هل كل مرض من الشيطان، بسبب الأرواح الشريرة، ننتهرها فيذهب المرض. كما قيل في شفاء جماه سمعان إن السيد المسيح ” انتهر الحمى فتركتها ” (لو4: 39). وكما نقول في أوشية الراقدين ” روح الأمراض أطرده “؟
الرد:
هناك أمراض بسبب الشيطان، وبسماح من الله.
ولكن ليست كل الأمراض من الشيطان .
* فمن جهة الأمراض التى من الشيطان الضربة التى أصابت أيوب البار منه بسماح من الله ” فخرج الشيطان من حضرة الرب، وضرب أيوب ردئ من باطن قدمه إلى هامته ” (أى2: 7). ونلاحظ هنا أموراً هامة: أن ضربة الشيطان عنيفة قاسية. وكانت الضربة لقديس عظيم، وبسماح من الله. وأن الشفاء كان من الله، وليس بانتهار الشخص للشيطان.
* مثال آخر: مرض بولس الرسول، إذ يقول ” ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات، أعطيت شوكة في الجسد: ملاك الشيطان ليلطمنى لئلا ارتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقنى. فقال لى: تكفينك نعمتى ” (2كو12: 7 9). ونلاحظ هنا أيضاً أن الضربة لقديس عظيم. وكان رفعها بيد الله، إن أراد، وليس بانتهار الشيطان. والضبة كانت قاسية بحيث شكا منها القديس العظيم بولس الرسول.
نقطة أخرى، أحب أن أسجلها هنا:
قبل صلب السيد المسيح، وقبل انتشار الإيمان، وفي عصر انتشرت فيه الوثنية، كان للشيطان عمل أكبر من ايام النعمة الحالية .
كثيرون كانت تصرعهم الشياطين، مثل لجيئون (مر5: 9). وكانت تضربهم بأمراض شديدة وعاهلت صعبة: مثل إنسان أخرس مجنون، لما آخرج منه الشيطان تكلم الأخرس (مت9: 32، 33). (لو11: 14). وإنسان آخر أصابة روح نجس بالخرس والصم، وكان يمزقه فيزيد ويصر بأسنانه وييبس وكثيراً ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه هذا انتهر الرب الروح النجس الذى فيه ” قائلاً له: أيها الروح الأخرس الأصم، أنا آمرك اخرج منه ولا تدخله وشفاه (مر9: 17 27).
هذه حالات غير أيامنا هذه.
التى يصاب فيها بمرض، أو يحتاج فيها إلى عملية جراحية. أو يصاب إنسان في حادث، أو في كارثة كفيضان أو زلزال، أو تلوث الجو بالدخان ما شأن كل هذا بالأرواح النجسة؟!
وهنا أمراض كثيرة، تحدث عنها الكتاب، ولا دخل للأرواح النجسة فيها
· من أمثلة ذلك مرض القديس تيموثاوس تلميذ بولس الرسول، الذى قال له معلمه القديس ” لاتكن فيما بعد شريب ماء، بل استعمل قليلاً من الخمر لأجل معدتك واسقامك الكثيرة ” (1تى5: 23). ولم يقل له انتهر روح أمراض المعدة فلم يكن مرض القديس تيموثاوس من الشيطان
· مثال آخر أبونا يعقوب أبو الآباء، بعدما صارع مع الله وغلب وأخذ البركة، يقول الكتاب:
· إن الله ” ضرب حق فخذه فاخلع ” وصارعع يعقوب ” يجمع على فخذه ” (تك32: 25، 31) أنستطيع أن نقول إن هذا المرض الذى أصابه عرق النسا، كان من الشيطان؟! بينما كلام الوحي الإلهى صريح أن ضرب يعقوب! وهناك أمثلة أخرى في الكتاب لا داعى لذكرها الآن.
هناك أمراض طبيعية لأسباب صحيحة، لا دخل للشيطان بها.
إنسان يخرج من حمام ساخن، ويتعرض لهواء بارد، فيصاب برشح، أو زكام، أو يتطور إلى انفلونزا. أنقول له بدلاً من الدواء، انتهر روح الزكام، انتهر روح الانفلونزا!!
إنسان لاسباب وراثية يصاب بالسكر مثلاً، أنقول له انتهر روح السكر فتشفى شخص آخر يهمل في غذائه فيصاب ببعض الأمراض، أو بانيما أنقول له انتهر روح الانيميا.
وإن كان الشفاء بانتهار الأرواح المسببة للأمراض. فلماذا قال السيد المسيح:
” لايحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضي ” (مت9: 12).
لماذا يحتاجون إلى طبيب بأمر الرب بينما الشفاء هو بانتهار الأرواح النجسة التى سببت المرض، حسب هذا الرأي؟!
وإن كان الشفاء بالانتهار، لماذا يستدعي قسوس الكنيسة.
وذلك حسب قول الكتاب ” أمريض أحد بينكم، فليدع قسوس الكنيسة، فيصلوا عليه، ويدهنوه بزيت. وصلاو ألإيمان تضفى المريض ” (يع5: 14، 15). ما لزوم الصلاة، وما لزوم الزيت، وما لزوم الإيمان، مادام انتهار الشيطان يكفى للشفاء
وهل صاحب هذا الراى، إذا مرض، لايذهب إلى طبيب أو إلى مستشفى؟ وهل ينادى باغلاق الصيدليات، ويكتفى بانتهار الشياطين؟!
هناك أمراض أخرى، هي ضربة من الله نفسه، بسبب خطية الإنسان. ولا دخل للشياطين في ذلك.
مثال ذلك لما أخطأت مريم أخت موسى، وتقولت هي وهارون على موسى النبى لما تزوج المرأة الكوشية، يقول الكتاب ” فحمى غضب الرب عليهما ومضى وإذا مريم برصاء كالثلج فصرخ موسي إلى الرب قائلاً اللهم اشفها ” (عد12: 9 13). ما دخل الشيطان هنا في برص مريم؟! وهل لجأ موسي إلى انتهار ” روح البرص “؟!
وقد تكون ضربة المرض من أحد الأنبياء.
مثلما غضب أليشع النبى على تلميذه جيحزى لما أخذ هدايا وفضة من نعمان السريانى في مناسبة شفائه المعجزى. حينئذ وبخ أليشع النبى تلميذه جيحزى ودعا عليه قائلاً ” برص نعمان يلصق بك وبنسك إلى الأبد. فخرج من أمامه أبرص كالثلج ” (2مل5: 27).
هل هذا البرص كان من الشياطين؟! وهل شفى بانتهار الشيطان؟!
وماذا عن قصة شفاء المولود أعمى؟
التلاميذ سألوا السيد المسيح ” يا معلم من أخطأ؟ هذا أم أبواه، حتى ولد أعمى؟” فأجابهم ” لا هذا أخطأ ولا أبواه. لكن لتظهر أعمال الله فيه ” (يو9: 3). هل نقول هنا إن عماه بسبب الشياطين. وهل شفاه الله بانتهارها.
وإن كانت بعض الأمراض التى بسبب الأرواح النجسة، انتهر فيهاا الرب تلك الرواح التى صرعت إنساناً وسببت له عاهة، فنا نسأل:
هل كل الأمراض التى شفاها المسيح، استخدم في ذلك انتهار الأرواح؟
ألم يحدث أنه شفى كثيرين بمجرد وضع يديه عليهم (لو4: 40). ألم يكن ذلك أحياناً بمجرد كلمة منه؟ (مت8: 8، 13). ألم تشف نازفة الدم بمجرد لمسها لملابسه؟ (مت9: 20 22). ألم يقل للبعض إيمانك قد شفاك؟ (مر10: 52). ألم يقل للمفلوج ولمريض بيت حسد ” قم احمل سريرك وامش ” (مت9: 6) (يو5: 8) أين انتهار الأرواح هنا؟!
لماذا يؤخذ الجزء، ويطلق على الكل؟!
إن كان جزء ضيئل من الأمراض بسبب الشياطين، فهل تكون كل الأمراض بسببها؟! زكل الشفاء بانتهارها؟! ماذا عن أمراض العجوي؟ ماذا عن أمراض االخطية؟ إنسان وقع في زنا مع مريض، فأصيب بالزهرى أو السيلان أو الأيدز وهل هنا ينتهرون روح الزهرى أو روح السيلان أو روح الآيدز؟!! وتقف كل البحوث العلمية؟
أمراض الب
ل
هارسيا التى تأتى من دودة في مياة ملوثة، هل سببها الأرواح النجسة؟ وهل المريض ينتهر روح البلهارسيا ويشفى؟! والوباء ويشفى؟! والوباء الكبدى الذى قد يأتى من حقنه ملوثة من دم مريض سابق، هل سببه الأرواح النجسة، ويشفى بانتهارها؟
يعوزنى الوقت إن استرسلت في أمثلة لاتحصى. فيكفى هذا الآن ونصحيتى لصاحب ذلك الرأى:
لا تعلم بكل فكر يخطر على ذهنك.
وتذكر قول الرسول ” لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتى عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا ” (يع3: 1، 2).
” ومن له أذنان للسمع فليسمع “.