الإصحَاحُ
الأَوَّلُ

 

ميلاد السيد المسيح

(I)  ميلاد المسيح الأزلي (يو1:1-18)

(II) ميلاد المسيح بالجسد (مت1-مت2)

                                      (لو1،
لو2، لو23:3-38)

 

ميلاد
المسيح

مقدمة:

هناك
ميلاد أزلي للمسيح من الآب وميلاد جسدي للمسيح في ملء الزمان. وبنوة المسيح
الأزلية هي من الناحية الأقنومية. ولكن له بنوة أخرى من ناحية ناسوته وتجسده
"ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعي"
وبنوة المسيح الأقنومية قائمة بدون إنفصال. هي أزلية أبدية. أما بنوة المسيح
الثانية فهي حادثة في الزمان عندما جاء ملء الزمان وأرسل الله ملاكه إلى مريم
العذراء مبشراً بالتجسد.

الولادة
الأزلية للمسيح

يقول
بعض الناس أن الله لا يمكن أن يتزوج لينجب ونحن نقول معهم حاشا أن يتزوج الله
وينجب. فحينما نقول أن الابن مولود من الآب لا نقصد أبداً أي مفهوم جسدي، بل هي
بنوة وولادة روحية. يمكن تشبيهها بولادة شعاع النور من الشمس، أو ولادة الماء من
نبع أو ولادة الفكر من العقل وهذا ما تقوله اللغة العربية.. فيقال أن هذا "من
بنات أفكار فلان" أو أن فلان لم ينطق "ببنت شفة" فهل يتزوج العقل
أو الشفة لينجبوا بنات؟! هذا ما يسمى ولادة إنتسابية، وكما نقول أن فلان ابن مصر
فهل تزوجت مصر لتنجبه. هنا لا مجال للعلاقات الجسدية. ونلاحظ في هذه الولادة من
الآب فروق عن الولادة بالجسد:

1-  الابن في
البشرية متأخر في الزمان عن أبيه الذي أنجبه. ولكن هذا ليس للمسيح فنور الشمس
موجود طالما كانت الشمس موجودة. وهكذا بالنسبة لابن الله.

2-  الولادة بالجسد
تعني إنفصال الابن المولود عن كلا الأب والام وطالما هناك انفصال فهناك تعدد أما
المسيح الابن فهو لا ينفصل أبداً عن أبيه كما أن نور الشمس لا ينفصل عنها. هنا
الآب والابن واحد لذلك قال المسيح أنا في الآب والآب فيَّ (يو10:14) وقال
"أنا والآب واحد" (يو30:10)

لماذا
يستخدم الكتاب لقب الابن للمسيح

1-  المسيح هو قوة
الله وحكمة الله (1كو24:1) وهذه القوة والحكمة نابعة، خارجة كأنها مولودة من الله
باستمرار منذ الأزل وإلى الأبد. ولقب كلمة الله يشير لأنه لا إنفصال بين الآب
والابن فهو كلمة خارجة بدون إنفصال، وليس كالبنوة الجسدية إذ حينما يولد الابن
الجسدي ينفصل عن أبويه. أما ابن الله فهو كلمة الله، هو في الآب، وخارج من الآب من
دون إنفصال، وكيف ينفصل الله عن قوته أو عن حكمته.

2-  تعبير الابن هو
أقرب التعابير في اللغة لبيان العلاقة الوثيقة بين الله غير المنظور وبين المسيح
الذي هو صورة الله غير المنظور (كو15:1). والمسيح يقول من رآني فقد رأى الآب
(يو9:14). تعبير الابن هو أقرب تصوير بشري لعلاقة لا يُعَبَّر عنها بالكلام البشري
لشرح أن الآب والابن واحد في الجوهر وأن الابن له كل ما للآب. وأن الابن هو حكمة
الله الخارجة من الله الآب لتخلق الكون وهو قوة الله الخارجة من الله الآب لتحفظ
وتدير الكون.

الإيمان
المسيحي بوحدانية الله

كما
حددها قانون الإيمان "نؤمن بإله واحد" وحاشا أن نؤمن بثلاثة آلهة فهذا
يتعارض مع أبسط قواعد العقل والمنطق. والله لا شريك له في ألوهيته ولكننا نؤمن أن
الله له ثلاثة أقانيم. وكلمة أقنوم هي كلمة سريانية لا مثيل لها في العربية وهي
تشير لخواص الله الذاتية. كل أقنوم له عمله الخاص وكل منهم متميزاً عن غيره
تمييزاً واضحاً ولكن بلا تناقض ولا إنفصال. فكلٍ يعمل ليس بمعزل عن الأقنومين
الآخرين بل بإتحاد كلي معاً. فالأقانيم متحدة دون أختلاط أو امتزاج ودون افتراق أو
انقسام. وهذا يسمو على فكر البشر. وتعبير الآب والابن يظهر المحبة التي تربط بين
الأقانيم. فالآب هو ينبوع المحبة (كلمة آب تعني مصدر وينبوع) فالله محبة. والابن
يتلقى هذه المحبة فهو المحبوب (أف6:1) والروح القدس هو روح المحبة. ولقد ظهرت
طبيعة هذه المحبة على الصليب. ووجود 3 أقانيم يحل مشكلة ليس لها حل..

فإن
كان الله واحد بلا أقنومية، والله حين خلق البشر أحبهم، فهل صفة المحبة أدخلت على
الله بعد أن خلق البشر.. لو حدث هذا يكون الله متغير.. حاشا فصفة المحبة كانت في
الله قبل خلق البشر، داخل الأقانيم، ثم ظهرت تجاه البشر أولاً في خلقه البشر ثم في
الفداء على الصليب.

وإذا
كان فهم حقيقة الثالوث صعب فلننظر في داخلنا كبشر فنحن مخلوقين على صورة الله. مع
الفارق الرهيب. فالله كائن حي عاقل. كائن بذاته. حي بروحه القدوس. عاقل ناطق
بحكمته أي اقنومه الثاني (اللوغوس= الكلمة) والإنسان كائن حي عاقل. والفارق بين
الإنسان المحدود والله غير المحدود أن الله بروحه حي ويحيي، وبعقله قادر أن يخلق
كل شئ. أما الإنسان فهو حي بروحه ولا يستطيع أن يعطي حياة بل أن حياته انفصلت عنه
بسبب الخطية وهو بعقله قادر أن يستوعب فقط ما يجعله قادراً على أن يعيش ويعرف
الله.

ولذلك
قيل "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك26:1) فقوله على صورتنا فهذا
لأننا ثالوث في واحد (ذات وعقل وروح= كائن عاقل حي،وهذا يقال عن الله.وقوله كشبهنا
فهذا لأن الله:

ذات كائن ولكنه هو كائن بنفسه لا
يعتمد على آخر، ولم يخلقه آخر، ووجوده لازم لاستمرارية الكون، أما الإنسان فوجوده
معتمد على الله، الله أوجده ويحفظه. وهو موجود اليوم وغير موجود غداً. وعدم وجوده
لن يؤثر في الكون. والله لذلك أزلي أبدي لكنه أشرك الإنسان في أبديته:

 

المسيح
يعلن أنه ابن الله

(راجع
لو49:2+ مر11:1 (هذا إعلان الآب عن ابنه)+ يو16:2+ يو43:5+ يو37:10+ يو2:14،3+
مت63:26،64+ يو22:5،23+ يو40:6+ يو35:9-37)

 

الكلمة
اللوغوس

يقصد
بالكلمة العقل الإلهي المنفذ لمشيئة الله والمعبر عن مقاصد الله تعبيراً صادقاً
كاملاً (عب3:11). ولقد كانت كلمة اللوغوس معروفة عند اليهود واليونانيين وتشير
للحكمة العاملة منذ الأزل لدى الله وأنها ترشد النفوس للحق وتحييها. وكما أننا
نعرف الإنسان من كلامه، هكذا عرفنا الله عن طريق كلمته اللوغوس. واللوغوس هو نطق
الله العاقل أو عقل الله الناطق. واللوجوس كلمة يونانية متعددة المعاني مشتقة من
فعل بمعنى ينطق، والمقصود به النطق العاقل ومنها أخذت الكلمة الإنجليزية
LOGIC ومعناها المنطق وليس معناها النطق
العادي الذي هو
PRONOUNCIATION بمعنى
التلفظ أو طريقة التلفظ. لذلك قيل عن الأقنوم الثاني عقل الله أو حكمة الله
(1كو24:1) أو نطق الله أو معرفة الله وإذا فهمنا هذا فهل يصح أن يقال أن المسيح
مخلوق فكيف خلق الله عقله، وهل يعقل أن الله كان لفترة من الوقت بدون عقل أو بدون
حكمة. وبأي حكمة وبأي عقل خلق لنفسه عقلاً وحكمة. لذلك فعقل الله أو كلمته هو أزلي
كما أن الله أزلي. والله موجود بذاته وموجود بكلمته وعقله أي بأقنومه الثاني.
وبعقل الله خلقت جميع المخلوقات. وبهذا نفهم أن ولادة الابن هي ولادة أزلية، ولادة
طبيعية أي من طبعه كما أن من طبع النار أن يتولد منها حرارة كذلك من طبع الله أن
تتولد منه قوة خالقة وحكمة أزلية. هي ولادة من جوهره فكل ما للآب هو للابن فهو
مساوٍ للآب في الجوهر أو هو من نفس الجوهر. وإن كان قد نُسِبَ للابن بعض نواحي
الضعف البشري كالتعب والألم والجوع والعطش والموت فهذه أمور تدخل في موضوع التجسد
ولا علاقة لها بالطبيعة الإلهية إلا من حيث أتحاد اللاهوت بالجسد الذي يتألم.
والابن سُمّى لوجوس بمعنى نطق الله، فما يظهر من حكمة الإنسان يظهر فيما ينطق به.
والمسيح أظهر لنا كل ما للآب لذلك قال من رآني فقد رأى الآب (يو9:14). وواضح أنه
لا إنفصال بين النطق وبين العقل.

 

الأقانيم
فيها تمايز

فالآب
ليس هو الابن، والابن ليس هو الروح القدس.. وهكذا

كل
اقنوم له شخصيته وعمله ولكن دون إنفصال "وفي الإنجليزية يترجم أقنوم
PERSON " ولكي نفهم التمايز بين
الأقانيم مع الوحدة القائمة بينهم. فأنا أحيا بروحي وأشعر بحواسي وأعيش بجسدي وهذا
يتم بلا إنفصال بين الجسد والروح والحواس. ولكن العقل والروح والحواس والجسد كل له
عمل مستقل عن الآخر ولكن بدون إنفصال. فحينما توجد مشكلة أمامي كإنسان، أفكر في
حلها بعقلي وأحاول بيدي ولكن بدون روح فأنا ميت. وبنفس المفهوم فهناك تمايز في
الأقانيم لكنهم مرتبطين معاً في وحدة. وعلى الرغم من الصفات الإلهية المشتركة
والوحدة بين الأقانيم إلا أن هناك أعمالاً معينة تنسب للآب وأعمالاً تنسب للابن
وأعمالاً تنسب للروح القدس.

 

الفرق
بين بنوة المسيح لله وبنوتنا لله

كل
المؤمنون يعتبرون أولاد لله يو12:1+ غل26:3، 6:4،7+ 1يو29:2) ولكن ولادة المسيح
وبنوته للآب هي من طبيعته الإلهية والأقنومية، أما بنوتنا لله فهي بالانتساب،
وبالنعمة، وباستحقاقات صليب المسيح والشركة معه نحن العبيد البطالون أعطتنا النعمة
مجاناً أن يطلق علينا أولاد الله إذا قبلنا الإيمان بالمسيح وعمل فينا الروح القدس
لنصنع البر. نحن نصير أبناء باتحادنا بالمسيح الابن في المعمودية، حين نموت معه
ونقوم متحدين به (رو3:6-5)

 

إعلان
الأناجيل عن ولادة المسيح

نظر
الإنجيلي يوحنا الحبيب اللاهوتي إلى المسيح في أزليته وقبل تجسده. بينما أن متى
ولوقا تحدثا عن ولادته بالجسد، بينما أن مرقس بدأ بيوحنا المعمدان كسابق للمسيح.
ويوحنا بدأ بأزلية السيد المسيح لأن هدف إنجيله أن نؤمن بأن المسيح هو ابن الله
(يو31:20). بدأ يوحنا إنجيله وهو يرى المسيح ليس في طبيعة البشر بل في طبيعة الله،
وليس منفرداً عن الله بل قائماً مع الله في صلة ذاتية كلية وأزلية. ليس إلهاً
ثانياً بل واحداً مع الله الآب. رأى المسيح وهو اللوغوس أي عقل الله الناطق ونطق الله
العاقل. فهو الألف والياء، أليس هو كلمة الله أي كل الحروف وكل تشكيلات الأسماء
والكلمات والمعاني والأفعال والتعبيرات التي خرجت وتخرج عن الله لتعبر عن الله وعن
مشيئته وتعلنه لنا نحن البشر.

هنا
يوحنا رأى الابن الكلمة قبل الزمن، وقبل كل خليقة ، فالزمن والخليقة هما من
أفعاله، فهو الذي صنع كل شئ، الخليقة المنظورة وغير المنظورة.

والكنيسة
تقرأ الآيات (يو1:1-18) كل صباح في إنجيل باكر لتقدس اليوم كله بهذا البدء الأزلي
وبنفس المفهوم تصلي الكنيسة هذه الآيات في صلاة مرور أسبوع على ميلاد طفل لتقدس
حياته. هي إعلان أن الله هو بدايتي وحياتي فأحذر أن يكون لي حياة أخرى سواه فتكون
نهايتي حزينة. وهذه الآيات (يو1:1-18) لخصها بولس الرسول بقوله "الله ظهر في
الجسد" (1تي16:3)

فبينما
كان متى ولوقا مهتمين بإظهار تجسد المسيح وأنه ابن آدم وإبراهيم بالجسد أراد يوحنا
أن يظهر أن المسيح كان موجوداً قبل أن يتجسد من العذراء مريم، وأنه كان كائناً قبل
أن يتجسد، كان كائناً مع الآب، مولوداً منه منذ الأزل. ويوحنا اللاهوتي عبَّر عن
طبيعة المسيح الإلهية على قدر ما يمكن للغة الإنسانية أن تُعبِّر عن تلك الطبيعة
التي هي فوق إدراك البشر.

وسنبدأ
بولادة المسيح الأزلية (يو1:1-18) ثم يلي ذلك ولادة المسيح بالجسد من العذراء مريم
(مت1:1-23:2+ لو1:1-38:3)

 

مقدمة
عن معاني الأرقام في الكتاب المقدس

رقم
(1)

رقم
الوحدة والأولوية، وهو لا يمكن تقسيمه لذلك يشير لله الواحد ونحن نؤمن بإله
واحد. ويشير للأقنوم الأول، الآب.

رقم
(2)

يشير
لأن هناك آخر وهذا الآخر قد يختلف أو يتفق مع الأول وهو يشير للإنقسام الذي دخل
إلى العالم بالخطية. ولكنه يشير للتجسد فالمسيح الأقنوم الثاني بتجسده جعل
الإثنين واحداً. (أف14:2-16).

رقم
(3)

يشير
لله مثلث الأقانيم ويشير للروح القدس الأقنوم الثالث ويشير للقيامة التي حدثت في
اليوم الثالث.

رقم
(4)

يشير
للعالم بجهاته الأربعة

رقم
(5)

يشير
للمسئولية فنحن لنا 5 أصابع في اليد ومثلهم في القدم و5 حواس ويشير للنعمة
فالمسيح أشبع 5000بخمس خبزات. فبجهادنا تنسكب فينا النعمة.

رقم
(6)

يشير
للإنسان الناقص الذي خُلِقَ في اليوم السادس (هذا عن كل البشر)

رقم
(7)

يشير
للكمال 7=4+3 أي الله (3) خلق الإنسان على صورته + (4) أي الإنسان المأخوذ من
تراب الأرض= (7) أي الإنسان الكامل. وليس سوى المسيح إنسان كامل. لكن من يلتصق
بالله يصير (6+1) أي إنسان كامل كمالاً نسبياً كأيوب (أي 1:1،8)

رقم
(8)

هو
الأول في مسلسل جديد أو أسبوع جديد لذلك يشير للأبدية.

رقم
(10)

يشير
للكمال التشريعي فهو رقم الوصايا العشر. ويشير لكمال البر والسعادة حين يلتصق
الإنسان الكامل (7) بالله (3)

رقم
(11)

يرمز
للتعدي على وصايا الله وبره. فالخاطئ يطلب ما هو خارج حدود البر.

رقم
(12)

يرمز
لملكوت الله في العالم أي من هم لله (12سبط، 12تلميذ)

12
= 3 (الذين هم لله) × 4 (في العالم)

رقم
(13)

يشير
للعصيان والخطية. وتلاميذ المسيح كانوا 12 + متياس= 13 وبذلك يشير رقم 13 ليهوذا
الذي خرج من وسط التلاميذ ليهلك.

رقم
(14)

=
7×2 يشير للمسيح الإنسان الكامل الذي تجسد.

الإنسان
الكامل = 7 الذي تجسد = 2

 

دراسة
في سلسلة أنساب السيد المسيح

هناك
سلسلتان لنسب المسيح:

1-
متى (مت1:1-17)

2-
لوقا (لو23:3-38)

 

ونلاحظ
فيهما الآتي:

1. 
أنكرت
بعض الهرطقات حقيقة التأنس، مدعية أن المسيح قد ظهر كخيال أو وهم إذ يكرهون الجسد
ويعادونه كعنصر ظلمة. فذكر الأنساب إنما هو تأكيد لحقيقة التجسد الإلهي. وقد أظهرت
سلسلتا الأنساب في متى ولوقا أن المسيح اشترك في طبيعتنا حتى لا يقول أحد أنه ظهر
كخيال أو وهم.

2. 
متى
كان يكتب لليهود فأراد أن يثبت لهم أن يسوع المسيح هو المسيا الذي ينتظرونه،
المسيا الملك المنتظر، لهذا يفتتح سلسلته بقوله المسيح ابن داود ابن إبراهيم. فمتى
ترك كل الأسماء ليذكر داود وإبراهيم لأن الله وعدهما صراحة بالمسيح. إذ قال
لإبراهيم "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك18:22). ولداود "من
ثمرة بطنك أجعل على كرسيك" (مز11:132+ 2صم12:7+ إش1:11+ أر5:23).

أهمية
ذكر إبراهيم أنه بإبراهيم بدأت قصة الخلاص. فالله اختار إبراهيم ليأتي منه المسيح.
وأهمية ذكر داود الملك أنه سيأتي منه المسيح ملك الملوك.

تأمل: المسيح سمح لنفسه أن يُدعى
ابن داود وهو عبد للمسيح لنصير نحن العبيد أبناء لله. أما لوقا فكتب للأمم لذلك
وصل في أنسابه لآدم ابن الله الذي منه تفرع العالم كله يهوداً وأمم، فالمسيح ضم
البشرية كلها للبنوة لله.

3. 
سلسلة
نازلة وسلسلة صاعدة
:
يلاحظ أن متى إنحدر بالأنساب إلى يوسف مبتدئاً بإبراهيم. أما لوقا فصعد بها من يوسف
إلى آدم. ويشرح أغسطينوس هذا بقوله: إن متى الذي ينحدر بالأنساب يشير إلى الرب
يسوع المسيح الذي نزل ليحمل خطايانا، لذلك يقول أن فلان ولد فلاناً ليشير إلى
تسلسل الخطية إلينا خلال الولادات البشرية. وقد جاء السيد المسيح الذي بلا خطية
ليحمل خطايا الأجيال كلها. أما لوقا فقد صعد بالأنساب من المسيح إلى آدم، إذ تأتي
الأنساب بعد المعمودية ليعلن عطية الرب خلال المعمودية، فهو يرفعنا ويردنا إلى
حالتنا الأولى "آدم ابن الله" (لو37:3). متى يتحدث في سلسلة نسبه قبل
أحداث العماد ليعلن أن كلمة الله المتجسد هذا وإن كان بلا خطية وحده لكنه جاء من
نسل خاطئ ليحمل عنا الخطايا التي ورثناها أباً عن جد لهذا جاء الترتيب تنازلياً
فهو يعلن المسيا حامل خطايانا، ولوقا الذي التزم بالترتيب التصاعدي يعلن تمتعنا
بالبنوة لله في المسيح. لذلك لاحظنا أن لوقا لم يذكر سلسلة أنسابه في أول إنجيله
بل بعد ذكر عماد الرب من يوحنا، لأن الرب أخذ خطايانا وحملها ليرفعها عنا ويكفر
عنها بتقديس المعمودية وبذلك يرفعنا إلى البنوة لله.

4. 
نلاحظ
اختلاف النسب في القائمتين ومرجعه أن متى وهو يعلن عن السيد المسيح كحامل لخطايانا
يذكر النسب الطبيعي، حسب اللحم والدم، أي يذكر الأب الطبيعي حسب التناسل الجسدي
الذي به ورثنا الخطية "بالإثم حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي.." (مز51)
أما لوقا إذ يعلن عن بنوتنا لله في المسيح يسوع يذكر النسب الشرعي حيث يمكن لإنسان
أن ينتسب لأب لم يولد منه جسدياً. وهذا يحدث بحسب الشريعة حين يموت إنسان بلا
وَلَدْ فتتزوج إمراته وليها ويكون الولد الأول منسوباً للميت حسب الشريعة (راجع
قصة راعوث). ولوقا يهتم بالتبني أو النسب الشرعي لأن الآب تبنانا بالمعمودية في
ابنه فصرنا إخوة للمسيح وشركاء له في الميراث. وأيضاً من أمثلة التبني التي سنجدها
في سلسلة نسب لوقا أن يتبنى الجد أحفاده كما في حالة يعقوب الذي نسب أولاد يوسف
الاثنين، افرايم ومنسى له.

5. 
جاء
النسب خاصاً بالقديس يوسف لا القديسة مريم، مع أن المسيح ليس من زرعه، ذلك أن
الشريعة الموسوية تنسب الشخص للأب وليس للأم كسائر المجتمعات الأبوية التي تفعل
نفس الشئ.

6. 
لم
يذكر النسب أسماء نساء عظيمات يفتخر بهن اليهود كسارة ورفقة وراحيل إنما ذكر ثامار
التي إرتدت ثياب زانية (تك38) وراحاب الكنعانية الزانية (يش1:2) وبثسبع التي
يلقبها "التي لأوريا" لخطيتها مع داود ليكشف أن طبيعتنا التي أخطأت
وسقطت هي التي جاء المسيح لعلاجها، هذه التي مرضت جاء ليشفيها، وهذه التي سقطت جاء
ليقيمها. هو جاء من خاطئات وولد منهن لأنه جاء لأجل الخطاة ليمحو خطايا الجميع.

7. 
ذكر
معلمنا متى في النسب بعض النساء الأمميات مثل راعوث الموآبية وراحاب الكنعانية،
ليعلن أنه جاء من أجل البشرية كلها ليخلص الأمم كما اليهود. وصارت راعوث رمزاً
لكنيسة الأمم التي تركت بيت أبيها ووثنيته وعاداته الشريرة والتصقت بكنيسة الله
وقبلت العضوية فيها، وقد نفذت قول المزمور" إنسي شعبك وبيت أبيك لأن الملك
اشتهى حسنك" (مز11:45،12).

8. 
من
بين أسلاف المسيح أشخاص لهم إخوة، ويلاحظ أن السيد جاء بصفة عامة منحدراً لا من
الأبناء البكر بل ممن هم ليسوا أبكاراً حسب الجسد مثل إبراهيم واسحق ويعقوب ويهوذا
وداود.. لقد جاء السيد المسيح ليعلن أن البكورية لا تقوم على الولادة الجسدية
وإنما على استحقاق الروح. لقد فقد آدم بكوريته بسبب الخطية، وجاء السيد المسيح آدم
الأخير ليصير بكر البشرية كلها وفيه يصير المؤمنون أبكاراً (عب23:12).

9. 
ذكر
معلمنا متى في نسب السيد فارص دون زارح. ولقد أخرج زارح يده أولاً بكونه الابن
البكر لكنه لم يولد أولاً بل تقدمه فارص فإحتل مركزه. ونعم بالبكورية. هكذا ظهر
اليهود أولاً كبكر للبشرية لكنهم حرموا من البكورية وتمتع بها الأمم عوضاً عنهم.
ففارص صار يمثل كنيسة الأمم التي صارت بكراً باتحادها بالمسيح البكر، وزارح صار
يمثل اليهود الذين فقدوا البكورية برفضهم الاتحاد مع البكر.

10.   ذكر متى سبي بابل ولم يذكر
عبوديتهم في مصر فنزولهم لمصر لم يكن لهم ذنب فيه ولكن سبيهم إلى بابل كان سببه
خطاياهم وكان عقوبة لهم.

11.       
متى
يكرر كلمة ولد ليشير لتسلسل الخطايا إلى المولود. ولوقا يكرر كلمة ابن إشارة
للبنوة التي اكتسبناها بالتجسد، بنوتنا لله.

12.       
فيما
يلي خريطة لسلسلة متى وسلسلة لوقا نرى فيها الأسماء المشتركة والتي بينها خلاف.

 

سلسلة
متى

الأسماء
المشتركة

سلسلة
لوقا

 

 

الله

أدم

                   
21 اسم

تارح

إبراهيم

                  
14 اسم

داود

 

سليمان

                  
14 اسم

يكنيا

 

ناثان

                  
20 اسم

نيري

 

شألتئيل

                  
2 اسم

زربابل

 

أبيهود

                
10 أسماء

يعقوب

يوسف

يوسف
ابن حقيقي ليعقوب

 

ريسا

                  
19 اسم

هالي

يوسف

يوسف
ابن منتسب لهالي

 

يسوع
المسيح

 

مجموعة
متى 41 اسم

 

مجموعة
لوقا 77 اسم

 

13.       هالي ويعقوب
ويوسف

يوسف خطيب العذراء مريم هو ابن يعقوب بالجسد.
وهالي هو أبو العذراء مريم أو جدها (حسب ما يذكر التلمود اليهودي وكتب اليهود).
وحينما تزوج يوسف من العذراء نُسِبَ لهالي. وهالي إذا كان والد العذراء مريم وليس
جدها فهو اسم ثانٍ لاسم يواقيم. ووالد العذراء مريم أنجب بنتاً ثانية هي سالومة
زوجة زبدي وأم يوحنا الحبيب ويعقوب. ووالد العذراء مريم لم يكن له ابن لذلك دُعِىَ
يوسف خطيب مريم ابناً له. وقد حدث هذا (راجع نح63:7) فهقوص تسمى باسم حميه برزلاي
الجلعادي. وراعوث أصبحت بنتاً لنعمى. فيمكن أن ينسب الرجل لحميه. والبنت لحماتها
أو حميها.

وهناك
رأي آخر يقول أن اليهود كانوا إذا تعذر عليهم معرفة الأب ينسبون الطفل لجده أبو
أمه. ولذلك قال لوقا أنه على ما كان يظن ابن يوسف ابن هالي. ويوسف كان قريباً
للعذراء مريم وكلاهما من سبط يهوذا ومن نسل داود الملك. وكانت عادة عند اليهود أن
يزوجوا ويتزوجوا من الأقارب.

وبهذا
نرى أن سلسلة أنساب لوقا هي سلسلة أسلاف العذراء أم المسيح وسلسلة أنساب متى تضمنت
نسب يوسف أبو المسيح بالتبني. وهذه وتلك لم تشير للعذراء فاليهود ما كانوا يدخلون
النساء في جداول نسبهم. وكانوا إذا انتهت العائلة بامرأة أدخلوا قرينها في النسب
واعتبروه ابن والد قرينته.

ولاحظ
أغسطينوس أن لوقا يقول يوسف ابن هالي ولم يقل هالي ولد يوسف كما قال متى يعقوب ولد
يوسف. ورأي في هذا أن يوسف منسوب لهالي دون أن يكون بالضرورة أباه الحقيقي. فمتي
يهتم بالنبوة الطبيعية ولوقا يهتم بالبنوة الشرعية أو التبني. ولاحظ أن متى الذي
يهتم بأن يثبت أن المسيح ملك اليهود يسير وراء خط يعقوب الذي يصل للنسل الملكي عن
طريق سليمان.

14.       سليمان
وناثان

ناثان هو الأخ الأكبر لسليمان (1أي5:3) وكلاهما
أولاد بثشبع. ولكن لأن متى مهتم بالخط الطبيعي، نجده يتتبع خط الولادة الجسدية
لشألتئيل من يكنيا (أنظر نقطة 15) ويكنيا من نسل سليمان جسدياً، أما لوقا فيتتبع
النسل الشرعي لشألتئيل.

15.       شألتئيل
وزربابل

شألتئيل هو الابن الحقيقي ليكنيا.
"يكنيا ولد شألتئيل" (مت12:1) وفي (لو27:3) نجد شألتئيل بن نيري. وهذه
المشكلة لها نفس حل مشكلة يوسف ويعقوب وهالي. فشألتئيل غالباً تزوج من ابنة نيري
فنسب له، ونيري هذا من ذرية ناثان.

وزربابل
هو والي
اليهودية بعد العودة من سبي بابل. وزربابل هو الابن الحقيقي لشألتئيل حسب قول متى
"وشألتئيل ولد زربابل" (12:1). ولكن في (1أي19:3) نجد زربابل ابناً
لفدايا وهذه المشكلة لها حل من اثنين:

1) 
حسب
شريعة اليهود إذا مات رجل دون أن يكون له ولد يتزوج أرملته ولي المرأة أي أقرب رجل
للمتوفي سواء أخيه أو أقرب شخص. والمولود الأول ينسب للمتوفي، وفي بعض الأحيان
ينسب للولي لشهرته (كما حدث في قصة راعوث وبوعز). وهنا نفهم أن فدايا وشألتئيل
أحدهما والد زربابل بحسب الجسد والآخر بحسب الشريعة.

2)    
هناك
حل آخر أن شألتئيل والد فدايا وفدايا والد زربابل وينسب زربابل أحياناً لفدايا وفي
أحيان أخرى لشألتئيل.

16.       الأسماء
الأربعة المحذوفة من سلسلة متى

1- أخزيا (2مل29:8)

2) يوآش (2مل2:11-20:12)

3-
أمصيا (2مل8:14-20)

4)
يهوياقيم (2مل36:23-6:24)

والثلاثة
الأول جاءوا بعد يهوارم، بينه وبين عزيا، وهؤلاء ربما حذفوا من سلاسل النسب لأنهم
من نسل إيزابل الشريرة وأخاب، وإيزابل هي بنت أثبعل ملك الصيدونيين (1مل31:16).
وقد أبدى الله السخط الزائد على هذه الأسرة، لذلك أسقطتهم سلاسل النسب اليهودية،
ومتى نقل عن السلاسل كما وجدها، فهو التزم بسلاسل النسب التي بين أيدي اليهود.

أما
يهوياقيم فهو ملك شرير مزق كتاب أرمياء ولا يذكر اسمه في سلاسل النسب اليهودية إلا
نادراً (2أي8:36) والتلمود اليهودي يقر حذف أسماء الأشرار.

17.       ثلاثة
مجموعات في سلسلة نسب متى

قسم متى سلسلة نسب المسيح إلى ثلاث مجموعات كل
منها 14 جيل وهي كالآتي:

المجموعة
الأولى

المجموعة
الثانية

المجموعة
الثالثة

1-    إبراهيم

2-    اسحق

3-    يعقوب

4-    يهوذا

5-    فارص

6-    حصرون

7-    أرام

8-    عميناداب

9-    نحشون

10-      سلمون

11-      بوعز

12-      عوبيد

13-      يسي

14-      داود

سليمان

رحبعام

أبيا

أسا

يهوشافاط

يورام

عزيا

يوثام

أحاز

حزقيا

منسى

أمون

يوشيا

يكنيا

(يكنيا)

شألتئيل

زربابل

أبيهود

ألياقيم

عازور

صادوق

أخيم

اليود

اليعازر

متان

يعقوب

يوسف

يسوع
المسيح

 

هم ثلاثة مجموعات ورقم (3) يشير للكمال الإلهي:

·  
المجموعة
الأولي:
تبدأ
بإبراهيم الذي له الوعد بالأرض (تك15) وتنتهي نهاية سعيدة بتنفيذ هذا الوعد وقيام
مملكة داود. وداود له وعد هو أيضاً بالعرش. له ولأبنائه. هنا نرى قصد الله. فالله
دعا إبراهيم ليرث الأرض ويملكها وهذا تحقق في داود تماماً. كما خلق الله آدم ليرث
ويملك ويسود بسلطان.

·  
المجموعة
الثانية:
تبدأ
بسليمان الذي أسس الهيكل ولكنه أدخل العبادة الوثنية، ومن ثم تسللت هذه العبادة
لإسرائيل ولذلك انتهت هذه المجموعة بالسبي وخراب أورشليم والهيكل وسبى يكنيا. وهذه
المجموعة تظهر فشل الإنسان ممثلاً في سليمان، الذي أعطاه الله كل شئ. فسليمان
أعطاه الله حكمة ومجد وغني وسلام (سفر الجامعة + 1مل) وما حصل عليه سليمان لم يحصل
عليه أحد قط. وهكذا آدم خلقه الله في جنة.. وماذا كانت النتيجة، فشل آدم وفشل
سليمان وخربت المملكة وسقطت بيد بابل (الذي يرمز للشيطان الذي استعبد الإنسان)
(رو20:8) "الخليقة اسلمت للباطل.. من أجل الذي أخضعها على الرجاء" ولذلك
نجد في نهاية المجموعة الثانية ملكاً في السبي. وهذا هو حال البشرية قبل المسيح.

·  
المجموعة
الثالثة:
تبدأ
بعد السبي بيكنيا أيضاً الذي انتهت به المجموعة الثانية وتنتهي هذه المجموعة
بميلاد المخلص. فيكنيا الملك نرى فيه الرجاء مجسداً، الذي أشار إليه بولس الرسول
في (رو20:8). فبعد أن ذهب يكنيا إلى السبي نجد أن أويل مردوخ ملك بابل رفع رأس
يهوياكين ملك يهوذا من السجن وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في
بابل. وغيَّر ثياب سجنه، وكان يأكل الخبز أمامه كل أيام حياته (2مل28:25،29). هذا
هو الرجاء الذي تبدأ به المجموعة الثالثة، الرجاء للبشرية الخاضعة للعبودية. ولكن
كيف يتحقق هذا الرجاء، هذا ما انتهت به المجموعة الثالثة أي ميلاد المخلص.

لذلك فالمجموعات الثلاث يشيروا لقصة معاملات
الله مع الإنسان. في المجموعة الأولى نرى قصد الله وتحقيقه وفي الثانية نرى فشل
الإنسان وأنه سُلِّم للباطل على رجاء. وفي الثالثة نرى الرجاء يصبح حقيقة ويولد
مخلص العالم.

18.       كل مجموعة
14 جيل

قصد
معلمنا متى واضح أنه يريد أن تكون كل مجموعة 14 جيل ولذلك

i)             
أسقط
4 ملوك من المجموعة الثانية.

ii)           
وضع
يكنيا في آخر المجموعة الثانية وبداية المجموعة الثالثة.

ورقم
14 = 7×2 فإذا فهمنا أن 7 تشير للإنسان الكامل ورقم 2 يشير للتجسد ففي رقم 14 إشارة
للمسيح الإنسان الكامل المتجسد. وبهذا التجسد ستعتق البشرية من عبودية الفساد إلى
حرية مجد أولاد الله (رو21:8). بعد أن كانت في خلاف مع الله وفي إنقسام (رقم2)
فالمسيح جعل الاثنين واحداً.

19.   بدون تكرار يكنيا يصبح ترتيب
المسيح في مجموعته رقم 13 وهو رقم يشير للخطية والعصيان، ولكنه صار يشير للكفارة.
وكما يقول بولس الرسول "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر
الله فيه" (2كو21:5)

20.       تكرار اسم
يكنيا

انتهت المجموعة الأولى بسبي يكنيا، وبدأت
الثالثة برفع يكنيا، والفارق بين المجموعتين هو سبي بابل رمز لسقوط الإنسان تحت
عبودية إبليس بسبب الخطية. ولكننا نرى يكنيا حين رُفِعَ، تم رفعه في بابل الوثنية
وهذا يعني أن الخلاص سيتم هنا ونحن على الأرض. وكان تكرار اسم يكنيا فيه إشارة
لسقوط الإنسان وسقوط دولة اليهود ثم قيام الكنيسة التي تضم الأمم واليهود ثانياً.
وتكرار اسم يكنيا مرتين لأنه يرمز إلى المسيح الذي انتقل من اليهود إلى الأمم.
والمسيح هو حجر الزاوية (مز22:118) الذي يربط الحائطين معاً. وحجر الزاوية الذي
رفضه البناءون هو إشارة للمسيح الذي رفضه اليهود. وحجر الزاوية لابد وأن يحصى
مرتين مرة مع هذا الحائط. ومرة أخرى مع الحائط المربوط معه بحجر الزاوية.

 

21.       سلسلة نسب
القديس متى

متى ذكر 41 اسم مبتدئاً من إبراهيم حتى المسيح.
وبإضافة 21 اسم ذكرهم لوقا ولم يذكرهم متى وهم ما قبل إبراهيم. وبإضافة الأربعة
الأسماء الناقصة يصير عدد أسماء قائمة متى (41+21+4= 66اسماً.

66=
6×11  6 (رقم الإنسان غير الكامل) ، 11 (رقم الخطية)

ومجموعة
متى تنازلية، فنرى أن هذا الرقم هو سبب تنازل المسيح وتجسده ألا وهو نقص طبيعتنا
وتمردنا وفشلنا. هذا ما جعل المسيح يصير خطية لأجلنا. ولقد لاحق رقم 6 المسيح فهو
صلب في اليوم السادس والساعة السادسة، بل البشارة به كانت في الشهر السادس
لأليصابات (لو26:1). ونلاحظ أن رقم 6 هو مع المجموعة التنازلية.

ونلاحظ
أن أسماء متى وحدها كانت 41 شاملة اسم المسيح، وبدون المسيح يصير عدد الأسماء 40
ورقم 40 يشير لفترة أو مهلة تعطى لنا إما يعقبها غفران وبركة أو يعقبها رفض ولعنة.
الغفران والبركة لمن يقدم توبة واللعنة لمن لا يجاهد ويتوب. ولذلك رأينا المهلة
المعطاة لنينوى 40 يوم ولكنهم تابوا فغفر لهم الله، وبنى إسرائيل تاهوا 40سنة في
البرية ثم دخلوا أرض الميعاد إذاً في هذا إشارة لفترة غربتنا على الأرض التي
يعقبها إما خلاص أو هلاك والمسيح وموسى وإيليا صاموا 40 يوماً. ولكن نلاحظ أن
الرقم هو 41 وليس40. فنحن مهما جاهدنا بدون المسيح فلا فائدة.

22.   نبوة دانيال إصحاح 9 تلخص
المجموعة الثالثة لمتى فكان دانيال مصلياً ومنتظراً إتمام فترة السبي (الـ70 سنة)
التي تنبأ عنها أرمياء. وإذ به يسمع من الله أن هناك ما هو أهم بعد 70 أسبوع سنين
أي 490سنة، وذلك أن المسيح سيولد حتى يخلص العالم من سبيه لإبليس، وهذا أهم من
نهاية سبي بابل.

23.       
ملاحظات
على سلاسل الأنساب

i)     
كان
اليهود يحفظون جداول الأنساب ويهتمون بها جداً وبغاية الاعتناء والتدقيق، فهم
أولاً ينتظرون المسيح الذي قد يأتي من أي منهم، ولكنهم كانوا يعلمون أنه من نسل
داود. وثانياً فهم يستوطنون في أراضي إسرائيل بحسب أسباطهم. وقد حفظت التوراة
نفسها هذه السلاسل حتى الأسر البابلي ومنها نستدل على نسب المسيح. أما اليهود
فاستمروا بعد السبي مهتمين بهذه الأنساب هذا ما يسجله يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي
يقول حافظ اليهود على سلاسل الأنساب الخاصة بهم وبعائلاتهم حتى بعد أن تشتتوا.
وهذه السلاسل لها استخدام أيضاً في المواريث. ولكن هذه الأنساب فقدت بعد خراب
أورشليم سنة 70م.

ii)     بالرغم من وجود
خلافات ظاهرية بين سلسلتي نسب متى ولوقا فإن اليهود أنفسهم لم يشككوا فيهم، في
القرن الأول، ولو كان هناك أي شبهة شك لهاجمها اليهود. ولكنهم لم يفعلوا فهم
يعلمون صحتها.

24.   يثير البعض مشكلة حول قول متى
"ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل" ويقولون أن يوشيا كان قبل سبي
بابل، وأنه مات قبل سبي بابل الرابع وخراب أورشليم بحوالي 20سنة. والرد على هذا
بسبيط فيوشيا بموته بدأت مملكة يهوذا في الإنهيار السريع دينياً وسياسياً. فموت
يوشيا أتى بالنفوذ المصري على يهوذا، وانتهى هذا بالسبي الأول لبابل بعد موت يوشيا
بثلاث سنوات. وكانت هذه الفترة فترة سوداء في تاريخ المملكة. ومتى يقصد أن نهاية
مملكة يهوذا قد بدأت بموت يوشيا.

25.   يثير البعض أيضاً مشكلة حول
أبيهود ابن زربابل ففي (1أي19:3) نجد أن لزربابل خمسة أبناء ليس بينهم اسم أبيهود.
وحل هذا الإشكال سهل فمن المعروف أن اليهود كانوا يستعملون اسمين مثل عيسو/ أدوم=
يعقوب/ إسرائيل- بطرس/ سمعان- برثولماوس/ نثنائيل- بولس/ شاول. ورواية متى منقولة
من السجلات ولم يعترض اليهود عليها.

26.       
سلسة
متى وسلسلة لوقا مختلفتين لكن كلاهما أشار لأن المسيح هو ابن إبراهيم وابن داود
وهذا هو المطلوب.

 

27.       أرقم سلسلة
نسب لوقا

سلسلة
اسماء لوقا تشمل 77 اسماً وأحد طرفيها الله والآخر هو المسيح. فهو الأول والآخر

77=
7×11

رقم 7
يشير للإنسان الكامل من ناحيتين

i)             
7
= 3 + 4 ، 3 تشير للروح المخلوقة على صورة الله.

           
          ، 4 يشير للجسد المأخوذ من تراب الأرض.

     
ويشير للمسيح، الإنسان الكامل، الله (3 مثلث الأقانيم) أخذ جسداً (4)

ii)           
7
= 6 + 1 ، 6 تشير للإنسان الناقص.

             
        ، 1 تشير لله فالإنسان لا يكمل إلا باتحاده مع الله.

    
وبهذا أيضاً يشير للمسيح بلاهوته المتحد بناسوته.

   
ورقم 11 يشير للخطية والتعدي على وصايا الله

وضرب
الرقمين يمثل خطايا الخليقة كلها والتي غفرت بموت المسيح وشفاعته الكفارية
وبالمعمودية والتوبة اللتان لهما قوتهما من دم المسيح الإنسان الكامل (7) ولذلك
فمجموعة لوقا تصاعدية، متصاعدة إلى الله، وبالمعمودية يصطلح الله مع شعبه عندما
تغسل خطاياهم. لذلك فمجموعة لوقا أتت بعد قصة معمودية المسيح. ولاحظ أن رقم (7)
موجود مع المجموعة التصاعدية. فعمل المسيح الفدائي يكمل الإنسان ليحمله لحضن الآب،
لهذا فطرفي مجموعة لوقا هما المسيح رأس الكنيسة والآب الذي يحمل الابن كنيسته إلى
حضنه.

 

آية
(18): "أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف،
قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس."

لما
كان من المستحيل أن نصعد نحن إلى الله، نزل هو إلينا ليرفعنا إلى علوه. ولما كان
ليخلصنا يجب أن يموت أخذ جسداً قابلاً للموت ليموت به عنا.

والمسيح
ولد من عذراء بواسطة الروح القدس الذي هيأ أحشاءها وقدسها ليحل الكلمة فيها، فهو ليس
من زرع بشر. وأهمية خطبة العذراء ليوسف:

1-   
يوسف
من نسل داود فحين ينسب له المسيح يكون ابن داود (والعذراء أيضاً نسل داود)

2-   
حتى
لا تُرجم العذراء كزانية إذ توجد حبلى دون زواج طبقاً للشريعة.

3-   
لكي
تجد العذراء من يعينها خاصة أثناء رحلة هروبها إلى مصر.

ملحوظات: المسيح وُلِدَ رجلاً
ووُلِدَ من امرأة فهو لا يحتقر جنس البشر بل يكره الخطية.

الخطبة
عند اليهود:-

تشبه (كتب الكتاب عند الإخوة المسلمين). لذلك يقول الكتاب عن يوسف أنه رجلها وعن
العذراء أنها امرأته (آيات 19،20). وهي ليست كالخطبة عند المسيحيين أو المسلمين،
بل هي بمثابة زواج، ويجب أن تمر فترة زمنية حتى يسكنا معاً ويعرفا بعضهما. وهذا هو
الوضع الذي حملت فيه العذراء بالمسيح. فإن حملت المخطوبة عند اليهود لا يعتبر هذا
زنا بل مخالفة اجتماعية بسيطة. ولأن المخطوبة عند اليهود تعامل كالمتزوجة فعقوبة
زنا المخطوبة مع غير خطيبها هو الرجم (تث23:22،24).

تأملات: [1] المسيح ولد من عذراء،
فهو لا يوجد في أحشاء إلا أحشاء عذراوية لا تعرف خطية وترفض أن تقترن بشهوات هذا
العالم. [2] عجيب هو صمت العذراء التي كتمت سرها حتى عن رجلها يوسف، فهذا درس لنا
في البعد عن المجد الباطل وفي إنكار الذات.

قبل
أن يجتمعا وجدت حبلى
(حيث
أن المسيح لم يكن زرع بشر فهو لم يحمل الخطية الأصلية (مز5:51+ رو12:5) وبهذا يمكن
أن يموت لا عن نفسه بل عن البشرية فهو بلا خطية وغير وارث للخطية الأصلية)= بدأت
من القرن الرابع إساءة فهم هذه الآية وقيل أن تفسيرها هو أن يوسف اجتمع مع العذراء
بعد الولادة، والهدف إنكار دوام بتولية السيدة العذراء. والرد بسيط كما قال القديس
جيروم "لو قال إنسان أنني قبل الغذاء أبحرت إلى إفريقيا فهل لابد أن يرجع
لشواطئ أوروبا للغذاء. والمقصود من الآية ببساطة أن العذراء وجدت حبلى بدون زرع
بشر.

آية
(19): "فيوسف رجلها إذ كان باراً، ولم يشأ أن يشهرها ،أراد تخليتها
سراً."

ظهرت
علامات الحمل على العذراء فكان أمام يوسف أحد اختيارين:

1)    
أن
يحاكمها أمام الشيوخ فترجم حسب الشريعة.

2) 
يطلقها
أمام شهود بدون علة حتى لا يشهرها (تث1:24) وهذا ما أنتواه يوسف. وهو كان يجب عليه
أن يتخذ أي قرار من الاثنين، فالساكت على الخطية كأنه قد اشترك فيها. وهو فضل
استخدام الرحمة عن العدل.

آية
(20): "ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور. إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم
قائلاً: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به
فيها هو من الروح القدس"."

لم
يكن من الممكن أن يصدق إنسان قصة الميلاد العذراوي إن لم يكن بظهور ملائكي مثل
هذا. وهنا نرى درس في التسليم من العذراء فهي ألقت رجاءها على لله فأظهر برها
كالشمس. متفكر= فلنتروى قبل أن نحكم على أحد. يا يوسف ابن داود= هذا
تذكير بأن داود هو أبو المسيح بالجسد، أو أو أن المولود هو المسيا ابن داود
المنتظر. أن تأخذ= أي تحفظها في بيتك فهو كان ناوياً أن يخرجها.

آية
(21): "فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم."

يسوع=
هذا هو
النطق اليوناني لاسم يشوع أو يهوشع أي الرب يخلص. يخلص شعبه (شعبه= أي كل
من يقبله سواء يهود أو أمم) من خطاياهم= هو يستطيع أن يخلص القلب من محبة
الخطية وسلطان الخطية وقوتها، وهو يخلصنا من عقوبة الخطية ويصالحنا مع الله الآب،
وان عشنا في حضرة الله الآب تهرب الخطية. واليهود فهموا الخلاص بطريقة خطأ، فهم
فهموا أن الخلاص يكون من الرومان أو من أي مصائب وقتية، ومازال البعض حتى الآن
يفهمونها هكذا. وكان هذا هو الفهم الخاطئ لتلميذي عمواس (لو21:24).

آية
(22): "وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل."

لكي
يتم ما قيل=
أي
أن المسيح جاء وتجسد في ملء الزمان، ولكن كان هذا في خطة الله الأزلية وسبق وكشفه
على لسان النبي.

آية
(23): ""هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه عمانوئيل" الذي
تفسيره: الله معنا."

هذه
أول نبوة من سلسلة نبوات أتى بها متى البشير ليثبت أن في المسيح تتحقق النبوات
وأنه هو المسيا المنتظر. عمانوئيل= من الاسمين معاً عمانوئيل ويسوع نفهم أن
المسيح هو الرب متجسداً.

آية
(25): "ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر. ودعا اسمه يسوع."

لم
يعرفها حتى=
من
يريد إنكار دوام بتولية العذراء يستخدم هذه الآية ويقول أن حتى تشير أنه عرفها بعد
أن ولدت المسيح. والرد على هذا بسيط

1)    
(1كو25:15)
"لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه" فهل بعد أن
يضع أعداؤه تحت قدميه سيتوقف ملكه.

2)    
(2صم23:6)
"ولم يكن لميكال ولد إلى يوم موتها" فهل ولدت بعد موتها.

3)    
(مز2:123)
"عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا" فهل تطلع النبي إلى الله حتى
ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيه عنه إلى الأرض.

مما
سبق نفهم ان قوله حتى لا يفيد تغير الوضع بعدها.

أبنها
البكر=
يفهمون
من هذا أيضاً أن العذراء انجبت أخوة للمسيح من بطنها. والرد على ذلك بسيط. فالبكر
هو كل فاتح رحم (عدد15:18). حتى لو لم يكن له إخوة والدليل أنه كان على شعب الله
أن يقدم كل بكر لله دون أن ينتظر ولادة إخوة له. والمسيح صار بكراً بين إخوة
كثيرين (رو29:8) والعذراء استمرت بكراً (خر1:44،2).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر يشوع بن سيراخ الأنبا مكاريوس أسقف عام 21

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي