اَلأَصْحَاحُ
السَّادِسُ

استخراج رأس الفأس الحديدية

وَقَالَ
بَنُو الأَنْبِيَاءِ لأَلِيشَعَ:

هُوَذَا
الْمَوْضِعُ الَّذِي نَحْنُ مُقِيمُونَ فِيهِ أَمَامَكَ ضَيِّقٌ عَلَيْنَا. [1]

فَلْنَذْهَبْ
إِلَى الأُرْدُنِّ وَنَأْخُذْ مِنْ هُنَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ خَشَبَةً،

وَنَعْمَلْ
لأَنْفُسِنَا هُنَاكَ مَوْضِعاً لِنُقِيمَ فِيهِ.

فَقَالَ:
اذْهَبُوا. [2]

تظهر أبوة
اليشع الحانية من التجاء بنو الأنبياء إليه في كل كبيرة وصغيرة. عندما ضاق بهم
الموضع سألوه أن يذهبوا إلى الأردن ليقطعوا خشبا ويصنعوا منه لأنفسهم أماكن
للإقامة. وعندما وافقهم طلبوا منه أن يرافقهم فلم يمتنع. عندما سقط رأس فأس أحدهم
ذهب للتو إليه يسأله ماذا يفعل إذ هو عارية.

حملت الأعجوبة
عملا رمزيا لخلاصنا، فإنه إذ تتسلل الخطية إلى حياتنا تجعلنا مثل هذه الرأس
الساقطة في أعماق النهر. كما حدث مع فرعون وجنوده إذ قيل " غاصوا كالرصاص في
مياه غامرة ( خر 15)، ورأى زكريا النبي المرأة الخاطئة في ايفة من الرصاص. وعلى
العكس اذ نحمل بر الله فينا عوض الغوص إلى الأعماق
نصير كالسحاب الخفيف
المرتفع في الأعالي. يقول الرسول بولس: "إذ لنا سحابة شهود هذه مقدارها.
وشبهت القديسة مريم بالسحابة الخفيفة، إذ قيل عنها في سفر اشعياء : "هوذا
الرب قادم إلى مصر على سحابة" ( إش 19 : 1).

 والآن
إذ أثقلت الخطية نفوسنا وغاصت بنا إلى الأعماق لن ترتفع إلا بالخشبة، أي بصليب
ربنا يسوع المسيح

!

هذا هو
عملنا المستمر أن نحمل صليب ربنا يسوع ونقدمه للساقطين في أعماق المياه لكي يطفوا،
ونحملهم إلى الله الذي له الكل
!

حينما نشعر
بان نفوسنا التي ليست ملكنا، بل هي ملك
لذاك الذي اقتناها بدمه
الثمين نقول مع النبي : "إنها عارية". لنمسك بصليب الرب وندخل به إلى أعماقنا
فتطفوا، نمسك بها ونقدمها له.

لم يكن عمل
أليشع استعراضًا للعمل الفائق المعجزي لكنه يحمل كشفًا عن خطة اللَّه الخلاصية.
   

ففي قصة إعادة الفأس المفقود ترجمة لشوق اللَّه
أن يعيد بخشبة الصليب النفوس التي غطست إلى الأعماق في مياه غامرة بسبب الخطية.

قصة تقويم
رأس الفأس الحديدي تؤكد عناية اللَّه الفائقة واهتمامه بكل صغيرة وكبيرة في حباة
مرمنبهئن
فهو حاضر على
الدوام.

          أما
ذكر هذه المعجزة بين معجزة تطهير نعمان السرياني قائد جيش آرام من البرص، ومعجزة
إنقاذ جيش المملكة فيوضح أن النبي الذي يحترمه الملوك والقواد لا ينسى الاهتمام
بتلاميذه حتى في الأمور الصغيرة.

v 
قديماً بنو الأنبياء روحيًا، رهبان العهد
القديم، بنوا لنفسهم أكواخاً بجوار مياه الأردن وتركوا المدن المزدحمة وعاشوا فيها
على الخضار المسلوق وأعشاب البرية. مادمت في بيتك فلتكن قلايتك هي فردوسك، أجمع
فيها ثمار الكتاب المقدس المتنوعة ولتكن هذه هي أصحابك، وأحمل وصاياه في قلبك[1].

القديس
جيروم

فَقَالَ
وَاحِدٌ: اقْبَلْ وَاذْهَبْ مَعَ عَبِيدِكَ.

فَقَالَ:
إِنِّي أَذْهَبُ. [3]

يرى البعض
أن الخادم هنا هو جيحزي، وأن المعجزة تمت قبل شفاء برص نعمان. لأن المعجزات لم ترد
هنا بترتيب زمني، وإنما بتسلسل فكري لاهوتي وروحي.

فَانْطَلَقَ
مَعَهُمْ.

وَلَمَّا
وَصَلُوا إِلَى الأُرْدُنِّ قَطَعُوا خَشَباً. [4]

وَإِذْ
كَانَ وَاحِدٌ يَقْطَعُ خَشَبَةً وَقَعَ الْحَدِيدُ فِي الْمَاءِ.

فَصَرَخَ:
آهِ يَا سَيِّدِي لأَنَّهُ عَارِيَةٌ! [5]

فَقَالَ
رَجُلُ اللَّهِ: أَيْنَ سَقَطَ؟

فَأَرَاهُ
الْمَوْضِعَ،

فَقَطَعَ عُوداً
وَأَلْقَاهُ هُنَاكَ،

فَطَفَا
الْحَدِيدُ. [6]

v  تنبأ
داود قائلاً: "طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم. طوبى لرجلٍ لا يحسب له
الرب خطية " (مز 32: 1، 2) هكذا يشير إلى مغفرة الخطايا التي تتم بمحوها،
"إذ محا الصك" الذي علينا، "مسمرًا إياه على الصليب" (كو 2:
14). حتى أنه بواسطة خشبة صرنا مدينين لله وهكذا بخشبةٍ ننال غفران ديننا.

هذه الحقيقة
ثبتت بطريقة واضحة بآخرين خاصة بواسطة أليشع النبى… أشار النبي لعمله هذا إلى ان
كلمة الله الأكيدة التي فقدناها بإهمالنا خلال شجرة، ولم نكن في الطريق لنجدها من
جديد، يليق بنا أن ننال تدبيرًا جديدًا للشجرة (أي صليب المسيح). فإن كلمة الله
هذه تُشبه بفأس كما يعلن يوحنا المعمدان مشيرًا إليها "والآن قد وُضعت الفأس
على أصل الشجرة" (مت 3 :10). وارميا النبي أيضًا يقول ذات الأمر: " كلمتي
كمطرقة تحطم الصخر" (إر 23 :29) هذه الكلمة التي اختفت منا أعلنها تدبير
الخشبة كما سبق فأشرت. وكما فقدناها بواسطة خشبة، تُعلن لك من جديد بواسطة خشبة،
لتُظهر الارتفاع والطول والعرض والعمق في داخلها
[2].

القديس
إيرينيؤس

فَقَالَ:
ارْفَعْهُ لِنَفْسِكَ.

فَمَدَّ
يَدَهُ وَأَخَذَهُ. [7]

v  أي شيءٍ أكثر وضوحًا
من سرّ هذه الخشبة – أن عناد العالم قد غرق في أعماق الخطأ، وقد تحرر بالعماد
بخشبة المسيح أي بآلامه، حتى أن ما قد سبق فهلك خلال الشجرة في آدم قد أصلح خلال
الخشبة في المسيح؟
هذه الخشبة مرة أخرى حملها اسحق بن إبراهيم شخصيًا
لأجل تقديمه ذبيحة عندما أمر الله ان يُقدم ذبيحة لأجله
[3].

العلامة ترتليان

وَأَمَّا
مَلِكُ أَرَامَ فَكَانَ يُحَارِبُ إِسْرَائِيلَ،

وَتَآمَرَ
مَعَ عَبِيدِهِ قَائِلاً: فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ تَكُونُ مَحَلَّتِي. [8]

 فَأَرْسَلَ
رَجُلُ اللَّهِ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ:

احْذَرْ مِنْ
أَنْ تَعْبُرَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ،

لأَنَّ
الأَرَامِيِّينَ حَالُّونَ هُنَاكَ. [9]

فَأَرْسَلَ
مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ عَنْهُ رَجُلُ اللَّهِ

وَحَذَّرَهُ
مِنْهُ وَتَحَفَّظَ هُنَاكَ،

لاَ مَرَّةً
وَلاَ مَرَّتَيْنِ. [10]

فَاضْطَرَبَ
قَلْبُ مَلِكِ أَرَامَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ،

وَدَعَا
عَبِيدَهُ وَقَالَ لَهُمْ:

أَمَا
تُخْبِرُونَنِي مَنْ مِنَّا هُوَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ! [11]

فَقَالَ
وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ:

لَيْسَ
هَكَذَا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ.

وَلَكِنَّ
أَلِيشَعَ النَّبِيَّ الَّذِي فِي إِسْرَائِيلَ يُخْبِرُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ
بِالأُمُورِ الَّتِي تَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مِخْدَعِكِ. [12]

فَقَالَ:
اذْهَبُوا وَانْظُرُوا أَيْنَ هُوَ فَأُرْسِلَ وَآخُذَهُ.

فَأُخْبِرَ:
هُوَ فِي دُوثَانَ. [13]

فَأَرْسَلَ
إِلَى هُنَاكَ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتٍ وَجَيْشاً ثَقِيلاً،

وَجَاءُوا
لَيْلاً وَأَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ. [14]

فَبَكَّرَ
خَادِمُ رَجُلِ اللَّهِ وَقَامَ وَخَرَجَ

وَإِذَا
جَيْشٌ مُحِيطٌ بِالْمَدِينَةِ وَخَيْلٌ وَمَرْكَبَاتٌ.

فَقَالَ
غُلاَمُهُ لَهُ: آهِ يَا سَيِّدِي! كَيْفَ نَعْمَلُ؟ [15]

فَقَالَ:
لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. [16]

v    
فتح الرب عيوننا ورأينا المعونات التي تحمينا …
كأن الرب قال لنا برهبته: أنظروا عظمة الشهداء الذين أعطيتكم" ، فنرى بعيون
مفتوحة مجد الرب الذي يعين في آلام الشهداء، وحال في أعمالهم[4].

القديس
أمبروسيوس

          اللَّه
يفتح أفواه قديسيه لينطقوا بالحق (أف19:6)، وآذانهم ليفهموا كلمته (إش4:50-5)،
وأعينهم ليروا عنايته ورعايته.

v           
يفتح اللَّه الفم والآذان والأعين لكي ما يتكلم
أو نمير   إذ نسمع ما هي كلمات اللَّه[5].

العلامة
أوريجينوس

          كما
يدخل الرب إلى الفم ليقدسه وأيضًا الأذنين والعينين يحاول إبليس أن يدخل ليملك
ويهلك (رو29:1-30). فقد قيل عن يهوذا أنه دخله شيطان (يو27:13).

v    
لا يوجد أناس على الخيل  ، إنما وجدت مركبات
وخيل فقط، بمعنى آخر جموع من الملائكة. كانوا مركبات وخيلاً قائد المركبة هو الرب
هذا هو السبب الذي لأجله تغنى حبقوق: "مركباتك مركبات خلاص " 8:3.

هذا يقال لله،
نعم فقط

أن كنا نحن
أيضًا خيل الله، ويتنازل الله فيمتطينا ! وأما الخيل الأخرى فتنام نومًا عميقًا مع
قائدي المركبات[6].

v  صعد
فرعون على خيله، وغرق في سُبات وهلك. كان للمصريين خيلهم، لكنهم هلكوا. هذا هو
السبب الذي لأجله جاء في الناموس ألا يملك يهودي حصانًا (تث 17: 16). تذكرون أن
سليمان لم يكن له خيل من أورشليم أو اليهودية، وإنما اشتراها من مصر (1 مل 10: 28)
الخيل دائمًا معروضة للبيع في مصر. "البعض أقوياء بالمركبات، والبعض بالخيل،
أما نحن فأقوياء باسم الرب إلهنا" (مز 20: 7). هؤلاء بالحقيقة، الذين يمتطون
الخيل ينامون ويهلكون. للرب أيضًا خيل، كما له أيضا جبال مشرقة، بينما جبال
الشيطان مملوءة ظلامًا. الآن كما توجد جبال متلألئة وجبال مظلمة، هكذا توجد خيول
صالحة وخيول رديئة. لقد قدمنا ملاحظات قليلة عن الخيول الرديئة، فلنقل شيئًا عن
الخيول الصالحة. عندما جاء الفرسان إلى اليشع للقبض عليه وخرج الخادم الصبي ورأى
جيش الآشوريين حول المدينة، قال اليشع: "لا تخف، فإن الذين معنا أكثر من
الذين علينا". بعد قليل قيل في الملوك: "افتح يا رب عينيْ الغلام
ليرى". وإذ انفتحت عيناه رأى مركبات وخيول. هذه جاءت للمعونة. لاحظوا إنه
قيل: “مركبات وخيول". لم يوجد رجال على الخيل، بمعني آخر كانوا جموع
الملائكة. كانوا مركبات وكانوا خيلاً. قائد المركبة هو الرب. لهذا يتغنى حبقوق
النبي: "مركباتك هي الخلاص" (حب 3: 8). هذا قيل لله. آه، لو كنا نحن
أيضا خيول الله ويعيننا الله ليمتطينا![7]

القديس
جيروم

v  "
الفرس وراكبه طرحهما في البحر، صار معيني وحامي في الخلاص (خر 15: 12). الناس
الذين يقتفون أثرنا هم خيول، وهكذا كل الذين يولدون في الجسد هم رمزيًا خيول.
هؤلاء لهم ركابهم. توجد خيول يركبها الرب، ويجولون في كل الأرض، هؤلاء قيل عنهم: “فرسانك
هم الخلاص". على أي الأحوال توجد خيول ركابهم هم إبليس وملائكته. يهوذا كان
فرسًا، إذ كان الرب راكبه كان جزء من فرسان الخلاص. إذ أرسل مع الرسل الآخرين
بالحق شفى مرضى وأعطي صحة للضعفاء (مت 10: 1). لكنه إذ خضع للشيطان – إذ بعد
اللقمة دخله شيطان (يو 13: 27)، صار الشيطان راكبه، وإذ اقتيد بلجامه بدأ يسير ضد
ربنا ومخلصنا. إذن كل الذين يضطهدون القديسين، هم خيول تصهل، لهم ملائكة أشرار
ركاب عليهم، يقودونهم، لذا فهم متوحشون. لذلك عندما ترى مضطهدك في ثورة عنيفة جدا
اعرف أن شيطانا يمتطيه يثيره، لذا فهو عنيف وقاسى[8].

العلامة
أوريجينوس

وَصَلَّى
أَلِيشَعُ وَقَالَ:

يَا رَبُّ،
افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ.

فَفَتَحَ
الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ،

وَإِذَا
الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ. [17]

كتب القديس
جيروم
رسالة إلى استوخيوم عن الحياة الرهبانية، جاء فيها :

+ بالنسبة
لنا نحن البشر هذه الحياة هي حلبة صراع، فنحن هنا نجاهد، وهناك نكلل … يسقط ألف
بجوارك وربوة عن يمينك، لكنهم لا يقتربون إليك 0 مز 91). عندما تضايقك قوات العدو
، عندما يلتهب هيكلك وتثور أهواؤك، عندما تقول في قلبك ماذا أفعل؟ تقدم لك كلمات
اليشع الإجابة: " لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم" (66) .
أنه سيصلى: " يا رب أفتح عيني أمتك فتبصر" . عندئذ إذ تنفتح عيناك سترين
مركبة نارية مثل تلك التي لايليا، تنتظرك لكي تحملك إلى السماء ( 2 مل 2:11). بفرح
ستترنمين: " نجت أنفسنا كالعصفور من فخاخ الصيادين، الفخ أنكسر ونحن
نجونا" ( مز 7:124)[9].

القديس
جيروم

St. Jerome: Letters, 22:3.

وَلَمَّا
نَزَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى أَلِيشَعُ إِلَى الرَّبِّ:

اضْرِبْ
هَؤُلاَءِ الأُمَمَ بِالْعَمَى.

فَضَرَبَهُمْ
بِالْعَمَى كَقَوْلِ أَلِيشَعَ. [18]

فَقَالَ
لَهُمْ أَلِيشَعُ:

لَيْسَتْ
هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَ، وَلاَ هَذِهِ هِيَ الْمَدِينَةَ.

اتْبَعُونِي
فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ.

فَسَارَ
بِهِمْ إِلَى السَّامِرَةِ. [19]

فَلَمَّا
دَخَلُوا السَّامِرَةَ قَالَ أَلِيشَعُ:

يَا رَبُّ
افْتَحْ أَعْيُنَ هَؤُلاَءِ فَيُبْصِرُوا.

فَفَتَحَ
الرَّبُّ أَعْيُنَهُمْ فَأَبْصَرُوا

وَإِذَا
هُمْ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ. [20]

يقول القديس
أمبروسيوس
: [على أي الأحوال أراد اليشع أن يخلص لا أن يهلك هؤلاء الذين خدعوا
بالحق، فأنه لم يصابوا بالعمى بتصرف غبي بل بقوة الرب.]

فَقَالَ
مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لأَلِيشَعَ لَمَّا رَآهُمْ:

هَلْ
أَضْرِبُ؟ هَلْ أَضْرِبُ يَا أَبِي؟ [21]

          في
قصة إصابة الجنود بالعمى لم يسمح إليشع للملك أن يقتلهم بل يستضيفهم ليشهدوا للَّه
الذي يريد أن يفتح العيون الداخلية لترى مراحم اللَّه وتدرك خطته.

          طلب
إليشع النبي من الملك ألا يقتل الأراميين، إذ كان يجب على الملك ألا ينسب لنفسه
الفضل فيما فعله اللَّه وحده.

يعلق القديس
أمبروسيوس
على تصرف اليشع الذي آمن بحماية الله وفي نفس الوقت لم ينتقم لنفسه
بل بالعدل طلب تقديم طعام للجند الذين سلمهم الرب له دون تعب بشرى. يقول: [واضح من
هذا أن الإيمان والعدل يجب حفظهما حتى في الحرب، وأنه لأمر مشين أن ينتهك الإيمان[10].]

فَقَالَ:
لاَ تَضْرِبْ!

تَضْرِبُ
الَّذِينَ سَبَيْتَهُمْ بِسَيْفِكَ وَبِقَوْسِكَ.

ضَعْ خُبْزاً
وَمَاءً أَمَامَهُمْ

فَيَأْكُلُوا
وَيَشْرَبُوا ثُمَّ يَنْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ. [22]

فَأَوْلَمَ
لَهُمْ وَلِيمَةً عَظِيمَةً

فَأَكَلُوا
وَشَرِبُوا،

ثُمَّ
أَطْلَقَهُمْ فَانْطَلَقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ.

وَلَمْ
تَعُدْ أَيْضاً جُيُوشُ أَرَامَ تَدْخُلُ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. [23]

          لا
نعلم المدة التي كف فيها الآراميون عن مهاجمة المملكة الشمالية، لكن الأرجح أنه قد
مضت بضع سنوات قبل حدوث الهجوم المذكور في ع24، إذ لابد أن الآراميين قد نسوا هذه
القصة.

وَكَانَ
بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ بَنْهَدَدَ مَلِكَ أَرَامَ جَمَعَ كُلَّ جَيْشِهِ

وَصَعِدَ
فَحَاصَرَ السَّامِرَةَ. [24]

          الأرجح
أن هذا كان بنهدد الثاني الذي حكم أبوه آرام في أيام الملك بعشا (1مل18:15). وقد
أحبط إليشع محاولات بنهدد الثاني للاستيلاء على إسرائيل.

وَكَانَ
جُوعٌ شَدِيدٌ فِي السَّامِرَةِ.

وَهُمْ حَاصَرُوهَا

حَتَّى
صَارَ رَأْسُ الْحِمَارِ بِثَمَانِينَ مِنَ الْفِضَّةِ

وَرُبْعُ
الْقَابِ مِنْ زِبْلِ الْحَمَامِ بِخَمْسٍ مِنَ الْفِضَّةِ. [25]

          سبق
أن أنبأ سفر التثنية بحدوث المجاعات عندما يرفض إسرائيل قيادة اللَّه له.

وَبَيْنَمَا
كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَائِزاً عَلَى السُّورِ

صَرَخَتِ
امْرَأَةٌ إِلَيْهِ:

خَلِّصْ يَا
سَيِّدِي الْمَلِكَ. [26]

فَقَالَ:
لاَ! يُخَلِّصْكِ الرَّبُّ.

مِنْ أَيْنَ
أُخَلِّصُكِ؟

أَمِنَ
الْبَيْدَرِ أَوْ مِنَ الْمِعْصَرَةِ؟ [27]

ثُمَّ قَالَ
لَهَا الْمَلِكُ: مَا لَكِ؟

فَقَالَتْ:
هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي:

هَاتِي
ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. [28]

فَسَلَقْنَا
ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ.

ثُمَّ
قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ

فَخَبَّأَتِ
ابْنَهَا. [29]

فَلَمَّا
سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ

مَزَّقَ
ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ،

فَنَظَرَ
الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ. [30]

فَقَالَ:
هَكَذَا يَصْنَعُ لِي اللَّهُ وَهَكَذَا يَزِيدُ

إِنْ قَامَ
رَأْسُ أَلِيشَعَ بْنِ شَافَاطَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ. [31]

وَكَانَ
أَلِيشَعُ جَالِساً فِي بَيْتِهِ وَالشُّيُوخُ جُلُوساً عِنْدَهُ.

فَأَرْسَلَ
رَجُلاً مِنْ أَمَامِهِ.

وَقَبْلَمَا
أَتَى الرَّسُولُ إِلَيْهِ قَالَ لِلشُّيُوخِ:

هَلْ
رَأَيْتُمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاتِلِ هَذَا قَدْ أَرْسَلَ لِيَقْطَعَ رَأْسِي؟

انْظُرُوا
إِذَا جَاءَ الرَّسُولُ فَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَاحْصُرُوهُ عِنْدَ الْبَابِ.

أَلَيْسَ
صَوْتُ قَدَمَيْ سَيِّدِهِ وَرَاءَهُ؟ [32]

وَبَيْنَمَا
هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِالرَّسُولِ نَازِلٌ إِلَيْهِ.

فَقَالَ:
هُوَذَا هَذَا الشَّرُّ هُوَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.

مَاذَا
أَنْتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعْدُ؟ [33]

          لماذا
ألقى الملك باللوم على إليشع النبي بخصوص المجاعة ومتاعب الحصار؟

          أولاً: ربما أخبر
إليشع النبي الملك بضرورة الرجوع إلى اللَّه بالتوبة، وبالفعل لبس الملك المسوح،
لكنه لم يرجع بقلبه غ اللَّه، وإذ لم يُرفع الحصار حسب مشورة النبي خداعًا له.

          ثانيًا:
على مدى قرون كان الصراع بين الملوك والأنبياء مرًان فكان الملوك يتطلعون إلى
الأنبياء بأنهم سبب المتاعب.

          ثالثًا:
ربما تذكر الملك كيف انهي إيليا النبي المجاعة (1مل41:16-46) فأدرك أنه في إمكانية
إليشع أن يفعل ذلك إن أراد، فغضب عليه لأنه لم يفعل شيئًا لإنقاذ المملكة.

ملوك 6:

نجح داود
كملك كما سبق فنجح صموئيل كنبي وقائد عظيم، لكن كليهما كان لهم مششاكلهما العائلية
مع نجاح داود العظيم كقائد فشل كأب.

كان داود متهاوناً في
تربيته لأبنائه، فلم يكن حازماً على أدونيا، لهذا تصرف أدونيا دون استئذان والده.

 

v  يبدو
أن الفأس الذى سقط يشير إلى آدم أو إلى آدم إو إلى الجنس البشرى كله. لذلك فإن ابن
الأنبياء أمسك بالفأس فى يده، لأن ربنا ومخلصنا فى يد قوته الجنس البشرى الذى
خلقه. وكما سقط الفأس من يد النبى فى الماء، هكذا خلال الكبرياء الذاتى سقط الجنس
البشرى وغطس فى نهر ال
dissipation ومياه كل خطية. هكذا سقط الفأس فى الماء لأن الجنس البشرى سقط فى
أعماق كل الرذائل فى دمار محزن. كما ُكتب: "غرقت إلى أعماق المياه والسيل
غمرنى" مز3:68. النهر الذى سقط فيه الفأس يشير إلى الملذات أو ال
dissipation
لهذا العالم العابرة…
والfleeting والمنحدرة إلى الأعماق…

          عند
مجئ اليشع ألقى قطعة خشب فعام الحديد. ماذا يعنى إلقاء قطعة خشب وظهور الحديد فى
النور إلاّ صعود ال
gibbet  الذى للصليب وصعود الجنس البشرى من عمق الهاوية وتحرره من وحل كل
الخطايا بسر الصليب؟ بعد أن عام الحديد وضعه النبى فى يده لكى يصلحه ويرده إلى
عمله النافع لسيده[11].

الأب
قيصريوس أسقف آرل

v  هكذا
أيضًا حدث لنا أيها الإخوة الأباء الأعزاء. نحن الذبن سقطنا كم يد الرب بالكبرياء
استحققنا أن نعود ثانية إلى يده وقوته خلال خشبة الصليب. لذلك ليتنا نجاهد لمعونته
قدر ما نستطيع حتى لا نسقط ثانية من يده خلال الكبرياء بدون أية استحقاق صالح ذاتى
لنا قد ُجبلنا من الظلمة إلى النور، دعينا من الموت إلى الحياة، استرددنا الطريق
الحق عمض الأخطاء الكثيرة. لهذا ليتنا نسرع ونحن تملك نور الحياة ولا نهمل أيام
الخلاص العابرة. ليت العذوبة غير الصحية وأفراح العالم الخطير للغاية لا تبهجاننا،
لئلا نسقط ثانية من الأعمال الصالحة وطريق العدل كما من يد الرب، مسرعين إلى نهر
هذا العالم الشرير… لنصغى إلى قول الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح
فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين اللَّه؛ اهتموا بما فوق" كو1:3،2.
لماذا يقول: "إن كنتم قد قمتم" ما لم يكن قد سقطنا؟ وفى موضع آخر يقول
نفس الرسول: "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح"
أف14:5. ألا يبدو لكم أنه يصرخ إلى الفأس الذى سقط فى الوحل؟ يقول استيقظوا أيها
النيام فى المياه العميقة فيضئ لكم المسيح خلال سر الصليب[12].

الأب
قيصريوس أسقف آرل

٢مل٦

V  
أي شيء
أكثر وضوحًا من سرّ هذه الخشبة – أن عناد هذا العالم قد غرقت في في أعماق الخطأ،
وقد تحررت بالعماد وبخشبة المسيح أي بآلامه، حتى أن ما قد سبق فهلك خلال الشجرة في
آدم قد أُصلح خلال الخشبة في المسيح؟…

هذه الخشبة
مرة أخرى حملها إسحق بن إبراهيم شخصيًا لأجل تقديمه ذبيحة عندما أمر الملك أن
يُقدم ذبيحة لأجله[13].

العلامة
ترتليان

٢
مل٦: ٦

V  
تنبأ داود
قائلاً: "طوبى للذين غفرت آثامهم وسُترت خطاياهم، طوبى لرجل لا يحسب له الرب
خطية" (مز٣٢: ١، ٢). هكذا يشير إلى مغفرة الخطايا
التي تتم بمجيئه، إنه محا الصك الذي لديننا، "مسمرًا إياه على الصليب"
(١كو٢: ١٤). حتى انه بواسطة خشبه صرنا مدينين لله وهكذا
بخشبه ننال غفران ديننا.

هذه الحقيقة
ثبتت بطريقة واضحة بآخرين خاصة بواسطة اليشع النبي…

أشار النبي
لعمله هذا إلى أن كلمة الله الأكيدة التي فقدناها بإهمالنا خلال شجرة، ولم تكن في
الطريق لنجدها من جديد، يليق بنا أن ننال تدبيرًا جديدًا لشجرة (أي صليب المسيح).
فإن كلمة الله هذه تشبه بفأس كما يعلق يوحنا المعمدان مشيرًا إليها: "والآن
قد وضعت الفأس على أصل الشجر" (مت٣: ١٠). وارميا النبي
أيضًا يقول ذات الـ
purpot : "كلمتي كمطرقة تحطم الصخر" (إر٢٣:
٢٩). هذه الكلمة قلت إختفت منا أعلنها تدبير الخشبة كما سبق فأشرت.
وكما فقدناها بواسطة خشبة، تعلن من جديد للكل بواسطة خشبة لتظهر الإرتفاع والطول
والعرض والعمق في داخلها[14].

القديس ايريناؤس

 



[1] Letter to Rusticus 125:
7.

[2] Irenaeus Against Heresies
5 : 17 : 2, 3.

[3] Tertullian : An Answer to
the Jews, 13 .

[4] St. Ambrose: Letters, 22:11.

[5] Homilies on
Exodus, 3.

[6] Hom. 9 on Ps.75 (76).

[7]
Homilies on Psalms 9.

[8]
Homilies on Exodus 6:2.

[9] St. Ambrose: Duties of
the Clergy, book 3:14:87.

[10] St. Ambrose: Duties of
the Clergy, book 1:29:140.

[11] Sermon 129:5.

[12] Sermon 130:1, 2.

[13]
Tertullian: An Answer to the Jews, 13.

[14]
Irenaeus: Against Heresies, 5: 17: 2, 3.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر التكوين Genesis 15

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي