اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالْحَادِي وَالأَرْبَعُونَ

مَزْمُورٌ
لِدَاوُدَ

يَا رَبُّ
إِلَيْكَ صَرَخْتُ.

أَسْرِعْ
إِلَيَّ.

أَصْغِ
إِلَى صَوْتِي عِنْدَ مَا أَصْرُخُ إِلَيْكَ [1].

لِتَسْتَقِمْ
صَلاَتِي كَالْبَخُورِ قُدَّامَكَ.

لِيَكُنْ
رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ [2].

للخدمة
المسائية مفهوم خاص، فكما أن السيد المسيح قدم نفسه ذبيحة في ملء الزمان أو في آخر
الأيام، كما في وقت المساء، هكذا نرفع أيضًا بالشكر للمخلص مع نهاية اليوم متطلعين
إليه كمخلص العالم، الذبيحة الفريدة!

v 
أعزائي الأحباء… يوجد البعض
يبدو كأنهم يطلبون الرب، ولكن إذ هم كسالى وغرباء عن الفضيلة، فإنهم لا يستحقون أن
يجدوه، وإن وجدوه لا يستحقون أن يروه.

لأنه ماذا كن يطلبن أولئك النسوة الطوباويات عند القبر سوى جسد الرب يسوع!

وأنتم ماذا تطلبون في الكنيسة غير يسوع الذي هو المخلص!

فإن أردتم أن تجدوه، فإذ الشمس مشرقة، تعالوا كما جاءت هؤلاء النسوة، أي
اتركوا ظلمة الشر
التي
في قلوبكم، لأن الشهوات الجسدية والأعمال الشريرة هي ظلمة. فمن كان في قلبه ظلامًا
كهذا لا يعاين النور، ولا يدرك المسيح، لأن المسيح هو النور.

انزعوا الظلمة منكم، أي انزعوا الشهوات الشريرة وكل عمل أثيم، وزوِّدوا
أنفسكم بالحنوط الطيبة أي بالصلوات الحارة، قائلين مع المرتل "لتستقم صلاتي
كالبخور قدامك" (مز 140: 2).

v  هم
الآن يشترون المسيحَ، الذي يمنح الرائحة الذكية (قابل تك25:37، 2 كو 15:2-16)
البخورَ الذي يتعبق به مذبحُ القلب المكرس العابد.  وفي هذا الصدد يقول داود أيضًا:
"لتستقم صلاتي كالبخور قدامك" (مز
2:141)[1].

القديس
أمبروسيوس

v    
يليق بنا أن نكثر من الصلاة ولكن باختصار، فإننا
إذ نطيل الصلاة ينجح عدونا الماكر في زرع شيء ما في قلبنا.

هذه
(الصلوات القصيرة المتعددة) هي ذبائح حقيقية، "فالذبيحة لله روح منسحق"
(مز 17:51). هذه هي تقدمات نافعة، تقدمات نقية، أي "ذبيحة البر"،
"ذبيحة الحمد" (مز 22:50)، محرقات جوهرية، تقدمها قلوب متواضعة منسحقة؛
والذين يختبرون هذا الروح المنضبط والملتهب (للصلاة) الذي تحدثنا عنه بقوة فعاله
يمكنهم أن يسبحوا: "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك، ليكن رفع يديَّ كذبيحة
مسائية" (مز2:141). لكن اقتراب الساعة المناسبة (للصلاة) وحلول المساء يحثنا
على ممارسة هذا الأمر نفسه بتكريس لائق حسبما نستطيع
[2]

الأب إسحق

v  فليسمع
المعمََّدين هذا أيضًا – أجلّ، لأن الأمر متعلق بهم – فهم بالمثل يقدمون قربانًا
وذبيحة، أعني صلاة وصدقة – فهذه أيضًا ذبائح – فالنبي يقول في المزمور:
"تمجدني ذبيحة تسبيح، وأيضًا الذبيحة لله "ذبيحة تسبيح" و"رفع
يديَّ ذبيحة مسائية" (مز 141: 2). فالصلاة إذن ذبيحة ترفعونها في تعقل، ومن
الأفضل أن تتركوا صلاتكم لأنه لهذه الغاية قد صارت كل الأمور، بل لهذه الغاية قد
صار الله إنسانًا وعمل كل ما عمله ليجمعنا في واحد. لهذا وفي هذا الموضوع يرسل
فاعل الشر إلى المظلوم
[3].

v                
يُقال: "ليكن رفع يدي ذبيحة مسائية"
مع أيادينا لنرفع أيضًا عقولنا… لنرفع أفكارنا إلى العلي[4].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v      
كان من اللائق تقديم ذبيحة في مساء اليوم
للمسيح، حتى في ذات الساعة تُظهر عشية أن العالم كما هو مكتوب في الخروج:
"يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية" (خر 12: 6). مرة أخرى في
المزامير: "رفع يدي كذبيحة مسائية" (مز 141: 2) لكننا نحن نحتفل بقيامة
الرب في الصباح[5].

الشهيد
كبريانوس

v  بالتالي
ينبغي ألا نرفع تقدمات كالتي رفضت. ينبغي ألا نقدم لله بازدراء أي ذبائح شكر ومدح
– بل تقدمة الصلاة المقبولة التي يرضاها. وألا ترتد إلينا هذه التقدمة. لان مثل
هذه الذبائح تسمو عن أخرى تقدم من حيوانات بكماء، ولذا ينبغي علينا أن نفحصها بإمعان
لنرى إذا كانت فيها عيوب خفبة، وأن وجدت فيجب أن نطهرها، بغسلها بدموعنا ونزيل
عنها كل العيوب وعندئذ فقط يمكننا أن نقربها، بحب وشوقٍ، في طهارة أمام الرب
"رافعين أيادي طاهرة "
أمام الرب في الصلاة وفي نفس الوقت رافعين
عقولنا "بدون غضب ولا جدال " (1 تي 2 :8)، سائلين بدموع وتنهدات
من القلب أن تقبل تقدماتنا مع النبي "كذبيحة مسائية" (مز 141: 2)
[6].

مارتيريوس –
Sahdona

v      
ثم أن الروح يُعلم اللسان النقاوة، إذا
كان اللسان مريضًا بمرضٍ خطيرٍ، فإن المرض الذي أصاب النفس يُعبَّر عنه بواسطة
اللسان الذي استخدمته النفس وسيلتها…

بعد هذا
يشفي الروح حركات اليدين التي كانتا تتحرك بطريقة مخلّة تابعة لإرادة
العقل. أما الآن فإن الروح يُعلِّم العقل كيف يطهرهما، لكي ما يعمل ويشتغل بهما في
عمل الرحمة وفي الصلاة، وبذلك تتم الكلمة التي قيلت عنهما: "ليكن رفع يديَّ
كذبيحةٍ مسائَّية" (مز 141: 2)، وفي موضع آخر: "أما يد المجتهدين
فتُغني" (أم 10: 4).

القديس أنبا
أنطونيوس

v      
إن كان أحد لا توجد فيه الآن رائحة الخطية بل
رائحة البرّ، وعذوبة الرحمة، فهو يقدم على الدوام بخورًا للرب، ويقول "لتستقم
صلاتي كالبخور قدامك، ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية" (مز 141: 2)[7].

العلامة
أوريجينوس

اجْعَلْ يَا
رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي.

احْفَظْ
بَابَ شَفَتَيَّ [3].

v 
وتُمجد أيضًا أسنان
العروس لأنها تغذى جسد الكنيسة. يرغب العريس دائمًا أن تكون هذه الأسنان نظيفة من
القاذورات، ليس عليها شعر لأن شعرها قد تم قصه حديثا، وتحمل توائم حسب ميلاد
الفضائل، وتظهر وكأنها حطمت بواسطة أسنانها كل عيب للنفس أو الجسد. ويرمز الخيط
القرمزي على شفتيّ العروس إلى وظيفة الكلام الذي يُسميه النبي حارس وباب المعنى:
"اجعل يا رب حارسا لفمي، احفظ يا رب شفتيّ" (مز 3:141). هكذا يكون الحال
عندما يفتح الشخص فمه ليتكلم ثم يقفل حسب كل نشاط في وقته المناسب. نحن نعرف من
النبي زكريا أن هذا الخيط هو للقياس (زك 1:2)، الذي يمسكه ملاك على هيئة عصا. وخيط
القياس هذا مُلائم بصفة خاصة لأن كان ذا لون أحمر، كرمز للفداء. فإذا كان المسيح
يتكلم خلال أي شخص مثل بولس (2 كو 3:13). فإنه يقلد فداء المسيح لنا بدمه بواسطة
هذا الخيط القرمزي على شفتيه كنوع من خيط القياس الذي اكتسب اللون الجميل في الدم
[8].

القديس
غريغوريوس أسقف نيصص

v  يجب
على الراهب أن يكون ساكتًا في كل حين، ولا يقبل الأفكار التي تشير عليه بكثرة
الكلام التي تحلّ النفس (أي تجعلها منحلّة)، بل إنه فليزهد في الكلام ولو رأى
أناسًا يضحكون أو يقولون كلامًا ليس فيه منفعة بجهلهم، لأنّ الراهب الحقيقي يتحفّظ
من لسانه كما هو مكتوب في المزمور: "اللهم اجعل لفمي حافظًا، وعلى شفتيَّ
سترًا حصينًا" (مز 141: 3). فالراهب الذي يفعل هكذا لا يعثر أبدًا بلسانه،
لكنه يصير إلهًا على الأرض.

القديس مقاريوس
الكبير

v  ولئلا
يُظن أن العفة التي نرجوها من الله تقف عند تلك التي تخص شهوة أعضاء الجسد… يتغنى
المزمور قائلاً: "ضع يا رب حافظًا لفمي وبابًا حصينًا
a door of continence لشفتي" (مز 141: 3) فإن أدركنا مفهوم كلمة "فمي"
كما يلزم، لعرفنا ما هي عطية الله من جهة العفة التي يهبها لنا فإنها لا تعني "الفم
الجسدي"، فيحفظ لكي لا يخرج منه صوت شرير، إنما يوجد في الداخل "فم
القلب
" الذي يريد
ناطق هذه الكلمات
وكاتبها لكي ننطق نحن بها
أن يحرسه الله
ويقيم عليه بابًا حصينًا (عفيفًا).  

فهناك كلمات
كثيرة لا ينطق بها الفم الجسدي، تصرخ عالية في القلب، بينما لا يمكن للفم الجسدي
أن ينطق بشيء ما لم يتكلم به القلب.

فما لم يخرج
من القلب لا ينطق به اللسان، وأما ما يخرج منه فإن كان شريرًا يدنس الإنسان حتى
ولو لم يتفوه به اللسان.

لهذا يلزم
أن تكون الحصانة هناك (علي باب القلب)، حيث يتكلم الضمير حتى بالنسبة للصامتين.
فمتي كان الباب حصينًا لا يخرج منه ما يدنس حياة من يفكر (فكرًا شريرًا) دون أن
تتحرك شفتاه[9].

القديس
أغسطينوس

v  كن
صديقًا للفقير ولمحب الله والمتواضع والغريب الذي يحفظ الغربة، ولمن كان متمنطقًا
بمخافة الله، والمسكين الذي يحمل الصليب ويضع حارسًا على فمه (مز 3:140). يا ابني
كن صديقًا لكل الذين يخافون الله.

القديس
إسطفانوس الطيبي

v  عندما
ينبغي أن نلجم اللسان، حينئذ لا يجب أن ينفرط بجهالة الكلام. وعندما يمكن أن يتكلم
بمنفعة، حينئذ لا ينبغي أن يصمت متكاسلاً.
لقد تأمل النبي هذا
الأمر فقال: "اجعل يا رب حارسًا لفمي. احفظ باب شفتيَّ" (مز 141:
3). وهنا لم يطلب صاحب المزامير من الرب أن يضع سياجًا أو حائطًا بل بابًا
يمكن أن يفتحه أو يغلقه. لنتعلم متى نفتح أفواهنا بحكمة وفي الوقت المناسب،
وبالعكس كيف نغلقها بالصمت[10].

الأب
غريغوريوس (الكبير)

لاَ تُمِلْ
قَلْبِي إِلَى أَمْرٍ رَدِيءٍ

لأَتَعَلَّلَ
بِعِلَلِ الشَّرِّ مَعَ أُنَاسٍ فَاعِلِي إِثْمٍ

وَلاَ آكُلْ
مِنْ نَفَائِسِهِمْ [4].

v  مكتوب:
"لا تشغل جمر الخاطي" (سي 8: 10). عندما يقف الخاطي ضدي، كنت أخرس، وتواضعت،
وكنت صامتًا بخصوص الصلاح (راجع مز 39: 2-3). وأيضًا: "ضع يا رب حارسًا لفمي
، وبابًا
حصينًا لشفتي، لا تمل قلبي نحو الكلمات الشريرة" (راجع مز 141: 3-4)[11].

القديس
جيروم

v      
كم يلزمنا أن نتحفظ من المعاندين، لأن اللصوص
والسرَّاق وأعداء الفضيلة، إذ رأونا قد سهرنا الليل كله وحفظنا كنوزنا وحرسنا
ذخائرنا، يحيطون بنا من كل جانب، ويريدون أن يغلبنا النوم والكسل، ليسطوا علينا
سريعًا ويخطفون أمتعتنا، ويفوزون بذخائرنا، ويجعلون كنوزنا غنيمة الاغتصاب.

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v  ليكن
لك حارس في داخل قلبك حتى تعرف ما هو الدافع في داخلك، لأن الطعام القوي هو
للبالغين الذين بواسطة اليقظة المتماسكة اكتسبوا بالتمرُّن القدرة على التمييز بين
الخير والشر (عب 5: 14). هذا التمييز هو حارس القلب (اُنظر مز 141: 3-4).

القديس
إسطفانوس الطيبي

v  إن
كان "كل شيءٍ مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23)، فأين يكون إيماننا؟ وإن كنتَ
قد اخترتَ لنفسك أن تكون مثل ميتٍ، فاسأل الميت إن كان يرغب في رؤية زوجته، وإن
كان يُبدي رأيه فيها في حالة ما إذا ذهبت وسلّمت ذاتها للفسق. إن كنتَ قد تركت
الموتى يدفنون موتاهم فلماذا لا تنادي أنت بملكوت الله (لو 9: 60)؟ إلى متى تظلّ
نائمًا؟ استيقظ واصرخ مع داود النبي: "لا تُمِل قلبي إلى أمرٍ رديءٍ لأتعلّل
بعلل الشر" (مز 141: 4). إن كنتَ تفهم "أكثر من جميع الذين يعلِّمونك"
(مز119: 99 سبعينية)، فإنّ الشياطين المضلّين الذين يهاجمون قلبك إنما يضمرون لك
حربًا شعواء بخصوص امرأتك. أين اختفت من عينيك كلمة الكتاب:
»الله أمينٌ، الذي لا
يدعكم تُجرّبون فوق ما تستطيعون الخ." (1 كو 10: 13). وأيضًا كلمة المخلِّص: "لا
تهتموا للغد" (مت 6: 34)؟

القديس
برصنوفيوس

لِيَضْرِبْنِي
الصِّدِّيقُ فَرَحْمَةٌ

وَلْيُوَبِّخْنِي
فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ.

لاَ يَأْبَى
رَأْسِي.

لأَنَّ
صَلاَتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ [5].

v  لتدهن
رأسك، ولكن
أحذر ألا تدهنها بزيت الخطية. لأن "زيت الخاطئ
لا يدهن رأسك" (مز 141: 5). إنما ادهن رأسك بزيت التهليل: "زيت
الفرح" (مز 45: 7)، زيت الرحمة، حتى يحسب
وصية الحكمة: "لا تدع الرحمة والحق يتركانك" (أم 3: 3
)[12].

القديس
أوريجينوس

v  وبعد
أن دعّم الأخ بأقوال كثيرة أطلقه وهو فرح بالرب. وذهب وهو يترنم قائلاً:
"ليرجع إليَّ متّقوك وعارفو شهاداتك" (مز 119: 79)، وأيضًا:
"تأديبًا أدّبني الرب وإلى الموت لم يسلّمني" (مز 118: 18)، وأيضًا:
"فليؤدّبني الصدّيق برحمة ويوبخني" (مز 141: 5 قبطية). كما قال لنفسه:
"ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك لأن الرب قد أحسن إليك، لأنك أنقذتَ نفسي من
الموت…" (مز 116: 7). وهكذا عاد إلى قلايته وعاش بقية عمره كما فرض له
الشيخ.

فردوس
الآباء

"فليؤدِّبني
الصدِّيق برحمة ويوبخني. أمَّا زيت الخاطئ فلا يدهن رأسي" (مز
١٤1: ٥).

دهن الخاطئ
هو عبارات الإطراء والتملُّق، هذه يبغضها النبي جدًا. فهو يحب أن يوبخه الصديق
ويؤدِّبه بالصرامة مع الرحمة، ولا يريد المديح مع المراءاة والمحاباة. لأن
التملُّق والمداهنة لا يفيدان الإنسان شيئًا، بل يزيدانه جهلاً وإثمًا وثباتًا
فيهم
ا

وقد قال
الله على لسان النبي
: "يا شعبي إن الـذين يطوِّبونكم
يضلُّونكم" (إش
٣: ١٢). أي أن الذين يمدحونكم
ويتكلَّمون عنكم بالنوادر رياءً ونفاقًا، إنَّما يخدعونكم ويهلكونكم بالتمام.
أمَّا الذين يوبخونكم
وينصحونكم فيحسنون إليكم إحسانًا عظيمًا.

ليست
هي فضيلة (التراخي مع الخطاة)، بل ضعف. ولا هي محبَّة أو وداعة بل إهمال، لا بل هي
قسوة على تلك النفوس التي يُغفل عنها، فتهلك دون أن تنبِّه على خرابها.

القدِّيس
أغسطينوس

قَدِ
انْطَرَحَ قُضَاتُهُمْ مِنْ عَلَى الصَّخْرَةِ وَسَمِعُوا كَلِمَاتِي لأَنَّهَا
لَذِيذَةٌ [6].

كَمَنْ
يَفْلَحُ وَيَشُقُّ الأَرْضَ تَبَدَّدَتْ عِظَامُنَا عِنْدَ فَمِ الْهَاوِيَةِ
[7].

لأَنَّهُ
إِلَيْكَ يَا سَيِّدُ يَا رَبُّ عَيْنَايَ.

بِكَ
احْتَمَيْتُ.

لاَ
تُفْرِغْ نَفْسِي [8].

احْفَظْنِي
مِنَ الْفَخِّ الَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ لِي

وَمِنْ
أَشْرَاكِ فَاعِلِي الإِثْمِ [9].

لِيَسْقُطِ
الأَشْرَارُ فِي شِبَاكِهِمْ حَتَّى أَنْجُوَ أَنَا بِالْكُلِّيَّةِ [10].

اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالْحَادِي وَالأَرْبَعُونَ

مَزْمُورٌ
لِدَاوُدَ

 

كتب مزمور المرثاة هذا أثناء تمرد أبشالوم بن داود
أو أثناء اضطهادات الملك المتهور شاول له.

وكان يُرنم
به كل مساء مع إنارة المصابيح (قابل خر 30 :7،8، دا 9 :21). ووفقاً لكلمات القديس
يوحنا الذهبي
الفم كان يُستخدم في الصلاة المسائية في العالم أجمع.

بعد طلب
العون الإلهي بوجه عام [1] يتضرع المرنم [2]، لئلا يضل بغواية الأشرار الذين
نهايتهم الهلاك [3 –7]، والذين يضرهم شرهم [8-10].

1. صراخ إلى
الرب       1-2.

2. ضع
حارساً لفمي      3–5.

3. الإيمان التام            6-10.

1.
صراخ إلى الرب

يَا رَبُّ
إِلَيْكَ صَرَخْتُ.

أَسْرِعْ
إِلَيَّ.

أَصْغِ
إِلَى صَوْتِي عِنْدَ مَا أَصْرُخُ إِلَيْكَ [1].

v   حينما صرخ
موسي إلى الله سأله الله على الفور لماذا تصرخ إليَّ؟ (خر 14: 15). بينما كان موسى
يصلي في صمت كان الله يسمعه. ولم يسجل الكتاب المقدس ما قاله موسى، فقط قال إنه
كان يصرخ. وتصرخ دماء الشهداء أيضاً على الدوام للرب وهو يصغي برأفته…

 فلنحذر ألا
نخفق في إدراك أن أنفس الصديقين هي في مذبح الرب[13].

القديس
جيروم

لِتَسْتَقِمْ
صَلاَتِي كَالْبَخُورِ قُدَّامَكَ.

لِيَكُنْ
رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ [2].

v  لتكن
صلاتي كالبخور قدامك، فلترتفع صلاتي إليك مباشرة لا شر فيها، أعني لا شيء دنس، لا
شيء من عمل الشيطان. وتمثل البخور أيضًا صلوات القديسين. نعرف ذلك من سفر الرؤيا
حيث الأربعة والعشرون شيخاً يمسكون مجامر بخور وقيل: "التي هي صلوات
القديسين"[14].

v  يقول
الرسول أيضاً
: "ارفعوا أيادي للصلاة" (راجع 1 تي 2 : 8).
عندما رفع موسى يديه كان يشوع ينتصر وعندما كان يخفضهما كان يشوع ينهزم. إن كنت
أفسر الكتاب المقدس بمفهومه التاريخي أو الحرفي فإن موسى يخفض ذراعيه، وان كنت
أفهمه روحياً فموسى يرفع ذراعيه إلى أعلى[15].

القديس
جيروم

v   
لنرفع أيضاً فكرنا بأيادينا… فلنرفع أفكارنا
عاليًا[16].

القديس
يوحنا الذهبي الفم

v  إنه
ذاك الذي أسس خدمات الكنيسة المقدسة. وتلك الذبيحة المسائية التي قام هو بنفسه في
اليوم التالي في نهاية الدهور وقدمها للآب لرفع يديه لخلاص العالم كله، إذ بسط
ذراعيه على الصليب وهو يُسمي بالفعل "رفع الأيدي"[17].

القديس
يوحنا كاسيان

v  بعد
هذا يشفي الروح القدس حركات اليدين اللتين كانتا تتحركان يوماً بطريقة معوجة تابعة
لإرادة العقل. لكن الروح القدس يجذب الفكر الآن ليطهرهما، ليعمل فيهما من أجل
الصدقة والصلاة، وتتحقق الكلمة التي قيلت فيهما "ليكن رفع يدي
ذبيحة مسائية
" (مز 141 :2 )[18].

القديس
أنطونيوس الكبير

v  لاق
بالمسيح أن يُقدم في مساء اليوم حتى تظهر نفس ساعة الذبيحة غروب وليل العالم ( خر
12 :6)… لكننا نحتفل بقيامة الرب في الصباح[19].

الشهيد
كبريانوس

١٤١:
٢

v 
رفع
الأيدي إنما هو رفع كل الأعمال نحو الله فلا تكون دنيئة ولا أرضية، إنما تعمل لمجد
الله والسماء. يرفع يديه من يكنز كنزًا في السماء (مت٥: ٢٠،
٢١)، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا، وهناك أيضًا تكون
عيناك ويداك.

يرفع يديه
من يقول: "لتكن رفع يديّ كذبيحة  مسائية"، بهذا ينهزم عماليق (مز
١٧: ٨-١٦)؛ لكن الرسول يوصينا أن
نرفع "أيادي طاهرة بلا غضب ولا جدال" (١تي٢: ٨)، كما
يقول: "قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة، وسيروا في الطريق
المستقيم"…

ارفع يديك
نحو الله واحفظ وصية الرسول: "صلوا بلا انقطاع" (١
تي ٥: ١٧)[20].

العلامة أوريجينوس

اجْعَلْ يَا
رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي.

احْفَظْ
بَابَ شَفَتَيَّ [3].

v  إن
كان هذا العضو يسبب دماراً مثل هذا فقد يتساءل البعض: لماذا وضعه الله في الجسد
البشري من البدء؟ لأن له نفعاً كبيراً أيضاً. فإن كنا حريصين يجلب لنا نفعاً لا
ضرراً، اسمعوا كلمات النبي الذي قدم لنا النصح قبلاً، إذ يقول: "الموت
والحياة في قوة اللسان" (أم 18 :21). ويكشف المسيح عن ذات الأمر حين يقول
"بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان" (مت 12 :37).

يقع اللسان
في المركز تماماً، متهيئاً للعمل بأي الوسيلتين وأنت سيده، وهكذا يقع السيف أيضاً
في الوسط فإن استخدمته ضد العدو، يصير أداة أمان لك، وإن استخدمته لجرح نفسك فليس
نصله الذي يسبب موتك بل تعديك الناموس. فلنفتكر في اللسان بنفس الكيفية، كسيف قائم
في المنتصف. اتخذه لتدين ذاتك بخطاياك، ولا تستعمله في جرح إلهك. لهذا أحاط الله
اللسان بسياجٍ مضاعف، بحاجز الأسنان، وبسور الشفتين حتى لا يتفوه بسهولة وتهاون
بكلمات لا يليق أن يُنطق بها. احفظه مكبوحاً في فمك، وأن لم يقم بهذا العلاج
عاقبه. بالأسنان كما لو كنت تقدمه للجلاد ليقضمه! لأنه أفضل أن يُضرب الآن حينما
يخطئ بدلاً من عقابه فيما بعد، حينما يتلهف طالباً قطرة ماء، إذ يُحرم من تلك
التعزية[21].

القديس
يوحنا ذهبي الفم

v  "موت
وحياة في قوة اللسان" (أم 18 :21) وأيضاً: "أقول لكم إن كل كلمة بطالة
يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" (مت 12: 36)، لهذا يصلي
النبي لئلا تكون كلماته بطالة بل مقدسة وتسر الله… ويتضرع لأجل حارسٍ حول شفتيه
يكون مثل متراس القلعة الحصين، حتى لا يستسلم ويذعن للخطية. قال إرميا: "طلع
الموت إلى كوانا (نوافذنا) (إر 9: 21)، ونحن لنا خمس كوى: النظر والسمع والتذوق
والشم واللمس[22].

القديس
جيروم

v  كن
معتدلاً أيها الفريسي. ضع باباً للسانك ومتراساً (مز 141 : 3). أنت تتحدث إلى الله
الذي يعلم كل شيءٍ. أنتظر حكم القاضي فما من مصارع متدرب يكلل ذاته، وما من أحد
ينال الكليل من ذاته، بل ينتظر استدعاءه للمثول أمام الحكم. لأنه قد يحدث ما هو
غير متوقع… فأن حتى أشجع الأشخاص معرض للاهتياج وعدم الهدوء.

القديس
كيرلس السكندري

لاَ تُمِلْ
قَلْبِي إِلَى أَمْرٍ رَدِيءٍ لأَتَعَلَّلَ بِعِلَلِ الشَّرِّ مَعَ أُنَاسٍ
فَاعِلِي إِثْمٍ،

وَلاَ آكُلْ
مِنْ نَفَائِسِهِمْ [4].

 

لِيَضْرِبْنِي
الصِّدِّيقُ فَرَحْمَةٌ،

وَلْيُوَبِّخْنِي
فَزَيْتٌ لِلرَّأْسِ.

لاَ يَأْبَى
رَأْسِي.

لأَنَّ
صَلاَتِي بَعْدُ فِي مَصَائِبِهِمْ [5].

كان داود
أعظم رجل صلاة في العهد القديم. كان يحب الصلاة. اعتاد أن يسأل الله عن كل
احتياجاته خاصة الروحية منها. وهو يسأله هنا الانفصال عن الشر والإثم.

v  يجب
أن نعرف ونتذكر المكتوب "زيت الخاطئ لا يدهن رأسي"، وهو ما سبق
وحذر منه الروح القدس في المزامير لئلا ينحرف أحد عن الطريق، ويتوه بعيداً عن سبيل
الحق، فيُدهن بواسطة الهراطقة ومعاندي المسيح[23].

القديس
كبريانوس

v  "ليقومني
الصديق برحمة وليوبخني، لكن زيت الخاطئ لا يدهن رأسي
" ما معنى هذا؟
الأفضل لي إذا ما رأى الصديق خطيئتي أن يقومني ولا يتركني بل يخبرني أن فعلت خطأً
ويثور ضد خطيئتي ليحررني منها. وقد يبدو وكلامه صارماً لكنه في الداخل رقيق رحوم
بحسب الكلمات "ليقومني الصديق برحمة وليوبخني"[24].

v   
انتبهوا إلى
الكلمات الأخرى التي يستخدمها المداهنون والحديث الخادع، فبالرغم مما تحمله من
ثناء : فإنها دهن الخاطئ[25].

 الأب
قيصريوس من آرل

v  ليؤدبني
الصديق فهذه رحمة وليوبخني
". من يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن
يقبله، مغبوط هو الإنسان الذي يؤدب في هذه الحياة لأن "الرب لن يعاقب مرتين
على نفس الشيء" ( قابل نح 1 : 9 بحسب السبعينية). ومخوف هو غضب الرب، إذا ما
لم يشدد علينا هنا حينئذ يقتادنا كعجل يُساق للذبح، وقد قال لأورشليم حقاً:
"كثيرة هي خطاياكِ، وعديدة هي آثامكِ، لكني لن أغيظك" (قابل حز 16 :
24)… تأملوا في هذا الخصوص أي معلم أو أب أو حكيم (طبيب) هو، فإن الطبيب إذا ما
وقع بصره على عضو أو نسيج مصاب في الجسد فهل يقول: ما لهذا العضو؟ فأنكم ستشهدون
بقسوته، لكنه أن أزال هذا النسيج الفاسد، وضمد الجرح فهو رحيم، لأنه ينقذ حياة
الإنسان. نفس الأمر مع المعلم، فإنه أن طرد أو فصل حبيباً (تلميذًا) ولم يعلمه
الطاعة له، فإنه يكرهه. لكن من جهة أخرى فهو تلميذه إن كان بالعلاج يقومه وتتحول
شراسته الظاهرية إلى هدوء.

"ليؤدبني" أو
"ليقومني" تفهم بطريقتين: إما أنه يوبخ أو يرشد.

 "وزيت
الخاطئ لا يدهن رأسي
". حقاً أن من يدعوكم يا شعبي مطوبين إنما يضللوكم.
مدح الهراطقة، أي الزيت الذي به يدهنون رؤوس الرجال، ويعدونهم بملكوت السماوات
إنما يدهن الرأس بالكبرياء.

 "لأن
صلاتي دائماً ضد مسراتهم
"، وهذا يعني أنهم حقاً يثورون في جنونهم، لكنني
أداوم على الصلاة لأجل هدايتهم[26].

القديس
جيروم

 قَدِ
انْطَرَحَ قُضَاتُهُمْ مِنْ عَلَى الصَّخْرَةِ،

وَسَمِعُوا
كَلِمَاتِي لأَنَّهَا لَذِيذَةٌ [6].

v  حتى
الهراطقة وأن يبدو عليهم احتقار بساطة الكنيسة… حينما يعودون إلى الكتاب المقدس
تبتلعهم الصخرة على الفور، أي المسيح، ويتحولون إليه….

 "سيسمع
الناس كلماتي لأنها لذيذة
" ويقول الرب نفسه : الذين يأتون إلي يرجون
ويفرحون لكلماتي ويتحولون إليَّ في الكنيسة[27].

القديس
جيروم

كَمَنْ
يَفْلَحُ وَيَشُقُّ الأَرْضَ

تَبَدَّدَتْ
عِظَامُنَا عِنْدَ فَمِ الْهَاوِيَةِ [7].

 

لأَنَّهُ
إِلَيْكَ يَا سَيِّدُ يَا رَبُّ عَيْنَايَ.

بِكَ
احْتَمَيْتُ.

لاَ
تُفْرِغْ نَفْسِي [8].

 

احْفَظْنِي
مِنَ الْفَخِّ الَّذِي قَدْ نَصَبُوهُ لِي،

وَمِنْ
أَشْرَاكِ فَاعِلِي الإِثْمِ [9].

v  ينصب
لنا الهراطقة والشياطين الأشراك دائماً. فالرذيلة تجاور الفضيلة بالتأكيد، فينصب
لي الفخ بجوار الصدقة، إن مددت يدي ليراني الآخرون، وحينما أتظاهر بعمل الخير أسقط
في النقائض والخطية. وتنصب الفخاخ وتقام الأشراك في كل مكان يكتشف الصياد أن
الغزلان تسلكه وترمز الغزلان إلى القديسين لأن الغزال حيوان شريف رقيق ذو قرون
قوية وتقتل الحيات، ومن ثم يقول مزمور آخر: "الذي يجعل رجلي كالأيل" (مز
18: 33 )[28].

القديس
جيروم

v  اِحرصوا
ألاّ تؤخذ أرجلكم في إحدى فخاخ العدو المنصوبة (قدّامكم)، فإنّ العدو يطرح شباكه
لكي يصطاد النفوس البريئة إذا وجدها مستسلمةً للنعاس. أمّا أنتم "فاصحوا
واسهروا" (1 بط 5: 8) بأعين النفس النقية، وأنتم ترتلون قول المزمور: "يسقط
الخطاة في شبكته وأكون أنا وحدي حتى يجوز الإثم" (مز 140: 10)، وأضف أيضًا
هذا القول: "بمخافتك، يا رب، حبلنا وتمخّضنا وولدنا روح خلاصك على الأرض".
(إش 26: 17)[29]

القديس مقاريوس
الكبير

لِيَسْقُطِ
الأَشْرَارُ فِي شِبَاكِهِمْ

حَتَّى
أَنْجُوَ أَنَا بِالْكُلِّيَّةِ [10].

v   
يا لنا من جنس بشري تعس! نبحث عن أعذار عن
الخطية… فنحن نعلل أنفسنا ونلحم الخطية بأخرى[30].

 القديس جيروم



[1] Joseph 3:17.

[2] Cassian, Conferences 9:36.

[3] عظة ربنا
يسوع المسيح على الجبل.

[4] Homilies on Hebr., 22: 6-7

[5] Letter 63: 16.

[6] كتاب الكمال، 19.

[7] Homilies on Genesis 11:
1-2.

[8] عظة 15 على نشيد الأناشيد ترجمة الدكتور جورج نوّار.

[9] Continence 2.

[10] Pastoral Care, 3:14.

[11] Commentary on Isaiah 11:
39: 11-21.

[12] Homilies on Leviticus
10: 2: 4.

[13] Hom. 51

[14] Hom. 51.

[15] Hom. 51.

[16] In Hebr 22 :7.

[17] The Institutes. 3: 3.

[18] Letter 1.

[19] Ep. 62 , (Oxford 63): 16.

[20] In Exod. hom 11:4.

[21] Baptismal Instruction 9:33-35.

[22] Homilies on Psalms, 51.

[23] Epistle 69.

[24] Sermon 59 : 6.

[25] Sermon 59 : 7.

[26] Homilies on Psalms, 51.

[27] Homilies on Psalms, 51.

[28] Homilies on Psalms, 51.

[29] رسائله
المكتَشَفة حديثًا عن مجلة:
Recherches
Augustiniennes, 1999 – 31, p. 104 – 135 
 رسالة 4 :2 (فردوس الآباء).

[30] Homilies on Psalms, 51.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس د دَار ر

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي