اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالثَّانِي

صَلاَةٌ
لِمِسْكِينٍ إِذَا أَعْيَا وَسَكَبَ شَكْوَاهُ قُدَّامَ اللهِ

يَا رَبُّ
اسْتَمِعْ صَلاَتِي

وَلْيَدْخُلْ
إِلَيْكَ صُرَاخِي [1].

لاَ
تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي فِي يَوْمِ ضِيقِي.

أَمِلْ
إِلَيَّ أُذُنَكَ فِي يَوْمِ أَدْعُوكَ.

اسْتَجِبْ
لِي سَرِيعًا [2].

لأَنَّ
أَيَّامِي قَدْ فَنِيَتْ فِي دُخَانٍ

وَعِظَامِي
مِثْلُ وَقِيدٍ قَدْ يَبِسَتْ [3].

v  هكذا
هي قوة هذه الكارثة، أظهرت أن إنسانًا عظيمًا ومشهورًا كان أكثر الناس تفاهة. لذلك
إن دخل غني في هذا الاجتماع ينتفع كثيرًا من هذا المنظر، إذ يرى (أتروبيوس)
الإنسان الذي كان يهز العالم قد انسحب من علو تشامخ سلطته، راكضًا على ركبتيه في
خوف، أكثر رعبًا من الأرنب البرّي أو الضفدعة، مسمرًا على عمود هناك بلا ربط، لأن
خوفه يقوم بما تقوم به القيود، فيرتعب الغني وينكسر تعاليه ويتنازل عن كبريائه
طالبًا الحكمة الخاصة بالأعمال البشرية، مستخلصًا تعليمًا من مثل عملي، عن درس
يعلمنا إياه الكتاب المقدس موصيًا "كل جسد عشب، وكل جماله كزهر الحقل. يبس
العشب ذبل الزهر" (إش ٤٠: ٦). أو "فإنهم مثل الحشيش
سريعًا يقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون" (مز 37: ٢). أو "أيامي
قد فنيت في دخان" (مز ١٠٢: 3). وكل العبارات التي من هذا
النوع
[1].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

مَلْفُوحٌ
كَالْعُشْبِ وَيَابِسٌ قَلْبِي

حَتَّى
سَهَوْتُ عَنْ أَكْلِ خُبْزِي [4].

v  أما
بخصوص المرض، فإذا كان الجسد يأخذ كل يوم غذاءه ثم يسترخي، فهذا يأتي من الشياطين
إلاّ في حالة المرض. فالزم الاعتدال، وهذا يكون بالقيام من على المائدة قبل الشبع
بقليل، وذلك حسبما عيّن الشيوخ للمبتدئين. وعندما يبلغ الإنسان إلى قياس قول
الرسول:
"إننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 11)، لا يمكنه أن يسهو عن الكمية التي يجب أن يأكلها لأنه يكون
قد تدرّب (أو اعتاد) على ذلك. إنني أجبر نفسي على أن أتكلم في أمور تفوق عليَّ ولا
توجد ضرورة لذلك. وربما أيضًا لا يوجد إنسان كفء لأن يجنيها وأن يدركها سوى البعض
القليل. ولعل إله آبائنا يقودك إلى هذه المسرة، لأن هذا نور يفوق الوصف ومتألِّقٌ
وحلو. إنه لا يذكر الغذاء الجسدي، لأنه يسهو عن أكل خبزه (مز
102: 4). إن روحه تكون في مكان آخر، فهو يبحث عن السماويات ويفكر
في السماويات ويتأمل في السماويات، هناك حيث يكون المسيح عن يمين الآب. الذي له
المجد إلى الأبد آمين.

القديس
برصنوفيوس

v  أيها
الأخ أندراوس، إنني متعجِّبٌ لبساطتك! هل ترى ببساطةٍ أنّ الشيطان يسكت ولا
يُجرِّب أحدًا؟ أيمكننا أن نلوم الذين يُسقطهم الشيطان وهو يرغي ويزبد بغضبٍ؟ هكذا
أيضًا مع الذين يعمل فيهم للمخالفة ونقص التعاطف مع الآخرين، فلا يمكننا أن
نلومهم، بل نلوم الوجع (أي الهوى). اِنتبه لما قيل لك بفهمٍ، لأنّ الشيطان يعمل
فيك بالحقيقة أنت أيضًا، وأنت لا تلاحظ حالك، بل ترى حال قريبك بطريقةٍ عنيفة. ها
أنت تتكلم عن حال أخيك ولا تتكلم عن حالك أنت، لأنك منذ أيامٍ قليلة كنتَ تسأل عن
التواضع، وقيل لك أن تعتبر نفسك ترابًا ورمادًا وألاّ تعتبر نفسك شيئًا. إذن، هل يرغب
التراب والرماد والذي هو ليس بشيءٍ في تعاطف أي أحدٍ، ولا سيما من إنسان يعمل فيه
عدو الخير؟ وهذا بسبب أنك متقدِّمٌ عليه في العمر وفي الرهبنة وفي الكهنوت،
والمتقـدِّم ينبغي أن يحتمل الأقل منه قائلاً: "إنني أنا هو غير المستحق."

أمّا إذا
قلتَ ذلك دون أن تحتمل فهذا يكون غير ملائمٍ. فمَنْ تكون أنت يا مَنْ له عينان
لترى أوجاع الآخرين؟ إنك إنسان سمع إنجيل الأمور الفائقة. لأنك لو انشغلتَ بها
لسهوتَ عن أكل خبزك (مز 102: 4). ولكنك لم تذُقها بعد وهي لم تصر مرغوبةً لديك كما
ينبغي. اُذكر لعازر (لو 16: 20)، كيف أنه تحمّل طويلاً وهو يشكر الله، ولا تنسَ
أيضًا هذه، وكذلك ما قلتُه لك مرارًا: ”هذا حسدٌ من الشيطان“، إذ تعلم ما هو
مذّخرٌ لك. ولكنني أثق في الله أنّ الشيطان لن تكون له قدرة على أي شيء.

القديس
برصنوفيوس

v  سؤال
من الأب نفسه إلى الشيخ نفسه: كيف يحدث أنه عندما أريد أن أسيطر على بطني وأُنقص
من الطعام إلى الحد الضروري لا أستطيع ذلك؟ فإذا تناولتُ في أحد الأيام قليلاً من
الطعام الأقل قيمة، فإنني أعود بعد ذلك بطريقة غير محسوسة إلى مقداري السابق،
وهكذا أيضًا في الشرب.

جواب الأب
يوحنا:

إن محبتك
لَتذكِّرني، يا أخي، أن كل ما تقوله لي قد جرّبته بنفسي وعانيتُ منه أنا أيضًا.
ولا يوجد مَنْ هو مستثنى إلاّ الذي بلغ إلى درجة المرتل الذي قال: «سهوتُ عن أكل
خبزي، من صوت تنهُّدي لصق عظمي بلحمي» (مز102: 4-5). إنه وصل إلى نظام أقل في
الطعام والشراب لأن دموعه صارت هي خبزه، وبدأ منذ ذلك الوقت يتغذّى بالروح
(القدس). صدقني يا أخي، إنني أعرف إنسانًا يعرفه الرب كانت له هذه الدرجة: أنه
مرةً أو مرتين في الأسبوع وأكثر، كان يأسره الطعام الروحاني حتى إن حلاوته تُنسيه
الطعام المحسوس، وعندما يحين ميعاد الأكل يشعر مثل هذا الإنسان بالشبع والاشمئزاز
من الطعام ولا يريد أن يأكل، وبينما هو يأكل يُدين نفسه قائلاً: ”لماذا لا أكون
دائمًا هكذا“؟ ويتطلّع إلى أن يأخذ أكثر. فأين نحن يا أخي؟ أَلن نموت؟ اغفر لي،
فإنني لا أقصد أن أمجّد نفسي على أعمالي، إنني أمجّد أعمال آخرين، وهذا أيضًا لكي
أدين نفسي.

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم أخنوخ الثانى 62

فردوس
الآباء

v  في
بداية فترة سكونه
 (القديس
برصنوفيوس) اعتادوا أن يأتوا له بثلاث خبزات في الأسبوع من الدير. وفي نفس الوقت
كان يُعطي نفسه للبكاء حيث حصل من الدموع على حلاوة جعلته يكتفي بالقليل من الخبز.
بل إنه كثيرًا ما كان ينسى أن يتناول منها كما قال داود النبي: "يابسٌ قلبي
حتى سهوتُ عن أكل خبزي" (مز
102:
4). وأحيانًا كان يأكل من الخبز مرتين في الأسبوع. وأحيانًا يكون في وقت الطعام
كأنه شبعان، وعندما يأكل يلوم نفسه قائلاً: ”لماذا لا أكون في تلك الحالة
(الروحانية) على الدوام“؟ فمن حلاوة الطعام الروحاني كان أحيانًا ينسى الطعام الجسداني.
بل إنه كان يستطيع أن يكون في تلك الحالة طوال أيام حياته، فلا يأكل ولا يشرب، ولا
يكتسي بملابس لأن طعامه وشرابه ولباسه كان هو الروح القدس.

فردوس
الآباء

مِنْ صَوْتِ
تَنَهُّدِي لَصِقَ عَظْمِي بِلَحْمِي [5].

v  َ
سؤال من الأب نفسه إلى الشيخ نفسه: أتوسل إليك أيها الأب، أن تعرِّفني إمكانية
وطريقة البلوغ إلى تلك الحالة التي تتكلم عنها لأنني أجهلها. ففي الحقيقة، إنني في
كل مرة أجرِّب أن آكل قليلاً، فإن الضعف والاكتئاب لا يفارقانني بالقدر الذي
يجعلني لا أرجع إلى مقداري السابق. وكيف يمكنك أن تقول إن الإنسان يبلغ إلى قياس
ذاك الذي قال: «سهوتُ عن أكل خبزي، من صوت تنهُّدي لصق عظمي بلحمي» (مز 102: 4-5)
حتى إنه وصل إلى الاكتفاء بالقليل؟ اشرح لي، يا أبي، كيف أنه قبل أن آكل القليل
يمكن أن يلتصق عظمي بلحمي، فإنني لا أعرف من هو الذي يُنقص هكذا من غذائه!

جواب الأب
يوحنا:

إنك، يا
أخي، تجبرني أن أقول أشياء تفوق على قامتي، وأخاف أن أتكلم عن أفضال آخرين. إنه
مكتوب: «لصق عظمي بلحمي» (مز102: 4-5)، فهو يريد أن يقول إن جميع عظام الإنسان
موحَّدة، وعلى خلاف ذلك (وعلى وجه آخر) يقول إن جميع أفكار الإنسان قد صارت واحدة
بحسب الله. وهي عندما تلتصق بالجسد فهذا يعني أن الجسد يصير روحانيًا تبعًا للفكر
الذي بحسب الله، وعندئذ يتولد في القلب فرح الروح مغذّيًا للنفس ومسمِّنًا للجسد
ومحصِّنًا هذا وذاك. وحينئذ لا يوجد بعد ضعف ولا اكتئاب. لأن الرب يسوع يكون من
الآن فصاعدًا وسيطًا وهو يمكِّن الإنسان من الاقتراب إلى الهيكل، هناك حيث
"يهرب الحزن والتنهُّد" (إش 51: 11)، ويتم في هذا الإنسان القول
المكتوب: «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا» (مت 6: 21). وهذا هو التواضع
الكامل الذي يقود الإنسان إلى تلك القامة في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد إلى
الأبد.

فردوس
الآباء

شْبَهْتُ
قُوقَ الْبَرِّيَّةِ.

صِرْتُ
مِثْلَ بُومَةِ الْخِرَبِ [6].

أسَهِدْتُ
وَصِرْتُ كَعُصْفُورٍ مُنْفَرِدٍ عَلَى السَّطْحِ [7].

v  هكذا
الله الخالق وشافي الكل، الذي يعرف أن الكبرياء هي السبب والمصدر الرئيسي لكل
الشرور، أعطى اهتمامًا أن يشفي الضد بالضد، هذه الأمور التي تتحطم بواسطة الكبرياء
يجب أن تُشفى بواسطة التواضع (إش 13:14)

مقابل الذي
قال: "نهري لي، وأنا عملته لنفسي" (حز 3:29)، قال الآخر: "أنا
لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا
لكن الآب الحال فيّ هو يعمل الأعمال" (يو 30:5،
يو 10:14).

مقابل الذي
قال: "جميع ممالك المسكونة ومجدهن هي لي وأعطيها لمن أريد" (لو6:4)، قيل
عن الآخر: "وهو غني افتقر لكي نغتني نحن بفقره" (2
كو 9:8).

لأجل الذي
قال: "وكما يُجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض، ولم يكن مرفرف جناح، ولا فاتح
فم، ولا مصفصف" (إش
14:10)، قال الآخر:
"صرت مثل بومة الخرب، سهدت وصرت كعصفور منفرد على السطح" (مز 102: 6-7).

من أجل الذي
قال: "أنشف ببطن قدمي خلجان مصر"، قال الآخر: "ألا أستطيع الآن أن
اطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة" (مت
53:26).

إذا تأملنا
في سبب سقطتنا الأولى وأسس خلاصنا وتأملنا بواسطة من وبأي طريقة وُضع أساس الخلاص،
وكيف بدأ السقوط، نتعلم سواء من سقطة الشيطان أو من مثال المسيح كيف نتجنب موت
الكبرياء المرعب[2].

القديس
يوحنا كاسيان

v  بالحقيقة
إن الهدف من حياة المجمع أن يصلب الراهب جميع رغباته ويتمثل بالكمال… ولا يهتم
بالغد. وواضح تمامًا أن هذا الكمال لا يبلغه الجميع بل راهب الشركة… ولكن كمال
المتوحدين هو أن يُخلي ذهنه عن كل الأشياء الأرضية، وأن يربطه بالمسيح قدر ما يسمح
ضعف الإنسان. ويصف النبي إرميا مثل هذا الرجل قائلاً: "جيّد للرجل أن يحمل
النير في صباهُ، يجلس وحدهُ ويسكت لأنهُ قد وضعهُ عليهِ" (مرا 27:3،
28). ويقول داود أيضًا: "سَهدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفرد على
السطح" (مز 7:102)[3].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م محلاّتا ا

الأب يوحنا

الْيَوْمَ
كُلَّهُ عَيَّرَنِي أَعْدَائِيَ.

الْحَنِقُونَ
عَلَيَّ حَلَفُوا عَلَيَّ [8].

إِنِّي قَدْ
أَكَلْتُ الرَّمَادَ مِثْلَ الْخُبْز،ِ

وَمَزَجْتُ
شَرَابِي بِدُمُوع [9].

v      
بعد تواضع القلب دون حاجة إلى صلوات قوية، وإلى
دموعٍ كثيرة، دموعٍ في النهار، ودموع في الليل. إذ يقول: "تعبت في تنهدي.
أعوم في كل ليلة سريري بدموعي. أبلل فراشي ببكائي" (مز 6: 6
LXX). مرة أخرى يقول:
"إني قد أكلت الرماد مثل الخبز، ومزجت شرابي بدموعٍ" (مز 102: 9)[4].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v  هكذا
إذن أراحه النبي، لكن الطوباوي داود إذ سمعه يقول: "الرب قد نقل عنك خطيتك"،
لم يكف عن التوبة. ومع أنه كان ملكًا، لبس المسموح عوض الأرجوان، وجلس في الرماد
عوض التاج الملكي… لا بل جعل الرماد طعامه، قائلاً: "إني قد أكلت
الرماد مثل الخبز" (مز 102: 9). لقد غسل
عينيه الشهوانيتين بالدموع قائلاً: "أعوِّم كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي"
(مز 6:

6).

وعندما سأله موظفوه
أن يأكل خبزًا لم يسمع لهم، بل بقي صائمًا سبعة أيام كاملة
.

إن كان
الملك قد اعترف هكذا، أفما يليق بك أيها الشخص العادي أن تعترف؟[5]

القديس كيرلس الأورشليمي

v    
ليست كل الدموع تنبع من مشاعر متشابهة، أو عن
فضيلة واحدة.

افالبكاء
المتسبب عن وخزات خطايانا التي تنخس قلوبنا
كما قيل: "تعبت في تنهُّدي.
أعوّم في كل ليلة سريري وبدموعي أذوّب فراشي" (مز 6:6)، وأيضًا: "اسكبي
الدموع كنهر نهارًا وليلاً. لا تعطي ذاتكِ راحةً. لا تكفَّ حدقةُ عينكِ" (مرا
18:2)، هذه الدموع تصدر بطريقة معينة.

ب- بطريقة
أخرى تأتي الدموع الصادرة عن التأمل في الأمور الصالحة والاشتياق إلى المجد
المقبل
، إذ تتدفق دموع غزيرة نابعة عن فرح لا يمكن كتمانه وتهليل بلا حدود.
فإذ تتعطش أنفسنا إلى الله الحي القدير تقول: "متى أجيءُ وأتراءَى قدام الله.
صارت لي دموعي خبزًا نهارًا وليلاً" (مز
2:42، 3)، معلنة ذلك ببكاء يومي ونحيب قائلة:
"ويل لي فإن غربتي قد طالت" (مز
5:120).

ج- بطريق
ثالث تتدفق الدموع، لا عن إحساس بالخطية المهلكة إنما بسبب الخوف من الجحيم
وتتذكر يوم الدينونة المرهب
، وذلك مثل رعب النبي القائل: "لا تدخل في
المحاكمة مع عبدك فإنه لن يتبرر قدامك حي" (مز
2:143).

د- يوجد
أيضًا نوع آخر من الدموع، لا ينسكب بسبب معرفة الإنسان لنفسه إنما بسبب قسوة
الآخرين وخطاياهم
، فصموئيل كان يبكي لأجل شاول. وجاء في الإنجيل عن الرب أنه
بكى من أجل مدينة أورشليم كما فعل إرميا في الأيام السابقة. إذ يقول الأخير:
"يا ليت رأسي ماء وعينيَّ ينبوع دموع فأبكي نهارًا وليلاً قَتلَى بنت
شعبي" (إر 1:9).

هـ-
بالتأكيد الدموع المذكورة في المزمور المائة واثنين "إني قد أكلتُ الرماد مثل
الخبز ومزجتُ شرابي بدموعٍ" (مز 9:102)، صادرة عن مشاعر تختلف عن تلك التي
وردت في المزمور السادس الخاصة بالإنسان التائب، فهي ناشئة عن متاعب هذه الحياة
وضيقتها وخسائرها، التي تضغط على الأبرار العائشين في العالم…
[6]

الأب إسحق

بِسَبَبِ
غَضَبِكَ وَسَخَطِكَ

لأَنَّكَ
حَمَلْتَنِي وَطَرَحْتَنِي [10].

أَيَّامِي
كَظِلٍّ مَائِلٍ

وَأَنَا
مِثْلُ الْعُشْبِ يَبِسْتُ [11].

أَمَّا
أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَى الدَّهْرِ جَالِسٌ،

وَذِكْرُكَ
إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ [12].

v  كل
الحقائق الحاضرة هي ظلال (حك 5: 9)، تستمد أصولها من الصالحات التي للسماوات،
لكنها تبقى مثل الظلال، فقط تماثل الحق للأمور العلوية. لكن ما أن يعبر الليل
ويشرق الفجر حتى تُرى طبيعة الأمور العلوية بوضوح كما لو كانت في نور الشمس. عندئذ
يتحقق الشعب: "حياتنا على الأرض ظل" (أي 8: 9). عندئذ يقولون:
"أيامي كظل مائل" (مز101: 11)، مشيرين إلى مدى وهن النجاح الزمني وسرعة
بطلانه
[7].

نيلس أسقف
أنقرا

أَنْتَ
تَقُومُ وَتَرْحَمُ صِهْيَوْنَ

لأَنَّهُ
وَقْتُ الرَّأْفَةِ لأَنَّهُ جَاءَ الْمِيعَادُ [13].

لأَنَّ
عَبِيدَكَ قَدْ سُرُّوا بِحِجَارَتِهَا

وَحَنُّوا
إِلَى تُرَابِهَا [14].

فَتَخْشَى
الأُمَمُ اسْمَ الرَّبِّ

وَكُلُّ
مُلُوكِ الأَرْضِ مَجْدَكَ [15].

إِذَا بَنَى
الرَّبُّ صِهْيَوْنَ

يُرَى
بِمَجْدِهِ [16].

v  "سيبني
الرب صهيون" (راجع مز 102: 16). هذا العمل يتحقق الآن. يا أيها الحجارة
الحية، اجروا إلى عمل البناء لا الهدم. صهيون تُبنى، احذروا الأسوار المتهدمة.
البرج يُبنى صهيون، ماذا يحدث؟ "يُرى (الرب) بمجده" مز 102: 16). لكي
يبنى صهيون، ويضع أساسات صهيون، نُظر في صهيون، ولكن ليس في مجده. "نظر إليه،
لا صورة له ولا جمال" (إش 53: 2). ولكن بالحق عندما يأتي مع ملائكته ليدين
(مت 25: 31) ألا يتطلع إليه الذين طعنوه؟ ولكن الوقت متأخر، إذ يكونون في ارتباك،
هؤلاء الذين رفضوا الارتباك مبكرًا والتوبة السليمة[8].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س سَارية ة

القديس
أغسطينوس

الْتَفَتَ
إِلَى صَلاَةِ الْمُضْطَرِّ

وَلَمْ
يَرْذُلْ دُعَاءَهُمْ [17].

يُكْتَبُ
هَذَا لِلدَّوْرِ الآخِرِ

وَشَعْبٌ
سَوْفَ يُخْلَقُ يُسَبِّحُ الرَّبَّ [18].

لأَنَّهُ
أَشْرَفَ مِنْ عُلْوِ قُدْسِهِ.

الرَّبُّ
مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ نَظَرَ [19].

لِيَسْمَعَ
أَنِينَ الأَسِيرِ لِيُطْلِقَ بَنِي الْمَوْت [20].

لِكَيْ
يُحَدَّثَ فِي صِهْيَوْنَ بِاسْمِ الرَّبِّ

وَبِتَسْبِيحِهِ
فِي أُورُشَلِيمَ [21].

عِنْدَ
اجْتِمَاعِ الشُّعُوبِ مَعًا وَالْمَمَالِكِ لِعِبَادَةِ الرَّبِّ [22].

ضَعَّفَ فِي
الطَّرِيقِ قُوَّتِي. قَصَّرَ أَيَّامِي [23].

أَقُولُ:
يَا إِلَهِي لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي.

إِلَى
دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ [24].

v  كما
يعد الله الذين يخدمونه بالحق: "أكمل عدد أيامك" (خر 23: 26)، مات
إبراهيم شبعان أيامًا، ودعا داود الله، قائلاً: "لا تأخذني في نصف
أيامي" (مز 102: 24). وأليفاز أحد أصدقاء أيوب إذ تأكد من هذه الحقيقة، قال:
"تدخل المدفن… كرفع الكُدس (الحنطة) في أيامه" (أي 5: 26). ويثبت
سليمان هذه الكلمات، قائلاً: "أما سنو الأشرار فتقصر" (أم 10: 27). لهذا
بحثنا في سفر الجامعة، قائلاً: "لا تكن شريرًا كثيرًا، ولا تكن جاهلاً، لماذا
تموت في غير وقتك؟" (جا 7: 17)[9].

البابا
أثناسيوس الرسولي

يرى العلامة
أوريجينوس
أن هذه الطلبة لا تحمل شهوة النبي للبقاء إلى زمن طويل في العالم،
وإنما تحمل مفهومًا روحيًا ساميًا. فالمرتل يطلب من الله أن تعمل نعمته فيه ليحقق
رسالته التي ائتمنه الله عليها، بهذا يكون قد أكمل كل عمره. فالشهداء مثل أطفال
بيت لحم، وإن قتلوا في سن مبكرة، لكنهم يحسبون أنهم اكملوا أيامهم بسلام، بينما
بعض الشيوخ مثل رئيسا الكهنة حنان وقيافا بالرغم من مركزهما السامي وشيخوختهما
لكنهما لم يكملوا أيامهم.

v      
تُحسب النهاية (للعمر) هي كمال الأمور وتحقيق
الفضائل. لهذا السبب قال قديس: "لا تستدعني في نصف أيامي" (راجع
مز 102: 24). مرة أخرى يقدم الكتاب المقدس شهادة للأب البطريرك العظيم إبراهيم:
"ومات شبعان أيامًا" (تك 24: 8). في نهاية أقدم لكم هذه الشهادة وكأنه
قال: "لقد جاهدت الجهاد الحسن، وحفظت الإيمان، وأكملت السعي" (2 تي 4:
7)، الآن أستدعيك من هذا العالم إلى البركة العتيدة، إلى كمال الحياة الأبدية، إلى
إكليل البرّ الذي يعده الرب في آخر الدهور لكل الذين يحبونه (2 تي 4: 8؛ يع 1: 12)[10].

العلامة
أوريجينوس

مِنْ قِدَمٍ
أَسَّسْتَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتُ

هِيَ عَمَلُ
يَدَيْكَ [25].

v  اسمعوا
داود النبي يقول
: "أنت يا الله في البدء أسست الأرض والسماوات
هي عمل يديك. هي تبيد وأنت تبقى" (مز 102:
25). اسمعوا
بأي معنى يقول "هي تبيد"؟ إنه يكمل "كلها كثوبٍ تذوب
قِدَمًا، وكرداء
تطويها فتتغير" (مز 102:
26)، إنها كالإنسان الذي يُقال عنه إنه "يُباد".
إذ مكتوب عنه: "باد الصديق وليس أحد يضع ذلك في قلبه" (إش 62:
1). هذا
بالرغم من انتظار القيامة. هكذا انتظر كما لو أن هناك قيامة للسماوات[11].

القديس كيرلس الأورشليمي

هِيَ
تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى

وَكُلُّهَا
كَثَوْبٍ تَبْلَى

كَرِدَاءٍ
تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ [26].

v  هذه التغيرات سوف تحدث في المستقبل… فهو يجدد " الذين
يتغيرون"، وكأنه أراد لنا أن ندرك أن هذا التغير مستقبلي… ربما أراد أيضًا
أن يكلمنا عن القيامة حيث نتغير ولكن للأفضل… في جسدٍ روحانيٍ، لأنه قيل:
"يُزرع في ضعف، ويُقام في قوة، يُزرع جسمًا حيوانيًا، ويُقام جسمًا
روحانيًا" (1 كو 15: 43–44)… فكل الخليقة الجسدية سوف تتغير أيضًا معنا،
"لأن السماوات تبيد وأنت تبقى، ولكنها كثوب تبلى كرداء تغيرهن فتتغير"
(مز 102: 26). في ذلك اليوم سيتضاعف نور الشمس إلى سبع مرات كقول إشعياء:
"ويكون نور القمر كنور الشمس. ونور الشمس يكون سبعة أضعاف… كنور سبعة
أيام" (إش 30: 26).

القديس
باسيليوس الكبير

v      
غسل يسوع توبة، لا يغسل غضنًا خاصًا به، إنما
ليغسل وصمات خاصة بنا. يكمل يعقوب: "غسل… بدم العنب ثوبه (عباءته)"
(تك 49: 11). هذا يعني أنه في آلام جسمه غسل الأمم بدمه. حقًا العباءة تمثل الأمم
كما هو مكتوب: "حي أنا يقول الرب، إني ألبس الكل كما لو كانوا ثوبُا"
(راجع إش 49: 18)، وفي موضع آخر: "كرداء تغيرهن فتتغير" (مز 102: 26)[12].

القديس
أمبروسيوس

مز 45.

وَأَنْتَ
هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِيَ [27].

أَبْنَاءُ
عَبِيدِكَ يَسْكُنُونَ وَذُرِّيَّتُهُمْ تُثَبَّتُ أَمَامَكَ [28].



[1] عظتان عن
أتروبيوس.

[2] Cassian: Institutions 12:8.

[3] Cassian, Conferences 19:8.

[4] Homilies on Hebr., Hom 9: 8.

[5] مقال 2: 12.

[6] Cassian, Conferences 9:29.

[7] Nilus of Ancyra (disciple of St. John
Chrysostom): commentary on the Song of Songs 64-65.

[8] On Ps. 102: 17.

[9] Defense of His Flight, 14.

[10] Homilies on Genesis, 15:
6.

[11] مقال 15: 3.

[12] The Patriarchs, 4: 24.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي