المحب الأعظم الذي جاء بشريعة الحب والسلام

 

جاء الربّ يسوع إلي العالم بسبب الحبّ كممثل ومعَبِّر عن حبِّ اللّه غير المحدود للبشريَّة، يقول عنه الكتاب أنَّه، المسيح، “

أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى.

” (
يو13/1
)، وكانت دعوته هي الحب بكل معانيه وأشكاله، فقال “

تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.

” (
مت22/37-38

” وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
” (
يو13/34


هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ.
” (
يو 15/12


بِهَذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
” (
يو15/17
). وقد بلغ الحبّ أسمي وأعظم مدي له عندما أوصى قائلاً “

أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ

” (
مت5/44
). وهذا ما لم ينادي به أحد سوي المسيح لأنَّه وحده الذي سما فوق الطبيعة البشريَّة وكان أسمي من أنْ يكره أو يحقد أو ينتقم أو يقتل أو يطالب بقتل الأعداء، سواء من عادوه شخصيًا أو من عادوا خدمته علي الأرض، بل أحبّهم فعلاً وعملاً وترفَّق بهم وإلتمس لهم الأعذار كبشرٍ ضعفاءٍ!!

 
نعم؛ قدَّم الحبّ فعلاً وعملاً وأعطي في ذاته أروع مثالاً للحبِّ عندما وضع ذاته من أجل العالم كلَّه، فهو القائل “
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.
” (
يو15/13
). ولذا فلم يكن جبارًا شقيًا، يقول عنه الكتاب “
لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».
” (
مت12/1921
). كان وديعًا ومتواضعًا “
تَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.
” (
مت11/29
).

 
لذا لم يحملْ حقدًا ولا ضغينة لأحدٍ ولم يَسِبّْ أحدًا ولم يلعنْ أحدًا ولم يُسيء لأحدٍ لا من أحبائه ولا من أعدائه فقد كان يغفر دائمًا لمضايقيه ومضطهديه وأبلغ مثل لذلك عندما غفر لصالبيه الذين كانوا يدقون المسامير في يديه ورجليه قائلاً “
يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ
” (
لو23/34
). وعندما جاء اليهود للقبض عليه قطع تلميذه بطرس أذن عبد رئيس الكهنة بالسيف، قال له “
رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟
” (
مت26/52-53
)، “
فَقَالَ يَسُوعُ: دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.
” (
لو22/51
). وقد حاول اليهود قتله عدَّة مرَّات وكان في كلِّ مرَّة يجتاز في وسطهم ويمضي دون أنْ يمسُّوه، ومع ذلك لم يمسّهم بشيء بل في كلِّ مرَّة كان يتركهم بسلام “
فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلُ. أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.
” (
لو4/29-30
)، “
فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا.
” (
يو8/59
).

 
ولأنَّه المحبّ الأعظم فقد كانت شريعته هي شريعة السلام لا شريعة الحرب والسيف، فقد جاء بالحبِّ والسلام من السماء لذا هتفت الملائكة عند مولده قائلة “
الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ
” (
لو2/14
)، وكان السلام هو جوهر دعوته، فقد جاء ليعطي السلام للبشرية “
سلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.
” (
يو14/27
)، فقد كان هو، كما يقول الكتاب “

لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الِاثْنَيْنِ وَاحِداً، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ

” (
أف2/14
)، أو كما قال هو نفسه “
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ
” (
يو16/33
).

وكان يطلب من تلاميذه أنْ يبشِّروا بالسلام “
وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلاً:
سَلاَمٌلِهَذَا الْبَيْتِ.

” (
لو10/5
)، لذا قيل عنهم “
مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ
” (
رو10/15
). لم يطلبْ منهم أنْ يقدِّموا الإيمان بقوَّة الجيوش ولا بالدمار أو القتل إنَّما بالحبِّ والسلامِ، وقد أعطاهم أروع مثالاً عندما رفضت إحدي قُرَي السامرّيّين دخوله إليها لأنَّه كان متجهًا لأورشليم “
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا قَالاَ: «يَا رَبُّ أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضاً؟» فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ».

” (
لو9/54- 56
).

 
هل فعل أحد مهما كان مع أصدقائه أو أعدائه ما فعله المسيح؟ كلا، لأنَّ المسيح فقط هو المحبّ الأعظم!!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي