3 – الآب يطلب أبناء لملكوته

(أ) التفتيش عن الضال- مثلا الخروف الضائع، والدرهم المفقود (لوقا 15: 1-10)

(ب) انتظار عودة الضال – مثل الابنين الأكبر والأصغر (لوقا 15: 11-32)

 

(أ) التفتيش عن الضال مثلا الخروف الضائع والدرهم المفقود

1وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. 2فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ: هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ. 3فَكَلَّمَهُمْ بِهذَا الْمَثَلِ: 4أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ، وَأَضَاعَ وَاحِداً مِنْهَا، أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟ 5وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحاً، 6وَيَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ وَيَدْعُو الأَصْدِقَاءَ وَالْجِيرَانَ قَائِلاً لَهُمُ: افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ. 7أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ. 8أَوْ أَيَّةُ امْرَأَةٍ لَهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، إِنْ أَضَاعَتْ دِرْهَماً وَاحِداً، أَلاَ تُوقِدُ سِرَاجاً وَتَكْنِسُ الْبَيْتَ وَتُفَتِّشُ بِاجْتِهَادٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟ 9وَإِذَا وَجَدَتْهُ تَدْعُو الصَّدِيقَاتِ وَالْجَارَاتِ قَائِلَةً: افْرَحْنَ مَعِي لأَنِّي وَجَدْتُ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَضَعْتُهُ. 10هكَذَا أَقُولُ لَكُمْ يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللّهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ. (لوقا 15: 1-10).

(ورد مثل الخروف الضائع أيضاً في متى 18: 12-14)

 

روى المسيح ثلاثة أمثال هي «الخروف الضائع» و «الدرهم المفقود» و «الابن الضال» رداً على النقد الذي وجَّهه إليه الفريسيون المتزمِّتون والكتبة العارفون بالشريعة، الذين تذمروا عليه لأنه يقبل خطاة ويأكل معهم. فقد كان جميع العشارين والخطاة يقتربون منه ليسمعوه، لأنهم شعروا بخطاياهم، ولم يجدوا في تعاليم شيوخ اليهود ما يرشدهم إلى طريق المصالحة مع الله، بينما وجدوا عنده قبولاً، وسمعوا في تعليمه ما ملأ نفوسهم بالأمل في الغفران الإلهي، بعد أن كانوا يظنون أنهم مرفوضون من السماء والأرض!

 

لقد رأى المتديِّنون والخطاة معاً كيف سمح المسيح لامرأة خاطئة أن تبل قدميه بالدموع وتمسحهما بشعر رأسها، وتقبِّل قدميه وتدهنهما بالطيب، فقال سمعان الفريسي: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيّاً لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ» (لوقا 7: 37-39). كما سمع المتدينون والأشرار معاً المسيح وهو يقول لزكا العشار الخاطئ: «يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ» فأسرع زكا وقبله فرحاً. فلما رأى الجميع ذلك تذمروا قائلين: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئٍ» (لوقا 19: 5-7).

 

وقال شيوخ اليهود إن المسيح الذي يجلس مع الأشرار لا بد أن يكون منهم، وإن شبيه الشيء منجذبٌ إليه، وإن الإنسان يُعرَف من أصحابه. ولم يفهموا قوله: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى… لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ» (متى 9: 12، 13)، وتغافلوا قول الله: «لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا… وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ» (حزقيال 34: 11، 16). وعندئذٍ شرح المسيح طبيعة رسالته، وهي طلب البعيد والتفتيش عن الضال.

 

وتصوِّر لنا هذه الأمثال الثلاثة محبة الله، فالخروف الضائع والدرهم المفقود يرياننا المحبة التي تحتمل كل شيء وهي تطلب الضال وتفتش عليه، أما مثل الابن الضال فيرينا محبة الله التي تنتظر عودة الضال وترحِّب به عند رجوعه، «وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْ» (1كورنثوس 13: 7).

 

ونرى في الأمثال الثلاثة عُمق شقاء الخاطئ، فيُرينا مثل الخروف الضائع غباوة الخاطئ الذي يترك المرعى الأخضر ليضيع في أرض الجوع، معرِّضاً نفسه لافتراس الذئاب وذبح اللصوص. ويرينا مثل الدرهم المفقود الخاطئ غير العاقل الذي يضل ولا يدري أنه ضل، فيُدفَن تحت التراب. ويرينا مثل الابن الضال الخاطئ الثائر على الله.

 

وفي الأمثال الثلاثة نرى شرحاً واضحاً لخُطة المسيح لخلاص البشر، وردّ المسيح على المتعصِّبين المتكبِّرين، وتشجيعاً قوياً للتائبين الراجعين إلى الله.

 

فتعالوا نتأمل تصويراً مؤلماً للضياع، واهتماماً جاداً في التفتيش، وحفلاً مليئاً بالابتهاج.

 

أولاً – الضياع المؤلم

1 – ضياع الخروف:

تشتهر الخراف بسرعة الضلال، فهي تتبع أي خروف من القطيع دون أن تنتبه إلى توجيهات الراعي. وهي لا تعرف كيف ترجع، كما أنها لا تقدر أن تحمي نفسها من المخاطر. ويقول الوحي إن الخاطئ يشبه الخروف الضال: «كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ» (إشعياء 53: 6). ويصفهم النبي إرميا بقوله: «أَمَّا أَنَا فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُمْ مَسَاكِينُ. قَدْ جَهِلُوا لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الرَّبِّ» (إرميا 5: 4). ويحدِّثنا الرسول بطرس عن حماقة الأثمة، ويذكر بلعام كنموذج لهم، فيقول: «تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ. وَلكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقاً بِصَوْتِ إِنْسَانٍ» (2بطرس 2: 15 و16 – قصة بلعام وحماقته في سفر العدد 22-24). وكان «ديماس» أحد الذين ضلوا عن الراعي الصالح بعد أن اختبر صلاحه، بالرغم من أنه كان من صحابة الرسول بولس، فكتب عنه يقول: «دِيمَاس قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ» (2تيموثاوس 4: 10). وقال الرسول بولس عن بعض الضالين: «لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَاراً، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضاً بَاكِياً، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ» (فيلبي 3: 18).

 

وعندما يضل الخروف يفقد رعاية الراعي وعنايته الحكيمة، ولا يجد المرعى الآمِن والماء المروي، ويعرِّض نفسه لمخاطر القفر وسط الأشواك والذئاب واللصوص، دون أن يُدرك مقدار الخطر الذي يتعرَّض له. ولكن الراعي الصالح في محبته ورعايته لا يترك الضائع، لأنه مرتبطٌ به عاطفياً، فقد رآه وهو يولد، واعتنى به، وسيعتني بنسله. ولهذا يذهب ليفتش عنه بغير كلل إلى أن يجده، مع أن هذا الضائع هو الذي آذى نفسه.

 

وبالمعنى الروحي يرى «الراعي الصالح» بداية الإنسان الذي خلقه على صورته ليعيش معه لكنه ضل عنه، فشوَّهته الخطية، ويرى حاضره السعيد لو أنه رجع إلى حظيرته فوجد الأمان والطعام، ويرى مستقبله إذ يصبح عضواً صالحاً في ملكوت الله، يهدي غيره، ويكون مصيره حياةً أبدية. ولهذا يفتش على الواحد الضال.

 

2 – ضياع الدرهم:

ضاع الخروف خارج نطاق رعاية الراعي، وضاع الدرهم في البيت وسط القش أو في التراب، ولو أن هذا الضياع لم يمحُ الصورة المنقوشة عليه، والتي تميِّزه وتوضح قيمته. كان الدرهم واحداً من عشرة دراهم نظمتهم المرأة عقداً تتزيَّن به وتدَّخره، فكان ضياعه تشويهاً للعقد وتنقيصاً لقيمته. والأغلب أنها «شبكة» عريسها لها، أو هديته لها يوم زواجهما. وكان انفراط العقد، أو ضياع درهمٍ منه يؤلمها عاطفياً لأنه رمز ارتباطها بمن تحب، ولأنها كانت تعتبر الضياع فألاً سيئاً يؤذن بموت زوجها، أو طلاقها منه. فكانت خسارة الدرهم مادية ومعنوية معاً.

 

ويضيع الإنسان وهو يجري وراء المال أو الشهوة، فلا يرى العلامات الإرشادية التي تحدِّد له الاتِّجاه الصحيح وطريق السير الآمِن، متغافلاً النصيحة الإلهية: «أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ» (مزمور 32: 8). وهو بهذا يضيِّع نفسه ويضيِّع أسرته، ويخسر صلته بإلهه، وهو يجهل أنه ضائع.

 

ثانياً – التفتيش الجاد

كشف لنا المسيح أن الضائع لا ولن يُنسى، فلا بدَّ أن «صاحبه ومالكه» سيفتش عليه، لأنه يعتبره ذا قيمة كبيرة. لهذا بذل الراعي والسيدة غاية جهدهما في التفتيش. ولم يكن تفتيشهما روتينياً ولا مجرد تأدية واجب، لكنه كان بعزم وإصرار «حتى يجده» و «حتى تجده».

 

أحب الراعي خروفه الضائع، فلم يقُل إنه مجرد واحد من مئة، بل ترك التسعة والتسعين وذهب يفتش عن هذا الواحد. وفي بحثه ثابر وهو يصعد جبلاً وينزل وادياً ويدوس على أشواك وأحجار تُدمي قدميه. إنه صورة باهتة للمسيح المصلوب، الذي أدمته مسامير اليدين والرجلين وإكليل الشوك وطعنة الحربة، ولكن هذا كله لم يثنِه عن إصراره على تخليص الضالين، فهو يبحث عنهم دائماً ويقول: « أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ مُبَكِّراً وَمُرْسِلاً قَائِلاً: ارْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَأَصْلِحُوا أَعْمَالَكُمْ، وَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدُوهَا، فَتَسْكُنُوا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ» (إرميا 35: 15). ويظل يدعو الضال حتى يسمع ويفتح باب قلبه!.. وفتشت المرأة بلهفة، دون أن تنتظر إلى الصباح، فأضاءت المصباح، وجعلت تبحث وهي تكنس كل ركن من أركان البيت، وفعلت كل هذا بلا تردد ولا تذمر ولا توقُّف، إلى أن وجدت درهمها المفقود.

 

البحث عن الضال هو إرادة الإله الذي يحب البشر، وهو المنطق السليم، فقد سأل المسيح سامعيه من اليهود الذين يحفظون السبت بتزمُّت: «مَنْ مِنْكُمْ يَسْقُطُ حِمَارُهُ أَوْ ثَوْرُهُ فِي بِئْرٍ وَلاَ يَنْشِلُهُ حَالاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ؟» (لوقا 14: 5) فإن انتشال الغريق والبحث عن الضال المعرَّض للخطر أهم من طقوس حفظ يوم السبت. و بسبب حبه للخطاة عاد يسأل منتقديه: «أي إنسان منكم له مئة خروف وأضاع واحداً منها.. أو أية امرأة لها عشرة دراهم، إن أضاعت درهماً واحداً؟». وأراد بتساؤله أن يفتح بصيرتهم ليدركوا قيمة النفس الإنسانية الخالدة التي تفوق قيمة الخروف والدرهم!

 

ويعلّمنا المثلان أن الله يملك البشر جميعاً لأنه خلقهم، ولأنه يعتني بهم، ثم لأن المسيح افتداهم «بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (1بطرس 1: 19).. ولما كانوا مِلكه فهم أعزّاء عليه، يدعوهم أولاده. فليس الله خالقاً فقط، ولا هو اسم عَلمٍ مجرَّد بعيد عن خليقته، ولا هو مجرد حضور باهت في الخلفية البشرية، بل هو أبٌ قبل أي شيء. والأب يفرِّط في جبل من الذهب ولا يفرط في ابن واحد له. لقد سُئل أعرابي عن أحبّ أولاده إليه، فأجاب: «صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يُشفى، وغائبهم حتى يرجع». فإن كانت هذه مشاعر أبٍ أرضي، فكم تكون مشاعر الآب السماوي!

 

ثالثاً – حفل الابتهاج

الحياة المسيحية حياة فرح عظيم، هو فرح الراعي الذي وجد خروفه الضائع، والمرأة التي وجدت درهمها المفقود. وهي في الوقت نفسه حياة فرح الضال الذي وُجد، فالخروف حُمل على الكتفين وأُعيد إلى الأمان مع باقي القطيع، والدرهم عاد إلى مكانه مع سائر الدراهم حول عنق المرأة. ودعا الراعي، كما دعت المرأة الأصدقاء والجيران ليشاركوهما الفرح العظيم.. ويُضيف المسيح إلى هذه الأفراح بُعداً رابعاً، هو فرح ملائكة السماء بعودة الضال لأنه «هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة.. هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب»، فالملائكة يعرفون قدر النفس البشرية الثمين، ويدركون محبة الله للبشر، ويفهمون الأشواق الإلهية لتوبة الضالين، ويقدِّرون عظمة النجاة من عذاب النار، وروعة الحياة في النعيم في محضر الله، ويشتاقون إلى امتلاء السماء بربوات العائدين من أرض الضلال إلى الحياة مع الله.

 

كان اليهود يقولون إن السماء والأرض تفرحان بخاطئ واحد يهلك لأن الأرض تستريح من شره. ولكن المسيح يعلمنا أنهما تفرحان بتوبته، فتستريح الأرض من شره، لا لأنه هلك، بل لأنه تاب، فإن «مُخَلِّصنَا اللّه، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 3، 4).

 

وقد كان هذا الفرح مكلفاً للراعي وللمرأة، كما أن فرح السماء بالتائب مكلف، فيقول إشعياء النبي الإنجيلي عن الراعي الصالح: «مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ… لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا… وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا… الرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا… أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ» (إشعياء 53: 3-6 و10).

 

ويعلن لنا مثل الخروف الضائع محبة الله التي لا تعرف حدوداً، فقد حمل الراعي خروفه «على منكبيه». والخروف دائماً يقاوم الحَمْل على كتفي الراعي، ويحاول جاهداً أن ينزل إلى الأرض، فيُتعِب الراعي ويُتعِب نفسه. ولكن الراعي الذي يدرك مصلحة الخروف أكثر من إدراك الخروف لها يمسك به، ويبقيه على كتفيه حتى يصل به إلى الأمان.. وما أكثر ما يفعل التائبون الشيء نفسه مع الرب الذي يحملهم، فيحاولون أن يستقلوا عنه. ولكنه يريدهم أن يعتمدوا عليه، لأنهم بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئاً (يوحنا 15: 5). فلنتكل عليه، قائلين مع المرنم: «يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ» (مزمور 23: 3).

في هذين المثلين شرح المسيح خطته في خلاص البشر، وردَّ على المتعصِّبين والمتكبِّرين الذين انتقدوه. أما كل من يشعر أنه خاطئ ويرجع تائباً فإنه يقبله ويغفر له.. فليفحص كل واحدٍ منّا نفسه: هل يسير وراء الراعي المحب، أم هل هو في طريق الضلال؟ «وَأَنْتَ فَارْجِعْ إِلَى إِلَهِكَ» (هوشع 12: 6).

 

سؤالان

ما هي التهمة التي وجَّهها شيوخ اليهود للمسيح؟ اذكر برهانين قدَّموهما على هذه التهمة، واذكر ردَّ المسيح عليها كما جاء في متى 9: 12 و13.

لماذا فتَّش الراعي عن خروفه الضائع؟ ولماذا يفتش الله على الخاطئ الضال؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي