الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

 

 4 –
إعلان المسيح لبولس يبرهن رسوليته (2كورنثوس 12: 1 – 10)

1إِنَّهُ
لا يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ. فَإِنِّي آتِي إِلَى مَنَاظِرِ الرَّبِّ
وَإِعْلانَاتِهِ. 2 أَعْرِفُ إِنْسَاناً فِي المَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
سَنَةً. أَفِي الجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الجَسَدِ؟ لَسْتُ
أَعْلَمُ. اللّه يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ. 3
وَأَعْرِفُ هذَا الإِنْسَانَ. أَفِي الجَسَدِ أَمْ خَارِجَ الجَسَدِ؟ لَسْتُ
أَعْلَمُ. اللّه يَعْلَمُ. 4 أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ
كَلِمَاتٍ لا يُنْطَقُ بِهَا، وَلا يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا. 5
مِنْ جِهَةِ هذَا أَفْتَخِرُ. وَلكنْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِي لا أَفْتَخِرُ إِلا
بِضَعَفَاتِي. 6 فَإِنِّي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْتَخِرَ لا أَكُونُ غَبِيّاً،
لأَنِّي أَقُولُ الحَقَّ. وَلكنِّي أَتَحَاشَى لِئَلا يَظُنَّ أَحَدٌ مِنْ جِهَتِي
فَوْقَ مَا يَرَانِي أَوْ يَسْمَعُ مِنِّي. 7 وَلِئَلا أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ
الإِعْلانَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الجَسَدِ، مَلاكَ الشَّيْطَانِ،
لِيَلْطِمَنِي لِئَلا أَرْتَفِعَ. 8 مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ
ثَلاثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. 9 فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ
قُّوَتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالحَرِيِّ فِي
ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُّوَةُ المَسِيحِ. 10 لِذالكَ أُسَرُّ
بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ
لأَجْلِ المَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ
(2كورنثوس 12: 1 – 10).

 

يرى
بولس أنه لابد أن يستمر في افتخاره، فيتقدم ليتحدث عن اختبارٍ رائع مرَّ به، هو
منظر من مناظر الرب وإعلاناته له، فقد رأى بولس رؤيا كشفت له شيئاً إلهياً عظيماً.
و قال أحد رجال الدين تعليقاً على رؤيا بولس: يسألني بعضهم إنْ كنتُ أنا قد مررْتُ
باختبارٍ مشابه.. هذا لم يحدث. يسألونني إن كنت أظن أن أشخاصاً آخرين مرّوا بمثل
هذا الاختبار، وأجيب أن البعض مرَّ بمثله. لا شك أن مثل هذا الاختبار قد أُعطي
لبعض الناس تحت ظروف معيّنة، ودائماً بهدف معين. لقد حاول كثيرون أن يخبروني
برؤاهم ولكنني لم أكن مهتماً بأن أسمعها. وهناك كثيرون رأوا رؤى مقدسة ولكنهم ظلوا
صامتين عن روايتها. لقد مضت أربع عشرة سنة منذ أن رأى بولس رؤياه قبل أن يتحدث
عنها، وكان يودّ أن لا يتكلم عنها، لولا أن معارضيه اضطرُّوه إلى ذلك. فقد سمع
كلاماً لا يقدر بشر أن ينطق به ولا يجوز له أن يذكره. وفي تواضع يقول الرسول بولس
«أعرف إنساناً في المسيح» ولا يقول «أنا». ولا نستطيع أن نتأكد من أنه يتكلم عن
نفسه إلا في الآية السابعة عندما يقول «لئلا أرتفع بفرط الإعلانات». لقد اختُطف
بولس إلى السماء الثالثة. ترى هل كان هذا الاختطاف جسدياً أم روحياً؟ يؤكد الرسول
مرتين أنه لا يعرف إن كان ذلك جسدياً أو روحياً.

هل تبحث عن  م الملائكة ملائكة أشرار الشيطان ودخول الكنيسة ة

 

ويجيئنا
سؤال: لماذا أعطى الرب بولس هذا المنظر؟ الإجابة: ليقويه ويعزيه. كان يمكنه أن
يفتخر بمثل هذا الاختبار، ولكنه يقول «أما أنا فلا أفتخر إلا بضعفي. وإذا أردت أن
أفتخر فلست جاهلاً، لأني أقول الحق، ولكني لن أفتخر، لئلا يظن أحد أني فوق ما
يراني عليه أو يسمعه مني». ولا يتوسَّع الرسول بولس كثيراً في وصف اختباره هذا،
حتى لا ينتفخ أكثر، وحتى لا يرفعه المؤمنون في كورنثوس بأكثر مما يجب. على أن هذا
الاختبار الرائع في الرؤيا التي رآها بولس أقوى برهان على مسرَّة الرب به في كل ما
فعله وما قدَّمه من خدمة للرب.

 

ويمضي
الرسول ليتكلم في الآيات 7 – 10 عن شيء آخر أعطاه الرب له إلى جوار منظر الرب
وإعلاناته، فقد أعطاه شوكة في الجسد. لا ندري ما هي هذه الشوكة. ربما كانت مرضاً.
ولا شك أن الرب قاد الرسول بولس ليكتب لنا هذه الحقيقة حتى نتعزى ونحن نحتمل ما
يصيبنا من أشواكٍ في الجسد. وعندما جاءت هذه الشوكة على بولس أول الأمر لم يكن يرى
أنها شيء صالح، فقد طلب من الرب ثلاث مرات أن يرفعها عنه، ولكن الرب رفض طلبه.
واستمرت الشوكة في جسده. وبعد مرور سنوات كشف الرب لبولس السبب الذي من أجله سمح
له بهذه الشوكة. فقد كانت عطية إلهية تحفظه من الافتخار والكبرياء. لم يرفع الرب
الشوكة عن بولس، ولكنه أعطاه نعمة ليعيش حياة الانتصار بالرغم من تلك الشوكة.
وهكذا بدأ الرسول يفتخر بالضيقة التي مرّ بها لأنها قرّبته أكثر إلى الرب، وجعلته
أكثر قوة في الروح.

 

هذا
الاختبار الذي مرَّ به بولس يعلّمنا أن الله لا يعطي المؤمن دوماً شفاء من المرض
استجابة لصلاته، فإن الله أحياناً يشفي، ولكنه لا يشفي دائماً. وليس المرض رديئاً
بالضرورة، فإنه في مرات كثيرة يكون سبب بركة لنا. صلى الرسول ثلاث مرات أن ينال
الشفاء، ولكن الرب أجابه بالقول: «تكفيك نعمتي. في الضعف يعمل كمال قدرتي». وهكذا
افتخر الرسول راضياً مبتهجاً بضعفه حتى تظلله قوة المسيح.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد قديم سفر الجامعة القس منسى يوحنا ا

 

 5 –
محبة بولس لأهل كورنثوس تبرهن رسوليته (2كورنثوس 12: 11 – 18)

11قَدْ
صِرْتُ غَبِيّاً وَأَنَا أَفْتَخِرُ. أَنْتُمْ أَلْزَمْتُمُونِي! لأَنَّهُ كَانَ
يَنْبَغِي أَنْ أُمْدَحَ مِنْكُمْ، إِذْ لَمْ أَنْقُصْ شَيْئاً عَنْ فَائِقِي
الرُّسُلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَسْتُ شَيْئاً. 12 إِنَّ عَلامَاتِ الرَّسُولِ صُنِعَتْ
بَيْنَكُمْ فِي كُلِّ صَبْرٍ، بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُّوَاتٍ. 13 لأَنَّهُ مَا
هُوَ الذِي نَقَصْتُمْ عَنْ سَائِرِ الكَنَائِسِ، إِلا أَنِّي أَنَا لَمْ
أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ؟ سَامِحُونِي بِهذَا الظُّلْمِ. 14 هُوَذَا المَرَّةُ
الثَّالِثَةُ أَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَلا أُثَقِّلَ عَلَيْكُمْ.
لأَنِّي لَسْتُ أَطْلُبُ مَا هُوَ لَكُمْ بَلْ إِيَّاكُمْ. لأَنَّهُ لا يَنْبَغِي
أَنَّ الأَوْلادَ يَذْخَرُونَ لِلْوَالِدِينَ بَلِ الوَالِدُونَ لِلأَوْلادِ. 15
وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ،
وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ! 16 فَلْيَكُنْ.
أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لكنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ
بِمَكْرٍ! 17 هَلْ طَمِعْتُ فِيكُمْ بِأَحَدٍ مِنَ الذِينَ أَرْسَلْتُهُمْ
إِلَيْكُمْ؟ 18 طَلَبْتُ إِلَى تِيطُسَ وَأَرْسَلْتُ مَعَهُ الأَخَ. هَلْ طَمِعَ
فِيكُمْ تِيطُسُ؟ أَمَا سَلَكْنَا بِذَاتِ الرُّوحِ الوَاحِدِ؟ أَمَا بِذَاتِ
الخَطَوَاتِ الوَاحِدَةِ؟ (2كورنثوس 12: 11 – 18).

 

بعد
أن انتهى بولس من تسجيل فخره، يعترف مرة أخرى أنه قد صار غبياً وهو يفتخر. ولكن
أهل كورنثوس هم الذين أجبروه على ذلك، مع أنهم كان يجب أن يدافعوا عنه عندما
يسمعون الهجوم المصّوَب ضده، ويعلنوا الأشياء الجميلة التي فيه، ولا يتركون بولس
ليقولها عن نفسه. لقد رأى أهل كورنثوس علامات الرسول كلها في بولس، عندما رأوا
خدمته المضحية، بكل أناة، وهو يقدم رسالة الإنجيل، وكيف أجرى الله معجزات على
يديه. وكان الضعف الوحيد الذي رآه أهل كورنثوس في بولس أنه لم يأخذ منهم معونة
مالية. ويقول الرسول «اغفروا لي هذه الإساءة» – أي إساءة أني لا أتقاضى منكم أجراً
– كأنه شك في كرمهم ومحبتهم – مع أنه أخذ من غيرهم.

 

ويعود
الرسول بولس يؤكد محبته لأهل كورنثوس، المحبة الحانية الرفيقة، التي لا يمكن أن
يجدوها في المعلّمين الكذبة. ويقول الرسول «ها أنا مستعد أن أجيئكم للمرة
الثالثة». وإثباتاً لمحبة الرسول لهم يقول إنه عندما يزورهم لن يثقل عليهم، ولن
يطلب منهم مالاً، لسببين:

 

لأنه
لا يطلب ما لهم، بل يطلب خلاص نفوسهم.

 

لأنه
أب، والأبناء لا يوفرون لآبائهم بل الآباء هم الذين يوفرون لأبنائهم. وبولس مستعد
أن يبذل كل ما عنده راضياً مبتهجاً، بل إنه مستعد أن يبذل حياته نفسها في سبيلهم
لأنه يحبهم.

هل تبحث عن  هوت طقسى طقس أعياد الكنيسة 28

 

ويضيف
بولس تعليقاً لعله يثير حبهم له، يقول فيه: «وإن كنت كلما أحبكم أكثر أُحَبُّ أقل»
وكأنه يسألهم: «أيكون أن حبكم لي قليل لأن حبي لكم كثير؟».

 

ويوضح
الرسول نقطة أخرى – يبدو أن الذين انتقدوه قالوا إنه برغم أن بولس لا يأخذ مالاً
لنفسه، إلا أنه يحصل على مال عن طريق مساعديه، مثل تيطس. وبولس يدعو أهل كورنثوس
ليقفوا ضد هذه الكذبة الموجَّهة ضده، فقد كان أحباؤه الذين أرسلهم إلى أهل كورنثوس
يشابهونه تماماً في أنهم يسلكون طريقه، ويعملون بالروح الذي يعمل هو به.

 

 6 –
بولس سيظهر سلطانه الرسولي عند زيارته القادمة (2كورنثوس 12: 19 – 13: 10)

في
هذا الجزء يورد بولس ثلاثة أفكار:

بولس
يريد أن يبنيهم (12: 19 – 21)

بولس
يمارس سلطانه (13: 1 – 6)

بولس
يصلي لأجلهم (13: 7 – 10)

 

 (أ)
بولس يريد أن يبنيهم

19أَتَظُنُّونَ
أَيْضاً أَنَّنَا نَحْتَجُّ لَكُمْ؟ أَمَامَ اللّه فِي المَسِيحِ نَتَكَلَّمُ.
وَلكنَّ الكُلَّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لأَجْلِ بُنْيَانِكُمْ. 20 لأَنِّي أَخَافُ
إِذَا جِئْتُ أَنْ لا أَجِدَكُمْ كَمَا أُرِيدُ، وَأُوجَدَ مِنْكُمْ كَمَا لا
تُرِيدُونَ. أَنْ تُوجَدَ خُصُومَاتٌ وَمُحَاسَدَاتٌ وَسَخَطَاتٌ وَتَحَّزُبَاتٌ
وَمَذَمَّاتٌ وَنَمِيمَاتٌ وَتَكَبُّرَاتٌ وَتَشْوِيشَاتٌ – 21أَنْ يُذِلَّنِي
إِلهي عِنْدَكُمْ، إِذَا جِئْتُ أَيْضاً وَأَنُوحُ عَلَى كَثِيرِينَ مِنَ الذِينَ
أَخْطَأُوا مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَتُوبُوا عَنِ النَّجَاسَةِ وَالزِنَا
وَالعَهَارَةِ التِي فَعَلُوهَا! (2كورنثوس 12: 19 – 21).

 

يؤكد
الرسول بولس أنه لا يكتب بهذه الطريقة ليدافع عن نفسه، فإنه لا يأتي بقضيته أمام
قضاة ليحاكموه، لكنه يتكلم أمام الله، بهدف أن يساعد أهل كورنثوس وأن يبنيهم في
الإيمان. وهو يخشى أنه عندما يقوم بزيارتهم التي وعدهم بها يجدهم في حالة روحية
سيئة، على غير ما يجب أن يكونوا. وعندئذ سوف يجدونه على غير ما يحبُّون أن يكون.
هو يخاف أن يكون بينهم خلاف وحسد وغضب ونزاع وذمّ ونميمة وكبرياء وبلبلة، ويخاف أن
يجد فيهم دعارة وزنا وفتوراً. هناك خطايا الكبرياء وخطايا الجسد التي لا يريد أن
يراها بين أهل كورنثوس، لأن بولس عندما يرى مثل هذه الخطايا في الأشخاص الذين
قبلوا المسيح على يده، وعندما يراهم غير تائبين عنها، سيكون خَجِلاً مذلولاً
حزيناً يبكي على كثيرين منهم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي