الفصل السادس


كان الجنس البشرى سائرًا إلى الفناء وكانت صورة الله


 فيه سائرة إلى الاضمحلال والتلاشى. لهذا كان أمام الله أحد أمرين: إما أن يتنازل عن كلمته التى تعدى


 عليها الإنسان فجلب على نفسه الخراب؛ أو أن يهلك


 الإنسان الذى كان له شركة في الكلمة. وفي هذه الحالة يفشل قصد الله. فماذا إذن؟ أيحتمل هذا صلاح الله؟ وإن كان الأمر كذلك فلماذا خلق الإنسان؟ لو أن هذا حصل لدل على ضعف


 الله لا على صلاحه.

 

        1 لأجل هذا إذن ساد
 الموت أكثر وعم الفساد على البشر
، وبالتالى كان الجنس البشرى






[1]





سائرًا نحو الهلاك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الإنسان العاقل والمخلوق على صورة الله

 آخذًا في التلاشى، وكانت خليقة الله آخذةً في الانحلال.

               2 لأن الموت أيضًا، وكما قلت سابقًا






[2]





، صارت له سيادة

 شرعية علينا (بسبب التعدى)، منذ ذلك الوقت فصاعدًا، وكان من المستحيل التهرب من حكم
 الناموس
، لأن الله
 هو الذى وضعه بسبب التعدى، فلو حدث هذا لأصبحت النتيجة مرعبة حقًا وغير لائقة في نفس الوقت.

        3 لأنه (أولاً)، من غير اللائق طبعًا أن الله
 بعدما تكلم بشئ مرة يتضح أنه فيما بعد كاذب
، أى أن الله بعد أن أمر أن الإنسان يموت
 موتًا، أن يتعدى الوصية
 ولا يموت، بل تبطل كلمة الله. وسيكون الله غير صادق
 إن كان الإنسان لا يموت بعد أن قال الله إنه سيموت.

        4 ثانيًا، كان سيصبح من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد، تلك الخليقة التى خُلقت عاقلة، وكان لها شركة في
الكلمة





[3]





.

        5 وأيضًا لأنه سيكون من غير الجدير بصلاح الله
 أن تفنى خليقته بسبب غواية
 الشيطان للبشر.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر يشوع 19

        6 ومن ناحية أخرى كان سيصبح من غير اللائق على الإطلاق أن تتلاشى صنعة الله







[4]







بيد البشر
 إما بسبب إهمالهم أو بسبب غواية
 الشياطين.

        7 فطالما طال الفساد الخليقة العاقلة، وكانت صنعة الله
 في طريقها إلى الفناء، فما الذى كان يجب على الله الصالح أن يفعله؟ أيترك الفساد يسيطر على البشر
، والموت ليسود عليهم؟ وما المنفعة إذن من خلقتهم منذ البدء؟ لأنه كان أفضل بالحرى ألاّ يُخلقوا بالمرة من أن يُخلقوا وبعد ذلك يُهملوا ويفنوا.

        8 فلو أن الله
 أهمل ولم يبال بهلاك صنعته، لأظهر إهماله هذا ضعفه وليس صلاحه. ولو أن الله خلق الإنسان ثم أهمله لكان هذا ضعفًا أكثر مما لو أنه لم يخلقه أصلاً.

        9 لأنه لو لم يكن قد خلق الإنسان لما تجرأ أحد أن ينسب إليه الضعف. أما وقد خلقه وأتى به من العدم إلى الوجود
 فقد كان سيصبح من غير اللائق بالمرة أن تفنى المخلوقات أمام عينى الخالق.

 

        10 كان يجب إذن أن لا يُترك البشر
 لينقادوا للفساد لأن هذا يُعتبر عملاً غير لائق ويتعارض مع صلاح الله
.

 





1


“.. في آدم كل ذرية الجنس البشرى ” انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 48.




2


انظر فصل 3.




1


” وكان لها شركة فى
الكلمة

(
toà LÒgou aÙtoà metascÒnta
)
انظر أيضًا القديس أثناسيوس: ضد الوثنيين فصل46، حيث يرد مصطلح شركة
metoc»n
وكثيرًا ما يستخدم القديس أثناسيوس هذا المصطلح أو الفعل يشترك
metšcw
 في وصف العلاقة بين البشر
 و
الكلمة. ويقصد القديس أثناسيوس أن نعمة خلق الإنسان على صورة الله

 وما يُعبّر عنها هنا بشركة في
الكلمة، كانت تمنح للإنسان إمكانية الغلبة على الموت والفساد كما وضح ذلك من قبل في فصل 3.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر أيوب إسكندر جديد 09




2


انظر فصل 14/1.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي