المعجزة الثامنة عشرة شفاء ابنة الفينيقية

21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً». 23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلامِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26 فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلابِ». 27 فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلابُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». 28 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ
(
متى 15: 21-28).

(وردت المعجزة أيضاً في مرقس 7: 24-30).

رحَّب المسيح بالناس جميعاً، أفراداً وجماعات. مرة التقى في حديث فردي مع رجل دين يهودي، هو نيقوديموس، وكلَّمه عن الولادة الجديدة. ومرة أخرى التقى في حديث فردي مع امرأة سامرية ساقطة، وقدَّم لها الماء الحي (يوحنا 3، 4).

 

وشفى المسيح يهوداً ووثنيين. شفى غلام قائد المئة (متى 8) كما شفى ابن خادم الملك (يوحنا 4).

 

والمعجزة التي نتأملها الآن هي معجزة شفاء ابنة سيدة أممية وثنية، كانت مريضة مجنونة، تسكنها الأرواح الشريرة، فجاءت أمها إلى المسيح تطلب منه أن يشفيها – فقد كان بؤس الإبنة هو بؤس الأم.

 

ويصف متى المرأة بأنها «كنعانية» لأنها – وكل سكان فينيقية – من نسل كنعان حفيد نوح. ويصفها مرقس بأنها «أممية» بسبب دينها الوثني، فإنها من غير اليهود، كما يصفها بأنها «فينيقية سورية» لأن الرومان اعتبروا بلدها جزءاً من ولاية سوريا.

 

كانت المرأة الفينيقية قد سمعت عن المسيح (متى 4: 24) فالرائحة العطرة لا تختفي – فجاءت إليه، ولكن المسيح صدمها. وتثير هذه المعجزة أسئلة كثيرة، لأن الحديث الذي دار بين المسيح وبين هذه الأم يختلف عن الحديث الذي دار بينه وبين غيرها من طالبي الشفاء وسائلي البركة. وسندرك من تأملنا في هذه المعجزة أن قصد المسيح دائماً هو إظهار محبته للبشر في كلامه وعمله، حتى لو ظهر من كلامه أنه لا يحبنا بالقدر الكافي الواضح.

 

يبدو في هذه المعجزة أن المسيح كان متردداً في شفاء ابنة الكنعانية، لأنه أولاً لم يجاوبها. وعندما قال له تلاميذه: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» (آية 23) وهم يقصدون بذلك أن يشفي ابنتها حتى تتركهم، أجاب: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّة» (آية 24).

 

وعندما دخل البيت، دخلت المرأة وراءه وسجدت وطلبت أن يشفي ابنتها، فردَّ عليها الردَّ الذي قد يصدمنا، كما لا بد أنه صدمها، إذ قال: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلابِ» (آية 26) فهذا موقف غريب لم نتعوده من المسيح. لقد رأيناه يلتقي من قبل بأناس مختلفين شفاهم، فيتبادر إلى ذهننا سؤال: لماذا جاوب المسيح تلاميذه والفينيقية بهذا الأسلوب؟ لا بد أن هناك سبباً جعله يتصرف هكذا.

 

لقد سمعت هذه المرأة أن المسيح يشفي كل مرض، فقررت الذهاب إليه لتطلب شفاءً لابنتها. وعندما جاوبها بما لم تتوقعه، ولم يسبق له أن ردَّ به على أحد قبلها، لم تيأس، بل صممت أن لا ترجع إلا بعد أن تنال منه شفاء ابنتها، فدخلت البيت وراءه وسجدت وكررت طلبها، فنالت بسبب لجاجتها سُؤل قلبها، كما نالت مدح المسيح لإيمانها.

 

أولاً – المحتاجة والمعجزة

1 – الابنة الفينيقة:

هي مجنونة ومسكونة بالروح الشرير (مرقس 7: 25) فالشيطان يضيّع عقل من يسلّم له نفسه. كان هناك تاجران يمتلك كل منهما محلاً خاصاً به، أحدهما ناجح والآخر يعوزه النجاح، فحسد جاره الناجح، وكاد له بأن أرسل من غيّر أسعار البضائع، فوضع سعراً عالياً على البضائع الرخيصة، وسعراً رخيصاً على البضائع الثمينة. وخسر الجار الناجح خسارة كبيرة قبل أن يكتشف المكيدة! وإبليس يفعل نفس الشيء معنا، فهو يضع سعراً كبيراً على شيء تافه، ويضع سعراً تافهاً على شيء ثمين، فنجري وراء البائد وننسى الباقي للحياة الأبدية! منّا من يقيّم نفسه بما عنده من ثروة ستنتهي يوماً، ولكن العاقل يقول: «عُرْيَاناً خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَاناً أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ» (أيوب 1: 21). «فُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ» (2كورنثوس 6: 10).

 

سكن إبليس هذه الفتاة المسكينة فذهب بعقلها. ولا زال إبليس، وسيظل، يضلّل الناس، ويضيّع الفكر السليم والمنطق العاقل ويقلب الأوضاع، فيجعلهم يجرون وراء التافه ويهملون ما هو أهم، مع أن ملكوت السموات يشبه تاجراً يطلب لآلئ حسنة، وعندما وجد اللؤلؤة العظيمة، باع كل ما كان يملك ليشتريها (متى 13: 45، 46).

 

2 – الأم التي طلبت:

الأم التي آمنت إيماناً قوي التصميم (آية 28). لا بد أن الروح القدس تعامل معها حتى أقنع قلبها أن احتياجها موجود كله عند المسيح. كان هذا الإيمان العظيم مصمِّماً على أن يأخذ ولا يرجع فارغاً. علمت أنه غني بالقوة والقدرة والمحبة، وسخي في العطاء والتوزيع. وعندما رأت وجهه أدركت أن كل ما سمعته عنه صحيح، فلا بد أن يعطيها ما احتاجت إليه. ومدح المسيح فيها هذا الإيمان بقوله: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ» (متى 15: 28). ولم يسبق للمسيح أن مدح إيماناً إلا إيمان الفينيقية وإيمان قائد المئة (متى 8: 10) ولا تذكر لنا الأناجيل أنه مدح إيماناً غير إيمان هذين، وكلاهما من الأمم.

 

كان إيمانها بالرغم من الخلفية الوثنية التي جاءت منها، فعائلتها كانت تعبد الأصنام، وأما هي فكانت تنتظر المخلّص الآتي، فنادته: «ارحمني يا سيد يا ابن دواد» لأنها أدركت أن الخلاص به وفيه، وأنه المسيا المنتظر.

 

آمنت بالرغم من الموقف الصعب الذي وضعها المسيح فيه. فعندما نادته لم يجاوبها، وعندما تدخَّل التلاميذ ليعطيها طلبها رفض، ثم جاء الرد الذي لم تتوقعه: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلابِ» (متى 15: 26) ولكنها بالرغم من ذلك أصرَّت مؤمنةً أن يشفي ابنتها.

 

قال القديس يوحنا فم الذهب: «لم يكن عند الكلمة كلمة تشجيع لها، فإن ينبوع الحنان أُغلق،والطبيب ضنَّ بالعلاج». ولكنها قررت الجهاد حتى تغلب، فجاهدت مع المسيح حتى انتصرت بنعمته هو! إذ غلبت نفسها وكبرياءها. إن فم الإيمان لا يُغلق حتى لو أغلق المسيحُ عن صاحب ذلك الإيمان فمَه وأذنَه، وحتى لو سلك التلاميذ سلوكاً خاطئاً «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا» (آية 23)، وحتى لو اعتقد صاحبه أن البركة هي لقليلين، وأنه غير مستحق. لم تتوقف الفينيقية عن طلبها بالرغم من كل ذلك.

 

الإيمان المصمِّم هو ما تعلَّمته الفينيقية من الروح القدس، وهو الإيمان الذي يقرع الباب ولا يسكت حتى يستيقظ صاحب البيت، ولو بعد منتصف الليل، ليعطي الاحتياج المطلوب (لوقا 11: 8). وهو الذي يجاهد مع الملاك كيعقوب ويصلي لينال البركة (تكوين 32: 24-32) وهو جهاد الخاضع المسترحِم (هوشع 12: 3، 4).

 

كان جهاد الفينيقية جهاد الطاعة، حسب قول بولس: «مُجَاهِداً، بِحَسَبِ عَمَلِهِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيَّ بِقُّوَةٍ» (كولوسي 1: 29). هناك إذاً قوة الرب في القلب المسكين ليجاهد مع المسيح وليقول له: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلابُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا» (آية 27).

 

الأم التي تواضعت: نرى تواضع هذه المرأة المصممة، فلم تأتِ إليه في عراك، لكن في صلاة وخضوع. وافقت مع المسيح على ما قاله لها، وقالت: « فَقَالَتْ: نَعَمْ يَا سَيِّد» (آية 27) بالرغم من أن كلامه كان موجعاً لها. فتشت عن الحق فيما قاله المسيح، فأجابت: «والكلاب أيضاً تأكل من الفُتات». كأنها تقول له: فُتاتك يا سيدي، وأقل القليل عندك يكفي ليُخرج الشيطان من ابنتي. معجزتك مع ابنتي بسيطة بالنسبة لما أجريتَهُ مع اليهود، فيكفيني الفُتات منك. (والفتات عند اليهود هو الجزء الذي يُقطع من الرغيف، فتُمسح به الأيدي من الدهون ويُرمى للكلاب المدللة). فكأنها تقول له: إن كان فُتاتك يُشبع، فكم يُشبع خبزك! لقد صلى أول بطريرك لمدينة البندقية الإيطالية (واسمه لورنس جستنيان) عندما أشرف على الموت هذه الصلاة: «مَنْ أنا يا رب لأجلس على مائدتك وأرى مجد الثالوث الأقدس؟ يكفي أن أجلس عند أقدام القديسين، يشبعني الفُتات الساقط من مائدتك في ملكوتك». هذا هو الإنسان المتواضع.

 

الأم التي نالت: لقد اغتصبت الملكوت «والغاصبون يختطفونه» (متى 11: 12) فأخذت الملكوت بجهاد التواضع وطلب الإيمان الذي لا يمل. قال مارتن لوثر: «كأن المرأة الفينيقية أخذت السيف من يد المسيح وحاربته بكلماته قائلة: نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الساقط من مائدة أربابها». فنالت إجابة المدح منه: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ» (آية 28). لقد حصلت على النعمة المختفية وراء رفض المسيح لطلبها. قال مارتن لوثر أيضاً: «أَعْطِ الرب الحق كلَّه في ما يقول. اتفق معه في وجهة نظره، ولا تتوقف عن الصلاة حتى تنتصر كما انتصرت الفينيقية، وتُحوِّل كل البراهين التي ضدك إلى قضايا في صفّك، فتنال ما عند المسيح من بركة». لقد انتصرت بالغلبة من المسيح ونعمته وروحه القدوس.

 

لقد نالت الفينيقية طلبها لأنها دخلت إطار النعمة، إطار المائدة السماوية، حتى ولو كانت تحتها، مع الكلاب آكلة الفُتات، وهي تحمل مشاعر الابن الضال الذي قرر أن يقول لأبيه: «اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ» (لوقا 15: 19). لقد طلبت الفُتات من سخاء الرب، فمضت تتحدث عن رحمته.

 

ثانياً – المسيح والمعجزة

نتساءل: لماذا رفض المسيح الكلام مع الفينيقية مع أنه كلَّم السامرية؟ ولماذا تقدم بالشفاء لمريض البركة وسأله: «أتريد أن تبرأ» (يوحنا 5: 6) ومع ذلك رفض إجراء هذه المعجزة؟ لماذا قدَّم لمرضى كثيرين الشفاء الجسدي والروحي، وصدَّ الفينيقية بغير ما توقعت، وبغير ما نتوقع نحن منه؟! لا بد أن هناك سبباً.

 

مساوة المسيح مع الفينيقية هي في اللفظ فقط، كقساوة يوسف مع إخوته القادمين من أرض كنعان، فقد تعامل معهم بقساوة بالرغم من حبه الشديد لهم «فَتَنَكَّرَ لَهُمْ وَتَكَلَّمَ مَعَهُمْ بِجَفَاءٍ» (تكوين 42: 7) «وَقَالَ لَهُمْ: جَوَاسِيسُ أَنْتُمْ» (آية 9)، غير أنه «تَحَّوَلَ عَنْهُمْ وَبَكَى. ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ وَكَلَّمَهُمْ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ شَمْعُونَ وَقَيَّدَهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ» (آية 24) ثم أعطاهم القمح ودفع ثمنه، وردَّ لهم ما دفعوه في أكياسهم! وكان يوسف بذلك يحقّق نبّوات سابقة، كما كان يختبر توبة إخوته ومحبتهم بعضهم لبعض. وتصرُّف المسيح مع هذه الفينيقية يشبه تصرُّف يوسف مع إخوته.

 

لكي نفهم كلمات شخص نحتاج أن ننظر إلى وجهه وهو يتكلم، ولذلك نحتاج أن نرى قسمات وجه المسيح وهو يقول للفينيقية: «ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب». فلو كان وجه المسيح عابساً أو رافضاً أو متوتّراً وهو يحدّثها بهذه الكلمات، لاكتفت بذلك ورجعت. ولكن لا بد أن قسمات وجهه كانت تعكس العطف والحنان، الذي جعلها تتشجع، ولم تضيّع الصدمةُ تفكيرَها السليم. فما لم تنتظره من كلامٍ، مع ما رأته من علاماتٍ على وجهه، أيقظ عقلها وقلبها لتقول له: «يا سيد، أوافق على ما تقول، واعتماداً على ما قلت أطلب. أعطني الفُتات فهو يكفيني». ولا ننسى أنه بعد حديثه عن الكلاب قال لها: «يا امرأة» (آية 28) وهي كلمة رقيقة سبق أن نادى بها أمه (يوحنا 2: 4).

 

لكي نفهم المسيح نحتاج أن نرى وجهه، ولكي نرى وجهه يجب أن نتواجد في محضره، ثم نسجد أمامه بكل خشوع، ونصلي له، فنخرج من لقائه بكل ثقة وراحة وطمأنينة وفرح، وننتظره بإيمان.

 

3 – وهناك سببان لردّ المسيح على المرأة بهذا الرد الغريب، الذي يبدو قاسياً في الظاهر فقط.

 

السبب الأول: في المرأة الفينيقية. هزَّ المسيح إيمانها لأنه يعلم أنه قوي وثابت، فلو كان إيمانها ضعيفاً لما كلَّمها بهذه الطريقة أبداً. «أَمِينٌ، الَّذِي لا يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ» (1كورنثوس 10: 13) لقد أعطاها المسيح تجربة بقدر قوة إيمانها.

 

لن تكون التجربة فوق طاقتنا، فلنطمئن ولتهدأ نفوسنا لأن عندنا منابع قوةٍ لم نستعملها، وعندنا رصيد نعمةٍ لم نصرفه بعد، وهناك فيضٌ من الإيمان العظيم الذي يعضد به الله كل مؤمن «الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ – إِنْ كَانَ يَجِبُ – تُحْزَنُونَ يَسِيراً بِتَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس 1: 6، 7). لقد علَّم الرب الفينيقية، كما يعلّمنا، الصلاة كل حين دون ملل ولا يأس، ثم علَّمها ويعلّمنا أن الاستجابة قادمة لا شك فيها.

 

السبب الثاني: في تلاميذه، فقد أراد أن يعلمهم درساً.

 

كانوا ينظرون للأمم ككلاب، فأراد أن يغيّر نظرتهم. وكأنه بهذه المعجزة يقول لهم: أنتم لا تحترمون الأمم، ولكن منهم من سيؤمن إيماناً لا يوجد مثله في كل إسرائيل. وسيتعلم بطرس أن لا يقول عن أحد أو شيء إنه نجس، ويكون حامل البشارة للأمم (أعمال 10). صحيح أن بداية الكرازة تكون بين اليهود، ولكن الهدف هو الوصول إلى الأمم، كما قال بولس: «الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ (أي خادم اليهود)، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللّهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ. وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: .. سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ الأُمَمِ وَامْدَحُوهُ يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ» وَأَيْضاً يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: «سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ. عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ» (رومية 15: 8-12) إذاً البركة لليهود وللأمم أيضاً. وعندما حمل سمعانُ الشيخ الطفلَ يسوع (لوقا 2: 29-32) قال إنه خلاصٌ لإسرائيل ونورٌ للأمم. وقال المسيح عن نفسه إنه الراعي الصالح الذي له خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة «يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ» (يوحنا 10: 16) لقد بدأ المسيح بخراف بيت إسرائيل الضالة ليكونوا بداية الكنيسة التي تشمل كل الشعوب (متى 13: 31-33).

 

نتمنى أن يسمع كل واحد منا من الرب: «عظيم إيمانك». وليعطنا الرب الإيمان المنتظر الواثق الذي ينال.

 

صلاة

أبانا السماوي، عندما نتطلع إلى وجهك المحبّ ندرك أنك المحبة المتجسِّدة. علِّمنا أن نستمر في طلبنا واثقين أن الغمَّة لابدّ تنزاح، والغيمة لابد تنقشع، لأن عندك خبز البنين، ونحن لاجئون إليك. باسم المسيح. آمين.

 

أسئلة

كيف تفسِّر وصف الأم أنها كنعانية وفينيقية وأممية وسورية؟

لماذا طلب التلاميذ من المسيح أن يصرف الأم؟

ما هو الفُتات؟

كيف يصيب إبليس الناس بالجنون؟

كيف أظهرت الفينيقية إيمانها، وكيف أظهرت تواضعها؟

قول المسيح: «ويُطرح للكلاب» له سبب في الفينيقية – ما هو؟

قول المسيح: «ويُطرح للكلاب» له سبب في التلاميذ – ما هو؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي