الإصحَاحُ الأَوَّلُ

 

آية1: بولس رسول يسوع
المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين في افسس والمؤمنين في المسيح يسوع.

بمشيئة الله: فى رسائل
أخرى مثل كورنثوس تعنى أن الله إختاره لكى يكون رسولاً فعليهم طاعته، وفى هذا رد
على من يشكك فى رسوليته (وهذا كان منتشراً فى كورنثوس) أماّ هنا مع كنيسة مثل أفسس
بلا مشاكل ولاهرطقات فهى تحمل معنى التواضع، أى الله أراد أن يعطينى هذا أن أحقق
غايته الإلهية فى تكوين كنيسة من اليهود والأمم، أنا غير المستحق. وقارن مع
(أف8:3+1كو9:15).

إلى القديسين: أى الذين
أُفرزوا وصاروا مقدسين فى نظر الناس لأنهم خاصين بالله. وبولس يطلق لقب قديسين على
كل من تعمدوا وحل عليهم الروح القدس. وهى صفة فيها إمتياز ومسئولية. وهو يدعو
الأمم بهذه الصفة فقد صار الكل قديسين بالمعمودية والميرون، التى بهما نالوا
إمكانيات الحياة المقدسة. وتعنى قديسين أنه صار عليهم ختم ملكية الله آية13.  هم
صاروا ملكاً لله.

المؤمنين: ما يميز شعب
أفسس شدة إيمانهم (15:1).

فى المسيح: أى ثابتين
فى المسيح ثبات الغصن فى الكرمة، متحدين به، يستمدون منه حياتهم ويعيشون به
وثباتهم هذا بدأ فى المعمودية ويستمر بحياة التوبة والتناول.

 

آية 2: نعمة لكم وسلام
من الله أبينا والرب يسوع المسيح.

الرسول يساوى ويوحد بين
الآب والإبن، فمنهما يصدر النعمة والسلام. والنعمة هى كل ما يعمله الله فينا.
والسلام هو الحالة الروحية الناجمة عن ذلك.

 

آية3: مبارك الله أبو
ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح.

مبارك: تعنى الشكر لله
وأنه مستحق أن نمجده ونعظمه. وهذه الكلمة فى العهد الجديد صارت مخصصة لله لتمجيده
فقط، ولايوصف بها إنسان. بكل الحب يبارك بولس الآب على عطاياه ومقاصده التى كانت
منذ الأزل، ويصلى شاكراً الله فهو أبو ربنا يسوع المسيح، وكأنه يشكر الآب على
محبته، إذ أرسل لنا إبنه، وأرسل لنا الروح القدس (البركات الروحية مصدرها الروح
القدس). وقوله مبارك الله تعنى مديحه كإله البركات ومعطيها. الذى باركنا بكل بركة:
فمنه وحده البركة وإليه تعود بالمدح والشكر. فبولس يباركه أى يمجده لأنه أعطانا كل
بركة. والإنسان يتبارك حينما يعطى البركة لله. ونحن حين نبارك الله لا نزيده بل
نعترف بما هو له. وقوله بكل بركة: أى لا توجد بركات قد حجزها الله عنا، ما نعرفه
وما لانعرفه. بركة روحية: أى منسكبة من الروح القدس، وهى سبب غنى المسيحية. ونحن
ننال عطايا الآب خلال إتحادنا بالأبن وذلك بفعل الروح القدس. ونحن ننال بفيض ماهو
للإبن عندما نثبت فيه أى فى المسيح والروح القدس هو الذى يثبتنا فى المسيح. فالآب
يريد أن يعطينا بركات، والإبن نثبت فيه فنصير أبناءً. والروح يثبتنا فى المسيح.
والروح القدس الذى ينسكب فينا يملأنا بركات روحية. والروح القدس هو أكبر عطية
سماوية إنسكبت علينا من السموات، وهو يعطينا معونة لتكون سيرتنا سماوية. ولأننا
نشتهى وننتظر البركات السماوية نصلى "كما فى السماء كذلك على الأرض".
وقوله بركة روحية فهذا تمييز عن البركات المادية التى كانت لإسرائيل القديم فى
العهد القديم والتى إنحصرت فى بركات الأرض وميراث الأرض "تأكلون خير
الأرض" (أش19:1) + "أرض تفيض لبناً وعسلاً" (خر8:3). لكن هذه
البركات والأفراح المادية تنتهى بنهاية المؤثر الخارجى، أو بالموت. أما البركة
الروحية فهى فى جعل حياتنا مقدسة ومملوءة سلاماً وفرحا ًومحبة وتعزية، ننتظر تحقيق
وعوده المقدسة، أن مجده عتيد أن يستعلن فينا، أنه لى وأنا له. هذه الأفراح الروحية
لاتنتهى بالموت ولابالمؤثرات الخارجية فمنبعها هو الروح القدس الساكن فينا. وليس
معنى أن الله يعطى خيرات روحية أنه يحرمنا من البركات المادية، فالله مصدر لكليهما
(الروحية والمادية).

فى السماويات: ما
أخذناه نحن فى المسيح كان عطايا سماوية، نأخذ العربون الآن، والباقى فى السماوات
ولكن هذا لمن غلب وكانت له حياة سماوية على الأرض (فى20:3).

فى المسيح: كل بركة
نأخذها هى ليست خارجاً عن المسيح، لايمكن تذوق هذه البركات خارجاً عن المسيح.
والله لايشمخ عليه (غل7:6). فلا يمكن أن نأخذ هذه البركات ونحن فى طريق الخطية،
فهذا يفصلنا عن المسيح، وتضيع منا البركات المادية والروحية. وفى هذه الآية الرسول
يبارك الآب والابن والروح القدس.

 

آية4: كما اختارنا فيه
قبل تاسيس العالم لنكون قديسين و بلا لوم قدامه في المحبة.

كما: الله باركنا وهذا
نراه فيما يأتى أنه، اختارنا فيه: الله رتب فى تدبيره الأزلى أن ترتبط البشرية
بابنه الذى سيتجسد فى وقت معين محدد، يحمل جسدها وتثبت فيه، تموت معه، وتقوم معه،
وترتفع معه للسماويات وتبقى فى خلود لاتحادها بالإبن (وهذا طبعاً لمن يختار المسيح
ويؤمن به ويستمر ثابتاً فيه بحياة التوبة).

اختارنا: نحن الذين
آمنا. وقوله إختارنا إشارة لأنه لا فضل لنا، وليس لفضل فينا (1كو27:1ـ29). وقطعاً
فالله إختار من بسابق علمه عرف أنه سيقبل الإيمان بالمسيح ولن يكون من خاصة العالم
(رو29:8) فالله يختار أزلياً من يعلم بسابق علمه بتجاوبه معه. الإنسان كلاعب ألقيت
له كرة فهو له الحق أن يمسكها أو يتركها، ولكن يجب أن ترمى إليه الكرة أولاً، فيد
الله تقدم لنا الإيمان بالمسيح، ونحن أحرار فى أن نمسك به أو نرفضه. اختارنا فيه:
على أساس الإيمان بالمسيح. قبل تأسيس العالم: إذاً فالله لم يغير قصده حينما أخطأ
الإنسان، بل كان كل شىء مُعد حتى قبل خلق الإنسان. فالله قبل أن يخلق الإنسان صمم
له حياته الأبدية عن طريق الفداء.

لنكون قدسين وبلا لوم:
قديسين هى صفة إيجابية، وبلا لوم هى صفة سلبية وهكذا كانت صفات الذبائح التى تقدم،
فيلزم أن تكون بلا عيب، وهكذا يجب أن نقدم أنفسنا ذبائح حية بلا خطية فيقدسنا
المسيح، ونحمل سماته فى القداسة ويكمل ضعفاتنا فنظهر أمام الله بلا عيب وبلا لوم.
لكن الله لا يقدس من لا يريد أن يتقدس، لكن من يقدم نفسه ذبيحة حية يتحد بالمسيح
الذبيح المصلوب فيحمل سماته ويسير فى طريقه. بلا لوم: كيف والمسيح وحده هو الذى
بلا لوم أى بلا خطية، أجاب المسيح "اثبتوا فىَّ وأنا فيكم" وهذا
بالإيمان والمعمودية وأن نجاهد فى حياتنا أن نظل ثابتين فى المسيح، بأن لا نخطىء،
وإذا أخطأنا نقدم توبة سريعة، ومن هو ثابت فى المسيح، الله لا يراه فى خطاياه، بل
يرى المسيح الذى هو ثابت فيه، والذى هو وحده بلا لوم.

قدامه: فالله يفرح
بأولاده وهم بلا عيب قدامه، بل هو الذى صالحنا لنفسه كالعريس الذى يفرح بعروسه
المزينة، والكنيسة زينتها هى قداستها. فى المحبة: لا يمكن قبول التقديس إلاّ على
أساس المحبة، المحبة هى علامة إلتصاقنا به واتحادنا معه وتشبهنا به، فلذلك يجب أن
نحب الله والإخوة (أف17:3، 18). والمحبة هى أولاً محبة الله لنا ثم محبتنا له،
لأنه أحبنا أولاً. محبة الله لنا ظهرت فى صليبه ومحبتنا له تظهر فى طاعة الوصية.
الله لن يرانا قديسين وبلا لوم إلا إذا رأى فينا محبة، فالمحبة تستر كثرة من
الخطايا. أما الإنسان الخالى من المحبة فهو غير ممتلىء من الروح، فلا يكون ثابتاً
فى المسيح وبالتالى لا يمكن أن يكون بلا لوم. (فأول ثمار الروح المحبة، وحيث لا
محبة لا امتلاء من الروح. وإذا لم يكن إمتلاء من الروح فلا ثبات فى المسيح، فالروح
هو الذى يثبتنا فيه).

آيه5: " اذ سبق
فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته "

هنا نفهم أن الله
إختارنا وقدسنا لنستعيد بنوتنا له التى فقدها آدم بخطيته ونحن نحصل على البنوة
بالمعمودية التى فيها:

1.                       
موت مع المسيح فتغفر خطايانا.

2.                       
قيامة مع المسيح متحدين معه، فنصير أبناء لأنه
هو الابن.

فعيننا: عَيَّنَ من علم
بسابق علمه أنه سيتجاوب معه، وهذا تم أزلياً حتى قبل خلقة آدم وسقوطه. ففكرة
الفداء فكرة أزلية فى تدبير الله (رو29:8).

حسب مسرة مشيئته:
المسرة هنا راجعة لله الذى يُسَّرْ بعودتنا له كأبناء، وهى أيضاً عائدة علينا،
فنحن نفرح بعودتنا للأحضان الإلهية كأبناء. عموماً كل مشيئات الله فيها مسرة له
ولأولاده، فهو لا يشاء سوى ما فيه الخير (رو28:8). والله يفرح بأولاده (أش18:65،
19).

 

آية 6: لمدح مجد نعمته
التي انعم بها علينا في المحبوب.

لمدح مجد نعمته: عمل
الفداء ظهرت فيه نعمة الله وعظمة قوته التى بها انتشلنا من ظلام اليأس. وأمام عمل
الله ماذا يقدم الإنسان لله إلا الشكر والتسبيح. ولاحظ أن الله لا يحتاج لتمجيدنا
وتسبيحنا له، بل حينما نمجد نزداد تقوى وتنفتح أعيننا على ما عمله الله لنا،
والمجد الذى أعده لنا كأبناء. حينما نكتشف محبة الله وفرحته برجوعنا له كأبناء ألن
نعلن فرحتنا بهذا الإله المحب. ولكن لن يستطيع أحد أن يسبحَّ ما لم تنفتح عيناه
على محبة الله (استنارة) وهذه الاستنارة تأتى بالروح القدس بعد المعمودية. وما
يغلقها هو الخطية، فالمستعبد للخطية لا يمكنه أن يسبح "على أنهار بابل (فى
العبودية).. سألنا الذين سبونا أقوال التسبيح.. كيف نسبح تسبحة الرب فى أرض
غريبة.. هناك فى أرض العبودية علقوا قيثاراتهم (كفوا عن التسبيح)"
(مز1:137-4) ولا حل سوى التوبة والرجوع من أرض العبودية أى ترك الخطية.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس هـ هَمَّنُوحُوت المنوحوت ت

ونأتى للنقطة الثالثة
بعد المعمودية والتوبة ألاّ وهى التغصب على التسبيح وهذا ما نسميه جهاد. وأمام
الجهاد تنسكب النعمة فأتلذذ بالتسبيح. وكلما زاد تمجيدنا وتسبيحنا لله كلما عرفنا
مجد الله ومجد نعمته أكثر فأكثر، إذ ستنفتح أعيننا أكثر وأكثر، كلما سبحنا امتلأنا
من الروح القدس، وكلما امتلأنا تنفتح أعيننا ونعرف الله أكثر فيزداد تسبيحنا إذ
نعرف عظمته ومجده وهكذا… إن تمجيد الله وتسبيحه هو أمر حتمى على المؤمن حتى يفرح
بالله. بل إن نعمة الله صارت هدفاً للمديح والتسبيح والتمجيد من السمائيين،
فالسمائيون أيضاً يسبحون الله على عظيم عمله مع الإنسان (رؤ8:5-14).

التى أنعم: غفران
الخطايا والتبنى والمصالحة وميراث ملكوت الله.

فى المحبوب: ويسميه
الرسول فى (كو13:1) "ابن محبته".

الله الآب طبيعته
المحبة = الله محبة فهو يشع محبة
ويفيض محبة. وهذة المحبة تنسكب فى الأبن

 المحبوب بالروح القدس= روح المحبة. فالمحبة بين الآب والابن هى
طبيعة الله. وهى تعبير عن الاتحاد.والابن المحبوب قال عنه الآب "هذا هو إبنى
الحبيب الذى به سررت" (مت17:3+5:17).

ولما تجسد الابن دخل المؤمنون (البشر) فى مجال
محبة الآب بالبنوة التى حصلوا عليها فى المعمودية، فصرنا فيه محبوبين من الله الآب
(اتس4:1+2تس13:2). وقول الكتاب عن الابن المحبوب فيه إثبات للثالوث. فقبل أن يخلق
الله السماء (الملائكة) والأرض (البشر) من كان يحب لو قلنا إنه بدأ الحب بعد أن
خلق المخلوقات لكان متغيراً، والله غير متغير.

 

آية 7: الذي فيه لنا
الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته.

هذه امتداد للآية
السابقة والمسيح افتدانا من غضب الله وعقابة (رو18:1). وكلمة فدية تعنى يحرر مقابل
فدية، أى ثمن يُدفع لتحرير مخطوف. غنى نعمتة: الله قادر أن يدفع الثمن بحسب غناه،
والثمن الذى دُفع ليس مالاً، بل بحسب غناه فى محبته دفع الثمن دم المسيح. ولذلك
يسمى الفادى. وبهذا ألغى الموت الروحى كنتيجة للخطية وعتقنا من عبودية الخطية
وأعطانا حياة، بل من غنى نعمته أعطانا مجداً فى السماء، وأجساداً ممجدة على شكل
جسد مجده (في3: 21).

 

آية 8: التي أجزلها لنا
بكل حكمة وفطنة.

التى أجزلها: أى عطاء
مجانى بفيض. والله أعطى هذا العطاء بكل حكمة وفطنة، الحكمة: حكمة الله فى تخطيطه
ليعطينا المجد. والفطنة: هي كيف نفذ الله خطته. الفطنة هي الأعمال التى تُعمل.
والله يعطينا أيضاً حكمة وفطنة. حكمة بها ندرك النعمة التى أعطاها لنا، فبدون هذه
الحكمة لظلت النعمة التى أخذناها مستورة عنا. وبالحكمة ندرك حكمة الله أى دقة
مقاصده ونفرز الحق بسهولة، والفطنة هى الوعى المتفتح لإدراك ما يريده الله لنا.
الحكمة خاصة لإدراك المبادىء، والفطنة لإدراك الأعمال، وبها ندرك ما هى الأعمال
المطلوب أن نعملها حتى لا نخسر ما أعده لنا. ويقول سفر الأمثال " إن الفطنة
هى بنت الحكمة ". ومعنى الآية أن الله أفاض علينا من نعمته (آية7) ومعها كل
حكمة (آية8) لنفهم ما أخذناه.

 

آية 9: إذ عرفنا بسر
مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه.

إذ عرفنا: إذ أعطانا
الحكمة والفطنة بهما نعرف مقاصد الله، وما يجب أن نفعله، ونفهم أعمال الله من
ناحيتنا. فالله يرفع أبنائه للسماويات ويهبهم سر معرفته كهبة إلهية وكإعلان سماوى.
يعلن ذاته للنفس البشرية فتتعرف على أسراره. سر مشيئته: الفداء كان أمراً مخفياً
منذ الأزل وصار مستعلناً على الصليب.

 

آية10: لتدبير ملء
الأزمنة ليجمع كل شئ في المسيح ما في السماوات وما على الارض في ذاك.

لتدبير: الله يدبر أمور
العالم وأمور كنيسته كما يرتب إنسان أمور بيته. وبالنسبة للكنيسة فالله يستخدم
إناساً يختارهم لترتيبها (1بط10:4) + (تى5:1-7). ملء الأزمنة: تعنى أن الأحداث
نضجت والظروف صارت مستعدة والعالم مستعداً ليأتى المسيح وينفذ خطته. وحينما يأتى
الوقت المحدد من الله والمسمى هنا ملء الأزمنة. عمل الله يبلغ كماله على مستوى
الفعل المنظور وتتضح خطة الله أمامنا. وكانت خطة الله الخاصة بنهاية الأزمنة، وهدف
الله النهائى أن يجمع كل شىء ما فى السماء وما على الأرض تحت رأس واحد هو المسيح =
فى ذاك: أى فى المسيح وقارن مع (كو19:1، 20). فنرى أن المسيح سوف يجمع كل أجزاء
الخليقة فى وحدة، بعدما خلفته الخطية من انقسام وشقاق وتفتت، وسيصنع صلحاً بعد أن
أثمرت الخطية عداوة. بل سيصنع صلحاً ووحدة بين السمائيين والأرضيين. وسيعيد الصلح بين
الله والإنسان حينما تكون الخليقة بنفس فكر الله، وذلك سيكون عن طريق الوحدة بين
المسيح والإنسان (1كو28:15).

 

آية 11: الذي فيه أيضًا
نلنا نصيبًا معينين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته.

أيضاً: هى إضافة
للآية10 أى نلنا بالإضافة لما قلناه نصيباً سمائياً. نصيباً: اليهود أخذوا أرض
الميعاد أيام يشوع بالقرعة، لكن كان عليهم أن يحاربوا ويجاهدوا ليحصلوا عليها.
والله بفداء المسيح أعطانا نصيباً سمائياً لكن علينا أن نجاهد لنحصل عليه. الذى
فيه: أى فى المسيح وهى عائدة على في ذاك آية 10.

نلنا: وفى آية 12 يقول
"نحن الذين" ويقصد بهذا الذين سبقوا وكان الرب نصيبا لهم وهم كانوا
نصيباً للرب وبولس كان واحداً من اليهود (تث20:4) وعاد بولس فى آية 13 ليقول
"الذى فيه أيضاً أنتم " فالمسيح أتى ليجمع الكل معاً يهوداً وأممًا.

حسب قصد الذى يعمل: حسب
خطة الله الأزلية سبق الله واختار اليهود أولاً ليكونوا خاصته، ثم أتى ليجمع الكل
معًا. وقصد الله أن يعيد الكل للبنوة والمجد.

معينين سابقاً: سبق
الله وعيَّن الشعب اليهودى كشعب خاص له. ولكن اتضح بعد المسيح أن قصد الله هو أن
يجمع الكل. رأى مشيئته: الرأى هو ما ينشأ عن المداولة مع النفس والتصميم عن طريقة
تنفيذ المشيئة. فمشيئة الله أن يجمع الكل فى المسيح. وكان الرأى أن يكون ذلك
بالفداء. هنا نلمح تصميم الله رأياً ومشيئة بصورة مطلقة. ونلاحظ أن الأنبياء سبق
وتنبأوا فى العهد القديم عن فداء المسيح، مما يثبت أزلية خطة الله.

 

آية12: لنكون لمدح مجده
نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح.

معنى آية 11، 12 أن
الله اختار اليهود، الذين قد سبق رجاؤنا فى المسيح، لينطلقوا بالاعتراف والشكر
والتسسبيح لمجد الله، وليكونوا نوراً للعالم، فيمجد الله بقية الأمم الوثنية لأنه
هكذا بارك الله شعبة، ليعرف الله فى العالم كله.

 

آية 13: الذي فيه أيضًا
أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضًا إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد
القدوس.

أنتم: هنا يستعرض
الرسول عمل الله مع الأمم بعد أن أعلن عن عمل الله مع اليهود. والرسول فى الرسالة
لأفسس يستعرض عمل الله مع الأمم على 3 مراحل يبدأ كل منها بقوله "أنتم"
(13:1+1:2+11:2).

الذى فيه:  فى المسيح
صار نصيب الأمم مثل نصيب اليهود الذين سبقوهم.

إذ آمنتم خُتمتم بروح
الموعد القدوس: فالختم هو حلول الروح القدس، فالختم هو علامة يضعها صاحب القطيع
على قطيعه لإثبات ملكيته، أو يضعها السيد على عبده لإثبات ملكيته للعبد. فهو إعطاء
المالك بَصْمَتَهُ. وكان الوثنيون يَسِمُون أنفسهم بعلامة فى جسدهم تحمل اسم الإله
الذى ينتمون إليه. وكان الختان هو ختم العهد القديم، علامة أن المختون صار من شعب
الله. هذا الختم غير منظور للبشر الآن، لكنه منظور لله وللملائكة والسمائيين.
والروح القدس يحل على المُعمّد فى سر الميرون فيصير من شعب الله.

ويسمى موعد الآب (أع2:
33، 38، 39). فالمسيح وعد به وأسماه هكذا (لو49:24). "ها أنا ارسل إليكم موعد
أبى" فالله وعد به فى العهد القديم بواسطة أنبيائه (يؤ2: 28، 29) + (أش1:44-4).
بل إن السيد المسيح قال "خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم
المعزى" (يو7:16). فلماذا هو موعد الآب، ولماذا خير لنا أن ينطلق المسيح
ليرسله ؟

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر الخروج 30

1.      
الروح يعمل فى الأسرار التى تكون جسد المسيح.
فهو يلدنا فى المعمودية وهو يثبتنا فى المسيح الابن (2كو21:1،22). وهو يشهد
لأرواحنا أننا أبناء الله (رو16:8). فالمسيح بصعوده تمجدت الطبيعة البشرية فى شخص
المسيح وصار ممكناً أن يُرسل لنا الروح القدس.

2.      
لو بقى المسيح بالجسد، لتعلقنا به جسدياً ولم
نعرفه كإله (كما حدث مع مريم المجدلية) أما الروح القدس الآن فهو يعرفنا بالمسيح
وبإمكانياتة كإله (يو14:16).

3.                
هو يبكت على خطية.. ويعطى المعونة
(يو8:16+رو26:8).

4.      
هو يعيد تشكيل صورتنا لنكون على شكل المسيح
(غل19:4) ونكون خليقة جديدة (2كو17:5). وهذه الخليقة بها نخلص (غل15:6).

5.      
الروح القدس مشبّه بالماء، ونحن من تراب الأرض،
فيعطينا أن يكون لنا ثمار (غل22:5، 23). وهو الذى يعطى المواهب (1كو12+أف11:4)
وبدون الروح القدس نصبح أرضاً بور لا نصلح لشىء، بلا ثمار ولا مواهب.

6.                
هو يعلمنا ويذكّرنا بكل كلام السيد المسيح، وهو
المعزى فى ضيقاتنا.

7.                
يربط الكنيسة فى محبة، ويكون كل عضو، عضو حى.

8.                
إذ سمعتم كلمة الحق: التى كرزت بها أنا بولس لكم
فى أفسس وآمنتم بها.

إنجيل خلاصكم: بشارة
الرسول هى إنجيل فهى بشارة مفرحة بالخلاص

 

آية 14: الذي هو عربون
ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده.

هذه الآية تجمع اليهود
والأمم، عربون ميراثنا: العربون هو إعطاء جزء من الكل. فبالروح القدس نلنا بعض
الخيرات الأبدية. ولكن فى الحياة الأبدية سننال المجد السماوى. الله يعطينا الروح
القدس يعزينا ويطمئننا ويفرحنا ويذيقنا مسبقاً نصيبنا المعد لنا فوق ويعرفنا بنوع
الحياة التى دعينا إليها، لذلك ما نحصل عليه هنا هو عَيِّنَة
SAMPLE 
من الذى سنحصل عليه فوق. فما يعطيه لنا الآن الروح القدس.. فرح/ سلام/ محبة/
تعزية/ سلطان على الخطية/ بنوة/ تذوق للمجد.. بل الامتلاء من الروح القدس… كل
هذا ما هو إلا عينة. أما فى السماء فسنحصل على الكل لذلك يقول الكتاب " لأن
الخروف…يقتادهم إلى ينابيع ماء حيه…" (رؤ17:7). وهذا هو الملء الكامل من
الروح لذلك فمن يتذوق الآن أفراح السماء فمن المؤكد أن يحصل على الكل فى السماء
ومن هو محروم من أفراح السماء هنا لانشغاله بالأرضيات سيُحرم من الكل فوق أيضاً.
فلنجاهد لنتذوق السمائيات هنا ونحن على الأرض. ولكن حتى فى السماء سنمتلىء يوماً
عن يوم. شبه أحدهم العربون بأنه خاتم الخُطبة كتأكيد للعروس على الزواج. إعطاء
الروح القدس الآن هو عربون الميراث الآبدى. وأسماه الرسول باكورة الروح (رو8: 23،
24). ومن له الباكورة يشتهى السماويات، ومن هو كالعذراى الجاهلات أفرغ آنيته من
الروح القدس فهو يتشبث بالأرضيات ويفزع من ذكر الإنتقال.

لفداء المقتنى: من ضمن
ما أخذناه هنا كعينة أو كعربون، التبنى. فالفداء لم يكتمل
(المسيح قام بالعمل
كاملاً
، أى عمله
الفدائى، ولكن بالنسبة لنا فنحن لم نحصل بعد على كل بركات الفداء بالكامل)،
فالبنوة الآن
غير كاملة، أما الفداء الكامل فهو حين نلبس الجسد المُمجد الذى به لا نخطئ، فأبناء
الله الكاملين لا يستطيعوا أن يخطئوا (1يو9:3). نحن الآن صار لنا سلطان على الخطية
(رو14:6). لكننا بسبب ضعف الجسد مازلنا نخطئ. وحين نحصل على الجسد الذى لا يخطئ فى
السماء سنكون أبناء الله بالكامل. وقوله هنا الفداء المقتنى عبّر عنه سابقاً بقوله
التبنى فداء الأجساد  (رو23:8)، أي تتميم الفداء الكامل للإنسان. فالمقتنى: هو
الإنسان الذي اشتراه الله بدمه. والفداء يكتمل بتحرير الإنسان من الموت والفساد
وحصوله على الجسد المُمجد. والروح القدس الذي فينا يعدنا للتغيير الأخير الذي فيه
فداء أجسادنا. وهذا الفداء الأخير سيؤدي لمدح مجد الله؛ لمدح مجده: إذ يسبح
المفديون بكل قلوبهم وألسنتهم ويمدحون مجده العظيم على غنى نعمته الفائق الذي
أعطاها لنا في المسيح، أى الله أعطى لنا نعمته فى المسيح.

 

آيات 16،15: لذلك أنا
أيضاً إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين.لا أزال شاكراً
لأجلكم ذاكراً إياكم في صلواتي.

كانت عطاياهم لفقراء
الكنيسة كبيرة وفى حب. وإقتران المحبة بالإيمان هذا علامة على أن إيمانهم إيمان
حى. فالمحبة أولاً ثم العطايا. ذاكراً إياكم فى صلواتى: هذه هى الكنيسة التى فيها
كل واحد مشغول بالآخر، وهذا ما يفرح قلب الله، لأن المحبة تشبه محبة الله الذى كان
فى مجده مشغولاً بخلاص الإنسان الذى يموت ويهلك. فالله يحب الكل وعلينا أن نتشبه
بالله ونصلى لأجل الكل. بل أن بولس يطلب الصلاة لأجل الملوك وبينهم نيرون مضهد
المسيحية (اتى2:2).

 

آيات 18،17: كي يعطيكم
إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون
أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين.

صلاة يطلب فيها الرسول
المعرفة والاستعلان لأهل أفسس لإدراك دقائق أسرار الفداء الذى تم، وهذه لا ندركها
بعقولنا فقط. إله ربنا يسوع المسيح: المسيح بسبب تجسده دخل البشرية كمخلوق، فالله
هو إلهه بسبب وضع الجسد. ولهذا قال المسيح "أبى وأبيكم إلهى وإلهكم"
(يو17:20). وقوله هنا "إلهكم"  يفرحنا، فبعد أن كنا مطرودين بسبب الخطية
صار لنا بالفداء قبولاً عند الله وعدنا للحظيرة الإلهية. حقاً الله هو إله كل
الخليقة، ولكن قوله "إلهكم" تشير هنا لرضا الله علينا بعد الفداء. ولكن
لماذا يستخدم بولس هذا التعبير هنا أى "إله ربنا يسوع المسيح"؟ لاحظ أنه
يطلب لهم أن الله يعطيهم روح الحكمة أى يطلب لهم حلول الروح القدس أو الأمتلاء منه
أو عمله فيهم بقوة. والروح القدس ما كان سينسكب على البشر لولا تجسد المسيح،
وانسكابه على جسده أولاً0 وصار الروح القدس ينسكب علينا بشروط:

1.           
أن لا نقاومه ونسمع له.

2.           
أن نهتم بهذا ونطلب لأجله بلجاجة.

أبو المجد: هذه مثل رب
المجد (1كو8:2) وإله المجد (أع2:7) وتعنى إله كل مجد وأصل كل مجد. والمجد هو النور
والبهاء الإلهى. 

روح الحكمة والإعلان فى
معرفته: عمل الله يقصر دونه أعظم العقول ويحار أمامه الفهم، لذلك نحتاج أن نطلب من
الله ليعطينا فهماً حين نطلب، فأمور الله لا يعرفها إلا روح الله (1كو9:2-11).
والله روح ولا يُعرف إلاّ بالروح. والله وهبنا روحه القدوس.

روح الحكمة: حينما يعمل
الروح فى الفكر يعطيه انفتاحاً وفهماً. وحينما يعمل فى الروح الإنسانية يعطيها
تسامى عن الأرضيات وإدراك السماويات، وحينما يعمل فى القلب يعطيه حباً لله وللجميع
فالقلب مركز المشاعر، وحينما يعمل فى الجسد يعطيه طهارة وعفة. والمقصود هنا أنه
حين يعمل فى الفكر والعقل الإنسانى يعطيه فهماً للأمور الإلهية وفهماً لمشيئة الله
وخطط الله. بالإجمال فالروح القدس يعطى للإنسان سلوكاً بالقداسة. وراجع الآيات
(3:3-11) فما قاله الرسول فيها ناشىء من روح الحكمة الذى أعطاه له الله. ولذلك
يصلى حتى يكون لنا مثلما كان له. ولكن مهما عرفنا الآن فنحن نعرف قليلاً جداً
(1كو12:13) ومعرفة الله تزيد النعمة والسلام، (2بط2:1) بل هى الحياة الأبدية
(يو3:17). وحينما يعمل روح الحكمة فيهم "تستنير عيون أذهانهم" = أى تكون
لهم فى وعيهم القدرة على النظر إلى الأمور التى يستعلنها الروح، فالروح يعلن حقائق
جديدة أو تطبيقات تناسب حياتنا للآيات التى نسمعها = الإعلان. وبعيوننا الجسدية
نرى الأرضيات الملموسة، ولا نرى الأمور الروحية. ولكن هناك عيون داخلية نرى بها
أمور الله غير المستعلنة مثل الخلاص وأموره، نرى الله بالإيمان ونتمسك به. ولقد
أرسل البابا أثناسيوس للقديس ديديموس الضرير مدير الإكليركية رسالة قال له فيها
"طوباك يا ديديموس فلقد فقدت عينان ترى بهما التراب ولكن لك عينان ترى بهما
الله".

مستنيرة: لا رؤية بلا
نور، وكل ما يخص الله فهو فى النور فالله نور. وبنور الله ندرك الحقائق الإلهية.
والعين المستنيرة قد أنارها الله، وذلك لمن يحفظ وصاياه، ويحب الله ويحب قريبه أى
يسلك فى النور. والمعمودية تُسمى سر الاستنارة (عب4:6) إذ خلالها تنفتح بصيرتنا
الداخلية بنور الروح القدس. وخلال إيماننا العامل بالمحبة وجهادنا بنعمتة الغنية
المجانية تتجدد أذهاننا يوماً فيوم لندخل لأعماق جديدة.

لتعلموا ماهو رجاء
دعوته: لنعلم حين يفتح الروح أعين قلوبنا الهدف من دعوتنا. ويعلن لنا الرجاء الذى
نتطلع إليه وننتظره، أن نكون مع المسيح فى مجده عند مجيئه. وعمل الروح القدس أن
يجعل هذا الرجاء حياً وليس مجرد معلومات نعرفها بالعقل دون أن تكون حقيقية فى
قلوبنا. غنى مجد ميراثه فى القديسين: سبق فى آية 14 أن كلمنا عن ميراثنا، فكل
القديسين سيتشتركون فى غنى مجد المسيح وميراثه ويكون مصيرنا مرتبط بالمسيح أبدياً.
ولكن هنا نسمع أننا سنصير ميراثه فالقديسين هم ميراث المسيح (1مل51:8، 53) + (مز70:78،
71) + (أش25:19) + (يؤ2:3) فإن كان شعب إسرائيل قيل عنهم ميراث الله، فكم وكم
قديسى العهد الجديد. وهو ميراث غنى بالمسيح الذى فينا. وقيل هذا عن الأمم (مز8:2).
وكوننا ميراث المسيح فهذا يوضح أن لنا قيمة عظيمة عنده. فالناس يتصارعون على
الميراث إن كان ثميناً، والمسيح تجسد ومات وصارع الشيطان على الصليب ليأخذنا منه،
ونصير ميراثه، وكونه يصارع لأجلنا إذن نحن نستحق فى نظره هذا، ونحن لنا قيمة عظيمة
عنده. بل هو مازال يصارع ليأخذ ما يستطيع أن يأخذه من يد إبليس،لذلك قيل عنه خرج
غالباً ولكى يغلب (رؤ2:6). وكوننا غالبين عنده ولنا هذه القيمة أن يكون ميراثه،
فهذا ما يفرحنا حقيقة.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر صموئيل الثانى القس يعقوب حنا ا

 

آيات 20،19: وما هي
عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته. الذي عمله في المسيح اذ
اقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات.

عظمة قدرته: بعد أن
تكلم عن رجاء الدعوة قد يقول أحد.. وهل يمكن أن تحدث لى هذه المعجزة؟‍‍‍‍‍ ويؤكد
بولس الرسول أن الله قدير وأن قدرته غير المحدودة هى متجهة إلينا نحن المؤمنين
لتعمل لأجلنا وتعمل فينا عمله القوى القدير الذى بدأ بالصليب ويكمله فينا لأجل
خلاصنا، فالمسيح ما كان محتاجاً أصلاً أن يتجسد ويموت ويقوم، إنما كل ما عمله كان
لأجلنا. وما مقياس قدرة الله الفائقة من نحونا؟ الأجابة: على حسب عمل شدة قوته
التى عملها فى إقامة المسيح بمجد عظيم. فقوته الجبارة هذه التى أقامت المسيح ستعمل
فينا. وبنفس القدرة يقيمنا:

أولاً: من موت الخطية.

ثانياً: من الأموات.

وبنفس القدرة سيصعدنا
للسماوات. ولأن نفس القوة التى أقامت المسيح ستقيمنا استخدم نفس الألفاظ عن المسيح
وعنا:

إذ أقامه من الأموات
وأجلسه عن يمينه فى السماويات (20:1).

وأقامنا معه وأجلسنا
معه فى السماويات فى المسيح يسوع (6:2).

ونلاحظ هنا أن بولس
يستخدم أوصافاً عديدة وقوية ليعبّر بها عن إمكانيات الله التى يستخدمها واستخدمها
لأجل خلاصنا. استخدمها مع المسيح لكى يقيمه وسيجعل نفس هذه القوة تعمل لحساب
الإنسان فيحيا إلى الأبد بعد أن يقوم من الأموات. عظمة قدرته الفائقة.. عمل شدة
قوته.

عن يمينه: المعنى أن
إنسانية المسيح تمجدت بمجد اللاهوت الفائق الوصف. واليمين فى المفهوم اليهودى يعنى
القوة والمجد… وراجع شكل المسيح فى (رؤ10:1-20).

 

آية 21: فوق كل رياسة
وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يُسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل ايضًا.

المسيح فوق كل رتب
الملائكة التى نعرفها الآن والتى سنعرفها فى السماء (فى المستقبل) (فى9:2-11)
فهناك مخلوقات سماوية سمعنا عنها وهناك من لم نسمع بها.

 

 آية22: وأخضع كل شئ تحت قدميه واياه جعل راسًا فوق كل شئ للكنيسة.

يقول الرسول فى (عب8:2)
"على أننا الآن لسنا نرى الكل بعد مخضعاً له"، فهناك من يرفض الله
ويتمرد على أحكامه، بل حتى نحن شعبه نخالف وصاياه فى بعض الأحيان. وقارن مع
(مز5:8، 6) فالخضوع النهائى سيكون فى اليوم الأخير (1كو24:15- 28) + (عب8:2). راجع
نقطة رقم (11) في المقدمة. فالمسيح هو رأس الجسد أى الكنيسة، هو رأس كل شئ، كل
خليقة سماوية أو أرضية، فهو خالق الكل، به كان كل شئ (يو3:1+ كو16:1، 17). المسيح
بموته وقيامته وبالمعمودية ولدنا ثانية ولادة جديدة فنشأت خليقة جديدة هى الكنيسة
التى هى جسده، وبهذا صار المسيح رأس الخليقة الجديدة ومحتفظاً بسيادتة كرأس لكل
خليقة أخرى، فهو قد خلق الكل، ما فى السماء وما على الأرض وهو كرأس لهذا الجسد (من
السمائيين والكنيسة) سيقدم الخضوع للآب (1كو24:15-28). هناك من سيخضع عن حب إذ
اكتشف محبته، وهناك من سيخضع بالقهر وهؤلاء هم إبليس ومن تمرد معه من البشر.

 

آية 23: التي هي جسده
ملء الذي يملأ الكل في الكل.

 للكنيسة.. التى هى جسده ملء الذى يملأ الكل فى الكل: وبالإنجليزية
Which is His body، the fullness of Him Who fills all In all  فالكنيسة هى ملؤه، أى أن جسد المسيح يكتمل بالكنيسة، وبكل ما فى
السموات وما فى الأرض (10:1). فهو الرأس والكنيسة الجسد، ولا يوجد جسد بدون رأس
ولا رأس بدون جسد. إذاً الكنيسة = جسده: هى مرتبطة بالمسيح رباطاً ذاتياً كيانياً
حياً أبدياً. الكنيسة هى جسد المسيح، وهى ملء المسيح من ناحية ناسوته. فكأن
الكنيسة يكمل بها عمل المسيح، أو كأن عمل المسيح الكامل يتحقق بواسطة الكنيسة.
وكما يكمل الرأس بالجسد أو كما يكمل الجسد بالرأس، أو كما يحدث التكامل بين الرأس
والجسد معاً، هكذا أيضاً الأمر بالنسبة للمسيح والكنيسة. والمسيح هو الرأس الذى
يدبر والكنيسة هى الأعضاء التى تعمل، لذلك أعطى المسيح للكنيسة الروح القدس الذى
يعطيها:

1.           
أن تترابط بمحبة وفى وحدة كجسد واحد (16:4).

2.           
المواهب التى تحتاجها لبنيانها (رو5:12، 6 + أف
11:4).

3.           
القوة لكى تؤدى عملها (16:4 + رو 26:8).

فالكنيسة هى المجال
لإتمام عمل المسيح (أف11،10:4). ولأن الكنيسة جسد المسيح قال المسيح لشاول حينما
إضطهد الكنيسة "لماذا تضطهدنى" (أع4:9) وراجع أيضاً (مت30:25ـ40).

الذى يملأ الكل فى
الكل:

المسيح يحل فيه كل ملء
اللاهوت جسدياً (كو9:2) أى فى جسده.ونظراً لإتحاد المؤمنين به جسدياً (فالمؤمن
المعَّمد، والذى حَلَّ عليه الروح القدس فى سر الميرون والذى يتناول من جسد المسيح
ودمه صار متحداً بالمسيح وثابتاً فيه).

 صار المسيح الذى حلَّ فيه كل الملء (كو19:1)، صار مصدراً لكل
البركات والقوة والنعم والمجد والمواهب والسلطان الذى فى الكنيسة.

فكل نعمة آخذها، هى
نتيجة إتحادى بالمسيح، لذلك يقول المسيح "إثبتوا فىّ وأنا فيكم" فنحن إن
لم نكن ثابتين فيه سنخسر كل هذه البركات. والمواهب الروحية التى يعطيها المسيح
للكنيسة الآن هى لبنيان الكنيسة (جسده) وتدبيرها. والكنيسة وقد امتلأت به صارت
تملأ الكل به وذلك من خلال الأسرار التى أعطى المسيح للكنيسة سلطاناً عليها
(يو16،14:1). والمسيح صعد إلى السموات حقاً، ولكن الكنيسة هى جسده، وهو بقى على
الأرض فى أشخاص المؤمنين أى جسده ولأن جسد المسيح متحد بلاهوته فنحن حينما نشترك
فى جسد المسيح فى الإفخارستيا فإننا نأخذ حياة الله بالجسد (يو57:6). وإذ نتحد
بهذا الجسد ونصبح أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه (أف30:5) نحيا بالمسيح فينا
(غل20:2). فالمسيح هو مصدر حياتى وقوة حياتى، ولأنه هو القدوس فهو يقدس الفكر
والمشاعر وينير الذهن ويملأ الحياة بحضوره المحيى فتكون الحياة سماوية حقاً.

والمسيح هو يملأ
الكنيسة. إن كل ما للمسيح من قوة ومواهب ونعمة يقدمه لكنيسته. وبهذا تصبح شريكة
لسيدها فى كل ما يملك حتى تستطيع أن تتمم عمله المبارك فى هذا العالم. النعم
والمواهب الإلهية الكائنة فى المسيح تصبح منتقلة للكنيسة حيث يكون ملء المسيح
متصلاً ومتحولاً إليها حتى يقال عنها إنها ملؤه. والكنيسة تجاهد لهذا الوضع
الأمثل، وهذا هو النمو الكامل حين تبلغ القامة الكاملة لملء المسيح، ليس على
المستوى الفردى وإنما كجسد متحد معاً، على أساس تقبل كل مؤمن من المواهب والنعم
التى تُكَمَّلَهُ هو فى ذاته، وتؤهله للتكامل مع الآخرين لبلوغ الكل المتحد لبناء
الجسد ليبلغ إلى قامة ملء المسيح، أى تصير الكنيسة هى التعبير الكامل للمسيح
(أف12،10:4). وكما ملأ المسيح بلاهوته جسده الذى أخذه من العذراء هكذا يملأ
كنيسته، وكما اتحد بجسده هكذا يتحد بكنيسته ويملأها ملئاً كلياً، ولكنها لا تحده.
يملأها بمواهبه التى لا تُحد، ويملأها بروحه الذى لا يُحد، ويملأها بوجوده الذى لا
يُحد. وهكذا كما تمتلىء حجرة من نور الشمس، فالحجرة ستمتلئ ولكن الحجرة لا تحد
الشمس. وتصور الكنيسة عبارة عن منزل به ملايين الحجرات (المؤمنين)، والشمس تملأ
هذه الحجرات بنورها وحرارتها، ولكن هذه الحجرات لا تحد الشمس. الابن "مملوء
نعمة حقاً ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا " (يو14:1-16) فالكنيسة تمتلىء نعمة حقاً.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي