اَلْمَزْمُورُ
التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ

سجل داود
النبي هذا المزمور عندما حاصر شاول الملك بيته، ليقيض عليه ويقتله. لكن زوجته
ميكال – ابنة شاول – أنقذته إذ دلته من السور، وانقذته من القتل
(1 صم  19:
12)
،
وذلك كما جرى لبولس الرسول في دمشق
(أع  9: 25). قالت ميكال
للحراس إن داود مريض، فكانوا يحرسون الباب الليل كله، منتظرين قيامه من سرير مرضه،
وفي النهار عرف الملك وجواسيسه حيلة ميكال.

يرى البعض
في هذا الحدث نبوة عما يحدث مع السيد المسيح، حيث كان الحراس واقفين حول القبر،
وكان الحجر مختومًا، وفي فجر الأحد وجدوا الأكفان والقبر فارغًا. لقد قام من
الأموات كما من الرقاد، وذلك بقوة لاهوته.

1. طلب
الخلاص من الأشرار       1-7.

2. ثقة
المرتل في الله المخلص    8-10.

3. هلاك
الأشرار                    11-15.

4. تسبيح
لله المخلص              16-17.

العنوان

لإِمَامِ
الْمُغَنِّينَ.

عَلَى لاَ
تُهْلِكْ.

مُذَهَّبَةٌ
لِدَاوُدَ لَمَّا أَرْسَلَ شَاوُلُ،

وَرَاقَبُوا
الْبَيْتَ لِيَقْتُلُوهُ.

قدم المرتل
هذه الصلاة أو الصرخة نحو الله لإنقاذه، إذ كانت عداوة شاول له في بدايتها. لقد
بدأ حقد شاول ينفجر، فارتبك داود في حزنٍ ومرارةٍ، لكنه كان رابط الجأش، يؤمن أن
طريق الخلاص الوحيد هو الالتجاء إلى الله بالصلاة والشركة معه، والتسبيح له.

أَنْقِذْنِي
مِنْ أَعْدَائِي يَا إِلَهِي.

مِنْ
مُقَاوِمِيَّ احْمِنِي [1].

يرى البعض
مثل آدم كلارك أن هذا المزمور يناسب أحداث بناء أسوار أورشليم على يدي نحميا، مع
مقاومة سنبلط وطوبيا وجشم ضد نحميا والعاملين معه، حتى لا يقوموا ببناء أسوار
أورشليم.

لكن كثيرين
يرون أنه يناسب أيضًا ما حدث مع داود حين استطاع ميكال أن تدرك خلال أحد أفراد
أسرتها أن كمينًا ينتظر خروج داود صباحًا لقتله. إن كانت ميكال ابنة شاول قد قامت
بإنقاذ داود زوجها من يد أبيها، فإن داود من جانبه أدرك أن الخلاص ما كان يمكن أن
يتحقق دون تدخل العناية الإلهية. الله وحده قادر أن يرفعه فوق حقد شاول وكل خططه.

نَجِّنِي
مِنْ فَاعِلِي الإِثْم،ِ

وَمِنْ
رِجَالِ الدِّمَاءِ خَلِّصْنِي [2].

يترجم البعض
والنص العبري: "ارفعني في الأعالي". فإن كان الأعداء قد قاموا
عليه في تشامخ كما من العلو لتقله، وكان في تقديرهم أنه لن يفلت من أيديهم، إذا
بالمرتل يطلب ممن هو في الأعالي أن يرفعه كما في برج سماوي، ليس من عدو يقدر أن
يلحق به، إذ الله نفسه هو برجه وملجأه وحصن حياته.

يرى الأب
أنثيموس الأورشليمي
أن أعداء المرتل هنا هم شاول ورجاله وأيضًا الرئاسات
وسلاطين ظلمة الشيطان وجنوده الذين يثيرون الظلام على رجال الله. كما يرى أن
الحديث هنا فيه دعوة النبي لابن الله فادي العالم أن يأتي. ويرى أيضًا انه حديث
السيد المسيح نفسه حيث يطلب من الآب عن جماعة المؤمنين بكونهم جسده.

v      
بقوله "افدني" (احمني) يلتمس
حضور ابن الله الذي جعل نفسه فدية عن العالم. وأيضًا هذا القول موجه كما من قبل
ربنا، إذ يطلب من الله أبيه خلاصًا لجماعة المؤمنين الذين هم جسده من الاعداء
المنظورين ومن الذين يصنعون الإثم ومن سافكي الدماء الذين يهيمون واثبين على قتله
وقتل رسله من بعده وقتل من يتبعهم. وأيضًا يطلب خلاصهم وتبريرهم من فعل الإثم
والقتل. لكن طلبته لدى الآب وتضرعه إليه ليس عن ضعف ولا عن صغر لسلطان أو نقصان
لسيادته عن سيادة الآب، حاشا! وإنما فقط لكي يعلن عن كمال ناسوته، وليعلمنا أن
نستغيث بالله عند ورود الشدائد.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر ريكابيّون ن

الأب
أنثيموس الأورشليمي

لأَنَّهُمْ
يَكْمُنُونَ لِنَفْسِي.

الأَقْوِيَاءُ
يَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ،

لاَ
لإِثْمِي وَلاَ لِخَطِيَّتِي يَا رَبُّ [3].

من هم
الأقوياء الذين يكمنون لنفس البار ويجتمعون معًا عليه، لا لشرٍ ارتكبه ولا إثم
اقترفه؟ إنهم قوات الظلمة التي لا تقبل النور، فعدو الخير وملائكته يعملون
دومًا لتحطيم خائفي الرب، لا لشيء إلا لانتسابهم لله أبيهم.

هؤلاء
الأقوياء أيضًا هم أصحاب السلاطين في كثير من العصور يستخدمون سلطانهم
وإمكانياتهم لمقاومة الصديقين.

هؤلاء
الأقوياء هم القيادات التي ثارت على ربنا لصلبه، لعلهم يخلصون منه.

هؤلاء
الأقوياء هم أيضًا الخطايا التي تنتهز كل فرصة لكي تنحدر بالإنسان إلى الفساد. فقد
قيل عن الخطية إنها عار الشعوب، تقيم من الإنسان عبدًا لها عاجزًا عن التصرف حسب
إرادته، فيعمل لا ما يريده، بل ما تريده الخطية الساكنة فيه، أما ثمرها فهو الموت،
فإن صار لها موضع فيّ تعيش في داخلي وأموات أنا. إنها مخادعة وقتّالة؛ ناموسها
يحارب ناموس ذهني، فأسلك كمن هو بغير وعي. وأما مقاومتها فيحتاج إلى جهاد حتى
الدم. أخيرًا فإن من يمارسها فهو من إبليس. هذه هي الخطية العنيفة كما يصورها
الكتاب المقدس.

v      
"الأعزاء" (الأقوياء)
هنا هم شاول وأنتيخوس وغيرهما من الملوك. وأيضًا هم رؤساء اليهود وأحبائهم الذين
بشدة عزمٍ كانوا يصطادون ربنا ليقتلوه، وأيضًا الخطية التي تصيد بلذتها نفس
الإنسان لتقتلها، والصيد تقوم به الأبالسة.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

بِلاَ
إِثْمٍ مِنِّي يَجْرُونَ وَيُعِدُّونَ أَنْفُسَهُمُ.

اسْتَيْقِظْ
إِلَى لِقَائِي وَانْظُرْ [4].

v      
تدل الترجمة السبعينية على ربنا له المجد الذي
جرى طريق حياته في العالم، وانجز تدبير الخلاص، ولم يصنع خطية، ولا وُجد في فمه
غش.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

v  الذي
يجري بسرعة لا يظهر كمن يلمس الأرض، بل يبدو كما لو كان له أجنحة. (يقوب أيوب)
"حياتي أسرع من عدَّاء" (أي 9: 25) إني أتطلع إلى فوق؟ "لست أركض
عن غير هدفٍ" (راجع 1 كو 9: 26). إنني لا ألمس الأرض". إذ يريد الأبرار
أن يبلغوا الخط النهائي يستمرون في الجري، حتى وإن ركضوا وسط عوائق. كمثال عندما
تحل بهم ضيقة يستمرون في الركوض. حتى داود ركض، إذ قال: "ركضت بدد إثم، مستمر
في الركوض باستقامة إلى الأمام" (راجع مز 59: 4)
[1].

القديس
ديديموس الضرير

وَأَنْتَ
يَا رَبُّ إِلَهَ الْجُنُودِ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ

انْتَبِهْ
لِتُطَالِبَ كُلَّ الأُمَمِ.

كُلَّ
غَادِرٍ أَثِيمٍ لاَ تَرْحَمْ. سِلاَهْ [5].

يرى كثير من
الآباء أن العبارة هنا لا تعني الانتقام من الأمم، بل دعوة للأمم لقبول الايمان
الذي رفضه إسرائيل أو اليهود في أيام السيد المسيح.

يَعُودُونَ
عِنْدَ الْمَسَاءِ

يَهِرُّونَ
مِثْلَ الْكَلْبِ وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ [6].

v                
معنى المساء هو نهاية النهار، ويدل على حلول
ربنا بالجسد في نهاية الزمان.

إذ يقول
النبي بأن اليهود يجوعون (يهرون) لعدم قبولهم الخبز الإلهي النازل من السماء،
ويصيرون وقحين مثل الكلاب. وقد جاء عنهم في إشعياء أنهم جميعًا ذئاب عميان وجهلاء
مثل كلابٍ بُكم لا تقدر ان تنبح (إش 56: 10)… وقد دعاهم كلابًا لأنهم عند تسليم
ربنا كانوا يصرخون عليه بسفاهة ولا يعرفون ماذا يقولون. لهذا حرمهم الله من جميع
المواهب التي كانت لهم، وصاروا يطوفون جياعًا من خيرات الله مثل الكلاب، وأما
مدينتهم التي دنسوها بقتلهم (البار) فطردوا منها وعادوا يدورون حولها ولا يُسمح
لهم بالسكنى فيها كما كانوا سابقًا.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نوجه ه

الأب
أنثيموس الأورشليمي

v  لنطلب
الشهادات الخاصة بآلام المسيح… لقد تقبلت مني الشهادات الخاصة بمجيئه وبسيره
على البحر
، إذ كتب
"في
البحر طريقك" (مز 77:
19). لنبدأ الآن بالألم. كان يهوذا
خائنًا ووقف ضد المسيح. فمع أنه كان يحدثه بكلمات السلام كان يدبر حربًا. لهذا
يقول المرتل: "أحبائي وأصحابي يقفون تجاه ضربتي" (مز 38:
11). وأيضًا:
"ألين من الزيت كلماته، وهي سيوف مسلولة" (مز 55:
21). قال: "السلام
يا سيدي" (مت 26:
49) وهو يخون سيده إلى الموت. إذ لم
يرتدع من تحذير سيده القائل "يهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟!
" (لو 22: 48)

إن ما قاله
الرب له هو تأويل اسم "يهوذا" الذي يعني "اعتراف". لقد تآمرت
وقبضت الثمن اعترف بسرعة.

"يا
إله تسبيحي لا تسكت.
لأنه قد انفتح عليّ فم شرير، وفم الغش. تكلموا
معي بلسان كذب. بكلام بُغض أحاطوا بي، وقاتلوني بلا سبب" (مز 109:
1-3). كان
بعض رؤساء الكهنة حاضرين، وقد تم القبض عليه عند أبواب المدينة، وبهذا تحقق قول
المزمور "يعودون عند المساء، يهرون مثل الكلاب ويدورون في المدينة" (مز 59:
6)[2].

القديس كيرلس الأورشليمي

v      
كانت توجد مجاعة، ليس في موقع معين وحده، بل في
العالم كله، إذ لم يوجد من يصنع صلاحًا. لذلك فإن الرب يسوع المسيح، إذ تحنن على
جائعي العالم، فتح خزائن القمح،  وكشف عن مخازن الأسرار السماوية الخفية التي
للحكمة والمعرفة، حتى لا يعتاز أحد إلى قوتٍ. إذ قالت الحكمة: "تعالوا كلوا
خبزي" (أم 9: 5)؛ من يمتلئ بالمسيح، هو وحده يقدر أن يقول: "الرب يقوتني
فلا أعتاز إلى شيءٍ" (راجع مز 23: 1)[3].

القديس
أمبروسيوس

هُوَذَا
يُبِقُّونَ بِأَفْوَاهِهِمْ.

سُيُوفٌ فِي
شِفَاهِهِمْ.

لأَنَّهُمْ
يَقُولُونَ: مَنْ سَامِعٌ؟  [7].

v      
بقولهم "بافواههم" يعني بصراخ افواههم
إلى بيلاطس عن المسيح: ارفعه ارفعه، أصلبه، وبما نطقت بهم شفاههم طعن جنود بيلاطس
جنبه. فكانت الحراب في شفاههم.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

أَمَّا
أَنْتَ يَا رَبُّ فَتَضْحَكُ بِهِمْ.

تَسْتَهْزِئُ
بِجَمِيعِ الأُمَمِ. [8].

v      
قال النبي سابقا (59: 5): انتبه لتفتقد كافة
الأمم، والآن يقول: ترذل كافة الأمم، فهل في هذا القول تناقض للقول السابق؟ كلا،
لأن الذهبي الفم يقول: بالكلام السابق يعني جماعة الأمم وشعوبها الذين آمنوا
بالمسيح، وأما هنا فيتحدث عن الأمم من جماعة الأبالسة، وعن صانعي أعمال الأمم
الشنيعة، وعن الذين يضطهدون إيمان المسيح.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

مِنْ
قُوَّتِهِ إِلَيْكَ أَلْتَجِئُ لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي [9].

إِلَهِي
رَحْمَتُهُ تَتَقَدَّمُنِي.

v      
إن داود مسحه صموئيل النبي ملكًا من قبل الله،
وهو أيضًا بروح النبوة كان عارفًا أنه سيخلف الملك شاول، لكنه لم يرد هلاك شاول
لئلا يكون قد أخذ المُلك اغتصابًا وقهرًا، بل احتمل اضطهاداته منتظرًا الفرج من
قبل الله. فيقول أنا أحفظ عزي لديك، أي ادخرت المُلك عنك إلى حين تتحقق إرادتك.
ونحن المؤمنون أيضًا نستودع حياتنا ومُلكنا لدى المسيح إلهنا.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

اللهُ
يُرِينِي بِأَعْدَائِي [10].

لاَ
تَقْتُلْهُمْ لِئَلاَّ يَنْسَى شَعْبِي.

تَيِّهْهُمْ
بِقُوَّتِكَ وَأَهْبِطْهُمْ يَا رَبُّ تُرْسَنَا [11].

خَطِيَّةُ
أَفْوَاهِهِمْ هِيَ كَلاَمُ شِفَاهِهِمْ.

وَلْيُؤْخَذُوا
بِكِبْرِيَائِهِمْ

وَمِنَ
اللَّعْنَةِ وَمِنَ الْكَذِبِ الَّذِي يُحَدِّثُونَ بِهِ [12].

أَفْنِ
بِحَنَقٍ أَفْنِ وَلاَ يَكُونُوا

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر إرميا 31

وَلْيَعْلَمُوا
أَنَّ اللهَ مُتَسَلِّطٌ فِي يَعْقُوبَ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. سِلاَهْ [13].

وَيَعُودُونَ
عِنْدَ الْمَسَاءِ.

يَهِرُّونَ
مِثْلَ الْكَلْبِ وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ [14].

v      
يخص النبي هنا أعداء المسيح ويدعوهم أعداءه،
لكون المسيح الإله ياتي من نسله. إنه يطلب من أجلهم بأن لا يقتلهم موتًا بل
يُشتتهم مبددًا. وذلك لئلا تنسى الشعوب عدل الله وحق شريعته، لأنه لو أباد اليهود
الذين صلبوا المسيح بالكلية لكان مع مرور الزمن قد اندثر ذكرهم وتعلمهم.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

v  كيف
ترى هيئة ذوات الأربع؟ إن رأسها منحنٍ صوْب الأرض، وهي تنظر إلى بطنها، تفتِّش عن
الأشياء التي تتلذذ بها. أما أنت أيها الإنسان فرأسك مرتفع نحو السماء، وعيناك
تنظران إلى العُلى، فإذا كنت تتلطَّخ بشهوات الجسد، وتتعبَّد للذَّات الجوف،
وللَّذَّات السُفلية، فأنت بهذا تقترب من الحيوانات التي لا تعقل وتتشبه بها (مز
58: 13). إني أعرض عليك الاهتمام بأمر آخر يليق بك: "اُطلب الأشياء السامية،
حيث المسيح" (كو 3: 1). وارتفع فوق أعراض الدنيا الفانية، وتعلَّم من تكوينك
الجسدي، واجعله قانونًا لحياتك: فمدينتك هي السماء، ووطنك الحقيقي هو أورشليم
العليا، ومواطنوك هم الأبكار، الذين كتبت أسماؤهم في السماوات[4].

القديس
باسيليوس الكبير

v  أناشدكم
إذاً أن تتجددوا (أف 4: 20–24؛ رو 12: 1–2). فلتتعلموا أن في الإمكان أن تتجددوا,
وتلقوا عنكم هيئة (الخنزير) التي هي صفة النفس غير النقية, وهيئة (الكلب), التي
تصف من ينبح ويعوي, ويتحدث بالبذاءات.

في
الإمكان التحول, حتى عن هيئة (الأفعى) , حيث يخاطَب الأشرار بالقول: "أيها
الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33).
فإذا ما اقتنعنا أن في
مقدورنا التحول عن شبه الأفاعي والخنازير والكلاب, فدعنا نتعلم من الرسول, كيف يتم
هذا التحول, الذي يعتمد علينا. فهو يعبر عن ذلك في قوله: "ونحن جميعًا ناظرين
مجد الرب بوجه مكشوف, نتغير إلى تلك الصورة عينها, من مجد إلى مجد, كما من الرب
الروح" (2 كو 3: 17). فإن كنت قبلاً نابحًا، ثم شكلتك الكلمة وغَيَّرَتك, فقد
تحّولت من كلبٍ إلى إنسانٍ. وإن كنت قبلاً غير طاهر, ولمست الكلمة نفسك, فقدمت
ذاتك لها لتشكلك, فقد تحوّلت من خنزيرٍ إلى إنسانٍ. وإن كنت قبلاً وحشا شرسًا،
واستمعت إلى الكلمة التي تستأنس وتروِّض, فحولتك بمشيئتها إلى إنسانٍ, فلن تخاطب
فيما بعد: "أيها الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33).

فإن
نحن أهملنا الدرس, فسنفقد الحقيقة التي نملكها بالفعل, جاذبيتها, كما يحذرنا كاتب
المزامير.

العلامة
أوريجينوس

هُمْ
يَتِيهُونَ لِلأَكْلِ.

إِنْ لَمْ
يَشْبَعُوا وَيَبِيتُوا [15].

أَمَّا
أَنَا فَأُغَنِّي بِقُوَّتِكَ وَأُرَنِّمُ بِالْغَدَاةِ بِرَحْمَتِكَ،

لأَنَّكَ
كُنْتَ مَلْجًَا لِي

وَمَنَاصًا
فِي يَوْمِ ضِيقِي [16].

v      
إنهم يتفرقون في العالم كما تتفرق القلوب في
الليل بسبب جوعها، ويطلبون غذاءً روحيًا ولا يجدون، فيضجرون كما هي عادتهم أي
الضجر والتقمقم.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

يَا
قُوَّتِي لَكَ أُرَنِّمُ لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي إِلَهُ رَحْمَتِي [17].

v      
هذا القول من قبل جماعة المؤمنين قائلة: أما أنا
فأسبح قدرتك بابتهاجٍ وسرورٍ على رحمتك ومتى صنعتها لي بعد قيامتك من الأموات
باشراق نور إيمانك على العالم كله.

الأب
أنثيموس الأورشليمي



[1] Commentary on Job  9: 25- 26.

[2] مقال 13: 9.

[3] On Joseph 6: 41.

[4] راجع الأب
الياس كويتر المخلصي: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البولسية، بيروت،
1989، ص 311. عظة 3:3.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي