المعجزة السادسة والعشرون لَعْن شجرة التين

11 فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 12 وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14 فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: «لا يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَراً بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». وَكَانَ تَلامِيذُهُ يَسْمَعُونَ. 20 وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوُا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأُصُولِ، 21 فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدِي انْظُرْ، اَلتِّينَةُ الَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!» 22 فَأَجَابَ يَسُوعُ: «لِيَكُنْ لَكُمْ إِيمَانٌ بِاللّهِ. 23 لأَنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ قَالَ لِهذَا الْجَبَلِ، انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ، وَلا يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ، فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ. 24 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ. 25 وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ فَاغْفِرُوا إِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ زَلاَّتِكُمْ. 26 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لا يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضاً زَلاَّتِكُمْ» (مرقس 11: 11-26).

 

6 وَقَالَ هذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ. 7 فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراً فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا. لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضاً؟ 8 فَأَجَابَ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضاً، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. 9 فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَراً، وَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا» (لوقا 13: 6-9).

(وردت المعجزة أيضاً في متى21: 18-22).

 

تبدو هذه المعجزة غريبةً علينا، فقد تعّودنا أن نرى المسيح يشفي المريض، ويقيم الميت، ويعطي بركةً لكل من يطلب. أما في هذه المعجزة فنرى المسيح يلعن شجرة تينٍ غير مثمرة.

 

ويمكن أن نتعلم كثيراً من هذه المعجزة لحياتنا الروحية بالنسبة لانتظارات الرب منّا، فلا نعتمد على محبته اعتماداً يدفعنا لنستسلم إلى اللامبالاة في سلوكنا الإيماني. صحيح أنه إله المحبة والغفران، لكنه أيضاً القاضي والديَّان العادل!

 

أعطى الله هذه التينة كل إمكانيات الإثمار، وتجاوبت الشجرة فقدّمت الورق الأخضر، وهذا يجعل الناظر إليها يتوقّع أن يجد فيها ثمراً، فجاءها المسيح ينتظر منها أن تعطيه ما وعدته به، ولكنه لم يجد فيها إلا ورقاً فقط، فأصدر حكم الدينونة عليها: «لا يكُنْ منكِ ثمرٌ بعد إلى الأبد» فيبست التينة في الحال! (آية 19).

 

جرت هذه المعجزة في يوم الإثنين من أسبوع الآلام، ونذكر أن يوم الأحد الذي سبقه كان يوم دخول المسيح الانتصاري إلى أورشليم عندما طهَّر الهيكل من الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه. لقد كان الهيكل جميلاً في منظره ومبانيه، وعامراً بالعابدين المقبلين على تقديم ذبائحهم وعشورهم للرب. لكن بالرغم من هذا المنظر الخارجي الظاهري، لم تكن فيه عبادة بالروح والحق. فكان المسيح عنيفاً مع الباعة، طردهم وقلَب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام وقال لهم: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» (متى 21: 13).

 

وفي اليوم التالي (أي يوم الاثنين) مَرَّ المسيح بتلك الشجرة المورقة، التي تشبه الهيكل العامر بالعبادة ولكن بلا روح. فقد كانت عامرة بالخضرة خالية من الثمر! وكما أعلن المسيح الدينونة على الهيكل وقال إنه لا يُترك فيه حجرٌ على حجرٍ لا يُنقض، وتمَّ قوله بالفعل، هكذا حدث مع التينة التي أدانها، فيبست في الحال.

 

وكان الأتقياء اليهود يجلسون تحت أشجار التين يتعبّدون ويتأملون كلمات الله ومراحمه. هكذا جلس نثنائيل يتأمل تحت شجرة التين، فقال المسيح له: «قَبْلَ أَنْ دَعَاكَ فِيلُبُّسُ وَأَنْتَ تَحْتَ التِّينَةِ، رَأَيْتُكَ» (يوحنا 1: 48). فكان منظر شجرة التين يوحي بالتقوى والتعبُّد. ولكن التينة التي لعنها المسيح أظهرت عكس هذا المعنى!

 

كما أن التينة ترمز للسلام والوفرة، فكانوا يصفون حال بني إسرائيل في أزمنة النجاح والسلام أن «كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ تِينَتِهِ» (1ملوك 4: 25) ولكن تلك التينة أظهرت السلام الفارغ من السلام، والأمان الخالي من الأمان!

 

وترمز التينة أيضاً للأمة الإسرائيلية. وكان الرب ينتظر من تينته أن تكون مثمرة لسائر الشعوب، لكن الأمة الإسرائيلية اكتفت بمظهر العبادة دون روح العبادة، فقال الإنجيل عنها: «إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ» (يوحنا 1: 11) فتركهم واتّجه إلى الأمم التي تصنع أثماره. ورسمت شجرة التين الملعونة حالة الأمة الإسرائيلية، التي خيَّبت انتظار الرب منها!

 

أولاً – المحتاجون والمعجزة

المحتاجون هنا هم التلاميذ مشاهدو المعجزة. لقد رأوا لَعْن شجرة التين غير المثمرة، وكيف يبست، فتعلَّموا عدة دروس لفائدتهم الروحية. وفي لعن شجرة التين نتأمل أربعة دروس نحتاجها نحن اليوم، ربما أكثر مما احتاجها التلاميذ!

 

1 – عدم الفائدة يجلب الخراب:

بالرغم من أن التينة كانت مورقة، ومن أنها كانت تحتل مكاناً من الأرض، وتأخذ من التربة عصارةً، لكنها لم تُعط ما يُنتظر منها: أن تصنع ثمراً. فكان عدم فائدتها سبباً في يَبَسها.

 

أوجدنا الله في الأرض لنأتي بثمر: «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أفسس 2: 10). لقد كنا أمواتاً بالذنوب والخطايا فأحيانا المسيح وأقامنا من موت خطيتنا، وأجلسنا معه في السماويات لنثمر أعمالاً صالحة. ويجيء المسيح إلينا ليفتش عن ثمرنا، وعن النور الذي فينا: هل هو نور حقيقي أو ظلام؟ ويسألنا عن الفائدة التي ترجع منّا على ملكوته وعلى العالم. لذلك يجب أن نبرِّر وجودنا، بأن نكون نافعين للمحيطين بنا.

 

2 – النفاق يجلب الدينونة:

أعطت الشجرة صورة الثمر التي تمثَّلت في الورق، ولكنها لم تحمل ثمراً، فلم تكن لديها قوة الثمر! وبهذا أصحبت رمزاً للرياء والنفاق.

 

كان يمكن أن يكون الزعيم الهندي غاندي مسيحياً، فقد كان في مطلع حياته في جنوب أفريقيا يصلي في كنيسة. وعندما درس في إنجلترا كان يذهب إلى الكنيسة بانتظام. ولكن ماذا وجد في الكنائس التي صلى فيها؟ كانت الكنيسة التي حضرها في جنوب أفريقيا أشبه بنادٍ يجتمع فيها الناس للاستمتاع بأنفسهم وبأصدقائهم، بغير رسالة خلاصٍ وبغير اهتمامٍ بالآخرين!! وفي إنجلترا جلس في الكنيسة يوماً فجاءه المشرف على النظام قائلاً: «ليس هذا المكان مخصصاً لك». وقاده لمكانٍ آخر خاص بالملوَّنين! فقال الرجل: «لولا المسيحيين لصِرْتُ مسيحياً!». ولو صار غاندي مسيحياً لكان ذا تأثير على الهند كلها، ولكنه احتكَّ بمسيحيين يشبهون التينة غير المثمرة.

 

قال المسيح: «كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لا يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ.. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ.. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ» (يوحنا 15: 2 – 6).

 

تحدث الرسول يهوذا عن «غيوم بلا ماء» (يهوذا 12). فما فائدة الغيمة إن لم تمطر لتُخرج الأرض ثمراً؟ إنها تكون منافقة، تعطي الأمل في هطول المطر، ولا مطر! مثل المسئول عن كنيسة ساردس الذي قال المسيح له: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْماً أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيِّتٌ» (رؤيا 3: 1). له اسم وصورة، لكنه في حقيقة الأمر خالٍ من الحياة، مثل تلك التينة صاحبة المظهر بلا جوهر.

 

3 – محاولة سَتْر الذّات تجلب الهلاك:

لما أخطأ أبوانا الأولان في جنة عدن وأكلا من الشجرة المنهيّ عنها، انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين وصنعا لهما مآزر (تكوين 3: 7). ولكن كان من المستحيل أن تلك الأوراق المعرَّضة للجفاف تسترهما. وفتح الله أعينهما إلى أنهما محتاجان إلى لباس التقوى وثوب الخلاص «وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا»(تكوين 3: 21)، ولئلا يظن أبوانا الأولان أن الستر في أقمصة الجلد (أي من ذبيحة كفارية حيوانية) جاء الوعد القائل إن نسل المرأة يسحق رأس الحية (تكوين 3: 15). فيكون «نسل المرأة» هو المكفِّر والساتر، فلا يكون هناك احتياج لذبيحة متكررة. فالمسيح بذبيحة نفسه أوجد لنا فداءً أبدياً، مرة واحدة، لما مات البار من أجل الأثمة. فنرى في محاولتهما سَتْر نفسيهما بورق التين محاولةً بشريةً فاشلةً تماماً.

 

وحين لعن المسيح التينة غير المثمرة أراد أن يقول لكلٍ منا: لا يستطيع أحدٌ أن يتبرَّر بمجهود نفسه، لكن بذبيحة المسيح الذي قال على الصليب «قد أُكمل». كل محاولة الإنسان لستر نفسه تفشل، لأنها من مجهود الخاطئ الفاشل. والمخلِّص الوحيد هو المسيح الذي لنا فيه الفداء، بدمه غفران الخطايا (أفسس 1: 7).

 

4 – الصلاة الفعّالة:

يقول البشير متى: «فَلَمَّا رَأَى التَّلامِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟» فَأَجَابَ يَسُوعُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلا تَشُكُّونَ، فَلا تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضاً لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ» (متى 21: 20، 21). وهذه الآية لها مكانة خاصة في تاريخ المسيحيين المصريين، ففي عهد الدولة الفاطمية أخبر يهوديٌّ الخليفة العزيز بالله الفاطمي عن هذه الآية، فاستدعى العزيز بالله البطريرك الأرثوذكسي وطلب منه أن يُثبت صحة إنجيله بأن ينقل جبل المقطم.. وبعد صوم وصلاة ارتفع الجبل، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في حياة رجال الدولة الفاطمية.

 

فليكن لنا بنعمة المسيح حياة الصلاة العميقة المستجابة، التي لا تتوقف، فقد وعد المسيح تلاميذه وعداً عظيماً: «وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالاِبْنِ. إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئاً بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ» (يوحنا 14: 13، 14). فالصلاة الفعَّالة تزيل جبال المعطلات، وتساعدنا لنعمل عمل الله، وتجعلنا نقبل نعمته فنتغيَّر، وتمنحنا قوة لنحتمل كل الصعاب مهما كانت.

 

ثانياً – المسيح والمعجزة

1 – وُجِّهت إلى المسيح ثلاثة انتقادات بسبب لعن التينة:

كيف لم يعرف المسيح قبل وصوله للتينة أنها غير مثمرة؟

 

وللرد نقول: لم يذكر البشيرون أبداً عن المسيح أنه لم يعرف عدم إثمار التينة قبل أن يصل إليها. فقد عرف أنها كذلك، ولكنه أراد أن يعلِّم التلاميذ دروساً. سأل الله آدم: أين أنت؟ لا لأنه يجهل مكانه، ولكن لينبّهه للخطأ الذي ارتكبه. كان يعرف أنه سيخطئ قبل أن يخلقه (ولو أن هذه المعرفة لم تجعل آدم يخطئ). وبذلك العلم السابق دبَّر الله فداء المسيح، المعروف سابقاً قبل تأسيس العالم (1بطرس 1: 20).

 

والانتقاد الثاني: كيف انتظر المسيح من شجرة التين تيناً، مع أنه لم يكن وقت التين؟(مرقس 11: 13).

 

والإجابة: إن ذلك كان وقت «باكورة التين» وهي ثمار أصغر حجماً من الثمرة الناضجة، ولكنها كثيرة الحلاوة. ووجود ورق في التينة قبل موعد الإثمار يعني أن الشجرة تحمل باكورة التين. وهذا ما طلبه المسيح منها.

 

لماذا لعن المسيح التينة ولم يعطها فرصة لتثمر؟

والإجابة نجدها في المثل الذي رواه المسيح قبل لعن التينة. قال: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ. فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراً فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا. لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضاً؟ فَأَجَابَ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضاً، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَراً، وَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا» (لوقا 13: 6-9).

 

ونحن لا ندرك ظروف تلك الشجرة التي لُعنت. لا بد أن المسيح عرف أنها نالت نصيبها من طول الأناة ولكنها لم تعطِ الثمر المنتظَر، ولذلك أصدر حُكْمه باللعن. ونحن نعلم أن الشجرة لا تشعر بالألم عندما تيبس. كما أن هذه التينة لم تكن مملوكة لأحدٍ فيُضار صاحبها في حالة يَبَسها، لأنها كانت في الطريق. فالمسيح بهذه المعجزة لم يؤذِ أحداً، ولكنه ألقى علينا درساً عظيماً في إدانة النفاق.

 

ولنا ثلاث ملاحظات عن المسيح:

قوة المسيح: هذه القوة أذهلت التلاميذ كما تذهلنا، حتى لو كنّا نرى قوة المسيح عاملة بيننا باستمرار. أحياناً نتعوَّد على معجزات المسيح معنا، ولكننا نحتاج أن نتعلم الانبهار كلما رأينا قوة الله تعمل بيننا.

 

عدالة المسيح: استحقَّت التينة غير المثمرة اللعنة. هذا عدل المسيح. لقد أعطاها فرصتها، ولكنها لم تثمر ولم تعطِ باكورة الثمر، فاستحقّت عقاب العدالة السماوية من الله الذي هو أمين وعادل.

 

أناة المسيح: الذي لا يشاء أن يهلك أحد، ويريدنا أن نتوب. فلا يجب أن «تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللّهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَباً فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلانِ دَيْنُونَةِ اللّهِ الْعَادِلَةِ، الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ» (رومية 2: 4-6).

 

دعونا نطلب من الله أن يجعلنا مثمرين، وأن تكون أناته علينا سبباً في دفعنا لنثمر، وليزيد ثمرنا.

 

صلاة

أبانا السماوي، نشكرك لأنك زوّدتنا بكل ما يمكن أن يجعلنا مثمرين. سامحنا على ضعفنا الذي يفشل في تحقيق انتظارك منّا. ضع يدك الكريمة على ما يعطل إزهارنا فإثمارنا، وأعطنا القوة لننزعه، فنثمر، ويزيد ثمرنا ويستمر. باسم المسيح. آمين.

 

أسئلة

ما هو الدرس المشترك في تطهير المسيح للهيكل، وفي لعنه شجرة التين؟

ما هو وجه الشَّبه بين شجرة التين الملعونة والأمة الإسرائيلية؟

اشرح كيف أن عدم الفائدة يجلب الخراب.

اشرح كيف أن النفاق يجلب الدينونة.

ثلاثة انتقادات وُجِّهت للمسيح. اذكرها وقدِّم الردود عليها.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي