المعجزة الثالثة عشرة إقامة ابنة يايرس

21وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضاً إِلَى الْعَبْرِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. 22وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 23وَطَلَبَ إِليهِ كَثِيراً قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا». 24فَمَضَى مَعَهُ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ.

 

35وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟» 36فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ». 37وَلَمْ يَدَعْ أَحَداً يَتْبَعُهُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ. 38 فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجاً، يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيراً. 39فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لَكِنَّهَا نَائِمَةٌ». 40فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً، 41وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا قُومِي!» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ قُومِي). 42وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتاً عَظِيماً. 43فَأَوْصَاهُمْ كَثِيراً أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.(مرقس 5: 21-24 و35-43).

(وردت المعجزة أيضاً في متى 9: 18-26 و لوقا 8: 41-56).

 

شهدت مدينة كفرناحوم كثيراً من معجزات السيد المسيح، وهذه المعجزة (إقامة ابنة يايرس من الموت) حدثت في هذه المدينة.

 

لقد أقام المسيح ثلاثةً من بين الأموات في أماكن مختلفة وبعد أزمنة مختلفة من موتهم. أقام ابنة يايرس في البيت، وأقام ابن أرملة نايين عند باب المدينة وذلك في ذات يوم الوفاة. وأقام لعازر من بين الأموات، من القبر، بعد أربعة أيام من موته.

 

وهذه المعجزات الثلاث تُرينا ثلاث حالاتٍ للنفس الخاطئة البعيدة عن المسيح. الأولى نفسٌ خاطئة من الداخل، خطَأها في «البيت» لا يراه الذين هم من خارج، ولكنها ميتة بذنوبها وخطاياها، تحتاج لأمر المسيح «طليثا قومي».

 

والحالة الثانية نفسٌ خاطئة «في باب المدينة» خطاياها ظاهرة للجميع، مثل خطايا اللسان أو الأذن أو اليد أو العين. وهي نفسٌ تحتاج لأمر المسيح: «أيها الشاب، لك أقول: قُمْ».

 

وتتطور خطية الإنسان إلى الحالة الثالثة، إذ تصبح منتنة، عفنة، مزمنة، يراها الجميع. وهي مثل حالة لعازر الذي كان له في القبر أربعة أيام. وهي نفسٌ تحتاج لأمر المسيح: «هلم خارجاً».

 

وفي الحالات كلها نرى المسيح مقيم الموتى وباعث الحياة، لأنه الطريق والحق والقيامة والحياة.

 

أولاً – المحتاج والمعجزة

1 – المحتاج الأصلي:

هو الابنة التي ماتت. قال إنجيل متى إن يايرس قال للمسيح إنها «ماتت» ولكن إنجيل مرقس يقول إن يايرس قال: «ابنتي الصغيرة على آخر نسمة» ويصف إنجيل لوقا حالتها بأنها «كانت في حال الموت». والحقيقة هي أنه عندما ترك يايرس بيته كانت على وشك الموت، وعندما وصل إلى المكان الذي كان المسيح فيه لم يكن يدري إن كانت ابنته حيةً أو ماتت. فوصفها مرة بأنها ماتت، ومرة أخرى بأنها على وشك الموت، فقال: «ابنتي الصغيرة على آخر نسمة. ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتُشفى فتحيا». وكلمة «لتُشفى» لأنها مريضة، وكلمة «لتحيا» لأنها ماتت. فالرجل لم يكن متأكداً من حالة ابنته، فتحدَّث مرة عن خطورة حالتها وطلب شفاءها، ومرة أخرى تحدث عن موتها.

 

في مرات كثيرة يكون المحتاج للمسيح عاجزاً عن أن ينطق أو يعبّر عن احتياجه، مثل حالة ابنة يايرس، فيسخّر الرب شخصاً آخر ينوب عنه في توضيح حالته. وهناك خاطئ يعلم أنه يحتاج لرحمة المسيح. والخطاة الذين لا يدركون خطيتهم أخطأوا كثيراً فيئسوا من رحمة الرب، أو أن عيونهم عميت عن رؤية خطاياهم، ولذلك يحتاجون إلى شخص يبسط احتياجهم ويعلنه أمام عرش الرب.

 

فليعطنا الله النعمة لنعبّر عن حاجة الناس إلى المسيح، فنحدّثهم عن الرب، ونحدّث الرب عنهم بأن نصلي لأجلهم.

 

2 – المحتاج الثاني:

يايرس الكليم: كان يايرس المحتاج الثاني للمعجزة، وهو الذي عبَّر عن حاجة المحتاج الأول. ويايرس هو الاسم اليوناني للاسم العبري «يائير» (كما أن إلياس هو الاسم اليوناني للاسم العبري إيليا، ويونس هو الاسم اليوناني للاسم العبري يونان). ومعنى اسم «يايرس» في العبرية «ينير» وكان اسماً لأحد القضاة المعروف بيائير الجلعادي.

 

يايرس الذي رأى فآمن: كان يايرس رئيس مجمع اليهود في كفرناحوم، وكان للمجمع أكثر من رئيس. ولعل يايرس كان واحداً من الذين توجّهوا للمسيح، نيابة عن قائد المئة الذي يحب اليهود وقد بنى لهم المجمع، طالبين شفاء عبد قائد المئة (لوقا 7: 3). ورأى يايرس معجزة شفاء المريض، وقد شفاه المسيح من على بُعد، فأدرك قوة سلطان المسيح. وعندما فشلت محاولات الأطباء في مساعدة ابنته المريضة، قرر أن يذهب شخصياً ليخبر المسيح عن ابنته الوحيدة ذات الاثنتي عشرة سنة المشرفة على الموت.

 

يايرس العاجز الحزين: في مرات كثيرة يحاصرنا الرب بموقفٍ قاسٍ أو مأزق صعب، لا نجد لنا طريقاً للخروج منه إلا باللجوء إلى المسيح. ومن محبة الرب أنه يُدخلنا في ضيق ويُشعرنا بالعجز لنلجأ لمراحمه الإلهية. فالحزن والعجز وسيلتان يستخدمهما الرب لخيرنا دائماً.

 

يايرس المؤمن المتواضع: تصرَّف يايرس تصرف المتواضع مع المسيح، و «لما رآه خرَّ عند قدميه» في وقتٍ كان رجال الدين اليهود يرون في المسيح مجرد واعظ شعبي لم يتلقَّ التعليم اللاهوتي الذي يسمح له أن يحمل لقب «مُعلم». فكيف يسجد يايرس المثقف المتعلّم عند قدمي واعظٍ شعبي من الناصرة؟ – إنه التواضع.

 

وتصرف يايرس تصرّف المؤمن بالمسيح فقال له: «ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتُشفى فتحيا». لأنه رأى من قبل معجزاتٍ أجراها المسيح في كفرناحوم.

 

وتصرَّف تصرُّف اللَّجوج «طلب إليه كثيراً». فقد كان حزنه على ابنته ملحّاً، فألحَّ على المسيح في الطلب.

 

غير أننا نراه يتصرَّف تصرُّف الشجاع، إذ سجد للمسيح وطلب منه أمام الشعب، في وقت كان رؤساء اليهود قد صمّموا على قتل المسيح، لأن محبته لابنته دفعته لذلك.

 

ثانياً – المشاهدون والمعجزة

1 – أصدقاء يايرس:

بينما كان يايرس يتكلم جاء أصدقاؤه من داره قائلين: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟» (مرقس 5: 35). و لم يكن الأصدقاء كاذبين، بل كانوا ينقلون خبراً صحيحاً. لكن الحكم الذي أصدروه كان خاطئاً «لماذا تُتعب المعلم بعد؟» فالمعلم لا يتعب من عمل الخير، وليس الأمر «بعد» بمعنى أنه مضى، فما زال المسيح هو ربّ الماضي والحاضر والمستقبل. وأسرع المسيح يشجع يايرس بكلماته التي بعثت الأمل إلى قلبه بعد أن أضاعه أصدقاؤه، وقال له: «لا تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ» (مرقس 5: 36).

 

كثيراً ما نسمع من المحيطين بنا كلمات منطقية، لكنها لم تأخذ المسيح في الاعتبار، فتصيبنا أحكامهم باليأس والمرارة. ولكن شكراً لله، لأن المسيح يعيد إلينا الثقة ويبعث في نفوسنا الرجاء.

 

2 – النائحات المأجورات:

«فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجاً. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيراً» (مرقس 5: 38). ويقول متى: «وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ الرَّئِيسِ، وَنَظَرَ الْمُزَمِّرِينَ وَالْجَمْعَ يَضِجُّونَ، قَالَ لَهُمْ: تَنَحَّوْا»(متى 9: 23 و24). وكانت العادة استئجار نادبات وموسيقيين للبكاء على الأموات، وكان هناك عدد كبير منهم في بيت يايرس، يعزفون ألحاناً محزنة، ويردّدون أشعار رثاءٍ ونَدْبٍ ليثيروا مشاعر الحزن بتمزيق الثياب واللَّطم. وعندما قال المسيح لهم إن الصبيّة لم تمت لكنها نائمة انتقلوا من الحزن والبكاء إلى الضحك والسخرية من المسيح. فلم يكن حزنهم صادقاً، بل مأجوراً. كانوا معزّين متعبين. ما أقسى المشاعر الجوفاء لبعض المحيطين بصاحب كل موقف صعب.

 

ولم يعلن المسيح مجده أمام هؤلاء المأجورين بل أخرجهم جميعاً. فما أبعد الساخرين عن التوبة وعن الإيمان!

 

3 – التلاميذ تحت التدريب:

كان بطرس ويوحنا ويعقوب ضمن مشاهدي هذه المعجزة، وهم نفس الثلاثة الذين اصطحبهم المسيح معه على جبل التجلي (مرقس 9: 2)، وأخذهم معه في بستان جثسيماني (مرقس 14: 33) لأنه كان يدرّبهم تدريباً مكثَّفاً ليدرّبوا بدورهم بقية التلاميذ، وهكذا تنتقل المعرفة عن قوة وسلطان ومحبة المسيح إلى عدد أكبر من الناس. وحتى يومنا هذا نسمع: «وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاساً أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضاً»(2تيموثاوس 2: 2).

 

ثالثاً – المسيح والمعجزة

1 – المسيح المحب:

قبل إجراء معجزة إقامة ابنة يايرس في كفرناحوم كان المسيح قد شفى رجلاً يابس اليد في مجمع كفرناحوم، وكان اليوم سبتاً لا يعمل اليهود فيه «فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ» (مرقس 3: 6) لأنه كسر وصية حفظ السبت. ولا بد أن يايرس، رئيس مجمع كفرناحوم، كان ضمن هؤلاء القادة. ولم يضع المسيح في اعتباره تآمر يايرس وزملائه السابق عليه، مع أنه كان يمكن أن يقول له: «لما كانت الأمور تسير سهلةً معك كنت تريد قتلي، والآن وقد ساءت الأمور معك، لماذا تلجأ إليَّ؟». لكن ليس هذا هو المسيح، لأنه المحب، الذي لا نسمع منه رفضاً عندما تسوء حالتنا. فنحن نسرع إليه نشكو حالنا، ولكن عندما تتحسّن الظروف قد نسرع بالابتعاد عنه. غير أنه في الحالتين يقول لنا: «ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي» (مزمور 50: 15)

 

وفي طريق المسيح إلى بيت يايرس ليقيم ابنته المائتة، اتّجه قلبه المحب إلى محتاجةٍ للشفاء، إلى نازفة دمٍ، دار بينه وبينها حديث ليشجع إيمانها بعد شفائها، وليشجع إيمان يايرس قبل أن يصل إلى بيته ليقيم ابنته. لقد أوقف المسيح موكبه، رغم إلحاح احتياج يايرس، لأن كل أعمال المسيح محبة، فقد جاء ليخدم لا ليُخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين. إن أعمال الرب أعمال محبة مستمرة، وهي سلسلة متَّصلة من لمسات الخير من النبع الذي لا ينضب أبداً.

 

2 – المسيح المشجِّع:

رأى المسيح شرارة إيمانٍ في قلب يايرس فأضرمها لما قال له: «لا تخف. آمن فقط» يا لروعة المسيح، فهو يزيل آثار كلمات البشر المؤذية للنفس! كما نقرأ في إنجيل متى: «فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً. وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لا يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لا يُخَاصِمُ وَلا يَصِيحُ، وَلا يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لا يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لا يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ» (متى 12: 14-21 – مقتبسة من إشعياء 42: 3) فنفخ المسيح في إيمان يايرس الضعيف ليصبح قوياً، بأن شفى نازفة الدم في الطريق، ليشجع ويحيي في يايرس إيماناً كاد أن يموت.

 

وأطلق الرب على الموت اسم «النوم» وقال: «لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ» (متى 9: 24) وهو نفس وصف الموت في قوله عن لعازر: «لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ» (يوحنا 11: 11).

 

إن معنى كلمة «مقبرة» في اللغة اليونانية «مكان النوم». فهذا الذي تمنّاه اليونانيون ولم يحقِّقوه، حقّقه المسيح لنا، ليشجعنا لننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.

 

3 – المسيح المحيي:

أمسك يد الصبية الميتة، وقال لها: «طليثا قومي» ومعناه «يا صبية لك أقول قومي» وهي الكلمة الرقيقة التي توقظ الأم بها ابنتها من النوم في كل صباح – فيالرقّة المسيح المحيي حتى مع الجثة الميتة!

 

ويا لرقة المسيح المحيي مع الخاطئ الميت بذنوبه وخطاياه! «تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللّهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ» (يوحنا 5: 24). فيتحقق معهم قول الرسول بولس: «إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا.. الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ»(أفسس 2: 1-10).

 

ويا لرقة المسيح المحيي وهو يقيم المؤمن كل يوم من سقطاته وخطاياه حتى «إِذَا سَقَطَ لا يَنْطَرِحُ لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ» (مزمور 37: 24). ثم يعطيه ليأكل طعاماً روحياً يسنده ويشبعه، ليسير بقوة تلك الأكلة (1ملوك 19: 8).

 

ويا لرقّة المسيح المحيي عندما يجيء ثانية «يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ» (يوحنا 5: 28 و29).

 

فيا أيها القارئ، مُدّ يدك ليد المسيح، ليقيمك من موتك إلى عمل عظيم!

 

صلاة

أبانا السماوي، نشكرك من أجل المسيح الذي أقام الموتى، ولا زال يُقيم موتى الخطية بأن يمنحهم الحياة الأبدية بالميلاد الثاني، والذي سيقيم الموتى عند مجيئه ثانيةً ليدين العالم ويجازي كل واحد حسب عمله.

 

هَبْنا فيه الحياة المتجدّدة، الأبدية. باسم المسيح. آمين.

 

أسئلة

من هم الثلاثة الذين أقامهم المسيح من الموت؟

نرى في الثلاثة الذين أقامهم المسيح ثلاث حالات للنفس البعيدة عن المسيح – ما هي؟

كيف تفسّر قول يايرس للمسيح «ابنتي الآن ماتت» بحسب إنجيل متى، و «ابنتي الصغيرة على آخر نسمة» بحسب إنجيل مرقس، و «في حال الموت» بحسب لوقا؟

ما معنى اسم «يايرس»؟

لماذا يسمح الله لنا بمواقف قاسية؟

من هم الذين ضحكوا على المسيح لما قال إن ابنة يايرس «نائمة»؟

اشرح كيف أظهر المسيح محبته ليايرس؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي