الإصحاح التاسع

 

الآيات (1-6):             في كتاب إنجيل متى
(مت9:10-15)

الآيات (7-9):             في كتاب إنجيل متى
(مت1:14-12)

الآيات (10-17):         في كتاب إنجيل متى
(مت13:14-23)

الآيات (18-21):         في كتاب إنجيل متى
(مت13:16-20)

الآيات (22-27):         في كتاب إنجيل متى
(مت21:16-28)

آية (27):                  في كتاب إنجيل متى
(مت28:16)

الآيات (28-36):         في كتاب إنجيل متى
(مت1:17-8)

الآيات (37-43):         في كتاب إنجيل متى
(مت14:17-21)

الآيات (43-45):         في كتاب إنجيل متى
(مت22:17،23)

الآيات (46-48):         في كتاب إنجيل متى
(مت1:18-5)

الآيات (49،50):          في كتاب إنجيل متى
(مت6:18،7 وما بعده)

الآيات
(57-62):         في كتاب إنجيل متى (مت18:8-22)

 

(لو
1:9-6):-

ودعا
تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطانا على جميع الشياطين وشفاء أمراض. وأرسلهم
ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى.وقال لهم لا تحملوا شيئا للطريق لا عصا ولا
مزودا ولا خبزا ولا فضة ولا يكون للواحد ثوبان. وأي بيت دخلتموه فهناك أقيموا ومن
هناك اخرجوا. وكل من لا يقبلكم فاخرجوا من تلك المدينة وانفضوا الغبار أيضاً عن
أرجلكم شهادة عليهم. فلما خرجوا كانوا يجتازون في كل قرية يبشرون ويشفون في كل
موضع.

لا
تقتنوا ذهباً ولا فضة =
المقصود عدم الإهتمام بالإقتناء أو أن يحملوا هم
الغد، فالله سيرسل لهم ما يكفيهم. الله يريد منهم الإتكال الكامل عليه وأن لا
يجدوا فى المال ضماناً للغد، وأن يهتموا فقط بالكرازة. عموماً فمحبة المال أصل لكل
الشرور. وكانوا يأكلون فى بيوت تلاميذهم وكان هذا لتزداد المحبة بينهم وبين
تلاميذهم. نحاساً= أى النقود فالنقود كانت من الذهب والفضة والنحاس فى
مناطقكم =
هى ثنية فى رداء المنطقة تستعمل كما نستعمل الجيوب الآن ولا
مزوداً =
كيس صغير يضعون فيه الطعام أثناء سفرهم.

ولا
أحذية =
ويقول
فى مرقس بل يكونوا مشدودين بنعال = لا يعقل أن السيد يطلب منهم السير حفاة
الأقدام، لذلك فليكونوا مشدودين بنعال، ولكن لا يحملوا هماً بزيادة، فيحملوا معهم
أحذية لئلا ينقطع الحذاء الذى يلبسونه. حتى الحذاء عليهم أن لا يفكروا فيه، فهو
سيدبر لهم كل شئ، بل ألم يكن حذاء مار مرقس المقطوع بداية الكرازة فى مصر. ولا
ثوبين.. ولا يلبسوا ثوبين
(مرقص)= نفس المعنى أن لا يحملوا هم إنقطاع ثوب
فيلبسوا ثوبين، عليهم أن يذكروا أن ثياب بنى إسرائيل ونعالهم لم تبلى مدة 40 سنة
(تث 5:29-6)، فلا يحملوا شيئاً مضاعفاً. ولكن لاحظ قوله مشدودين بنعال أى أنهم على
إستعداد مستمر للحركة. وكلمة مشدودين فلأن الصنادل المستخدمة كلن لها سيور يلفونها
حول الساق، ويلزم حلها أولاً قبل خلعها، هذه التى إعتبر المعمدان نفسه غير أهل
لحلها. ولا عصا (متى).. غير عصا فقط (مرقس).. لا عصا (لوقا)
العصا تستخدم فى السير ليستند عليها السائر، إذ أن الطرق غير ممهدة وهم يسيرون فى
جبال ووديان، وتستعمل العصا فى الدفاع ضد الحيوانات. ويبدو من مقارنة الثلاثة
أناجيل أن هناك خلاف بسيط فى موضوع العصا ففى متى ولوقا لا يُسمح بحمل عصا وفى
مرقس يُسمح بهذا. وطبعاً علينا ألاّ نكون حرفيين وأن نفهم روح الوصية، والمقصود أن
من يحتاج لعصا فليأخذها ليستند عليها، ولكن لنفهم أن المهم هو الشعور الداخلى
بالإتكال على السيد المسيح فى كل شئ، لا يخاف الكارز من حيوان يهاجمه (خر 7:11)
ولا من جوع أو عوز، فالله يدبر كل شئ. فلا نفهم عدم حمل العصا حرفياً، أن المسيح
يمنع ذلك لكن المسيح يطلب أن نلقى كل همنا عليه وهو يعولنا. عموماً العصا تشير
للحماية من عدو. ومعنى وجود نص يقول أحمل عصا ونص يقول لا تحمل عصا فهذا إشارة
لإنه أن وجدت حماية إستعملوها (كما حدث مع نحميا "نح 9:2") وإن لم توجد
فلا تحملوا هماً فأنا أحميكم (عز 21:8-23) فعزرا لم يطلب حماية ثقة فى إلهه لكن
نحميا إذ عرض عليه الملك جيشاً ليحميه لم يرفض.

وأية
مدينة دخلتموها فإفحصوا من فيها مستحق=
أى من هو مستحق أن
تقيموا عنده، ويكون بيته كنيسة تصلى فيها الصلوات والقداسات.وأقيموا هناك حتى
تخرجوا
(متى). حيثما دخلتم بيتاً فأقيموا فيه حتى تخرجوا إذاً هم سيبحثون
عن بيت سمعته طيبة ليقيموا فيه ولا يتنقلون من بيت إلى بيت حتى لا تتحول خدمة
الكلمة إلى خدمة المجاملات، وإنما يركزن كل فكرهم وجهدهم فى العمل الكرازى وحده.
وحتى لا تحدث منافسات بين البيوت فى إكرامهم فينسون الخدمة.

حين
تدخلون البيت سلموا عليه =
السلام هى عادة يهودية، بل هى عادة فى كل
العالم. ولكن المقصود هنا هو منح البركة لهذا المكان. وإن كان أهل البيت مستحقين
لهذه البركة ستكون لهم، وإن لم يكونوا مستحقين ترجع هذه البركة وهذا السلام لكم= فليرجع
سلامكم إليكم انفضوا غبار أرجلكم=
بمعنى أنهم خرجوا من عندهم لا يريدون أدنى
شئ منهم. وكان اليهود يعتقدون أن أرض إسرائيل مقدسة، لدرجة أنهم إذا كانوا يأتون
من مملكة وثنية يقفون عند حدود بلادهم من الخارج وينفضون أو يمسحون الغبار على
أرجلهم، حتى لا تتنجس أرضهم بالغبار الذى من أرض وثنية. وهنا مثل حى لأولئك اليهود
الذين يرفضون رسالة الإنجيل، فهم لا يعتبرون مقدسين بل يصلون إلى مستوى الوثنيين
وعبدة الأصنام (نح 13:5 + أع 51:13).

سلموا
عليه =
بهذا
تبدأ كنيستنا صلواتها، بأن يطلب الكاهن البركة والسلام للشعب بقوله " إيرينى
باسى أى السلام لجميعكم " وهذا ليس مثل السلام العادى بين الأشخاص العاديين
وإلاّ ما معنى قول السيد يرجع سلامكم إليكم، إذاً هو بركة تمنح من الله. سدوم
وعمورة=
تكون حالتهم أكثر إحتمالاً من هؤلاء الرافضين إذ أن سدوم وعمورة لم
ترى المعجزات التى رآها هؤلاء. هنا نرى أن العذاب درجات. والمجد أيضاً درجات
" فنجم يمتاز عن نجم " (1كو 41:15).

 

(لو
7:9-9):-

فسمع
هيرودس رئيس الربع بجميع ما كان منه وارتاب لان قوما كانوا يقولون أن يوحنا قد قام
من الأموات. وقوما أن ايليا ظهر وآخرين أن نبيا من القدماء قام. فقال هيرودس يوحنا
أنا قطعت رأسه فمن هو هذا الذي اسمع عنه مثل هذا وكان يطلب أن يراه.

هيرودس
هذا هو هيرودس أنتيباس أحد أبناء هيرودس الكبير الذى كان يحكم كل اليهودية
والجليل، ومات سنة 4 ق.م. وبعد موته إنقسمت مملكته أربعة أجزاء. ومن أولاد هيرودس
الكبير.

1)    
اريسطوبولوس
(لم يكن يحكم) وهو والد هيروديا.

2)    
هيرودس
فيلبس(مر 17:6) وقد تزوج من هيروديا بنت أخيه.

3) 
هيرودس
أنتيباس. وقد تركت هيروديا زوجها فيلبس لتتزوجه فى أثناء حياة زوجها فيلبس وهذا ما
عارضه يوحنا المعمدان. ولقد كان مسموحاً، بل مطلباً للناموس أن يتزوج الأخ زوجة
(أرملة) أخيه الراحل إذا كان هذا الميت قد مات دون نسل وذلك ليقيم نسلاً بإسم
أخيه، لكن أن تترك زوجة زوجها لتتزوج بأخيه فهذا ضد الناموس.

هيرودس
رئيس الربع=
هو أنتيباس، والربع هو ربع مملكة هيرودس الكبير أبوه.
والربع الذى حكمه هو الجليل وبيرية (وهيرودس هذا هو الذى حاكم المسيح عندما أرسلهُ
له بيلاطس البنطى.

هو
يوحنا المعمدان قد قام من الأموات=
رغم أن يوحنا المعمدان لم يعمل معجزات
(يو41:10)، والمسيح كان صانع للمعجزات، إلاّ أن تصور هيرودس أن المسيح هو يوحنا
المعمدان وقد قام من الأموات، ما كان سوى إحساساً بالإثم وعذاباً للضمير. فالشرير
يهرب ولاطارد (أم 1:28) (وهذا نفس ما حدث مع قايين). وهكذا تنتهى اللذة العابرة
بعذاب مستمر وألم دائم. ولاحظ تدرج الشر فى حياة هيرودس 1) فهو أولاً قد إغتصب
زوجة أخيه الحى.2) قتل يوحنا المعمدان. ولاحظ أن مؤامرة القتل قد تم تدبيرها وقت
الإستمتاع الوقتى بالخطية. ولقد قتل هيرودس المعمدان ليكتم صوت الحق الذى كان
يعذبه، لكن الخوف لم يفارقه، صار بلا سلام، فالخطية تفقد الإنسان سلامه الداخلى،
وتفقده أبديته. أماّ الإلتزام بالحق فهو وإن كان ثمنه الإستشهاد لكن لن يفقد
المؤمن سلامه على الأرض، وتكون له حياة أبدية. أين هيرودس الآن وأين يوحنا
المعمدان؟!

نهاية
هيرودس:-
كان
هيرودس متزوجاً من إبنة الحارث والى النبطيين وبسبب زواجه من هيروديا طلقها. فقام
عليه الحارث وحاربه وسحق جيشه. وتم نفى هيرودس وزوجته إلى فرنسا سنة 39م، ونالت
إبنة هيروديا جزاءها إذ سقطت فى بحيرة من الثلج وقطعت رقبتها.

ويضيف
معلمنا مرقس على قصة متى أن هيرودس كان يحترم يوحنا ويهابه عالماً أنه رجل بار
وقديس. وكان يحفظه آية(20) = واضح أن هيروديا كانت دائمة التدبير وحبك
المؤامرات ضد يوحنا المعمدان (مر19:6). ولكنها لم تقدر لأن هيرودس كان يحفظه منها،
إذ كان خائفاً من الشعب، ولأنه كان يعلم أنه رجل بار وقديس، ولكنه إنهار أخيراً
أمام ألاعيب هذه المرأة التى أغوته برقصة إبنتها (سالومى) وهو فى حالة سكر ومجون,

إذ
سمعه فعل كثيراً=
آية (20) وفى الترجمة الأصلية "إذ سمعه
إضطرب كثيراً " ولكنه سمعه بسرور. وواضح أن ضميره كان يستيقظ بعض
الوقت ويفرح لكلام المعمدان المملوء قوة بالروح القدس، ولكنه أمام شهواته كان يرفض
الإذعان لصوت الحق، فكان صوت المعمدان يعذبه. هو كان يتعذب إذ لم يكن مستقيماً فى
قلبه وخاضعاً لشهواته.

وتمت
جريمة القتل فى جو سُكر وعربدة ومجون، كان مجلس مستهزئين (مر 21:6) وإذ كان يوم
موافق=
هو كان موافقاً لأغراض هيروديا. وهيرودس هذا سماه السيد المسيح ثعلباً
(لو 32:13).

 

(لو
9
: 10-1
1):-

ولما
رجع الرسل اخبروه بجميع ما فعلوا فأخذهم وانصرف منفردا إلى موضع خلاء لمدينة تسمى
بيت صيدا. فالجموع إذ علموا تبعوه فقبلهم وكلمهم عن ملكوت الله والمحتاجون الى
الشفاء شفاهم.

والمحتاجون
إلى الشفاء شفاهم
= لماذا لم يقل والمرضى شفاهم؟ هناك من يستخدم الله المرض
لشفائه روحياً (أيوب وبولس) هؤلاء هم المحتاجين للمرض، هناك من يحتاج لمعجزة شفاء
ليؤمن والسيد يعطيه الشفاء ليجذبه للإيمان، ولكن بعد ذلك قد يسمح ببعض الألام
ليكمل إيمان هذا الشخص، فإن كان قد قيل عن المسيح أنه تكمل بالألام فكم وكم نحن
الضعفاء (عب 10:2 + عب5:12-11+ابط 1:4)

والكنيسة
تقرأ هذا الفصل فى الأحد الخامس من الشهر (لو تصادف وكان هناك أحد خامس) وتسميه
إنجيل البركة. فرقم 5 يذكرنا بالمعجزة (خمس خبزات). وأكبر بركة حصلنا عليها هى
القيامة. فإذا تصادف وجود خمس أحاد (والأحد هو يوم القيامة) تحتفل الكنيسة بهذه
المناسبة وتقرأ إنجيل البركة.

 

(لو10:9-17):-

ولما
رجع الرسل اخبروه بجميع ما فعلوا فأخذهم وانصرف منفردا إلى موضع خلاء لمدينة تسمى
بيت صيدا. فالجموع إذ علموا تبعوه فقبلهم وكلمهم عن ملكوت الله والمحتاجون إلى
الشفاء شفاهم. فابتدأ النهار يميل فتقدم الأثنا عشر وقالوا له اصرف الجمع ليذهبوا
إلى القرى والضياع حوالينا فيبيتوا ويجدوا طعاما لأننا ههنا في موضع خلاء. فقال
لهم أعطوهم انتم ليأكلوا فقالوا ليس عندنا اكثر من خمسة أرغفة وسمكتين إلا أن نذهب
ونبتاع طعاما لهذا الشعب كله. لأنهم كانوا نحو خمسة آلاف رجل فقال لتلاميذه
اتكئوهم فرقا خمسين خمسين. ففعلوا هكذا واتكاوا الجميع. فاخذ الأرغفة الخمسة
والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وباركهن ثم كسر وأعطى التلاميذ ليقدموا للجمع.
فأكلوا وشبعوا جميعا ثم رفع ما فضل عنهم من الكسر اثنتا عشرة قفة.

معجزة
إشباع الخمسة الأف :

هذه
المعجزة هى المعجزة الوحيدة التى يدونها البشيرون الأربعة لأهميتها. فهذه المعجزة،
معجزة إشباع الجموع بالخبز هى إشارة لشخص المسيح المشبع الذى به نستغنى عن العالم
وهى رمز لسر الإفخارستيا الذى يعطينا السيد فيه جسده على شكل خبز، ويشبعنا كلنا
به. لذلك قبل إتمام معجزة إشباع الجمع شفى السيد مرضاهم آية (14) كما غسل
السيد أرجل تلاميذه قبل العشاء الربانى وفى هذا إشارة لإلزامنا بالتوبة والإعتراف
قبل التناول وذلك لأنه بالتوبة والإعتراف تشفى النفس من مرضها الروحى فتتأهل لتقبل
الجسد المقدس. ولما صار المساء=إشارة رمزية لحال العالم من ضيقات وجوع نفسى
وروحى قبل مجىء المسيح. لكن جاء المسيح ليقدم الشبع، قدم جسده طعاماً. إصرف
الجموع =
بالحسابات البشرية لا يمكن إطعام كل هذا الجمع. وكم تقف الحسابات
البشرية عائقاً أمام إمكانيات الإيمان. وفى يو (5:6،6 ) نجد السيد المسيح يسأل
فيلبس ليمتحنه " من أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء" فالسيد يظهر حجم
المشكلة أولاً، ثم يظهر لفيلبس ضعف إيمانه وخطأ حساباته البشرية، إذ أن فيلبس رأى
كثيراً من المعجزات الخارقة ومازال غير واثق. وطبعاً فسؤال السيد المسيح لفيلبس
سينتج عنه زيادة إيمان فيلبس بعد أن يرى المعجزة. وعلينا أن نضع كل إمكانياتنا
البشرية بين يدى المسيح طالبين البركة فى الصلاة. وهنا نرى سبباً مهماً حتى تحل
البركة وهو جلوس الشعب فى محبة وتآلف، فبدون محبة لا بركة. ونلاحظ أن المسيح يعطى
للتلاميذ (الكنيسة بكهنوتها وخدامها) والتلاميذ يعطون الناس. وفى هذه المعجزة نرى
النعمة تمتد بالموجود لحدود عجيبة، نرى خلق بصورة جديدة، فالمتاح قليل ولكن مع
البركة صار كثيراً جداً.وما هو القليل المتاح:-

1.    
خمس
خبزات وسمكتين.

2.    
الخبز
من الشعير وهو أرخص أنواع الخبز.

3.    
ومع
من ؟             مع غلام صغير

فالله
يعمل بالقليل ويبارك فيه.

دخل
عنصر سماوى للمادة فتحدت الأعداد والكميات وأشبعت الألاف وتبقى منها. كما قال الله
لبولس "قوتى فى الضعف تكمل" أى مهم وجود الضعف أى القليل الذى عندنا.
وهذا هو مفهوم الكنيسة الأرثوذكسية فى الجهاد والنعمة. أمثلة:-

1- 
الله
يأمر نوح ببناء فلك (جهاد) ولكن الله يغلق عليه فيحميه (نعمة) (تك 16:7) فهل كانت
التكنولوجيا أيام نوح قادرة أن تبنى هذا الفلك العجيب، الذى يقام مياهاً من فوق
ومن تحت.

2- 
المسيح
يأمر بملأ الأجران فى معجزة تحويل الماء الى خمر، فهل من حول الماء إلى خمر كان
غير قادر على تحويل الهواء إلى خمر ولا داعى لشقاء الخدام فى ملء الأجران.
(ملء الأجران = جهاد وتحويل الماء لخمر = نعمة).

3- 
 المسيح
يأمر برفع الحجر عن قبر لعازر ثم أقام الميت، فهل من أقام الميت كان غير قادر على
زحزحة الحجر. ولكن زحزحة الحجر هى الجهاد.

4-   
هنا
المسيح يطلب ما معهم، وكل ما معهم، وهذا هو الجهاد. أماّ النعمة فهى قد حولت هذا
القليل لإشباع الكثيرين.

إذاً
نعمة المسيح تعمل مع من يجاهد بقدر استطاعته ولا تعمل مع المتكاسل لذلك نسمع أن
بولس قد جاهد الجهاد الحسن (2تى 7:4) ونسمع أنه كان يقمع جسده ويستعبده (1كو
27:9). ومن هذه المعجزة نفهم معنى رقم 5 فهو رقم النعمة المسئولة فرقم 5 هو رقم
الحواس وأصابع اليد والقدمين، وهو رقم النعمة فبخمسة خبزات أشبع المسيح خمسة ألاف.
ويكون المعنى أن نعمة المسيح تعمل مع من يحفظ حواسه طاهرة، ويحفظ إتجاهاته (قدميه)
ويحفظ أعماله طاهرة (يديه). فالنعمة لا تعمل مع المتهاون. من يقدس حواسه واعماله
وإتجاهاته، أى يكرسها للرب، مانعاً نفسه من التلوث بالعالم يمتلىء نعمة، وهذه
النعمة هى التى تعطية ان يصير خليقة جديدة (2كو 17:5). وبهذه الخليقة الجديدة أو
الطبيعة الجديدة ندخل السماء، إذ أن هذه الخليقة على صورة المسيح (غل 19:4) لذلك
يقول بولس الرسول بالنعمة أنتم مخلصون (أف8:2) ويكمل ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد
(أف 9:2) وذلك يعنى أن الأعمال ليست هى السبب الرئيسى لحصولنا على الطبيعة
الجديدة، ولكن نحصل عليها بالنعمة ولكن حتى نمتلىء من هذه النعمة علينا أن نعمل
ونجاهد فى أعمال صالحة سبق الله وأعدها لكى نسلك فيها (أف 10:2).

 والسيد
المسيح كرر هذه المعجزة (مت 32:15-39). وكان عدد الجموع 4000 وعدد السمك (قليل لم
يذكر عدده) والخبزات 7 وتبقى 7 سلال والسيد المسيح لم يكرر هذه المعجزات كثيراً
حتى لا نطلب فى حياتنا معه أن يشبع إحتياجاتنا الجسدية بطريقة معجزية، لهذا رأيناه
يترك تلاميذه الجائعين أن يقطفوا سنابل حنطة يوم السبت ويأكلونها، وترك بولس
الرسول فى مرضه دون أن يشفيه فنتعلم أن نقبل من يده ما يسمح به دون طلب معجزات
بصفة مستمرة إشباعاً لإحتياجات الجسد (طعام ومال وصحة) بل نطلب أولاً الروحيات=
أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه تزاد لكم. والسؤال لماذا صنع السيد هذه المعجزة
مرتين ومامعنى الأرقام؟ أشبع السيد الجموع مرتين إنما ليعلن أنه جاء ليشبع
المؤمنين كلهم يهوداً وأمم. فالكنيسة اليهودية يمثلها الـ5000 إذ سبقت
النعمة وعملت معهم خلال الناموس والأنبياء. وكنيسة الأمم يمثلها الـ4000
فرقم 4 يمثل كل العالم بإتجاهاته الأربعة. ولكن كلاهما بإيمانهما بالمسيح صار
سماوياً. فرقم 1000 هو رقم السمائيين، فالملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات. وتبقى من
المعجزة الأولى 12 قفة ورقم 12 يشير لشعب الله المؤمن فى العهد القديم أو
العهد الجديد. أى أن الشبع الذى يعطيه السيد هو لكل المؤمنين، هناك ما يكفى لكل
مؤمن فى كل زمن وفى المعجزة الثانية تبقى 7 سلال إشارة للكنائس السبع أى كل
كنائس العالم. فالشبع بشخص المسيح متاح للجميع فالكنيسة ستكرر إشباع الجموع تجسد
المسيح عبر الزمن وإلى نهاية الدهور سمكتين= السمكة ترمز للمسيح (سمكة = إخثيس
باليونانية وهذه الكلمة من خمسة حروف تشير لقولنا يسوع المسيح إبن الله مخلصنا
وكونهم إثنتين لأن رقم 2 يشير للتجسد فهو الذى جعل الإثنين واحداً (أف14:2). وهو
أشبعنا بجسده الذى قدمه لنا طعاماً.

وفى
المعجزة الثانية نسمع عن 7 أرغفة ورقم 7 هو عمل الروح الكامل (اش 2:11) فالروح
يعلن شخص المسيح للمؤمنين (يو 14:16) وهذا يشبعهم وصغار السمك إشارة للرسل البسطاء
المتواضعين الذين تأسست الكنيسة عليهم، أى على الإيمان بالمسيح الذى كرزوا به (أف
20:2) فالتلاميذ هم الذين أعلنوا شخص المسيح المشبع، 7 خبزات = قد يشير رقم
7 لعمل الروح القدس فى الكنائس السبع ليشبع الجميع بشخص المسيح.ونسمع أن السيد
أراد أن ينفرد مع تلاميذه، فى موضع خلاء (مت 13:14). ونحن نحتاج لهذه الخلوة
الهادئة نسمع فيها صوت يسوع فى هدوء، فصوته لا يمكننا سماعه فى ضوضاء العالم (أمل
12:19،13). فى إنجيل معلمنا يوحنا بعد هذه المعجزة مباشرة نسمع المسيح يتحدث عن
نفسه كخبز الحياة، هو كأنه يشرح معنى المعجزة (يو6) إلى ماذا ترمز. القفة= من
أين أتوا بالقفف التى وضعوا فيها الكسر؟ كان اليهودى يحمل معه قفة بها طعامه حتى
لا يضطر لشراء طعام من الأمم أو السامريين. خمسة ألاف رجل ما عدا النساء
والأولاد=
بولس الرسول يقول لأهل كورنثوس (رجالاً ونساء) كونوا رجالاً
(1كو13:16) فى حديثه حتى يثبتوا فى الإيمان. فالنساء يرمزن للتدليل والأطفال
يرمزون لعدم النضج، أما شعب الله فيأخذ أموره الروحية بجدية وهم ناضجين يستوى فى
هذا الرجال أو النساء أو الأطفال (أبانوب الشهيد كان عمره 12 سنة) الشبع= من
أشبع البطون قادر أن يشبع النفوس والعواطف وقادر أن يشبع الروح وهذا هو الأهم، فمن
يشبع روحياً يشبع نفسياً بالتبعية والشبع النفسى أى العاطفى، فيه يحتاج الإنسان أن
يُحَّبْ وأن يُحِّبْ أى يتبادل الحب مع الآخرين سواء زوجة أو أطفال. ولكن الله
الآب يعطينا الحب الأبوى والمسيح عريس نفوسنا قادر أن يشبعنا عاطفياً والروح القدس
يسكن المحبة فى قلوبنا وإلاً كيف عاش الرهبان القديسين وكيف يعيش إنسان بلا أهل ؟
الله يشبع نفوسنا. بل من يشبع روحياً بمعرفة المسيح تشبع بطنه. فكم من أباء سواح
إكتفوا بعشب الأرض طعاماً لهم عشرات السنين. مشكلة العالم أنه يبحث عن الشبع
الجسدى والعاطفى وينسى أن لهُ روحاً لا تشبع إلاً بعلاقتها مع خالقها. هذا سبب
إنهيار الغرب وكثرة حالات الإنتحار والتعامل مع الأطباء النفسانيين أمر الجموع
أن يتكئوا على العشب =
والسمك الذى أكلوه كان سمكاً مملحاً (فسيخ) وكانت هذه
عادة لسكان السواحل، فهم يملحون الأسماك الباقية من طعامهم، ويأخذونها معهم فى
مناسبة كهذه. وهذا المنظر هو ما تعود الأقباط أن يعملوه بعد عيد القيامة أى فى يوم
شم النسيم إذ يخرجوا إلى الحدائق الخضراء ويأكلون الفسيخ تذكاراً لهذه المعجزة،
خصوصاً بعد عيد القيامة الذى فيه أخذنا قيامه وحياة مع المسيح لندخل إلى موضع
الخضرة على ماء الراحة فى فردوس النعيم (أوشية المنتقلين) فالخضرة رمز للحياة،
والقيامة حياة وشبع بشخص المسيح. وهذا ما نفعله فى شم النسيم بعد القيامة. الذهاب
للحدائق = الخضرة وهذه إشارة للفردوس، حيث نذهب بعد القيامة.

 

(لو
18:9-21):-

وفيما
هو يصلي على انفراد كان التلاميذ معه فسألهم قائلا من تقول الجموع أنى أنا.
فأجابوا وقالوا يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون أن نبيا من القدماء قام. فقال
لهم وانتم من تقولون أنى أنا فأجاب بطرس وقال مسيح الله. فانتهرهم وأوصى أن لا
يقولوا ذلك لأحد.
من يقول الناس إنى أنا
إبن الإنسان
. أنت هو المسيح إبن الله الحى.. طوبى لك

لاحظ
أن المسيح هنا يؤكد ناسوته، والآب يعلن لبطرس لاهوت المسيح وهذا هو إيمان الكنيسة
أن تجسد وتأنس، الله ظهر فى الجسد (اتى 16:3).

وهذا
الإيمان الذى أعلنه بطرس طَوَّبَهٌ المسيح عليه، فهو أعلن دستور الإيمان القويم،
والمخلص يعلن أنه يقيم كنيسته على هذا الإيمان، ويعطى كنيسته سلطان الحل والربط،
ليس لبطرس فقط بل لكل الرسل (مت 19:16+ مت 18:18). ولما سأل السيد سؤاله ردد
التلاميذ ما يقوله الناس، فمثلاً هيرودس قال أنه يوحنا المعمدان=(مت 2:14).
وهناك من قالوا أنه إيليا أى أنه السابق للمسيح (ملا 5:4) وآخرون تصوروا
أنه واحد من الأنبياء لأن موسى تنبأ بأن نبيا مثله سيأتى لهم (تث15:18).

وأنتم
من تقولون إنى أنا =
فالسيد المسيح يهتم جداً بكيف نعرفه نحن خاصته
فماذا لو سألك المسيح.. من أنا.. هل سيكون ردك عن معرفة نظرية عرفتها من الكتب، أو
من خبرات شخصية إختبرت فيها حلاوة شخصه وحلاوة عشرته، وتعزياته إذ يقف بجانبك فى الضيقات،
هل عرفته أم سمعت عنه. فبطرس لم يُكَوِّن رأيه عن المسيح من كلام الناس، بل الله
أعلن لهُ، إذاً فلنصرخ إلى الله ليفتح أعيننا لنعرف المسيح ونختبره فنقول مع أيوب،
بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عينى (أى 5:42) لنصلى حتى يعلن لنا الروح القدس
عمن هو المسيح، وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلاّ بالروح القدس (1كو 3:12 + يو
14:16) إيماننا بالمسيح، ومعرفتنا بالمسيح هو إعلان إلهى يشرق به الآب بروحه
القدوس.

وتسلم
هذا الإيمان خلال التلاميذ والكنيسة، وإستلمناه، ولكن لنصلى حتى لا يبقى هذا
الإيمان مجرد خبرة نظرية ولكن خبرة عملية بشخص السيد المسيح، فنحبه إذ ندرك لذة
العشرة معه، ومن يُدرك هذا سوف يحسب كل الأشياء نفاية (فى 8:3).

أنت
هو المسيح =
المسيح هو المسيا الذى كان اليهود ينتظرونه مخلصاً. وكلمة
المسيح تعنى الممسوح من الله. وكانت المسحة فى العهد القديم هى للملوك ورؤساء
الكهنة والأنبياء فقط (رؤ 5:1 + ابط 4:5 +
لو 76:1 )
وفى هذه الآيات نرى المسيح ملكاً ورئيساً للكهنة ونبياً)

إبن
الله الحى=

لقد سبق نثنائيل وقال هذا قبل بطرس، أن المسيح إبن الله ولكن نثنائيل كان يقصدها
بطريقة عامة كما يقولون إسرائيل إبن الله.ولذلك لم نسمع أن السيد طوب إيمان
نثنائيل كما فعل مع بطرس (يو 47:1-51).

أنت
بطرس وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى=
المسيح لايبنى كنيسته على إنسان مهما
كان هذا الإنسان. ولكن معنى الكلام أن الكنيسة ستؤسس على هذا الإيمان الذى نطق به
بطرس، أن المسيح هو إبن الله الحى. وبإتحادنا به خلال المعمودية نصير أولاد الله،
وندخل إلى العضوية فى الملكوت الروحى الجديد وننعم بحياته فينا، نحمله داخلنا كسر
حياة أبدية.

ولاحظ
قول الكتاب أَنْتَ (مذكر) بطرس وعلى هَذِهِ ( مؤنث) الصخرة إذاً الصخرة هى ليست
بطرس، لأن الصخرة التى تبنى عليها الكنيسة هى المسيح نفسه (1كو4:10).والمسيح هو
حجر الزاوية (1بط 6:2). وكلمة بطرس مشتقة عن اليونانية
Petra
بترا أى صخرة، فالمسيح أسس كنيسته على صخرة هى الإيمان به كإبن الله والمسيح لم
يقل له أنت
Petra. بل قال له أنت Petrus أبواب الجحيم لن تقوى عليها= أبواب الجحيم هى إشارة لقوى الشر وهذه لن تنتصر على الكنيسة، بل ولا
الموت قادر أن يسود على المؤمنين، بل هم سيقومون من الموت فى الأبدية ( هذا إذا
كان إيمانهم صحيحاً كإيمان بطرس ) وهى أيضاً تشير للتجارب والحروب ضد الكنيسة
والمؤمنين سواء كان مصدرها الشيطان أو بشر يحركهم شياطين. فإبن الله الصخرة وحجر
الزاوية هو بنفسه الذى يسند كنيسته فلن تنهار.

 وأعطيك
مفاتيح.. +مت 18:18 + يو 21:20.
فالمسيح أعطى لكنيسته سلطان الحل والربط
وغفران الخطايا وإمساكها، القبول فى شركة الكنيسة أو إخراج وفرز المخالفين من
الشركة المقدسة، السيد أعطي لكنيسته سلطان الحكم على أولادها وتأديبهم. المسيح من
خلال كنيسته يحل ويربط. والربط هو لمن يصر على خطيته، فتحرمه الكنيسة من التناول.
والحل هو لمن يتوب ويعترف بخطاياه.

أوصى
تلاميذه أن لا يقولوا لأحد
= اليهود تصوٌروا أن المسيح آتٍ كمخلص من
الرومان. وهم فهموا بعض الآيات فى سفر المزامير مثل تحطمهم بقضيب من حديد (مز 9:2
+ مز6:79) بطريقة خاطئة، لذلك حرص المسيح ان لا ينتشر خبر أنه المسيا حتى لا يفهم
الشعب أنه آتٍ ليحارب الرومان لذلك كان يوصى تلاميذه أن لا يقولوا أنه المسيا،
وأيضاً المرضى وكل من أخرج منهم شياطين أمرهم أن لا يقولوا لأحد، وأنتهر الشياطين
حتى لا تقول وتتكلم وتكشف هذه الحقيقة أمام الجموع (لو 41:4) لأن الجموع كان لها
مفهوم سياسي وعسكري لوظيفة المسيا.

ولكن
حينما أعلن بطرس ان المسيح هو إبن الله فرح المسيح وطوبه، لكنه وجه تلاميذه للفهم
الحقيقي السليم للخلاص، وأن هذا لا يتم بالانتصار على الرومان، بل بموته وقيامته
(مت 21:16) إذاً نفهم أن المسيح يود أن يعرف الناس حقيقته، ولكن ليس كل واحد، بل
لمن له القدرة على فهم حقيقة الخلاص. وفى أواخر أيام المسيح على الأرض إبتدأ يعلن
صراحة عن كونه إبن الله (مت 63:26،64). لكن نلاحظ أنه تدرج فى إعلان هذه الحقيقة
بحب حالة السامعين. فإن من له سيعطى ويزاد (مت 12:13) فبقدر ما ينمو السامع فى
إستيعاب أمور وأسرار الملكوت يرتفع التعليم ويزيد وينمو ليعطى الأكثر والأعلى.
فمستوى السامع فى نموه هو الذي يحدد مستوى التعليم الذى يقدمه المسيح، أما النفس
الرافضة فينقطع عنها أسرار الملكوت والحياة مع الله. فالله إذاً يعطينا أن نكتشف
أسراره بقدر ما نكون مستعدين لذلك. وراجع حوار المسيح مع السامرية لترى التدرج فى
إعلان حقيقته ومع تجاوبها كان يعلن لها ما هو أكثر عنه.

   
إذاً
الهدف الأول من أن لا يقولوا لأحد أن لا تطالبه الجماهير بأن يكون ملكاً زمنياً
أرضياً فتحدث ثورة شعبية ضد الرومان، ولهذا أثاره الرهيبة.

        
السبب
الثانى حتى لا يحرص الكتبة والفريسيون أن يقتلوه قبل الوقت، أى قبل أن ينهى كل
تعاليمه وأعماله.

        
لا
يصح أن يتكلم التلاميذ عنه كإبن الله دون أن تظهر الوهيته بالدليل الساطع وذلك
بقيامته فعلاً بعد موته.

متى (13:16) قيصرية فيلبس= أسسها هيرودس
فيلبس، وسميت بإسمه تميزاً لها عن قيصرية التى على البحر. وهى عند سفح جبل حرمون
بجانب منبع نهر الاردن (لو 18:9) وفيما هو يصلى… (مز 27:8) وفى الطريق :- لوقا
وحده أشار لصلاة المسيح وربطها بهذا الإعلان السمائى لبطرس بحقيقة المسيح، إذ
بصلاة المسيح يُعلن الآب بروحه القدوس لبطرس هذا السر. ومعنى صلاة المسيح هو شفاعة
المسيح عنّا امام الآب. لذلك نطلب بإسمه أى شىء نطلبه من الآب. (يو 23:16،24).
فالمسيح صلّى على إنفراد (لو 18:9) ثم سار معهم إلى نواحى قيصرية فيلبس وفى الطريق
سألهم هذا السؤال فالمسيح بشفاعته عنا يقبلنا الآب ويعمل فينا بروحه القدوس، وأول
ما يعمله فينا الروح القدس أنه يثبتنا فى المسيح إبن الله (بالمعمودية والتوبة
والإعتراف والتناول ) ثم يعلن لنا عمن هو المسيح فنفهم حقيقة علاقتنا بالله، هو
يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله (رو 16:8). لوقا يشير لصلاة المسيح هنا لأنه يدرك
خطورة ما سيعلنه بطرس الآن، ويشير أننا لا يمكننا فهم هذه الحقائق إلاّ بشفاعة
المسيح الكفارية= صلاته.

ولاحظ أن نص أعتراف بطرس يختلف من إنجيل
لآخر، ولكن بجمع النصوص يتكامل المعنى.

متى :- المسيح إبن الله الحي :- هذه
إشارة للاهوته فهو الله المتجسد.

مرقس :- المسيح :- هو المسيح أى الممسوح
كرئيس كهنة سيقدم ذبيحة نفسه.

لوقا :- مسيح الله :- هو مسيا النبوات
الموعود به فى الكتاب، الذى ينتظرونه.

 

(لو
22:9-27):-

قائلا
انه ينبغي أن ابن الإنسان يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة
ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم. وقال للجميع أن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه
ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني. فان من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من
اجلي فهذا يخلصها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله واهلك نفسه أو
خسرها. لان من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الأب
والملائكة القديسين. حقا أقول لكم أن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى
يروا ملكوت الله.

 

المسيح أوضح لتلاميذه من هو وأنه أتى ليؤسس
كنيسته، وها هو يعلن ثمن تأسيس الكنيسة أى الصليب.
وقبل أن
يتوهم تلاميذه إذ سمعوا أنه إبن الله المسيا المنتظر، أنهم سيملكون معه إذ يصير
ملكاً وقائداً عظيماً، ها هو يشرح لهم أنه حقاً سيملك ولكن سيملك على قلوب كنيسته
بصليبه، حاملاً الرياسة على كتفه (أش 6:9) فالرياسة كانت بصليبه الذى به ملك على
قلوبنا، هو بصليبه هدم مملكة الخطية ومملكة إبليس وأقام ملكوته. وقوله هذا يشير
لأنه يعلم سابقاً وبدقة ما سيحدث له، إذاً فما سيحدث له هو بسلطانه.

 

(لو
27:9):-

حقا
أقول لكم أن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله.

بعد الآية السابقة والتى تحدث فيها السيد المسيح
عن المجد، أصبح إشتياق التلاميذ شديداً أن يروه أو حتى يعرفوا ما هو. والسيد فى
هذه الآية يطمئنهم بأن بعضاً منهم لن يذوقوا الموت قبل أن يروا ملكوت إبن الإنسان.
فما هو ملكوت إبن الإنسان؟

ملكوت
إبن الإنسان هو حين يجلس عن يمين أبيه، ويكون فى صورة مجد الآب. ويجلس ليدين.
ويملك على الأبرار وهم يخضعون لهُ، ويطأ إبليس وتابعيه ويحبسهم فى البحيرة المتقدة
بالنار فيكفوا عن مقاومتهم لملكه. كل هذا سيكون فى يوم الدينونة وما بعده.. ولكن
نلاحظ أن كل من أستمع للسيد المسيح وهو يقول هذا الكلام، الكل ما توا أو استشهدوا
قبل مجىء السيد المسيح فى مجده ليدين الجميع. فما معنى أن منهم من يموت قبل أن يرى
إبن الإنسان آتياً فى ملكوته ؟

نلاحظ
أن بعد هذه الآية مباشرة، وفى الأناجيل الثلاثة تأتى قصة تجلى المسيح على الجبل.
وفى التجلي رأى بعض التلاميذ بعضاً من مجد السيد المسيح بقدر ما كشفه لهم، وعلى
قدر ما إحتملوا، وهم تمتعوا بمجده، وكان هذا إعلاناً عن بهائه الإلهي، وهؤلاء لم
يموتوا حتى رأوا هذا المجد وآخرون ممن سمعوا كلمات المسيح هذه رأوا قيامته وصعوده
وحلول الروح القدس على الكنيسة وبدء ملكوت الله داخل قلوب المؤمنين، رأوا آلاف
تترك آلهتها الوثنية (بل وتبيع ممتلكاتها كما رأينا فى سفر أعمال الرسل) ويحرقوا
كتب السحر ويتبعوا المسيح ويملكوه على قلوبهم، ورأوا آلاف الشهداء يبيعون حياتهم
حباً فى المسيح، كل هؤلاء كان ملكوت الله فى داخلهم (لو 21:17). لقد رأوا ملكوت
الله معلناً فى حياة الناس ضد مجد العالم الزائل.

كل
هؤلاء الشهداء والذين باعوا العالم لأجل المسيح تذوقوا حلاوة ملك المسيح على
قلوبهم، وكان هذا عربون المجد الأبدي إلى أن يحصلوا على كمال مجد الملكوت المعد
لهم. وهناك ممن سمعوا قول المسيح هذا لم يموتوا حتى رأوا خراب أورشليم وحريقها
الهائل سنة 70م، لقد رأوا صورة للمسيح الديان، ورأوا عقوبة رافضى المسيح. ولاحظ أن
الله دبر هروب المسيحيين كلهم من أورشليم قبل حصارها النهائي.

لا
يذوقون الموت =
هذه لا تقال إلاّ على الأبرار فهم لا يموتون بل ينتقلون،
وكما قال المسيح عن الموت أنه نوم ( عن إبنة يا يرس وعن لعازر). أماّ الأشرار فهم
يموتون وهم مازالوا على الأرض "إبنى هذا كان ميتاً فعاش + لك إسم أنك حى وأنت
ميت ( لو 24:15+رؤ 1:3). وذاق الموت قيلت عن المسيح (9:2) فتذوق الموت هو موت
بالجسد أما الروح فتذهب إلى الله فى انتظار القيامة. ومن يتذوق عربون المجد الأبدى
هنا على الأرض لا يموت بل يتذوق الموت فقط. ويكون معنى كلام السيد أن من
الموجودين، من لن ينتقل قبل أن يتذوق حلاوة ملكوت الله فى داخله، وهذا ما حدث بعد
يوم الخمسين حينما حل الروح القدس فملأهم سلاماً وفرحاً، وكان المسيح يحيا فيهم
(غل 20:2).

 

(لو
28:9-36):-

وبعد
هذا الكلام بنحو ثمانية أيام اخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلي. وفيما هو
يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضا لامعا. وإذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى
وايليا. اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا أن يكمله في أورشليم.
وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما استيقظوا رأوا مجده والرجلين
الواقفين معه. وفيما هما يفارقانه قال بطرس ليسوع يا معلم جيد أن نكون ههنا فلنصنع
ثلاث مظال لك واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة وهو لا يعلم ما يقول. وفيما هو
يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة
قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا. ولما كان الصوت وجد يسوع وحده وأما هم فسكتوا
ولم يخبروا أحدا في تلك الأيام بشيء مما أبصروه.

1) 
فى
الآية السابقة وعد السيد تلاميذه أن منهم من سوف يرون إبن الإنسان آتياً فى
ملكوته، ها هو هنا يريهم عربون المجد الأبدى فى الملكوت.

2) 
أخذ
السيد معه 3 تلاميذ ليشهدوا على ما حدث، ورقم 3 كافى جداً كشهود بحسب الناموس.
وكان الثلاثة دائماً يرافقونه فى الأحداث الهامة مثل إقامة إبنة يايرس وفى بستان
جثسيمانى، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. وبطرس لم ينسى ما رآه وسجله فى رسالته (2 بط
16:1-18) وهكذا يوحنا (يو14:1).

3)    
يقول
تقليد الكنيسة أن الجبل كان هو جبل تابور. وهو جبل عالٍ يشير للسمو، سمو قدر
المسيح الذى سيرونه الآن متجلياً

4) 
التجلي
هو إعلان لمجد المسيح ولا هوته بخروجه عن مستوى الأرض والزمن. فيه أعطى السيد
لتلاميذه أن يتذوقوا الحياة الأخروية، معلناً أمجاده الإلهية بالقدر الذى يستطيع
التلاميذ أن يحتملوه وهم بعد فى الجسد.

5) 
السيد
حدث تلاميذه عن آلامه وموته، فكان لابد له أن يظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند
ظهوره، وإذ رأوا مارأوه كان هذا قوة لهم وسنداً على إحتمال الآلام والاضطهادات
التى سيواجهونها دون أن يتعثروا فيه. والله دائماً يعزى كل متألم ليحتمل ألمه.

6) 
صعدوا
أولاً على جبل لكى يتجلى أمامهم. ولكى نعاين نحن مجد الرب يجب أن ندرب أنفسنا أن
نحيا فى السماويات، وتكون لنا خلوة هادئة باستمرار نتأمل فيها فى الكتاب المقدس،
ونرتفع فوق شهوات العالم ورغبات الذات لنحقق وصية بولس الرسول " فإن كنتم قد
قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق.. إهتموا بما فوق لا بما على الأرض.. اميتوا
أعضاءكم التى على الأرض (كو1:3-5"). وتأملنا فى كلمة الله المكتوبة فى الكتاب
المقدس تكشف لنا عن كلمة الله أى المسيح، وكلما عاشرناه نحيا فى السماويات كمن
يرتفع فوق جبل.

7)    
التجلي
محسوب للإنسان، فنحن سنحصل على جسد ممجد (فى 21:3 + 1يو 2:3).

 

(لو 37:9 43):-

وفي
اليوم التالي إذ نزلوا من الجبل استقبله جمع كثير. وإذا رجل من الجمع صرخ قائلا يا
معلم اطلب إليك انظر إلى ابني فانه وحيد لي. وها روح يأخذه فيصرخ بغتة فيصرعه
مزبدا وبالجهد يفارقه مرضضا اياه. وطلبت من تلاميذك أن يخرجوه فلم يقدروا. فأجاب
يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن والملتوي إلى متى أكون معكم واحتملكم قدم ابنك
إلى هنا. وبينما هو آت مزقه الشيطان وصرعه فانتهر يسوع الروح النجس وشفى الصبي
وسلمه إلى أبيه. فبهت الجميع من عظمة الله وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل
يسوع قال لتلاميذه.

1) 
هنا يشفى السيد ولداً يصرعه الشيطان، أن يخرج
منه هذا الشيطان وتأتى هذه المعجزة مباشرة وراء حادثة التجلى. فليس معنى أن يعطينا
الله ونحن مازلنا على الأرض بعض التعزيات السماوية أن نكف عن الجهاد ضد الشيطان.
ونلاحظ دعوة السيد لتلاميذه لأن يصوموا ويصلوا ليهزموا إبليس. إذاً الحياة الروحية
هى جهاد ضد مملكة إبليس بصوم وصلاة وخدمة النفوس التى يعذبها الشيطان بل يستعبدها،
وجَذْبَها للمسيح، وهى أيضاً تعزيات سماوية مفرحة. ولننظر لخادم مثالى هو بولس
الرسول، وقارن تعزياته (2كو3:1-7) (كم مرة يذكر كلمة تعزية) مع جهاده فى خدمته
(2كو 23:11-33). ولكن هناك من يخطىء ويظن أن الحياة الروحية هى خلوة مع الله فقط،
وأيضاً هناك من يخطىء ويظن أنه قادر على الخدمة المتواصلة بدون خلوة مع الله.

2) 
يُصرع ويتألم شديداً = أصل الآية يُصرع فى رؤوس
الأهلة وبعض الترجمات ترجمتها يُصرع بالقمر (رؤوس الشهور القمرية) وهذا خداع
شيطانى ليوحى للناس علاقة صرع الولد بالكواكب. عموماً فلنلاحظ أن كل من يُستعبد
لإبليس يفقد سلامه ويعيش فى ألام حقيقية.

3) 
يقع كثيراً فى النار وكثيراً فى الماء= وهذا ما
يفعله إبليس مع كل واحد منها فهو يحاول أن يدفعنا لنيران الشهوات أو نيران الغضب
أو يدفعنا لبرودة الفتور. إن يخضع للخطية يفقد سلامه ويتشتت فكره ويتألم جسده،
ويندفع فى خصام بل قتال عنيف مع من حوله، أماّ عن حياته الروحية فهى فتور كامل.

4) 
تلاميذك لم يقدروا أن يشفوه = المسيح منع عنهم
الموهبة حتى يفهموا أهمية الصلاة (الصراخ لله باستمرار) وأهمية الصوم (الزهد فى
ملذات الدنيا ) ويكون لديهم شعور مستمر بالإحتياج. فيبدو أنهم بعد التجلى وما رأوه
شعروا بنشوة وإكتفاء جعلهم ينسون الصلاة والصوم.

5) 
أيها الجيل غير المؤمن= 1) ضعف إيمان التلاميذ
2) ضعف إيمان الوالد وهو صرح بهذا أعن عدم إيماني (مر 24:9) 3) ضعف بل عدم إيمان
الجمع، جلسوا يحاورونهم فى إستخفاف وقساوة قلب وعدم إيمان. هنا نلمس فى كلمات الرب
رنة عدم الرضا ونفاد الصبر فالمسيح أراد أن يرى تلاميذه ولهم صلوات قوية وأصوام
يصرع أمامها الشيطان.ولنعلم أن الإيمان ينمو حتى ولو كان مثل حبة خردل، لذلك
فالتلاميذ طلبوا مرة من السيد قائلين زد إيماننا (لو 5:17) وبولس يمدح أهل
تسالونيكى أن إيمانهم ينمو (2تس 3:1). والله يعمل مع كل واحد من أولاده ليزيد
إيمانه، تارة بعطايا حلوة وتارة بتجارب نرى منها يد الله. ولكن من يأخذ عطايا حلوة
فليشكر ويسبح، ومن تأتى عليه تجارب فليسلم الأمر لله ويصلى فيرى يد الله. أماّ من
يأخذ عطايا فينشغل بها عن الله أو من تأتى لهُ تجارب فيتذمر ويترك صلواته، فمثل
هذا لن ير يد الله ولن ينمو إيمانه. ونرى هذا الأب أتى للمسيح وإعترف بأن إيمانه
ضعيف أو معدوم، لكن المسيح لم يرفضه إذ أتى إليه، بل شفى له إبنه وبهذا زاد
إيمانه. فلنصرخ لله بدون تذمر شاكرين على كل حال فينمو إيماننا وما يساعد على نمو
الإيمان. أيضاً الصلاة الكثيرة والأصوام المصاحبة لها.

6) 
تقولون لهذا الجبل إنتقل=الجبل هو أى خطية
محبوبة او شهوة نستعبد لها أو عقبة مستحيلة أو أى صعوبة بحسب الظاهر تواجه
المسيحى، كل هذا يمكن أن يتزحزح بالصلاة والصوم مع الإيمان. ولقد تم نقل جبل
المقطم فعلاً بحسب هذه الآية

7) 
جاء المسيح للتلاميذ فى الوقت المناسب، فهم فشلوا
فى إخراج الروح والكتبة والجمع يحاورونهم فى إستهزاء. ودائماً يأتى المسيح لكنيسته
فى الوقت المناسب ليرفع عنها الحرج ويبكم المقاومين "الله فى وسطها فلا
تتزعزع (مز 5:46). وهذا هو وعده (مت 19:10،20) فهو المسئول عن الكنيسة والمدافع
عنها، فهى عروسه.

8) 
مفهوم السيد المسيح هنا عن الصلاة والصوم
ولزومهم لطرد الأرواح الشريرة إلتقطته كنيستنا ووضعت أصواماً كثيرة مع صلوات
وتسبيحات عديدة، حتى تعطى شعبها قوة فى حربه ضد إبليس. والله يعطى مواهب ( كما
أعطى التلاميذ سلطان إخراج الشياطين ) لكن لنحافظ على هذه الموهبة لابد من الصلاة
والصوم.

9) 
(مر 15:9):- تحيروا= رما لأنه كان نازلاً من
الجبل مبكراً، أو لأنهم فوجئوا به، وهم أرادوا أن يستمر حديثهم السافر مع تلاميذه،
وهم يعلمون انهم لا يستطيعون شيئاً أمامه هو شخصياً، فإن حضر لن يستطيعوا السخرية
من عجز التلاميذ. أو هل كان وجهه مازال يشع نوراً من أثار التجلى !! عموماً فالسيد
لاحظ تكتل الكتبة ضد تلاميذه فسألهم بماذا تحاورنهم (مر 16:9) فلم يجيبوا. ثم صرخ
هذا الأب طالباً الشفاء.

10)
(مر 20:9) للوقت صرعهُ الروح= إن طرد روح الشر
من حياتنا يصحبه صراع شديد، ولكن بعد أن تتقابل النفس مع المسيح وتدخل فى عشرة معه
يمسك بيدها ويقيمها فتقوم مستندة على ذراعه.

11)
أومن يا سيد فأعن عدم إيماني= أعلن الوالد
إيمانه = أومن.. ولكن خشى أن لا يكون كافياً فصرخ متذللا= أعن عدم إيمانى
فهو إعتبر إيمانه كالعدم، وطلب من الرب أن يعينه فى حالته. فمهما
كان إيماننا فهو مازال ناقصاً، وإذا قيس بما يجب أن تكون عليه ثقتنا فى المسيح فهو
عدم. ولكى يقوى إيماننا يجب أن نصرخ أؤمن يا سيد فاعن عدم إيمانى. والله دائماً
يستجيب لهذه الصرخة وإستجابته تزيد إيماننا. ولاحظ أن السيد لم يرفضه إذ اعترف
بعدم إيمانه بل شفى له ابنه وبالتالى شفى له إيمانه.

12)
قول المسيح إلى متى أكون معكم= فيه إشارة
لصعوده، فإن كان تلاميذه ضعفاء وهو فى وسطهم يسندهم، يرونه ويسألونه ويكلمونه،
فماذا سيحدث لهم بعد الصعود إذ لا يجدوه.. هذا يحتاج لإيمان، لأننا بالإيمان نسلك
لا بالعيان.

13)
كم من الزمن منذ أصابه هذا(مر21:9) = هذا السؤال
يوجه لكل من طال زمانه فى الخطية (زمان بقائه مستعبداً لها ) وطال زمان بقائة فى
أسر إبليس. وسؤال المسيح معناه لماذا لم تأتى إلىّ لأشفيك منذ زمان. ويشير السؤال
لتأثر المسيح لاستعباد الشيطان للبشر كل هذا الزمان.

14)
(مر 26:9) فصار كميت = من يخرج منه روح شرير يصير
كميت عن العالم (مر27:9) فأمسكه يسوع وأقامه= هو ميت عن العالم حى مع المسيح وهذين
= مع المسيح صلبت فأحيا (غل 20:2).

15)
السيد أعطى تلاميذه الموهبة على الشفاء وإخراج
الشياطين ولكن يلزم إضرام أى موهبة بالصلاة والصوم (2تى 6:1).

16)
نفهم من (لو 37:9) أن هذه القصة كانت فى اليوم
التالى للتجلى.

17)
إلى متى أكون معكم وأحتملكم= واضح تكرار
الأناجيل الثلاثة لهذه الجملة. إن أكثر ما يحزن الرب يسوع هو أن يرى أولاده
مهزومين أمام الشياطين. لقد أعطانا سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب (لو 19:10)
فلماذا لا نستخدمه، لماذا نستسلم ونقول " الشيطان شاطر " هذه الجملة
تحزن رب المجد جداً.

 

(لو 43:9-45):-

فبهت الجميع
من عظمة الله وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع قال لتلاميذه. ضعوا انتم
هذا الكلام في آذانكم أن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس. وأما هم فلم يفهموا
هذا القول وكان مخفى عنهم لكي لا يفهموه وخافوا أن يسألوه عن هذا القول.

السيد يخبر
تلاميذه بالصليب وهذا ياتى بعد 1) التجلى 2) إخراج الروح الشرير. وهذا يعنى 1) مع
أهمية التجلى وأفراحه وتعزياته لكن حتى ننعم بهذا أبدياً لابد من الصليب.

2) حتى
يُهزم عدو الخير نهائياً فلابد من الصليب (كو 14:2،15).

3) ولاحظ أن أحداث الصليب كانت تقترب لذلك كان
السيد المسيح ينبه تلاميذه حتى لا يفاجئهم ما سوف يحدث. ولكن كون السيد يخبرهم بما
حدث إذاً هو يذهب للصليب بسلطانه إذ هو آتى لذلك.

4)
السيد لا يريد أن تلاميذه يذهب فكرهم إلى الأمجاد الزمنية خصوصاً بعد التجلى وبعد
معجزة إخراج الروح النجس، فيعود ويحدثهم عن أهمية الصليب فالعالم هنا طالما كنا فى
الجسد هو عالم ألم وصليب أماّ المجد فهناك.لم يفهموا = فهم فى ذهنهم
الأمجاد العالمية، فما علاقة هذا بالصليب. ولم يفهموا أن الصليب هو طريق المجد.

5)
لاحظ البعض أن السيد فى بعض الأحيان كان يطلب إخفاء أخبار مجده كما حدث فى موضوع
التجلى، وهنا فى ( لو 44:9) يطلب من تلاميذه كتمان موضوع ألامه. فضعوا أنتم هذا
الكلام فى أذانكم
= فكلا الأمرين غير منفصل فالمسيح تمجد بقيامته وبتجليه
وبصعوده.

(مت
24:17-27) إيفاء الدرهمين

الدرهمين=هى ضريبة
تدفع لقيصر، وهذه هى الجزية التى تدفعها الشعوب المستعمرة لقيصر. وكان رئيس الكهنة
والكهنة معافين من دفع هذه الجزية. وكان قد فات، أو قد حان ميعاد دفع الجزية
فتساءل الناس هل يدفع المعلم الجزية أم لا. وكان السؤال حرجاً للمسيح، فقد عُرِفَ
أن المعلم هو المسيا المنتظر، وكان بعض الناس يرددون هذا الكلام ولكن رسمياً فهو
ليس بكاهن، والنظام السائد يلزمه بالدفع، فهل يدفع وهو المسيا أم لا ؟ وبطرس لهذا
تحرج أن يسأله، ولكن العارف بما فى القلوب بادره بالسؤال، وسؤال المسيح يشير لأن
النظام جائر فقيصر لاحق له أن يطالب أصحاب الأرض بدفع جزية. ولكن المسيح أظهر طاعة
للنظام مهما كان جائراً.

وهذه
المعجزة لها معنى فللرب الأرض وملكها، والرب اراد أن يقول لبطرس إدفع الجزية مهما
كانت جائرة والله الذى له كل الأرض يعوضك من غناه. ولاحظ أن الرب لم يقل لبطرس
إذهب إصطاد سمكاً وبعه وأوفى الدرهمين. ولكن طلب منه أن يصطاد سمكة واحدة، وهنا
نرى مثالاً جديداً للجهاد والنعمة. فيا بطرس لأنك صياد إذهب وصِدْ (الصيد = جهاد)
ولأنك خادم الله فستجد أعوازك مسددة بطريقة معجزية (نقود فى بطن السمكة = نعمة).
وحين يرعانا الله فلا يعوزنا شىء.

ولاحظ
أن حرج موقف المسيح أيضاً فى ان الوطنيين كانوا يعارضون دفع الجزية للأجانب أى
الرومان. ولكن المسيح فضل أن يخضع للنظام الموجود ولا يعثر أحد. ولكن لاحظ فقر
المسيح وتلاميذه، إذ لا يمكلون مقدار هذه الجزية. فالدرهمين =
½ شاقل يهودى = تقريباً 6 قروش، ولكن الرب إفتقر ليغنينا (2كو 9:8)
والأستار= شاقل يهودى. والسيد أعطى لبطرس من بطن السمكة ما يكفى تماماً لدفع
الجزية عنه وعن بطرس، فقد كان النظام الرومانى يقضى بأن يدفع كل يهودى
½ شاقل = ½ أستار والأستار هو عملة.

 

(لو 46:9-48):-

وداخلهم فكر من عسى أن
يكون اعظم فيهم. فعلم يسوع فكر قلبهم واخذ ولدا وأقامه عنده. وقال لهم من قبل هذا
الولد باسمي يقبلني ومن قبلني يقبل الذي أرسلني لان الأصغر فيكم جميعا هو يكون
عظيما.

فكر التلميذ المتأثر بالفكر اليهودى، أن المسيا
حين يأتى، سيأتى لكى يملك على الأرض، جعلهم يشتهون أن يجلسوا واحداً عن يمينه وواحداً
عن يساره (مت 21:20،22)..هذا الفكر إستمر حتى ليلة العشاء السرى (لو 24:22-27)
ولكن المسيح كان يتكلم عن ملكوت السموات أمامهم دائماً، فإختلط عليهم الأمر، وظنوا
أن ملكوت السموات هذا يمكن أن يكون على الأرض، وبنفس الفكر بدأوا يحلمون بمراكز
أرضية حين يملك المسيح فى ملكوت السموات هذا، ودخلهم تساؤل عمن يكون الأعظم فى هذا
الملكوت. وبمقارنة ما حدث فى إنجيلى متى ومرقس نجدهم وقد شغل هذا الموضوع ذهنهم
تماماً يتحاورون فى الطريق عمن هو الأعظم فيهم، بالتالى سيكون هو مثلاً الوزير
الأول فى ملك المسيح. ولما أتوا إلى البيت فى كفر ناحوم سألهم الذى لا يُخفى عليه
شئ عمّا كانوا يتكلمون فيه، فسكتوا (مر 34:9) ثم تساءلوا علناً ولم يستطيعوا أن
يستمروا ساكتين (مت 1:18)، فإذا دب فكر العظمة والكبرياء فى القلب فهو لا يهدأ.
وحتى يكسر السيد كبريائهم أتى بولد ودعاهم أن يتشبهوا بالأولاد ومن يفعل فهو
الأعظم.. قطعاً ليس فى السن بل :-

1.   
فى حياتهم المتواضعة الوديعة كالأطفال (1كو
20:14)

2.   
فى الثقة فى كلام أبيهم السماوى والإتكال عليه
وطاعته.

3.   
البساطة وتقبل الحقائق الإيمانية والروحية،
فالطفل يصدق ما يقال له.

4.   
الأطفال لا يشعرون أنهم أفضل من الأخرين فالغنى
يلعب مع الفقير.

5.   
لاحظ أن الأطفال لا يشعرون بأنهم متواضعين، فمن
يشعر أنه متواضع، أو أنه يتواضع حين يكلم إنساناً فقيراً فهو ليس متواضع.

6.   
التسامح المطلق فالطفل لا يحتفظ فى قلبه بأى
ضغينة.

7.   
إذا أحزن إنسان طفلاً فهو لا ينتقم لنفسه
بذراعيه بل يلجأ لوالديه.

8.   
الطفل بلا شهوات، بلا طلب للمجد الباطل، بلا حسد
للآخرين.

9.     
إذا تشاجر الأطفال فهم سريعاً ما يتصالحون
ويعودون للعب معاً.

10.  
ملكوت الله الذى يؤسسه المسيح لا وجود فيه لمن
يبحث أن يكون الأقوى والأعظم بل من يدخله هو من يحس بضعفه وأنه لا شئ ولكن قوته
وعظمته هى فى حماية الله له (2كو 9:12،10). وهذه طبيعة الأطفال.

11.     
بلغة التعليم المعاصر، فهذا الولد فى حضن المسيح
هو وسيلة إيضاح.

12.     
الطفل يطلب ما يريده واثقاً فى أخذه من أبيه،
وهو لا يفكر فى أن أبوه يعطيه لأنه يستحق، بل هو يطلب بدالة المحبة.

ولاحظ قول السيد المسيح من قبل ولداً واحداً
مثل هذا بإسمى فقد قبلنى
فالمسيح هنا وحَّد نفسه بالأطفال والبسطاء والضعفاء..
بإسمى = أى من أجل المسيح، فمن يقبل طفلاً يكون كمن قبل المسيح نفسه.
والحقيقة فإن المسيح حين يقول إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فهو يقصد
نفسه، أى إن لم ترجعوا وتستعيدوا صورتى التى حصلتم عليها فى المعمودية فلن
تدخلوا ملكوت السموات.
فنحن نولد بالمعمودية على صورة المسيح. نحن خلقنا أولاً
على صورة الله (تك 26:1،27) وفقد الإنسان الصورة الإلهية باختياره لطريق العصيان
والخطية. وأتى المسيح وفدانا وأعطانا سر المعمودية وفيها ندفن ونموت ونقوم مع
المسيح وبصورة المسيح. ولكننا مع إحتكاكنا بالعالم نفقد هذه الصورة الإلهية ثانية،
وكلام السيد المسيح هنا، أن هناك إمكانية لإستعادة هذه الصورة = إن لم ترجعوا =
إذاً هناك إمكانية للرجوع ولكن كيف؟ هذا هو عمل النعمة، التى تعيدنا للصورة
الإلهية، والنعمة تحتاج لجهاد، لذلك نسمع بولس الرسول يقول " يا أولادى الذين
أتمخض بهم (ألام الجهاد والخدمة) إلى أن يتصور المسيح فيكم(عمل النعمة) وعمل
النعمة يعطينا أن نصير خليقة جديدة على صورة المسيح (غل19:4 + 2كو 17:5) لذلك نحن
نخلص بالنعمة

(أف
8:2) التى بها نعود للصورة الإلهية. والأولاد هم المولودين من الماء والروح وقد
خرجوا بدون خطية، والمسيح هو الذى قال عن نفسه "من منكم يبكتنى على
خطية"، لذلك كان هذا الولد فى حضن المسيح إشارة للمسيح نفسه. ونحن إن لم نحصل
على صورة المسيح لن ندخل ملكوت السموات. هذه تشابه أن لكل بلد فى العالم عملة يتم
التعامل بها داخل حدود هذا البلد، لكن إن حاولت التعامل بعملة عليها صورة ملك آخر
لن يُسمح لك بأن تتعامل بها. فنحن نصبح عُملة قابلة للتداول فى السماء لو إنطبعت
علينا صورة الملك السماوى. فإن كان المسيح قد تواضع وترك مجده السمائى لأجلنا،
أفلا نتخلى نحن عن أفكار العظمة الأرضية مثل ما فعل هو ونتصاغر أمام الناس وأمام
أنفسنا، إذا كان المسيح قد صار عبداً أفلا نقبل أن نتصاغر مثله أمام إخوتنا.
خصوصاً أن النعمة تسندنا، وبالمسيح نستطيع كل شئ (يو 5:15 + فى 13:4) فهل نقبل؟
والسيد يشرح كيف تساندنا النعمة…. هذا يكون بالجهاد.. وكيف نجاهد ؟

إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون أخر الكل
وخادماً للكل
(مر 35:9) من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً (مر
43:10)

من أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً
(مر 44:10) والسيد ضرب بنفسه المثال فقال عن نفسه أنه أتى ليَخدم لا ليُخدم
(مر45:10).

وهو غسل أرجل تلاميذه وطلب أن نفعل ذلك (يو
12:13-17).

 ومن يفعل تسانده النعمة ليرجع ويكون كالأولاد
أى يستعيد صورة المسيح ولاحظ قول السيد من وضع نفسه مثل هذا الولد = كلمة
وضع نفسه تعنى أنه لا يدعى الإتضاع طلباً لمديح الناس، فما أخطر أن تدعى النفس
الإتضاع. بل هو عليه أن يفهم الحقيقة "اننا لا شئ.. تراب.. بخار يظهر قليلاً
ثم يضمحل. ولكن نحن بالمسيح، وليس من أنفسنا، قد أصبحنا أولاداً لله. فقيمتنا ترجع
لا لأنفسنا بل للمسيح الذى فينا. ولاحظ أن عمل المسيح فى أن يأتى بطفل ويعمل ما
عمله، بأن يحتضنه ويوحد نفسه به، ويقول ما قاله. هذا كان عجيباً فى أيامه، فقد
إحتقر الرومان الطفولة، ولم يكن للطفل أى حق من الحقوق، ويستطيع الوالدان أن يفعلا
بطفلهما ما يشاءا بلا رقيب، وتعرضت الطفولة فى اليونان لمتاعب كثيرة، فكانوا
يتركون الأطفال فى العراء أياماً حتى يموت الضعيف ويبقى القوى. واليهود فى أى حصر
أو تعداد ما كانوا يحصون النساء ولا الأطفال. ولكننا هنا نجد السيد يشير للطفل
بأنه مثال يجب أن نتشبه به. الرومان واليونان كانوا يفتخرون بالقوة والعظمة لذلك
إحتقروا الأطفال لضعفهم، أماّ المسيح فيطالبنا بالتشبه بهم فى ضعفهم وأن نعتبر أن
قوتنا هو الله نفسه.. هذا هو ملكوت الله.

·       
نستطيع أن نقول أن هذا الإصحاح وما يقابله فى
إنجيل القديس مرقس. يشتمل على قوانين الملكوت. أى كيف ندخل الملكوت.

القانون الأول:- نعود ونكون مثل
الأطفال.

 

(لو 9 : 49-50):

فأجاب
يوحنا وقال يا معلم رأينا واحدا يخرج الشياطين باسمك فمنعناه لأنه ليس يتبع معنا.
فقال له يسوع لا تمنعوه لان من ليس علينا فهو معنا

يا معلم رأينا واحداً يخرج شياطين بإسمك = طالما
يستخدم إسم المسيح فهو مؤمن وهو ليس يتبعنا= أى ليس من الإثنى عشر أو
السبعين. ولنلاحظ أنه ما كان ممكناً لهذا الإنسان أن يخرج شياطين إن لم يكن مؤمناً
بالمسيح. لكن يوحنا تعجب أنه ليس من تلاميذ المسيح إذ ظن يوحنا أن المعجزات هى
للتلاميذ فقط. لكن هذا الإنسان كان يعمل لحساب المسيح بإيمان صادق وإن لم تكن له
فرصة للتبعية الظاهرة ونفهم من درس المسيح أن الكنيسة كنيسة واحدة ولا معنى فيها
للتعصب لشخص ما أو جماعة ما، وهذا قطعاً لا يعنى قبول تعاليم مخالفة لتعاليم
وعقيدة الكنيسة. ولكن على الكنيسة أن تفهم أنها متسعة القلب للجميع، لها وحدة
ومحبة تجمع الكل خلال إيمان مستقيم. أماّ من يعمل قوات وأيات من خارج إطار الإيمان
المستقيم فهؤلاء ينطبق عليهم قول السيد إذهبوا عنى يا فاعلى الإثم (مت 22:7،23). من
ليس علينا=
الذى ليس مخالفاً لنا ولكنيستنا فى الإيمان = فهو معنا فى
وحدة ومحبة

وهذه الأيات أوردها القديس مرقس مباشرة بعد
مشاجرة التلاميذ فمن هو الأعظم فيهم. ومن هذا نفهم أن العثرة تأتى فى الكنيسة من
مفهوم من هو الأعظم. فيوحنا إعتبر أن هذا الشخص طالماليس من مجموعتهم فهو أقل منهم
وليس من حقه أن يحصل على نفس مواهبهم فى إخراج الشياطين. والسيد يعلمهم مفهوم آخر،
يُفهم أن من ليس ضدنا ( ضدنا = يعلم تعاليم مخالفة للإيمان) وهو يحب المسيح
ويستخدم إسمه فهو معنا، فالكل جسد واحد والكل فى مملكة المسيح لهم سلطان على
إبليس. ومن هذا نفهم أن

 

القانون الثالث:- الكنيسة أو ملكوت الله
هو ملكوت الوحدة والمحبة. كنيسة واحدة وحيدة مقدسة رسولية.

من سقاكم كأس ماء بإسمى.. لا يضيع أجره

كما يعاقب الله معثرى الكنيسة نجده هنا يكافئ من
يقدم لها الخدمات، ولكن على أن يكون بإسم المسيح. فمن يقدم لخدام المسيح لأجل إسم
المسيح فهذا ينال مكافأته من الله وبهذا نفهم أن

 

القانون الرابع:- الملك الذى يعاقب أعداء
كنيسته هو يجازى من يخدمها.

 

الآيات (51-56): "وحين تمت الأيام لإرتفاعه ثبت وجهه
لينطلق إلى أورشليم. وأرسل أمام وجهه رسلاً فذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى
يعدوا له. فلم يقبلوه لأن وجهه كان متجها نحو أورشليم. فلما رأى ذلك تلميذاه يعقوب
ويوحنا قالا يا رب أتريد أن نقول أن تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا
أيضاً. فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم
يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص فمضوا إلى قرية أخرى."

حين تمت الأيام لإرتفاعه= إنتهى زمن التعليم وصنع المعجزات وأتى وقت الصليب. وكلمة تمت تشير أن كل
شئ يسير وفق خطة إلهية أزلية، فلا مجال للصدفة في الأحداث.
إرتفاعه= تشير لإرتفاعه على الصليب، وتشير أيضاً لصعوده إلى السماء. فهذا التعبير
إرتفاع إستخدم مع إيليا عند إرتفاعه إلى السماء.

ثبت
وجهه=
تعبير
عبري يعني العزيمة القوية أمام صعوبات قائمة (حز2:6+ أر10:21+ خر14:33). فالمسيح
قصد أن يتوجه إلى أورشليم وهو عالم بأن أعدائه يتآمرون عليه وأنه هناك سيحاكم
ويصلب ويموت، ولكنه قد جاء لهذه الساعة ليخلص البشر. والسيد إذ كان متوجهاً
لأورشليم كان لابد له أن يمر بالسامرة فإنتهزها فرصة ليكرز ويبشر أهلها، فأرسل
تلاميذه يعدون له، لكن أهل السامرة لعدائهم لليهود رفضوه إذ كان متجهاً لأورشليم
أي لأنه يهودي ومعروف العداوة بين السامريين واليهود. (السامريون هم خليط من
اليهود الذين تبقوا في أرض العشر أسباط أي مملكة إسرائيل الشمالية بعد أن أخذ ملك
أشور معظم اليهود إلى أشور.. مع النازحين من بلاد بابل وأشور في ذلك الوقت.. لذلك
كانت عبادة السامريين هي خليط من اليهودية والوثنية. كانوا لا يعترفون سوى بأسفار
موسى الخمسة، ولا يعترفون بأورشليم كمدينة مقدسة ولا بالهيكل فيها، إنما يعتبرون
أن جبل جرزيم الذي في أرضهم هو الجبل المقدس.. لذلك إحتقر اليهود السامريين، وكره
السامريون اليهود) وكان من العسير أن يمر يهودي في أرض السامرة خصوصاً لو كان
متجهاً لأورشليم، والسبب أن السامريون كانوا يعتدون عليه ويضربونه.

وأمام
هذا الرفض يطلب يعقوب ويوحنا ناراً تنزل وتحرق وتفني، لذلك أسماهم المسيح بوانرجس
أي إبني الرعد (مر17:3). وربما لغيرتهما الشديدة وحماسهما. ولكن هذه الغيرة التي
تطلب الإنتقام إذ تقدست في المسيح صارت غيرة مقدسة لمجد الله، ولخدمة إسمه.

لستما
تعلمان من أي روح أنتما=
أي أنتم قد تغافلتم عن ماهية الروح الذي فيكم،
والذي أريده لكم، والذي يقود للسلام والوداعة والمحبة وعدم مقاومة الشر بالشر،
والرغبة في خلاص الأشرار وليس روح النقمة والإفناء. أما روح الإنتقام والإفناء فهي
من عدو الخير وليس من روح الله القدوس الذي يسكب المحبة في قلوبنا.

 

(لو
57:9-62):-

وفيما
هم سائرون في الطريق قال له واحد يا سيد اتبعك أينما تمضي. فقال له يسوع للثعالب
اوجرة ولطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه. وقال لأخر
اتبعني فقال يا سيد ائذن لي أن امضي أولا وادفن أبى. فقال له يسوع دع الموتى
يدفنون موتاهم وأما أنت فاذهب وناد بملكوت الله. وقال أخر أيضا اتبعك يا سيد ولكن
ائذن لي أولا أن أودع الذين في بيتي. فقال له يسوع ليس أحد يضع يده على المحراث
وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله.

يقدم القديس
لوقا هنا ثلاث عينات لثلاث أشخاص أرادوا أن يتتلمذوا للسيد المسيح. وذكر القديس
متى مثلين منهم فقط.

الأول:-
هذا
الإنسان رأى المسيح واحبه، نمت مشاعره تجاه السيد، لكنه لم يفهم أن تبعيته المسيح
فيها حمل للصليب، لقد فرح بالمعجزات وبسلطان المسيح وربما تصوَّر أن تبعية المسيح
فيها مجد أرضى، لذلك أفهمه المسيح أنه حتى المسيح وهو السيد ليس له مكان يسند رأسه
فيه. ونلاحظ انه فى الحالات الثلاث كان السيد يجيب ليس بحسب قول الشخص ولكن بحسب
ما فى فكره الداخلى. كثيرون يشتهون الخدمة لإمتيازاتها ولا يعرفون صليبها فيسرعون
بدخول الخدمة، وما ان تصادفهم مشاكل الخدمة يسرعون بالهرب لذلك نجد السيد هنا
يُظهر هذا لذلك الشخص، أن هناك تكلفة للتلمذة أوجرة = كهوف. أوكار=
مآوى.

وهناك تفسير موازٍ، أن المسيح لا يجد فى قلب هذا
الشخص مكاناً يسند راسه فيه وذلك لرفضه الصليب، بينما وجدت الطيور رمز الكبرياء
لإرتفاعها والثعالب رمز الخبث أمكنة داخل قلب هذا الشخص. إذاً نفهم من كلمات
المسيح هنا أن هذا الشخص كان يطلب تبعية المسيح فى خبث ليحصل على إمتيازات كشفاء
المرضى، أو المناصب العالمية، وقطعاً فهو رافض الصليب. هو ظن المسيح سيملك ملكاً
عالمياً وسيملك هو معهُ (مثل سيمون الساحر) وكون السيد ليس له أين يسند رأسه فذلك
لأنه سماوى، لا مكان لهُ ولا راحة لهُ على الأرض، ومن يتبعه فعليه أن يقبل هذا
الوضع.ويتجرد من محبة المال والمجد الأرضى.

الثانى:-
هذا
الشخص كان يفكر فى أن يتبع المسيح لكنه مرتبك ببعض الأمور فلربما كان له والد شيخ
وكان ينتظر موته ليدفنه ثم يتبع المسيح. فهو حسن النية مشتاق للتلمذة، لكن عاقته
الواجبات العائلية. مثل هذا يشجعه المسيح ليتخذ قراره، لذلك نسمع السيد يقول له إتبعنى
وهنا يصرح بمشكلته ويقول له السيد دع الموتى يدفنون موتاهم= أى دع
الموتى روحياً (الذين يرفضون أن يتبعوننى) يدفنون الموتى جسدياً (أى يدفنوا أباك
حين يموت بالجسد طبيعياً). والمسيح هنا لا يدعو للقسوة مع الوالدين، بل معنى قوله
أن هناك كثيرين سيقومون بهذا الواجب ولكن إتبعنى أنت. ومن شفى حماة بطرس قادر أن
يدبر كما قلنا كل إحتياجات تلاميذه بما فيها دفن موتاهم. ولربما لو بقى لدفن والده
تنطفأ الأشواق المباركة للتلمذة التى كانت داخله ويعوقه العالم. كثيراً ما منعت
العواطف البشرية كثيرين من تبعية المسيح. دعوة المسيح لهذا الشخص تعنى أنا أريدك
لأعمال اعظم من دفن الموتى. من يريد أن يصير تلميذاً للرب عليه أن يترك أهل العالم
يعيشون حياتهم العادية، أما هو فيكرس نفسه لخدمة الملكوت. فتلميذ المسيح كرس حياته
لخدمة الأحياء، ليس لخدمة الموتى، هو بخدمته يقود الناس للحياة وهذا أهم.قطعاً السيد
لن يمنعه من دفن والده إذا مات، لكن المقصود عدم التعطل عن الخدمة بسبب التعلقات
العاطفية الزائدة، والإنشغال بميراث الميت وتقسيمه.. الخ. ومراسيم العزاء اليهودية
تمتد لشهور.

الثالث:-
هذا
له نظرة مترددة، قلبه موزع بين المسيح والعالم. وكل من يهتم بهموم العالم أو يخشى
الإضطهادات أو خسارة المال، مثل هذا لا يستطيع خدمة الإنجيل أو أن يتبع يسوع،
فيسوع لا يقبل من قلبه موزع بينه وبين العالم. هذا الشخص الثالث يشبه إمرأة لوط.
هذا الثالث يطلب التلمذة ولكنه بقلبه مع عواطفه البشرية تجاه أهل بيته، مثل هذا
يبدأ الطريق مع المسيح لكنه لا يكمل. من يضع يده على المحراث، لابد وأن ينظر
للأمام ليسير فى خط مستقيم غير ملتو، ومن ينظر للخلف يلتوى منه خط السير. وهكذا من
يرتد ليهتم بالمشاعر الإنسانية ويترك خدمة المسيح بسببها، أو تفشل خدمته. لاحظ أن
المسيح لا يمنع من أن يذهب هذا الشاب لوداع أهله لكن إذ يذهب هو سيبقى معهم فترة
ربما تمنعه من تبعية يسوع بعد ذلك.

v     
ونلاحظ فى إنجيل لوقا أن لوقا وضع هذه الشروط
للتلمذة مباشرة قبل إرساليته السبعين رسولاً لتكون لهم دستور حياة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فراهاط ط

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي