الأَصْحَاحُ
الرَّابِعُ

الفضائل والثبات والعطاء

 

(1)
الثبات والتفاهم (ع1-3):

1إِذًا يَا إِخْوَتِى الأَحِبَّاءَ وَالْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ،
يَا سُرُورِى وَإِكْلِيلِى، اثْبُتُوا هَكَذَا فِى الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ.

2أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِى،
أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِى الرَّبِّ. 3نَعَمْ، أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا،
يَا شَرِيكِى الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِى فِى الإِنْجِيلِ،
مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِى الْعَامِلِينَ مَعِى، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ
فِى سِفْرِ الْحَيَاةِ.

 

ع1: لذلك يا من أحبهم وأشتاق إليهم، يا من أنتم علة فرحى وسبب
نوالى التاج الذى سيكللنى به الرب فى المجد الأبدى، أطلب إليكم أن تتمسكوا بإيمان
المسيح ووصاياه.

 

ع2: يطلب الرسول إلى خادمتين بفيلبى وهما "أفودية
وسنتيخى"
أن ينهيا ما بينهما من خلافات ليتفقا على فكر واحد وهو فكر
المسيح.

 

ع3: شريكى
المخلص
: يظن أنه لوقا الذى كان مصاحبا له (أع 16: 10-17)، أو
أبفرودتس كاتب هذه الرسالة (ع23) أو أحد تلاميذ بولس المساعدين له فى خدمة كنيسة
فيلبى.

?       تنازل عن رأيك حتى لو كان صحيحا من أجل المحافظة على سلام الخدمة، لأن
الإنزعاج سيعثر كثيرين ويجعلك مضطربا. واهتم أن تصالح المختلفين معا لإزالة كل
توتر؛ فبهذا تكون ابنا لله وصانع سلام.

(2)
دعوة للفضائل والسلوك المسيحى (ع4-9):

4اِفْرَحُوا فِى الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا.
5لِيكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. الرَّبُّ قَرِيبٌ. 6لاَ تَهْتَمُّوا
بِشَىْءٍ، بَلْ فِى كُلِّ شَىْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ
طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. 7وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِى يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ يَحْفَظُ
قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

8أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ
مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ
مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِى
هَذِهِ افْتَكِرُوا. 9وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ،
وَرَأَيْتُمُوهُ فِىَّ، فَهَذَا افْعَلُوا، وَإِلَهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.

 

ع4: يدعو الرسول إلى الفرح الدائم ويكرر دعوته بالفرح ليؤكد وجوب
ذلك، فلا شئ فى العالم يستطيع أن ينزع مشاعر الفرح من المؤمنين مهما كانت الظروف
أو المتاعب أو الضيقات حولهم، لأن مصدر الفرح هو الله الساكن فى القلب ولكن يراعى
أن يكون الفرح فى المسيح ويرضى عنه وليس بأسلوب العالم.

 

ع5: يوصيهم الرسول أن يتحلوا بالصبر ويبتعدوا عن الغضب، مما يعنى
الدعوة إلى حياة التسليم والاحتمال، وأن يظهروا هذه الفضيلة للناس ليس من قبيل
التظاهر أو التفاخر ولكن ليرى الناس ما فى المسيحية من فضائل. فحياتنا قصيرة على
الأرض، ونحن نتوقع دائما قرب مجئ الرب لذلك نتنازل بسهولة عن كثير من حقوقنا
المادية ونصبر على المسيئين، إذ أن عيوننا متعلقة بالملكوت ومجئ المسيح الثانى.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس د دميم م

 

ع6: يطلب منهم أيضًا أن يطرحوا عنهم هموم الحياة وكل قلق، ولا
يضطربوا ويرتبكوا أمام التجارب، بل يتمسكوا بالصلاة فهى الطريق الوحيد إلى الراحة
الحقيقية وعلاج أكيد للقلق، وليرفعوا بالدعاء احتياجاتهم الشخصية ولتكن مشفوعة
دائما بالشكر.

 

ع7: يتمنى الرسول لهم سلام الله القادر أن يحفظ قلوبهم ويوجّه كل
فكرهم نحو المسيح الذى يقويهم، لأنه مهما بلغ الإنسان من حكمة بشرية فلن يستطيع أن
يبلغ مثل هذا السلام الإلهى الذى يفوق مستوى العقل البشرى.

?       تستطيع أن تتمتع بالسلام والفرح مطلب كل البشر إن كانت علاقتك قوية بالله
وبالتحديد إن كنت مهتما بالصلاة، ليس فقط فى أوقاتها المحددة بمخدعك وفى الكنيسة،
ولكن طوال اليوم. وإن قابلتك إساءات من الآخرين ومشاكل الحياة، ضعها أمام الله فى
الصلاة واثقا من رعايته وتدبيره واستمر أنت بالتلذذ فى الحديث معه.

 

ع8: جليل
: عظيم ووقور.

طاهر
: نقى من الشر.

خلاصة الأمر يطلب منهم أن يمارسوا هذا السلوك اليومى فى
حياتهم المسيحية، متمسكين بالحق أى حقانيين فيما هو للغير كما هو فيما لهم.
ولتنشغل أفكارهم بكل ما هو حق فى نظر الله وكل ما هو نبيل وعظيم القدر. وأن
يتّبعوا العدل فى جميع علاقاتهم مع الله والناس، مع الله بحفظ حقوقه ومع الناس
بعدم ظلم أحد. وأن يحافظوا على طهارة الفكر ويسعوا إليها بكل قلوبهم ويعملوا ما
يسر الله والناس. وليكن لهم سمعة طيبة وسيرتهم حسنة لدى الجميع، ويسعوا نحو اكتساب
الفضائل ويقوموا بكل عمل يستوجب المدح.

 

ع9: يتمنى منهم أيضاً أن يسلكوا بكل ما تعلموه وسمعوه منه عن حياة
القداسة ورأوه يفعله أيضًا. وإله السلام الذى يمنحه لهم يكون معهم ويعينهم فى
جهادهم الروحى لاقتناء هذه الفضائل.

 

(3)
شكرهم على عطاياهم ومكافأتهم (ع10-20):

10ثُمَّ
إِنِّى فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا، لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً
اعْتِنَاؤُكُمْ بِى، الَّذِى كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ
فُرْصَةٌ. 11لَيْسَ أَنِّى أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّى قَدْ تَعَلَّمْتُ
أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. 12أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ، وَأَعْرِفُ
أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِى كُلِّ شَىْءٍ، وَفِى جَمِيعِ الأَشْيَاءِ، قَدْ تَدَرَّبْتُ
أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. 13أَسْتَطِيعُ
كُلَّ شَىْءٍ فِى الْمَسِيحِ الَّذِى يُقَوِّينِى. 14غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا
إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِى ضِيقَتِى. 15وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ
أَنَّهُ فِى بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ، لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِى
كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ، فِى حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ، إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ.
16فَإِنَّكُمْ، فِى تَسَالُونِيكِى أَيْضًا، أَرْسَلْتُمْ إِلَى مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ
لِحَاجَتِى. 17لَيْسَ أَنِّى أَطْلُبُ الْعَطِيَّةَ، بَلْ أَطْلُبُ الثَّمَرَ الْمُتَكَاثِرَ
لِحِسَابِكُمْ. 18وَلَكِنِّى قَدِ اسْتَوْفَيْتُ كُلَّ شَىْءٍ وَاسْتَفْضَلْتُ. قَدِ
امْتَلأْتُ، إِذْ قَبِلْتُ مِنْ أَبَفْرُودِتُسَ الأَشْيَاءَ الَّتِى مِنْ عِنْدِكُمْ،
نَسِيمَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، ذَبِيحَةً مَقْبُولَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. 19فَيَمْلأُ
إِلَهِى كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِى الْمَجْدِ فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ.
20وَلِلَّهِ وَأَبِينَا الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ، آمِينَ.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس هـ هَلاّس س

 

ع10: يعبر الرسول عن فرحه وشكره للرب ولهم، إذ يشبه عملهم من أجله
بإزهار الشجرة مرة ثانية وإخراجها ورق جديد. لأنه لم تتمكن كنيسة فيلبى من إرسال
معونات مادية له مدة طويلة لصعوبة السفر فى الطرق، ثم سمح الرب لهم أن يعتنوا به
مرة ثانية بعد انتظارهم فرصة لذلك فترة طويلة.

 

ع11: ما قاله لهم عن فرحه ليس للمعونة المادية فى حد ذاتها بقدر ما
هو لمحبتهم التى ظهرت فى عطاياهم. فإذ قد صار مسيحيا تعلم كيف يحيا حياة القناعة
والرضى والإكتفاء بما عنده.

 

ع12: يعرف أن يعيش بالقليل ويكتفى به بل ويستبقى منه أيضا. ففى كل
الظروف التى واجهها يكون دائما فى رضى بالرب، سواء فى الجوع أو الشبع، فى حالة
زيادة الخيرات المادية أو نقصانها، والسر فى ذلك هو المسيح الحال فيه.

 

ع13: فمن المسيح يستمد القوة والقدرة على مجابهة كل الظروف وتخطى
كل الصعوبات.

 

ع14: يقدر بولس الرسول تعب محبة أهل فيلبى ويشكرهم على كل ما عملوه
وقدموه من عطايا لأجله، إذ أحس بمشاركتهم له فى ضيقته خلال فترة سجنه.

ع15: بعد أن بشر ق. بولس أهل فيلبى وترك ولايتهم مكدونية لم تشاركه
كنيسة واحدة فى تقديم العطايا كما فعلوا هم. وهو هنا يعظم عطاءهم فيعتبرهم شركاءه
فى خدمته.

 

ع16: لا ينسى ق. بولس إرسالهم أكثر من مرة لمساعدته فى توفير
احتياجات الخدمة وذلك عندما كان فى تسالونيكى.

 

ع17: كل ما يقدمونه من محبة صادقة يضاف إلى حسابهم فى الملكوت. فلا
يريد بولس أن يظنوا أنه مهتم فى طلب العطية، بل يطلب من الله أن يكافئهم بالثمر
الوافر هنا وفى الأبدية.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر إشعياء 03

 

ع18: تقدماتهم قد سدت كل احتياجاته بل فاضت عن الحاجة، وقد قبل من
أبفرودتس عطاياهم التى هى عند الرب ذبائح محبة مقبولة ذات رائحة طيبة، كما قيل عن
ذبائح العهد القديم التى كانت للرضى والمسرة (لا 1: 9، 13).

 

ع19: لذلك يطلب من الرب أن يوفر كل احتياجاتهم وفق ما له من غنى
غير محدود وبفضل استحقاقات يسوع المسيح الذى فيه تصير تقدماتهم لرضى الآب وسروره،
فيكافئهم فى هذا الدهر وفى الدهر الآتى.

 

ع20: فى ختام الرسالة يعطى المجد لله أبينا إلى الأبد.

?       كم هو عظيم تقدير بولس لعطايا أهل فيلبى. فليتك تظهر تقديرك لما يعمله
الآخرون نحوك وكذلك لكل شئ صالح فيهم، فكلمات التشجيع يحتاجها جميع الناس كبار
وصغار، خاصة إذا كنت ستضطر أن تلوم أحد فلابد أن تبدأ كلامك له بالتشجيع والمدح.

 

(4)
تحيات ختامية (ع21-23):

21سَلِّمُوا عَلَى كُلِّ قِدِّيسٍ فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. يُسَلِّمُ
عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ الَّذِينَ مَعِى. 22يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ،
وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنْ بَيْتِ قَيْصَرَ. 23نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ
مَعَ جَمِيعِكُمْ، آمِينَ.

كُتِبَتْ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّى مِنْ
رُومِيَةَ عَلَى يَدِ
أَبَفْرُودِتُسَ

ع21: يختتم الرسول رسالته مقدما تحياته لكل مؤمن فى كنيسة فيلبى،
ويرسل تحيات رفقائه فى الخدمة ومساعديه فى الكرازة برومية، إلى أهل فيلبى.

 

ع22: يرسل كذلك تحيات جميع أعضاء الكنيسة فى روما وأفراد الحرس
الإمبراطورى فى بيت قيصر، الذين قادهم الرسول إلى معرفة المسيح.

 

ع23: بدأ الرسول رسالته بالنعمة وينهيها أيضا بطلب النعمة لأجلهم،
النعمة التى هى عمل الله مع النفس البشرية.

والعبارة الأخيرة فى الرسالة كتبت لتوضيح مكان كتابة الرسالة
والشخص الذى أُرسِلَت بواسطته.

?       ما أجمل الشركة بين أعضاء الكنيسة فى تبادل التحيات والحب وتمنيات الخير.
فليتنا نهتم بالشركة والمودة داخل أسرتنا ومع أقاربنا وفى الكنيسة، فهذا يعطى راحة
وشبع للنفس وكذلك علاقات طيبة مع الآخرين.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي