الإصحَاحُ
الأَوَّلُ

 

أولاً
– التحية

١
بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ
ٱلتَّسَالُونِيكِيِّينَ، فِي ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ
يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. ٢ نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ
ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ
(٢تسالونيكي ١: ١، ٢).

كتب
الرسول بولس رسالته الثانية الى أهل تسالونيكي بعد وقت قليل من كتابة الرسالة
الأولى إليهم، والدليل على ذلك أنه كتب اسميْ سلوانس وتيموثاوس في مطلع الرسالة،
مما يدلُّ على أن هذين الشخصين كانا لا يزالان مجتمعيْن معه أثناء الكتابة.

ويقول
سفر أعمال الرسل إن سيلا وتيموثاوس اجتمعا ببولس في كورنثوس (أعمال
١٨: ١، ٥) وكان الرسول قد كتب رسالته الأولى إلى
تسالونيكي من كورنثوس، فعادت إليه أخبار تتحدث عن حالة الكنيسة هناك بعد استلام
الرسالة الأولى، فكتب رسالته في ضوء التقرير الذي وصله.

وتحتوي
الرسالة الثانية على تصحيحاتٍ لأفكار أهل تسالونيكي بخصوص الاضطهادات الواقعة
عليهم (الأصحاح الأول). وبخصوص المواعظ التي سمعوها عن مجيء المسيح ثانية، وعن يوم
الرب(الأصحاح الثاني). وبخصوص سلوكهم المسيحي اليومي(الأصحاح الثالث).

والتحية
الموجودة في الرسالة الثانية تشبه كثيراً التحية التي جاءت في الرسالة الأولى،
ولكنها تبتدئ بنفس الطريقة، فيكتب بولس أولاً أسماء مرسلي الرسالة، ثم يكتب اسم
المرسَل إليهم، وهم أهل تسالونيكي. ولا يزال سلوانس (وهو نفسه سيلا) وتيموثاوس
موجودَيْن مع الرسول.

ويخاطب
بولس كنيسة تسالونيكي بذات اللقب الذي استعمله في الرسالة الأولى «إلى كنيسة
التسالونيكيين» – أي جماعة المؤمنين في تسالونيكي الذين دعاهم الرب من العالم
ليكونوا مِلكاً له.

أما
الزيادة في التحية في الرسالة الثانية عن الرسالة الأولى فهي قوله: «في الله
أبينا» بدلاً من «في الله الآب». ومعنى هذا أن لله صلةً شخصيةً بنا، فهو أبونا.
والرسول هنا يوضّح الصلة بين الله الآب والمؤمنين، كما يوضح الصلة بين الله الآب
والرب يسوع المسيح.

ومع
أن كنيسة تسالونيكي كانت مضطهدة، إلا أنها كانت في الله الآب وفي الرب يسوع، الذي
يدبّر لهم الحماية الروحية في وسط الاضطهادات والمتاعب. وكما رأينا في الرسالة
الأولى فإن التحية بالنعمة وبالسلام تضمنان للمؤمن الاحتياجات الكاملة، فالنعمة
مصدر كل بركة روحية، خصوصاً بركة الخلاص بالمسيح التي أنعم الله بها علينا. أما
السلام فهو الخير الأسمى الذي نجده في يسوع المسيح وحده.

 

ثانياً
– أهل تسالونيكي يواجهون الاضطهاد (٢تسالونيكي ١: ٣ –
١٢)

كان
الاضطهاد نصيب كنيسة تسالونيكي منذ أن وُلدت (أعمال ١٧: ١ –
٩) ولو أن الكنيسة نمَتْ بالرغم من الاضطهادات والمتاعب (١تسالونيكي
١: ١، ٦، ٢: ١٤، ٣: ١-٣).
ويبدو أن بعض المؤمنين أثاروا سؤالاً هو: لماذا الاضطهاد؟ وفي هذه الآيات يقدّم
بولس العلاج لحالة الاضطهاد التي تواجهها كنيسة تسالونيكي، كما يواجهها المؤمنون
دائماً في العالم. ويقدّم الرسول وصْفةً تحتوي على ثلاثة أشياء تساعد على مواجهة
الاضطهاد:

1.
واجهوا الاضطهاد بقلب سليم (آيتا ٣، ٤)

2.
واجهوا الاضطهاد بفكر سليم (آيات ٥ – ١٠)

3.
واجهوا الاضطهاد بسلوك سليم (آيتا ١١، ١٢)

١
– واجهوا الاضطهاد بقلب سليم

٣
يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ ٱللّٰهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ
أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيراً،
وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعاً بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَادُ،
٤ حَتَّى إِنَّنَا نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ
ٱللّٰهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ
ٱضْطِهَادَاتِكُمْ وَٱلضِّيقَاتِ ٱلَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا
(٢تسالونيكي ١: ٣، ٤).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر أيوب 15

يبدأ
بولس رسالته كعادته في معظم رسائله بأن يشكر الله على المؤمنين الذين يكتب اليهم.
ان بولس دوماً ينظر الى الجانب المشرق في حياة المؤمنين ليفرح بهم وليمجّد الله من
أجلهم، فيقول: «ينبغى لنا أن نشكر الله كل حين». وهذا يعني أننا عندما نفكر في
إخوتنا المؤمنين يجب أن نفكر فيهم بالشكر لله وبالتسبيح له، وأن يكون شكرنا كل
حين.

يقدم
بولس شكره لأنه في الرسالة الأولى اشتاق أن يكمل نقائص إيمانهم، بمعنى الأمور التى
لم يكونوا يعرفونها. أما الآن فيقول لهم إن إيمانهم ينمو كثيراً.

في
الرسالة الأولى كان يحرّضهم أن ينموا ويزدادوا في المحبة بعضهم لبعض (٣:
١٢) لكنه استطاع أن يقول هنا إن محبة كل واحد منكم جميعاً بعضكم لبعض
تزداد. من هذا يظهر أن وعظه أثمر ثمراً، وحقق أهلُ تسالونيكي في حياتهم ما أراد
الروح القدس أن يعلّمه لهم في الرسالة الأولى.

لقد
قال لهم في الرسالة الأولى: «مُتَذَكِّرِينَ صَبْرَ رَجَائِكُمْ» (١:
٣). وهنا يقول : «بل اننا نفتخر بكم في كنائس الله من أجل صبركم وإيمانكم في
جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها». ما أجمل أن تكون حياتنا حياة الصبر
والايمان حتى نكون سبب بركة للمؤمنين الآخرين الذين يروننا.

عزيزي
القارئ، هل ينمو إيمانك كثيراً؟

سينمو
إيمانك عندما تعرف أكثر عن الشخص الذي وضعْتَ فيه إيمانك، فتقول : «لأَنَّنِي
عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي
إِلَى ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ» (٢تي ١: ١٢). وينمو
إيمانك عندما تختبر الرب أكثر في وسط الصعوبات والمتاعب، فتجد أنه يسرع إلى
معونتك. وينمو إيمانك عندما ترى الرب يعمل فيك فتدرك أنه حيّ وفعال. كما أن
الاضطهاد يجعل إيمانك ينمو.. إنك تدرك عجز مواردك الشخصية عن مواجهة المواقف،
فتُلقي بنفسك تماماً على الرب، وتكتشف أن إلهك القوي يرفعك.

 

٢
– واجهوا الاضطهاد بفكر سليم

٥
بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ ٱللّٰهِ ٱلْعَادِلِ، أَنَّكُمْ
تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي لأَجْلِهِ
تَتَأَلَّمُونَ أَيْضاً، ٦ إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ
أَنَّ ٱلَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقاً، ٧ وَإِيَّاكُمُ
ٱلَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا عِنْدَ ٱسْتِعْلانِ
ٱلرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَعَ مَلائِكَةِ قُّوَتِهِ، ٨
فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِياً نَقْمَةً لِلَّذِينَ لا يَعْرِفُونَ
ٱللّٰهَ وَٱلَّذِينَ لا يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ، ٩ ٱلَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاكٍ أَبَدِيٍّ
مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُّوَتِهِ، ١٠ مَتَى جَاءَ
لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ
ٱلْمُؤْمِنِينَ. لأَنَّ شَهَادَتَنَا عِنْدَكُمْ صُدِّقَتْ فِي ذٰلِكَ
ٱلْيَوْمِ (٢تسالونيكي ١: ٥ – ١٠).

يواجه
المؤمن الاضطهادات بموقف سليم عندما ينمو إيمانه، وتزيد محبته، ويتقوى صبره في
مواجهة الاضطهادات. على أن المؤمن يتساءل عادة: لماذا الاضطهاد؟ فإنْ كان الله
صالحاً، فلماذا يسمح بآلام المؤمنين؟

في
هذه الآيات يجاوب الرسول بولس على هذا السؤال، ويوضح أن مجيء المسيح ثانية سوف
يكون:

نهاية
لآلام المؤمنين (آيات ٥، ٧، ١٠)

وسيكون
عقوبة شديدة على الخطاة(آيات ٦، ٨، ٩)

أ)
التجارب علامة على قضاء الله العادل للمؤمنين (آيات ٥، ٧،
١٠)

قال
الرسول بولس: «غَيْرَ مُخَّوَفِينَ بِشَيْءٍ مِنَ ٱلْمُقَاوِمِينَ،
ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي هُوَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ لِلْهَلاكِ، وَأَمَّا لَكُمْ
فَلِلْخَلاصِ» (فيلبي ١: ٢٨) فقد كان صبر أهل تسالونيكي وثباتهم
في وقت الاضطهاد برهان على قضاء الله العادل، لأنه وهب لهم النعمة، ولذلك فانه
سيجازي طاعتهم له بزيادة النعمة لهم حسب الوعد المبارك «مَنْ لَهُ سَيُعْطَى
وَيُزَادُ» (متى ١٣: ٢٠) وسيحسبهم الله أهلاً لملكوته
عندما يقول المسيح لهم: «تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا
ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ»
(متى ٢٥: ٣٤). فالله يؤهل المؤمنين لملكوت الله بواسطة
الضيقات، عندما يتألمون من أجل المسيح، لأنهم يحبونه ولأنهم أمناء له، فيقول لهم:
«طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ
كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ» (متى ٥: ١١).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ك كوشر ر

وفي
الآية السابعة يقول الرسول إن الله سيعطي المؤمنين راحة عند ظهور مجد المسيح، كما
قال: «مَتَى أُظْهِرَ ٱلْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ
أَنْتُمْ أَيْضاً مَعَهُ فِي ٱلْمَجْدِ» (كولوسى ٣: ٤) نعم.
سيستريحون من أتعابهم، من المخاصمات والشتائم وشهادة الزور وبُغض الأصدقاء والتعذيب،
راحة كاملة أبدية، عندما يظهر المسيح بمجده من السماء مع ملائكة قوته، الذين
سيعلنون عظمته.

أما
في الآية العاشرة فإن الرسول يقول إن جزءاً من مجد المسيح في اليوم الأخير سيظهر
في أنه سيجيء بجماعة المفديين الذين اقامهم من الموت، والذين مجَّد أرواحهم وكمَّلها
بنعمته، وتغيّرت أجسادهم بقوته، وجعلها على صورة جسد مجده. وعندما يقارنون حالتهم
بحالة الأشرار الذين سيهلكون يقدّمون له المجد كله. وكما يكرم التلاميذ الناجحون
معلّمهم. وكما يكرم الجنود الشجعان قائدهم، هكذا يمجِّد المؤمنون سيدهم وفاديهم،
الذي صلى من أجلهم: «وَٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ
ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ
ٱلْعَالَمِ… وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ
لِي وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ… أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ ٱلْمَجْدَ
ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي» (يوحنا ١٧: ٥، ١٠،
٢٢).

نعم.
يُتعجَّب منه في عمله العظيم للمؤمنين، إذ نرى عددهم الكبير من كل أمة وقبيلة وشعب
ولسان، وعندما نرى ما حصلوا عليه من الفضائل بنعمة المسيح، وما أظهروه من الأمانة
وقوة الإيمان في وسط التجارب.. إن آلام المؤمنين برهان على قضاء الله العادل الذي
ينقّي المؤمنين ويمجّدهم معه. وعندما يثور السؤال: «هٰؤُلاءِ
ٱلْمُتَسَرْبِلُونَ بِٱلثِّيَابِ ٱلْبِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ
أَيْنَ أَتُوا؟» فَقُلْتُ لَهُ: هٰؤُلاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ أَتُوا مِنَ ٱلضِّيقَةِ
ٱلْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ
ٱلْحَمَلِ. مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ
ٱللّٰهِ وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ…
وَيَمْسَحُ ٱللّٰهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ» (رؤيا ٧: ١٣
– ١٧).

(ب)
قضاء الله العادل على المقاومين (آيات ٦، ٨، ٩)

سوف
يجازي الله بالضيق الظالمين المضايقين، كما قال المسيح: «بِالْكَيْلِ
ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ» (متى ٧: ٢) وكما قال
الرسول يعقوب: «ٱلْحُكْمَ هُوَ بِلا رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ
رَحْمَةً» (يعقوب ٢: ١٣).

نعم.
سيظهر الله في نار لهيب – إشارة إلى طهارته وجلاله، وإشارة إلى ما سيستخدمه في
معاقبة الأشرار، لينتقم من الأشرار الذين لا يعرفونه ولا يطيعون إنجيل ربنا يسوع
المسيح.

الذين
لا يعرفونه سينالون عقوبة فرعون الذي قال: «مَنْ هُوَ ٱلرَّبُّ حَتَّى
أَسْمَعَ لِقَوْلِهِم؟» (خروج ٥: ٢) وكما قال الرسول بولس: «وَكَمَا
لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا ٱللّٰهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ،
أَسْلَمَهُمُ ٱللّٰهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ» (رومية ١:
٢٨).

أما
الذين لا يطيعون الله فهُم الذين يقولون إنهم يعرفونه، لكنهم بتصرّفهم اليومي لا
يطيعونه «يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ،
وَلٰكِنَّهُمْ بِٱلأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ» (تيطس ١:
١٦) «لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ ٱللّٰهِ،
وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ
ٱللّٰهِ… لٰكِنْ لَيْسَ ٱلْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا
ٱلإِنْجِيلَ، لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ: يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ
خَبَرَنَا؟» (رومية ١٠: ٣، ١٦) «شِدَّةٌ وَضِيقٌ،
عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ ٱلشَّرَّ» (رومية ٢: ٩).
سوف يعاقب الله الأشرار بهلاك أبدي، كما يقول المسيح للذين عن اليسار: «ٱذْهَبُوا
عَنِّي يَا مَلاعِينُ إِلَى ٱلنَّارِ ٱلأَبَدِيَّةِ
ٱلْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلائِكَتِهِ، فَيَمْضِي هٰؤُلاءِ إِلَى
عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَٱلأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (متى
٢٥: ٤١، ٤٦).

هل تبحث عن  م التاريخ مجامع الكنيسة مجامع مسكونية تاريخ المجامع 19

سيكون
مجيء المسيح ثانية بهجةً للمؤمنين، ورعباً للأشرار «وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلامَةُ
ٱبْنِ ٱلإِنْسَانِ فِي ٱلسَّمَاءِ… وَيُبْصِرُونَ ٱبْنَ
ٱلإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ ٱلسَّمَاءِ بِقُّوَةٍ وَمَجْدٍ
كَثِيرٍ» (متى ٢٤: ٣٠).

 

٣
– واجهوا الاضطهاد بسلوك سليم

١١
ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي لأَجْلِهِ نُصَلِّي أَيْضاً كُلَّ حِينٍ مِنْ
جِهَتِكُمْ: أَنْ يُؤَهِّلَكُمْ إِلٰهُنَا لِلدَّعْوَةِ، وَيُكَمِّلَ كُلَّ
مَسَرَّةِ ٱلصَّلاحِ وَعَمَلَ ٱلإِيمَانِ بِقُّوَةٍ، ١٢
لِكَيْ يَتَمَجَّدَ ٱسْمُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فِيكُمْ،
وَأَنْتُمْ فِيهِ، بِنِعْمَةِ إِلٰهِنَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ (٢تسالونيكي ١: ١١، ١٢).

عندما
يكون قلبُ الانسان سليماً مع الله ينمو روحياً. وعندما يكون فكر الإنسان سليماً من
نحو الله فانه يعرف الحقائق التي تسنده في سيره في برية الحياة. وعندها يكون سلوكه
سليماً يمجّد الله.

ويرفع
الرسول بولس في هاتين الآيتين صلاةً إلى الله أن يكون سلوك أهل تسالونيكي سلوكاً
سليماً.

يصلي
الرسول أن الله يؤهّلهم للدعوة التي دعاهم بها. هل سمعتَ عن التأهيل المهني؟ هو
تدريب وتعليم. والرسول يطلب أن الله يدرّب أهل تسالونيكي ليجعلهم نافعين للخدمة
بحسب الدعوة التي دعاهم بها.(١) فقد دعاهم الله للقداسة. (٢) كما
دعاهم للسلوك بمقتضى ما يحقّ للقداسة. (٣) كما دعاهم إلى مجده حين يسمعون
صوت الرب يقول لهم: «تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ
ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ» (متى ٢٥:
٣٤).

ويطلب
الرسول بولس أن يكمل الله كل مسرَّة الصلاح، فإن مسرة الله هي بصلاح أهل
تسالونيكي. وقد أظهر الله مسرته بهم عندما دعاهم للخلاص، والرسول يطلب أن يكمل
الله مسرته بصلاحهم، عندما يعمل إيمانهم بقوة فيغلب العالم الشرير، حسب قول الرسول
يوحنا : «مَنْ هُوَ ٱلَّذِي يَغْلِبُ ٱلْعَالَمَ، إِلا ٱلَّذِي
يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (١يوحنا
٥: ٤، ٥).

وعمل
الإيمان هو التبرير بمغفرة خطية الماضي، وعمله في الحاضر بقوة هو تقديس المؤمن،
وعمل الإيمان القوي في المستقبل هو التمجيد. وهذه القوة التي تعمل في الإيمان هي
قوة إلهية.

وعندما
يصبح أهل تسالونيكي مؤهَّلين للدعوة. وعندما يكملون مسرة الله بصلاحهم، يعمل
إيمانهم بقوة، فيتمجَّد اسم ربنا يسوع المسيح في سلوك أهل تسالونيكي، بصبرهم
وطاعتهم و أمانتهم وهم على الأرض. ثم يكملهم بالقداسة في السماء، لأنهم اشتركوا مع
المسيح في آلامه، فيشتركون معه في أمجاده، بنعمة من إلهنا. وهذا يُظهر أن تمجيدهم
هو أمر لا يستحقونه، لكنه عطاء كريم لهم من الله وربنا يسوع المسيح.

عزيزي
القارئ، هل أهَّلَكَ اللهُ للدعوة؟ هل أكمل مسرَّته بالصلاح الذي تعمله؟هل يعمل
إيمانك بقوة الله فيك؟

لنطلب
من الرب أن يعطينا ضمائر مدرَّبة حتى يكون سلوكنا مناسباً لدعوتنا، فيتحقّق فينا
وصْفُ المزمور الأول عن المؤمن أنه «لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم
يقف» ولتكن حياتنا حياة القداسة والتواضع وإنكار الذات والتضحية والثقة والاتكال
على الله.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي