مناظرة أثناسيوس الرسولى وأريوس الهرطوقى

 

قال آريوس: ” أن سليمان الملك تكلم بلسان المسيح قائلاً: ” خلقنى أول طرقه ” (أم8: 22)

قال أثناسيوس: ” معنى ذلك هو أن الرب ولدنى لأن النص العبرانى يذكر عوض خلقنى (قنانى) [ اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِه ] أى ولدنى كما يقال قنى الإله ولداً أى ولد له ولد ويؤيد هذا التفسير ما ورد فى نفس الفصل إذ يقول: مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ. 24 إِذْ لَمْ يَكُنْ غَمْرٌ أُبْدِئْتُ. إِذْ لَمْ تَكُنْ يَنَابِيعُ كَثِيرَةُ الْمِيَاهِ. 25 مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقَرَّرَتِ الْجِبَالُ، قَبْلَ التِّلاَلِ أُبْدِئْتُ. 26 إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ الأَرْضَ بَعْدُ وَلاَ الْبَرَارِيَّ وَلاَ أَوَّلَ أَعْفَارِ الْمَسْكُونَةِ. 27 لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ (أمثال 8: 23 – 27) أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. (مز 2: 7) (أعمال 13: 33) (العبرانيين 1: 5) (1)

 

قال آريوس: ” أن الأبن قال: ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنّى (يوحنا 14: 28) فعلى هذا يكون ألأبن أصغر من الآب ولا يساويه فى الجوهر.

 

قال أثناسيوس: ” أن الإبن دون ألاب لكونه تجسد كما يتضح ذلك من نفس الاية [ لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنّى ] أى أنه بناسوته يمضى إلى ألاب الذى هو أعظم من ناسوت الإبن , وإلا كيف يتكلم بلاهوته أنه يمضى إلى الآب حال كونه فى حضن ألآب (يو 1: 18) , ومما يؤيد ذلك أنه فى نفس الفصل (ألإصحاح) يتكلم باللاهوت ويبين مساواته لآبيه بالجوهر بقوله [ من رآنى فقد رأى الاب وأنا فى ألاب والآب فى وكل ما للآب فهو لى وكل مالى فهو له لأننه نحن والآب واحد ] (2)

 

قال آريوس: أن المسيح قال [«دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْض (مت 28: 18 ] فذكر هنا أنه نال السلطان من أبيه لأنه أعظم منه وغير مساو له.

 

قال أثناسيوس: ” يعنى أن الإبن بولادته الأزلية من الآب قد ملك كل سلطان أو أنه قال ذلك حسب كونه متأنساً لأنه فى أثر هذا القول ساوى نفسه بأبيه بقوله لتلاميذه [ فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدس (متى 28: 19) ]

 

قال آريوس: ” أن المسيح نسب إلى ذاته عدم معرفة ساعة الدينونة بقولة لتلاميذه [ 32 «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ. 33 اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْت (مرقس 13: 32) ] إذا كان الأبن لا يعرف الدينونة فكيف يكون إلهاً

 

قال أثناسيوس: ” أن المسيح قال ذلك لتلاميذه لئلا يسألوه عن هذا السر الذى لا يجوز لهم أن يطلعوا عليه كما يقول صاحب السر أنى لا أعلم هذه المسألة أى لا أعلمها علما يباح به لأن بطرس قال له: يارب أنت تعرف كل شئ

 

قال آريوس: أن المسيح قال [ لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي (يوحنا 6: 38) ] فإذاً هو عبد للأب ودونه

 

قال أثناسيوس: ” أن المسيح تكلم فى مواضع كثيرة بحسب كونه إلهاً صار أنساناً كقوله

[ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْس (متى 26: 42)

«إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ (مر 15: 43)

إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ». (يوحنا 20: 17)

 

ومثل ذلك صلاته إلى أبيه مرارا ً كثيرة وبصفته كونه إلها ً قال “من رأنى فقد رأى الأب ” و ” أنا فى الأب والأب فىّ ” و ” أنا والأب واحد ” وفى نفس الفصل الوارد فيه أية الأعتراض قال ” كما أن الأب يقيم الموتى ويحييهم كذلك الإبن يحيى من يشاء ليكرم الجميع الإبن كما يكرمون الأب ” وغير ذلك كثير من أقوال المسيح التى تصرح بمساواة لاهوته للاهوت أبيه فى الأزلية والعظمة والقدرة.

 

أريوس: إن يوحنا قال فى بشارته عن الإبن ” كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء ممن كان ” (يو 1: 3) فهذا القول يدل على أن الإبن أله أستخدمها الأب لصنع الخلائق فالإبن إذاً ليس إلها ً خالقا ً.

أثناسيوس: إن الأب خلق بالإبن أى بواسطة الإبن الخالق كما يقال بنى الملك المدينة بأبنه فالملك وابنه يعدان بانيى المدينة ولا سيما أن يوحنا صرح بلاهوت الإبن وأزليته ومساواته لأبيه فى الجوهر والقدرة والإبداع فى بشارته وفى رسائله حيث قال ” الذى كان منذ البدء الذى سمعناه الذى رأيناه الذى لمسته ايدينا ” (1يو 1: 1) وأيضا ً ” الشهود فى السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد ” (1يو 5: 7) وفى الرؤيا ” أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شىء (رؤ 1: 8) وقوله ” للجالس على العرش وللحمل البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الأبدين ” (رؤ 5: 13) وفى أول النص الوارد فيه أية الأعتراض نص البشير بجلاء عن لاهوت الإبن بقوله ” فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ” فكيف يكون معنى قوله بعد هذا التصريح أن الإبن ليس بإله خالق ولكن أله لصنع الخلائق وقد أعترف داود النبى بأن الإبن خالق كما قال ” أنت يارب أسست الأرض والسموات صنع يديك ” ولا ريب أن هذا القول يخاطب به النبى ” إبن الله ” كما فهم ذلك الرسول (عب 1: 10) فقد إتضح أن ” إبن الله ” خالق نظير أبيه وإله مساو ٍ له فى الجوهر والعظمة والمجد

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي