مجمع افسس المسكونى





[1]






تم اقتراح عقد مجمع مسكونى بعد مدة طويلة من الخلاف مع النسطورية لتسويته. وقد طلب ذلك بوضوح كل من الارثوذكس ونسطور. وقد تكلم نسطور عن ذلك فى خطابه الثالث الى البابا سلستين: وبالطريقة نفسها اشتكى رهبان القسطنطينية فى خطاب الى الامبراطور من سوء معاملة نسطور لهم. وعبروا فيه عن رغبتهم بصوت عال لطلب هذا العلاج الكنسى. وبالفعل وصل الامبراطور ثيودسيوس الثانى الى القسطنطينية يوم 19 نوفمبر / تشرين الثانى عام 430 , قبل بضعة ايام من حرومات كيرلس , واصدر منشوراً يحتوى على اسماء زميله الغربى – فالنتينيان الثالث – وموجهاً الى جميع المطارنة دعاهم فيه لاجتماع مسكونى فى افسس. وطبقاً للاوامر الامبراطورية كان ينبغى ان يبدأ المجمع فى عيد العنصرة (7 يونيو / حزيران) فى عام 431 وان كل من يصل متأخراً يكون مسؤولاً مسئولية جسيمة امام الله والامبراطور.

 

وكان نسطور مع اساقفته الستة عشر بين الاوائل الذين وصلوا الى افسس. وقد انتظر الاباء وصول البطريرك يوحنا الانطاكى لمدة ستة عشر يوماً بعد الموعد المحدد , لكنه لم يصل الى افسس. ثم بدأ المجمع برئاسة البابا كيرلس الاسكندرى فى 22 يونيو / حزيران فى كاتدرائية والدة الاله بأفسس. وبعد استدعاء نسطور ثلاث مرات رفض الحضور الى المجمع , وقرىْ خطاب القديس كيرلس الثانى الى نسطور ورد نسطور عليه. بعد ذلك تمت قراءات وثيقتين اخريين وهما تحديداً خطاب سلستين والمجمع الرومانى , وخطاب كيرلس الاسكندرى الى نسطور وتم سؤال الاربعة من الاكليروس الذين ارسلهم كيرلس ليسلموا هذه الوثيقة الى نسطور عن نتيجة مهمتهم. وقد اجابوا بأن نسطور لم يعطهم رداً على الاطلاق. ومع ذلك , من اجل التأكد من انه زال مصمماً على خطاه , تم سؤال اسقفين: ثيئودوتس من انقيرة
Ancyra
واكاكيوس من ميليتين
Meltene
اذ كانت تربطهم بنسطور صداقة شخصية , وكانوا خلال الايام الثلاثة الماضية فى مناقشات مألوفة معه , محاولين ان يحولوا عن خطاه.. وقد اعلنوا للاسف بأن جميع مجهوداتهم معه كانت سدى. وكانت اجابة نسطور لهؤلاء الاساقفة: ” لن ادعو ابدا طفلاً عمره شهرين او ثلاثة الله”.

 

ومع ذلك , بناء على اقتراح قدمه فلافيانس , فيلبى , ومن اجل تقديم النقطة العقائدية , موضوع النقاش , لدراسة شاملة , وفى ضوء ادلة الاباء تمت قراءة عدد من كتابات اباء الكنيسة , التى يرد فيها الاعتقاد القديم معبراً عن احترام اتحاد اللاهوت والناسوت فى المسيح. بعد ذلك , وبعكس هذه الفقرات الابائية , تمت قراءة عشرين فقرة , بعضها طويل وبعضها قصير , من كتابات نسطور , تحتوى على ارائه الاساسية , والتى قدمناها اعلاه, وتم التعبير عنها فى قطع مختلفة وبصورة محسوسة.

 

صرخ جميع الاساقفة معاً: اذا لم يحرم اى شخص نسطور فليكن هو نفسه محروماً ان الايمان الصحيح يحرمه والمجمع المقدس يحرمه. واذا كان لاى شخص شركة مع نسطور فليكن محروماً نحن جميعاً نحرم نسطور الهرطوقى واتباعه وعقيدته الالحادية نحن جميعاً نحرم نسطور الملحد.

 

قرر المجمع المقدس ان يكون نسطور مفصولاً من كرامة الاسقفية ومن كل شركة كهنوتية. هذا الحكم كان فى البداية قد وقعه 198 اسقفاً كانوا حاضرين. بعد ذلك انحاز اخرون الى هذا الجانب حتى بلغ عدد الموقعين 200 (مئتين).

 

بعد انقضاء بضعة ايام, فى يوم 26 يونيو, وصل يوحنا الانطاكى الى افسس, وارسل المجمع فوراً لمقابلته وفداً مفوضاً , مكوناً من اساقفة واكليكيين عدة , تعبيراً عن الاحترام له , وفى الوقت نفسه لابلاغه بعزل نسطور. وبعد وصوله مباشرة عقد فى منزله مجمعاً مع اتباعه. البالغ عددهم ثلاثة واربعين عضواً بمن فيهم شخصه. واعلن الحكم وبالحرم من الشركة وجميع من وافقوا على الحكم ضد نسطور حتى يعترفوا بخطاهم ويحرموا تعاليم البابا كيرلس.

 

وتقدم الطرفان الى الامبراطور , وكلاهما يطلب مساندته , وتأزم الامر كثيراً حتى ان المجمع ظل منعقداً حتى 11 سبتمبر/ ايلول من العام نفسه , واصدر الامبراطور قراراً بخلع ممنون ونسطور الى دير اوبربيوس (
Euprepius
) وفى عام 435 نفى الى البتراء (
Petra
) فى البادية العربية وبعد ذلك الى صحراء مصر , حيث مات حوالى العام 449.






[1]




السجالات الكريستولوجية فى القرنين الرابع والخامس , نيافة الانبا بيشوى

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي