أمثال المسيح

 


الفهرس

الجزء الأول طبيعة ملكوت الله

هذا الكتاب

مقدمة

1 – الملكوت انتقال إلى حالة جديدة

(أ) الملكوت حياة جديدة مثلا الرُّقعة والزِّقاق

(ب) الملكوت تعليم جديد مَثل الكاتب المتعلم

(ج) دعوتان واستجابتان مَثَل الأولاد الذين يلعبون في السوق

2 – تشبيهات لملكوت الله

(أ) أراضي الملكوت مثل الزارع

(ب) أعداء الملكوت مثلا الزوان وسط الحنطة والشبكة في البحر

(ج) نمو الملكوت مثل البذور التي تنمو سراً

(د) قوة الملكوت مثلا حبة الخردل والخميرة

(ه) عظمة قيمة الملكوت مثلا الكنز المخفى واللؤلؤة الثمينة

3 – الآب يطلب أبناء لملكوته

(أ) التفتيش عن الضال مثلا الخروف الضائع والدرهم المفقود

(ب) انتظار عودة الضال مثل الابنين الأكبر والأصغر

 

الجزء الثاني امتياز أبناء ملكوت الله

1 – امتياز غفران الخطايا مثل المديونَين

2 – امتياز سكنى المسيح مثل البيت العامر بالمسيح

3 – امتياز الحياة ذات التحدِّيات مثلا البرج المُكمَل والملك المستعد للحرب

4 – امتياز الحكمة مثل البنّاء الحكيم

5 – امتياز الثمر مثل شجرة التين

6 – امتياز الصلاة مثلا صديق نصف الليل والأرملة المُلحَّة

7 – امتياز الفرح مثل العشاء العظيم

8 – امتياز المجازاة

(أ) المجازاة للجميع مثل العاملين في ساعات مختلفة

(ب) المجازاة للساهرين مثل العذارى الحكيمات

(ج) المجازاة للعاملين مثل الوزنات

الجزء الثالث مسؤوليات أبناء ملكوت الله

1 – ضرورة العمل

(أ) العمل واجب مثَل العبد العامل

(ب) الجميع يعملون مثل السامري الصالح

(ج) الأبناء يعملون مثل الابنين

(د) العاملون يعملون مثل الكرامين الأردياء

2 – ضرورة التواضع

(أ) تواضع الاعتراف مثَل الفريسي والعشار

(ب) تواضع السلوك مثل المتكأ الأخير

3 – ضرورة الغفران مثل العبد الذي لم يرحم

4 – ضرورة الأمانة

(أ) الأمانة للنفس مثل الغني الغبي

(ب) الأمانة للرؤساء مثل الوكيل الظالم

(ج) الأمانة للمحتاجين مثل الغني ولعازر

 

الجزء الأول طبيعة ملكوت الله

هذا الكتاب

دراسة أمثال المسيح دراسة ممتعة، تنقلنا من واقع الحياة إلى السماويات، ببساطة وعُمق، فالمسيح هو «الراوي الأعظم» صاحب الأسلوب السهل الممتنع، الذي لا يفقد طلاوته مهما نُقل إلى مختلف اللغات، أو انتشر في كل الحضارات، لأن المبادئ الروحية في تعليمه هي الأساس.

وأمثال المسيح بالغة الإعجاز في توضيح كيفية انتشار ملكوت الله في العالم، وفي وصف السعادة التي يحصل عليها الإنسان الذي يُملِّك الله على حياته، وفي شرح نوعية حياة الإنسان الذي ينتمي إلى ملكوت الله.

ولقد اخترت من أمثال المسيح سبعة وثلاثين مثلاً، قدَّمتها بحسب موضوعاتها، فبدأتُ بخمسة عشر مثلاً تشرح طبيعة ملكوت الله، وأتبعتها باثني عشر مثلاً تتحدث عن امتيازات أبناء ملكوت الله، ثم ختمت بعشرة أمثال عن مسؤوليات أبناء ملكوت الله.

وكل ما يرجوه الكاتب هو أن يدرك القارئ روعة الحياة التي يجدها كل من ينتمي إلى ملكوت الله، وتكون كلمات المسيح دستور حياته، وطاعة الله أقصى أمانيه.

 


مقدمة

تميَّز تعليم المسيح برواية الأمثال «وَبِدُونِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ» (مرقس 4: 34). والمثل قصة أرضية تعبِّر عن حقائق أوحى الله بها، فهو يشبه مسكناً على الأرض وقد فُتحت نافذته نحو السماء. وما أن تقول «أمثال المسيح» حتى تتذكَّر أروع القصص من وقائع الحياة العادية. ولا غرابة، فالمسيح هو «كلمة الله» المتجسِّد، الذي شارك الناس في أحداث حياتهم اليومية.. عندما ولدته العذراء القديسة مريم أضجعته في مذود، وزاره في مهده رعاةُ الأغنام البسطاء، وعاش في الناصرة لا في عاصمة البلاد، وكسب عيشه من أعمال النجارة، واختار تلاميذه من الصيادين البسطاء. غير أنه كان صاحب رسالة محبة الله للبشر جميعاً على اختلاف نوعياتهم ومعتقداتهم، فهو «الكلمة» والمتكلم، وهو الرسالة والرسول والرسالة. وقد جاء إلى العالم برسالة واضحة قوية عن محبة الله، وعدالته، وأعلن هذه الرسالة بطريقة واضحة قوية جذابة، حتى «بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ» (متى 7: 28 و29).وكانت الأمثال إحدى طرق تعليمه الجذابة.

 

وتصوِّر الأمثال التي ضربها المسيح حالاتٍ من واقع حياة الناس، ولذلك نطلق عليه «الراوي الأعظم» فهو الذي يُرينا أباً يفيض قلبه حباً وشوقاً إلى ابن ضال نادم راجع من البلد البعيد إلى الأحضان الأبوبة المنتظرة، الواثقة أنه لا بد راجع (لوقا 15: 20)، ويرينا راعي أغنام منحنٍ على طرف هاوية ليرفع حمَلاً له سقط في حفرة (لوقا 15: 4)، ويرينا جريحاً وقع بين اللصوص يسعفه مسافر يختلف عنه في الوطن والدين (لوقا 10: 33). وتنقلنا أمثال المسيح لنرى فلاحاً يبذر بذوره (متى 13: 3) أو يحرث بمحراثه (لوقا 7: 17)،وصياداً يلقي شباكه (متى 13: 48)، وأرملة تستنجد بقاضٍ مرتشٍ (لوقا 18: 3)، وبنّاء يبني قلعة (لوقا 14: 28)، وملكاً يتّجه بجيشه لأرض المعركة (لوقا 14: 31). ولمس المسيح في أمثاله الحياة العائلية كما في مثَل الابنين (متى 21: 28-31)، والحياة الزراعية كما في مثَل التينة غير المثمرة (لوقا 13: 6-9) والحياة التجارية كما في مثَل الوزنات (متى 25: 14-30)، والحياة السياسية كما في مثَل الملك الذي طلب حكماً فانقلب شعبه عليه أثناء سفره (لوقا 19: 11-27).

 

ولم يكن المسيح أول من استخدم أسلوب التعليم بأمثال، فقد سبقه أنبياء العهد القديم وغيرهم في ذلك. ولكن أمثال المسيح تخلو من القصص الخرافية، وحديث الأشجار والحيوانات، فهو «الطريق والحق والحياة» الذي أعلن الأخبار المفرحة الحقيقية بأسلوب تعامل الله الحقيقي مع البشر, فجاءت أمثاله واقعية تحمل دروس الأبد لكل بشرٍ في كل زمن وفي كل مكان، فقد قال «الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ» (يوحنا 6: 63).

 

لماذا علَّم المسيح بأمثال؟

قبل أن يبدأ المسيح التعليم بالأمثال كان قد وعظ تعليماً صريحاً وقال لمفلوجٍ شفاه: «مغفورة لك خطاياك» (مرقس 2: 9)، ودخل بيوت الخطاة وأكل معهم (مرقس 2: 16)، وشفى صاحب يدٍ يابسة يوم سبتٍ، فرفضه قادة بني إسرائيل وتشاوروا معاً على قتله (مرقس 3: 6)، فغيَّر المسيح طريقة تعليمه إلى الأمثال التي يفهمها البسطاء الراغبون في التعلُّم، لأنهم سيسألون عن معناها. أما الرافضون فسيظنون أن المسيح يضرب أمثالاً، أو يروي حكايات، فيتوقَّفون عن مقاومته، ويتركونه يعظ الجموع الراغبة في المعرفة. ويتَّضح لنا هذا من أنه عندما روى أول أمثاله، وهو مثل الزارع، سأله تلاميذه: «لماذا تكلمهم بأمثال؟» فأجاب: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللّهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا» (مرقس 4: 11، 12). وختم مثل الزارع بقوله: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!» (مرقس 4: 9)

فالمثل يعطي الراغب في المعرفة مزيداً من المعرفة، لأنه سيفتش عن معناه. أما المشاغب الرافض فسينصرف عن المعنى الكامن في المثَل لأن قلبه مغلق، ولذلك قال المسيح: «فَإِنَّ مَنْ لَهُ (الرغبة في المعرفة) سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ (هذه الرغبة) َالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ» (متى 13: 12)

 

كيف نفسِّر الأمثال؟

عند تفسير الأمثال يجب أن نراعي ثلاثة قوانين:

يجب أن نعرف المناسبة التي روى فيها المسيح المثل، فنفسِّره في نور القصد الرئيسي من روايته. وتساعدنا مناسبة رواية المثل على إدراك المعنى الرئيسي المقصود منه.

ليس لكل تفاصيل المثل معاني روحية، فلا يجب أن نحمِّل النصَّ أكثر من جوهر التعليم، ولا أن نستقي منه استنتاجات فرعية لا ترتبط بالقرينة، ولا أن نستخرج من كل تفاصيل المثل دروساً. وقد نصحنا القديس يوحنا فم الذهب أن نأخذ المعنى الرئيسي من المثَل: «وألا نشغل نفوسنا كثيراً بالبقية». ففي مثَل السامري الصالح، يكفي أن نرى أن قريبي هو المحتاج لمساعدتي، مهما اختلف عني في الدين والجنسية، دون داعٍ لأن نتساءل عن المقصود بالحمار أو صاحب الفندق أو الدينارين.

لا يمكن أن يُؤخَذ المثل وحده أساساً لعقيدة دينية، بل يجب أن نقرن آيات الكتاب معاً قبل أن نكوِّن عقيدتنا (1كورنثوس 2: 13). وقد روى المسيح أمثاله للبسطاء الذين سمعوها بسرور لأنها لمست واقع حياتهم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي