوناثان وسمعان أبولونيوس تاوس القائد السوري واستوليا على يافا مكافأة لهما من اسكندر بالاس الذي كان يطالب بعرض سورية . وفي سلسلة من التحركات السياسية في غضون السنوات القليلة التالية ، استطاع سمعان في 142 ق.م. أن يحصن المدينة ويطرد منها سكانها اليونانيين ، ويجعل من يافا مدينة يهودية وميناء للتجارة مع جزائر البحر ( 1 مك 14 : 5 ) . وعندما فتح القائد الروماني بومبي المنطقة ، اعلنت يافـــا مدينة حره ، ثم أعادها يوليوس قيصر ، فى زمن هركانس ، إلى اليهود ( 47 ق.م. ) كما كانت يافا إحدى المدن التى إحداها أنطونيوس لكليوبترا . ثم غزاها هيرودس الكبير في 37 ق.م. ولسبب معاداة سكان يافا ، بنى هيرودس ميناء جديداً فى قيصرية على بعد نحو 04 ميلا إلى الشمال من يافا ، وفى زمن ميلاد الرب يسوع ، كانت يافا خاضعة لوالي قيصرية من قبل الإمبراطورية الرومانيـــــــة ( كما يذكر يوسيفوس
) .
وقد تكونت كنيسة مسيحية فى زمن مبكر ، في يافا . وكان من بين أعضاء تلك الكنيسة ” غزالة ” ( طابيثا ) التى أقامها بطرس الرسول من الموت ( أع9 : 36 -41) . كما كان في يافا سمعان الدباغ الذي أقام بطرس الرسول فى بيته أياما كثيرة ( أع 9 : 43 ) . ومن هناك أرسل كرنيليوس قائد المائة الروماني ، يستدعيه إلى قيصرية ، فبشره بالمسيح ( أع 10 : 1 – 48
) .
وكانت يافا في مقدمة المدن اليهودية التي ثارت على الرومان ، فدمرها فسباسيان في 68 م ، وشغل مكانها بمعسكر للجيش الروماني . ويظهر على بعض العملات الرومانية التي سكت تذكاراً لانتصار الرومان على اليهود ، تدمير الأسطول اليهودي فى يافا
.
وقد أصبحت يافا بعد ذلك مقّراً لأسقفية مسيحية . وفى زمن الحروب الصليبية ، تداولها الصليبيون والمسلمين مراراً . وفي أثناء الحملة الفرنسية ، استولى عليها كليبر فى 1799 ، ثم بعد طرد الفرنسيين حصنها الإنجليز ، ثم انتقلت ليد الأتراك . وهي الآن تكون الجزء الجنوبى من تل أبيب ، وتشتهر بفاكهتها . وبخاصة البرتقال اليافاوي
.