الإصحاح الحادى والخمسون

 

الأيات 1-64:- 1- هكذا
قال الرب هانذا اوقظ على بابل و على الساكنين في وسط القائمين علي ريحا مهلكة. 2-
و ارسل الى بابل مذرين فيذرونها و يفرغون ارضها لانهم يكونون عليها من كل جهة في
يوم الشر. 3- على النازع في قوسه فلينزع النازع و على المفتخر بدرعه فلا تشفقوا
على منتخبيها بل حرموا كل جندها. 4- فتسقط القتلى في ارض الكلدانيين و المطعونون
في شوارعها. 5- لان اسرائيل و يهوذا ليسا بمقطوعين عن الههما عن رب الجنود و ان
تكن ارضهما ملانة اثما على قدوس اسرائيل. 6- اهربوا من وسط بابل و انجوا كل واحد
بنفسه لا تهلكوا بذنبها لان هذا زمان انتقام الرب هو يؤدي لها جزاءها. 7- بابل كاس
ذهب بيد الرب تسكر كل الارض من خمرها شربت الشعوب من اجل ذلك جنت الشعوب. 8- سقطت
بابل بغتة و تحطمت ولولوا عليها خذوا بلسانا لجرحها لعلها تشفى. 9- داوينا بابل
فلم تشف دعوها و لنذهب كل واحد الى ارضه لان قضاءها وصل الى السماء و ارتفع الى
السحاب. 10- قد اخرج الرب برنا هلم فنقص في صهيون عمل الرب الهنا. 11- سنوا السهام
اعدوا الاتراس قد ايقظ الرب روح ملوك مادي لان قصده على بابل ان يهلكها لانه نقمة
الرب نقمة هيكله. 12- على اسوار بابل ارفعوا الراية شددوا الحراسة اقيموا الحراس
اعدوا الكمين لان الرب قد قصد و ايضا فعل ما تكلم به على سكان بابل. 13- ايتها
الساكنة على مياه كثيرة الوافرة الخزائن قد اتت اخرتك كيل اغتصابك. 14- قد حلف رب
الجنود بنفسه اني لاملانك اناس كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة. 15- صانع الارض بقوته
و مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه مد السماوات. 16- اذا اعطى قولا تكون كثرة مياه في
السماوات و يصعد السحاب من اقاصي الارض صنع بروقا للمطر و اخرج الريح من خزائنه.
17- بلد كل انسان بمعرفته خزي كل صائغ من التمثال لان مسبوكه كذب و لا روح فيه. 18-
هي باطلة صنعة الاضاليل في وقت عقابها تبيد. 19- ليس كهذه نصيب يعقوب لانه مصور
الجميع و قضيب ميراثه رب الجنود اسمه. 20- انت لي فاس و ادوات حرب فاسحق بك الامم
و اهلك بك الممالك. 21- و اكسر بك الفرس و راكبه و اسحق بك المركبة و راكبها. 22-
و اسحق بك الرجل و المراة و اسحق بك الشيخ و الفتى و اسحق بك الغلام و العذراء.
23- و اسحق بك الراعي و قطيعه و اسحق بك الفلاح و فدانه و اسحق بك الولاة و
الحكام. 24- و اكافئ بابل و كل سكان ارض الكلدانيين على كل شرهم الذي فعلوه في
صهيون امام عيونكم يقول الرب. 25- هانذا عليك ايها الجبل المهلك يقول الرب المهلك
كل الارض فامد يدي عليك و ادحرجك عن الصخور و اجعلك جبلا محرقا. 26- فلا ياخذون
منك حجرا لزاوية و لا حجرا لاسس بل تكون خرابا الى الابد يقول الرب. 27- ارفعوا
الراية في الارض اضربوا بالبوق في الشعوب قدسوا عليها الامم نادوا عليها ممالك
اراراط و مني و اشكناز اقيموا عليها قائدا اصعدوا الخيل كغوغاء مقشعرة. 28- قدسوا
عليها الشعوب ملوك مادي ولاتها و كل حكامها و كل ارض سلطانها. 29- فترتجف الارض و
تتوجع لان افكار الرب تقوم على بابل ليجعل ارض بابل خرابا بلا ساكن. 30- كف جبابرة
بابل عن الحرب و جلسوا في الحصون نضبت شجاعتهم صاروا نساء حرقوا مساكنها تحطمت
عوارضها. 31- يركض عداء للقاء عداء و مخبر للقاء مخبر ليخبر ملك بابل بان مدينته
قد اخذت عن اقصى. 32- و ان المعابر قد امسكت و القصب احرقوه بالنار و رجال الحرب
اضطربت. 33- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ان بنت بابل كبيدر وقت دوسه بعد
قليل ياتي عليها وقت الحصاد. 34- اكلني افناني نبوخذراصر ملك بابل جعلني اناء
فارغا ابتلعني كتنين و ملا جوفه من نعمي طوحني. 35- ظلمي و لحمي على بابل تقول
ساكنة صهيون و دمي على سكان ارض الكلدانيين تقول اورشليم. 36- لذلك هكذا قال الرب
هانذا اخاصم خصومتك و انتقم نقمتك و انشف بحرها و اجفف ينبوعها. 37- و تكون بابل
كوما و ماوى بنات اوى و دهشا و صفيرا بلا ساكن. 38- يزمجرون معا كاشبال يزئرون
كجراء اسود. 39- عند حرارتهم اعد لهم شرابا و اسكرهم لكي يفرحوا و يناموا نوما
ابديا و لا يستيقظون يقول الرب. 40- انزلهم كخراف للذبح و ككباش مع اعتدة. 41- كيف
اخذت شيشك و امسكت فخر كل الارض كيف صارت بابل دهشا في الشعوب. 42- طلع البحر على
بابل فتغطت بكثرة امواجه. 43- صارت مدنها خرابا ارضا ناشفة و قفرا ارضا لا يسكن
فيها انسان و لا يعبر فيها ابن ادم. 44- و اعاقب بيل في بابل و اخرج من فمه ما
ابتلعه فلا تجري اليه الشعوب بعد و يسقط سور بابل ايضا. 45- اخرجوا من وسطها يا
شعبي و لينج كل واحد نفسه من حمو غضب الرب. 46- و لا يضعف قلبكم فتخافوا من الخبر
الذي سمع في الارض فانه ياتي خبر في هذه السنة ثم بعده في السنة الاخرى خبر و ظلم
في الارض متسلط على متسلط. 47- لذلك ها ايام تاتي و اعاقب منحوتات بابل فتخزى كل
ارضها و تسقط كل قتلاها في وسطها. 48- فتهتف على بابل السماوات و الارض و كل ما
فيها لان الناهبين ياتون عليها من الشمال يقول الرب. 49- كما اسقطت بابل قتلى اسرائيل
تسقط ايضا قتلى بابل في كل الارض. 50- ايها الناجون من السيف اذهبوا لا تقفوا
اذكروا الرب من بعيد و لتخطر اورشليم ببالكم. 51- قد خزينا لاننا قد سمعنا عارا
غطى الخجل وجوهنا لان الغرباء دخلوا مقادس بيت الرب. 52- لذلك ها ايام تاتي يقول
الرب و اعاقب منحوتاتها و يتنهد الجرحى في كل ارضها. 53- فلو صعدت بابل الى
السماوات و لو حصنت علياء عزها فمن عندي ياتي عليها الناهبون يقول الرب. 54- صوت
صراخ من بابل و انحطام عظيم من ارض الكلدانيين. 55- لان الرب مخرب بابل و قد اباد
منها الصوت العظيم و قد عجت امواجهم كمياه كثيرة و اطلق ضجيج صوتهم. 56- لانه جاء
عليها على بابل المخرب و اخذ جبابرتها و تحطمت قسيهم لان الرب اله مجازاة يكافئ
مكافاة. 57- و اسكر رؤساءها و حكماءها و ولاتها و حكامها و ابطالها فينامون نوما
ابديا و لا يستيقظون يقول الملك رب الجنود اسمه. 58- هكذا قال رب الجنود ان اسوار
بابل العريضة تدمر تدميرا و ابوابها الشامخة تحرق بالنار فتتعب الشعوب للباطل و
القبائل للنار حتى تعيا.
59- الامر الذي اوصى به ارميا النبي سرايا
بن نيريا بن محسيا عند ذهابه مع صدقيا ملك يهوذا الى بابل في السنة الرابعة لملكه
و كان سرايا رئيس المحلة. 60- فكتب ارميا كل الشر الاتي على بابل في سفر واحد كل
هذا الكلام المكتوب على بابل. 61- و قال ارميا لسرايا اذا دخلت الى بابل و نظرت و
قرات كل هذا الكلام. 62- فقل انت يا رب قد تكلمت على هذا الموضع لتقرضه حتى لا
يكون فيه ساكن من الناس الى البهائم بل يكون خربا ابدية. 63- و يكون اذا فرغت من
قراءة هذا السفر انك تربط فيه حجرا و تطرحه الى وسط الفرات. 64- و تقول هكذا تغرق
بابل و لا تقوم من الشر الذي انا جالبه عليها و يعيون الى هنا كلام ارميا.

خصائص هذه النبوة
متداخلة والموضوع الواحد متفرق هنا وهناك وهذه محاولة لتجميع الموضوعات تحت رؤوس
واحدة.

1. 
ماذا كانت بابل وماذا صنع بها الله:- بابل كانت
كأس ذهب (7) فى يد الله. إمبراطورية غنية. هى رأس الذهب فى (دا 38:2) وكانت مملوءة
من كل شىء صالح وكانت بيد الله. هو باركها. وكذلك خلق الله الشيطان ملاكاً قوياً
جيلاً "زهرة بنت الصبح" (أش12:14 + حز11:28) ولكنهم سقطوا وأسكروا
الأرض. وعلموا الشعوب الخطية. والبعض أسكروهم برعبهم ثم بخرابهم لهم. وهكذا بابل
العهد الجديد (رؤ2:17، 3:18) وهم كانوا فى يد الله ومازالوا كفأس للحرب (20) فكأن
الله إستخدم قوة بابل كأسلحة لحربه لتأديب الشعوب. وبها كسَر الله أمماً وجيوشاً
(21-23) ولكن الدور سيأتى على بابل.

2. 
التهمة الموجهة لبابل:- مرضها عديم الشفاء (9)
فبالنسبة لبابل قد يكون المسبيين الأتقياء حاولوا دعوتهم لترك وثنيتهم تبعاً
للتعليمات التى تلقوها فى (11:10) لإقناعهم بغباء وثنيتهم ولكن بلا فائدة. وقد
يكون المعنى أن الله حاول مع الشياطين لكى يتوبوا لكنهم رفضوا. فالتوبة هى شفاء
الخاطىء. وهى متهمة بشرها وخبثها ضد إسرائيل أى شعب الله (35،34) وهذا ما صنعه
إبليس ببنى البشر. فملك بابل إبتلع كل غنى إسرائيل ومسراتها ثم رماها كإناء فارغ
لكن كل الدماء التى سفكها ستقع على رأس بابل.

3. 
الحكم الذى صدر من الله ضد بابل:- هأنذا أخاصم
خصومتك = الله وهو جالس على عرش مجده سيحارب على كل نقطة دم سفكها أعداء شعب الله.
وكان يبدو وكأن الله قد نسى الشعب الذى فى السبى ولكن عينه كانت دائماً عليهم (5)
ليسا بمقوعين = هو لم ينسى شعبه لكنه تخلَى عنهم مؤقتاً لتأديبهم على خطاياهم ولكن
الله يعاملهم بأحسن مما يستحقون فهو لم يهجرهم ولم يرميهم فهم شعبه ولابد سينقذهم.
وقد ظن الكلدانيين أن الله لن يسألهم عما إقترفوه ضد إسرائيل ولكن هناك يوماً
للإنتقام (6)، (56) وسيرد على بابل كل شرورها (24) وسيفرح شعب الله بهذا الحكم ضد
بابل وسيعرفون أن هناك إله يحكم فى الأرض. وكما قتلت بابل شعب الرب هكذا يصنع بها
(49) لاحظ أن كل هذا منطبق على الشياطين. وفى (10) أخرج الرب برنا = هذا عمل فداء
المسيح فيظهر أمام الآب شعبه كأبرار فى عينيه بعد أن صالحنا المسيح معهُ. وبعد هذا
يكون عملنا أن نقص فى صهيون عمل الرب = أى نظهر عمل الرب فى كل مكان ليشاركوننا
التسبيح لهُ.

4. 
إظهار عظمة سيادة الله الذى سيحاسب هذا العدو
القوى:- الله يحلف بنفسه حيث لا يوجد أعظم يحلف به. والله سيملأ بابل بالرجال
الذين سيحرثونها ويغلبونها بجمهورهم. وهذا الجمهور سيرعب بابل بصياحه فيرفعون عليك
جلبة = هذا صوت صلوات الشعب ضد الشيطان. أو صوت جيش فارس ضد بابل. والله هو القوى
الذى سيحطم بابل (12:10-16) وهو يشير لقوة الله لإظهار بُطل أوثان بابل. فهو الذى
أسس العالم (15) فلا شىء إذاً يصعب عليه. فيجب أن نعتمد عليه ولا نفشل وهو الذى
لهُ السلطة على كل المخلوقات التى صنعها (16). وأعمال عنايته هى خلقة مستمرة. وهو
يتحكم فى الرياح والماء يصره فى السحاب ولذلك يبدو عابدو الأوثان أنهم بلهاء
(18،17) وهكذا كل من يخاف من إبليس. فالأوثان وإبليس هى شىء باطل ولا مقارنة بينها
وبين الله نصيب يعقوب (19) وهم ميراثه. والله يكرر هذا مرات كثيرة حتى نصبح بلا
عذر أمامه.

5. 
وصف للألات المستخدمة فى هذه الخدمة = الله
سينبه روح ملوك مادى (11) كورش وداريوس. الذين أتوا ضد بابل بمشورة الله. فالله هو
الذى ضد بابل. وهو الذى خطط لذلك. وهذه الأدوات تكون كريح مدمرة مهلكة (1) تستقط
كل شىء أمامها وهذه الريح خرجت من خزانة الله (16) وهى جاءت على الساكنين وسط بابل
أى كل الشعوب (1) بل إن الأعداء مشبهين هنا بالمذرين (2) الذين سيطردونهم مثل
العصافة.

6. 
هناك تفويض كامل لتخريب بابل:- (3) فلا يشفق
عليها أحد. فالله قصد هذا ضدها (12). وهذا ما أعطى قوة للمحاربين لينجحوا. وفى
(28،27) هؤلاء هم من تَم دعوتهم تحت قيادة كورش. وسينزلون كالجراد على أرض بابل
(يؤ 4:1) قدسوا عليها = لأن هذه الحرب بأمر الرب ضد بابل. والحرب ضد الشياطين هى
قداستنا.

7. 
ضعف الكلدانيين وعدم إمكانهم المقاومة ضد القوة
المهلكة:- حين إستخدمهم الله ضد الشعوب أعطاهم قوة فهزموا الشعوب ولكن الله تخلى
عنهم الأن فخانتهم قلوبهم فستكون لذلك كل محاولاتهم فاشلة (11) سنوا السهام لكن
بلا فائدة وإرفعوا الراية (12) حتى يأتى أحد لمساعدتكم ولكن عبثاً. بل كل من
يدعونه ليساعدها سيرتجف (29) فالأرض كلها سترتعب فهم سيرون أسلحة الله التى لا
تقاوم وأنه جعل بابل خراباً. بل سيكونون فى رعب كالنساء. وستحترق أماكن سكنها
وعوارضها (56-58) وسيكون قادتها كالسكارى من خمر غضب الله وستخونهم أسوار المدينة
العريضة والنهر الذى جففه كورش معناه حرمانها من كل الخيرات والتعزيات. فهم فى
ألام نفسية بلا سلام.

8. 
خراب بابل الذى سيصنعه الغزاه:- هو خراب أكيد
فقرار الله لا رجعة فيه (8) ولاحظ أن وقت هذه النبوة كانت بابل فى أوج مجدها. ولكن
الله يقول أنا ضدها (25) لذلك ستكون خراباً. وبابل كانت كجبل شامخة ثابتة تدمر من
حولها. ولكنها الأن ستصبح كأحجار ترمى وتتدحرج إلى الأرض وستصبح جبلاً محترقاً،
مثل البراكين التى تقذف ناراً (بركان إتنا) وستتحول لرماد. وهكذا كل العالم فالأرض
ستحترق فى النهاية. وكما داست شعب الله ستداس بابل كورق ذابل على الأرض (33) تكون
بابل بكل رجالها وقوتها قد نضجت للخراب رؤ 15:14 + ميخا 12:4 وكانت بابل تعيش على
مياه كثيرة = (13) لا يمكن إقتحامها. وهكذا بابل العهد الجديد تتحكم فى أمم كثيرة.
والمعنى أن خيرات بابل عديدة. ولكن مع كل هذا أتت نهايتها بحسب شهواتها. فمن لا
يضع حداً لشهواته يضع الله حداً لها بعقوباته. فبابل كانت متكبرة بقوتها (53)
ولكنها كانت مخدوعة. فالله سيرسل من يخربها بالرغم من أسوارها. وسيكون الخراب
تدريجياً (46) لعلها تتعظ، ويكون الخبر الأول كإنذار لها وإذا لم تتعظ يجىء الثانى
= خبر وراء خبر سنة وراء سنة = فسيسمعون أن كورش أعدَ نفسه للحرب ثم فى السنة التى
تليها يسمعون أنه يخطط ضد بابل. وحتى هنا كان يمكن أن يسعوا للسلام ولكنهم كانوا
فى منتهى الكبرياء والإطمئنان الزائف ليفعلوا هذا وتقست قلوبهم لخرابهم. وهكذا
الشياطين سنة وراء سنة تجىء أخبار الخلاص من الأنبياء المتعددين لكنهم لم يصدقوا.
وحين جاء هذا الخراب كان مفاجئاً (8) حين لم يكونوا يتوقعونه. وجاء فى وقت قصير
كما جاء خراب بابل العهد الجديد فى زمن ساعة واحدة (رؤ 17:18) وسيأتى خبر وراء خبر
للملك حتى قصره. وكان آخر خبر وصل لبيلشاصر الملك ليلة قتله حين رأى يدأ تكتب على
الحائط خبر نهايته الذى فسَره لهُ دانيال النبى. (32،31) + دا 30:5 وفى (39،38)
إشارة للإحتفال الدنس الذى أقامه بيلشاصر فى آخر ليلة لهُ وكان يشرب ويسكر فى آنية
بيت الرب. يزمجرون معاً كأشبال = هذا صوت غنائهم وهرجهم وفرحهم ونشوتهم بالخمر فى
آنية الرب. ولكن الله يقول أن هذه الكأس فى يدهم ستكون لنومهم أبدياً (57) فلا
يستيقظون أبداً. وسيكون الخراب شاملاً والقتلى فى الشوارع (4) وكخراف للذبح (40)
بأعداد كبيرة وبسهولة وسيكون عدد العدو كالفيضان (42) كما لو كانوا بحراً وتصير
مدنهم كقفر غير مسكونة (43) وتخزى ألهتها (52،47) وتخرب الهتها. فهم والهتهم التى
طالما إنتظروا منها الحماية سيخزون ويخزى بيل (44) الذى طالما قدموا لهُ ضحايا
والخراب سيكون أبدياً نهائياً فلا فائدة للبلسان والعلاج (9،8) وتصبح بابل أكواماً
(37) بل حتى خرائبها (26) ستكون بلا فائدة فالناس لن تعود تستفيد من أى شىء من
خرائب بابل ولن تبنى كمملكة ثانية وهى هكذا للأبد.

9. 
نداء الشعب ليخرجوا منها:- هذا من الحكمة فحينما
يجىء خرابها عليهم أن يهجروها (6) حتى ينقذوا أنفسهم ويجب أن يذهبوا بعيداً كما
إبتعد إسرائيل عن خيام قورح (قابل مت 16:24) فكان على المسيحيين أن يهربوا من
أورشليم عند خرابها ومن رعبها الذى ستكون فيه (46،45) من أسلحة غضب الله التى
ستكون ضدها. والأن الله حررهم فعليهم أن يتركوا هذه المدينة ولا يبقوا تحت حكم
فارس أو غيرها بل يذهبوا لمدينتهم (51،50) فراحة شعب الله فى كنعان، فى هيكلهم،
حيث الله فى وسطهم كما كان مع أبائهم. ولنذكر الله فى عمق أحزاننا ونذكر أورشليم.
وحتى لو إبتعدت صهيون عن أعيننا فلا يجب أن تبتعد عن قلوبنا. والله يلاحظ الخجل فى
عيون الراجعين لأورشليم من خرابها أى خراب أورشليم ولذلك يقول لهم فى (52) أن الله
قد عاقب بابل فلا داعى للخجل لأن الله بالتأكيد سيعيد بناء أورشليم. والإيمان بأن
الله سيعيد بناء أورشليم ينزع الخجل من خرابها الحالى.

10.
لمشاعر المختلفة التى تصاحب خراب بابل:- هى نفس
المشاعر بخراب بابل العهد الجديد (رؤ19،9:18) فالبعض سيرثى خرابها بصوت صرخات (54)
ينعون هذا الخراب العظيم لأن الله دمَر صوت جمهورها وفرحها الذى تعودوا أن يسمعوه
فى بابل (55) وما قالوه فى رثائهم (41) وكيف كان سقوطها مدهشاً تلك التى كانت
للمجد والفرح. والبعض سيفرح بسقوطها وذلك لظهور عدل الله وبره ولتحرير شعب الله
ولهذا ستفرح السماء والأرض أى الكنيسة المنتصرة والكنيسة المجاهدة ستعطى لله مجداً
على بره فخراب بابل هو تسبيح صهيون.

ملحوظة : + فى أية (27)
مقشعرة ويقال إن الجراد فى تطوره يصل إلى طور يكون غطاؤه فيه كالشعر فيشبه الخيل.
وممالك أراراط ومنى وأشكناز تشكلت تحت لواء الماديين وأثبت التاريخ أن الذى حاصر
بابل كان داريوس المادى

+ فى أية (41) شيشك = تطلق رمزياً على بابل وهى مشتقة من الإله شيك
(تعنى يغطس)

+ خراب بابل بأسواره يعطينا فكرة ونحن نقترب من مجىء المسيح الثانى
أن كل ما يبنيه الإنسان فهو ذاهب للدمار فلا داعى أن نعجب بأنفسنا.

الأيات 59-64:- غالباً
كان سرايا هذا سفيراً لدى ملك بابل وهو أخو باروخ النبى وكان محل ثقة الملك ولم
يكن مُضطهداً لأرمياء بل كان محل ثقته فيبدو أنه كان رجلاً هادىء الطباع، يمكن أن
يكون سياسياً ناجحاً لدى بلاط نبوخذ نصر، وأميناً فى الوقت نفسه لتكليف أرمياء.
وكان مطلوباً منهُ أن يقرأ هذا الكتاب للذين هم فى السبى. وكان من المفروض أن
يقرأه بعد أن يصل إلى بابل ويرى عظمتها وقوتها وتحصيناتها، ثم يقرأ بعين الإيمان
ولا يظن أنها باقية ولكنها ستخرب وتبيد. فلا يخاف لا هو ولا المسبيين. وكان على
سرايا أن ينطق بإسم الله بخراب ذلك المكان. والكلام فى (62) يشبه كلام الملاك فى
خراب بابل العهد الجديد (سفر الرؤيا) وكأن سرايا هنا يلعن بابل بخطاياها ولا يتفق
مع خطاياها. ويحكم عليها بالرغم مما رآه من إزدهارها. وكأنه يقول طالما أنت يا رب
قد حكمت على بابل بالخراب فلن نحسدها على ما هى فيه من عظمة فهى ذاهبة للخراب بل
ولن نخاف قوتها وحينما ننظر نحن أبهة وهيئة هذا العالم لنذكر قول الكتاب أن "
هيئة هذا العالم ستزول" وسيخرب للأبد ويجب أن ننظر إليه فى إزدراء مقدس. ولقد
نطق النبى بهذه النبوات وبعدها طلب الخضوع لملك بابل. فالله هو الذى يجازى بابل.
فإتفق النبى مع بولس الرسول فى أنه لا يجب أن ننتقم لأنفسنا لأنه مكتوب " لى
النقمة أنا أجازى يقول الرب " فالله سينتقم فى الوقت المناسب وبالطريقة التى
يراها. وكان على سرايا أن يلقى هذه الكلمات مع حجر للماء كعلامة لنهاية بابل،
وكأنها مربوطة بحجر تحاول أن تفلت من الغرق وتهرب من الحكم عليها بلا  فائدة
فالحجر معلق برقبتها. لأنه بدون الحجر كان الورق سيطفو وهكذا الشرير بدون شروره
سينجو. وما سوف يغرق الكتاب هو الأحكام التى فى داخله ضد الشرور. وخراب بابل العهد
الجديد ممثل بصورة كهذه (رؤ 21:18) ولم تكن هذه النبوة هى آخر نبوة لهُ فقد تنبأ
فى مصر، وهذه النبوة زمنها فى السنة الرابعة لصدقيا. ولكن إلى هنا كلام إرمياء =
تعنى أن هذه آخر نبوات كتابه. وهى آخر ما سيتم تنفيذه فخراب بابل كان آخر شىء سيتم
فى نبواته ضد الأمم، وأما الإصحاح الأخير فهو تاريخى بحت وقد يكون قد أضيف بيد
باروخ أو عزرا. ونلاحظ أن سرايا قد ذهب مع صدقيا الملك إلى بابل حينما ذهب صدقيا
ليقدم الخضوع لنبوخذ نصر فى بابل (59:51) (لكن بعد هذا نقض صدقيا عهده مع نبوخذ
نصر وتمرد عليه). وسرايا حينما وصل إلى بابل وتقابل مع المسبيين ذهب معهم إلى
النهر وأخبرهم بكل نبوات  أرمياء عن خراب بابل، وأمسك بكل هذه النبوات عن بابل وهى
مكتوبة ثم ألقى بها فى النهر كرمز لغرق بابل نفسها، وهذا هو المعنى الرمزى لكلمة
" شيشك " أى يغطس، فبابل سوف تغرق تماماً. وهذا ما قيل عن بابل فى
الأيام الأخيرة فهى سترمى فى البحر رؤ 21:18 وهذا رمزاً لما سيحدث لإبليس، إذ سيلقى
فى البحيرة المتقدة بالنار هو وتابعوه (رؤ 15،10:20) لذلك فهناك دعوة مستمرة لشعب
الله أن يخرج من بابل حتى لا تصيبه ضرباتها أى علينا أن نعتزل الشر حتى لا نخرب مع
خراب هذا العالم (أر45:51 + أش 20:48 + أش 11:52 + رؤ 4:18)

وفى الأيات (15-19) نرى
سر شقاء بابل وخرابها الأبدى، وهو أن الله ليس إلهاً لها، أما يعقوب فالله هو سر
نصرته، فمع أن الله يؤدب شعبه يعقوب (سواء شعب العهد القديم أو الكنيسة فى العهد
الجديد) إلا أنه لا يتركه للأبد كما يحدث مع بابل (الشيطان ومن يتبعه)

تفسير بعض الكلمات فى
الإصحاح:-

أية 7 :- جنت الشعوب =
وقعت فى الحيرة والعجز. والشيطان أسكر الناس بالخطية فجنوا وتركوا الله وتبلبلوا
وتاهوا، فقرار ترك الله هو جنون.

أية 8:- خذه بلساناً
لجرحها لعلها تشفى = الإيمان بالمسيح وحده هو الذى يشفى وهذا العلاج يصلح لكل
تائب، أما الشيطان وتابعوه فهم بلا أمل، لأنهم رافضين الإيمان بالمسيح.

أية 14:- الغوغاء =
الجراد الذى يأتى على كل أخضر فيحوله إلى خراب.

أية 25:- جبلاً محرقاً
= قاحلاً كالبركان الهادىء بعد إنفجاره.

أية 32:- المعابر =
المخاضات عبر الفرات. والقصب = إذ إختبأ جنود بابل فى القصب على ضفاف النهر، أحرق
الماديون هذا القصب، عموماً فالمعنى أن الماديون أحرقوا كل وسائل دفاع البابليون.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر الملوك الثانى 02

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي