الفصل الواحد والأربعون


الرد على اليونانيين. هل هم يعترفون بالكلمة؟ إن كان يعلن نفسه في نظام وترتيب الكون فماذا يمنع ظهوره في جسد بشرى؟ أليس الجسد


 البشرى جزءًا من الكل؟

 

1 إن اليونانيين يناقضون أنفسهم، فإنهم يسخرون مما لا يدعو إلي السخرية، وفي ذات الوقت لا يشعرون بالخزي الذي هم فيه ولا يرونه فهم يتعبدون لأحجار وأخشاب






[1]





.

2 ومع أن حجتنا لا تنقصها البراهين والإيضاحات لكن هيّا بنا نخجلهم ببيان أمور لا تقبل المناقضة، وبالحرى من تلك الأمور التي نراها نحن أنفسنا. فهل هناك أمر غير لائق






[2]





أو يدعو إلى السخرية فيما نقوله ونؤمن به، بأن
الكلمةقد ظهر في الجسد

؟






[3]





وهذا الأمر أيضًا كانوا سيشتركون معنا (في الإيمان به) لو كانوا مُحبين للحق






[4]





، دون أن يروا شيئًا من عدم اللياقة في ذلك.

3 فإن كانوا ينكرون وجود
كلمةالله

 بشكل مطلق فإن استهزاءهم هذا يكون على غير أساس، إذ أنهم يهزأون بما يجهلون






[5]





.

4 ولكن إن اعترفوا بوجود
كلمةالله

 وأنه هو المهيمن على الكون






[6]





، وأن الآب خلق به الخليقة كلها، وأن الكل ينالون النور والحياة والوجود بعنايته، وأنه يملك على الكل، ولهذا فأنه يُعرف من أعمال عنايته، وبواسطته يُعرف الآب، فأتوسل إليك أن تتمعن لتدرك أنهم في هذه الحالة هم يهزأون بأنفسهم وهم لا يدرون.

5 إن فلاسفة
 اليونانيين يقولون أن الكون جسم عظيم






[7]





، وهذا صحيح. لأننا نرى الكون وأجزاءه بحواسنا. فإن كان
كلمةالله

 موجود في الكون الذي هو جسم، وإن كان (كما يقول الفلاسفة) موجود في الكون






[8]





، فما هو الأمر الغريب أو غير اللائق إن قلنا إنه اتحد بالإنسان أيضًا؟






[9]






6 لأنه لو كان حلوله في جسد أمر غير لائق لكان من غير اللائق أيضًا أن يوجد في الكون كله ويعطي بعنايته نورًا وحركة لكل الأشياء، لأن الكون أيضًا هو جسم.

7 فإن كان قد لاق به أن يرتبط بالكون وأن يُعرف في الكون كله، فإنه يليق به أيضًا أن يظهر في جسد بشري، وأن ينير هذا الجسد
 ويعمل به. لأن البشرية هى جزء من الكل (الكون كله) كغيرها من الأجزاء. فلو كان أمرًا غير لائق






[10]





أن يتخذ الجزء كأداة






[11]





يُعَرِّف بها لاهوته للبشر، لكان أمرًا غير معقول بالمرة أن يُعرَف بواسطة كل الكون.





1


انظر فصل11/4، ويوضح القديس أثناسيوس أن عبادة
 الأصنام تتعارض مع كل منطق. انظر ضد الوثنيين فصل13، 20.




2


في فصل 6 يوضح القديس أثناسيوس أن التجسد كان أمر لائقًا ويتفق مع صلاح الله
.




3


ظهور
الكلمةفي الجسد

 ثم صلبه من أجلنا هو بالنسبة لليونلنيين أمر غير لائق ويستهزأون به. ولقد أشار القديس أثناسيوس إلى هذا الأمر في عدة مواضع من كتاباته. انظر تجسد الكلمة الفصول 1/1، 33/2، 48/3، 49/3، 53/2، 54/2 ضد الوثنيين 1/3 الرسالة إلى مكسيموس الفيلسوف1. المقالة الثالثة ضد الآريوسيين. فقرة35 وفي حياة انطونيوس74 حيث سجل ما قاله الأنبا انطونيوس لجماعة من الفلاسفة اليونانيين “كيف تسخرون منا عندما نقول أن المسيح
 ظهر كإنسان “.




4


أى ” لو كان اليونانيين مُحبين للحق “. وهو يقصد بالطبع فلاسفة
 اليونانيين كما جاء فى فقرة5 من هذا الفصل ، حيث كلمة ” فلاسفة
filosofo…
” تعنى مُحبى الحق
. غير أن وصفهم بهذه الصفة يمكن أن يكون فيه نوع من السخرية حيث يفند القديس أثناسيوس ـ من خلال كتاباته الدفاعية ضد أفكارهم ـ “الأباطيل” التي يرددونها في تعاليمهم والتي تبيّن عدم محبتهم للحق. انظر ضد الوثنيين فصل1/7.




1


هنا يقصد الأبيكوريين. انظر فصل 2 وأيضًا في الفصل40/6 من ضد الوثنيين حيث نقول ” وإن شك أى إنسان فيما نقول وتساءل إن كان يوجد هناك
كلمةالله

 على الاطلاق فإن إنسانًا كهذا لابد وأن يكون معتوهًا إذ يشك في
كلمةالله “.




2


هنا يقصد الأفلاطونيين الذين ينكرون حقيقة أن
الكلمةهو مدبر الكون. انظر فصل 2. ولقد فند القديس أثناسيوس أفكارهم في كتابه ضد الوثنيين: الفصول 35ـ44، مستعينًا أيضًا بآراء من فلاسفتهم.




3


يشير القديس أثناسيوس هنا إلى ما قد سبق أن تحدث عنه بإسهاب في كتابه ضد الوثنيين: 28.




4


عن فعل ” الكلمة ” في الكون انظر ضد الوثنيين41/2.




5



الكلمةمع كونه في الكون كله إلاّ أنه تجسد أيضًا انظر فصل8/1، وفي تجسده لم يكن محصورًا في الجسد

 انظر فصل17.




1


استخدام القديس أثناسيوس للتعبير ” أمر غير لائق ” هو بقصد فلقد أثبت بعدة طرق أن تدبير التجسد لم يكن ” أمر غير لائق ” انظر فصل6 وهكذا فإنه يبرهن هنا على أنه لم يكن ” أمر غير لائق ” أيضًا أن يتخذ
الكلمةجسدًا بشريًا.




2


سبق للقديس أثناسيوس استخدام هذا التعبير ليصف به جسد المسيح
. انظر فصل8 هامش رقم (8) ص21، وكان قد أشار من قبل إلى أن السيد المسيح قد استخدم جسده ليعرّف به لاهوته للبشر. انظر فصول 21/7، 42/5.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي