العذراء أم عمانوئيل

إشعياء قال لنا بصوت التهليل إنها تلد لنا عمانوئيل

(إشعياء 7: 14) ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه «عمانوئيل»

(إشعياء 8: 8)
ويندفق إلى يهوذا. يفيض ويعبر. يبلغ العنق. ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل.

(متى 1: 23) هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل» (الذي تفسيره: الله معنا).

 

“وكان هذا كلّه ليتمّ ما قال الربّ بالنبيّ القائل: ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمّانوئيل أي الله معنا”. هذا القول النبوي مأخوذ من أشعيا 7: 14 حسب الترجمة اليونانيّة السبعينيّة التي ترجمت “علما” بلفظة. ففيما اللفظة العبريّة تعني إمّا فتاة وإمّا امرأة شابّة لم يمض على زواجها زمان طويل، تعني اللفظة اليونانيّة فقط “عذراء”. فنبوءة أشعيا تحتوي على معنيين: معنى تاريخي ينطبق على الزمان الذي قيلت فيه، ومعنى نبوي سيتحقّق في المستقبل. فعندما قيلت تلك النبوءة كان آحاز ملك يهوذا في وضع خطير. فملك السامرة وملك دمشق كانا سائرين إلى أورشليم ليقيلاه وينصّبا مكانه ملكًا آخر هو “ابن طابئيل” (أش 7: 6). فأوحى الربّ إلى أشعيا أن يذهب إلى الملك آحاز ويهدّئ من روعه ويعطيه آية تكون له علامة لأمانة الله له وللمواعيد التي أعطاها لداود على لسان النبيّ ناتان وللحماية التي سيمنحها لمملكته واستمرار عرشه (أش 7: 1- 17). فبحسب المعنى التاريخي، تشير هذه الآية إلى ولادة ابن للملك آحاز، هو حزقيّا. و”العلما” هي إذًا زوجة الملك. ولكن من خلال هذا المعنى التاريخي يبرز معنى آخر نبوي تتضمّنه النبوءة. فمولد وريث للملك آحاز المنحدر من نسل داود قد حدث تتميمًا لقصد الله ووعده. وهذا المولد هو استباق لميلاد المسيح الذي سيرث في النهاية “عرش داود أبيه” (لو 1: 32- 33).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر حزقيال 28

“أجل إنّ أشعيا يشير مباشرة إلى ولادة ابن لآحاز، حزقيّا مثلاً. ومع ذلك فإنّنا نشعر، من خلال ما في القول من رهبة، ومن خلال ما في الاسم المطلق على الطفل منِ قوّة، بأنّ أشعيا ينظر في هذه الولادة الملكيّة إلى أبعد من الظروف الراهنة، فيرى تدخّلاً من قبل الله في سبيل إقامة الملك الماسيوي النهائي. إنّ نبوءة عمّانوئيل تتجاوز هكذا تحقيقها المباشر. وبحقّ رأى فيها الإنجيليّون (متّى 1: 23 الذي يستشهد بأش 7: 14، ومتّى 4: 15- 16 الذي يستشهد بأش 8: 23- 9: 1)، ومِن بعدهم التقليد المسيحي، التبشيرَ بميلاد المسيح”.

إنّ الترجمة السبعينيّة، التي تعود إلى القرن الثالث قبل المسيح، قد ركّزت على المعنى النبوي الماسيوي. فما جرى لآحاز ولابنه حزقيّا وكلّ أحداث سنة 735 صارت من الماضي المنسيّ.، أمّا المعنى الماسيوي فبقي حاضرًا في أذهان المترجمين. ولذلك باختيارهم لفظة “عذراء” في ترجمتهم، أعطوا تفسيرًا ماسيويًّا لهذه النبوءة، ورأوا فيها إشارة إلى المسيح وأمّه، وإلى ولادة المسيح التي لا يمكن، في نظرهم، إلاّ أن تتمّ بمعجزة. هذه الترجمة تنطوي إذًا على تفسير يعود إلى القرن الثالث قبل المسيح وكان شائعًا في بعض الأوساط اليهوديّة، وورد في تلك الترجمة بوحي من الله. وقد كرّس متّى 1: 23 هذا التفسير إذ رأى فيه نبوءة للحبل البتولي بيسوع المسيح.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي