تميَّز المسيح بكونه علام الغيوب

 

هناك إجماع علي أنَّ اللَّه وحده هو علام الغيوب، هو وحده يعلم الخفيَّات والظاهرات، وهو غير المحدود في العلم والمعرفة، كلِّيّ العلم والمعرفة. ولكن الكتب تقول أنَّ المسيح، أيضًا، علام الغيوب وأنَّه قال للجموع أنَّه يقدر أنْ يُنْبِئهم بما يأكلون وما يدَّخرون في بيوتهم. والكتاب المقدَّس يقول أنَّه، المسيح، يعلم كلّ شيء ولا يخفي عليه شيء ويقول عنه “
عَيْنَاه كَلَهِيبِ نَارٍ
” (
رؤ1/14؛2/18؛19/12


وأنَّه هو “
الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَِ
” (
رؤ2/23
).
وأنَّ علمه للغيب لم يكنْ جزئيًا لبعض الأحداث أو لأحد المواقف، أي يعلم بعض الأمور ولا يعلم البعض الآخر، بل كان علمه علمًا كليًا بصورةٍ مطلقةٍ، يعلم كلّ شيء ولا يخفي عليه شيء. يعلم الماضي والحاضر والمستقبل، ما كان في الماضي وإلي الأزل وما هو كائن في الحاضر وما سيكون في المستقبل وإلي الأبد. يعلم كلّ ما يدور في الخفيَّات وما يدور في الصدور وكل ما يدور في كلِّ مكان وزمان في الكون.

 
يقول الكتاب عن معرفته المطلقة بالإنسان “
فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ
” (
مت9/4؛مت12/25
)، “
فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ
” (
مت22/18
)، “
لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ.
” (
يو2/24
)، “
لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ الإِنْسَانِ لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ.
” (
يو2/25
). كما كشف ما سيحدث في المستقبل لتلاميذه “
هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ.
” (
مت24/25
)، “
أَقُولُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ
.” (
يو13/19
)، “
وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ
.” (
يو14/29
). ووصف لهم كلّ ما سيحدث لهم بعد صعوده وما سيحدث للكنيسة حتي وقت مجيئه الثاني في مجد “
سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ. وَسَيَفْعَلُونَ هَذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي. لَكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ.
” (
يو 16/24
).

 
وعندما قابل تلميذه نثنائيل أكَّد له أنَّه رآه وهو تحت التينة قبل أنْ يأتي إليه “
فَقَالَ نَثَنَائِيلُ: «يَا مُعَلِّمُ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ! أَنْتَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!» أَجَابَ يَسُوعُ: «هَلْ آمَنْتَ لأَنِّي قُلْتُ لَكَ إِنِّي رَأَيْتُكَ تَحْتَ التِّينَةِ؟ سَوْفَ تَرَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا!»
” (
يو1/48-49
)، وكشف أسرار المرأة السامريَّة “
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا» أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ: «لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!
” وأسرعت هي لتقول للناس “
هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟
” (
يو4/16-19،29


وكان يعلم من سيؤمن به ومن لا يؤمن ؛ “
لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ.
” (
يو6/64
). وكان يعلم من هو الذي يسلمه “
لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ
” (
يو13/11
).

 

وعند دخوله أورشليم “
أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ.
” (
مر11/1-2
)، كان يعلم ما سيلاقيانه بكلِّ دقَّة. وعندما أرسل اثنين من تلاميذه ليُعِدَّا له الفصح شرح لهما كل ما سيلاقيانه بالتفصيل “
فَأَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُلاَقِيَكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. اتْبَعَاهُ. وَحَيْثُمَا يَدْخُلْ فَقُولاَ لِرَبِّ الْبَيْتِ: إِنَّ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ: أَيْنَ الْمَنْزِلُ حَيْثُ آكُلُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي؟
” (
مر14/13-14
). وعرف أنَّ بطرس سينكره ثلاث مرات قبل أنْ يَصيح الديك مرتَين ” فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «
الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ».
” (
مر14/30
).

 كما كان يعرف ما سيحدث له في أيَّامه الأخيرة علي الأرض من صَلْب ومَوْت بالجسد وقيامته من الموت ومقابلته لتلاميذه بعد قيامته وصعوده إلي السموات وحلول الروح القدس علي تلاميذه، وشرحه لتلاميذه بالتفصيل؛ “
مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ
. ” (
مت16/21
)، “
وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ
“(
مت20/19
)، “
وَلَكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ
” (
مت26/32؛مر14/28
)، “
فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِداً إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً!
” (
يو6/62
)، “
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي.
” (
يو7/33
). وبالتجربة عرف تلاميذه أنَّه يعلم كلّ شيء ولا يخفي عليه شيء “
اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهَذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللَّهِ خَرَجْتَ
” (
يو16/30
).

 فهل كان أحد من الأنبياء يعلم الغيب مثل المسيح الذي لم يكنْ يُخفي عليه شيء سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل؟ والإجابة؛ كلا، هو وحده علام الغيوب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي