الإصحاح السادس

 

الآيات (1-6):                      في كتاب
إنجيل متى (مت54:13-58)

الآيات (7-13):           في كتاب إنجيل متى
(مت9:10-15)

الآيات (14-29):                   في كتاب
إنجيل متى (مت1:14-12)

الآيات (30-44):                   في كتاب
إنجيل متى (مت13:14-23)

الآيات (45-52):                   في كتاب
إنجيل متى (مت22:14-33)

الآيات (53-56):                   في كتاب
إنجيل متى (مت34:14-36)

 

(مر1:6-6):-

وخرج
من هناك وجاء إلى وطنه وتبعه تلاميذه. ولما كان السبت أبتدأ يعلم في المجمع
وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه وما هذه الحكمة التي أعطيت له حتى
تجري على يديه قوات مثل هذه. أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا
وسمعان اوليست أخواته ههنا عندنا فكانوا يعثرون به. فقال لهم يسوع ليس نبي بلا
كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة
غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم. وتعجب من عدم أيمانهم وصار يطوف القرى
المحيطة يعلم.

بهتوا
وقالوا
أليس هذا هو إبن النجار=هؤلاء كانوا واقفين لا ليتعلموا بل
ليحكموا عليه، أعجبوا بكلامه ولكنهم لم يستفيدوا بسبب كبريائهم الذى أغلق قلوبهم،
فلم يروا فى المسيح سوى إبن نجار هم يعرفون عائلته، وكم من فلاسفة حتى الآن يحكمون
على كلمات المسيح وتعاليمه بالعظمة ولكنهم لم يؤمنوا ولم يتذوقوا حلاوته، لأنهم
جعلوا من أنفسهم حكاماً يحكمون عليه وقضاة يتحققون من كل كلمة قالها، ولم يفحوا
القلب لهُ. وربما لم يقبله هؤلاء اليهود إذ إنتظروا المسيح ملكاً زمنياً، وكم من
مرة نرفض المسيح ونهاجمه إذ لا يخلصنا بحسب الخطة التى نضعها نحن، وهذه هى نفس
سقطة تلميذى عمواس (لو21:24)، فى نظر هؤلاء أن الفداء الذى تم على الصليب ليس هو
الفداء المطلوب. فكانوا يعثرون فيه= فهو وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو34:2
وهذا ما تنبأ إشعياء أيضاً عنه 14:8،15) إن كبرياء هؤلاء اليهود تصادم مع تواضع
المسيح الذى ظهر كإبن نجار، فلم يقبل هؤلاء المتغطرسين أن يكون مسيحهم متواضعاً.
وبسبب عدم إيمانهم هذا لم يستطيع المسيح أن يعمل قوات ومعجزات بينهم (مر5:6).

أليس
هذا هو النجار إبن مريم =

يُفهم من هذا أن يوسف النجار كان قد تنيح. فى ذلك الحين وإلاّ كانوا قد ذكروا
إسمه.

يعقوب
ويوسى.. إخوته=

الكتاب المقدس يستخدم لفظ إخوة فى حالات القرابة الشديدة
(تك 8:13 إبراهيم ولوط +تك 15:29 لابان ويعقوب). وهى تستخدم عند اليهود للتعبير عن
أولاد العم والعمة والخال والخالة. وفى اللغة الأرامية تستخدم نفس الكلمة أخ لتعبر
عن كل هذه القرابات. وهناك أراء كثيرة فى هذا الموضوع 1) هم أبناء زوجة أخرى ليوسف
النجار 2) أولاد خالة للمسيح.

ويعقوب
هو رئيس كنيسة أورشليم وكاتب رسالة يعقوب ويهوذا كاتب رسالة يهوذا. وإخوته لم
يقبلوه أولاً ثم عادوا وآمنوا (يو5:7).

(مر
1:6) خرج من هناك
(من
كفر ناحوم) وجاء إلى وطنه (الناصرة) لكى يعطيهم فرصة أخرى.

إن
تواضع المسيح الذى بسببه تعثر اليهود فيه صار سبباً لإعجابنا به وحبنا لهُ، إذ نزل
إلينا ليرفعنا إليه. شاركنا جسدنا وأعمالنا فبارك لنا كل شىء. ليس نبى بلا
كرامة إلاّ فى وطنه
= درج الناس على إكرام الغريب الذى لا يعرفونه، والتقليل
من شأن القريب الذى يعرفون نشأته وأهله وغالباً مايكون هذا بسبب الحسد. والمسيح
إستعمل مثلاً شائعاً قال فيه عن نفسه أنه نبى، إذ أن بعض الفئات فهموا أنه النبى
الذى قال لهم عنه موسى (تث 15:18+ مر 27:8،28 + مر 15:6). ليس نبى بلا كرامة
إلا فى وطنه=
مثل معروف عند اليهود استخدمه السيد المسيح هنا.

مر5:6 لم يقدر أن يصنع من عدم إيمانهم= فعدم إيماننا قادر أن يغلق أبواب مراحم
الله، أماّ الإيمان فيفتح كوى مراحم الله.

 

(مر
7:6-13):-

ودعا
الاثني عشر وأبتدأ يرسلهم اثنين اثنين وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة. وأوصاهم
أن لا يحملوا شيئا للطريق غير عصا فقط لا مزودا ولا خبزا ولا نحاسا في المنطقة. بل
يكونوا مشدودين بنعال ولا يلبسوا ثوبين. وقال لهم حيثما دخلتم بيتا فأقيموا فيه
حتى تخرجوا من هناك. وكل من لا يقبلكم ولا يسمع لكم فاخرجوا من هناك وانفضوا
التراب الذي تحت أرجلكم شهادة عليهم الحق أقول لكم ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم
الدين حالة اكثر احتمالا مما لتلك المدينة.فخرجوا وصاروا يكرزون أن يتوبوا.
واخرجوا شياطين كثيرة ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم.

لا
تقتنوا ذهباً ولا فضة =
المقصود
عدم الإهتمام بالإقتناء أو أن يحملوا هم الغد، فالله سيرسل لهم ما يكفيهم. الله
يريد منهم الإتكال الكامل عليه وأن لا يجدوا فى المال ضماناً للغد، وأن يهتموا فقط
بالكرازة. عموماً فمحبة المال أصل لكل الشرور. وكانوا يأكلون فى بيوت تلاميذهم
وكان هذا لتزداد المحبة بينهم وبين تلاميذهم. نحاساً= أى النقود فالنقود
كانت من الذهب والفضة والنحاس فى مناطقكم = هى ثنية فى رداء المنطقة تستعمل
كما نستعمل الجيوب الآن ولا مزوداً = كيس صغير يضعون فيه الطعام أثناء
سفرهم.

ولا
أحذية =
ويقول
فى مرقس بل يكونوا مشدودين بنعال = لا يعقل أن السيد يطلب منهم السير حفاة
الأقدام، لذلك فليكونوا مشدودين بنعال، ولكن لا يحملوا هماً بزيادة، فيحملوا معهم
أحذية لئلا ينقطع الحذاء الذى يلبسونه. حتى الحذاء عليهم أن لا يفكروا فيه، فهو
سيدبر لهم كل شئ، بل ألم يكن حذاء مار مرقس المقطوع بداية الكرازة فى مصر. ولا
ثوبين.. ولا يلبسوا ثوبين
(مرقص)= نفس المعنى أن لا يحملوا هم إنقطاع ثوب
فيلبسوا ثوبين، عليهم أن يذكروا أن ثياب بنى إسرائيل ونعالهم لم تبلى مدة 40 سنة
(تث 5:29-6)، فلا يحملوا شيئاً مضاعفاً. ولكن لاحظ قوله مشدودين بنعال أى أنهم على
إستعداد مستمر للحركة. وكلمة مشدودين فلأن الصنادل المستخدمة كلن لها سيور يلفونها
حول الساق، ويلزم حلها أولاً قبل خلعها، هذه التى إعتبر المعمدان نفسه غير أهل
لحلها. ولا عصا (متى).. غير عصا فقط (مرقس).. لا عصا (لوقا)
العصا تستخدم فى السير ليستند عليها السائر، إذ أن الطرق غير ممهدة وهم يسيرون فى
جبال ووديان، وتستعمل العصا فى الدفاع ضد الحيوانات. ويبدو من مقارنة الثلاثة
أناجيل أن هناك خلاف بسيط فى موضوع العصا ففى متى ولوقا لا يُسمح بحمل عصا وفى
مرقس يُسمح بهذا. وطبعاً علينا ألاّ نكون حرفيين وأن نفهم روح الوصية، والمقصود أن
من يحتاج لعصا فليأخذها ليستند عليها، ولكن لنفهم أن المهم هو الشعور الداخلى
بالإتكال على السيد المسيح فى كل شئ، لا يخاف الكارز من حيوان يهاجمه (خر 7:11)
ولا من جوع أو عوز، فالله يدبر كل شئ. فلا نفهم عدم حمل العصا حرفياً، أن المسيح
يمنع ذلك لكن المسيح يطلب أن نلقى كل همنا عليه وهو يعولنا. عموماً العصا تشير
للحماية من عدو. ومعنى وجود نص يقول أحمل عصا ونص يقول لا تحمل عصا فهذا إشارة
لإنه أن وجدت حماية إستعملوها (كما حدث مع نحميا "نح 9:2") وإن لم توجد
فلا تحملوا هماً فأنا أحميكم (عز 21:8-23) فعزرا لم يطلب حماية ثقة فى إلهه لكن
نحميا إذ عرض عليه الملك جيشاً ليحميه لم يرفض.

وأية
مدينة دخلتموها فإفحصوا من فيها مستحق=
أى من هو مستحق أن تقيموا عنده، ويكون
بيته كنيسة تصلى فيها الصلوات والقداسات.وأقيموا هناك حتى تخرجوا (متى). حيثما
دخلتم بيتاً فأقيموا فيه حتى تخرجوا
إذاً هم سيبحثون عن بيت سمعته طيبة
ليقيموا فيه ولا يتنقلون من بيت إلى بيت حتى لا تتحول خدمة الكلمة إلى خدمة
المجاملات، وإنما يركزن كل فكرهم وجهدهم فى العمل الكرازى وحده. وحتى لا تحدث
منافسات بين البيوت فى إكرامهم فينسون الخدمة.

حين
تدخلون البيت سلموا عليه =
السلام
هى عادة يهودية، بل هى عادة فى كل العالم. ولكن المقصود هنا هو منح البركة لهذا
المكان. وإن كان أهل البيت مستحقين لهذه البركة ستكون لهم، وإن لم يكونوا مستحقين
ترجع هذه البركة وهذا السلام لكم= فليرجع سلامكم إليكم انفضوا غبار أرجلكم= بمعنى
أنهم خرجوا من عندهم لا يريدون أدنى شئ منهم. وكان اليهود يعتقدون أن أرض إسرائيل
مقدسة، لدرجة أنهم إذا كانوا يأتون من مملكة وثنية يقفون عند حدود بلادهم من
الخارج وينفضون أو يمسحون الغبار على أرجلهم، حتى لا تتنجس أرضهم بالغبار الذى من
أرض وثنية. وهنا مثل حى لأولئك اليهود الذين يرفضون رسالة الإنجيل، فهم لا يعتبرون
مقدسين بل يصلون إلى مستوى الوثنيين وعبدة الأصنام (نح 13:5 + أع 51:13).

سلموا
عليه =
بهذا
تبدأ كنيستنا صلواتها، بأن يطلب الكاهن البركة والسلام للشعب بقوله " إيرينى
باسى أى السلام لجميعكم " وهذا ليس مثل السلام العادى بين الأشخاص العاديين
وإلاّ ما معنى قول السيد يرجع سلامكم إليكم، إذاً هو بركة تمنح من الله. سدوم
وعمورة=
تكون حالتهم أكثر إحتمالاً من هؤلاء الرافضين إذ أن سدوم وعمورة لم
ترى المعجزات التى رآها هؤلاء. هنا نرى أن العذاب درجات. والمجد أيضاً درجات
" فنجم يمتاز عن نجم " (1كو 41:15).

 

(مر
7:6):-

ودعا
الاثني عشر وأبتدأ يرسلهم اثنين اثنين وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة.

أرسلهم
إثنين إثنين=
جا
9:4-12 فواحد منهما يشجع الأخر ويعزيه إن هو ضعف. وهكذا ذهب برنابا مع بولس ثم
سيلا مع بولس. أو أحدهما يعظ والآخر يصلى.

(مر
6 : 12-13):-

فخرجوا
وصاروا يكرزون أن يتوبوا. واخرجوا شياطين كثيرة ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم.

هنا
نرى التلاميذ يخرجون فى هذه المهمة التدريبيه فى وجود السيد بالجسد على الأرض،
ويمارسوا عمل الكرازة. ونراهم يمارسون سر مسحة المرضى = دهنوا بزيت مرضى كثيرين
فشفوهم.
وهكذا تتمم الكنيسة هذا السر كما تسلمته من الرسل، وكما إستلمه الرسل
من السيد المسيح، وكما أمر معلمنا يعقوب يع 14:5،15. ونلاحظ أن يهوذا كان من ضمن
التلاميذ، إذاً فهو قد علم ودهن بالزيت فشفى مرضى وأخرج شياطين، ولكن هلك إذ لم
يقدر قيمة ما أخذ، فإنطبق عليه قول السيد المسيح إنى لم أعرفكم قط مت 22:7،23

 

(مر
14:6-29):-

فسمع
هيرودس الملك لان اسمه صار مشهورا وقال أن يوحنا المعمدان قام من الأموات ولذلك
تعمل به القوات. قال آخرون انه ايليا وقال آخرون انه نبي أو كأحد الأنبياء. ولكن
لما سمع هيرودس قال هذا هو يوحنا الذي قطعت أنا رأسه انه قام من الأموات. لان
هيرودس نفسه كان قد أرسل وامسك يوحنا وأوثقه في السجن من اجل هيروديا امرأة فيلبس
أخيه إذ كان قد تزوج بها. لان يوحنا كان يقول لهيرودس لا يحل أن تكون لك امرأة
أخيك. فحنقت هيروديا عليه وأرادت أن تقتله ولم تقدر. لان هيرودس كان يهاب يوحنا
عالما انه رجل بار وقديس وكان يحفظه وإذ سمعه فعل كثيرا وسمعه بسرور. وإذ كان يوم
موافق لما صنع هيرودس في مولده عشاء لعظمائه وقواد الألوف ووجوه الجليل. دخلت ابنة
هيروديا ورقصت فسرت هيرودس والمتكئين معه فقال الملك للصبية مهما أردت اطلبي مني
فأعطيك. واقسم لها أن مهما طلبت مني لأعطينك حتى نصف مملكتي. فخرجت وقالت لامها
ماذا اطلب فقالت راس يوحنا المعمدان. فدخلت للوقت بسرعة إلى الملك وطلبت قائلة
أريد أن تعطيني حالا راس يوحنا المعمدان على طبق. فحزن الملك جدا ولأجل الأقسام
والمتكئين لم يرد أن يردها. فللوقت أرسل الملك سيافا وأمر أن يؤتى برأسه. فمضى
وقطع رأسه في السجن وأتى برأسه على طبق
وأعطاه للصبية والصبية أعطته لامها. ولما سمع تلاميذه جاءوا ورفعوا جثته ووضعوها
في قبر.

هيرودس
هذا هو هيرودس أنتيباس أحد أبناء هيرودس الكبير الذى كان يحكم كل اليهودية
والجليل، ومات سنة 4 ق.م. وبعد موته إنقسمت مملكته أربعة أجزاء. ومن أولاد هيرودس
الكبير.

1)     اريسطوبولوس
(لم يكن يحكم) وهو والد هيروديا.

2)     هيرودس
فيلبس(مر 17:6) وقد تزوج من هيروديا بنت أخيه.

3)  هيرودس
أنتيباس. وقد تركت هيروديا زوجها فيلبس لتتزوجه فى أثناء حياة زوجها فيلبس وهذا ما
عارضه يوحنا المعمدان. ولقد كان مسموحاً، بل مطلباً للناموس أن يتزوج الأخ زوجة
(أرملة) أخيه الراحل إذا كان هذا الميت قد مات دون نسل وذلك ليقيم نسلاً بإسم
أخيه، لكن أن تترك زوجة زوجها لتتزوج بأخيه فهذا ضد الناموس.

هيرودس
رئيس الربع=

هو أنتيباس، والربع هو ربع مملكة هيرودس الكبير أبوه. والربع الذى حكمه هو الجليل
وبيرية (وهيرودس هذا هو الذى حاكم المسيح عندما أرسلهُ له بيلاطس البنطى.

هو
يوحنا المعمدان قد قام من الأموات=
رغم أن يوحنا المعمدان لم يعمل معجزات (يو41:10)، والمسيح
كان صانع للمعجزات، إلاّ أن تصور هيرودس أن المسيح هو يوحنا المعمدان وقد قام من
الأموات، ما كان سوى إحساساً بالإثم وعذاباً للضمير. فالشرير يهرب ولاطارد (أم
1:28) (وهذا نفس ما حدث مع قايين). وهكذا تنتهى اللذة العابرة بعذاب مستمر وألم
دائم. ولاحظ تدرج الشر فى حياة هيرودس 1) فهو أولاً قد إغتصب زوجة أخيه الحى.2)
قتل يوحنا المعمدان. ولاحظ أن مؤامرة القتل قد تم تدبيرها وقت الإستمتاع الوقتى
بالخطية. ولقد قتل هيرودس المعمدان ليكتم صوت الحق الذى كان يعذبه، لكن الخوف لم
يفارقه، صار بلا سلام، فالخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلى، وتفقده أبديته. أماّ
الإلتزام بالحق فهو وإن كان ثمنه الإستشهاد لكن لن يفقد المؤمن سلامه على الأرض،
وتكون له حياة أبدية. أين هيرودس الآن وأين يوحنا المعمدان؟!

نهاية
هيرودس:-
كان
هيرودس متزوجاً من إبنة الحارث والى النبطيين وبسبب زواجه من هيروديا طلقها. فقام
عليه الحارث وحاربه وسحق جيشه. وتم نفى هيرودس وزوجته إلى فرنسا سنة 39م، ونالت
إبنة هيروديا جزاءها إذ سقطت فى بحيرة من الثلج وقطعت رقبتها.

ويضيف
معلمنا مرقس على قصة متى أن هيرودس كان يحترم يوحنا ويهابه عالماً أنه رجل بار
وقديس. وكان يحفظه آية(20) = واضح أن هيروديا كانت دائمة التدبير وحبك
المؤامرات ضد يوحنا المعمدان (مر19:6). ولكنها لم تقدر لأن هيرودس كان يحفظه منها،
إذ كان خائفاً من الشعب، ولأنه كان يعلم أنه رجل بار وقديس، ولكنه إنهار أخيراً
أمام ألاعيب هذه المرأة التى أغوته برقصة إبنتها (سالومى) وهو فى حالة سكر ومجون,

إذ
سمعه فعل كثيراً=
آية
(20) وفى الترجمة الأصلية "إذ سمعه إضطرب كثيراً " ولكنه سمعه بسرور.
وواضح أن ضميره كان يستيقظ بعض الوقت ويفرح لكلام المعمدان المملوء قوة بالروح
القدس، ولكنه أمام شهواته كان يرفض الإذعان لصوت الحق، فكان صوت المعمدان يعذبه.
هو كان يتعذب إذ لم يكن مستقيماً فى قلبه وخاضعاً لشهواته.

وتمت
جريمة القتل فى جو سُكر وعربدة ومجون، كان مجلس مستهزئين (مر 21:6) وإذ كان يوم
موافق=
هو كان موافقاً لأغراض هيروديا. وهيرودس هذا سماه السيد المسيح ثعلباً
(لو 32:13).

 

(مر30:6-44):-

واجتمع
الرسل إلى يسوع واخبروه بكل شيء كل ما فعلوا وكل ما علموا. فقال لهم تعالوا انتم
منفردين إلى موضع خلاء واستريحوا قليلا لان القادمين والذاهبين كانوا كثيرين ولم
تتيسر لهم فرصة للأكل. فمضوا في السفينة إلى موضع خلاء منفردين. فراهم الجموع
منطلقين وعرفه كثيرون فتراكضوا إلى هناك من جميع المدن مشاة وسبقوهم واجتمعوا
إليه. فلما خرج يسوع رأى جمعا كثيرا فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعي لها
فابتدأ يعلمهم كثيرا. وبعد ساعات كثيرة تقدم إليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء
والوقت مضى. أصرفهم لكي يمضوا إلى الضياع والقرى حوالينا ويبتاعوا لهم خبزا لان
ليس عندهم ما يأكلون. فأجاب وقال لهم أعطوهم انتم ليأكلوا فقالوا له انمضي ونبتاع
خبزا بمئتي دينار ونعطيهم ليأكلوا. فقال لهم كم رغيفا عندكم اذهبوا وانظروا ولما
علموا قالوا خمسة وسمكتان. فأمرهم أن يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا رفاقا على العشب
الأخضر.فأتكاوا صفوفا صفوفا مئة مئة وخمسين خمسين. فاخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين
ورفع نظره نحو السماء وبارك ثم كسر الأرغفة وأعطى تلاميذه ليقدموا إليهم وقسم
السمكتين للجميع. فأكل الجميع وشبعوا. ثم رفعوا من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوءة
ومن السمك. وكان الذين أكلوا من الأرغفة نحو خمسة آلاف رجل.

معجزة
إشباع الخمسة الأف :

هذه
المعجزة هى المعجزة الوحيدة التى يدونها البشيرون الأربعة لأهميتها. فهذه المعجزة،
معجزة إشباع الجموع بالخبز هى إشارة لشخص المسيح المشبع الذى به نستغنى عن العالم
وهى رمز لسر الإفخارستيا الذى يعطينا السيد فيه جسده على شكل خبز، ويشبعنا كلنا
به. لذلك قبل إتمام معجزة إشباع الجمع شفى السيد مرضاهم آية (14) كما غسل
السيد أرجل تلاميذه قبل العشاء الربانى وفى هذا إشارة لإلزامنا بالتوبة والإعتراف
قبل التناول وذلك لأنه بالتوبة والإعتراف تشفى النفس من مرضها الروحى فتتأهل لتقبل
الجسد المقدس. ولما صار المساء=إشارة رمزية لحال العالم من ضيقات وجوع نفسى
وروحى قبل مجىء المسيح. لكن جاء المسيح ليقدم الشبع، قدم جسده طعاماً. إصرف
الجموع =
بالحسابات البشرية لا يمكن إطعام كل هذا الجمع. وكم تقف الحسابات
البشرية عائقاً أمام إمكانيات الإيمان. وفى يو (5:6،6 ) نجد السيد المسيح يسأل
فيلبس ليمتحنه " من أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء" فالسيد يظهر حجم
المشكلة أولاً، ثم يظهر لفيلبس ضعف إيمانه وخطأ حساباته البشرية، إذ أن فيلبس رأى
كثيراً من المعجزات الخارقة ومازال غير واثق. وطبعاً فسؤال السيد المسيح لفيلبس سينتج
عنه زيادة إيمان فيلبس بعد أن يرى المعجزة. وعلينا أن نضع كل إمكانياتنا البشرية
بين يدى المسيح طالبين البركة فى الصلاة. وهنا نرى سبباً مهماً حتى تحل البركة وهو
جلوس الشعب فى محبة وتآلف، فبدون محبة لا بركة. ونلاحظ أن المسيح يعطى للتلاميذ
(الكنيسة بكهنوتها وخدامها) والتلاميذ يعطون الناس. وفى هذه المعجزة نرى النعمة
تمتد بالموجود لحدود عجيبة، نرى خلق بصورة جديدة، فالمتاح قليل ولكن مع البركة صار
كثيراً جداً.وما هو القليل المتاح:-

1.     خمس خبزات
وسمكتين.

2.     الخبز من
الشعير وهو أرخص أنواع الخبز.

3.     ومع من ؟             مع
غلام صغير

فالله
يعمل بالقليل ويبارك فيه.

دخل
عنصر سماوى للمادة فتحدت الأعداد والكميات وأشبعت الألاف وتبقى منها. كما قال الله
لبولس "قوتى فى الضعف تكمل" أى مهم وجود الضعف أى القليل الذى عندنا.
وهذا هو مفهوم الكنيسة الأرثوذكسية فى الجهاد والنعمة. أمثلة:-

1-  الله يأمر نوح
ببناء فلك (جهاد) ولكن الله يغلق عليه فيحميه (نعمة) (تك 16:7) فهل كانت
التكنولوجيا أيام نوح قادرة أن تبنى هذا الفلك العجيب، الذى يقام مياهاً من فوق
ومن تحت.

2-  المسيح يأمر
بملأ الأجران فى معجزة تحويل الماء الى خمر، فهل من حول الماء إلى خمر كان غير
قادر على تحويل الهواء إلى خمر ولا داعى لشقاء الخدام فى ملء الأجران.
(ملء الأجران = جهاد وتحويل الماء لخمر = نعمة).

3-   المسيح يأمر
برفع الحجر عن قبر لعازر ثم أقام الميت، فهل من أقام الميت كان غير قادر على زحزحة
الحجر. ولكن زحزحة الحجر هى الجهاد.

4-    هنا المسيح
يطلب ما معهم، وكل ما معهم، وهذا هو الجهاد. أماّ النعمة فهى قد حولت هذا القليل
لإشباع الكثيرين.

إذاً
نعمة المسيح تعمل مع من يجاهد بقدر استطاعته ولا تعمل مع المتكاسل لذلك نسمع أن
بولس قد جاهد الجهاد الحسن (2تى 7:4) ونسمع أنه كان يقمع جسده ويستعبده (1كو
27:9). ومن هذه المعجزة نفهم معنى رقم 5 فهو رقم النعمة المسئولة فرقم 5 هو رقم
الحواس وأصابع اليد والقدمين، وهو رقم النعمة فبخمسة خبزات أشبع المسيح خمسة ألاف.
ويكون المعنى أن نعمة المسيح تعمل مع من يحفظ حواسه طاهرة، ويحفظ إتجاهاته (قدميه)
ويحفظ أعماله طاهرة (يديه). فالنعمة لا تعمل مع المتهاون. من يقدس حواسه واعماله
وإتجاهاته، أى يكرسها للرب، مانعاً نفسه من التلوث بالعالم يمتلىء نعمة، وهذه
النعمة هى التى تعطية ان يصير خليقة جديدة (2كو 17:5). وبهذه الخليقة الجديدة أو
الطبيعة الجديدة ندخل السماء، إذ أن هذه الخليقة على صورة المسيح (غل 19:4) لذلك
يقول بولس الرسول بالنعمة أنتم مخلصون (أف8:2) ويكمل ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد
(أف 9:2) وذلك يعنى أن الأعمال ليست هى السبب الرئيسى لحصولنا على الطبيعة
الجديدة، ولكن نحصل عليها بالنعمة ولكن حتى نمتلىء من هذه النعمة علينا أن نعمل
ونجاهد فى أعمال صالحة سبق الله وأعدها لكى نسلك فيها (أف 10:2).

 والسيد
المسيح كرر هذه المعجزة (مت 32:15-39). وكان عدد الجموع 4000 وعدد السمك (قليل لم
يذكر عدده) والخبزات 7 وتبقى 7 سلال والسيد المسيح لم يكرر هذه المعجزات كثيراً
حتى لا نطلب فى حياتنا معه أن يشبع إحتياجاتنا الجسدية بطريقة معجزية، لهذا رأيناه
يترك تلاميذه الجائعين أن يقطفوا سنابل حنطة يوم السبت ويأكلونها، وترك بولس
الرسول فى مرضه دون أن يشفيه فنتعلم أن نقبل من يده ما يسمح به دون طلب معجزات
بصفة مستمرة إشباعاً لإحتياجات الجسد (طعام ومال وصحة) بل نطلب أولاً الروحيات=
أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه تزاد لكم. والسؤال لماذا صنع السيد هذه المعجزة
مرتين ومامعنى الأرقام؟ أشبع السيد الجموع مرتين إنما ليعلن أنه جاء ليشبع
المؤمنين كلهم يهوداً وأمم. فالكنيسة اليهودية يمثلها الـ5000 إذ سبقت
النعمة وعملت معهم خلال الناموس والأنبياء. وكنيسة الأمم يمثلها الـ4000
فرقم 4 يمثل كل العالم بإتجاهاته الأربعة. ولكن كلاهما بإيمانهما بالمسيح صار
سماوياً. فرقم 1000 هو رقم السمائيين، فالملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات. وتبقى من
المعجزة الأولى 12 قفة ورقم 12 يشير لشعب الله المؤمن فى العهد القديم أو
العهد الجديد. أى أن الشبع الذى يعطيه السيد هو لكل المؤمنين، هناك ما يكفى لكل
مؤمن فى كل زمن وفى المعجزة الثانية تبقى 7 سلال إشارة للكنائس السبع أى كل
كنائس العالم. فالشبع بشخص المسيح متاح للجميع فالكنيسة ستكرر إشباع الجموع تجسد
المسيح عبر الزمن وإلى نهاية الدهور سمكتين= السمكة ترمز للمسيح (سمكة = إخثيس
باليونانية وهذه الكلمة من خمسة حروف تشير لقولنا يسوع المسيح إبن الله مخلصنا
وكونهم إثنتين لأن رقم 2 يشير للتجسد فهو الذى جعل الإثنين واحداً (أف14:2). وهو
أشبعنا بجسده الذى قدمه لنا طعاماً.

وفى
المعجزة الثانية نسمع عن 7 أرغفة ورقم 7 هو عمل الروح الكامل (اش 2:11) فالروح
يعلن شخص المسيح للمؤمنين (يو 14:16) وهذا يشبعهم وصغار السمك إشارة للرسل البسطاء
المتواضعين الذين تأسست الكنيسة عليهم، أى على الإيمان بالمسيح الذى كرزوا به (أف
20:2) فالتلاميذ هم الذين أعلنوا شخص المسيح المشبع، 7 خبزات = قد يشير رقم
7 لعمل الروح القدس فى الكنائس السبع ليشبع الجميع بشخص المسيح.ونسمع أن السيد
أراد أن ينفرد مع تلاميذه، فى موضع خلاء (مت 13:14). ونحن نحتاج لهذه الخلوة
الهادئة نسمع فيها صوت يسوع فى هدوء، فصوته لا يمكننا سماعه فى ضوضاء العالم (أمل
12:19،13). فى إنجيل معلمنا يوحنا بعد هذه المعجزة مباشرة نسمع المسيح يتحدث عن
نفسه كخبز الحياة، هو كأنه يشرح معنى المعجزة (يو6) إلى ماذا ترمز. القفة= من
أين أتوا بالقفف التى وضعوا فيها الكسر؟ كان اليهودى يحمل معه قفة بها طعامه حتى
لا يضطر لشراء طعام من الأمم أو السامريين. خمسة ألاف رجل ما عدا النساء
والأولاد=
بولس الرسول يقول لأهل كورنثوس (رجالاً ونساء) كونوا رجالاً
(1كو13:16) فى حديثه حتى يثبتوا فى الإيمان. فالنساء يرمزن للتدليل والأطفال
يرمزون لعدم النضج، أما شعب الله فيأخذ أموره الروحية بجدية وهم ناضجين يستوى فى
هذا الرجال أو النساء أو الأطفال (أبانوب الشهيد كان عمره 12 سنة) الشبع= من
أشبع البطون قادر أن يشبع النفوس والعواطف وقادر أن يشبع الروح وهذا هو الأهم، فمن
يشبع روحياً يشبع نفسياً بالتبعية والشبع النفسى أى العاطفى، فيه يحتاج الإنسان أن
يُحَّبْ وأن يُحِّبْ أى يتبادل الحب مع الآخرين سواء زوجة أو أطفال. ولكن الله
الآب يعطينا الحب الأبوى والمسيح عريس نفوسنا قادر أن يشبعنا عاطفياً والروح القدس
يسكن المحبة فى قلوبنا وإلاً كيف عاش الرهبان القديسين وكيف يعيش إنسان بلا أهل ؟
الله يشبع نفوسنا. بل من يشبع روحياً بمعرفة المسيح تشبع بطنه. فكم من أباء سواح
إكتفوا بعشب الأرض طعاماً لهم عشرات السنين. مشكلة العالم أنه يبحث عن الشبع
الجسدى والعاطفى وينسى أن لهُ روحاً لا تشبع إلاً بعلاقتها مع خالقها. هذا سبب
إنهيار الغرب وكثرة حالات الإنتحار والتعامل مع الأطباء النفسانيين أمر الجموع
أن يتكئوا على العشب =
والسمك الذى أكلوه كان سمكاً مملحاً (فسيخ) وكانت هذه
عادة لسكان السواحل، فهم يملحون الأسماك الباقية من طعامهم، ويأخذونها معهم فى
مناسبة كهذه. وهذا المنظر هو ما تعود الأقباط أن يعملوه بعد عيد القيامة أى فى يوم
شم النسيم إذ يخرجوا إلى الحدائق الخضراء ويأكلون الفسيخ تذكاراً لهذه المعجزة،
خصوصاً بعد عيد القيامة الذى فيه أخذنا قيامه وحياة مع المسيح لندخل إلى موضع
الخضرة على ماء الراحة فى فردوس النعيم (أوشية المنتقلين) فالخضرة رمز للحياة،
والقيامة حياة وشبع بشخص المسيح. وهذا ما نفعله فى شم النسيم بعد القيامة. الذهاب
للحدائق = الخضرة وهذه إشارة للفردوس، حيث نذهب بعد القيامة.

 

(مر
6 : 39-40):-

فأمرهم
أن يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا رفاقا على العشب الأخضر. فاتكاوا صفوفا صفوفا مئة
مئة وخمسين خمسين.

أمرهم
بأن يجلسوا خمسين خمسين..

فإلهنا إله نظام وليس إله تشويش (1كو33:14). وهذا النظام حتى لا ينسوا أحداً فى
التوزيع.

لاحظ
الكلمات رفع نظره نحو السماء وبارك وكسَّر وأعطى=وهذا هو ما عمله عند تأسيس
سر الإفخارستيا، فهو يُعلن عن نفسه كسر شبع لنا. وكلمة بارك هى نفسها كلمة شكر (بارك=
عبرية وشكر = يونانية)

 

(مر
45:6-52):-

وللوقت
الزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوا إلى العبر إلى بيت صيدا حتى يكون قد صرف
الجمع. وبعدما ودعهم مضى إلى الجبل ليصلي. ولما صار المساء كانت السفينة في وسط
البحر وهو على البر وحده. ورآهم معذبين في الجذف لان الريح كانت ضدهم ونحو الهزيع
الرابع من الليل أتاهم ماشيا على البحر وأراد أن يتجاوزهم. فلما رأوه ماشيا على
البحر ظنوه خيالا فصرخوا. لان الجميع رأوه واضطربوا فللوقت كلمهم وقال لهم ثقوا
أنا هو لا تخافوا. فصعد إليهم إلى السفينة فسكنت الريح فبهتوا وتعجبوا في أنفسهم
جدا إلى الغاية. لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة.

 

وللوقت
ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة
صعد
إلى الجبل. وأما السفينة فكانت قد صارت فى وسط البحر معذبة من الأمواج مضى إليهم
يسوع ماشياً على البحر
إضطربوا.. وصرخوا.

هذه
الأحداث لا يفسرها سوى ما ورد فى (يو14:6،15) أن الناس بعد أن رأوا معجزة إشباع
الجموع إنبهروا بالمسيح وأرادوا أن يختطفوه ويجعلوه ملكاً. ففى نظر الناس لا يوجد
ملك أفضل من هذا، يشبعهم بلا تعب، ومن المؤكد أنه قادر أن يخلصهم من الرومان
ويعطيهم ملكاً عالمياً. هؤلاء كل ما يشغلهم هو البركات المادية، المجد العالمى.
وربما تأثر تلاميذه بنفس أفكار الجموع، وتحمسوا لفكرة أن يكون المسيح ملكاً
والتالى سيكونون هم أمراء، واحد عن يمينه وواحد عن يساره، كطلبة أم إبنى زبدى.
وبدأت أفكار المجد العالمى تداعب خيالهم..هنا كان لابد للمسيح أن يعطيهم درساً لا
يُنسى طوال حياتهم.. فالسيد نجده هنا يلزمهم أن يدخلوا السفينة، وهو ضابط الكل سمح
بأن ريحاً عظيمة تهب فتعذب الأمواج السفينة، أماّ هو فيمضى إلى الجبل ليصلى.
وأثناء رعبهم ليلاً وسط البحيرة يأتى إليهم ماشياً على البحر وأراد أن يتجاوزهم
(مرقس) فصرخوا إليه، فدخل إلى السفينة، وللوقت صارت السفينة إلى الأرض (يوحنا)
وسكنت الريح (متى). ما هو الدرس الذى يعطية السيد المسيح هنا لهؤلاء التلاميذ
الذين يحلمون بالملك الأرضى؟

صعوده
للجبل
= أنه
هو السماوى، ويلزمهم أن يفكروا فى أنهم أيضاً صاروا سماويين، وغرباء عن الأرض، لا
يجب أن تداعب خيالاتهم أفكار المجد العالى. وأنه لن يبقى على الأرض بل سيأتى يوماً
وهو قريب ينطلق فيه إلى السماء، يصعد للسماء ليجلس عن يمين أبيه.

 ليصلى=المسيح
يصلى، هذا علامة صلته بالآب. ونحن نصلى لتكون لنا صلة بالله، وتذكرنا الصلاة
بأنناء غرباء فى هذا العالم، وتحفظنا فى سلام وسط العالم المضطرب لكن المسيح يشرح
أهمية الخلوة.

السفينة=المسيح سيصعد إلى السماء
ويترك كنيسته وتلاميذه فى العالم والعالم. ملىء بالتجارب والضيقات، هو هائج على
أولاد الله، وعلينا أن نفهم هذا ولا نستغرب إذا هاج العالم.

الرياح
والموج=
هو
هياج العالم ضد الكنيسة (السفينة)

المسيح
يسير على الماء =
علينا
أن نفهم أنه مهما هاج العالم ضد الكنيسة فهو مازال تحت سيطرة رب المجد فهو الله.
هو ضابط الكل،. لا يمكن لإنسان أن يمد يده علينا ما لم يسمح له رب المجد بهذا
(يو10:19،11) هذه المعجزة تثبت لاهوته.

أراد
أن يتجاوزهم =
المسيح
يتراءى أمامنا ولكن لا يتدخل فى حياتنا ما لم نطلبه. (هكذا فعل مع تلميذى
عمواس)

هدوء
الريح ووصول السفينة للبر= فى الوقت الذى يراه رب المجد أنه وقت مناسب تهدأ
الريح. والمعنى العام لما حدث أو الدرس الذى أراد السيد أن يعطيه لتلاميذه أن لا
يفكروا فى أى مجد عالمى، بل هم سيواجهون بإضطهادات عنيفة ولكنها تحت سيطرة رب
المجد، هو حقاً سيصعد للسماء ولكن لن يترك كنيسته، وفى الوقت الذى يراه مناسباً
تهدأ الثورات ضد الكنيسة وسيظل هذا حتى تصل الكنيسة للبر أى للسماء عند إنقضاء هذا
الدهر. وكانت هناك دروس إضافية، فالسيد بعد معجزته الباهرة، الزمهم أن يدخلوا
السفينة حتى يعانوا من البحر الهائج فلا ينتفخوا بل يعرفوا ضعفهم، إذ أن الجموع
ستعطيهم إكراماً زائداً لأنهم تلاميذ هذا المعلم.

قارن
آية (15) مع آية (23) نسمع كلمة المساء =فعند اليهود مساءين كل يوم

(يو
17:6،18) لاحظ الكلمات الظلام أقبل…. ولم يكن يسوع قد أتى إليهم…. وهاج
البحر =
هذا يعنى أن عدم وجود يسوع فى حياتى يشعرنى بهياج العالم ضدى
وبالظلمة.

(يو
21:6) فرضوا = صحة الترجمة تلهفوا أن يقبلوه.

    فى الهزيع
الرابع من الليل
=
أى من الساعة 3 إلى الساعة 6 صباحاً. أى أن التجربة إستمرت فترة طويلة. وهذا درس
لنا أن لا نتضايق إذا استمرت التجربة فترة طويلة فوراء الإنتظار نفع كبير، بل أطلب
الرب وهو سيأتى فى الوقت المناسب، ويدخل لحياتك ويكون هو سلامك. بلا أن المياه
المضطربة أى التجارب هى التى حملت المسيح إلى التلاميذ، فالتجربة التى نخاف منها
هى التى يأتى المسيح إلينا من خلالها.

(مت
27:14) :- أنا هو
هو
الإسم الالهى "يهوة" خر 14:3 فالمسيح هو يهوة.

(مر52:6)
لأنهم لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة=
أراد المسيح أن يظهر لتلاميذه أنه سر
الشبع الروحى لهم، وهو الذى سيعطيهم حياة أبدية وذلك بأن أظهر لهم قوته الخالقة فى
معجزة إشباع الجموع، لكن إذ إتجه فكرهم للمجد العالمى بدلاً من الشبع الروحى، أراد
المسيح أن يظهر لهم أنه لا معنى لأن نبحث عن مجد عالمى وسط عالم مضطرب، بل أن
المسيح هو سر سلامنا وشبعنا وسط هذا الإضطراب.

 

بطرس
يسير على الماء:-

هذا
معناه ببساطة أن أى واحد مناّ قادر أن، ينتصر على ضيقات العالم، ندوسها ولا نعبأ
بها طالما أن المسيح معنا، وطالما نحن ناظرين إليه، يضطرب العالم فى الخارج،
ولكننا ونحن ناظرين للمسيح تمتلىء قلوبنا من السلام فنطأ التجارب ولا نهتم بها،
ولا نفقد سلامنا الداخلى.

ونلاحظ
أن بطرس سار على الماء طالما كان ناظراً للمسيح، ولكن لما نظر للمياه غرق، هو شك
لأنه رأى الأمواج عظيمة والهواء رياحه عظيمة.هو كان إيمانه عظيماً إذ ألقى بنفسه
فى البحر لكن عاد للسلوك بالعيان لا بالإيمان، ونحن يجب أن نسلك بالإيمان لا
بالعيان. وعلاج ضعف الإيمان تثبيت النظر على المسيح دائماً دون النظر لكمية
المخاطر التى نتعرض لها. فلو ركزنا أنظارنا على حجم المشكلة يتزعزع إيماننا، أما
لو ركزنا أنظارنا على المسيح يثبت إيماننا.

ولاحظ
أن المسيح لم يهدىء البحر حتى يسير بطرس على الماء، بل هو أعطاه أن يسير فوق البحر
المضطرب، وهذا معناه ببساطة أنه لا يجب أن ننتظر حتى تنتهى التجربة لنحيا فى سلام،
بل أننا قادرين بالمسيح الذى فينا أن نحيا فى سلام وسط التجربة.

عموماً
حتى لو بدأنا نغرق فى هموم التجربة ومشاكلها فلنصرخ مع بطرس يا رب نجنى
والمسيح يمد يده لينتشلنا. ولكن ما يجعلنا نغرق هو قلة الإيمان = يا قليل
الإيمان لماذا شككت

سير
المسيح فوق الأمواج =
يعنى
سلطانه وأن كل شىء خاضع لهُ، هو الذى يسيطر على الأحداث

سير
بطرس فوق الأمواج =
يعنى
إنتصار المؤمن على آلام العالم، أى قدرته أن يحيا فى سلام بالرغم من كل ألام العالم.

 

(مر53:6-56):-

فلما
عبروا جاءوا إلى ارض جنيسارت وارسوا. ولما خرجوا من السفينة للوقت عرفوه. فطافوا
جميع تلك الكورة المحيطة وابتداوا يحملون المرضى على أسرة إلى حيث سمعوا انه هناك.
وحيثما دخل إلى قرى أو مدن أو ضياع وضعوا المرضى في الأسواق وطلبوا إليه أن يلمسوا
ولو هدب ثوبه وكل من لمسه شفي.

ذاعت
شهرة المسيح فأتى إليه المرضى وكل من لمسه ُشفِىَ. وهل لابد أن نتلامس مع
المسيح لنُشفى. التلامس ليس هو التلامس الجسدى بل بالإيمان، فكل من أدرك من هو
المسيح وآمن به، تلامس معهُ ينال الشفاء الروحى أرض جنيسارات= تعنى "جنة
السرور" وهى سهل خصب يقع على الشاطىء الغربى للبحيرة وكفر ناحوم فى أقصى
الشمال بالنسبة لها.

وحقاً
هى ستكون لنا جنة السرور على الأرض إذ نتلامس مع المسيح ونعرفه من هو وننال شفائنا
الروحى ونمتلىء سلاماً.

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس بطاركة الأقباط الأرثوذكس كيرلس الرابع ع

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي