مجاز

 

أي أن تستعمل الكلمة في غير معناها الأصلي، أي أن يقصد بها شىء مختلف عن ظاهر الكلمات، ويظهر ذلك في الكتابات الدينية في ثلاث صور : بلاغيا، أو تفسيريا، أو وعظيا
.

فالصورة البلاغية المعتادة هي التوسع في الاستعارة لتشمل جملة أو جملتين، أو قد تمتد لتشمل مجلدا كاملا كما في كتاب سياحة المسيحي لجون بنيان. ويرد المجاز بهذه الصورة بكثرة في كلا العهدين القديم والجديد كما في مزمور 80 : 8 ــ 19، جامعة 12 : 3 ــ 7، يوحنا 10 : 1 ــ 16، أفسس 6 : 11 ــ 17. ويعتبر التفسير التقليدي عند اليهود وكذلك عند الكنيسة المسيحية، أن سفر نشيد الأنشاد في جملته ليس إلا مجازا
.

وفي تاريخ تفسير الكتاب المقدس، كان للتفسير المجازي مكانة منذ عهود قديمة تعود إلي ما قبل المسيحية، وبخاصة عند يهود الاسكندرية، وعنهم أخذ آباء الكنيسة الأولون. ويقول أصحاب هذا الرأي إن المعني الحرفي، وبخاصة للفصول التاريخية، لا يستوعب كل القصد الإلهي منها، فهي تتضمن ــ ولا بد ــ معنى أعمق ومرمى روحيا أسمى. إنها تروي لنا ما حدث أي الجانب التاريخي، وما يجب أن نؤمن به أي الجانب المجازي، وما علينا أن نفعله أي الجانب الأدبي، وما يجب أن نرجوه أي التأويل الروحي. أي أننا يجب أن نبحث عن المعني المجازي في كل جزء
.

ويقول ” كريمر ” إن هذا الأسلوب من محاولة اكتشاف المعني المستور وراء كل عبارة بسيطة ــ رغم مغالاة اليهود في استخدامه من جانب أرستوبولس ثم جانب فيلو بخاصة ــ لم ينشأ بين اليهود لكنهم أخذوه عن يوناني الاسكندرية ( الذين فسروا قبل ذلك الأساطير اليونانية باعتبارها تشير إلي مفاهيم دينية أسمى ) وطبقوه على تفسير فصول العهد القديم التاريخية بما فيها من تجليات إلهية وخلع الصفات والمشاعر البشرية على الله، وما أشبه ذلك في الإعلان الإلهي في الأسفار المقدسة. وانتقل هذا التفسير المجازي إلي الكنيسة وأصبح أمرا مألوفا في عهودها الأولى. ولو أنه لم يمتد بنفس القوة إلي كل فصول الكتاب. وكانت الكنيسة السريانية أكثر اعتدالا في هذا المجال
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بث ربيم م

ومن مميزات العهد الجديد، وأحد الأدلة على أنه موحي به من الله، أنه في كل كتابات العصر ــ سواء الكتابات اليهودية أو المسيحية ــ لم يفسروه مجازيا بل أخذوه على محمل ألفاظه تقديسا له ككلمة الله
.

وقد رفضت الكنيسة البروتستانتية ــ في كل عصورها بداية من لوثر ــ هذا التفسير المجازي، وتمسكت بأخذ الأقوال عند مرماها الواضح، مقتدية بالرب نفسه في اقتباساته من العهد القديم، وكما فعل كل كتاب العهد الجديد، فهم يرفضون إدخال معان غير موجودة، مكتفين بالمكتوب فحسب، أي أنهم يرفضون قراءة ما وراء السطور. ولكن هذا لا ينقي أنهم يدركون وجود معان خفية في الأسفار المقدسة، وبعنون بذلك الفصول واضحة المجازية، كما في الأمثال والرموز
.

أما استخدام المجاز في المواعظ، فالمقصود منه استخراج حقائق روحية من أقوال تاريخية عادية، كاستخدام شفاء المسيح للأبرص توضيحا لشفاء المخلص للنفس، وهو ما لا يعتبر تفسيرا بل تطبيقا
.

 

 

 

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي