تعليقات حول خلقيدونية

أقر مجمع خلقيدونية بطبيعتين ومشيئتين للمخلص وهو نفس مبدأ سقوط نسطور فى هرطقته المعروفة بأسمه , وقول الخلقيدونيين بأنهم يؤمنون بأقنوم واحد لا ينفى اعتقادهم بأثنين بعد قولهم ان للمسيح طبيعتان ومشيئتان وقول لاون فى طومسه “و حقا يأتى المسيح اثنان الاله والانسان” والا فلماذا الاصرار على ان المسيح هو اله وانسان ان لم يكونوا يعتقدوا بثنائية المسيح؟؟؟

 

و اما الذين يخشون من التسليم بطبيعة واحدة للسيد المسيح لئلا ينجرفوا فى الامتزاج والاختلاط فليسمعوا قول البابا ساويرس الانطاكى: ” اننا اذ قلنا بطبيعة واحدة للسيد المسيح من طبيعتى اللاهوت والناسوت نقول ان ذلك يكون بغير امتزاج ولا اختلاط ولا فساد بل مع بقائهما على ما كانتا عليه , فطبيعة الانسان من طبيعتى النفس والبدن وطبيعة الجسم من طبيعتى الهيولى والصورة من غير ان تنقلب النفس الى بدن ولا الهيولى صورة , والعكس”




[1]



.

 

اما الامر العجيب فى قرارات خلقيدونية , هو ان الخلقيدونيين يؤمنون بأن السيدة العذراء هى حقا والدة الاله , فأى طبيعة ولدتها السيدة العذراء فى المفهوم الخلقيدونى؟؟؟ ان القول بأن السيدة العذراء هى والدة الاله هو عين الكُفر ان لم نُسلم بطبيعة واحدة للمسيح , والا فان كان للمسيح طبيعتان , فأى طبيعة ولدتها السيدة العذراء؟؟؟ ان نهاية هذه الدائرة هو النسطورية عينها!

 

لقد قال احد الاباء حول هذا الموقف المُحير: “هل ولدت مريم الها ام انسانا؟ فأن قلتم الها ضللتم لأن الله لا يولد وان قلتم انسانا فتكون ام الانسان وهذا عين النسطورية , وان قلتم ولدت الها وانسانا فسيكون لها ابنان اذن اله وانسان , وهذا قول ينقضه العقل ويزيفه فاذا لا يصح الا ان تقولوا ان الاله والانسان صارا واحدا ولذلك مريم ولدت واحدا , فالذى ولدته لا الها بالاطلاق ولا انسانا بالاطلاق ولا الها وانسانا , بل الها متأنسا وهذا هو الحق”.

 

و يقول صاحب كتاب تاريخ الانشقاق وهو لأحد كهنة الروم الارثوذكس اى انه خلقيدونى وليس غير خلقيدونيا: “كان معلمو الغرب على الغالب متفقين مع السكندريين فى المنهج والتعبير كما يتضح من رسائل يوليوس بابا روما الى ديسنسيوس اسقف قبرص فى اواسط القرن الرابع حيث ينكر الاعتراف بالطبيعتين استنادا على قول الانجيل: “و الكلمة صار جسدا” وقول بولس “رب واحد يسوع المسيح” ويعترف بطبيعة واحدة للاهوت الغير متألم والناسوت المتألم”




[2]




 

و فى القرن السابع الميلادى , دافع انوريوس بطريرك روما عن مشيئة السيد المسيح الواحدة وذلك يشهد به مؤرخى الكاثوليك انفسهم , فيقول ليفونسيوس ليكورى ان انوريوس قال: “اننا نعتقد مشيئة واحدة فى المسيح لأن اللاهوت لم يأخذ خطيئتنا بل طبيعتنا كما خُلقت قبل فسادها بالخطية”




[3]



. وكذلك شهد بذلك الاب لومند اليسوعى فى كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة




[4]



.

 

و قد قال احد الاساقفة الرومانيين ان القانون الخامس من المجمع الانرانى المُنعقد بأمر الاسقف مرتينوس فى عام 649 م يقول: “من لا يعتقد بموجب رأى الاباء القديسين انها موجودة
طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمةفى المسيح خاصةً وحقا دلالة على ان المسيح الاله اخذ جوهرنا كله كاملا ماعدا الخطيئة
فليكن محروما




[5]



.

 

بل تقول بتشر المُؤرخة الانجليزية: “

إن بابا روما نفسه لم يكن راضياً عن مجمع خلقيدونية ولم ترق في عينيه القرارات التي أصدرها مع أنه تمكن بواسطته من سحق خصمه ديسقوروس ولكنه لم يتحصل على غايته القصوى التي كان يسعى إليها وهي التصديق من الإمبراطور أو المجمع بأولوية الكرسي الروماني وإعطائه الرئاسة على باقي الكراسي”




[6]



.

 

لقد برأ خلقيدونية ثيؤودوريت اسقف قورش وهيبا اسقف الرها , رغم ان الثانى هذا جاهر بأعلانه ان البابا كيرلس سقط فى الهرطقة ومع ذلك اُعطى الحل فى خلقيدونية , واكبر دليل على صحة ما نقوله هذا هو ان مجمع القسطنطينية الثانى قد حرم هذين الاثنين , فلماذا برأهم خلقيدونية ان لم يكن له اهداف اخرى غير عقائدية؟؟؟

 

و دعونا الان ننقل من كتابات ابائنا القديسيين من اكدوا على طبيعة الكلمة المتجسد الواحدة:

 

يقول القديس اغناطيوس الانطاكى: “نحن نؤمن ان المسيح الاله تألم بالجسد كالانسان وهو غير متألم كالاله وذاق الموت بالجسد وهو غير مائت كالاله , فاذا سمعت ان الله تألم وان الله الكلمة مات لأجلنا فأفهم
انا نوصل الطبائع الى وحدانية اللاهوت والناسوت

 

و قال القديس غريغوريوس العجائبى فى كتابه عن الامانة: ” الله الحقيقى الغير جسد , ظهر فى الجسد وهو تام فى اللاهوت الحقيقى الكامل ,
ليس هو شخصين ولا طبيعتينولا نقول انا نعبد رابوعا الله وابن الله وانسانا والروح القدس ومن اجل هذا نحرم المنافقين”

 

و قال القديس اثناسيوس الكبير فى تجسد الكلمة: ” وليس نقول عن هذا الابن
الواحد طبيعتان واحدة نسجد لها والاخرى لا نسجد لها , بل طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد

 

و قال القديس باسيليوس الكبير: ” وليس انا نقول على الابن الوحيد انه اثنان ولا نقول ان اللاهوت منفرد بذاته ولا اللاهوت بذاته ,
بل نقول طبيعة واحدة واقنوما واحدا

 

و قال القديس غريغوريوس النزينزى فى احدى مقالاته عن اللاهوت: “هو ابن واحد وليس المسيح طبيعتين بعد الاتحاد ولا مفترقا ولا مختلطا فيما اجتمع من الجهتين
, طبيعة اللاهوت وطبيعة الناسوت اجتمعتا الى واحداً

 

و قال القديس يوحنا ذهبى الفم فى تفسيره لرسالة افسس: “و لكنى ابين الامر ان الله الكلمة اخذ الانسان كله من طبيعتنا وهو كامل فى كل شىء وله اقنومه فيه , اعنى الكلمة ,
فلأجل هذا نقول عنه انه طبيعة واحدة الله الكلمة صار جسدا

 

و اخيرا شهد البابا كيرلس الكبير فى ختام كتابه الى ثيوديسيوس الملك قائلا: “اننا لا نعرى الناسوت من اللاهوت ولا نعرى الكلمة من الناسوت بعد ذلك الاتحاد الغامض الذى لا يمكن تفسيره بل نعترف بان المسيح واحد هو من شيئين اجتمعا الى واحد مُؤلف من كليهما لا بهدم الطبيعتين ولا بأختلاطهما بل بأتحاد شريف فى الغاية بوجه عجيب”




[7]




 

كما رأينا سابقا , فقد اعطى مجمع خلقيدونية الحل لكل من ثيؤودور المبسوسيستى وثاوذوريتوس اسقف قورش وايباس اسقف الرها , هؤلاء الذين هم اصل النسطورية فى مجمع خلقيدونية والمدافعون عنها. وحينما كان القيصر يوستيانوس ينكل بالارثوذكس اقنعه ثيوذوروس القيصرى بالاتفاق مع الملكة بأن مجمع خلقيدونية اخطأ بقبوله هؤلاء النساطرة وعدم حرم كتاباتهم. فلما وقف يوستيانوس على حقيقة الامر اصدر سنة 544 م منشورا يحرم فيه الفصول الثلاثة وهى مُؤلفات ثيوذوروس المبسوسيتى وكتابات ثاوذوريتوس ضد القديس كيرلس والرسالة التى كتبها ايباس خطابا الى مارس الفارسى ثم حرم مؤلفيها وطلب من جميع البطاركة والاساقفة فى جميع انحاء المملكة الرومانية المُصادقة على هذا الحرم والتوقيع على المنشور الصادر به وكان عبارة عن تسفيه لأعمال مجمع خلقيدونية وتسفيه اراء القائلين بصحة قراراته لأن اولئك الكُتاب الثلاثة كانوا من معضديه فأضطر كثيرون من الاساقفة على توقيع المنشور.

 

و كانت الملكة ثيوذورة قد استدعت ويجبليوس اسقف روما لحرم مجمع خلقيدونية ومساعدة البطاركة انتيموس القسطنطينى وثيوذوروس السكندرى وساويرس الانطاكى والقول بقولهم , فاجاب طلبها ووافق على رأيها وحرم من يعتقد بطبيعتين فى المسيح ولا يعترف بجوهر واحد فقط ومن يقول انه صُلب من حيث هو انسان ولا يعترف ان ابن الله نفسه صُلب وشجب الفصول الثلاثة ومؤلفيها النساطرة الذين قبلهم مجمع خلقيدونية. اما اساقفة افريقيا والليركيوم فالزموه ان يسترجع ذلك الشجب لأنه لا احد منهم يحسب اسقفا واخا ان لن يستصوب الفصول وذلك المجمع!

 

و بعد ذلك طلب يوستيانوس الامبراطور من اسقف روما ان يمهر منشوره فراوغ كثيرا وماطل فطلب منه الملك بأن يحضر الى القسطنطينية فقام من روما وبينما كان يركب السفينة فى نهر تيبر اخذ شعب روما يرشقه بالحجارة قائلا: “فليرافقك صيتك الردى , فليرافقك الموت , لقد صنعت شرورا فى روما. فلتلاقينك الشرور حيث تذهب”. ولما قابل الملك سلمه كتابا معروفا بأسم “جودياكثم” حكم فيه على الفصول الثلاثة وقد اجتهد فى مجمع عُقد فى العاصمة ان يقنع الاساقفة الغربيين ليوقعوه فلم يستطع بل قاموا ضده وطعنوا فيه بأن خان الايمان ودنس الكنيسة بعقيدة خبيثة.

 

و فى عام 551 عقد يوستيانوس مجمعا ثانيا دعا اليه اساقفة افريقيا والكريكيوم وامرهم بشجب مجمع خلقيدونية فلم يوافقه منهم كثيرون. وفى تلك السنة اصدر امراً ثانيا ضد مجمع خلقيدونية اشد من الامر الاول وطلب من اسقف روما ان يُوقع عليه فأبى وفر واختبأ بكنيسة ماربطرس بالقسطنطينية فطارده يوستيانوس ولكنه تمكن من الهرب الى مدينة خلقيدونية وبعد ذلك أمنه الملك على حياته ليحضر مجمعا مسكونيا عقده فى القسطنطينية فى عام 553 وحضره 165 اسقفا خلقيدونيا حكموا جميعهم بحرم الفصول الثلاثة. وكان ويجبليوس فى المدينة متامرضاً فعُرضت عليه قرارات المجمع ليوقعها فأمتنع فنفاه الملك ثم ندم وامضى تلك الاحكام وعاد الى كرسيه ولكنه وجد اساقفته قد انفصلوا عنه لتوقيعه على ذلك القرار , فأعتبروه رذل مجمع خلقيدونية.

 

و قد حضر هذا المجمع ابوليناريوس البطريرك الامبراطورى بالاسكندرية اما الكنيسة القبطية فمع كونها كانت ترى قرارات يوستيانوس طبقاً لأعتقادها ولكنها أبت ان تشترك معه فى تدبير المكائد للاّخرين ورفضت منشوره رفضاً قطعياً اذ كانت قد اّلت على نفسها الا تحرم انساناً انتقل من هذا العالم الى العالم الاّخر , فاذا رأته مخطئا اكتفت بأشهار خطأه , ولذلك عدة اسباب منها ان المذكور لا يُمكن ان يُدافع عن نفسه وعقيدته وقد قضت الكنيسة بوجوب مثول المذكور امام المجمع لتتم مناقشته او محاورته والوصول الى قرار بشأنه.

 

مار فيلوكسينوس أسقف منبج

إنه قائد لاهوتي بارز عاش في صبَّوته في جو نسطوري، لكنه سرعان ما انتفض ليقاوم النسطورية بكل طاقته. فقد قاوم الاعتقاد بطبيعتين للسيد المسيح وشخصين. وصار يدافع عن الطبيعة الواحدة “ميافيزيس”، بحسب التقليد الكنسي، وليس حسب الفكر الأوطاخي. بمعنى آخر لم يقبل فكر أوطيخا القائل بإمتزاج الطبيعتين في طبيعة واحدة ابتلعت الواحدة الأخرى، إنما السيد المسيح هو كلمة الله المتجسد، أقنوم واحد، طبيعة واحدة، هي طبيعة الكلمة المتجسد دون اختلاط بين اللاهوت واالناسوت أو امتزاج أو تغيير أو انقسام.

 

إنه أحد القادة الثلاثة العظماء الذين دافعوا عن عقيدة الطبيعة الواحدة “ميافيزيس” التي نادى بها القديس كيرلس الكبير , لقد رفض هؤلاء القادة قبول مجمع خلقيدونية، ليس لإدانته الأوطاخية بتأكيد حقيقة ناسوت المسيح وكماله، وإنما لأنه لم يؤكد وحدة ربنا يسوع المسيح بما فيه الكفاية، متهمين إياه بالثنائية النسطورية. يقدم لنا الأب الأستاذ ميندورف تعليقًا على دور هؤلاء القادة في حوارهم الخاص بطبيعة السيد المسيح




[8]



: “خلال النصف الثاني من القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس، قد ساد عظماء اللاهوتيين (المونوفزيت) على المسرح، وهم تيموثاوس أوليريوس وفيلوكسينوس المنبجى، وعلى وجه الخصوص ساويرس الأنطاكي، ولم يكن لدى الخلقيدونيين لاهوتي واحد بارز يقف أمامهم.” ويقول

R.V. Sellers
في كتابه عن مجمع خلقيدونية




[9]



: “يلزمنا أن نفهم أولا أن اللاهوتيين “المونوفزيت” لم يكونوا هراطقة، ولا نظر إليهم قادة الخلقيدونيين كهراطقة”.




[10]



وقد قام بترجمة الكتاب المقدس الى السريانية فيما تُعرف ترجمته بأسمه “الترجمة الفيلوكسينية”

Philoxenian version
.

 

أخسنايا أوأخسنويو

اسمه السرياني قبل الأسقفية أخسنايا، باليونانية ” كسينوس”
Xenaias
ومعناه”غريب”




[11]



. دُعي عند توليه الأسقفية “فيلوكسينوس”، أي “محب الغريب”. وكان له أخ يدعى أدى أوأداكيوس

Adacus
، وكان معلمًا في مدرسة بلدته ” تحل”
Tahal
في كورة باجرمي أو بيت جرمي، لواء السليمانية، العراق. تقع بين الدجلة والزاب الصغير فيما بين النهرين (في بلاد فارس). لا نعرف سنة ميلاده على وجه التحقيق، إلا أن البعض يرجحون أن يكون حوالي منتصف القرن الخامس.

 

جاء في قاموس ترجمات حياة الأشخاص المسيحية




[12]



أن المعلومات التي وصلت إلى معرفتهم عنه غالبًا ما كان مصدرها مقاوميه لاهوتيًا. حسبه ثيودورس

Theodorus Lector
وثيؤفانى
Theophanes
انه إنسان وضيع الأصل كان عبدًا غير مُعمد هرب من بيت سيده وتزيَّا بزى كاهن ودخل ايبارشية أنطاكية في أيام قلنديون وعلَّم بخلع الأيقونات من الكنائس، فطرده قلنديون. أما البطريرك الذي جاء بعده ” بطرس القصار”
Peter the Fuller
فسامه مطرانًا على منبج، وعلم أنه غير معمد ولكنه قال: “لا بأس فالشرطونية تغنيه عن المعمودية”. وقد تناقل الكتَّاب هذا القول حتى فنده
Asseman
، مستخدمًا كلماته في رسالته إلى الإمبراطور زينون: “تجسد الكلمة” وفي مقاله “الثالوث والتجسد” مؤكدًا أنه قد اعتمد.

 

في مدرسة الرُها

أثار يزوجرد الثانى ملك الفرس (
438-457
) اضطهادًا عنيفًا على المسيحيين، بلغ عدد الشهداء
133000
نسمة، بسببه هربت العائلة إلى طور عبدين، وكان أخسنايا صبيًا. وإذ بلغ سن الشباب انفرد في مكان يبعد عن أهله مسافة نصف ميل، يعيش في كوخ صغير يمارس فيه حياة الخلوة مع الله، ممارسًا حياة النسك والتأمل ومناجاة الله.

 

ذات يوم مرّ به رهبان أتقياء من أديار جبل قردو (أو جبل جودى) وهم في طريقهم إلى، فرحب بهم وقام بخدمتهم. استعذب الحديث معهم، مشتمًا فيهم رائحة المسيح الذكية، فرافقهم إلى الدير لينال بركة القديسين هناك. أُعجب بنظام دير قرتمين الشهير والحياة فيه، فالتحق بمدرسته مع أخيه أدى حيث درس الآداب السريانية واليونانية والعلوم الدينية. وإذ لمع نجمه وظهرت تقواه صار رئيسًا للمدرسة ولُقب برئيس الملافنة. وكان من أخص زملائه في هذا الدير مار يوحنا مطران آمد (484 -502 م).

 

وما بين سنتي 451 و457 انضم أخسنايا وأخوه إلى مدرسة الرُها الشهيرة، وكان رئيسها يومذاك المعلم نرساى، فأتم أخسانيا دراسته للعلوم الفلسفية واللاهوتية، لكنه استنكر هو وأخوه مع غيرهما المبادئ النسطورية التي تشبث بها أساتذة المدرسة ومعظم تلاميذها




[13]



. قيل إن بسببه طُرد نرساى وبرسوم (النصيبينى) ثم أقاق (الجاثليق بعدئذ) بسبب تمسكهم بآراء ثيؤدوريت المصيصى معلم نسطور. انتقل أخسنايا إلى مدرسة دير تلعدا الكبير المشهور، فنبغ في السريانية واليونانية، وصار من أئمة المدرسة، ثم ترهب وسيم كاهنًا.

 

قبوله الهينوتيقون
Henoticon
لزينون

بدأ القديس فيلوكسينوس جهاده باستنكاره المبادئ النسطورية يوم كان في مدرسة الرُها، فانطلقت الشرارة الأولى لتلهبه غيرة وحبًا للإيمان المستقيم بانتقاله إلى دير تلعدا معقل الإيمان المستقيم. وفي سنة 482 عقد زينون مجمعًا في القسطنطينية بغية توحيد صفوف الكنيسة، حيث صدر ” الهينوتيقون” (كتاب الاتحاد) وهي صيغة لاهوتية غايتها إعادة الوحدة بين أصحاب الطبيعة الواحدة وأصحاب الطبيعتين، وقد أدانت كلاً من نسطور وأوطيخا،وأكدت قانون الإيمان النيقوى القسطنطينى والاثنى عشر فصلاً (حرمانًا) ضد تعليم نسطور التي وضعها القديس كيرلس الكبير. وقد تجاهلت كل إشارة إلى السؤال المثير للانقسام وهو عن عدد “طبيعة” المسيح. وقد رأى أصحاب الطبيعيتن، أى الخلقيدونيون، أن الوثيقة قد مالت إلى اللاهوت الاسكندرى تساند الإيمان بالطبيعة الواحدة. قبلها الشرق من أجل قبول الأنطاكيون لمجمع أفسس ومن أجل سلام الكنيسة ووحدتها، وإن كان البعض قد طالب أن يكون المنشور واضحا في حرمانه لطومس لاون والغاء قرارات خلقيدونية وتأكيد طبيعة المسيح الواحدة.

لمشهور، فنبغ في السريانية واليونانية، وصار من أئمة المدرسة، ثم ترهب وسيم كاهنًا.

 

في الواقع لم يقدم كتاب الوحدة لغير الخلقيدونيين المضطهدين حقوقهم، وإنما سمح لهم أن يمارسوا عملهم الروحى والكنسى في حرية دون التزام بقبول مجمع خلقيدونية… وقد سبق لنا الحديث عن هذه الوثيقة




[14]



. وقع عليه البابا بطرس الاسكندرى والبطريرك أكاكيوس القسطنطينى أما قلانديون الانطاكى فلم يرضَ عن الهينوتيقون ولم يوقعه. أما أسقف روما فيلكس الثالث فعوض ان يراسل زميله القسطنطينى مستوضحًا حسب العادة القديمة والمحبة الأخوية عقد مجمعًا محليًا وحرم البابا بطرس والبطريرك أكاكيوس، أما هما فلم يباليا بحرمانه، إنما محا أكاكيوس اسم أسقف روما من الذبتيخة




[15]



، فنشب انشقاق دام أكثر من خمس وثلاثين سنة




[16]



.

 

توجه القس أخسنويو إلى انطاكية يحاول اقناع قلانديون بالتوقيع على الهينوتيقون، وإذ شعر الأخير بخطورة دور هذا الكاهن وجهاده القوى وتاثيره على الكثيرين طرده من أنطاكية. أما قلانديون فافتضح أمر اشتراكه في مؤامرة عسكرية ضد زينون عام 485م، فطرده من انطاكية، ورد إليها القديس بطرس الثانى أوالقصار استجابة إلى الحاح الشعب




[17]



. فاستقبله الانطاكيون بالتهليل استقبالاً حافلاً منقطع النظير، معتبرين إياه بطرس الرسول نفسه




[18]



وكان يرافقه صديقه مار أخسنويو




[19]



.

 

تقديم صورة ايمانه للملك زينون

اصطدم الكاهن أخسنويو مع النساطرة والخلقيدونيين، وإذ عجزوا عن الوقوف أمامه بالحجة اشتكوه لدى الملك زينون أنه انحرف عن الإيمان. سأله الملك أن يقدم له صورة إيمانه كتابة. استغل الكاهن هذه الفرصة ليكتب رسالة مطوّلة: “في تجسد الإله الكلمة وتأنسه” كشف فيها عن الإيمان المستقيم وردّ فيها على الهرطقات خاصة الأريوسية والسابيلية والأوطاخية والنسطورية. تحدث بإسهاب عن الطبيعة الواحدة بالمفهوم الأرثوذكسي ليميزها عن المفهوم الأوطاخي، وشجب الثنائية النسطورية بكل وضوح، وختم رسالته بقوله:

 

[اننى أحرم نسطور المنافق، وتعليمه الذي يميز طبيعتين وأقنومين في المسيح الواحد، وينسب العجائب إلى الله، والآلام إلى الإنسان، وينكر جهرًا سياسة الكلمة (الخلاصية) الذي تأنس. أحرم إلى جانب هذا، أوطيخا أيضا المبتدع ورأيه، ذاك الذي ينكر التجسد الحقيقي الذي صار للإله من العذراء، ويعتبر سرّ تجسده خيالاً. وفيما أنني أحرم هذه التعاليم، أقبل الأسفار القدسية، وأسلك وفقا لتقليد الآباء الذين تسلمت منهم الإيمان الحق الرسولي، الذي بواسطته استحققت الحياة والحرية والتبني مع جميع المعتمدين…]




[20]




 

وقد حملت الرسالة مع الجانب اللاهوتى مسحة روحية بنَّاءة، فيقول:

 

[الآب ولده إلها حسب نظام طبعه ميلادًا أزليًا، أما العذراء فولدته في الجسد، لكى بهذا الميلاد الجسدى نستحق نحن ذلك الميلاد الروحى… لقد صرنا نحن أولاد الله رغم أن طبعنا لم يتغير الآن، أما هو فصار إنسانًا بالنعمة دون أن تتغير ألوهيته… ليس أن الموت تسلق إليه وأفنى حياته، بل أن سلطان الموت نفسه قد بطل بموته. حقا ان موته بعد “صيرورته (إنسانا)” لعجب عجاب!… إنه لم يمت بالروح، لأن الأرواح لا تموت، هذا فضلاً عن أن طبعه غير قابل الموت، وبما أن الجسد يخضع لسلطان الموت، فقد جُرِّب به (بالموت) جسديًا… أقام أيضا هونفسه كما قال: “لى سلطان أن أضعها ولى سلطان أن آخذها أيضا” يو18: 10.]

 

مطران منبج أوهيرابوليس
Hierapolis

كانت منبج من أهم إيبارشيات أنطاكية، يخضع لها أحد عشر أسقفًا، وقد بذل النساطرة كل جهدهم لتقويضها وذلك منذ عهد مطرانها الكسندر الذي رافق الوفد الانطاكى في مجمع أفسس سنة 431م. كتب عنه فيما بعد مار فيلوكسينوس في رسالته إلى رهبان دير سينون نحوعام 522 انه احد الأساقفة الستة والثلاثين الذين قاوموا في هذا المجمع حرم نسطور وبدعته، وكان اكثرهم عنفًا وحماسة مما أقلق راحة المجمع. وبالرغم من صدور الحكم بالحرمان جماعيًا، واعتراف الكل بوجوب اطلاق تعبير “الثيؤتوكوس” أى “والدة الاله” على القديسة مريم فقد ظل مكابرًا متشبسًا برأيه، لقد فضَّل التجرد من مطرانيته عن أن يحرم نسطور ويستخدم تعبير “الثيؤتوكوس”، بل واشترك مع ثيؤدوريت واندراوس السموساطى في ردهما على فصول القديس كيرلس الاثنى عشر




[21]



.

 

تحدث
Hefele
في كتابه عن “تاريخ مجامع الكنيسة” عن نسطورية الكسندر أسقف هيرابوليس




[22]



المتطرفة ومقاومتة بعنف أى ميل للوحدة بين القديس كيرلس والأنطاكيين




[23]



. فإذ أراد اندراوس أن يهَّدئ من عنف الكسندر أرسل إليه خطاب ثيؤدورت (معلم نسطور) الذي يوصيه بالخضوع، موضحًا له مخاطر الانقسام، طالبًا منه قبول الاقتراح الجديد للوحدة بين كيرلس ويوحنا الانطاكى




[24]



. أما الكسندر فعبر عن نفسه بطريقة متطرفة مُرَّة في خطابين بعث بهما إلى اندراوس وثيؤدورت يقسم فيهما بخلاص نفسه انه لن يتحرك عن موقفه قدمًا واحدًا




[25]



. أجابه ثيؤدورت بهدوء انه يعرف البطريرك تمام المعرفة وانه لا يقبل هو أوالبطريرك إدانة نسطور، وفي نفس الوقت فان إعلان كيرلس يبدو له انه يميل إلى السلام.

 

 اذ بدأت اتفاقية السلام بين البابا كيرلس الاسكندرى والبطريرك الأنطاكى يوحنا، وقف الكسندر الدائم العنف ضد بطريركه يوحنا، معلنًا انه يرفض الشركة معه ومع كل من يتفق مع كيرلس، ولو كلفه هذا حياته




[26]



. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل رفض الشركة أيضا مع ثيؤدورت أسقف قورش واندراوس الساموساطى وكل من تطلع إلى كيرلس كأرثوذكسى، ورفع شكواه ضدهم أمام عرش الله




[27]



. نستطيع بهذا أن ندرك حال ايبارشية هيرابوليس وتطرفها النسطورى، وقد بقيت هكذا حتى عهد مطرانها قورش أو قورا الذي كان كاتبًا لأحد أعيان الرُها، ومن مطالعته لخطب نسطور، تكونت لديه رغبة في الرهبنة، فتتلمذ في دير كيلى الذي كان نسطوريًا حينذاك




[28]



.

 

إذ شعر بطرس القصّار
Peter the Fuller
بخطورة هذه الايبارشية سام أخسنايا مطرانًا عليها في عام 485 باسم “فيلوكسينوس”. شمر المطران الجديد عن ساعده ليعمل بروح الرب على تنقية الجو الكنسي من الأفكار النسطورية، مساندًا البطريرك بطرس القصّار. هذا وقد نجح البطريرك في إقناع أساقفته لقبول الهينوتيقون لزينون، وأن تُذكر “والدة الإله” أو “الثيؤتوكوس” في كل خدمة




[29]



. رفض بعض الدارسين الغربيين ما رُوى عنه ان بعض الأساقفة الفارسيين قد زاروا هيرابوليس بعد سيامته، وانهم اكتشفوا انه عبد هارب بلا عماد، وان البطريرك بطرس قد دافع عنه بالقول إن سيامته قد أغنت عن عماده




[30]



.

 

لم يقف الهراطقة مكتوفي الأيدى أمام عمل فيلوكسينوس، فاستخدموا كل وسيلة لتحطيمه. ثاروا عليه عدة مرات بالحجارة والعصى والنار، حتى نجا من الموت بأعجوبة. وكان الوثنيون يساندونهم في ذلك. بل وكلما تعيّن حاكم جديد لتلك الولاية حرضوه ضده ليضيَّق عليه الخناق ويكبد الكنيسة خسائر فادحة، كما كتب في رسالته إلى رهبان دير سينون. ويمكننا أن ندرك مدى ما بلغته مرارة نفسه انه قال: “ليتنى لم أصر (مطرانًا)”




[31]



.

 

من أعماله كتب رسالة إلى رهبان دير كوكل بطور عبدين




[32]



، فيها يمتدحهم بكونهم آباءه وانهم بالحق يستحقون لقب “العظام”، و”أن صيت ديرهم قد ذاع في جميع الأمصار”، لكنه يوبخ قلة منهم استمالهم بعض الهراطقة بالمال وباغرائهم بالمناصب الرفيعة. لقد شجع المجاهدين الأرثوذكسيين، طالبًا منهم ألا يرهبوا الهراطقة، إذ يقول: “من ذا الذي صار في أى وقت من الأوقات معلمًا للمعرفة الإلهية ولم يختم إيمانه بتحمل الشدائد والاضطهادات والاهانات والشتائم والمظالم والآلام الفادحة والميتات المُرة حتى أخزى بصبره مضطهديه؟!”

 

كتب أيضا رسالة يرد فيها على مارون العينزربى




[33]



، إذ هو من عين زربة (كيليكية الثانية)، إذ اجتمع بعض الأساقفة الموالين للمجمع الخلقيدونى في كيليكية الثانية أو الاسكندرون (حسب الصيغة السريانية)، ووجهوا كتابًا إلى الملك أعلنوا فيه قبولهم طومس لاون وقرارات مجمع خلقيدونية، وانهم يوَّفقون بين بنود كيرلس الاسكندرى وطومس لاون. وقّع مارون على هذا البيان وبعث معه رسالة إلى فيلوكسينوس الذي لم يكن يعرف مارون من قبل فلم يجبه. بعث إليه رسالة أخرى، فشعر فيلوكسينوس بغيرته في سبيل الإيمان، فرد عليه برسالة مسهبة، معالجًا كل النقاط من بينها:

 

1 قولهم ان طومس لاون والمسائل التي أُقرت في مجمع خلقيدونية لا يقبلونها لا في القانون الكنسى ولا في دستور الإيمان ولا في التعليم ولا في التفسير، إنما فقط فيما يخص حرم وعزل نسطور وأوطيخا.

 

2 قول البعض انه لا يجوز حرم ديؤدور وثيؤدوريت لأنهما ماتا وهما أسقفان يخدمان الأسرار المقدسة ويدبران ايبارشيات وكنائس.

 

3 تفسيرهم قول القديس كيرلس الاسكندرى “طبيعة واحدة متجسدة” من طبيعتين، احداهما للكلمة والأخرى لناسوته.

 

جاء في رسالته لمارون:

“انها أمور يناقض بعضها بعضًا، ذلك بأن المسائل التي لا تقْبل في تعليم الإيمان أوالقانون أوالتفسير، لا يجوز أن تُقبل ولا في حرم الهراطقة. لأن لصاحب الرأى القويم وحده الحق في حرم من لا يرتأى ذلك، وإلا فإن قراره بلا قوة… ولذلك لا نقبل الحرم الصادر عن الهراطقة، سواء كان ضدنا أوضد الهراطقة، كذلك الحَّل أيضا.”

 

أكد مارفيلوكسينوس أن حرم أوطيخا لم تتسلمه الكنيسة من مجمع خلقيدونية بل من الأساقفة الأرثوذكسيين الذين وقَّعوا الهينوطيقون.

أكد أيضا حرمه لثيؤدوريت وغيره من الهراطقة. استند الدكتور أسد رستم على هذه الرسالة ليقول: “ووافق هذا كله ظهور قرار مجمعى في الاسكندرية يوفق بين بنود كيرلس وطومس لاون ويحتج كل الاحتجاج على مشاغبات سويريوس وفيلوكسينوس”




[34]



وقد رد على ذلك مار اغناطيوس يعقوب الثالث: ثيؤدوريت لأنهما ماتا وهما أسقفان يخدمان الأسرار المقدسة ويدبران ايبارشيات وكنائس.

 

جاء في رسالته لمارون:

“انها أمور يناقض بعضها بعضًا، ذلك بأن المسائل التي لا تقْبل في تعليم الإيمان أوالقانون أوالتفسير، لا يجوز أن تُقبل ولا في حرم الهراطقة. لأن لصاحب الرأى القويم وحده الحق في حرم من لا يرتأى ذلك، وإلا فإن قراره بلا قوة… ولذلك لا نقبل الحرم الصادر عن الهراطقة، سواء كان ضدنا أوضد الهراطقة، كذلك الحَّل أيضا.”

 

أكد مارفيلوكسينوس أن حرم أوطيخا لم تتسلمه الكنيسة من مجمع خلقيدونية بل من الأساقفة الأرثوذكسيين الذين وقَّعوا الهينوطيقون.

أكد أيضا حرمه لثيؤدوريت وغيره من الهراطقة. استند الدكتور أسد رستم على هذه الرسالة ليقول: “ووافق هذا كله ظهور قرار مجمعى في الاسكندرية يوفق بين بنود كيرلس وطومس لاون ويحتج كل الاحتجاج على مشاغبات سويريوس وفيلوكسينوس




[35]



” وقد رد على ذلك مار اغناطيوس يعقوب الثالث:

 

أولا: ان البيان لم يظهر في الاسكندرية بل في الاسكندرون المعروفة يومذاك بالاسكندرية الصغرى.

ثانيا: ان البيان ظهر في عهد زينون(491+) كما مَّر معنا لا في أواخر عهد انسطاس(518+) كما جعله أسد رستم.

ثالث: لا ذكر لسويريوس في هذا البيان الذي ظهر على الأرجح، في الوقت الذي كان لا يزال فيه سويريوس علمانيًا.




[36]




 

في عهد البطريرك بلاديوس
Palladius

في سنه488م إذ تنيح البطريرك بطرس القصار خلفه بلاديوس أحد كهنة كنيسة القديسة تكلا
Thecla
في سلوقية ايسورية
Seleucia Pieria
. تبادل الرسائل الإيمانية مع القديس بطرس منغوس الاسكندرى وخلفه القديس أثناسيوس. دعا رعاياه إلى قبول الهينوطيقون، ووجد في القديس مارفيلوكسينوس خير معين له.

 

في عهد فالفيان (فلابيانوس) الثانى

في عام 498م تنيح البطريرك بلاديوس وسيم فلابيانوس الثانى (498-512م) عوضًا عنه. طلب منه مارفيلوكسينوس أن يعلن عن قبوله الهينوطيقون ويجحد نسطور والنساطرة مثل ثيؤدوريت أسقف قورش وهيبا أسقف الرُها وثيؤدور المصيصى




[37]



، فثارت بينهما حرب شديدة




[38]



.

لقد تطلع فلابيانوس يسانده مقدونيوس بطريرك القسطنطينية إلى فيلوكسينوس كرجل هرطوقى خطير. قيل إن القديس فيلوكسينوس زار القسطنطينية بدعوة من الامبراطور أناستاسيوس
Anastasius
عام 507. لكن عند وصوله هاجمه البطريرك مقدونيوس، رافضًا الشركة معه، أوحتى الحديث معه




[39]



، بدعوى انه هرطوقى. وقد هيج ضده الكهنة والشعب والأديرة، مما اضطر الامبراطور أن يطلب منه الخروج من المدينة سرًا لأجل السلام.

 

أما في أنطاكية فقد انقسمت المنطقة إلى فريقين، فريق يناصر فيلوكسينوس. وآخر يناصر فلافيان… وحدث شرخ بل ومتاعب حتى في الأوساط الرهبانية سببت اضطرابات شديدة في أنطاكية. أشار القديس فيلوكسينوس إلى الشدائد والمتاعب المُرة التي عانى منها بواسطة فلابيانوس ومقدونيوس، وذلك في رسالته إلى رهبان دير سنون، مظهرًا كم من الميتات قد أفلت منها، إذ يقول:

 

“أما الضيقات التي قاسيتها من فلابيانوس ومقدونيوس رئيس أساقفة أنطاكية والعاصمة (القسطنطينية) ومن قلانديون قبلهما، فهي معروفة، بل يُحدَّث عنها في كل مكان. هذا فضلا عن وشايات المسمى فلابيانوس الهرطوقى بى إلى السلطات العليا في أثناء الحرب الفارسية، وعما جرى لى في الرُها وفي كورة الأفاميين وكورة الأنطاكيين أيضا في أثناء وجودى في دير الطوباوى”مار بس”، بل في أنطاكية بالذات. ولما توجهت إلى العاصمة مرتين، عاملنى الهراطقة النساطرة بمثل ذلك.”

 

الإيبارشية الحميرية العربية




[40]




في العقد الثانى من القرن السادس وجه مار فيلوكسينوس عنايته صوب كنيسة نجران، فرسم لها أسقفًا غيورًا على نشر كلمة الإنجيل، يُدعى ماربولس، وهو أول أسقف لهذه الايبارشية الحميرية العربية. ولما رجمه يهود من طبرية في ظفار عاصمة الحميريين أوائل سنة 518، رسم مارفيلوكسينوس أسقفا آخر خلفا له إسمه مارتوما.

 

عزل مقدونيوس القسطنطينى

بعد أن وقّع على هينوطيقون زينون أقام تذكارًا سنويًا لنسطور، ووضع كتابا جمعه من مصنفات ديؤدور وثيؤدوريت ومن تاريخ المجمع الخلقيدونى لثيؤدوريت في240 فصلاً، نسب فيه للقديس كيرلس أنه يعترف بطبيعتين للسيد المسيح بعد الإتحاد




[41]



.

 

وفي سنة 508 عقد أنسطاسيوس مجمعًا لبحث قضايا الإيمان حضره 200 راهبًا من فلسطين والشرق كما حضره مارفيلوكسينوس. وبأمر الملك فتح الآباء صندوق الشهيدة أوفيمية وأخرجوا منه طومس لاون والنسخ الأصلية لقرارات مجمع خلقيدونية وأحرقوها بالنار. ثم بحثوا قضية مقدونيوس بعد إحضار النسخ الأصلية لمقالات ورسائل القديس كيرلس، وكشف الراهب ساويرس السوزوبولى رئيس دير مار رومانوس بغزة 330 نصًا مزورًا لكتابات الآباء في كتاب مقدونيوس.

 

طلب ساويرس من الملك أنسطاسيوس أن يسأل مقدونيوس صراحة إن كان يعترف “بأن واحدًا من الثالوث القدوس تجسد من أجلنا وصار إنسانا بغير تغير، وولد من العذراء، وأن التي ولدته هي والدة الإله” أم لا. فأوفد أنسطاسيوس قائد الجيش والحاكم قيلاروس يوجهان له هذا السؤال، فنفر منهما، قائلا إنه لن يعترف بهذا ولو قطع لسانه




[42]



. فأمر القيصر في الحال بعزله ونفيه




[43]



، وكان ذلك في عام 511 م.

 

غالبًا لم تكن هذه هي المرة الأولى التي فيها زار مارفيلوكسينوس القسطنطينية ليشترك في عزل البطريرك، بل سبق فزارها سنة 507 حين هيج البطريرك الكهنة والرهبان والشعب ضده كما رأينا، وربما زارها مرة أخرى قبل ذلك.

 

عزل فلابيانوس الثانى

بدأ الصراع بين فلابيانوس ومارفيلوكسينوس مبكرًا، بعد سيامة فلابيانوس بفترة قصيرة، إذ طلب منه مارفيلوكسينوس أن يجحد نسطور والنساطرة. ويمكن تلخيص هذا الصراع في النقاط التالية:

 

1- في عام 499 م شخص مارفيلوكسينوس إلى القسطنطينية ليشكو بطريركه إلى أنسطاسيوس لتذبذبه في الإيمان، وقد حالت الحرب الفارسية تحقيق ذلك.

2- في سنة 505 م أثار فيلوكسينوس القضية من جديد ومعه الوسين أسقف ساسيمة ونيقيا أسقف لاذقية سوريا، وإضطر فلابيانوس أن يحرم نسطور، وإذ ألحوا عليه أن يحرم النساطره ديؤدور وثيؤدوريت وهيبا، حرم القديس ديسقورس ومن يقول بقوله، فبعث مار فيلوكسينوس بالوثيقة إلى أنسطاسيوس ليؤكد بها ميول فلابيانوس النسطورية، وكان ذلك سنة 507.

 

إستدعى الإمبراطور مارفيلوكسينوس سنة 507 لكن إستطاع مقدونيوس أن يثير الجو ضده. إضطر فلابيانوس أن يحور آراءه فكتب إلى الإمبراطور دون أن يحرم القائلين بالطبيعتين، الأمر الذي لم يقنع مارفيلوكسينوس. عقد فلابيانوس مجمعًا في أنطاكية أذاع فيه بيانًا أنه وإن وافق مجمع خلقيدونية في عزله نسطور وأوطيخا إلا أنه لم يعتبر تحديداته للإيمان مقنعة




[44]



. كما صرح بقبول المجامع المسكونية الثلاثة دون ذكر مجمع خلقيدونية، وحرم النساطرة ثيؤدوريتت وثيؤدور وديؤدور وهيبا. كما أوفد أحد الكهنة إلى الإسكندرية يبادل بطريركها البابا يوحنا (505-516) رسالة إيمان وسلام وقد تضمنت الرسالتان المتبادلتان حرم طومس لاون ومجمع خلقيدونية




[45]



.

 

عاد فلابيانوس يساند مقدونيوس القسطنطينى ويوحنا الأورشليمى متخليًا عن يوحنا الإسكندرى، فإنضم أساقفة سوريا إلى مارفيلوكسينوس.

في عام 511 قام أتباع فيلوكسينوس بعمل مسيرة فتعرض لهم أتباع فلابيانوس، وإستخدموا العنف فقتلوا عددًا منهم… وإضطر البطريرك أن يترك المدينة بأمر إمبراطورى، بعدما أدرك الإمبراطور عنف أتباع فلابيانوس.

 

طلب إيليا الأورشليمى وفيلوكسينوس من الإمبراطور أناستاسيوس أن يصدر أمرا بعقد مجمع لدراسة أمورعقائدية، وقد إنعقد المجمع في صيدا
Sidon
عام 512 م، حضره حوالى 80 أسقفًا تحت رئاسة كل من فيلوكسينوس وسوتيريخوس
Soterichus
أسقف قيصرية كبادوكية، وصدر الأمر بنفي البطريرك. وفي حوالى نهاية عام 512 أنتخب القديس ساويرس صديق فيلوكسينوس بطريركا على أنطاكية.

 

نفيه

لم يدم الحال هكذا طويلاً ففي 9 يوليو سنة 518 م تولى يوستنيان الأول الإمبراطورية خلفا لأنسطاسيوس. كان أحد قادة الحرس الإمبراطوري، شيخًا أميًا لا يعرف القراءة ولا الكتابة، متطفلا على السياسة ويجهل علم اللاهوت. وكما يقول عنه الدكتور أسد رستم أنه جاء إلى العاصمة مغامرًا يمشى على القدمين من مقدونية، على أنه في الواقع لم يكن شيئًا غير أنه جندى باسل




[46]



وكان يشايع النساطرة، وقد بذل طاقته في إضطهاد أصحاب الطبيعة الواحدة ونفيهم.

 

نُفي القديس مارفيلوكسينوس إلى فيليبوبليس
Philippoplis
في تراقيا
Thrace
(ولاية أدرنه) ببلغاريا. وفيها كتب رسالته إلى رهبان دير سنون بالقرب من الرُها سنة 522 يصف فيها ما إحتمله من فلابيانوس ومقدونيوس ومن قلانديون قبلهما من متاعب شديدة. بعث عدة رسائل لتثبيت المؤمنين بالرغم من العذابات الفادحة التي تعرض لها في منفاه فكتب رسالتين إلى شمعون رئيس دير تلعدا، ورسالة إلى سائر الرهبان الأرثوذكس في الشرق، ورسالة إلى الرهبان الآمديين، بجانب الرسالة إلى دير سنون، جاء فيها:

 

[لقد أرسلونى إلى أمرّ وأقسى منفي، وأقاموا على حراسُا من جميع الجهات، لئلا يزورني أحد من العلمانيين ويستمع إلىّ. إنني مسجون في غرفة مساحتها إثنتا عشر ذراعًا، أقيم فيها أنا ومرافقيّ، وهي فوق مطبخ البيمارستان، حيث نختنق دائما بالدخان الكثيف، وإذا حُرمنا عون العناية الإلهية، سيفقد كل منا بصره قريبًا. ولذلك إلتمسنا منهم مرات عديدة أن أُنقل إلى السجن العام حيث جميع صانعي الشرور والقتلة، ولم أُجب إلى ملتمسي. ذلك لأن أسقف هذه المدينة الذي أُسلمت إليه ليحرسني، يكرهني كرهًا شديدًا أكثر من الذين أسلموني إليه، لأنه هرطوقى ومن الذين يغارون كثيرا على المجمع المحروم الخلقيدونى ]




[47]




 

استشهاده

نقل القديس فيلوكسينوس من منفاه إلى جنجرا
Gangra
في ولاية بافلاجونيا
Paphlagonia
حيث حُبس في بيت أوقدت فيه النيران وسُدت عليه المنافذ فإختنق في حجرته ومات شهيد الدفاع عن الإيمان في عام 523 م (يرى مارأغناطيوس يعقوب الثالث أنه إستشهد في 10 ديسمبر 522 م).

 

يرى الكاردينال
Tisserant
أن فيلوكسينوس درس في مدرسة الفارسيين في الرُها
Edesse
قبل عام 457 م، وبإفتراض أن عمره كان ما بين 16و18 سنة فيكون فد تنيح عن عمر يناهز التسعين عاما




[48]



. وتحتفل الكنيسة السريانية الارثوذكسية بعيد فيلوكسينوس أكثر من مرة في السنة: في 18 فبراير، أول أبريل، 16 أغسطس، و10 ديسمبر الذي يرجح أن يكون تاريخ إستشهاده.

 

ايمان القديس فيلوكسينوس

يتلخص فكر مارفليوكسينوس اللاهوتى فى رسالته الى الامبراطور زينون , وقد كتبها فى عام 482 م ضمت صورة إيمانه، حيث اتهمه النساطرة بتزييف إيمانه، وقد قام بترجمتها مارأغناطيوس يعقوب الثالث عن السريانية من مخطوطة محفوظة بالفاتيكان يقول فيها:

 

“إن الإله الكلمة الذي هو مساٍو لله الآب في الطبع، وقد وُلد منه قبل الأزمان والدهور، وهو في كل حين إله وعند الله، والله الكلمة لأنه مولود منه بدون ألم وهو معه بدون زمن – فقد تعلمنا وآمنا وتسلمنا عن تجسده وتأنسه كما يلى:

 

انه تجرد ووافي إلى رحم العذراء دون أن ينتقل من عند الآب أو يبتعد عمن هو معه وعنده ومثله في كل حين، بل يؤمن به في كل مكان بأنه إله، تمامًا كالآب والروح القدس.لقد شاء أن يُحيى البشر بتجرده وتجسده وتألمه وموته وقيامته، فوافي إلى العذراء دون أن يُحد، وتجسد فيها ومنها وصار إنسانا دون أن يطرأ عليه تغيير، أى أنه لم يأت له بجسد من السماء كما هذى فالنتيوس وبرديصان، ولا تجسد من لا شىء، إذ لم يبلغ أن يُخلّص خليقة غير موجودة، بل شاء فجدد التي كان قد خلقها ثم عتقت.

 

صار إنسانًا باتخاذه ناسوتًا، لا إنسانا ألصقه بأقنومه، وذلك لئلا يدخل زيادة على الثالوث، فيكون من ثم ابنًا أخر بالنعمة غير الابن الطبيعى.

فإذ أسجد للإله الكلمة الذي وُلد وحيداً من الآب، أومن بأنه تجسد حقًا، ووُلد من العذراء القديسة، لأن الذي ولدته إنما صار وتجسد فيها ومنها. ذلك بأنها لم تلده روحانيًا – فإن هذا الميلاد قد حازه من الآب – وليس كما ولده الآب كذلك وُلد من العذراء أيضا. فالآب ولده إلهًا وفقًا لنظام الطبع والميلاد الأزلى، أما العذراء فولدته في الجسد، لكى بواسطة هذا الميلاد الجسدي نستحق نحن ذلك الميلاد الروحانى.

 

اننى أعترف بأن أقنوم الكلمة واحد، وأنه هو نفسه إنسان أيضًا، أى أنه إله صار إنسانًا، ليس أنه سكن في إنسان، ولا أنه شيد له هيكلاً وحلّ فيه ذلك بأن هياكله هي نحن، وهو يسكن فينا بواسطة روحه. أجل، إنه لم يخلق له إنسانًا في العذراء قبل أن يحل فيها فأتخذه من ثم اقنوما آخر، لأنه لم يتحد بأقنوم إنسان بل بطبعنا، وذلك بواسطة تجسده من العذراء. إننى لا أعرف في العذراء إنسانًا مقترنًا بالله، ولا أقنومًا ملتتصقًا بأقننوم، لكنى أعرف بعين الإيمان، روحانيًا صار جسدانيًا بدون تحوّل. وكذلك لم تلد مريم (مولودًا) مضاعفًا كقول نسطور، بل كله إله لأنه من الآب وكله إنسان لأنه صار من العذراء.

 

وأعترف بصيرورة اتحاد الطبيعتين، أى اللاهوت والناسوت، ولن أقَّسم اللذين اتحدا معًا بنوع يفوق الوصف، إلى طبائع أو أقانيم أو أجزاء تخص هذا أو ذاك، ولا أرى اثنين صارا واحدًا، ولا أفهم واحدا حيث يُعرفان اثنين. ذلك بأنه لم يتكون أولا إنسان عرف بعدده، ثم اتخذه الله. اننا نعترف بالعذراء بأنها والده الإله. كما أننا نؤمن بأن الكلمه الذي تجسد – بعد أن وُلد منها في الجسد – لف بالُقمط، رضع اللبن، اقتبل الختان، حُمل على الركب، نشأ في القامة وخضع للأبوين. كل هذه الأمور نجمت وفقاً للنمط الذي وُلد عليه… مارس جميعها لأنه تأنس.

 

أجل، له الأمور العظيمة بالنسبة إلى طبعه، وله الأمور الصغيرة لأنه تجرد. له ما للآب لأنه مساٍو له في الألوهية، وله ما لنا لأنه صار مثلنا. له الأمور المجيده لأنه رب المجد، وله الأمور الحقيرة لأنه تجلى في الجسد. الصليب هو الكاروز بموت الله وبعدم مماته في آن واحد… حين ذاق الموت ظلَّ حيًا أيضا. وليس أن الموت تسلق إليه وأفنى حياته، بل أن موته بعد صيرورته (جسدًا) لعجب عجاب. أجل إن عدم ممات الله، لا يمنعنا من الإيمان بموته، كما أن موته أيضًا، لا يضطرنا إلى إنكار عدم مماته. لقد أمسك الله من الموت، وبهذا أبطله من كل ذى جسد من الناس.

إنه لم يمت بالروح، لأن الأرواح لا تموت، هذا فضلا عن أن طبعه غير قابل الموت.

 

ليس أن اللاهوت انفصل عن الجسد حين صرخ على الصليب، قائلاً: ” يا أبت في يديك أستودع روحى1، ولا أن إنسانا قال للآب: “إلهي إلهي لماذا تركتنى؟”. فقد دعاه “أباه”‍‍ لأنه مساٍو له في الطبع وسمَّاه “إلهه”، لأنه صار إنسانًا. إن الذي كان معلقًا على الصليب حين أستودع روحه في يدْى أبيه، قد قرّب بقية الأرواح البشرية إلى الآب. وهو نفسه نزل… إلى الهاوية، وحقق القيامة لأجساد البشرية جمعاء فلسنا إذن نضع طبع الكلمة تحت الألم، ولا نبشر بموت إنسان غريب عنه، لكننا نؤمن بأن من هو مُنزَّه عن الموت كإله، هو نفسه جُرب به كإنسان، وهوالابن الوحيد، الواحد من الثالوث كما يبين قوله لتلاميذه: “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بأسم الآب والأبن والروح القدس”. فبأسم ذاك الذي مات قد اعتمدت.

 

إنني لا أنقص شيئًا من الثالوث كهذيان سابيليوس وفوطينوس، ولا أقسم أقانيمه كقول أريوس ومقدونيوس، ولا أضيف إليه أقنومً آخر كرأى ثادوروس ونسطور، ولا أقول أن أحد أقانيمه قد تغيّر كزعم أبوليناريوس وأوطيخا. إنني أحرم نسطور المنافق، وتعليمه الذي يميز طبيعتين وأقنومين في المسيح الواحد. أحرم إلى جانب هذا أوطيخا أيضًا المبتدع ورأيه، ذاك ينكر التجسد الحقيقى الذي صار للإله من العذراء، ويعتبر سرّ تجسده خيالاً. وفيما اننى أحرم هذه التعاليم، أقبل الأسفار القدسية، وأسلك وفقًا لتقليد الآباء الذين تسلمت منهم الإيمان الحق الرسولى، الذي بواسطته استحققت الحياة والحرية والتبنى مع جميع المعتمدين.

 

هذه الأمور كتبتها باختصار وقدمتها لمسيحيتكم، بناء على أمركم أيها الملك التقى، وذلك لتقريع الهراطقة الذين ينتقدون ايمانى بالمسيح، ولبنيان الذين يرتأون نظيرى، ويسعون بمحبة الله في الدفاع عنى.”






[1]




تاريخ الدول , ابن العبرى , ص 147





[2]




تاريخ الانشقاق , الجزأ الاول , ص 192





[3]




تاريخ الهرطقات , ص 108





[4]




خلاصة تاريخ الكنيسة , الجزأ الاول , ص 288 – 289





[5]




الايمان الصحيح فى السيد المسيح , ص 142





[6]




تاريخ الامة القبطية , الجزأ الثانى , ص 58





[7]




اعترافات الاباء , نقلا عن تاريخ الكنيسة القبطية , ص 261




[8]



J. Meyendorff: Christ in the Eastern Christian Theology, 1969, P. 24




[9]


R.V. Sellers: The Council of Chalcedon, S.P.C.K., 1961, P. 269





[10]




القديس مار فيلوكسينوس أسقف منبج , سيرته – كتاباته – منهجه وأفكاره , القمص تادرس يعقوب ملطى 1993 , القمص تادرس يعقوب ملطى. , ص 3





[11]




أغناطيوس يعقوب الثالث (البطريرك السابق). الأحاجى في جهاد القديس مارفيلوكسينوس المنبجى، دمشق 1970، ص9 وهو المرجع الرئيسى لهذا الجزأ.




[12]


Smith and Wace: A Dictionary of Christian Biography, vol.4, 1887, P.391





[13]




أغناطيوس يعقوب الثالث (البطريرك السابق). الأحاجى في جهاد القديس مارفيلوكسينوس المنبجى، دمشق 1970، ص 11




[14]


V.C. Samuel: Council of Chalcedon Re-examined, Madras 1911, P. 118





[15]




“الذبتيخا” لفطة يونانية معناها”اللوحان”، إشارة إلى الحجرين اللذين نقش عليهما موسى النبى أسماء الاسباط ليحملها رئيس الكهنة أمام الرب على كتفيه كتذكار أمام الله (خر 28:9-12)





[16]




كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، حـ1، لبنان، ص351





[17]




تاريخ مار ميخائيل الكبير ص253،254





[18]




تاريخ زكريا الفصيح، حـ1، ص233





[19]




تاريخ مار ميخائيل الكبير، ص262





[20]




أغناطيوس يعقوب الثالث (بطريرك انطاكية وسائر المشرق السابق)، ً34،35، مترجمة عن مخطوطة سريانية في مكتبة الفاتيكانية تحت رقم 135





[21]




السابق , ص 69 – 70




[22]


C. J. Hefele: A History of the Councils of the church, vol.3, Edinburgh 1883, P. 94




[23]


Ibid , P. 123,125,145,147,148




[24]


In Mansi, t.v. P. 841 sq.C.62 and 63




[25]


In Mansi, t.v. P. 842, C.64; P.843,C.65




[26]


Hefele, vol.3, P.145




[27]


Ibid , P. 147





[28]




أغناطيوس يعقوب الثالث، ص70




[29]


Theodors Lector: H.E.I: 20-22. PG86(1): 175-8




[30]


Smith & Wace, P. 391-2





[31]




أغناطيوس يعقوب الثالث، ص72





[32]




مكتبة الفاتيكان، مخطوط 135





[33]




مخطوطة سريانية في لندن تحت رقم 14726





[34]




كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، حـ1، ص358





[35]




السابق





[36]




الأحاجى , ص94





[37]




للأسف سُمح لثيؤدورت النسطورى أن يحضر مجمع خلقيدونية، وأعيد اعتبار هيبا في جلسة 27 اكتوبر 451… بينما اكد مجمع القسطنطينية (الثانى) سنة 553 ادانته للفصول الثلاثة لهؤلاء اللأساقفة الثلاثة , انظر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت، 1986، ص148




[38]


Smith & Wace, P. 392




[39]


Ibid





[40]




الاحاجى , ص 102





[41]




تاريخ زكريا الفصيح , الجزأ الثانى , ص 39 – 40





[42]




زكريا الفصيح: سيرة مار سويريس





[43]




السابق , ص 41 – 48




[44]


E.A. Wallis Budge: The Discourses of Philoxenus of mobbagh, London,1893, Introd
.





[45]




تاريخ زكريا الفصيح , الجزأ الثانى , ص 14 – 15





[46]




كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى، حـ1، ص. 361





[47]




الاحاجى , ص 137





[48]




قاموس علم اللاهوت الكاثوليكى: 1509-1516م , اطيوس يعقوب الثالث ، ص70

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي