3- أنا سوداء وجميلة (أ) (نش 1: 5)



كتب قبطية



كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد –
البابا شنودة الثالث


3- أنا سوداء
وجميلة (أ) (نش 1: 5)

هذه العبارة
تقولها كنيسة الأمم.

التي تعتبر
سوداء لأنها كانت غريبة عن رعوية شعب الله بلا ناموس، لا أباء ولا أنبياء، بلا
وعود من الله، وبلا عهود منه، وبلا معرفة إيمانية به (أف 2: 12). فهي من هذه
الناحية سوداء في نظر اليهود ولكنها تخاطبهم قائلة “أنا سوداء يا بنات
أورشليم” من وجهة نظركم أنتم ولكني جميلة في عيني الرب.

النفس البشرية
الخاطئة، هي أيضا سوداء.

سوداء من جهة
ضعفها وسقوطها ولكنها جميلة بدم المسيح الذي يطهرها من كل خطية (1 يو 1: 7) فهي
تقول أنا سوداء في حالة الخطية ولكن جميلة في حالة
التوبة، سوداء في حاضري
وماضي ولكني جميلة في المستقبل، بالرجاء.. آنا سوداء وآنا بعيدة عن الله ولكني
أؤمن بقوة الله الذي سينتشلني مما أنا فيه وهو الذي سوف يتوِّبني فأتوب (أر 31:
18) وأصبح جميلة، لأن الجمال هو طبيعتي التي خلقت بها كصورة الله على شبهة
ومثالة (تك 1) باعتباري نفحة خرجت من فم الله، واستقرت في ترابي (تك 2).




St-Takla.org Image:
God’s care and love for us، Jesus the Good Shepherd and the lost sheep

صورة:
عناية الله بنا ومحبته له،
يسوع المسيح الراعي الصالح والخروف الضال

أنا جميلة -كصورة الله- أما الخطية فهي دخيلة على طبعي.

هذه الخطية
زحفت إلي من سبب خارجي “لأن
الشمس قد لوَّحتني” ولكني جميلة باعتبار أن نعمة
الله لابد ستفتقدني في يوم ما، وسيعمل في روحه القدوس ولن يتركني إلي سوادي.

لقد كنت سوداء
بخطيتي الجدية المورثة. ثم تجددت في


المعمودية
.

دخلت جرن


المعمودية
، حيث صُلِبَ إنساني العتيق (رو 6: 6) “ليبطل جسد الخطية”.
وخرجت من
جرن
المعمودية
بيضاء وجميلة.

ثم اسودَّت
بشرتي، لأن
ال
شمس قد لوَّحتني. ولكني واثقة أنني سأدخل جرن

التوبة
، حيث
يغسلني الرب فأبيض أكثر من


الثلج
(مز 50) وأصبح جميلة.

الله الحنون سوف
ينضح عليَّ
ب
زوفاه فأطهر. سيخلق فيَّ قلبًا نقيًا. وأيضًا سوف يجدد
روحًا مستقيمًا في أحشائي (مز 50). وبنعمته سوف يردني إلى رتبتي الأولى،
الجميلة.

أنا سوداء
لأني في مرحلة من التخلي “طلبته فما وجدته”.

ولكني واثقة
بالرجاء أني لابد سأجدهُ ولو بعد حين. وحينئذ سيلقي على بره، فأصبح جميلة مرة
أخرى.

أنا سوداء يا
بنات

أورشليم
البيض الجميلات.. ولكني أحذركن:

لا تشمتن بي،
ولا تهزأن بسوادي كأنه عار.

فالرسول
يمنعكن إذ يقول ” أذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم. واذكروا المذلين كأنكم
انتم أيضًا في الجسد” (عب 13: 3). كما يقول من هو قائم، فلينظر لئلا يسقط (رو
11)، كلكم معرضون أن تلوحكم

الشمس
مثلي.

لقد كانت لي
أخت سوداء وصارت جميلة. أنها الأرض!

قيل في اليوم
الأول أن الأرض “كانت خربة وخاوية، وعلى وجه الغمر ظلمة” (تك 1: 2) تلك
الظلمة تعني أنها سوداء.. “ثم قال الله: ليكن نور، فكان نور”. وصارت الأرض
الخربة جميلة، وامتلأت بالثمار والأزهار ” ورأى الله ان ذلك حسن”.

هل تبحث عن  بَحُورِيم

وأنا أيضًا
أنتظر اليوم الذي يقول فيه الرب: ليكن نور.

فيكون نور.
ويرى الله النور إنه حسن. وأصير جميلة.

إنني أعيش
برجاء ذالك اليوم لست أعيش في ظلمتي الحاضرة، وألا خنقني
اليأس!.. إنني بالرجاء
انتظر النور الآتي. انتظر أن يغسلني الرب، فابيض أكثر من
الثلج. أن عبارة “أبيض
أكثر من
الثلج” عبارة معزية مملوءة بالرجاء. سأعيش فيها.

إن كنيسة
الأمم عندما قالت أنا سوداء وجميلة، كانت في عمق الإيمان بالخلاص الآتي.

كانت مؤمنة
بمجيء من يحمل خطايا العالم كله.

وعندما قالت
أنا جميلة ذكرتني بقول المرتل في
المزمور: “ارحمني فأني بار” (مز 86)، وفي
قوله هذا، لم يتكلم عن بره الذاتي، إنما عن البر الأتي بالدم المسفوك، الذي
سيطهره فيبيض أكثر من
الثلج “متبررًا مجانا بالنعمة” (رو 3: 24) وبنفس الوضع
تقول


عذراء النشيد
عن نفيها إنها جميلة فالرسول يقول ” لان جميعكم الذين
اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح (غل 3: 27) أي لبستم البر الذي له.

لي أخت أخرى
كانت سوداء وجميلة. هل تعرفنها يا بنات

أورشليم
؟ إنها أورشليم نفسها كما وصفها

سفر حزقيال
.

قال لها الرب
وهي مطروحة بنجاستها على الأرض “مررت بك ووجدتك مدوسة بدمك. فقلت لك بدمك عيشي” (حز16). هكذا كانت حياتها وهي سوداء.. ثم يقول لها الرب بعد ذلك ” فمررت بك
ورأيتك وإذ زمنك زمن الحب. فبسطت ذيلي عليك وسطرت عورتك ودخلت معك في عهد، فصرت
لي. فحممتك بماء. (أي
المعمودية) وغسلت عنك دمائك (بمغفرة خطاياك)، ومسحتك
بزيت، (أي
بزيت الميرون في المسحة المقدسة) وألبستك مطرزة. وكسوتك بزًا أي
حرير (بسر التوبة) وحليتك بالحلي (بالفضائل) فتحليت، وجملت جدا فخرج لك أسم في
الأمم لجمالك لأنه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك” (حز 16).

هذه قصة
السوداء التي صارت جميلة، إذ افتقدها الرب.

وكان ذلك في “زمن الحب” أي الزمن الذي رآه الرب مناسبا لإظهار حبة، وما أدق عبارة “جمالك
كان كاملًا ببهائي الذي جعلته عليك” إنه جمال من الله وليس جمال من تلك النفس،
إنه بر المسيح وليس برها الذاتي. إنه منحة الله للنفس، وليس عمل الذراع
البشري.

نفوس كثيرة
كانت سوداء وصارت جميلة.

مثل نفوس
التائبين جميعا، مثل
موسى الأسود، وأغسطينوس،
وبيلاجية،
ومريم القبطية،
وأريانوس والي أنصنا،
واللص اليمين..

ولكن هذه
النفوس لا تقول “أنا سوداء وصرت جميلة” وإنما تقول “أنا سوداء وجميلة”
لأنها
تعيش بالرجاء. فترى المستقبل كأنه قائم أمامها، إنها نفس واثقة، إنها غالية عند
الرب، مهما سقطت!

هناك نفوس
أخرى ترونها أنتم سوداء ويراها الرب جميلة!

مثال ذلك شاو
ل الطرسوسي المضطهد للكنيسة. كم كان أشد سواد هذه النفس في نظر المؤمنين، حينما
كان يهجم ويقتاد رجالا ونساء إلي السجن. أما الرب فنظر إلي نفس شاول السوداء،
بل التي كانت جميلة في غيرتها وإن كانت غيرة ليست حسب المعرفة وقال له “صعب
عليك أن
ترفس مناخس” (أع 9).. إنني أغسلك وأنت ترفض الصابون والماء والليف!
ومع ذلك سأظل أغسلك إلي أن تبيض أكثر من
الثلج فيما تغسل خطاياك (أع 22: 16)
وبعد ان تبيض سأريك كم ينبغي أن تتألم من أجلي، سيرجمونك، وسيضربونك بالسياط،
ويسيل الدم على نفسك البيضاء.. وأغني لك أنشودتي “حبيبي أبيض وأحمر”.

هل تبحث عن  ألْيَاقِيم ابْن يوشيا | يهوياقيم







St-Takla.org
Image: The protest of
devotion: “I am dark، but lovely، O daughters of Jerusalem، like the
tents of Kedar، like the curtains of Solomon.” (Song of Songs 1: 5)
– by Mente – from “The Bible and its Story” book، authored by
Charles Horne، 1909.

صورة في

موقع الأنبا تكلا
: اعتراض المحبة
الشديدة: “أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار، كشقق
سليمان” (نشيد الأنشاد 1: 5)، رسم مينتي – من كتاب “الإنجيل وقصته”،
إصدار تشارلز هورن، 1909.

أنا نفسي
سوداء قد أكون مائتة مثل الابن الضال.

حسبما قيل عنه
“ابني هذا كان ميتا فعاش” (لو 15: 24).

وقد
يقال عني “قد أنتن” مثل
لعازر (يو 11: 39).

أنا واثقة من
إني سأخرج من القبر، وسأرجع إلي بيت عنيا. وهناك سيزورني الرب ومعي
مريم ومرثا..

أنا نفسي
ساقطة، ولكنني لست ضائعة..

سيمسك واحد من
السارافيم جمرة من على
المذبح، ويمسح بها شفتي، قائلًا: قد طهرت. قد كفر عن
خطيئتك. لن تموت.. وسيأتي الرب بلقان، وسيأتي بمئزر ويغسل قدمي، لكي أصير طاهرا
كلي، كباقي التلاميذ، وكباقي النفوس التي هي مثلي سوداء. ويقول “ها أنتم
الآن طاهرون” (يو 13: 10).

أنا سوداء
وجميلة، والخطية تلطخني من الخارج فقط (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). أما قلبي فهو في داخلي يحب الله!

مثل بطرس الذي
أنكر سيدة ثلاث مرات، وسب ولعن وقال لا أعرف الرجل (مت 26: 72) ومع ذلك قال
للرب بعد القيامة: أنت يا رب تعرف كل شيء. أنت تعلم أني أحبك (يو 21: 17).

الخطية غريبة
عني، وأنا غريب عنها، أنها سقطة ضعف وليست خيانة!

إرادتي في
الخارج سوداء، أما نفسي من الداخل فهي بيضاء، كل ما كان مني من إنكار هو نفسي
الخارجية الضعيفة السوداء، أما الحب الذي في قلبي، فهو نفسي الحقيقية الجميلة
، نفسي الخارجية يلطمها الشيطان فتسود، أما قلبي من الداخل فجميل، وهذا
السواد الخارجي سوف أخلعة حتمًا، سأخلعه الآن. وسأخلعه عندما ألبس جسدًا
نورانيًا روحانيًا لا يخطئ (1كو15: 44، 49) جسما لا يتصل بالمادة بعد.

أنا سوداء
وجميلة
كخيام قيدار، كشقق


سليمان
. وكأنة قيل عني، كنت خلال ذلك
أكافح، نفسي وأجاهد، حتى كأنني اثنان في واحد، هذا يدفعني، وذلك يمنعني.

هذه النفوس
المجاهدة التي تحارب حروب الرب. فتسقط حينا، وتقوم حينا أخر، وقد يجرحها
الشيطان وقد يشوه بعض أعضائها، هي على الرغم من سقوطها، سوداء وجميلة، مهما
جرحت في الحرب، هي جميلة، لأنها لا تلقي سلاحها، ولم تستسلم نهائيا للعدو.
ولم تفقد إخلاصها الداخلي للرب، مهما جرحت.

كلما عاش
الإنسان في حياة الاتضاع، يجد نفسه سوداء وفي نفس الوقت جميلة!

مثل نفس
العشار الذي لم يجرؤ أن ينظر إلي فوق.. وإنما بانكسار قلب وبخجل، قال: ارحمني
يا رب فأني خاطئ (لو 18: 13) حقا إنها نفس سوداء وجميلة، ما أعظم وأعمق هذه
المقابلة:

العشار نفسه
سوداء وجميلة، والفريسي لم يكن جميلًا وهو أبيض.

نفس أخرى كانت
سوداء وجميلة، هي نفس

اللص اليمين
على
الصليب، كان لصا ومازلنا
نسميه باللص،
وهي كلمة ترمز لسواده، وكلمة اليمين ترمز لبره في
المسيح.


راحاب الزانية
-كذلك اللص- كانت سوداء وجميلة.

كانت امرأة
مشهورة إنها خاطئة، ولكن الحبل
القرمزي كان يقول إنها أكثر
جمالًا من كل سكانأريحا (يش
6).

كل نفس سوداء
وجميلة تناديكم: لا تحكموا حسب الظاهر.

إن الظاهر لا
يقدم الحقيقة مطلقا. لما رأى
صموئيل النبي الابن البكر ليسى قال “هوذا أمام
الرب مسيحه”، بينما قال الرب “أنا قد رفضته” وقال
لصموئيل: “لا تحكم حسب
الظاهر”، بينما اختار الرب داود الذي كان يقول “صغيرًا كنت في بيت أبي،
ومحتقرا عند بني أمي”. هذا الصغير الذي صار مسيحًا للرب وحل علية روح الرب (1
صم: 16).

عبارة ” أنا
سوداء وجميلة ” يمكن أن يقولها كل ضعيف اختاره الرب.

فالرب قد أختار تلك النفوس السوداء الجميلة “أختار الله جهال العالم ليخزي
الحكماء، وأختار الله ضعفاء العالم ليخزي الحكماء، وأختار أدنياء العالم
والمزدري وغير الموجود.. (1كو1: 27، 28) أختار مجموعة من الصيادين ليكونوا
رسله، وأختار
موسى الأغلف الشفتين ليكون
كليمه، وأختار أرميا الصغير ليكون
نبيا للشعوب.. واختار العشار متى بين لأثنى عشر، وتوما الشكاك أيضًا بينهم.
إنها نفوس كانت تبدو للكثيرين سوداء في ضعف مكانتها، ولكنها كانت في نظر الله
جميلة. نعم إنه الله الذي قيل عنة: الساكن في الأعالي، والناظر إلي
المتواضعات.

المقيم
المسكين من التراب والرافع البائس من المزبلة، لكي يجلس مع رؤساء شعبة. الذي
يجعل العاقر ساكنة في بيت، أم أولاد فرحة (مز 113). نعم هذه النفس الخارجة من
التراب ومن المزبلة تصلي إليه قائلة في شكر: أنا سوداء وجميلة.

أنا ضعيفة
أعمل بقوة الله، وجاهلة أتكلم بحكمة الله

أنا المزدري
وغير الموجود، ولكن الله منحني وجودًا..

في إحدى
المرات اختار الله حفنة تراب مدوسة في الأرض، ونفخ فيها نسمة حياة، فصارت نفسا
حية (تك 2)، وجعلها الله على صورته ومثاله وإذ صارت كذلك، انطبقت عليها
عبارة:

“أنا سوداء
وجميلة”.

ألست ترى معي
أيها القارئ العزيز أن
هذا الموضوع له بقية طويلة؟ نعم إنه لكذلك..



مشاركة عبر التواصل الاجتماعي