جلسة مجمع أفسس السابعة: منشور وقوانين

هناك شك بخصوص ميعاد انعقاد الجلسة السابعة والأخيرة، فالقرارات ودقائق الجلسات تحددت بتاريخ 31 أغسطس، ولكن جارنيه
Garnier ([1
]) ومن بعده عدد كبير من الدارسين المتميزين، افترضوا وجود خطأ من الكاتب فى هذه النقطة، وقالوا إنه يوم 31 يوليو وليس أغسطس، لأن المندوب الإمبراطورى الجديد يوحنا
John
، وصل إلى أفسس فى الأيام الأولى من شهر أغسطس، ولم تعقد أية جلسات أخرى بعد وصوله. ([2]) عقدت هذه الجلسة السابعة أيضاً فى كنيسة العذراء مريم، وبدأت بقراءة عريضة مُقدمة من ريجينوس
Rheginus
رئيس أساقفة قوستنتيا
Constantia
فى قبرص وموقعة منه ومن أسقفين آخرين من قبرص هما زينون
Zeno
وأوغريس
Evagrius
. كان بطريرك أنطاكية قد ادعى لبعض الوقت أن له حق الرئاسة على أساقفة قبرص وبصفة خاصة حق السيامة.. الخ. وعندما تُرك كرسى مطران هذه الجزيرة خالياً مرة ثانية بموت ترويلوس
Troilus
فى وقت الدعوى إلى انعقاد مجمع أفسس، فإن الدوق ديونيسيوس –حاكم أنطاكية– وبناء على طلب البطريرك الأنطاكى، منع اختيار رئيس الأساقفة الجديد قبل أن يحدد المجمع حل الخلاف. وإذا –على عكس توقعاته– تم اختيار الأسقف فيجب عليه أن يحضر مجمع أفسس. وكانت رسالتا الحاكم فى هذا الصدد، والموجهتان إلى رئيس قبرص وكهنة قوستنتيا
Constantia
، مرفقتين بالطلب، وتمت قراءتهما فى نفس الوقت. لكن أساقفة قبرص لم يعطوا أى اعتبار لهذا المنع، واختاروا رئيس الأساقفة ريجينوس وقد تم ذكره (حسب عادتهم) فى مجمعهم المكانى، لأن ادعاءات الأنطاكيين، كما أوضحوا فى أفسس، كانت
contra apostolicos canones et definitions sanctissimae Nicenae Synodi
(أى تخالف القوانين الرسولية وتعريفات مجمع نيقية المقدس). ([3]) بالرجوع إلى قوانين نيقية، وضع القانون رقم 4 نصب أعينهم بوضوح، وهو ينص على ما يلى: “يعيّن الأسقف بواسطة جميع أساقفة المكان”. ([4]) وفى المناقشة التى دارت فى أفسس، بناءً على طلب القبرصيين، علّق كثيرون: “إنه لا ينبغى أن ننسى أن مجمع نيقية قد حفظ كرامته لكل كنيسة، ويجب أن نتذكر ذلك بصفة خاصة فى أنطاكية”. ([5]) وأشار المتكلمون هنا إلى قانون نيقية السادس فأرادوا أن يقولوا: ” أن هذا القانون أكد للكراسى البطريركية العظمى ومن بينها كرسى أنطاكية، حقوقها القديمة. لذلك ينبغى أن يصاغ السؤال على النحو التالى: كيف كان الحال فى الأزمنة القديمة؟ هل كان الأساقفة الأنطاكيون يملكون ويمارسون حق سيامة الأساقفة القبرصيين فى الأزمنة الأولى أم لا؟” عند ذلك طلب المجمع من الأساقفة القبرصيين أن يثبتوا أن أنطاكية لم يكن لها مثل هذا الحق عليهم، وقد أكد أحدهم وهو بالتحديد زينون أن رئيس الأساقفة المتنيح تريلوس
Troilus
أسقف قبرص وكل أسلافه حتى زمان الرسل، كانت تتم سيامتهم بواسطة أساقفة دولتهم وليس أسقف أنطاكية أبداً. وهنا استخلص المجمع القرار التالى: “إن كنائس قبرص يجب أن يتأكد لها استقلالها وحقها فى أن تختار وتكرس أساقفتها. وأن تتجدد بصفة عامة حريات جميع الأقاليم الكنسية. وأن جميع التدخلات فى أقاليم أخرى محظورة”. ([6])

 

وفى نفس الجلسة أرسل المجمع أيضاً منشوراً إلى جميع الأساقفة والكهنة والعلمانيين بشأن النطق بقطع يوحنا الأنطاكى من الشركة وتجميد جميع سلطاته الروحية هو وأتباعه الذين ذُكرت أسماؤهم. وقد أرفقوا القوانين التالية بهذا الإعلان العام:

 

قانون 1: إذا فصل أحد المطارنة نفسه عن هذا المجمع المسكونى المقدس وانضم إلى مجمع المرتدين (
conciliabulum
) أو سوف ينضم إليهم فيما بعد، أو إذا كان متفقاً مع الكلستين (البيلاجيين) أو سوف يتفق معهم فيما بعد، فإنه لن تكون له رئاسة بعد على أساقفة مقاطعته، كما أن المجمع يبعده ويوقفه عن كل شركة فى الكنيسة. كما أنها مهمة كل أساقفة المقاطعات (الإيبارشيات) أنفسهم والمطارنة المجاورين الأرثوذكس أن يلاحظوا تنفيذ عزله الكامل من أسقفيته.

 

 قانون 2: إذا تخلى أحد أساقفة المقاطعات عن المجمع المقدس وتمادى فى الارتداد عن العقيدة، أو حاول إيجاد طرق لخداع المجمع أو إذا تحول وانضم إلى جماعة المرتدين بعد أن يكون قد وقَّع على عزل نسطور، فإن هذا الأسقف تبعاً لحكم المجمع المقدس يعتبر منفصلاً بالكلية عن الكهنوت ومجرداً من رتبته.

 

قانون 3: إذا أوقف أحد الكهنة عن ممارسة كهنوته بواسطة نسطور أو أحد أتباعه فى أية مدينة أو قرية بسبب استقامة آرائه، فإننا نحكم أنه من الصحة والاستقامة عودته إلى رتبته. وكقاعدة عامة، فإننا نرسم أن رجال الإكليروس الذين يتفقون مع المجمع الأرثوذكسى والمسكونى لا يجب عليهم بأى حال أن يخضعوا لأساقفة قد ارتدوا أو سوف يرتدون عن العقيدة.

 

قانون 4: إذا ارتد أحد الكهنة (رجال الاكليروس) وانحاز إلى آراء نسطور أو كلستيوس فى السر أو على الملأ فإن المجمع المقدس يرى أنه من الحسن والمستقيم أن يتم عزله.

 

قانون 5: أولئك الذين تمت إدانتهم بواسطة المجمع المقدس أو بواسطة أساقفتهم لأفعال ملومة، وأولئك الذين يسعى أو سيسعى نسطور وأتباعه لإعادتهم إلى الشركة أو إلى رتبتهم (منافياً بذلك القوانين فى عدم المبالاة التى يتصف بها) فإننا نحكم أن هؤلاء الأشخاص يجب ألا يستفيدوا من ذلك بل أن يظلوا معزولين.

 

قانون 6: وبالمثل، إذا بأى حال أراد أحد أن يضع جانباً ما تم فى كل قضية فى مجمع أفسس المقدس، فإن المجمع قرر أنه إن كان هؤلاء من الأساقفة أو الكهنة يتم عزلهم بالكلية من رتبتهم، وإن كانوا من العلمانيين يتم حرمهم من الشركة.

 

قانون 7: بعد قراءة قانون الإيمان الذى سنه الآباء الثلثمائه والثمانية عشر القديسين فى نيقية والقانون المغاير الكفرى لثيؤدور الموبسوسيتى والذى قدمه كاريسيوس كاهن فيلادلفيا لمجمع أفسس قرر المجمع أنه لا يسمح لأحد بإخراج أو نشر أو تأليف إيمان آخر غير ذاك الذى وضعه بالروح القدس الآباء القديسون الذين اجتمعوا فى نيقية.

 

أما بخصوص من يجرؤ على تأليف إيمان آخر وعرضه أو تقديمه لمن قد يريد أن يدخل إلى معرفة الإيمان (من اليونانيين أو اليهود أو من الهراطقة)، فإن هذا الإنسان إن كان أسقفاً أو كاهناً فإنه يعزل، الأسقف يجرد من الأسقفية والكاهن من الكهنوت، وإن كان علمانياً فإنه يحرم من الشركة. وعلى نفس المنوال إن وجد أن أحد الأساقفة أو الكهنة أو العلمانيين يقبل أو يعلم بالعقائد المتضمنة فى نص كاريسيوس بخصوص تجسد ابن الله الوحيد، أو يقبل ويعلم بالعقائد الكفرية والمضلة الخاصة بنسطور والتى تتصل بهذا النص، دعهم يقعون تحت حكم هذا المجمع المقدس المسكونى: إن كان أسقفاً يفصل من الأسقفية ويعزل وإن كان كاهناً يعزل أيضاً من الكهنوت، وإن كان علمانياً يحرم من الشركة كما قلنا من قبل.

 

قانون 8: بلغ إلينا بواسطة ريجينوس الأسقف المتدين والزميل ومن معه من أساقفة مقاطعة قبرص الأتقياء -زينون وأوغريس- ابتداعاً يخالف النظام الكنسى وقوانين الآباء القديسين وهجوم على حرية الجميع. والمرض الذى يصيب الجميع يحتاج إلى علاج سريع، لأنه قد يسبب ألماً عظيماً. لذلك، فإنه إن لم يكن هناك تقليد قديم يجعل أسقف مدينة الأنطاكيين يقوم بالسيامات فى قبرص (وقد علمنا يقينية ذلك بتقارير تحريرية وشفوية)، فإن الرجال الموقرين جداً رؤساء الكنائس المقدسة فى قبرص الذين لجأوا إلى المجمع المقدس، سوف يقومون بسيامة أساقفتهم الموقرين جداً دون مضايقة أو تعرض للعنف وفقاً لقوانين الآباء القديسين واستخدامها القديم.

 

نفس الأمر سوف يراعى فى باقى الإيبارشيات وفى كل مكان من المقاطعات حتى لا يأخذ أى أسقف محبوب لدى الله مقاطعة أخرى لم تكن فى زمن سابق ومن البداية تحت سيطرته أو سيطرة من سبقوه. وإذا أخذ أحد أى مقاطعة بالقوة ووضعها تحت سيطرته دعه يعيدها حتى لا نتعدى قوانين الآباء وحتى لا يدخل تعظم السلطة العالمية تحت مظهر الأعمال المقدسة. وبدون أن ندرى نفقد قليلاً قليلاً الحرية التى وهبت لنا بدم المسيح يسوع ربنا الذى حرر كل البشر. لذلك بدا للمجمع المسكونى المقدسة أنه من الصالح والمستقيم أن الحقوق المكتسبة لكل مقاطعة من البدء والمؤسسة وفقاً للاستخدام القديم منذ زمن بعيد يجب أن تصان سليمة وغير منثلمة.

 

كل مطران له الحرية فى أخذ نسخة من أعمال المجمع كضمان له.

إذا أخرج أحد سُنَّة تخالف ما تم تعريفه الآن فإن المجمع المقدس يعلن بصوت واحد عدم جدواه.

—-
———–

[1]
Hefele, C.J., In his edition of the works of Marius Mercator, in the preface to Pars ii. P.729, edit. Migne
.

[2]
Hefele, C.J., quoting Dupin, Nouvelle Biblioth. t.iv. p. 300; Tillemont, Memoires, t.xiv. p.444, edit. Venise; Fleury, Hist.. Excel. Liv.xxv § 57; Remi Ceillier, Histoire des Auteurs Sacres, t. xiii. P.746; Walch, Ketzergesch. Bd. v. S.511 f
.

[3]
Hefele, C.J., quoting Mansi, t.iv.p.1465; Hardouin t.i.p.167
.

[4]
Hefele, C.J., Vol. I. p. 381
.

[5]
Hefele, C.J., quoting Mansi, t.iv.p.1468; Hardouin t.i.p.1620
.

[6]
Hefele, C.J., quoting Mansi, t.iv.p.1466 – 1470; Hardouin, t.i. p. 1617-1620; Fuchs, L.c.S. 149-153 Cf., Maassen, Der Primat des Bischofs von Rom, S.50 ff
..

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي