1- خلفية تاريخية

يقول
سيباستيان بروك





[1]




Sebastian Brock
أن كنيسة المشرق:

“كانت تعيش ضمن الإمبراطورية الساسانية (موقع العراق وإيران على وجه التقريب) شرق الإمبراطورية الرومانية.”

أما
جان موريس فييى





[2]




Jean Maurice Fiey
فقال إنه

“قبل مجيئ الفرس كانت سلالة جديدة تدعى الساسانية هى الحاكمة عام 226م، تحت قيادة الملك أرداشير الأول.

وفى عام 286، وبتأثير الكاهن الأعلى (
Mobed Mobedan
) كارتير
Kartir
،
اعتنقت الإمبراطورية الفارسية الزردشتية كديانة لها. ولأنه قد تم الاعتراف فى عام 313 بالإيمان المسيحى رسمياً فى الإمبراطورية الرومانية، والتى كانت دائماً فى حالة حرب مع فارس، فقد بدأ اعتبار مؤمنى المملكة الفارسية بأنهم أصدقاء موالين للعدو الرومانى.

 

وبذلك بدأت موجات عديدة من الاضطهاد، أكثرها دموية هى الحروب التى نشبت بين عامى 339 و 379 تحت حكم صافور الثانى، وتسببت فى قتل آلاف الشهداء.”

 

يضيف
سيباستيان بروك







[3]





“إن هذا الارتياب من جانب السلطات الحاكمة حول ولاء المسيحيين استمر يلعب دوراً واضحاً فى اضطهادات أقصر تحت حكم يزدجرد الأول وبهرام الخامس مع بداية عام 420…

 

كان عام 363 فى عهد صافور الثانى ينطوى على دلالة كبرى بالنسبة للمستقبل، ففيه تنازلت الإمبراطورية الرومانية عن نصيبين، موطن أفرام، للساسانيين


*


، كجزء من معاهدة السلام، بعد موت الإمبراطور يوليان أثناء حملته على جنوب بلاد ما بين النهرين. ومع أنه كان على السكان المسيحيين تحت شروط المعاهدة، أن يتم جلاؤهم ويعاد توطينهم ضمن الإمبراطوية الرومانية (استقر آفرام فى الرها)، إلا أن نصيبين سرعان ما أصبحت أسقفية هامة بالنسبة لكنيسة المشرق، وكان عليها أن تستقبل الأساتذة اللاجئين من مدرسة الفرس فى الرها عندما تم إغلاق هذه المدرسة بواسطة الإمبراطور زينون فى عام 489…

 

إن أحد آثار اضطهاد يزدجرد الأول، وبهرام الخامس، ويزدجرد الثانى، هو عبور عدد من المسيحيين للحدود، إلى الإمبراطورية الرومانية، طلباً للأمن. وانتهى الأمر ببعض هؤلاء بأن صاروا طلاباً فى المدرسة التى تدعى
المدرسة الفارسية فى الرها، قبل أن يعودوا إلى وطنهم بعدما صار الوضع أكثر أمناً. أما فى ذلك الحين وبالتحديد ابتداءً من عام 420 فصاعداً، فقد اكتسبت كريستولوجية هذه المدرسة طابعاً ديوفيزيقياً

dyophysite
(أصحاب مبدأ الطبيعتين) ملحوظاً، متأثراً بشدة (خاصة بعد عام 430) بكتابات ثيئودور الموبسويستى
Theodore of Mospsuestia
، والتى تمت ترجمة العديد منها إلى السريانية فى المدرسة نفسها. إن وجود طلاب من الإمبراطورية الساسانية


*


فى مدرسة الرها الذائعة الصيت كان يعنى أنه بعودة هؤلاء الطلاب إلى وطنهم (وفى الغالب صاروا أساقفة بعد ذلك)، صاروا هم المصدر الرئيسى للمعلومات عن التطورات اللاهوتية فى الإمبراطورية الرومانية، وسيكون مثيراً للعجب إن لم يبثوا هم بدورهم شيئاً من الكريستولوجية الشديدة الديوفيزيقية التى كانت مألوفة لهم فى المدرسة الفارسية. لذلك من الملائم أن يكون تأثير
ثيئودور الموبسويستىقد تم الشعور به لأمد بعيد، فيما وراء الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية، وقبل إغلاق المدرسة الفارسية فى الرها فى عام 489 وظهور خليفتها فى نصيبين بوقت طويل. وما أن انشئت مدرسة نصيبين، حتى أصبح هذا التأثير أكثر قوة. إن شاهدنا الرئيسى على التعليم اللاهوتى فى كلٍ من الرها ونصيبين خلال القرن الخامس، هو الشاعر نارساى، الذى درس وعلَّم فى الرها، ثم بعد ذلك (ربما فى عام 471) انتقل إلى نصيبين حيث كان ما يزال يعلِّم فى عام 496، وهو العام الذى تم فيه إصدار النظام الأساسى المنقح لمدرسة نصيبين.

 

ومع أننا نعلم بوجود مدارس لاهوتية فى مدن أخرى بالإضافة إلى نصيبين (خاصة تلك الموجودة فى سلوقية – قطسيفون)، فإننا للأسف لا نعرف شيئاً عن صبغة تعليمها اللاهوتى..

 

يحق لنا أن نفترض أن كل المعرفة الخاصة بهذه المسائل سيكون قد تم انتقاؤها فعلاً من خلال النظرة الثيئودورية الخاصة بالمدرسة الفارسية فى الرها أو خليفتها فى نصيبين. وفى ضوء هذه الاعتبارات، ليس من العجيب إطلاقاً أن نجد تعبيرات البيان الكريستولوجى الصادر عن مجمع سلوقية – قسطيفون فى عام 486 يعكس غالباً، فى أسلوبه، لغة ثيئودور القوية فى ديوفيزيقيتها (أى تعليم الطبيعتين).

 

وفى القرن الخامس، مع الصراعات الكريستولوجية، كان كل من البرنامج
اللاهوتى اليونانى والمصطلح اللاهوتى اليونانى يغزو بشكل مؤثر المقالات اللاهوتية لمعظم الكتَّاب بالسريانية




[4]




. وحيث أن كنيسة المشرق كانت قد ألَفَت المقالات اللاهوتية للإمبراطورية الرومانية بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق
المدرسة الفارسية فى الرها، فإنه بإغلاق تلك المدرسة عام 489، كانت المقالات اللاهوتية المتنوعة ذات الطابع الثيئودورى المحدد المعالم قد أصبحت مترسخة فى كنيسة المشرق. وهكذا فإنه بنهاية القرن الخامس، ثم بشكل متزايد خلال القرن السادس، عندما ابتعدت الكنيسة فى الإمبراطورية الرومانية الشرقية عن المنحى الأنطاكى للمجال الخلقيدونى واتجهت نحو المنحى الإسكندرى لهذا المجال، فقد شعرت كنيسة المشرق أكثر فأكثر بعدم التعاطف مع هذه التطورات العقائدية فى الإمبراطورية الرومانية (وبالأكثر إدانة كتابات ثيئودور)، ويمكن العثور على واحدة من نتائج هذا الاستياء فى كتاب باباى الكتاب العظيم عن الاتحاد…

 

ماذا بشأن مجمع أفسس وخلقيدونية؟ بما أن هذه المجامع كانت.. مبادرات إمبراطورية، فإنها لم تكن موضع اهتمام مباشر بالنسبة للكنيسة خارج الإمبراطورية الرومانية. أما متى وصلت المعلومات عن مجمع أفسس




[5]




إلى الكنيسة فى الإمبراطورية الساسانية فهو أمر غير معروف، ولكن يمكننا أن نكون متأكدين منطقياً بأنها عندما وصلت، فإن ذلك تم من خلال المدرسة الفارسية فى الرها، وبناء على ذلك
فإنه من الطبيعى أن يكون التعاطف فى جانب يوحنا الأنطاكى. فيما يخص خلقيدونية، فحقيقة أن إيباس

*


Ibas
قد أعيد إلى كرسى الرها، كانت سبباً ملائماً فى أن يلقى مجمع خلقيدونية استحساناً من خريجى مدرسة الرها (الذين كان إيباس على علاقة حميمة بهم). أما بالنسبة لتعريف المجمع للإيمان، فقد كان لعلماء لاهوت كنيسة المشرق اللاحقين موقف متضارب إزاءه: ربما يمكننا اقتباس تعليق إيشوعياب الثانى (428-46) كوصف متميز لذلك.”




[6]



 

“مع أن أولئك الذين اجتمعوا فى مجمع خلقيدونية كانوا يظهرون بمظهر من لهم نية إعادة الإيمان، إلا أنهم قد انزلقوا هم أيضاً بعيداً عن الإيمان الحق: وبسبب مصطلحاتهم الضعيفة، الملتفة فى معان غامضة، فقد شكلوا حجر عثرة للكثيرين.”





[1]


Pro Oriente,
Syriac Dialogue,
First Non-Official Consultation on Dialogue within the Syriac Tradition, Vienna, June 1994, p.69.




[2]


Ibid, pp.97,98.




[3]


Ibid, pp.72,73,75,76,78.



*


الفرس



*


 
الفارسية



4

 
الشاعر يعقوب السروجى يعتبر حالة استثنائية




[5]


For a study of the Council of Ephesus from the point of view of the Church of the East, see Mar Aprem,
The Council of Ephesus(Trichur, 1978).



*


ملاحظة للمؤلف: إيباس أسقف الرها (435-457م) كتب رسالة إلى ماريس الفارسى ضد تعاليم القديس كيرلس الكبير، ولهذا فقد حرمه المجمع الثانى فى أفسس 449م.  وللأسف حاللـه البابا لاون الأول بابا روما قبل إنعقاد مجمع خلقيدونية. وفى خلقيدونية قُبل فى الجلسة الثامنة للمجمع بعد أن وقّع على حرم نسطور، ولكن قرئت رسالته ولم يتم حرمها، وإنما تم ذلك فى المجمع التالى فى القسطنطينية 553م لمحاولة إصلاح صورة الخلقيدونيين. ففى هذا المجمع تم حرم كتابات ثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها ضد تعاليم القديس كيرلس الكبير،  كما تم حرم ثيئودور الموبسويستى وتعاليمه. وللأسف فإن إيباس قد إعتلى كرسى الرها بعد نياحة الأسقف القديس رابولا
Rabula
من أقوى المدافعين عن تعليم القديس كيرلس الكبير.




[6]


L.R.M. Sako,
Lettre christologique du patriarche syro-oriental Iso ‘`yabh II de Gdala(Rome, 1983), 42, tr. Pp. 146-7. Possibly some time in the seventh century the wording of the Chalcedonian Definition, as transmitted in the East Syriac synodical collections, was tacitly ,,corrected”, so that it actually speaks of two
qnome: see A. de Halleux, ,, La falsification du symbole de Chalcedoine dans le Synodicon nestorien”, in
Melanges offerts a J. Dauviller(Toulouse, 1979), pp. 375-84

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي