الإصحاح الثامن

 

الآيات (1-9):             في كتاب إنجيل متى
(مت32:15-38)

الآيات (10-21):         في كتاب إنجيل متى
(مت1:16-12)

الآيات (22-26):         (شفاء أعمى)

الآيات (27:8-30):      في كتاب إنجيل متى
(مت13:16-20)

الآيات (31:8-1:9):     في كتاب إنجيل متى
(مت21:16-28)

الآيات (34:8-38):      في كتاب إنجيل متى
(مت34:10-36 وما بعده)

 

(مر
10:8-21):-

وللوقت
دخل السفينة مع تلاميذه وجاء إلى نواحي دلمانوثة. فخرج الفريسيون وابتداوا
يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه. فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا
الجيل آية الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية. ثم تركهم ودخل أيضا السفينة ومضى
إلى العبر. ونسوا أن يأخذوا خبزا ولم يكن معهم في السفينة إلا رغيف واحد.
وأوصاهم
قائلا انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس. ففكروا قائلين بعضهم لبعض
ليس عندنا خبز. فعلم يسوع وقال لهم لماذا تفكرون أن ليس عندكم خبز إلا تشعرون بعد
ولا تفهمون احتى الآن قلوبكم غليظة. الكم أعين ولا تبصرون ولكم أذان ولا تسمعون
ولا تذكرون. حين كسرت الأرغفة الخمسة للخمسة الالاف كم قفة مملوة كسرا رفعتم قالوا
له اثنتي عشرة. وحين السبعة للأربعة الالاف كم سل كسر مملوا رفعتم قالوا سبعة. فقال
لهم كيف لا تفهمون

(مر 10:8 ) يقول
مرقس أن السيد جاء إلى إلى نواحى دلمانوثة، ويقول متى جاء إلى تخوم مجدل
(مت 39:15). وهذا المكان بالقرب من طبرية على الشاطىء الغربى للبحيرة. وإلإختلاف
فى الأسماء راجع لأن نفس المكان قد يكون لهٌ إسمان، إسم قديم وإسم حديث، ومتى
إستخدم أحدهما بينما إستخدم مرقس الآخر.

(مت
1:16-4):-
الفريسيين
متعارضون فكرياً، لكننا هنا نجدهم قد إتفقوا معاً ضد المسيح فمملكة الظلمة لا تقبل
النور. وقد جاءوا للمسيح يطبون آية، ولم يكفهم كل الآيات التى صنعها السيد المسيح.
وهم طلبوا آية من السماء= ربما قصدوا بهذا نزول مَنْ مِنَ السماء، أو علامة
طبيعية غريبة مثل إختفاء الشمس مثلاً أو بروق ورعود كما فعل موسى. ولكن الأقرب هو
فكرة طلبهم مَنْ سماوى، فشيوخهم كانوا يقولون أن المسيا حين يأتى سينزل مناً من
السماء كما فعل موسى (يو 30:6،31). والمسيح ما كان عنده مانع من عمل معجزة ولكن
لمن يعمل المعجزة ؟ هو يعملها لمن تجعله يؤمن.ولكن هؤلاء عقدوا العزم على عدم
الإيمان، بل هم قد أتوا ليَتَحدوُا المسيح فى عناد ومقاومة، ولو كان قد فعل آية
لكانوا قد إخترعوا أى شىء ليقاوموه. لذلك هو رفض عمل آية لهم.ولاحظ اتفاق
الفريسيين والصدوقيين ضد المسيح بالرغم من اختلافهم.

والمسيح
يفضل أن يؤسس ملكوته بالتعليم وليس بعمل الآيات "طوبى للذين آمنوا ولم يروا
" (يو 29:20). والتعليم يقود للتوبة، لذلك نادى يوحنا المعمدان أولاً
بالتوبة، ثم نادى المسيح بالتوبة ومن بعده التلاميذ فالزمان هو تأسيس الملكوت وذلك
يتم بالتوبة، فلن يدخل أحد الملكوت بدون توبة، كما تاب أهل نينوى سابقاً، لذلك
يشير السيد إلى يونان النبى. ولكننا نجد هؤلاء المقاومين لا يبحثون سوى عن آية،
وحتى الآن فهناك من يفكر فى المعجزات دون أن يقدم توبة. وإشارة المسيح لآية يونان
النبى تعنى أن كل ما قدمه يونان لأهل نينوى هو قوله أن المدينة ستهلك إن لم
يتوبوا، وبهذه الكلمات فقط تابوا. والآن أمامهم المسيح بكل ما يقوله ويفعله وهم لا
يؤمنون ولا يتوبون. والسيد يقول تعرفون أن تميزوا وجه السماء = أى يتعرفوا
على حالة الجو خلال العلامات الظاهرة فى السماء. وهؤلاء مثل كثيرين يظهرون ذكائهم
فى الأمور المادية لكنهم لا يهتمون بالأمور الروحية وإكتشافهم لفرص التوبة والتعرف
على الرب. فهؤلاء الفريسيين برعوا فى معرفة علامات الطقس ولم يعرفوا زمان الإفتقاد
الإلهى، فالمسيح فى وسطهم ولم يعرفوه أماّ علامات الأزمنة = هم كدارسين
للناموس لابد وأنهم يعرفون النبوات التى تحدد زمان مجىء المسيح بالسنة (دا
24:9-27) وظهور يوحنا المعمدان كسابق (ملا1:3 +أش 3:40) ثم ظهر المسيح ومعجزاته
(أش5:35،6). وغيرها كثير من النبوات، فلماذا لم يستخدموا ذكائهم فى دراسة هذه
النبوات، ولو فعلوا لكانوا قد عرفوا المسيح. لكنهم كما يقول المسيح جيل شرير
فاسق= أى أن
خطاياهم وعنادهم وريائهم وحسدهم للمسيح ومحبتهم للأموال وخوفهم
على ضياعها إذا سار الناس وراء المسيح، كل هذا أعمى عيونهم عن فهم كتب الأنبياء.
ومثل هؤلاء مهما عُمِلَ أمامهم من آيات لن يؤمنوا لذلك تركهم المسيح ومضى
والآن بالنسبة لنا فالزمن زمن توبة فعلينا أن لا نفكر سوى فى الإستعداد بتوبة كما
تاب أهل نينوى على يد يونان ولا نطلب حدوث معجزات من المسيح بل نسلم بما يريده.

ونلاحظ
أن المسيح أيضاً بإشارته ليونان فهو يشير لموته وقيامته، وتأملنا فيما صنعه المسيح
لنا يجعلنا نحبه، ومن يحب المسيح سيقبل أى شىء يسمح به (راجع يو15:21-22). والصليب
والقيامة أعظم آيات قدمها المسيح للبشرية ففيهما سر خلاص البشرية.

هؤلاء
المعاندين بسبب شرهم فاتهم أن يدركوا من هو المسيح، وأنه جاء لخلاصهم الأبدى، ولو
أدركوا لخلصوا، لو تابوا لكانوا الآن فى السماء. ولاحظ أن إشارة المسيح لآية يونان
فيها تلميح بقبول الأمم بسبب رفض اليهود للمسيح.

وإنجيل
مرقس لم يشير لكلام المسيح عن يونان فهو يكتب للرومان الذين لا يعرفون شيئاً عن
يونان. وفى (مر12:8) تنهد بروحه = أى التنهد ليس على مستوى الجسد بل من أعماقه
شعر بضيق من موقفهم منه.

إذا
كان المساء قلتم صحو لأن السماء محمرة =
أى إذا رأوا السماء
حمراء فى المساء، يقولون إن الجو غداً سيكون صحواً. وفى الصباح اليوم شتاء = وفى
صباح اليوم تقولون سيكون اليوم شتاء إذا رأيتم السماء حمراء بعبوسة آى هنا
غيوم وسحاب. وتفسير هذا أن السيد أتى بوداعة ومحبة يعلم ويشفى فكان يجب عليهم
بذكاء أن يدركوا أن الزمن زمن قبول. صحو= سنة مقبولة (لو 19:4).

 

الآيات
(مر22:8-26): "وجاء إلى بيت صيدا فقدموا إليه أعمى وطلبوا إليه أن يلمسه.
فأخذ بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وسأله هل
ابصر شيئاً. فتطلع وقال ابصر الناس كأشجار يمشون. ثم وضع يديه أيضاً على عينيه
وجعله يتطلع فعاد صحيحاً وابصر كل إنسان جليا. فأرسله إلى بيته قائلاً لا تدخل
القرية ولا تقل لأحد في القرية."

تمت
في هذه المعجزة معجزتين [1] فتح أعين الأعمى [2] ملأ ذاكرته. ولشرح هذا علينا أن
نفهم كيفية الرؤية: فنحن عند ولادتنا، تنفتح عيوننا وتسجل كل الصور التي نراها في
ذاكرة المخ، وحين نرى شخص أو أي صورة ترسل العين هذه الصورة إلى المخ ليبحث في
ذاكرته عن ماذا تعني هذه الصورة؟ ولمن هذه الصورة. وهذا يفسر لنا قول الأعمى حين
إنفتحت عيناه أنه يرى الناس كأشجار يمشون. هو في الواقع بدأ يرى أشياء، ولكن
ذاكرته ليس بها شئ، فهو لا يعرف الفرق بين شكل الرجل وشكل الشجرة إذ لم يراهما من
قبل ولم تسجل ذاكرته أي صورة من قبل. ولما وضع السيد يديه عليه ثانية ملأ ذاكرته
فأبصر جلياً أي إستطاع أن يميز بين الناس وبين الأشجار.

وأيضاً
في المعجزة السابقة، وهي شفاء أصم أعقد، يمكن إعتبارها معجزتين: [1] شفاء الصمم
واللسان. [2]التدريب على النطق في لحظة ومن المعروف أن التدريب على النطق يستغرق
سنوات.

ويمكن
أن يقال أن الشفاء هنا كان تدريجياً، على مراحل. وذلك لأن السيد أراد إظهار هذا،
فهو شفى عميان مولودين هكذا عدة مرات ولم نسمع عن هذا الشفاء التدريجي (يو9). إذاً
فإظهار هذا التدريج له حكمة روحية. فمثلاً في قصة شفاء بارتيماوس الأعمى كان
بارتيماوس يصرخ بإيمان "يا ابن داود ارحمني" (مر46:10-52) ولكن هنا نجد
أن الجموع هم الذين قدموا الأعمى للسيد المسيح، وهذا يدل على أنه لم يسمع به من
قبل، أو سمع به ولكن إيمانه كان ضعيفاً، ومن كان إيمانه ضعيفاً يصير شفاؤه أصعب..
وبالتدريج.. أي مع كل خطوة شفاء ينمو الإيمان فيستحق درجة أعلى من الشفاء.
وبالنسبة لنا فنحن نكون في حال الخطية عميان روحياً، ويبدأ الله العمل معنا عن
طريق خدامه، كما قدم الناس هذا الأعمى للمسيح، ومع أول إستجابة لعمل المسيح تبدأ
عيوننا تنفتح ولكننا لا نبصر جيداً، ولكن ما نراه يكون كافياً.. إن أردنا واستمر
التجاوب مع عمل الله.. لزيادة إيماننا ومع زيادة الإيمان تأتي اللمسة التالية من
السيد المسيح ويفتح أعيننا بالأكثر، فنرى الروحيات أوضح، ويزداد فرحنا ويزداد
إيماننا.. وعلينا أن نصرخ دائماً "إفتح عيني حتى أراك يا رب"

وأخرجه
إلى خارج القرية=
هي بالتأكيد قرية لا تستحق أن تحدث المعجزة فيها
بسبب قلة إيمانهم. وهكذا يدعونا المسيح لترك أماكن الشر حتى يستطيع أن يفتح
أعيننا. وبيت صيدا= هذه هي التي قال عنها السيد ويلاته بسبب عدم إيمانهم
"ويلّ يا كورزين، ويلّ لك يا بيت صيدا" (مت20:11-22). فلو كانوا قد
آمنوا لكانوا قد تابوا.

ولاحظ
أن السيد يأخذ بيد الأعمى ليخرجه خارج القرية، فالمسيح يعيننا على ترك أماكن الشر،
فهل نطيع مثلما أطاع هذا الأعمى السيد المسيح.

 

(مر
27:8-30):-

ثم
خرج يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس وفي الطريق سال تلاميذه قائلا لهم من يقول
الناس أنى أنا. فأجابوا يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون واحد من الأنبياء.
فقال لهم وانتم من تقولون أنى أنا فأجاب بطرس وقال له أنت المسيح. فانتهرهم كي لا
يقولوا لأحد عنه.

لاحظ
أن المسيح هنا يؤكد ناسوته، والآب يعلن لبطرس لاهوت المسيح وهذا هو إيمان الكنيسة
أن تجسد وتأنس، الله ظهر فى الجسد (اتى 16:3).

وهذا
الإيمان الذى أعلنه بطرس طَوَّبَهٌ المسيح عليه، فهو أعلن دستور الإيمان القويم،
والمخلص يعلن أنه يقيم كنيسته على هذا الإيمان، ويعطى كنيسته سلطان الحل والربط،
ليس لبطرس فقط بل لكل الرسل (مت 19:16+ مت 18:18). ولما سأل السيد سؤاله ردد
التلاميذ ما يقوله الناس، فمثلاً هيرودس قال أنه يوحنا المعمدان=(مت 2:14).
وهناك من قالوا أنه إيليا أى أنه السابق للمسيح (ملا 5:4) وآخرون تصوروا
أنه واحد من الأنبياء لأن موسى تنبأ بأن نبيا مثله سيأتى لهم (تث15:18).

وأنتم
من تقولون إنى أنا =
فالسيد المسيح يهتم جداً بكيف نعرفه نحن خاصته
فماذا لو سألك المسيح.. من أنا.. هل سيكون ردك عن معرفة نظرية عرفتها من الكتب، أو
من خبرات شخصية إختبرت فيها حلاوة شخصه وحلاوة عشرته، وتعزياته إذ يقف بجانبك فى
الضيقات، هل عرفته أم سمعت عنه. فبطرس لم يُكَوِّن رأيه عن المسيح من كلام الناس،
بل الله أعلن لهُ، إذاً فلنصرخ إلى الله ليفتح أعيننا لنعرف المسيح ونختبره فنقول
مع أيوب، بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عينى (أى 5:42) لنصلى حتى يعلن لنا
الروح القدس عمن هو المسيح، وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلاّ بالروح القدس (1كو
3:12 + يو 14:16) إيماننا بالمسيح، ومعرفتنا بالمسيح هو إعلان إلهى يشرق به الآب
بروحه القدوس.

وتسلم
هذا الإيمان خلال التلاميذ والكنيسة، وإستلمناه، ولكن لنصلى حتى لا يبقى هذا
الإيمان مجرد خبرة نظرية ولكن خبرة عملية بشخص السيد المسيح، فنحبه إذ ندرك لذة العشرة
معه، ومن يُدرك هذا سوف يحسب كل الأشياء نفاية (فى 8:3).

أنت
هو المسيح =
المسيح هو المسيا الذى كان اليهود ينتظرونه مخلصاً. وكلمة
المسيح تعنى الممسوح من الله. وكانت المسحة فى العهد القديم هى للملوك ورؤساء
الكهنة والأنبياء فقط (رؤ 5:1 + ابط 4:5 +
لو 76:1 )
وفى هذه الآيات نرى المسيح ملكاً ورئيساً للكهنة ونبياً)

إبن
الله الحى=

لقد سبق نثنائيل وقال هذا قبل بطرس، أن المسيح إبن الله ولكن نثنائيل كان يقصدها
بطريقة عامة كما يقولون إسرائيل إبن الله.ولذلك لم نسمع أن السيد طوب إيمان
نثنائيل كما فعل مع بطرس (يو 47:1-51).

أنت
بطرس وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى=
المسيح لايبنى كنيسته على إنسان مهما
كان هذا الإنسان. ولكن معنى الكلام أن الكنيسة ستؤسس على هذا الإيمان الذى نطق به
بطرس، أن المسيح هو إبن الله الحى. وبإتحادنا به خلال المعمودية نصير أولاد الله،
وندخل إلى العضوية فى الملكوت الروحى الجديد وننعم بحياته فينا، نحمله داخلنا كسر
حياة أبدية.

ولاحظ
قول الكتاب أَنْتَ (مذكر) بطرس وعلى هَذِهِ ( مؤنث) الصخرة إذاً الصخرة هى ليست
بطرس، لأن الصخرة التى تبنى عليها الكنيسة هى المسيح نفسه (1كو4:10).والمسيح هو
حجر الزاوية (1بط 6:2). وكلمة بطرس مشتقة عن اليونانية
Petra
بترا أى صخرة، فالمسيح أسس كنيسته على صخرة هى الإيمان به كإبن الله والمسيح لم
يقل له أنت
Petra. بل قال له أنت Petrus أبواب الجحيم لن تقوى عليها= أبواب الجحيم هى إشارة لقوى الشر وهذه لن تنتصر على الكنيسة، بل ولا
الموت قادر أن يسود على المؤمنين، بل هم سيقومون من الموت فى الأبدية ( هذا إذا
كان إيمانهم صحيحاً كإيمان بطرس ) وهى أيضاً تشير للتجارب والحروب ضد الكنيسة
والمؤمنين سواء كان مصدرها الشيطان أو بشر يحركهم شياطين. فإبن الله الصخرة وحجر
الزاوية هو بنفسه الذى يسند كنيسته فلن تنهار.

 وأعطيك
مفاتيح.. +مت 18:18 + يو 21:20.
فالمسيح أعطى لكنيسته سلطان الحل والربط
وغفران الخطايا وإمساكها، القبول فى شركة الكنيسة أو إخراج وفرز المخالفين من
الشركة المقدسة، السيد أعطي لكنيسته سلطان الحكم على أولادها وتأديبهم. المسيح من
خلال كنيسته يحل ويربط. والربط هو لمن يصر على خطيته، فتحرمه الكنيسة من التناول.
والحل هو لمن يتوب ويعترف بخطاياه.

أوصى
تلاميذه أن لا يقولوا لأحد
= اليهود تصوٌروا أن المسيح آتٍ كمخلص من
الرومان. وهم فهموا بعض الآيات فى سفر المزامير مثل تحطمهم بقضيب من حديد (مز 9:2
+ مز6:79) بطريقة خاطئة، لذلك حرص المسيح ان لا ينتشر خبر أنه المسيا حتى لا يفهم
الشعب أنه آتٍ ليحارب الرومان لذلك كان يوصى تلاميذه أن لا يقولوا أنه المسيا،
وأيضاً المرضى وكل من أخرج منهم شياطين أمرهم أن لا يقولوا لأحد، وأنتهر الشياطين
حتى لا تقول وتتكلم وتكشف هذه الحقيقة أمام الجموع (لو 41:4) لأن الجموع كان لها
مفهوم سياسي وعسكري لوظيفة المسيا.

ولكن
حينما أعلن بطرس ان المسيح هو إبن الله فرح المسيح وطوبه، لكنه وجه تلاميذه للفهم
الحقيقي السليم للخلاص، وأن هذا لا يتم بالانتصار على الرومان، بل بموته وقيامته
(مت 21:16) إذاً نفهم أن المسيح يود أن يعرف الناس حقيقته، ولكن ليس كل واحد، بل
لمن له القدرة على فهم حقيقة الخلاص. وفى أواخر أيام المسيح على الأرض إبتدأ يعلن
صراحة عن كونه إبن الله (مت 63:26،64). لكن نلاحظ أنه تدرج فى إعلان هذه الحقيقة
بحب حالة السامعين. فإن من له سيعطى ويزاد (مت 12:13) فبقدر ما ينمو السامع فى
إستيعاب أمور وأسرار الملكوت يرتفع التعليم ويزيد وينمو ليعطى الأكثر والأعلى.
فمستوى السامع فى نموه هو الذي يحدد مستوى التعليم الذى يقدمه المسيح، أما النفس
الرافضة فينقطع عنها أسرار الملكوت والحياة مع الله. فالله إذاً يعطينا أن نكتشف
أسراره بقدر ما نكون مستعدين لذلك. وراجع حوار المسيح مع السامرية لترى التدرج فى
إعلان حقيقته ومع تجاوبها كان يعلن لها ما هو أكثر عنه.

إذاً
الهدف الأول من أن لا يقولوا لأحد أن لا تطالبه الجماهير بأن يكون ملكاً زمنياً
أرضياً فتحدث ثورة شعبية ضد الرومان، ولهذا أثاره الرهيبة.

السبب
الثانى حتى لا يحرص الكتبة والفريسيون أن يقتلوه قبل الوقت، أى قبل أن ينهى كل
تعاليمه وأعماله.

لا
يصح أن يتكلم التلاميذ عنه كإبن الله دون أن تظهر الوهيته بالدليل الساطع وذلك
بقيامته فعلاً بعد موته.

متى (13:16) قيصرية فيلبس= أسسها هيرودس
فيلبس، وسميت بإسمه تميزاً لها عن قيصرية التى على البحر. وهى عند سفح جبل حرمون
بجانب منبع نهر الاردن (لو 18:9) وفيما هو يصلى… (مز 27:8) وفى الطريق :- لوقا
وحده أشار لصلاة المسيح وربطها بهذا الإعلان السمائى لبطرس بحقيقة المسيح، إذ بصلاة
المسيح يُعلن الآب بروحه القدوس لبطرس هذا السر. ومعنى صلاة المسيح هو شفاعة
المسيح عنّا امام الآب. لذلك نطلب بإسمه أى شىء نطلبه من الآب. (يو 23:16،24).
فالمسيح صلّى على إنفراد (لو 18:9) ثم سار معهم إلى نواحى قيصرية فيلبس وفى الطريق
سألهم هذا السؤال فالمسيح بشفاعته عنا يقبلنا الآب ويعمل فينا بروحه القدوس، وأول
ما يعمله فينا الروح القدس أنه يثبتنا فى المسيح إبن الله (بالمعمودية والتوبة
والإعتراف والتناول ) ثم يعلن لنا عمن هو المسيح فنفهم حقيقة علاقتنا بالله، هو
يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله (رو 16:8). لوقا يشير لصلاة المسيح هنا لأنه يدرك
خطورة ما سيعلنه بطرس الآن، ويشير أننا لا يمكننا فهم هذه الحقائق إلاّ بشفاعة
المسيح الكفارية= صلاته.

ولاحظ أن نص أعتراف بطرس يختلف من إنجيل
لآخر، ولكن بجمع النصوص يتكامل المعنى.

متى :- المسيح إبن الله الحي :- هذه
إشارة للاهوته فهو الله المتجسد.

مرقس :- المسيح :- هو المسيح أى الممسوح
كرئيس كهنة سيقدم ذبيحة نفسه.

لوقا :- مسيح الله :- هو مسيا النبوات
الموعود به فى الكتاب، الذى ينتظرونه.

 

(مر31:8)-

فالتفت
وابصر تلاميذه فانتهر بطرس قائلا اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما
للناس.

رفض
بطرس للصليب هذا لهو نابع من ذاته، أماّ إعترافه بأن السيد هو المسيح إبن الله
الحى فهو من الله. إذهب عنى ياشيطان= بطرس ليس شيطاناً ولكن يردد ما وسوس
به الشيطان لهُ، فالشيطان دائماً يصور لنا رفض الصليب الموضوع علينا. ويبدو أن
بطرس كان رافضاً لفكرة الصليب حتى النهاية، لذلك حين سألهُ السيد أتحبنى
أتحبنى.. أتحبنى صرح له السيد بعد ذلك انه سيموت مصلوباً، ولعلم
السيد أن بطرس رافض لفكرة الصليب كرر له كلمة إتبعنى = أى لا ترفض الصليب إن كنت
حقيقة تحبنى (يو 15:21-22). ويقال أن نيرون حين أراد قتل بطرس اقنعه المؤمنون فى
روما بالهرب، فهرب بطرس، وعلى أبواب روما رأى السيد المسيح متجهاً لروما فسأله إلى
أين ؟ فقال أنا ذاهب لأصلب بدلاً منك. فعاد بطرس وسلم نفسه وطلب أن يصلب منكس
الرأس.

ولاحظ
ما قاله المسيح أنت معثرة لى.. إذهب عنى يا شيطان.. لأنك لا تهتم بما لله لكن
بما للناس.

فالسيد
جاء ليقيم مملكته خلال صليبه وطلب ممن يريد أن يكون له تلميذاً أن يحمل صليبه
ويتبعه، فمن يرفض الصليب يرفض الفكر الإلهى آية (24). معثرة = تعمل
على تعطيل الصليب والفداء.       شيطان = ولا يوجد من يهتم بتعطيل الفداء
سو الشيطان

 لا
تهتم بما لله =
الترجمة الحرفية لكلمة تهتم، أن عندك وجهة نظر معينة فهناك
من لهم وجهة نظر لا تتفق مع وجهة نظر الله (مثل بطرس هنا) وهى أننا نقبل أن نسير
مع المسيح فى الصحة والمجد العالمى والغنى المادى.. الخ أما لو وُجِدَ صليب نرفض
المسيح ونتصادم معهُ ويكون هذا بإيعاز من الشيطان. لذلك قال السيد لبطرس إذهب عنى
يا شيطان، لأن بطرس كان يكرر فكر الشيطان. والشيطان الخبيث دائماً يسعى لأن يقنع
أولاد الله بأنه لو أن الله يحبهم لأعطاهم خيرات زمنية (مال وعظمة وقوة وسلطان..
)ولكن لنعلم أنه كرئيس لهذا العالم (يو 30:14) يغرينا بما تحت يديه، لكن أولاد
الله يرفضون العالم بما فيه حتى الصليب، ويقبلون من يد أبيهم السماوى ما يسمح به
سواء خيرات زمنية أو صليب، فما يسمح به أبوهم السماوى فيه حياتهم الأبدية، ولكن
شرط الشيطان أن يعطينا من خيرات العالم أن نخر ونسجد لهُ (مت 9:4). والمسيح اعطانا
مثلاً حتى نفهم هذا فقال متسائلاً هل لو سأل إبن أباه أن يعطيه خبزاً فهل يعطيه
أبوه حجراً
فإن كنتم تعرفون
أن تعطوا أولادكم عطايا صالحه فكم وكم أبو كم السماوى. من هنا نعلم أن ما يسمح به
الله سواء خيرات زمنية (مال / صحة..) أو ما يسمح به من تأديبات، هو لصالح أولاده،
هو لخلاص نفوسهم (رو28:8) + (1كو 21:3،22 ) + مرض أيوب وتجربته كانت لخلاص نفسه
وكذلك مرض بولس.

 

(مر
34:8-38):-

ودعا
الجمع من تلاميذه وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه
ويتبعني. فان من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من اجلي ومن اجل الإنجيل
فهو يخلصها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. أو ماذا يعطي
الإنسان فداء عن نفسه. لان من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان
ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين.

ماذا
يعطى الإنسان فداءً عن نفسه=
من يؤمن بالمسيح تكون له حياة أبدية (يو
25:11). أما لو ضاع عمرنا ومتنا دون إيمان حقيقى حى لن تكون لنا فدية، فالمقتول
بعدما يموت لا يستطيع أن يعطى فدية لقاتله. حتى يحييه أو لا يقتله إذ هو مات،
فزمان الفدية قد مضى.

ونلاحظ
هنا أن كلام السيد المسيح عن الصليب وعن أهمية أن ينكر المؤمن نفسه كان رداً على
بطرس الذى بدا أنه رافض لفكرة الصليب (32) ونلاحظ فى آية (34) أن شرط حمل الصليب
هو شرط لكل مسيحى يريد أن يتبع المسيح إذ أن الكلام موجه للجميع وللتلاميذ. وشروط
التلمذة يحمل صليبه=ينكر ذاته ويقبل بما سمح به الله ويتبعنى = يطيع
وصاياى.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر الخروج Exodus 10

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي