الأَصْحَاحُ
الثَّالِثُ

صفات أولاد الله

 

(1)
الطهارة (ع 1-9):

1اُنْظُرُوا
أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ
هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. 2أَيُّهَا
الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا
سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا
سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. 3وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ
نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. 4كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ، يَفْعَلُ
التَّعَدِّىَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِىَ التَّعَدِّى. 5وَتَعْلَمُونَ أَنَّ
ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَىْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. 6كُلُّ
مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ
عَرَفَهُ.

7أَيُّهَا الأَوْلاَدُ،
لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ
بَارٌّ. 8مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ
مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَىْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ
إِبْلِيسَ. 9كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ
زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ
مِنَ اللهِ.

 

ع1: يعرفنا
: أى يقبل تصرفاتنا.

يعرفه
: أى يؤمن به.

يفتخر الرسول بنعمة الله التى وهبتنا البنوة له، فهى محبة
وتنازل عظيم منه أن يدعونا أبناءه، وهذه البنوة تعنى أمورًا كثيرة، فهى تعطينا
الحق فى الإقتراب إليه وعشرته وحمايته لنا…بل وأكثر من هذا الوجود الدائم معه فى
الأبدية. وعدم قبول العالم الشرير لسلوكنا النقى ليس غريبًا لأنه لم يؤمن بالله
أبينا وبالتالى لا يعرف أو يقبل أبناءه.

 

ع2: يرتفع ق. يوحنا ببركات البنوة التى نتمتع بها هنا على الأرض
جزئيًا إلى مستوى لا نستطيع إدراكه من العظمة والسمو وهو بنوتنا وعشرتنا لله فى
الأبدية. ولكن يقرِّر هنا حقيقة هامة عن الأبدية وهى أننا ما دمنا أولاده سنكون
مثله فى النورانية، أى يعطينا بأبوته أن نحيا على مستوى عالٍ فى الروحانية والمجد
والبهاء قدر ما نحتمل، وهو غير محدود ويعطينا ما يناسبنا بحسب محدوديتنا.

 

ع3: من آثار إيماننا وتمسكنا ببنوتنا لله أن نرفض الخطية ونحيا فى
طهارة مثل أبينا السماوى الطاهر القدوس.

 

ع4: سبب رفضنا للخطية وتمسكنا بحياة الطهارة هو أن الخطية تعدٍ
على وصايا الله، ولأننا أولاده فبنوتنا له لا يمكن أن تتفق مع التعدى على الله
وكلامه، فلذا نرفض أى خطية ونتباعد عنها كلما تذكرنا أننا أولاد الله.

 

ع5: يؤكد هنا أن المسيح الذى ظهر فى الجسد لكى يرفع خطايانا بموته
عنا هو طاهر أى بلا خطية، ولأننا أولاده فنحيا فى طهارة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس د ديماروس س

 

ع6: الثبات فى بنوتنا لله تجعلنا نتنافر مع الخطية لأنها ضد
كلامه، ولأننا نحبه فلا نقبل ما يغضبه ولا يمكن أن نعصاه. أما من يقبل الخطية فهذا
معناه تنازله عن بنوته لله وعدم ثباته فيه، ومن يتمادى فى الخطية يدلِّل على أنه
لم يعرف الله لأنه كيف يكون متمتعًا ببنوة الله ثم يقبل التنازل عنها بسهولة
ليخطئ.

 

ع7: يقرِّر هنا أيضًا أن صنع البر هو نعمة معطاة لأبناء الله لأن
الله أباهم بار، فبنوتهم له تدفعهم بالطبيعة إلى فعل البر.

 

ع8: من ناحية أخرى، فالخطية والتعدى على الله مبدأها إبليس ومن
يفعلها يعلن بنوته له. وقد تجسد المسيح ليعيد البشر إلى بنوته ويجتذبهم من يد
إبليس فيحيون فى البر.

 

ع9: إذًا فالمولود من الله يحيا فى البر وبنوته تجعله يتنافر مع
الخطية، لأن الطبيعة الجديدة التى وهبها الله له بالمعمودية وزرعها فيه تجعله
ميّالا للتشبه بالله والثبات فى بنوته وتبعده عن الخطية بل لا يتحمَّل الوجود
فيها.

هذه الآية قد تبدو مختلفة عن (ص1: 8) التى تقرر أننا خطاة،
ولكن المقصود أننا إن ثبتنا فى بنوتنا لله نتنافر مع الخطية ولكن لضعفنا نسقط
بإرادتنا فيها، أما محبة الله فتقبلنا ثانيةً بالتوبة فنستعيد بنوتنا فيه.

?       تذكَّر بنوتك لله فى بداية كل يوم لتجذبك نحوه بالصلاة والميل لعمل الخير
وتضع حاجزًا بينك وبين الخطية مهما بدت لذيذة أو مغرية.

 

(2)
المحبة (ع 10-17):

10بِهَذَا أَوْلاَدُ
اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ
فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ. 11لأَنَّ هَذَا هُوَ
الْخَبَرُ الَّذِى سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا،
12لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا
ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ.

13لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا
إِخْوَتِى إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. 14نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ
انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ.
مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِى الْمَوْتِ. 15كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ
فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ،
لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. 16بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا
الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِى لَنَا
أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. 17وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ
الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ،
فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نايين ن

 

ع10: يعطى الرسول علامتين لأولاد الله يميزانهم عن أولاد إبليس
وهما :

1-                
البر، أى النقاوة والطهارة
والحياة الصالحة التى تحدثنا عنها بالتفصيل كثمرة لبنوتنا لله (ع1-9).

2-                
محبة الإخوة كدليل على
محبتنا لله وبنوتنا له.

 

ع11: الخبر
الذى سمعتموه من البدء
: الوصية فى العهد القديم
"
تحب
قريبك كنفسك
" (لا19: 18) وأيضًا الكرازة بالإنجيل مضمونها المحبة
كما أعلن المسيح نفس هذه الآية السابق ذكرها (مت22: 39).

فيؤكد ق. يوحنا أن محبة الإخوة هى دليل بنوتنا لله كما جاء فى
بشارة الإنجيل وأيضًا كما نادى العهد القديم.

 

ع12: الشرير
: إبليس.

يعطى مثالا لعدم المحبة وهو قايين الذى قتل أخاه هابيل البار
الذى صنع مشيئة الله بتقديم ذبيحة حيوانية كما تعلم من أبيه آدم فقبلها الله، ولم
يتمثل قايين به بل اغتاظ منه وامتلأ قلبه شرًا فقتله ليتخلص منه. وبهذا يظهر أن
قايين ابن للشيطان الشرير بكراهيته لأخيه.

 

ع13: العالم الشرير خاضع لأبيه الشيطان لذا يبغض أولاد الله
المملوئين محبة لأن محبتهم تكشف شره.

 

ع14: الخطية وهى الأنانية والكراهية أجرتها الموت وبسببها حُكِمَ
على أبوينا الأولين بالموت؛ ولكن عندما آمنا بالمسيح ونلنا الطبيعة الجديدة التى
تقودنا لمحبة الآخرين عُتِقنا من الموت الأبدى ونلنا الحياة الجديدة فى المسيح.
أما من يصرّ على عدم محبة الآخرين فيبقى عليه حكم الموت الأبدى.

 

ع15: بداية خطية القتل هى الغضب ثم الكراهية، لذا فالبغضة تحمل نية
القتل ومن يصرّ على كراهية الآخرين يحكم على نفسه بالهلاك وضياع أبديته مع المسيح.

 

ع16: أمامنا مثالا للمحبة الكاملة وهو المسيح الذى وضع نفسه من
أجلنا ومات على الصليب، وإن آمنا بمحبته وفدائه نصنع مثله فنكون مستعدين أن نضحى
حتى الموت من أجل محبتنا للآخرين.

 

ع17: من
كان له معيشة العالم
: من له أموال ومقتنيات تفيض عنه ويستطيع
مساعدة الآخرين بها.

يعطى مثالا لمحبة الآخرين وهو إنسان له إمكانيات مادية تكفيه
وتفيض ووضع الله أمامه شخصًا محتاجًا ورفض الإحساس به ومساعدته، فهذا يتنافى مع
محبته لله لأنه إن كانت محبة الله ثابتة فيه لأحبَّ أخاه المحتاج وساعده.

?       المحبة دليل بنوتك لله، فليتك تشعر باحتياجات من حولك وتساعدهم خاصة أن
احتياجاتهم قد تكون لكلمات طيبة أو مشجعة أو إبتسامة أو إنصات باهتمام لمتاعبهم
وهذه أمور لا تكلفك كثيرًا، فلماذا تغلق احشاءك عنهم خاصة وأن مراحم الله
وإحساناته لا تفارقك ؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يوب ب

 

(3)
تنفيذ الوصية (ع 18-24):

18يَا أَوْلاَدِى، لاَ
نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ.
19وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ، وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ.
20لأَنَّهُ، إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا، فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا،
وَيَعْلَمُ كُلَّ شَىْءٍ.

21أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ،
إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. 22وَمَهْمَا
سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ
الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. 23وَهَذِهِ هِىَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ
ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا
وَصِيَّةً. 24وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا
نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِى أَعْطَانَا.

 

ع18: يوجه نظرنا إلى صفة ثالثة بالإضافة للطهارة والمحبة وهى تنفيذ
الوصية عمليًا، غير مكتفين بالإيمان والإقتناع النظرى، فالشياطين يؤمنون ويقشعرون
(يع2: 19).

 

ع19: المحبة العملية تؤكد أننا أولاد الله أى أولاد الحق فبهذا
تثبت قلوبنا أمامه ونحيا مطمئنين.

 

ع20: قلوبنا
: ضمائرنا.

إن حاسبنا أنفسنا واكتشفنا ضعف محبتنا للآخرين، فالله فاحص
القلوب والكلى يعرف كل ضعفاتنا ويقبل توبتنا ويساعدنا على الرجوع إليه ومحبة
الآخرين.

 

ع21: لكن إن كانت ضمائرنا مستريحة لمحبتنا للآخرين، فهذا يعطينا
طمأنينة وإيمان أن نطلب نعمة الله معنا لكى ننموا فى هذه المحبة.

 

ع22: الله يفرح بطلبات أولاده الخاضعين لوصاياه والعاملين الخير،
فيعطيهم بركات وقوة أكبر فى نمو حياتهم الروحية وفى محبة وخدمة الآخرين.

 

ع23: يلخص ق. يوحنا وصايا المسيح فى أمرين :

1-                
الإيمان بالمسيح وما ينتج
عنه من حب له.

2-                
محبة الآخرين كما أوصانا
المسيح كثيرًا كما فى (يو13: 34).

 

ع24: بتنفيذ الوصية والسلوك بالمحبة العملية نحو الآخرين نثبت فى
الله ومحبته ويثبت عمل الله فينا. والدليل على ثبات الله فينا عمل الروح القدس
الذى يهبنا ثماره مثل طول الأناة واللطف والمحبة لكل أحد…. (غل5: 22).

?       ليت محبتك للآخرين تستمر حتى لو كنت مجهدًا أو تعانى من مشاكل ومهما زادت
طلباتهم أو أساءوا إليك، فلا تمنع محبتك لهم أو تطفئ صوت الروح القدس داخلك الذى
يدعوك لمساعدتهم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي