محاكمة يسوع المدنية
أمام الوالى الرومانى بيلاطس البنطى والملك هيرودس أنتيباس

 
(مر15: 120، مت27: 1 2
و1131، لو23: 125، يو18: 2840 و19: 116)

أولاً:
الإستجواب
الأول ل
يسوع أمام بيلاطس وال
إ
عتراف الأول ببراءته

(مر15: 15، مت27: 12 و11 14، لو 23: 17، يو 18: 2838).

ثانيًا: يسوع أمام هيرودس (لو23: 712).

ثالثًا:
الإستجواب
الثاني والأخير ليسوع أمام بيلاطس

(مر15: 620، مت27: 1531، لو23: 1325، يو18: 3940 و19: 116).

1
الاعتراف الثاني ببراءة يسوع (لو23: 13
1
5).

2
محاولات بيلاطس لإطلاق سراح يسوع

أ إ
ستخدام عادة عيد الفصح وإطلاق سراح اللص باراباس(مر15: 616، مت27: 1518و2026، لو23: 1721، يو 18: 3940).

ب
الاستهزاءات بيسوع وإصرار اليهود على صلبه

(يو19: 16، مر15: 1520، مت27: 2631).

3
الاعتراف الثالث ببراءة يسوع وتسليمه للصلب

(لو23: 2225، يو19: 616، مر15: 15، مت27: 26).

رابعًا: م
َ
ن المسئول عن موت المسيح؟

خامسًا: مسئولية الأشخاص وخطة التدبير الإلهي.

 

أولاً:
الإستجواب
الأول ل
يسوع أمام بيلاطس وال
إ
عتراف الأول ببراءته
(مر1:
15
5، مت27: 12و1114، لو23: 17، يو18: 2838)

 تسليم يسوع إلى الوالي الروماني على اليهودية بيلاطس البنطي





[1]




ي

ُ
ذكر في كل الأناجيل، ويظهر خاصة في الإنجيلين
الأولين
متى ومرقس، كقرار الجلسة الصباحية “يوم الجمعة” للمجمع اليهودي الكبير “السنهدريم” (انظر مر
1: 15
، مت
1: 272
،
انظر
أيضًا
ل
و1: 23
، يو18: 2829) و
ب
الرغم من
أنه
حتى ذاك الوقت، لم تكن قد أ
ُ
علنت تهمة محددة ضد يسوع رسميًا.

 لقد
أُ
خ
ِ
ذ
َ
السيد إلى بيلاطس، ل
أ
ن أعضاء المجمع الكبير، وعلى الرغم من الكراهية الشديدة التي ملأت قلوبهم من نحوه، قد
رأوا
انه إذ هم أنفسهم حاكمو
السيد
ونفذوا
فيه
قرارهم
،
سيظهرون عندئذ أمام الشعب
أنهم هم
المسئول
و
ن والمذنب
و
ن في قتل يسوع. ولذا
أ
خذوه إلى بيلاطس، في محاولة منهم لرفع مسئولية هذا الحكم من عليهم، تاركين الوالي الروماني لكي يصدر ولكي ينفذ هذا القرار الصعب تحت مسئوليته





[2]




.

و
إسراعهم
في تسليم
السيد لبيلاطس، وعلى الرغم انه استعداد الفصح (انظر يو
14: 19
)
،
يكشف مدى تخوفهم من الشعب
،
لأنه من المحتمل جد
ً
ا أن يكون
الرؤساء الدينيين
قد
وضعوا في إعتبارهم
أ
نه في حالة إبقاء يسوع مقبوضًا عليه حتى نهاية العيد سي
ُ
مارس الشعب ضغوطًا عليهم وسيطلب إطلاقه





[3]




.

 عندما أ
ُ
خ
ِ
ذ
َ
السيد إلى بيلاطس، كان ذاك موجودًا وقتئذ في دار الولاية (انظر يو18: 28)
.
في حين
أ
ن المقر الرئيسي له كان القصر الخاص الذي بناه الملك هيرودس في الجزء الشمالي الغربي لأورشليم.
و
دار الولاية (مقره المؤقت) كانت في قلعة “انطونيا” في الجزء الشمالي الشرقي للمدينة، وبالتحديد في المكان الذي يسمى اليوم “حافة المدينة”، والذي يقع داخل بوابة يافا





[4]




. لكن عمومًا

كان
المقر الدائم لبيلاطس في قيصرية فلسطين. وفي فترة الأعياد كان ينتقل من قيصرية فلسطين إلى أورشليم،
في قصر هيرودس أو في دار الولاية
لكي ي
ُ
شرف بنفسه على النظام والأمن هناك





[5]




.

 
و
كان بيلاطس موجودًا في أورشليم وقت محاكمة يسوع، لا من قبيل الصدفة وليس فقط لكي يراقب هناك حالات التمرد أو العصيان من ق
ِ
ب
َ
ل اليهود على الحكم الروماني بسبب عيد الفصح وقتئذ
ٍ
، بل لأن جولته القضائية الرسمية في كل بلاد اليهودية، وفقًا لقوانين الأحكام الرومانية ولقسمه القضائي، كانت تحتم عيه ان يكون موجودًا في أورشليم في ذلك الوقت





[6]




. ولا شك أن هذا الوجود الحتمي لبيلاطس في أورشليم، قد أشعل حماس الرئاسات

الدينية
اليهودية للإسراع في تسليم يسوع له لمحاكمته
لأول مرة
، وذلك
بعد إلقاء
القبض عليه.

 بالطبع، التهمة ضد يسوع من أعضاء مجمع السنهدريم انه “جدف” أي “جعل نفسه
ا
بن الله” (يو19: 7) ليس لها أي معنى عند بيلاطس، لأنه ببساطة لم يكن يهودي
ً
ا. لذلك اضطر أعضاء المجمع أمام الواقع
الذي وجدوا أنفسهم فيه
أن يخترعوا مكيدة ضد يسوع، وأن يبتدعوا طريقة للوشاية به عند بيلاطس
،
ولأنهم كانوا يعرفون أن الوالي الروماني سوف يهتم بكل تأكيد بحمايته الشخصية، وأنه سوف لا يتوانى في معاقبة أي شخص، يتهمه الشعب بأنه يهدد مصالح الإمبراطورية الرومانية، و
من
جانب
آخر كان
اليهود معروفين ب
إ
تجاهاتهم إلى القيام بثورات ضد النظام الروماني. الأمر الذي جعل الولاة الرومانيون المرسلين من
قِبَل
قيصر لتنفيذ واجب القضاء، أن يكونوا قساة على اليهود
ل
ضمان حفظ الأمن





[7]




.

ولذا
ق
ُ
د
ّ
م يسوع إلى بيلاطس كمتهم بتهمة في
عبئه،
والتي أ
ُ
علنت
لأول مرة
رسميًا، وقد حفظها لنا الإنجيلي لوقا فقط ” وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا
ً
إ
نه هو مسيح ملك” (
2: 23
)





[8]




. أي اتهم يسوع كثوري ” كفوضوي ” وأنه خطر سياسيا

على السلطات الرومانية
إذ يتحرك بنية العداوة تجاه
ها
، أو بكلمة واحدة “كغيو” حيث وفق
ً
ا لهذه الكلمة، كل الذين ينتمون إلى جماعة “الغيورين” هم متهمون من قبل الرومان بالعمل ضد مصالحهم وبمنع الشعب من دفع الجزية لقيصر. لكن موقف يسوع تجاه الجزية كان
معروفًا و
واضحًا، وعكس تمامًا ما أ
ُ
تهم
َ
به (انظر لو20: 2126، مر12: 1317، مت22: 1522).

 عندما دخل السيد إلى أورشليم منتصرًا، قبل أيام قليلة، خرجت كل المدينة
لإستقباله
، والجمع الذي تقدم و
الجمع
الذي تبع هتف قائلاً “
أوصنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل”
(يو
13: 12
،مر
10: 11
،مت
9: 2111
، لو
38: 19
). هذه الهتافات
التي وصل دويها عنان السماء ملأت وقتئذٍ قلوب الزعماء الدينيين لليهود بالرعب والغضب
(انظر مت
15: 21
، لو
39: 19
)
و
يبدو أنها لم ت
ُ
نسى من عقول
هم
بل تذكروها
،
واستخدموها هنا كدليل في إلصاق هذه التهمة ليسوع، أي
أ
نه يعتبر نفسه “ملك”
.
وهكذا اصبح في يد الوالي الروماني سبب قوي لمحاكمة يسوع.

 
و
على الفور بعد صياغة تلك التهمة وتقديمها ضد السيد
،
وج
ّ
ه بيلاطس ليسوع
هذا
السؤال:

أنت تكون
(
هو
)
الملك لليهود؟”
(مر
2
:
15
، مت27: 11،
لو
3: 23
، يو
33
:
18
). الك
ُ
ت
ّ
اب ال
أ
سكندريين والأقباط لم يكونوا بعيدين عن الحقيقة
،
وعن طريقة تفكير الحاكم الروماني
،
عندما قالوا
إ
ن بيلاطس بسؤ
ا
له هذا إنما قصد
أساسًا
ال
إ
ستهزاء بالمفاهيم اليهودية المسيانية
. يقول أوريجانوس:
يسأله
ب
يلاطس قائلاً

أنت تكون الملك
لليهود
؟
” طالبًا الإجابة إما
مستهزئًا
به هكذا، وإما متشكك
ً
ا فيه





[9]






. ويضيف كيرلس الأسكندرى:
يدعو بيلاطس يسوع “ملك اليهود” محاولاً هكذا بطريقة مضحكة أن يهدأ غضب اليهود المجانين





[10]




.

ويمكن
للقارئ أن
يفهم السبب في لغة التهكم والسخرية التي استعملها بيلاطس في سؤاله للسيد، إنما يرجع إلى المظهر البسيط والمتواضع الذي كان عليه يسوع المقيد أمامه والذي لا يتناسب إطلاقًا مع من هو ملك. بل ووفقًا لرأي
سمعان بن كليل:
سأل بيلاطس
يسوع

أ
ن
ت تكون الملك لليهود”
وذلك حتى متى أجاب السيد سلبيًا أى نفى أنه
ملك
ا
ليهود
،
سي
ُ
كذ
ّ
ب بيلاطس عندئذ
ٍ
تهمة اليهود هذه وسيطلق سراحه. ل
أ
ن بيلاطس قد عرف من البداية أن يسوع لا يمكن أن يكون ملك “
أ
رضي” بسبب مظهره، وأن الرؤساء الدينيين كانوا قد أسلموه إليه عن حسد (انظر مر
10: 15
، مت
18: 27
)





[11]




.

على هذا السؤال الذي وجهه بيلاطس إلى يسوع أجاب السيد بحسب الإنجيلي
ي
ن الثلاثة الأ
ُ
و
ّ
ل بالعبارة “
أنت تقول” (مر
2: 15
، مت
11: 27
ب، لو
3: 23
ب).
و
إجابة
ا
لسيد هذه و
ُ
صفت أنها “ملتبسة” أي لا هي سلبية تمامًا ولا هي إيجابية واضحة.
لكن الباحث

Cullmann

اعتبرها سلبية
.
إذ بحسب رأيه
إنه
لو كان
رد
السيد إيجابيا لاتخذ بيلاطس على الفور موقف من يسوع، و
ل
كان رد فعله المتوقع هو التصديق في الحال على التهمة.
فالرد الإيجابى
سوف يتوقف عليه كل
تطورات
القضية





[12]




.

 لكننا نعتقد أ
ن
إجابة
السيد
الملتبسة
هذه ستُفهم
ب
وضوح إذا
أ
خذنا في اعتبارنا عن
د
الإنجيلي الرابع يوحنا والتي
وفقًا لها
إذ يجيب السيد على
سؤال
الوالي الروماني

لم ينكر أنه ملك

و
في نفس الوقت لم يقبل أ
ن
يكون ملك
ًا
بالمفهوم الذي
لدى
بيلاطس واليهود
عن
الم
ُ
لك
ْ
إذ هو بنفسه قد قال “
مملكتي ليست من هذا العالم
،
لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا
أُ
سل
ّ
م إلى اليهود. ولكن
ا
ل
آ
ن ليست مملكتي من هنا” (يو
36: 18)
. أي
بينما
يشدد السيد المسيح على صفة غير
الدنيوية
لمملكته
،
يتفق مع بيلاطس من جهة كونه

ملك
“،
ويختلف معه في نفس الوقت من جهة فهم بيلاطس لمعنى كلمة “مملكة”. والقديس كيرلس ال
أ
سكندري يلاحظ
:
أن السيد المسيح في إجابته لم ينكر أنه ملك لأنه كان يجب أن يقول الحقيقة
لكنه لم يكن عدوًا لمملكة قيصر،
و
هذا
أ
كد
ه
بوضوح عندما أظهر أن سلطانه ليس أرضيًا بل
سماويًا،
و
أ
نه يحكم بعظمة كبيرة كما يتناسب مع إله





[13]





.

 ونحن بدورنا نعتبر أن السيد بإجابته على بيلاطس “
أ
ن
ت تقول

يُعلن من ناحية، رفضه الإتهام
ب
أنه ملك أرضي كما زعم أولئك المتهمين له والذين أثروا على تفكير بيلاطس وجعلوه يشكل هذا الرأي الخاطئ عنه. و
من ناحية أخرى،
ي
قبل
الإعتراف به
أنه “ملك” إذ هو نفسه قد
ا
عترف أمام متهميه وأمام بيلاطس أنه لهذا قد ولد و
أنه
لهذا قد جاء إلى العالم (انظر يو
37: 18
). ولنتطلع هنا إلى الشاهد الوحيد في إنجيل القديس يوحنا والذي يشير إلى ميلاد المسيح ” لهذا قد و
ُ
ل
ِ
دت
َ
أنا
” أي أن المسيح لم يولد مثل أي إنسان أي
ً
ا كان
،
وبسبب ظروف
ما
مواتية صار ملكًا، بل هو بالفعل ملك ومن قبل تجسده
،
وبميلاده أعلنت مملكته
،
والتي
هى مثل
ملكها أزليه وأبدية وسمائيه. وحيث أنه تجسد لكي ي
ُ
ظهر

مملكة الحق

، لهذا ف
إ
ن كل من يحب الحق ويطلبه
،
فيه ت
ُ
ستعلن
مملكة يسوع
(
ا
نطر مت
2: 2
، يو
37: 18
). هذه الشهادة للسيد أمام قاضي يمثل أقوى دولة في العالم في ذلك العصر “الإمبراطورية الرومانية” اعتبرت في تاريخ الكنيسة أنها

الاعتراف الحسن”
(
انظر
1تيمو6: 13)





[14]




.

والسيد
بشهادته أمام
بيلاطس
” مملكتى ليست من هذا العالم “
:

1
حرر
الوالى الرومانى
من خوفه، ل
أ
ن بيلاطس الذي ع
ُ
ي
ّ
ن كوال
ٍ
على اليهودية لكي يحفظ إمبراطورية قيصر
،
قد ظن أن السيد وكما أشاع اليهود
عنه
يتآمر على الرومان





[15]




.

2
بدد قلقه، إذ طمأنه انه ليس صاحب
إ
نقلابات
،
بل هو ملك السماء والأرض





[16]




.

3
أعلن له هدف تجسده ونوعية مملكته
،
وفي نفس الوقت حقيقة ألوهيته





[17]




.

 
وإذ
نعود مرة أخرى لوقائع المحاكمة نجد أنه
بينما استمرت المحاكمة استمر المتهم
و
ن ليسوع في شن ال
إ
تهامات ضده، الواحد وراء الأخر مباشرة.
ه
ذه الاتهامات واجهها السيد
كما شهدت الأناجيل
بالصمت (انظر
مر
3: 155
، مت27:
1214
، يو
6
:
19
9). وهذا الصمت كانت له
النتائج
التالية:

1
آثار
إ
ندهاش الوالي الروماني وإعجاب
ه بشخص السيد،
لأنه بينما
كان
في
إ
ستطاعته أن
يرد
ب
دفاعات كثيرة
،
صمت
وهذ الأمر لم يكن هو وحده الذي أعجب بيلاطس في السيد
بل
و
أيض
ً
ا موقف
يسوع
الثابت وغير المضطرب تجاه الموت وهدوء شخصه وطول أناته
تلك الأمور
التي
هى
فوق قدرة
أى
إنسان





[18]




.

2
اكمل
به
نبوات العهد القديم على سبيل المثال ” ظ
ُ
ل
ِ
م
َ
أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشا
ة
تساق إلى الذبح وكنعجة صامته أمام جازيها فلم يفتح فاه
ُ

(
إ
ش53: 7)





[19]




.

3
اظهر المتهم
و
ن
له
أ
نهم أناس أغبياء قد رفضوا معرفة الحق





[20]




.

4
أوضح أن السيد يسير
نحو
الآلام والموت بمحض إرادته
،
لأنه طالما قد
إ
ختار الصمت فقد
أضاع
هكذا فرصة دفاعه عن نفسه
،
وكنتيجة لهذا الموقف ست
ُ
عتبر كل الاتهامات
الموجهة إليه
صحيحة.

 هكذا كان السيد في كل فترة المحاكمة ثابتًا رابط الجأش
،
بعكس اليهود المتهم
و
ن له والقاضي الذي يحاكمه، فاليهود أمام محاولات
ب
يلاطس إطلاق سر
ا
ح يسوع بد
أ
وا يضطربون ويبحثون عن تهم أخرى للسيد (انظر
مثلاً
يو19: 7، لو
5
:
23
، يو1
2
: 1
9
)
.
والقاضي الروماني نفسه
مع مرور الوقت بدأ
يخاف من شخصية السيد ويسعى
جاهدًا ل
إطلاقه بكل الوسائل المتاحة (
انظر
يو19: 8
و12).

 رباطة جأش
السيد
هذه ترجع
إ
لى أنه هو نفسه قد عرف
وقَبِلَ، من السماء، حكم
الموت، قبل أ
ن
ينطق
به
الحاكم الروماني
على الأرض
وبكثير
“.. لم يكن لك علي
ّ
سلطان البت
ّ
ة لو لم تكن قد أعطيت من فوق

(يو
11: 19
،
11: 18
).

بعد الصمت الذي حفظه يسوع أمام اتهامات رؤساء الكهنة
و
شيوخ اليهود، ومن بعد حيرة بيلاطس من هذا الصمت
،
يذكر الإنجيلي
ا
ن لوقا ويوحنا الاعتراف الأول من القاضي الروماني ببراءة يسوع “
..
أنا لا أجد ولا عل
ّ
ة في هذا الإنسان

(لو23: 4، يو
38
:
18
).

 وفي نهاية هذا الجزء يمكننا أن نقول
إ
ن
شهادة يسوع أمام بيلاطس البنطى عن الملمح
غير العالمي لمملكته (
ان
ظر يو
36: 1837
)
،
كان
ت
ه
ى
السبب الذي دفع القاضي أ
ن
يخرج من دار الولاية وي
ُ
علن على اليهود برائة يسوع من كل تهمة وجهت ضده.

 

ثانيًا: يسوع أمام هيرودس (لو
7: 2312)

 بعد ال
إ
عتراف الأول ببراءة يسوع من القاضي الروماني يذكر الإنجيلي لوقا وحده عرض السيد على رئيس الربع بالجليل الملك هيرودس انتيباس
.
وذلك ل
أ
ن رؤساء اليهود
لم يتوقفوا عن
اتهاماتهم ليسوع
بل استمروا
وقالوا ضده ” أنه يهيج الشعب وهو يعلم في كل اليهودية مبتدئًا من الجليل إلى هنا” (لو
5: 23
) وبعد ما سأل بيلاطس لكي يعرف
هل
يسوع من الجليل
،
وتحقق أنه يخضع لإدارة هيرودس
،
أرسله إلى ذاك الذي كان أيض
ً
ا في أورشليم تلك الايام (ل
و6: 237
).

القديس كيرلس الإسكندري يلاحظ
بإبداع:
أنه بينما بيلاطس بر
ّأ
يسوع من كل اتهام
، فإن
رؤساء اليهود
أصروا على اتهامه وقالوا
إ
نه يهيج الشعب
،
وبحثوا لكي يجدوا أسباب أخرى للوشاية ب
ه
لدى بيلاطس. وبينما قالوا
إ
نه يعل
ّ
م
،
لم
يقولوا للوالي محتوى ال
ت
عليم
،
إذ خافوا
لئلا
يكون بيلاطس نفسه
من بين
م
َ
ن يؤمنون به





[21]






.

لكن بعض المفسرين الحديثين





[22]




يعتبرون

أن
رواية الإنجيلي لوقا موضع الحديث والمتعلقة
بإستجواب
السيد من هيرودس
لم تحدث
في الواقع
وذلك
لأنها لم ت
ُ
ذكر في الأناجيل الثلاثة الأخرى
،
ويزعمون أن لوقا معتمدًا على الشاهدين الأول والثاني من المزمور الثاني ” لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه

إ
بتدع
هذا
الحدث
وكتبه كأنه
حقيقي.

لكن على العكس تمامًا من
هذا
الرأي وجدت
آ
راء الك
ُ
ت
ّ
اب ال
أ
قباط والذين لم تكن لديهم إطلاقًا مشكلة بال
إ
عتراف أو عدم الأعتراف بواقعية حدث
إستجواب
السيد من هيرودس
،
إذ هم قد قبلوه
،
على مر التاريخ
،
كحقيقة مفروغ منها وبرروا الحدث بال
آ
تي:

1
أن أرض اليهودية في ذ
ا
ك الوقت كانت مقسمة إلى أربعة
أ
قسام (لو
1: 3
)
.
وكان بيلاطس البنطي واليًا على اليهودية
،
وهيرودس رئيس ربع على الجليل
،
ولم يكن من حق الواحد منهم أن يتدخل فيما يخص الآخر بمنطقته. ولهذا عندما تحقق بيلاطس من أ
ن
يسوع يخضع لاختصاص حكم هيرودس أرسله
إليه
والذي كما ذكرنا كان تلك الأيام في أورشليم





[23]




.

2
تصرف بيلاطس بهذه الطريقة لسببين:

أ لكى يجد
مخرج
ًا
من المأزق الذي
وصلت إليه
القضية.
فهو على الرغم
من
أ
ن
ه لم يجد أية علة لمحاكمة يسوع
(لو
4
:
23
)
،
إلاّ أنه
لم يستطع أ
ن
يطلقه.

ب
و
لكى يجد
فرصة
للتصالح مع
هيرودس
.
وهو الأمر الذي نجح فيه كما يشهد
بذلك
الإنجيل الثالث “
فصار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما في ذلك اليوم ل
أ
نهما كانا
من
قبل في عداوة بينهما”
(لو
12
:
23
)





[24]




.

3
بسبب أن بيلاطس في هذه اللحظات قد اعتراه الج
ُ
بن أمام اليهود المتشددين
،
لذا فكر في هذا الحل لكي يرضيهم من ناحية
،
ولكي يعفي نفسه من هذه المسئولية من ناحية أخرى





[25]






.

4
لكي تكتمل بالحرف نبوة المزمور (
1: 22
) ” لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب في الباطل؟ قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه
” إذ أ
ن
الحاكم
ب
يلاطس البنطي كان أمميًا
،
وهيرودس كان ملكًا
،
والقيادات الدينية كانوا هم الرؤساء للشعب اليهودي. وكل هؤلاء اشتركوا في محاكمة السيد





[26]




.

5 هناك
تحويلات للمتهمين من رئيس إلى رئيس
مشابهة لحالة يسوع كانت
معروفة
،
ففي
سفر ال
أ
عمال
نجد على سبيل المثال
حالة بولس الرسول
(انظر
26: 2330، 25: 1012
و1322)





[27]




.

6
ومن الجانب التاريخي
فإن حدث إرسال يسوع إلى هيرودس، يمكن أن يُقبل بسهولة إذا أخذنا في إعتبارنا أن الملك هيرودس كان يتمتع بإحترام كبير من قِبَل الإمبراطور طيباريوس قيصر، في حين أن إحترام روما لبيلاطس كان في تنازل مستمر. ولهذا أراد بيلاطس أن يأخذ رأى رئيس الجليل المكرّم من الإمبراطور





[28]




.

7 و
ربما
أن
رؤساء كهنة اليهود قد بد
أوا
في تهديد
بيلاطس
،
زاعمين أن يسوع هو خطر جدًا
،
وأن تعاليمه الثورية
قد
امتدت ليس فقط داخل حدود منطقته الخاصة باليهودية
،
بل وخارجها أيضًا حتى الج
ل
يل
.
وبالتالي فإن لم يحاكمه هو
ف
سوف يحاكمه شخص آخر بالتأكيد
،
وعندئذ
ٍ
سيظهر بيلاطس
أ
ما
م
قيصر أ
ن
ه غير مبال
ٍ
بشئون الإمبراطورية.

8
لكي يتأكد بيلاطس من صحة التهمة التي وجهت للمسيح بأنه “
يفسد
الأمة
ويمنع أ
ن
تعطى جزية لقيصر قائلا
إ
نه مسيح ملك

(لو2:
23
). ولكي تكون لديه بالتالي شهادة من حاكم المنطقة التي يتبع لها المتهم تثبت إدانته.

9
أن تلاميذ المسيح أنفسهم وكما يخبرنا سفر الأعمال قد فهموا تمام
ً
ا
آية
المزمور
“النبوة”
(1: 22)
موضع الحديث
أنها تُ
شير إلى يسوع وإلى الذين حاكموه بيلاطس وهيرودس (أع4: 2427).

10
ومن الملاحظ انه في المزمور (
1: 22
) صار حديث عن النية العدوانية للملوك وللرؤساء ضد الرب وضد مسيحه
،
بينما
في
رواية لوقا (
5: 238
) لم يحاكم الملك هيرودس يسوع بل اعتبره بريئًا (لو23: 15).

11
ومن وجهة نظر أخرى،
فإن
لوقا في مواضع أخرى من إنجيله يذكر
أ
حداثا
إ
رتبطت بالوسط المحيط بهيرودس. هكذا على سبيل المثال من
ب
ين النساء اللواتي
شفاهُن
يسوع وفيما بعد ك
ا
ن
ت
ا
ت
تبعا
ن
ه و
ت
خدمانه من أموالهن يذكر “يو
ّ
نا
إ
مرأة خوزي وكيل هيرودس” (
3: 8
).
أيضًا في
(لو
7: 99 و1: 133
) صار حديث عن
هيرودس
،
ال
أ
مر الذي يعني أ
ن
الإنجيلي الثالث كانت لديه معلومات من تقليده ال
خ
اص عن هيرودس وعن علاقته بيسوع.

وفي النهاية نقول
إن
كون هذا الحدث لم يذكر عند ال
إ
نجيلي
ي
ن ال
آ
خرين فهذا يرجع إلى ال
أ
سباب التالية:

أ
لأنه
،
من الواضح
،
يأتي من التقليد الخاص بلوقا.

ب
ل
أ
ن يوحنا
الذي
كتب الأخير إنجيله لم يكن بحاجة إلى أ
ن
يكتب مرة أخرى عن حدث قد سبق الكتابة عنه.

ج
ول
أ
ن مرقس ومتى
قد
اعتبروا أ
ن
القرار النهائي في
م
حاكمة يسوع متوقف على الوالي الروماني وحده،
و
بالتالي
فإ
ن
إستجواب
يسوع من هيرودس
أُع
تبر (في نظرهم) ذو
أ
همية قليلة ول
ه
ذا لم يذكروه.

وعودة مرة أخرى إلى مسرح الأحداث، نرى أن السيد بحسب
أ
مر بيلاطس
أُ
خذ إلى الملك هيرودس على أمل أن يحاكم منه.
والإنجيلي لوقا يخبرنا أن هيرودس قد عب
ّ
ر عن رغبته في رؤية يسوع من قبل ذلك بكثير، وذلك
ل
سماعه أمور
ً
ا كثيرة عنه (لو
8: 23
و9: 9). ولهذا فرح جدًا عندما ر
أى يسوع،
وترجى أن يصنع السيد أمامه معجزة غا
ل
بًا لكي يرضى حب الاستطلاع عنده وليس
لكى يؤمن
به
.
ألقى
هيرودس
من ثم عدة أسئلة على يسوع
،
لكن السيد الذي جاء إلى العالم لا
ل
يعمل معجزات
يُراد بها كسب إعجاب
الناس
بل ليشهد
للحق (يو
37: 18
)
،
لم يعطي
أ
ية إجابة
ل
هيرودس
.
و
على الرغم انه في نفس الوقت كان رؤساء الكهنة والكتبة الذين وجدوا هناك يشتكون عليه
و
بشدة (لو23: 10).

الكاتب القبطي سمعان بن كليل (
ق
12م) يشرح لنا السبب الذي من
أ
جله صمت السيد أمام هيرودس هكذا
:
حيث أن خطة التدبير الإلهي التي جاء يسوع إلى العالم لإتمامها
،
قد وصلت الآن بالفعل إلى كمالها
،
ولم
ي
بقى أمامه أي شئ آخر يعمله غير الموت الفدائي





[29]




.

إذ رأى هيرودس يسوع أمامه صامت
ً
ا
،
اعتبره
أ
نه شخص غير خطر
،
خيالي
،
غير واقعى، يُ
فكر في الهواجس، ولذا قبل أ
ن
يعيده مرة أخرى إلى بيلاطس استهزأ به هو وعسكره والبسوه رداء فخما (23: 11).

أسقف مصر في القرن (13م) بولس البوش
ى
يرى أن بهذا ال
إ
حتقار ليسوع من قبل هيرودس وجنوده قد تحققت نبوة اشعياء النبي عن السيد القائلة “
محتقر ومخزول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمست
ّ
ر عنه وجوهنا محتقر فلم
نعتّد
به

(53: 3)





[30]




.

وبعكس التفسير السائد للمعنى التهكمي للرداء الفخم

كلباس ملوكي”





[31]




، يعضد “

Jüon
” أن إلباس يسوع ” رداء
ً
فخمًا” لم يكن للاستهزاء به
،
بل لإعلان براءته من قبل هيرودس.
ويقدم

Jüon

شهادات من ذاك العصر
والتي وفقًا لها، لو أن شخصًا ما كان متهمًا
وأ
ُ
علنت براءته من التهمة
،
ف
إ
نه يخرج
من دار
المحكمة لابسًا رداء فخمًا





[32]




.

في نهاية
هذا
الجزء يجب أن نسجل أن الهدف من رواية لوقا (23: 616) والمرتبطة
بإستجواب
يسوع أمام هيرودس
،
هو التشديد ومرة أخرى على إعلان تبرئة يسوع من جانب الرؤساء، والتأكيد في نفس الوقت على تحم
ل
اليهود المسئولية الأساسية في
موته
. ولهذا ف
إ
نه ليس من الغريب
أ
نه بينما في وقت
ما
ا
قترب الفريسيون من السيد وقالوا له “
ا
خرج و
ا
ذهب من هنا ل
أ
ن هيرودس يريد أن يقتلك

(لو
31: 13
) ال
آ
ن نرى الملك هيرودس نفسه يعتبر السيد بريئًا ولم يجد فيه شيئًا يستحق أن يحاكمه به (لو23: 15).

وبناء على ما سبق ف
إ
ننا نعتبر
إ
فتراض “
Tyson






[33]




أن هيرودس في الواقع قد حكم على يسوع بالموت معتمدًا في ذلك على الشاهد (لو

31: 13
) والذي يشير إلى محاولة هيرودس القبض على السيد وقتله، وأن لوقا اضطر فيما بعد
إلى تغير الحكم لكي يتفق مع
إ
عتراف بيلاطس بأنه لا هو ولا هيرودس قد وجد
و
ا في يسوع عل
ّ
ة
تجعله مستحقًا للموت (انظر لو14: 2315)، هو إفتراض جائر ومن شأنه أن يخلق شكوكًا
من جهة الطريقة التي بها يستخدم الإنجيليون مصادرهم.

 

ثالثًا:
الإستجواب
الثاني والأخير ليسوع أمام بيلاطس
(مر
6: 1520
، مت
15: 2731
، لو
13: 2325
، يو
39: 1840
و
1: 1916
).

1
ال
إ
عتراف الثاني ببراءة يسوع (لو23: 1315):

عندما أعاد هيرودس يسوع إلى بيلاطس
،
دع
ا
هذا رؤساء الكهنة ورؤساء اليهود والشعب وقال لهم
إ
نه بالرغم من أن يسوع ق
ُ
دم إليه ب
إ
تهامات محددة
،
لكن لا هو ولا هيرودس استطاعوا أ
ن
يجدوا ش
يئًا
ما عليه يجعله مذنبًا ذنب الموت (
انظر
لو23: 1315).

 

2
محاولات بيلاطس لإطلاق سراح يسوع:

أ إ
ستخدام عادة عيد الفصح وإطلاق سراح اللص باراباس (مر
6: 1516
،مت
15: 2718
و2026، ل
و17: 2321
، يو18: 3940).

وفيما بعد وفي إطار محاولات
الحاكم الروماني
إ
طلاق سراح يسوع
،
اقتراح استخدام العادة التي كانت تمارس كل عام في عيد الفصح
،
وهي عادة إطلاق سراح أحد المقبوض عليهم بمناسبة العيد
.
هذه العادة موضع الحديث كانت سارية المفعول إذ:

1)يشهد العهد القديم على أن شاول قد صفح عن أبنه يوناثان أمام الشعب رغم الخطية التي فعلها أثناء محاربة إسرائيل للف
ل
سط
ي
ني
ي
ن (1صم14). وإذ اعتبر بيلاطس أن اليهود هم عادل
و
ن في أحكامهم
،
لذا
إ
عتقد أنهم سوف يطلبون إطلاق
سراح
البريء
،
وليس المجرم الخطير، فيسوع ليس ضده
أ
ية تهمة واضحة





[34]




.

2)في نهاية
سفر العدد (22: 3525) يذكر الناموس إمكانية
إطلاق سر
ا
ح شخص ما
إ
قترف جريمة قتل بغير عمد
.
واليهود بالرغم من أنهم كانوا تحت
حكم
نير الرومان
،
إلا
أ
نهم قد تمتعوا بسماح من أولئك بحريتهم الدينية وبكل ما يتعلق بحفظ الناموس وتقليداتهم





[35]




.

3)
أ
عتبرت هذه العادة
ك
تذكار لتحررهم من عبودية فرعون (خر
30: 14
) وكعمل رحمة في عيد الفصح





[36]




.

لنتطلع إذ
ً
ا هنا إلى “عادة أبائية” للشعب اليهودي والتي حفظت من
زمن
خروجه من أرض
م
صر
،
واعتمدت على الشاهد (
22
: 2
5
25) لسفر العدد
،
وأخذت كمثال لها الصفح عن يوناثان من أبيه شاول
،
وسادت في النهاية كحق مكتسب للمتهمين في عيد الفصح
،
ولم تتوقف ممارساتها حتى في السنوات التي كان اليهود فيها تحت السيادة الرومانية





[37]






.
وم
م
ا لا شك فيه أن بيلاطس باستخدامه لهذه العادة كان يهدف إلى:

أ
تهدئة غضب اليهود

ب
أن يبرهن وبوضوح على أن اليهود
لم يكونوا على
حق
في إتهامهم
ل
يسوع. لأنه لم يكن من الممكن أبد
ً
ا أن يطلب القائد الروماني إطلاق سراح شخص ما متهم بالفعل
بأن
له مطامع غير قانونية في السلطة ونشاط ثوري ضد النظام الروماني.

لكن
أمام إ
قتراح بيلاطس
هذا
، أجاب الجمع
“المنقاد”
من الزعماء الديني
ي
ن
بالرفض
واختار إطلاق سراح المجرم باراباس (مر1
1:
1
5
، مت
20: 2721
، لو
18: 23
، يو
40
:
18
). المعلومات التي لدينا عن المقبوض عليه هذا ووفقا للأناجيل
هى

وكان المسمى باراباس موثقا مع رفقائه في الفتنة الذين في الفتنة فعلوا قتلا”
(مر
15
: 7، مت27: 16)، ” وذاك كان قد طرح في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل”
(لو
19
:
23
، أع
14: 3
)، هذه المعلومات تساعدنا على تكوين الرأي بأن باراباس هذا كان من جماعة الغيورين
،
وقد قبض عليه بسبب نشاطه
السياسى
ضد الرومان، وهذا الرأي يعزز
أكثر
بالمعلومة القاطعة عند الإنجيلي الرابع “
وكان باراباس لصًا”
(يو
40: 18
) حيث مصطلح لص
Lhst»j
يعني غيور





[38]




.

 وكما سبق وذكرنا أنه على الرغم من أن ناموس موسى يأمر بأن الشخص الذي قتل بدون عمد يترك حر
ً
ا
،
يلاحظ القديس كيرلس
ببراعته
المعهودة أن اليهود لم يطلبوا إطلاق سراح واحد من هؤلاء
،
ولكن اللص الشهير القاتل باراباس





[39]




.

وبينما
جرت العادة أن يقدم الشعب أولاً طلب إلى الحاكم من أجل المحكوم عليه
و
فيما بعد يمنح الحاكم العفو. يلاحظ الأب بطرس السدمنتي أن الأدوار هنا جاءت معكوسة تمام
ً
ا
.
فالحاكم هو الذي يقترح على الشعب”
مَن من الاثنين تر
ي
دون أن أطلق لكم باراباس أم يسوع الذي يدعى المسيح” والشعب يقرر

باراباس

(مت
17: 27
و21، مر
9
:
15
و11، لو23: 17
و18، يو18: 3940)





[40]




.

هنا وبالتحديد يثير انتباهنا دور الشعب
الآن
في علاقته
بيسوع،
ودوره
قبل القبض عل
يه بقليل
. فمن قبل أربعة أيام فقط هتف الشعب ليسوع و
إ
ستقبله كمل
ك
مبارك من الله
،
لدرجة أن الزعماء الدينيين قد قرروا القبض عليه “
خلّوًا
من الجمع

(لو
6
:
22
)
،
بينما الآن الشعب يطلب وبصوت قوي موت الإنسان نفسه! كيف إذا ي
ُ
بر
ّ
ر هذا التحول السهل في موقف الشعب؟ الأسباب المحتملة لذلك هي الآتية:

1
كانت توجد
في وسط
الشعب مجموعة بسبب تعصبها الديني وتمسكها الحرفي
با
لناموس الموسوي والتقاليد
،
لم تقبل تعاليم يسوع
،
ولم توافق على أعماله
(
انظر على سبيل المثال عدم حفظ عطلة السبت يو
1: 515
، التعليم
ع
ن الحرية الحقيقية
ي
و
31: 837
وغيرها
)
. هذه المجموعة وصل بها الحد إلى أن تدعو السيد
بقصد إهانته

إ
نه سامري وبه شيطان”
(يو8: 48) بل وحاولت أيضا أ
ن
ترجمه (يو
16: 5
و
59: 8
)
.
فم
ن غير شك لم تخل
ُ
ساحة دار الولاية من هذه المجموعة.

2
مجموعة أخرى من الشعب كانت قد غي
ّ
رت موقفها من جهة السيد بسبب
تخيّب
آمالها المسيانية فيه “أي يسوع كمسيا سياسي”
(يو
15: 6
)
،
وهذا
التخيّب
لم يقودها فقط إلى الابتعاد عنه
،
بل وإلى
محاولة التخلص
منه لفتح الطريق أمام المسيا الذي ينتظروه، فهل يعقل بعد ذلك
أ
لا
ّ
يكونوا هناك؟!

3
مجموعة أخرى من الشعب من جماعة الغيورين
، من
المؤكد
أ
نها كانت موجودة أثناء المحاكمة
،
وظلت تنتظر بتأهب لحظة اقتراح بيلاطس ليطلبوا وبشدة إطلاق سراح زميلهم باراباس.

4
ومن المهم جدًا أيضًا هنا افتراض أوريجانوس أن بيلاطس فيما هو يبحث في السجلات الخاصة بالقضايا
،
قد وجد أن باراباس يدعى أيض
ً
ا يسوع
،
ولذا عندما
ت
وجه
ب
السؤال إلى الشعب
قائلاً
” مَن
م
ن الاثنين تريدون أن أطلق لكم يسوع باراباس أم يسوع الذي يدعى المسيح” طلب الشعب إطلاق سراح يسوع وه
و
يعني يسوع المسيح
،
لكن رؤساء الكهنة كانوا هم الذين نقلوا إلى بيلاطس أن الشعب يعني يسوع باراباس وليس يسوع المسيح





[41]




.

5
لنتطلع هنا إلى جمع مختلف تمام
ً
ا عن ذاك الذي صار
عنه
حديث في الشواهد
(لو
6: 22
، مر
2: 14
، مت
5: 26
)
،
أي إلى جمع من الخدام وأصدقاء و
أ
تباع رؤساء الكهنة الموالين لهم تماما، والذين يتحركون وفقا لإرادتهم ويسعون لتنفيذ رغباتهم (مر
1: 15
، مت27: 12، لو23: 12). ودون أ
ن
يمنع هذا احتمال رشوتهم. كل هذا وفي الوقت الذي كان يسوع يقف أمامهم وحده فقط.

6
أيضا من المحتمل جد
ً
ا أن تغير موقف الشعب تجاه يسوع يرجع إلى النفوذ الكبير لرؤساء الكهنة والرئاسات الدينية عموما عليه، إذ أن الشعب
و
كما يلاحظ لم يطلب من نفسه إطلاق باراباس وصلب المسيح بل
ت
لقن هذا الطلب من رؤساء الكهنة
(مر
11: 15
، مت
20: 27
، لو23: 23، يو
19
: 6
و15)





[42]




.

7
وعلى أي حال فلقد و
ُ
جد
ت
أيض
ً
ا في ساحة الولاية الصاخبة والمضطربة مجموعة من الناس الذين احبوا السيد واحترموا شخصيته
،
ولكن بسبب خوفهم من الرئاسات الدينية
،
ومن عقوبة طردهم من المجمع (يو
12: 713
و
22: 9
)
وأيض
ً
ا بسبب قلة عددهم وسط الجمع الكثير الرافض للسيد، لم يستطيعوا أن يع
م
لوا أي شئ من أجله.

هكذا لم يكن غريبًا
،
يعقب القديس اسي
د
روس الفرمي





[43]






على هذا الحدث
،
أ
ن
مدينة ال
د
ماء
،
وأبناء القتلة

ت23
: 37،
لو13: 34)
تفك
قيد القاتل باراباس
وتطلقه
غير معاقبًا
،
وتقدم
الصليب
ل
رئيس الحياة وعدم الفساد و
ت
قوده إلى القبر.

في النهاية قبل المسيح التصويت عليه بالموت وكنتيجة لهذا:

1
أ
ُ
طلق على الفور باراباس حرًا، فهكذا ومن البداية يهب الصليب الحرية للم
ح
كوم عليهم





[44]




.

2
حرر آدم الذي يرمز إليه باراباس من الحبس الذي كان فيه بسبب خطاياه





[45]




.

وهكذا تنتهي روايات الإنجيل
ي
ين الثلاثة الأ
ُ
و
ّ
ل في
ا
لموضوع تحت البحث بالمعلومة عن إطلاق سراح باراباس
،
وعن قرار حكم بيلاطس على يسوع بالصلب من بعد إصرار اليهود على ذلك (مر
11: 1515،
م
ت
27: 2126، لو23: 2025)
.

 

ب
ال
إ
ستهزاءات بيسوع وإصرار اليهود على صلبه (يو19: 116، مر15: 1520، مت27: 2631)
.

بمواصلة الحديث نرى انه بينما يصف الإنجيلي
ا
ن
الأولان
الاستهزاءات
ب
يسوع من عساكر الحاكم الروماني
كإجراء من إجراءات الحكم بالصلب

ت27: 2731
،
مر
16: 1520
)
.
يتحدث الإنجيلي الرابع





[46]






عن الاستهزاءات
ب
يسوع كمحاولة أخيرة من الوالي الروماني بيلاطس لإطلاق سراح
ه
. ولهذا يكتب القديس كيرلس الإسكندري
:
جل
َ
ده ظلم
ً
ا
،
وسمح
لجنوده
أن يستهزئوا به
،
لأنه ظن أن الشعب اليهودي عندما سيرى السيد وقد عانى من هذه العقوبة
الظالمة
و
هو برئ تمام
ً
ا من كل تهمة
،
سيهدأ ويشفق عليه





[47]






.

لقد
أ
خذ
عساكر بيلاطس
يسوع إلى الفناء الداخلي لدار الولاية
وهناك
بدأ يقبل من
هم
سيل من العذابات والإهانات
،
مثل نزع ملابسه، الج
َ
لد، إلباسه ثوب من أرجوان،
وضع
إكليل من الشوك
على رأسه
عمل الجند الرومان،
إمساكه
قصبة بيده اليمنى، صفعات متوالية على خديه، ضربات شديدة بالعصا على رأسه، الاقتراب منه والسجود له باستهزاء مرددين
” السلام يا ملك اليهود” ثم القيام وبكل ما لديهم من قوة
أخرجوا
بصاقهم
وأفرغوه
في وجه السيد
(يو
1: 193
، مر15: 1519، مت27: 2630). بهذه الطريقة الخسيسة والظالمة، ع
ا
مل الجنود الرومان السيد كما لو كانوا يتعاملون مع ملك كاذب
.
فالإكليل على سبيل المثال الذي هو للملك تاج المجد
،
جعل
و
ه للسيد إكليل
ا
لعار، والثوب الأرجواني والصولجان اللواتي هي من علامات الملوكية
،
صارت للسيد علامات الإهانة. والك
ُ
ت
ّ
اب الأقباط أمثال
(
سمعان بن كليل وبطرس السدمنتي
)
بجانب تفسيرهم التاريخي لهذا الحدث يستخدمون أيضا التفسير الرمزي كالآتي:

*
نزع ثياب يسوع يرمز إلى نزع ثوب الخطية الذي غطى الجنس البشري
منذ أن
دخلت الخطية إلى العالم.

* تغطية
يسوع
ب
الرداء الأحمر الذي كان القادة يضعونه على أكتافهم
،
يشير إلى ارتداء الجنس البشري من جديد حلته الأولى واللامعة التي كانت له قبل السقوط.

*
وضع إكليل من شوك على رأس السيد
،
ي
ُ
راد ب
ه
رفع اللعنة التي حلت على الإنسان بسبب مخالفته للوصية.

*
إمساك العصا باليد اليمنى يعني به قتل الحية التي خدعت قديمًا حواء





[48]




.

والآن ووفقًا لتقليد الكنيسة القبطية ض
ُ
رب السيد بالسياط تسعة وثلاثون جلدة
(2كو11: 24)
،
وإذا أضيف إلى هذا
العدد
عددي
ن
آ
خرين يرمزان إلى
آلام
السيد وهما إكليل الشوك على رأسه
،
وطعنة الحربة في جنبه
،
سيصير العدد
الكلى
واحد وأربعون
،
وهو عدد الصلاة ” يا رب ارحم” في صلوات السواعي.

 في النهاية
ن
ذكر أن الحفريات الحديثة في أورشليم أحضرت إلى النور وجود ساحة كبيرة تمثل جزء من الموضع الذي كانت
مقامة عليه قلعة “أنطونيا”
المقر المؤقت للوالي الروماني آنذاك
.
وهذه الساحة من المحتمل جدًا أن تكون هي الفناء الداخلي لدار الولاية
،
المكان الذي شهد تعذيب السيد المسيح وجلده من الجنود الرومان
.
هذا
و
يوجد حتى اليوم في هذه الساحة عمود يبدو انه هو العمود الذي كان يستخدم
في
ربط وجلد المتهمين
.
أيضا يجب أن نسجل أن هذه الساحة يرجع زمانها إلى عصر الملك هيرودس





[49]




.

3
الاعتراف الثالث ببراءة يسوع وتسليمه للصلب (لو2
2
: 2
3
25، يو19: 616، مر15: 15، مت27: 26).

 إذ نعود مرة أخرى إلى موضوعنا نلاحظ انه بينما كان لدى بيلاطس الأمل في إطلاق يسوع من بعد هذ
ا
العقاب الأخير الظالم
،
وال
إ
عتراف الثالث ببراءته (يو19: 6، لو
22: 23
) للأسف خاب أمله كلية
،
ل
أ
ن كل من رؤساء الكهنة وحراس الهيكل والشعب عندما رأوا يسوع وهو حامل على رأسه إكليل الشوك وموضوعًا على كتف
ي
ه الرداء الأحمر بد
أ
وا يصرخون قائلين

أص
ل
به أصلبه”
(يو
4: 196
)
.
لقد تشبهوا
حين
ئذ
ٍ
بالكرامين الأردياء الذين بمجرد أن رأوا الابن الحبيب لسيدهم ليس فقط لم يحترموه بل قالوا فيما بينهم “
هذا هو الوارث هلموا ن
ق
تله فيكون لنا الميراث”
(انظر مر12: 7، م
ت
21: 38، لو20: 14). ووفقا لشهادات من ذ
ا
ك العصر كان بعض فاعلي الشر ي
ُ
نف
ّ
ذ
فيهم
حكم الإعدام بالصلب وذلك بتعليقهم أحياء على شجرة
.
وتحت نور هذه الشهادات
،
وأيض
ً
ا من
ال
أمثلة التاريخية
على ت
نفيذ عقوبة مثل هذه
،
ف
إ
ن صرخة الشعب اليهودي في وجه المسيح “
أ
صلبه
أ
صلبه
” كانت تعبر عن المصير المأساوي الذي تمناه هذا الشعب لمن جاء
لأجل فدائه
لكن المسيح لم يكن يجب أن يعلق على خشب
ة
ملعونا من الله ومن الناس (ت
ث22: 2123
)
،
لأنه بحسب الرسول بولس اللعنة التي حملها المسيح على الصليب كانت لنا ولم تكن إطلاقا له (غلا3: 13)





[50]




.

 

رابعا: م
َ
ن المسئول عن موت المسيح؟

نسجل هنا ولمرة أخرى أن ك
ُ
ت
ّ
اب الأناجيل يشددون في رواياتهم موضع الحديث من ناحية على الاعلان من جانب القيادا
ت
الرومانية على براءة يسوع
،
ومن ناحية
أ
خرى على مسئولية
ا
ليهود الكبيرة في الحكم على يسوع بالموت.

1
فالإنجيلي متى على سبيل المثال يحفظ لنا في روايته (
1: 2726
) معلومتين جائ
ت
ا من الواضح من تقليده الخاص
،
الأولى تخص حلم زوجة
ب
يلاطس (
19: 27)





[51]





.
ففي الساعة التي كان فيها يسوع يحاكم أمام الوالي الروماني أرسلت إليه
إ
مر
أ
ته وطلبت منه أن لا يضر يسوع البار في شئ
،
لأنها في الليلة السابقة رأت حلم وتعذبت كثيرًا منه. وهذا حدث حتى يفهم بيلاطس من صمت يسوع المذهل
،
ومن
ال
حلم الذي رأته
إ
مر
أ
ته
،
أ
نه لا يحاكم إنسان بل
إ
له. ومن وجهة نظر أخرى كان الحلم عمل العناية الإلهية ف
إ
نه بدون أن نعرف ماذا رأت
،
إلا
ّ
أ
نه من الواضح قد أ
ُ
رسل من الله ليس فقط لكي لا يصاب يسوع بأذى بل
و
أيض
ً
ا لتخلص المرأة





[52]




.

والمعلومة الثانية
هى
عن غسل بيلاطس يديه أمام الشعب (مت27: 2425)
،
حيث أن هذا الإجراء كان يمثل عادة يهودية يراد بها إظهار نقاوة الضمير ورفع المسئولية الشخصية عن الحكم (تث
6: 21
الخ)





[53]






.
وعليه فقد استخدم بيلاطس هذه العادة اليهودية
،
لكي من جانب يجعل موقفه من
قضية يسوع واضح
ً
ا جد
ً
ا أمام اليهود الذين لا يعرفون اليونانية عندما قال
إ
نه “
برئ من دم هذا البار”
(مت27: 24)





[54]




، ومن جانب

آ
خر لكي يحول المسئولية على اليهود أنفسهم فقد قال
بعد
ذلك “
ابصروا أنتم”
(مت27: 24) أي أن الذنب عليكم





[55]




.

إذ
ً
ا ومن الواضح بحسب إنجيل متى أن بيلاطس
أ
صدر قرار الحكم بالموت على يسوع وهو واقع تحت تأثير ضغوط كثيرة من اليهود يقول القديس متى “
فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا بل بالحر
ى
يحدث ش
َ
غب
أ
خذ ماء
ً
وغسل يديه قدام الجمع قائلاً أني برئ من دم هذا البار ابصروا أنتم”
(2
4
: 2
7
).

2
والإنجيلي مرق
س
بدوره ي
ُ
ظهر
،
من جانب
،
الوالي الروماني وقد عرف من البداية أن رؤساء الكهنة قد
أ
سلموا يسوع
إليه
حسدًا
(
10: 15
)
،
ومن جانب آخر
،
إصرار اليهود الشديد عند بيلاطس على طلب إطلاق سراح باراباس وعلى تسليم يسوع للصلب
(15: 1214).

3
والقديس لوقا أيض
ً
ا رغم
أ
نه قد ش
د
د في اكثر من موضع في روايته على براءة يسوع من كل التهم التي نسبت إليه وذلك من الاعتراف الثلاثي لبيلاطس بهذه البراءة (23: 4
و13
و14
و22)
،
وأيض
ً
ا من
إ
عتراف هيرودس الملك (
15
:
23
)
،
و
أيضًا من
محاولات الوالي الروماني المتكررة لإطلاق سراح السيد (
16
:
23
و20و22)
.
إلا
أ
نه يسجل في النهاية أن أصوات رؤساء الكهنة والشعب المطالبة بصلب يسوع قد قويت جدًا و
ل
هذا
إ
ضطر
ب
يلاطس أن يحكم بحسب طلبهم (23: 24،25).

4
ومن عند القديس يوحنا لدينا شهادات كثيرة وهامة لموضوعنا، فعلى سبيل المثال:

أ
محاولة القاضي الروماني من البداية إعفاء نفسه من ا
ل
حكم في قضية يسوع عندما قال لرؤساء اليهود “
خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم”
(
31: 18
).

ب
إظهار
ب
يلاطس وقد بدأ شعور الخوف من يسوع والتشاؤم من محاكمته يخيم في قلبه
،
خاصة عندما سمع من اليهود أن يسوع يدعي نفسه “
ا
بن الله”
(
7: 19
و8)
إذ لم يبدوا له
أنه أمر
غير مصدق أنه بينما وهو إنسان يمكن أن يكون في نفس
الوقت ا
بن الله. فالأساطير اليونانية كانت تدعو بعض الناس “أشباه
آ
لهه”
و”أبناء
للآل
هه”
بل والرومان كثيرًا ما كانوا يمنحون اسم الله إلى أباطرتهم





[56]






.
كما أن لقب
” ا
بن الله

كان معروفًا
ف
ي العبا
د
ات الوثنية فالرسول بولس يذكر في عظته لأهل أثينا أن الشعراء اليونانيون كانوا يتحدثون عن نسل ال
ل
ه “
كما قال بعض شعرائكم أيضا لأننا أيضا ذ
ُ
ريته”
(أع17: 28).

ج
ال
إ
عتراف الثلاثي من بيلاطس أثناء المحاكمة ببراءة يسوع و
أيضًا
محاولاته المستمرة
ل
إطلاق سراحه (
38: 18
و39،
4: 19
و6
و12).

د
قول يسوع إلى بيلاطس “.. لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم

(
11: 19
) فهو بهذا يعني أولا ذاك التلميذ الخائن الذي كان محبًا للمال
،
ثم القيادات الدينية اليهودية التي عضد
ّ
ت ذاك التلميذ
،
وفي النهاية الشعب اليهودي نفسه الذي انساق وراء رؤسائه الأشرار. على كل هؤلاء يقع الجزء الأكبر من مسئولية قتل يسوع
.
لكن
بيلاطس لا يعفى تمام
ً
ا من المسئولية بسبب موافقته على هذه الجريمة





[57]




. فخطأ

ب
يلاطس أنه لم يطبق
القانون
الموضوع بأيدي بشرية
،
إذ
على الرغم من اعترافه ببراءة يسوع ثلاث مرات
،
إلا
ّ
أنه قد أسلمه في النهاية للصلب
.
بينما خطأ رؤساء الكهنة أنهم ليس فقط لم يحافظوا على ناموسهم الذي استلموه من الله
،
بل
و
استخدموه أيضا في قتل إنسان برئ (
17: 19
) ولهذا كانت خطيتهم أكبر بكثير من خطية بيلاطس.

ه
والجدير بالملاحظة هنا في رواية يوحنا عن محاكمة السيد هو ذكره بوضوح أن أول من صرخوا في وجه يسوع قائلين ” أصلبه أصلبه” كانوا هم رؤساء الكهنة وخدامهم (يو
6: 19
)
.
و
ذلك
لأنه
لو حدث
و
تأثر الجمع المحتشد من منظر السيد بعد التعذيبات التي احتملها
،
يكونون هم أول من
ي
رفعو
ن
الأصوات المطالبة بصلبه، دافعين
الشعب
هكذا إلى الإنقياد ورائهم





[58]






.

و
تصريح بيلاطس الواضح “
خذوه أنتم واصلبوه لأني لست أجد فيه علة

(
6: 19
) جعل اليهود هم المسئولين أساسا عن صلب المسيح أمام الله وأمام التاريخ.

بعد كل ما ذكرنا
ه
نلاحظ أن اتجاه الإنجيلي
ي
ن إلى اتهام القيادات الدينية اليهودية بصلب يسوع
،
لا يقلل في نفس الوقت دور القيادة السياسية الرومانية والتي كان على عاتقها في النهاية مسئولية القضاء الإداري. هذه المشاركة
إذًا
في مسئولية صلب المسيح بين اليهود والرومان تتفق ومع ما يذكر بشأنها في كتب تاريخ المسيحية. فالوالي الروماني بيلاطس البنطي كان مسئولا
ً
عن محاكمة يسوع بموت الصلب
،
إذ قد تعامل مع مجموعة من اليهود الصدوقيين
،
والتي بدورها حركت جماعة من السامعين لها ضد يسوع. وبالتالي
فإن
مسئولية صلب المسيح يتحملها كل من بيلاطس نفسه
،
والجماعة الكهنوتية لأورشليم في ذلك العصر
.
بكلام آخر بينما كانت المسئولية النهائية في صلب المسيح
تقع
على
عاتق
الرومان إذ كانوا هم المنفذين الفعلين للحكم
،
إلا
ّ
أن بعض رؤساء اليهود في ذ
ا
ك العصر وبالأخص أولئك الذين عملوا في الكهنوت بهيكل أورشليم تقاسما معهم مسئولية هذا الحكم. وهكذا فإن حكم الموت على السيد المسيح بالصلب يمكن أن يشرح وبتوفيق كبير داخل الإطار التنظيمي للسلطة الرومانية على بلاد اليهود في ذلك الوقت
،
ومع اعتبار أن المشاركة اليهودية في هذا الحكم هو أمر مفروغ منه





[59]




.

 

خامسًا
:
مسئولية الأشخاص وخطة التدبير الإلهي:

 
رغم كل ما قُدم
حتى الآن ما زال أمامنا موضوع شائك يجع
ل
في
البعض حيرة
وهو: إذا كان وفقًا لخطة التدبير الإلهي
،
خلاص العالم يتطلب موت أبن الله على الصليب (يو
14: 316
)
،
وهذا الموت قد سبق العهد القديم وتنبأ به
بالفعل
(انظر على سبيل المثال لو24: 26و26 و44)
،
فهل عندئذ كل الأشخاص الذين لعبوا دورًا في قتل المسيح هم
أبرياء
من هذه المسئولية؟ الإجابة التي
ن
عطيها هي:

في الواقع أن الأشخاص موضع الحديث لم يقتلوا المسيح لكي يحققوا خطة التدبير الإلهي إذ عندئذ
س
يكونوا مبررين
،
فاليهود على الرغم
من أ
نه كانت معهم الكتب النبوية التي تكلمت عن مجيء السيد المسيح وعمله وموته
،
وأيض
ً
ا كانت لد
ي
هم طقوس تصف حياة المسيح
، إلاّ أنه عندما
جاء السيد إلى خاصته “
خاصته لم تقبله”
(يو
11: 1
)
.
وذلك ل
أ
ن أعمالهم
ال
شريرة
جعلتهم أن يحبوا الظلمة أكثر
من النور (يو3: 19)
.
فاليهود الذين كانوا شعب الله الخاص عندما جاء إليهم
الله
متجسدًا رفضوه.

وعن
موقف
هذا
الشعب الجاحد لإلهه يعبر بإبداع النبي زكريا عندما يسأل السيد باستغراب ويقول له
” ما هذه الجروح في يديك؟

ويجيب السيد في أسى

هي التي جرحت بها في بيت أحبائي

(
6: 13
). للسبب السابق إذ
ً
ا
ي
تضح
لنا
أن اليهود هم بلا عذر في مسئولية قتل المسيح
.
بل هم أيضًا بلا عذر
و
لسبب
آ
خر مهم جدًا وهو أنه على الرغم من أن خلاص العالم قد تحقق بمجيء المسيح وموته على الصليب ومنذ
أ
لفي سنة
،
إلاّ أنه لايزال
هؤلاء حتى الآن لا يؤمنون به
(يو8: 2128).

أيضًا الرومان
،
وسوف نتوقف هنا أساس
ً
ا
عند شخصية بيلاطس البنطي فهو لا يمكن أن ي
ُ
بر
ّ
ر من مسئولية قتل المسيح
، وذلك
لأنه
بعد
كل ما سمعه أثناء المحاكمة من السيد نف
س
ه ومن اليهود ومن زوجته
،
قد
أدرك بلا شك أي إنسان يحاكم
.
ومع هذا
تراجع أمام إصرار طلب اليهود على صلب
المسيح
ورضى بهذا الحكم.

لكن كيف ي
ُ
فسر هذا التراجع الذي حصل من بيلاطس في النهاية
،
وعلى الرغم من أنه هو نفسه قد
أ
ظهر من البداية موقف
التعاطف مع
يسوع؟ ونج
ي
ب:

1
ربما محاولات الوالي الروماني
ل
إطلاق سراح يسوع
،
لم ترجع أساسا إلى
تعاطفه معه،
بل إلى عدم اقتناعه الشخصي بالمفاهيم المسيانية لدى اليهود
وبتحقيقها
في شخص يسوع
.
فضلاً عن هذا ف
إن
المعاصرين
لبيلاطس
أمثال الفيلسوف اليهودي فيلون
كانوا
يصفونه بأنه إنسان قاسي جدًا وعديم الإنسانية





[60]




، والمؤرخ اليهودي يوس

ي
فوس يروي أحداثا كثيرة عنه تشهد على مدى كراهيته لليهود وعلى غلاظة قلبه من نحوهم





[61]






.
وبجانب ما
يشهد به يوسيفوس توجد أيضًا لدينا شهادة الإنجيلي لوقا عن الحدث الذي فيه ذبح بيلاطس الجليليين ” وخلط دمائهم بدماء ذبائحهم”
(لو
1: 13
). أيضا المصادر التاريخية ليوسيفوس تؤكد أنه لا توجد شهادة تعضد الرأي القائل
:
أن بيلاطس في بداية ولايته أظهر من جانبه احترامًا لليهود ولعقائدهم
،
ولكن بعد سقوط صديقه وحاميه سيانوس
،
هذا السقوط الذي أخذ كنتيجة أن يفقد بيلاطس تقدير الإمبراطور طيباريوس له.
إ
ضطر بيلاطس إلى تغيير سياسته من جهة اليهود. فالح
ق
يقة أنه لا يوجد فرق جوهري بين صورة بيلاطس عند فيلون ويوسيفوس
،
وتلك التي له في الأناجيل





[62]




. والمنابع

التاريخية
كشفت أيض
ً
ا أن التكتيك الفني
،
وهو أسلوب السلبية تمام
ً
ا الذي اتخذه رئيس الكهنة قيافا تجاه الوالي الروماني
،
كان طريقة تد
ب
ير فعالة
،
منعت بيلاطس في كثير من الأحيان من الإساءة للشعب اليهودي
.
ولهذا السبب ف
إ
ن قيافا لم ي
ُ
طرد من
خدمته
بل قدم
ب
نفسه
إ
ستقالة من رتبته





[63]




.

2
وربما أيضا لم يظهر بيلاطس
إ
هتمام كبير بمصير يسوع لكون السيد يهوديًا وهو الوالي رومانيًا
.
لأنه لو كان السيد رومانيًا لأعطى
بالطبع
بيلاطس
إ
هتمام
أ
كثر
بقضيته
أو
لو
كان بيلاطس يهوديًا لفهم أكثر م
َ
ن هو السيد وأيضًا موقف اليهود منه.

3
لكن من المحتمل جدًا أن
يكون
بيلاطس قد فكر أنه ليس من صالحه أن يخاطر بمركزه إذا أطلق سراح معلمًا بريئًا
إ
تهمه اليهود ظلمًا
.
إذ بمجرد أن
أدرك
أن اليهود على استعداد أن يشتكوه عند قيصر في حالة ما إذا أطلق
سراح
يسوع (يو
12: 19
) كان أمامه اختيارين
إ
ما
أ
ن يطبق
العدالة
و
يبرئ يسوع، وإما أن يتراجع أمام
تهديدهم
له ويسلم يسوع
للصل
ب
،
وهو الإجراء الذي اتخذه في النهاية
.
هكذا في الاختيار الأول كان بيلاطس سيجازف برتبته وربما بحياته نفسها
،
ولذا فض
ّ
ل الاختيار الثاني “أعيش أنا وليمت المسيح”
.
لقد سا
د
تخوفه المنطقي من قيصر
،
وهي مشاعر لا تليق بكرامة شخصية قيادية مثله
،
على تخوفه
الضميرى
من يسوع. أضف إلى هذا أن الحكم بالموت على معل
ّ
م بر
ىء
سوف لا يخلق مشكلة لضميره إذ هو نفسه في الماضي قد حكم على أبرياء كثيرين بالموت.

 لقد هدد اليهود بيلاطس قائلين “
إن أطلقت هذا فلست
ُ
م
ُ
حبًا لقيصر”
(يو
12: 19
) واللقب “
م
ُ
حبًا لقيصر” كان يمنح من قيصر إلى القادة الرومان الذين يق
و
مون بإنجاز أعمال قيمة تخدم مصالح الإمبراطورية الرومانية وتخدم الإمبراطور نفسه
.
و
بالتالي فان اللقب المضاد ” لست
ُ
م
ُ
حبًا لقيصر” يعني بطري
ق
ة ما نوع من الخيانة لقيصر وللوطن





[64]




. وإذا

أ
خذنا في الاعتبار الحقيقة التاريخية أنه كان معروفًا لدى اليهود أن بيلاطس لم
ي
كن
على
علاقة
طيبة
مع قيصر





[65]






،
عندئذ
ٍ
سنفهم كم كان تهديد اليهود لبيلاطس خطرًا جدًا
.
لهذا يكتب القديس كيرلس الإسكندري
قائلاً:
على اليهود سوف يلقي الواحد كل
مسئولية
العمل
الوقح،
لأنهم كانوا من البداية أول م
َ
ن رفضوا المسيح. ولكن لا نستطيع أن نقول أن بيلاطس لم يكن مشاركًا هؤلاء في غبائهم
.
إذ بينما
كان في
استطاع
ته
أن يخل
ّ
ص السيد من جنون اليهود
،
ليس فقط لم ينقذه منهم بل أسلمه إليهم
،
و
ليصلبوه





[66]




.

 لكن على أي حال يجب أن نسجل ه
ن
ا أن الإنجيل
ي
ين لا
يهتمون بالتحليل ال
نفسي للأشخاص المختلفة التي
إ
رتبطت بموضوع محاكمة السيد المسيح
،
ولا أيضا بالمكانة التاريخية التي كانت لهم
،
ولا حتى بالتفسير الدقيق
لأفعال هذه الشخصيات. إنهم يهدفون
أساس
ً
ا إلى تقديم النتائج الخلاصية
لآلام
السيد، وإذ يركزون على هذا
،
لا مفر أمامهم عندئذ
ٍ
من التحدث عن المسرح الإنساني التاريخي الذي فيه تحققت الإرادة الإلهية





[67]




.

 وعند هذه النقطة نصل إلى أن نسأل منطقيًا من هو أو من هم في النهاية المسئول
و
ن عن موت المسيح؟ إجابت
ن
ا هي الآتية:

آ
خذين كنقطة
إرتكاز
حادثة باراباس
(مر15:
615
)
ن
رى أن يسوع
قد
ح
ُ
كم عليه بالموت في النهاية من ثلاثة هيئات مختلفة
،
وعلى
ثلاثة مستويات مختلفة:

1
من المجمع اليهودي (السنهدريم) على المستوى اللاهوتي “يسوع أبن الله”.

2
من بيلاطس البنطي وهيرودس انتيباس على المستوى السياسي “يسوع ملك اليهود”.

3
من الشعب على المستوى الإنساني ” يسوع
ا
بن الإنسان”





[68]




.

 هكذا في الأساس بهيئة قضا
ء
يهودية
،
وبمساعدة من جمع غاضب
،
وتحت حكم سلط
ة
رومانية
،
أرسل يسوع إلى موت الصليب





[69]




.

في النهاية يجب أن نسجل أنه في قاموس “الكنيسة المسيحية” إصدار ا
ك
سفور
د
يذك
ُ
ر عن بيلاطس البنطي وفقا ليوسابيوس القيصري (تاريخ الكنيسة2، 7) أنه ن
ُ
في إلى فيني بفرنسا حيث انتحر هناك
.
لكن في التقليد الشرقي يواصل القاموس
الكلام ي
ُ
ذكر أن بيلاطس وزوجته
ب
روكلا
قد
صارا مسيحيين
،
وبحسب التقليد
القبطى
صار بيلاطس بطلا وشهيدًا للمسيح.

 لكن ما يخص الكنيسة القبطية ف
إ
ن ال
إ
دعاء المذكور في القاموس ليس صحيحًا ل
أ
نه في الحقيقة اسم بيلاطس ي
ُ
ذكر فقط في الكتب الليتورجية للكنيسة القبطية
،
في قانون الإيمان كالتالي

وص
ُ
لب عنا على عهد بيلاطس البنطي..” وفي ال
إ
عتراف الأخير للأب الكاهن هكذا “
و
ا
عترف الاعتراف الحسن أمام بيلاطس البنطي وأسلمه عنا على خشب
ة
الصليب المقدسة بإرادته وحده عنا كلنا..”





[70]




أي كشهادة تاريخية للأحداث الخلاصية التي تمت في ذ

ا
ك الوقت الذي كان فيه واليًا على اليهودية
(26
3
6 ب.م). وفقط في الأناجيل ال
أ
بوكر
ي
فا
(
أى
التي انتشرت في الخفاء) يظهر بيلاطس كبطل وشهيد للمسيح





[71]




.









[1]







هو الوالى الرومانى على اليهودية في الفترة من 26ـ36م والذي صدّق على حكم الموت ليسوع. يُسمى “بيلاطس”، حيث بحسب تفسير ما، كان يحمل دائمًا الرمح، والصفة “البنطى” تعنى أصله (نسبه) أى أنه من عائلة ما من بلاد بنطس، أسيا الصغرى. انظر
Q
.H.E, T 10, 6t. 390








[2]







انظر كيرلس الأسكندرى (شروحات على إنجيل يوحنا)
P.G. 74, 612








[3]







انظر بطرس السدمنتى، ” القول الصحيح..”، ص 301.





[4]




J. Murphy – O’ Connor, NTA 41 No 2, 1979, P. 235.





[5]




Hengstenberg, “ Commentary on the Gospel of
st. John
“, P. 364.





[6]




B. Kinmam, NTA, 37, No1, 1993, P.20.








[7]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 617.








[8]







في هذه النقطة وبعد “… الأمة ” الترجمات اللاتينية الأولية تضيف  “ويحل الناموس والأنبياء” وبعد “…قيصر” تضيف “ويعرض عن النساء والأولاد” انظر:

 
Iw. karabidÒpoulou, “ tÕ p£qoj .. “, s, 121.








[9]







انظر شروحات على إنجيل متى
P.G. 17, 305








[10]







انظر شروحات على إنجيل يوحنا
P.G. 74, 624








[11]







انظر سمعان بن كليل ” تفسير إنجيل متى ” ورقة 323ج.





[12]




Christologie du N. Testament “, P. 122.








[13]







انظر
P.G. 74, 620








[14]







انظر المطران أثناسيوس، ” تفسير إنجيل يوحنا “، بنى سويف
21984، ص 221.








[15]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 620








[16]







انظر أمونيوس الأسكندرى ” شذرات على إنجيل يوحنا “
P.G. 85, 1509








[17]







انظر ابو شاكر، ” الشفا في كشف ما استتر من لاهوت المسيح واختفى “، بنى سويف 1905، ص 257، 279.








[18]







انظر أوريجينوس،
P.G. 17, 305








[19]







انظر ابو شاكر، المرجع السابق، ص 260ـ261.








[20]







انظر بطرس السدمنتى، ص 318.








[21]







انظر تفسير إنجيل لوقا
P.G. 72, 933
. انظر أيضًا الترجمة العربية، إصدار مركز دراسات الآباء ـ الجزء الخامس، القاهرة 2001، ص165.





[22]




F
.C
Dibelius, “ Herodes und
Pilatus
“, ZNW 16 (1915), P. 113-126.








[23]







انظر ابو شاكر، المرجع السابق، ص 261.








[24]







انظر بطرس السدمنتى، المرجع السابق، ص319ـ320.








[25]







انظر المطران أثناسيوس، الإنجيل بحسب متى، بنى سويف 1985، ص 71.








[26]







انظر سمعان بن كليل، ” تفسير إنجيل متى ” ورقة 327ظ.





[27]




Bénoit, “ le Procés de Jesus “, P. 280.





[28]




Grundmann, “ Evang. Lukas “, P. 424.








[29]







انظر ” تفسير إنجيل متى” ورقة 327ج.








[30]







انظر “المقالات عن الصلب”، ص 63.








[31]







عن اللباس الفخم ” انظر
Trempšla, “ `UpÒmn. Lk “, s.630.





[32]




P. Jüon, Rech SR 26 (1936), P. 80-85.





[33]




J.B. Tyson, “ Jesus and Herod Antipas “, JBL 79 (1960), P. 239-246.








[34]







انظر أوريجينوس،
P.G. 17, 305-308








[35]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G 74, 624-625








[36]







انظر سمعان بن كليل، ورقة 323ج.





[37]




Blinzler, “ Der Prozess Jesu “, P. 222.





[38]




Damal¦, “ Ermhn. K. D “ T.3, s. 673.
Cullmann, “ Der staat im N. testament “, P. 34.





[39]




P.G. 74, 625.








[40]







انظر ” القول الصحيح في آلام المسيح “، ص 325.








[41]







يقول أوريجانوس إن الاسم باراباس كان اسم الأب للص والذي يعنى “ابن المعلم”
P.G. 17, 308
انظر أيضًا على سبيل المثال:

Maccoby “ Jesus and Barabbas “, NTS 16 (1969), P. 55-60.





[42]




P. Mpratsiètou, “ Ð ‘Iouda‹kÕj Ôcloj ™n to‹j eÙaggel…oij “ s. 57.





[43]




perˆ tÁj ¢polÚsewj toà barabb©
“, P.G. 78, 353.





[44]




M. ‘Aqanas…ou, “ LÒgoj e„j tÕ p£qoj toà kur…ou ..
“, P.G. 28, 1057.








[45]







انظر بطرس السدمنتى، ” القول الصحيح .. “، ص322.








[46]







وفقًا لـ
the Gospel according to st. John, B.F. Westcott Eerdmans, 1962
، كان يوحنا حاضرًا في المحاكمتين ليسوع، أى في المحاكمة الدينية والسياسية. ولوقا يتحدث فقط عن الإستهزاءات ليسوع وقت إستجوابه من الملك هيرودس (انظر لو11:23)





[47]




P.G 74, 628.








[48]







انظر سمعان بن كليل، “تفسير إنجيل متى”، ورقة 325ج.، انظر أيضًا بطرس السدمنتى، ” القول الصحيح في آلام المسيح “، ص 328ـ330.





[49]




Fergusson, “ the
Temples
of the Jews “, P. 176-242.





[50]




T. Elgvin, “the Messiah who was cursed on the trees“,
NTA 42 No1,1998, P.30.








[51]







من معلومات للمؤرخين
Tak…toj kaˆ Souhtènioj
في
Annales 3, 33
و
Augstus 24
نعرف أنه على الرغم من منع قيصر، إلاّ أن كثيرين من ولاة المقاطعات كانوا يصحبون معهم زوجاتهم، وكن يتدخلن فعليًا في الأمور السياسية.








[52]







انظر أوريجينوس
P.G. 17, 308





[53]




Blinzler “
‘enq. ¢nwt ..“,
P. 231.








[54]







انظر بطرس السدمنتى، المرجع السابق، ص 326، 327.





[55]




Westcott “ the Gospel according to
st. John
“, 1962, P. 273.








[56]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 637-640








[57]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 641








[58]







انظر كيرلس الأسكندرى
P.G. 74, 632





[59]




G. Mamlak, “ the two trials of Jesus “, NTA 34 No1, 1990, P. 17.

P.L. Maier “ who was Responsible for the Trial and Death of Jesus “, NTA 19, 1975, P. 17.





[60]




F…lwnoj “ presbe…a prÒj G£ion “, s. 301.





[61]




Iws»pou “ Ioud… Arc… “, 18, 55. “ Ioud… pÒl… “, 2, 169.





[62]




M. Ging “ Pontius Pilate and the Sources “, NTA 36, No1, 1992, P. 20.





[63]




A. Vicent Cernuda “la Condena inopinadda de Jesús..“ NTA 36, No3, 1992, P.327.





[64]




Hengstenberg, “ Commentary on the Gospel of
st. John
“, Edinburgh, 1871, P 397.





[65]




Iws»pou “ Ioud… Arc… “, cniii 31,2.





[66]




P.G. 74, 649.





[67]




Iw. karabidÒpoulou “ to kata M£rkon Euagg “, s. 484.





[68]




P. Hofrichter “das dre
ˆ
fache verfahren über Jesus ..“, NTA 35 No1, 1999, P.19.





[69]




Okorie “ who Crucified  Jesus; “ NTA 41 No2, 1997, P. 235.








[70]







انظر الخولاجى المقدس وخدمة الشماس، إعداد القمص إسيذوروس البراموسى، القاهرة
31991، ص 141، 186.





[71]




Blinzler, LThk 8, P. 505.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي