ما هي نظرة الفلاسفة والمؤرخين والنقاد للمسيح؟

 

كتب الكثيرون من الكتَّاب الغربيِّين من نُقَّاد وفلاسفة ومؤرِّخين وعلماء اجتماع وغيرهم من غير المتبحِّرِين في العلوم اللاهوتيَّة بعض الكتابات التي احتوت علي آراء خاصَّة بهم من جهة شخص الربّ يسوع المسيح والتي نظروا فيها للمسيح كأسمي وأعظم شخصيَّة وُجِدَت علي الإطلاق. كما تكلَّم بعض هؤلاء عن المسيح كالأقل تأثيرًا ونفوذًا من الناحية الدنيويَّة الماديَّة والسياسيَّة والحربيَّة لأنَّه لم يكن قائدًا سياسيًا ولا عسكريًا مع عدم نفيهم لسِمُوِّه وعظمته الروحيَّة كأعظم شخصيَّة ذات تأثير روحيّ علي الإطلاق. وقد تُرْجِمَت بعض هذه الكتب التي من النوع الأخير إلي العربيَّة وهلَّل لها البعض لأنَّها وضعت غير المسيح كالأكثر تأثيرًا من الناحية الماديَّة الدنيويًّة، خاصَّةً السياسيَّة والحربيَّة، بالرغمِ من عدم نفيها لعظمة وسِمُوّ المسيح كالأعظم والأسمي أخلاقيًا وروحيًا!! ومن هذه الكتابات؛ كتاب ” أعظم مائة شخصيَّة مؤثِّرة في التاريخ ” الذي كتبه الأمريكيّ،
غير المتخصِّص في اللاهوتيَّات
، مايكل هارت، والذي كتب قائمة تضمّ مائة شخصيَّة كان لها، من وجهة نظره، تأثيرها الدنيويّ والماديّ في التاريخ، بصرف النظر عن قيمتها الروحيَّة والأخلاقيَّة، سواء كانت شخصيَّات صالحة أو شرّيرة، المهم هو تأثيرها علي أكبر عدد ممكن من الناس. وقد وضع فيها الربّ يسوع المسيح رقم ثلاثة في الترتيب.

 وبالرغم من أنَّ هذا الكتاب لم يلتفت إليه أحدٌ سواء في أمريكا أو في الغرب ولم يهتمْ به أحد، فقد هلَّل له البعض هنا وتُرْجِمَت أجزاء منه إلي العربيَّة أكثر من مرَّة بل واستخرج منه أحد الكتاب كتاباً آخر!! نقَّحه علي هواه. ولكن إنصافاً للحقيقة نقول أنَّ مايكل هارت نفسه يُؤَكِّد علي عكس ما يراه هؤلاء:

(1) فهو يُؤكِّد علي أنَّه لا يقدِّم لائحة بمن هو الأعظم والأسمي روحياً وأخلاقياً، بل من هو الأكثر نفوذاً مهما كانت أفعاله، سواء كانت صالحة أم شرِّيرة!! فيقول في المقدمة “

يجب أنْ أؤكِّد بقوَّةٍ أنَّ هذه اللائحة هي قائمة الشخصيَّات الأكثر نفوذًا في التاريخ،
وليست لائحة أكثرهم عظمة… مثلاً يجد المرء مكانًا في لائحتي لرجلٍ كبيرِ النفوذ
عديم الاستقامة والإحساس نظير ستالينولكنك لا تجد مكانًا للقدِّيسة الأم كابريني. إنَّ هذا الكتاب يدور فقط حول السؤال: ما هي المائة شخصيَّة التي كان لها أكبر الأثر علي التاريخ وسير العالم؟… إن هذه اللائحة من الشخصيَّات الفذَّة –
سواء كانت نبيلة أو طالحة يلحقها اللوم، أكانت شهيرة أم غير معروفة، برَّاقة أم متواضعة تبقي لا محالة مشوّقة

“!!

 
وهنا يُؤكِّد هارت أنَّ ترتيبه لا يعتني لا بالعظمة ولا بسموّ الأخلاق! بل يعتني فقط بالتأثير علي أكبر عدد ممكن من الناس في أزمنة وأماكن مختلفة سواء كان تأثيرها سلبيًا أو إيجابيًا، خيراً أم شراً!!

(2) ويُؤكِّد هارت علي أنَّ وضعه للربِّ يسوع المسيح كرقم ثلاثة في قائمته لا يعني أنَّ الأوَّل أو الثاني أعظم منه روحيًا أو أخلاقيًا، بل يقول ” لا الصيت ولا الموهبة (العبقريَّة) ولا سموّ الأخلاق ترادف النفوذ. وهكذا لم يوضع في هذه القائمة أي من بنيامين فرانكلين ومارتن لوثر كنج وبيب روث وحتى ليوناردو دافنشي…
ومن جهة أخري، لا يكون النفوذ دائمًا إيجابيًا أو بنيَّة سليمة أنَّ عبقريًا شريرًا مثل هتلر وارد في هذه اللائحة“!!

ولذا فقد قال صراحة في أنَّه
لم يفكرأنَّ الأوَّل


كان رجلاً أعظم من يسوع
“.

ولم يقل أحد أنَّه وُجِدَ علي الأرض مَنْ هو أعظم مِنْ الربِّ يسوع المسيح.

 وما جعل هذا الرجل، مايكل هارت، لا يضع الربَّ يسوع كالأوَّل في هذه القائمة باعتباره الأسمي والأعظم روحيًا وأخلاقيًا هو عدم فهمه لحقيقة المسيحيَّة بالرغم من أنَّه مسيحيّ كاثوليكيّ! فهو ليس من رجال الدين ولا من علماء اللاهوت ولا أعتقد أنَّه تمكَّن من قراءة المسيحيَّة أو غيرها قراءة تجعل لأرائه قيمة في هذا المجال، فهو متخصِّص في علوم الرياضيَّات والفُلك والشطرنج ومحامٍ ولكن ليست لديه دراية تُذكر لا بالكتاب المقدَّس ولا بالكتب الدينيَّة الأخري سواء كانت مسيحيَّة أو غير مسيحيَّة. ومن هنا جاء عدم فهمه لحقيقةِ المسيحيَّة إذ تصوَّر أنَّ عدم قيام المسيح بدورٍ سياسيّ أو عسكريّ أو كتابته لكتابٍ يُقَلِّل من دوره في تأسيس المسيحيَّة ونسب الفضل الأكبر في تأسيس المسيحيَّة للقدِّيس بولس!! دون أنْ يدري أنَّ كلّ ما كُتِبَ في العهد الجديد هو عن شخص المسيح وحقيقة ربوبيَّته للكون وفدائه الأبديّ الذي قدَّمه للبشريَّة، كقول الكتاب المقدس “
وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ.
وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ

.” (
يو20/30-31
).
ما أنَّ المسيح لم يأتِ ليكون له نفوذ ماديّ بل كان هو ربّ الكلّ ومملكته سمائيَّة روحيَّة فهو ملك الملوك وربّ الأرباب كقوله “
مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ.
” (
يو18/36
).
وأنَّ بولس الرسول لم يكنْ إلاَّ رسولاً للمسيح يعمل ما يُوَجِّهه به ويُرشده الربُّ يسوع المسيح “
بُولُسُ، رَسُولٌ لاَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ
” (
غل1/1
).

 
ولذا فنحن نرفضُ أمثال هذه الكتابات التي لم تفهم طبيعة شخص المسيح ولا طبيعة رسالته الروحيَّة والأخلاقيَّة والفدائيَّة السامية وتضعه في قائمة واحدة مع شخصيَّات شرِّيرة ودمويَّة من أمثال ستالين الدمويّ الرهيب الذي غدر بكلِّ أصحابه قبل أعدائه وهتلر النازيّ الذي دمَّر بلاده وكان السبب في قتل ملايين الناس وجنكيز خان الدمويّ الذي كان يقتل بلا شفقة أو رحمة!! فما يقوله هذا الكاتب يُخالف تمامًا كلّ ما كُتب عن المسيح سواء من المؤمنين بلاهوته أو غير المؤمنين به. بل ويُخالف ما رآه الفلاسفة العقلانيُّون والماديُّون وغير المؤمنين بالوحي أو وجود اللَّه والنُقاد في شخص المسيح والذين نظروا إليه نظرات خاصَّة تراوحت بين قولهم أنَّه الكائن أو الإنسان السوبر الذي لم يُوجد له مثيل عبر التاريخ، سواء في أسلوبه وأخلاقه أو في تعاليمه التي فاقت ما يُمكن أنْ يُنادِي أو يُعلِّم به بشر!! وبين قولهم أنَّ شخصيَّة بهذا الكيان والأسلوب لا يُمكن أنْ تكون قد وُجدت في التاريخ وإنما هو أسطورة من الأساطير!!


(1)



(1)



يقول


Bruce M. Metzger


المتخصص في النقد النصي للكتاب المقدس “لا يوجد اليوم عالم مقتدر ينكر تاريخية يسوع المسيح”

.

 

 وفيما يلي بعض ما قيل عن المسيح من شخصيَّات وُصف بعضها بأنَّها عظيمة، وشخصيَّات أخري لها مكانتها في مجالات الأدب والفلسفة والحضارة والتاريخ:

 
قول نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا بعد تقاعده
” أنت تتحدث عن قيصر والاسكندر وغزواتهم وعن الحماس الذي أشعلوه في قلوب جنودهم، ولكن هل يمكن أنْ تفهم أنَّ رجل ميت يقوم بغزوات بجيش أمين ومُكرَّس كليَّةً لذكراه؟ لقد نسيتني جيوشي حتي وأنا علي قيد الحياة مثلما نسي الجيش القرطجني هانيبال، هذه هي قوتنا
“.

 “
أنا أعرف البشر وأقول لكم، أنَّ يسوع المسيح ليس مُجَرَّد إنسان، فلا يُوجَد بينه وبين أيّ شخصٍ بشريّ آخر في العالم لفظ
term
مناسب للمقارنة. فقد أسَّسنا، أنا والإسكندر وقيصر وشارلمان، إمبراطوريَّات، ولكن علي أيّ أساس اِستقرَّ ما خلقته عبقريَّتنا؟ علي القوَّة. ولكن يسوع المسيح أسَّس إمبراطوريَّته علي الحبِّ؛ وحتي هذه الساعة يموت الملايين لأجل اسمه
“.

 “
لقد بحثت في التاريخ لأجد مثيل ليسوع المسيح أو أيّ شيء يمكن أنْ يقترب من يسوع المسيح أو الإنجيل دون جدوي، فلا التاريخ ولا الإنسانيَّة ولا الدهور ولا الطبيعة قدَّمت لي أيّ شيء يمكن أنْ أقارنه أو أشرحه. هنا (في المسيح) كلّ شيء غير عاديّ
“.

 
وقال ول ديورانت المؤرِّخ والفيلسوف المعاصر كاتب كتاب فلسفة الحضارة وسلسلة تاريخ الحضارة عندما سئُل:


ماذا كانت قمَّة التاريخ؟ ” فأجاب ” السنوات الثلاث التي مشي فيها يسوع الناصري على الأرض
“.

 
وقال كارنيجي سيمبسون “
يسوع ليس واحدًا من جماعات العالم العظيمة. تحدَّث عن الإسكندر العظيم وتشارلز العظيم ونابليون العظيم إذا أردت… ولكن يسوع ليس من هؤلاء – فهو ليس العظيم بل هو وحده الأعظم
“.

 
وقال الكاتب البريطاني ه. ج. ويلز (1866 – 1946م) “
في حكم طيباريوس قيصر نهض من اليهوديَّة مُعَلِّم عظيم ليُحَرِّر الإدراك الجامد للبرِّ ووحدانيَّة اللَّه غير المتغيِّرة واحتياج الإنسان الأخلاقيّ للَّه… وكان هذا يسوع الناصريّ… ولا عجب فإنَّ هذا الجليليّ حتي هذا اليوم أكبر بكثير من قلوبنا الصغيرة
“.

 وقال أيضًا عندما سُئل “
من هو الشخص الذي ترك أعظم انطباع دائم علي التاريخ؟
“: ” ذلك يحكم علي عظمة الشخص بالمقياس التاريخيّ “: “

وبهذا المقياس، يقف يسوع الأوَّل

“. ثم يقول “
أنا مؤرِّخ، ولست مؤمنًا، ولكن يجب أنْ أعترف كمؤرِّخٍ أنَّ هذا المُعلم الذي من الناصرة والذي لا يملك شيء
penniless
هو مركز التاريخ الذي لا ينسخ
. يسوع المسيح هو الشخص الأعظم سيادة في كل التاريخ

“.

 

كان يسوع المسيح هو الشخص
الأعظم تفرّدًا في التاريخولا يمكن لإنسان أنْ يكتب تاريخ السلالة البشريَّة دون أنْ يُعطي المكانة العظمي للمُعلِّم الناصريّ الذي لم يكنْ يملك شيئًا

“.

 
وقال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو “
إنَّ يسوع المسيح بطل الإنجيل
هو فوق البشر. وإذا كانت حياة وموت سقراط هي حياة وموت فيلسوف حكيم،
فحياة يسوع المسيح وموته هي حياة إله وموته

“!!

 
وقال المؤرِّخ والعالم اللغويّ الفرنسيّ رينان، أحد زعماء المدرسة النقديَّة، عن المسيح “

كان يسوع أعظم عبقريَّة دينيَّة عاش أبدًا. فجماله أبديّ، وحكمه لن ينتهي أبدًا. يسوع فريد في كلِّ شيء ولا يمكن أنْ يُقارن به شيء

“.

 

كل التاريخ لا يمكن أنْ يُقارن بدون يسوع
“!!

 “
مهما كانت مفاجآت المستقبل فلن يتفوَّق أحدٌ علي يسوع
“.

 “
حقا بدا يسوع هنا ابن اللَّه، لأنَّه نطق لأوَّلِ مرَّة بالكلمةِ التي يرسخ عليها أساس الدين الخالد. لقد وطَّد أساس العبادة النقيَّة التي تتسامي فوق الأزمان والأوطان، والتي سوف تتمرَّس بها النفوس الرفيعة إلي منتهي الدهرِ.
وقد أصبح دينه منذ ذلك الوقت لا دين البشريَّة فحسب بل الدين علي الإطلاق. وإنْ يكن ثمة كواكب آهلة بأناسٍ ذوي عقول وأخلاق بخلاف الأرض، فلا سبيل لهم أنْ يدينوا بدين يفوق سموًا ذاك الدين الذي أعلنه يسوع المسيح علي بئر يعقوب… إنَّ الدين الحقيقيّ يبقي أبدًا من صنع يسوع المسيح
وليس للبشر فيما بعد إلاَّ أنْ يشرحوا ما فاه به من مبادئ وتعاليم

“.

 “
سوف يبقي يسوع المسيح مبعث يقظة أخلاقيَّة للبشرِ لا يخبو نورها لأنَّ الفلسفة وحدها لا تكفي البشر، فإنَّهم بحاجة إلي القداسة
“.

 “
ألاَّ إجلس الآن هانئًا في مجدك يا دليلنا الساميّ إلي اللَّه. أمَّا الآن وقد تحرَّرت من قيود الضعف ستشهد من أعلي مقرَّك الإلهيّ نتائج أعمالك اللامتناهية. أنَّ العالم سيبقي مدينًا لك إلي آلاف السنين… سوف تبقي حيًا محبوبًا بعد موتك أكثر مما كنت في حياتك علي الأرض. سوف تبقي حجر الزاوية من البشر بحيث يستحيل محو اسمك من العالم دون أنْ يُنزع الكون وينهار. فيا قاهر الموت ألاَّ استلم زمام ملكوتك، حيث سلك منذ الآن علي الطريق الملوكيّ الذي شققته، آلاف من عبادك
“!!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي