سَفِينة
:

كان اليهود أهل رعي, ولم يكونوا يركبون البحر كثيراً, ولم يكن في بلادهم سوى ميناء واحد بناه سمعان المكابي في يافا. وفي زمن الملك هيرودس كان ميناء قيصرية عامراً, ولكنه كان تحت إشراف الرومانيين. وقد استعار الشعراء العبرانيون صور مخاطر البحار من حياة الصوريين والمصريين, أكثر مما استعاروها من حياتهم هم
.

وقد بدأ الناس يركبون البحر منذ فجر التاريخ وذلك على نهر النيل ونهر الفرات, وكانت دعائم السفن مصنوعة من خشب الصفصاف, ويعومها رجلان يحمل كل منهما عارضة خشبية يدفعان بها السفينة وكانت أكبر سفينة تحمل خمسة آلاف وزنة, وكانت السفن التي تسير على النيل مصنوعة من خشب السنط
.

ولا شك في أن العبرانيين استعملوا سفن الصيد على بحر الجليل منذ زمان طويل, ولكن العهد القديم لا يذكر لنا ذلك, بينما يفيض العهد الجديد في ذكر ذلك ( مثلا يوحنا 6: 22
).

وكان سليمان أول من بدأ استخدام السفن التجارية بين العبرانيين, وقد حاول الملك يهوشافاط أن يحذو حذوه ولكنه لم ينجح, وقد اعتمد سليمان ويهوشافاط على البحارة الفينيقيين, لا على الإسرائيليين, وقد حمل البحارة الصيدونيون أخشاب بناء هيكل سليمان على أطواف إلى يافا ( 1 ملوك 5: 9 ) كما حملوا أخشاب بناء الهيكل الثاني كذلك ( عزرا 3: 7 ). وبحارة السفينة التي حملت يونان النبي الهارب كانوا من الأجانب ( يونان 1: 5
).

وقد كان البحر الأبيض المتوسط مسرحاً لكثير من السفن التجارية والعسكرية ( عدد 24: 24 ودانيال 11: 30 ). وقد كانت السفن الحربية تحمل الجنود. كما كانت تشترك في المعارك الحربية, إذ كان بعضها مجهزاً بمقدمة مسنونة تطعن بها سفن العدو فتغرقها. وكان بعضها يسير بالقلوع والبعض الآخر بالقلوع والمجاديف معاً. وكانت هناك سفن فاخرة للسفر يقدم لنا حزقيال وصف إحداها, فيقول إن ألواحها كانت من خشب السرو ذي الرائحة الجميلة, وسواريها من أرز لبنان, وشراعها من كتان مطرز, أما غطاؤها الذي يظلّل الركاب من الشمس فقد كان من الأسمانجوني والأرجوان ! وكان لها قائد وبحارة ينفذون تعليماته ( حزقيال 27
).

وكانت هناك سفن ضخمة تحمل الكثير من المسافرين والبضائع, فقد كانت سفينة بولس المسافرة إلى مالطة تحمل 276 راكباً عدا حمولة القمح, ويقول يوسيفوس: أنه ركب سفينة تحمل ست مئة راكب وألف طن من الحمولة. وكانت دفة السفينة صغيرة جداً بالنسبة إلى حجمها ( يعقوب 3: 4 ). وكانت أحياناً مجذافاً كبيراً يُربط بجانب السفينة وينزع عند اللزوم ( أعمال 27: 40 ). وكانت تزين بتماثيل وعليها صور كعلامة توأمي زفس ( الجوزاء ) يتيمّن بها البحارة الوثنيون ( أعمال 28: 11 ). وكان لها مراسي تشبه مراسي سفن اليوم, وفيها حبل للقياس وحبال أخرى لحزم السفينة عند اللزوم لحفظها من التفكك بفعل العواصف
.

ويقدم لنا سفر الأعمال وصفاً رائعاً لسفن تلك الأيام والسفر بها, وذلك في وصف رحلات بولس التبشيرية
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي