دراسة
فى سفر العدد

خادم
المسيح

دعى
فى العبرية
Bemidbar ومعناها " فى البرية ". وهو بذلك يشير الى ماهتيه كسفر
رحلات الشعب فى برية سيناء.

وجاءنا
تسميته " العدد " فى الترجمة السبعينية وهى تناسب الرواية فى الأصحاح
الأول والأصحاح السادس والعشرين، حيث ورد عنها احصاء الشعب. الأحصاء الأول تم فى
سيناء فى السنة الثانية للخروج (عد 1) والثانى بعد حوالى تسعة وثلاثين عاماً فى
سهول موآب (عد 26). وربما هذه التسمية " العدد " هى التى جعلت الكثيرين
يهملون دراسته ظناً منهم انه مجرد سفر احصاء الشعب رغم كونه خلاف ذلك بحسب تسمية العبرانيين
له.

 

 محتويات
السفر

 يروى
السفر مجموعة الأحداص الدرامية الخاصة بتيه بنى اسرائيل فى البرية ووصولهم الى
موآب واشرافهم على أرض الموعد.

 لقد
بقى الشعب حوالى عاماً فى سيناء بعد الخروج، تسليم فيها الشرائع والوصايا الخاصة
بالعبادة والسلوك وتنظيم حياتهم الاجتماعية. ثم ارتحلوا نحو الشمال تجاه كنعان،
وعندما بلغوا قادش رفض ملك أدوم أن يسمح لهم بالعبور (عد 20) واذ سمع ملك عراد
حاربهم وغلبهم ثم عادوا وانتصروا عليه، ثم بقوا عدة سنوات تائهين فى البرية بسبب
تذمرهم المستمر.

 

 سمع
ملك موآب بأخبارهم فاستدعى بلعام الساحر لكى يلعنهم، لكن الله حول كلمات الساحر
الى بركة ووعد لهم بالغلبة. ولكن عاد بلعام ونصح بأن يعثرهم بالمدنيات الزانيات –
لأن الههم يحب الطهارة – فانحرف اسرائيل وانهزموا، ولكن تابوا وعادوا وغلبوا.

عندئذ
خصصوا بموافقة نوسى، شرق الأردن ليملكه أسباط: رأوبين وجاد ونصف سبط منسى.

 

والسفر
أيضاً حوى التعليمات الخاصة بتقسيم الأرض 0

 

 سمات
السفر

هو
سفر الجهاد الروحى غير المنقطع

 وهذا
يؤكده ترتيبه بين أسفار موسى الخمسة. فالخروج يناظر المعمودية واللاويين يناظر
ترتيب الحياة الجديدة – طقسياً ودينياً – وأتى العدد يمثل مرحلة الجهاد الروحى
بغية الوصول الى السماء.

هو
سفر الوصية

وتمثلها
الأبواق التى أمر الرب بصنعها، تعلن أن الوصية هى معين الانسان فى رحلته نحو
اورشليم السماوية.

 

 هو
سفر الرعاية الإلهية

وتمثلها
السحابة بالنهار وعمود النار ليلاً. يهتم بأكلهم وشربهم وراحتهم.

هو
سفر التذمرات السبعة

 لقد
تذمر الشعب فيه سبع مرات، تعلن بوضوح جحود الانسات فى مقابل عطاء النعمة الالهية. وذه
التذمرات كانت:

 


بسبب الطريق الطعام (11 – 1-3)

 "
كانوا يشتكون شراً فى أذنى الرب وسمع فحمى غضبه "

 بسبب
الطعام (11: 4 –6)

 "
من يطعمنا لحماً .. تذكرنا السمك .. يبست أنفسنا. ليس شيىء غير أن أعيننا الى هذا
المن "

 بسبب
الجباريرة (13: 33 – 14: 2)

 "قد
رأينا هناك الجبابرة .. كنا فى أعيننا كالجراد .. بكى الشعب فى تلك الليلة وتذمر
على مويى وهرون جميع بنة اسرائيل "

 بسبب
رفضهم قيادة موسى وهرون (16: 3)

 "
.. اجتمعوا .. وقالوا كفاكما. ان كل الجماعة مقدسة وفى وسطها الرب فما بالكما
ترتفعان على جماعة الرب "

 بسبب
تأديبات الرب واحكامه (16: 41)

 "
.. فتذمر كل جماعة بنى اسرائيل .. قائلين أنتما قد قتلتما شعب الرب "

 

 بسبب
معاناة التيه (20: 2 – 5)

 "
لم يكن ماء .. خاصم الشعب موسى .. ليتنا فنينا .. لماذا أتيتما بجماعة الرب الى
هذه البرية .. ولماذا أصعدتمانا من مصر "

 للمرة
الثانية " زهقاً " من المن (21: 5)

 "
.. لماذا أصعدتمانا .. كرهت أنفسنا الطعام السخيف "

 

 وهو
سفر الشفاعة

 تجد
فيه موسى يقف دائماً مدافعاً عنهم، وهرون يصلى لأجلهم بحسب علمه ككاهن.

 

 أقسام
السفر

 يشتمل
السفر على 36 اصحاحاً يمكن تقسيمها لاى الأقسام التالية

أولا:
الإستعداد للسفر فى البرية (التنظيم) (1 – 10: 10)

 أ)
احصاء الشعب فيما عدا اللاويين، وتعيين مكان لكل سبط فى المحلة (1 و2). وكانوا
يعدون الرجال القادرين على حمل السلاح من سن عشرين سنة فصاعداً.

 ب)
إحصاء اللاويين (3 و4) من ابن شهر فصاعداً

 ج)
تعداد الأبكار، واعفاؤهم من حمل السلاح

 د)
ترتيب حلول الخيمة وارتحالها.

 ه)
الشرائع (ازالة النجس – التعويض عن ذنب. الغيرة – النذيرين 5)

 و)
بركة الكهنوت 6)

 ز)
تكريس الخيمة وتقدمة الروساء 7)

 ح)
الرج السبعة (8) وتكريس اللاويين

 ط)
حفظ الفصح (6) وعمود السحاب

 ى)
أبواق الفضة (10)

 

 ثانيا:
الرحلة من سناء إلى مؤاب

 أ)
نظام السير (10 – 11 – 28)

 ب)
انتخاب المعانين، درس فى الرعاية والادارة (11: 16 – 25)

 ج)
سقوط السلوى فى المحلة (11: 31 – 34)

 د)
تكلم مريم وهرون على موسى بسبب المرأة الكوشية (12)

 ه)
عند قادش برنيع

 

 ارسال
الجواسيس (13)

 تذمر
الشعب (14)

 و)
شرائع اضافية مثل

 التقدمة
والسكيب ووجوبها على الغريب – رفيعة أول العجين – رجم ناقص السبت (15)

 ز)
عصيان قورح وداثان وأبيرام (16، 17)

 ح)
واجبات الكهنة واللاويين وإمتيازاتهم (18)

 ط)
شرائع النجاسة بميت (19) البقرة الحمراء

 ى)
العودة الى قادش برنيع

 موت
مريم وخطية موسى وهرون (20: 1 – 21)

 موت
هرون والإرتحال الى سهول موآب (20: 22 – 29)

 تذمر
الشعب – الحيات المحرقة (21 – 1 – 35)

ثالثا:
فى شطيم مقابل أريحا (22: 1 – 36: 13)

أ)
حادثة بلعام (22 – 25)

ب)
تعداد الجيل الجديد (26)

ج)
شرائع إضافية (27 – 30)

د)
الانتقام من المديانيين (31)

ه)
تخصيص شرق الأردن للسبطين ونصف (32)

و)
ملخص تذكارى للرحلة كلها (33)

ز)
أرض كنعان على مرمى البعد (34)

ح)
مدن الملجأ (35)

ط)
ميراث البنات بشرائع اضافية (36)

 

 ترتيب
الحلول والارتحال

 توزيع
الأسباط وسكناهم عند الدخول

 ترتيب
الارتحال

 

 المسيح
فى سفر العدد

 الخيمة
وسط الأسباط، فى حلولهم وأثناء ارتحالهم، فى نظام وترتيب غاية فى الدقة، رمز الى
المسيح وسط شعبه فى كل أحوال حياتنا

 

 عمود
السحاب، قائد المسيرة. يشير الى قيادة السيد المسيح لنا. فقد قال: " من
يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة " (يو 8: 12)

 

 الأبواق
الفضية تشير الى صوت المسيح الراعى الذى يدعونا، يجمعنا، يحذرنا، يعزينا. فنتبع
صوته بحسب ما قال

"
متى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامهما والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته " (يو 10:
4)

 

 وهذه
الأبواق تشير الى كلمة الله بالطبع.

 هرون
رئيس الكهنة رمز عجيب للمسيح، فلما غضب عليه والشعب واساءوا اليه ضربهم الرب
بالوباء. فأخذ هرون مجمرته وأسرع الى القول المصابين ووقف بينهم وبين الأحياء يشفع
فيهم عند الله، الذى قبل شفاعته ورفع عنهم الموت (عد 16: 46 – 50) وهكذا شفع
المسيح فى نفوس الذين اسءوا اليه واذا قدم نفسه كفارة عن العالم أجمع ومازال يشفع.

هل تبحث عن  هوت مقارن اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتى ى

 

 ولما
أتت ساعة هرون، خلع ثيابه وألبسها لابنه أليعازر ثم مات. وهكذا المسيح رئيس كهنتنا
الأعظم، لما جاءت ساعة صعوده كان قدج سلم التلاميذ الخدمة ورعاية الكنيسة بكل دقة.

 

 شريعة
البقرة الحمراء (19) للتطهير من النجاسة بميت. اشراة واضحة للرب يسوع الذى يطهرنا
بماء المعمودية وبدم صليبه من كل فكر فينا، أعنى الخطية والشر.

 

 الحية
النحاسية (21) رمزت للمسيح والراية رمزت للصليب وهذه قالها صراحة المسيح

 

كما
رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الانسان لكى لا يهلك كل من يؤمن
به بل تكون له الحياة الأبدية " (يو 3: 14)

 

 نبوة
بلعام (24)

 اراه
وليس الأن .. أبصره ولكن ليس قريباً. يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من اسرائيل
فيحطم طوفى موآب ويهلك كل بنى الوغى " (24: 17 – 19)

 اشارة
للمسيح الذى حطم قوة الشيطان. ولعل هذه النبوة بالذات هى التى حفظها الكلدانيين،
نسل بلعام، وعليها إستند المجوس وهم يتابعوا رحلة النجم فقالوا

"
أين هو المولود ملك اليهود فأننا راينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له " (مت
2: 2)

 

 مدن
الملجأ (35)

 وهى
ست مدن ليلجأ اليها القاتل سهواً، حيث يهرب من ولى الدم الذى يطارده، يهرب الى
مدينة من مدن الملجأ ويبقى هناك الى موت رئيس الكهنة ثم يعود حراً الى مدينته.

 

 فى
هذا اشاره لربنا يسوع. رئيس كهنتنا الذى لما نلنا نحن الحية وعدنا الى بيتنا
الأبدى. أعنى السماء.

 

وأسماء
لمدن تعلن بوضوح عمل المسيح

 

 فى
غرب الأردن

قادش:
ومعناها قداسة، ونحن حينما نحتمى فى المسيح وفى كنسته، ننال القداسة ونحيا فى البر
0

شكيم:
ومعناها " كتف " والمقصود بها حماية المسيح واكنسية لنا فالكتف رمز
القوة.

 حبرون
ومعناها " شركة " وهذه تشير الى حياة الشركة بالحب بيننا وبين الأخوة
وفوق الكل، بيننا وبين الله

 باصر:
" حصن " وهذه غنيمة عن الشرح، فالمسيح والكنيسة حصن المؤمنين، وخارجها
كل هلاك وضياع.

 راموت:
" ارتفاع " ومن يلجأ الى المسيح والكنيسة حتماً يرتقى بفكره وقلبه
أرتفاعاً الى السماء.

 

 جولان:
" فرح .. بهجة " وهذه ثمرة الحياة داخل المسيح والكنيسة ملجأنا، حياة
الفرح والبهجة.

 

قورح
وداثان

تمرُّد
قورح وداثان وأبيرام وعقابهم (عدد 16: 1-15)

كانت
الأمور قد هدأت نسبياً بعد غضب الرب على تمرُّد بني إسرائيل ورفضهم دخول أرض
الموعد بسبب المذمة التي أشاعها الجواسيس العشرة على تلك الأرض، وحُكْم الرب على
الجيل القديم بالتيه في البرية أربعين سنة؛ فقد أراد الرب أن يؤكِّد أنه لن يحرم
أولادهم من دخول الأرض بعد فناء الجيل القديم، إذ أوصاهم بما يجب أن يقدِّموه من
تقدمات مع ذبائحهم وأول عجينهم عند وصولهم إلى أرض مسكنهم. وكانت هذه الوصايا من
الرب لهم بمثابة تجديدٍ للرجاء وإنعاش للأمل في تحقيق ما وعدهم الرب به وعدم رفضه
لهم إلى المنتهى.

 

ولكن
عادت التجارب تتوالى مرة أخرى على موسى وهارون، فقد:

+
«أخذ قورح بن يصهار بن قهات بن لاوي، وداثان وأبيرام ابنا أليآب، وأون بن فالت بنو
رأوبين، يُقاومون موسى مع أُناس من بني إسرائيل، مئتين وخمسين رؤساء الجماعة
مدعوين للاجتماع ذوي اسم. فاجتمعوا على موسى وهارون وقالوا لهما: كفاكما. إن كل
الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب. فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب؟» (عد 16:
1-3)

 

ما
أشبه هذا التمرُّد الذي قام به قورح وداثان وأبيرام مع المائتين والخمسين رئيساً
ضد موسى وهارون، بما حدث من مريم وهارون حينما تكلَّما ضد موسى قائلَيْن: «هل
كلَّم الرب موسى وحده؟ ألم يُكلِّمنا نحن أيضاً» (عدد 12: 2)؟ فإنَّ نفس فكر
التعالي وحُب الرئاسة الذي هاجم مريم وهارون هو الذي هاجمهم هم أيضاً قائلين لموسى
وهارون: «كفاكما. إن كل الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب. فما بالكما ترتفعان
على جماعة الرب»؟!

 

إلاَّ
أن الفرق بين هاتين الحالتين كان عظيماً في مواجهتهما. فمريم وهارون لم يجرآ أن
يتواجها مع موسى، وإذ سمع الرب كلامهما الذي تهامسا به معاً بالنميمة على موسى
أخيهما، عالجه الرب في الحال بالتأديب اللائق لمريم التي أُصيبت بالبرص وعُزلت
خارج المحلة أسبوعاً، إلى أن شُفيت بصلاة موسى وشفاعته لأجلها.

 

أما
في حالة قورح وداثان وأبيرام، فقد قاموا بتأليب رؤساء الجماعة على موسى وهارون،
الذين بلغ عددهم مائتين وخمسين رجلاً ذوي اسم، وتسبَّبوا في قيام فتنة خطيرة في
وسط الجماعة. وكان قورح الذي تزعَّم الفتنة من سبط لاوي، وأبوه يصهار بن قهات بن
لاوي، ويصهار أخو عمرام أبي موسى وهارون (خر 6: 16-21). ومن المؤلم أن يكون ابن
العمومة هو قائد الفتنة ضد قريبيه اللذين خدما الشعب بكل أمانة وإخلاص، ولكن شهوة
الرئاسة كفيلة بأن تعمي القلوب.

 

أما
داثان وأبيرام وأون فهُمْ من سبط رأوبين. ويظهر أن تحالُف الثلاثة مع قورح كان
بسبب تجاور خيامهم، لأن خيام القهاتيين وخيام سبط رأوبين كانت جنوبي خيمة الاجتماع.
ويبدو أن قورح لكونه من بني قهات من سبط لاوي المخصص لحمل أمتعة القدس لخدمة خيمة
الاجتماع، وداثان وأبيرام وأون لكونهم من سبط رأوبين البكر، قد أثار ذلك فيهم
الإحساس بأحقيتهم في التسلُّط على الجماعة، والحسد ضد موسى بوصفه رئيساً وقائداً
للشعب، وضد هارون بوصفه رئيساً للكهنة. وفي هذا يقول القديس بروكوبيوس الغزاوي:

 

[نسل
رأوبين ثاروا ضد موسى. ذرية البكر حسبوا أن المرتبة الأولى ينبغي أن تكون لهم،
لأنهم السبط الأول. وذرية هارون ثاروا أيضاً مرتكنين على أصلهم الكهنوتي.]

 

أما
المائتان والخمسون رئيساً فقد كانوا من رؤساء بقية الأسباط، وقد انساقوا وراءهم
لأنهم أرادوا أن يكونوا كهنةً، كل واحدٍ على أسرته، كما كان الحال قديماً قبل
إقامة الكهنوت اللاوي، وكما كان الحال عند قبائل الأمم.

 

إلاَّ
أنه كان من العجيب حقاً أن تُوجَّه تهمة حُب الزعامة إلى موسى، الذي كُتب عنه أنه
«كان حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض» (عد 12: 3). كما أنه
حين كلَّف الرب موسى بمسئولية قيادة الشعب تمنَّع بشدة متعلِّلاً بأنه ليس صاحب
كلام منذ أمس ولا أول من أمس، بل هو ثقيل الفم واللسان (خر 4: 10). ولما تنبَّأ
رجلان من شيوخ الشعب في المحلة، وكانا من ضمن السبعين رجلاً الذين اختارهم موسى
لمعاونته في قيادة الشعب، غار يشوع لأجل موسى معلِّمه وقال له: «يا سيدي موسى
اردعهما. فقال له موسى: هل تغار أنت لي؟ يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء، إذا جعل
الرب روحه عليهم» (عد 11: 28و29). فهل رجل كموسى بهذه الصفات يتهمونه بحُب الرئاسة
والترفُّع على جماعة الرب؟!

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بحوريم 1

 

كيف
واجه موسى هذا التذمُّر؟

+
«فلما سمع موسى سقط على وجهه. ثم كلَّم قورح وجميع قومه قائلاً: غداً يُعلن الرب
مَن هو له؟ ومَن المُقدَّس حتى يُقرِّبه إليه؟ فالذي يختاره يُقرِّبه إليه. افعلوا
هذا، خذوا لكم مجامر، قورح وكل جماعته، واجعلوا فيها ناراً، وضَعُوا عليها بخوراً
أمام الرب غداً. فالرجل الذي يختاره الرب هو المُقدَّس. كفاكم يا بني لاوي.» (عد
16: 4-7)

 

لقد
ذُهل موسى من الاتهام الذي أُلصق به، حتى أنه لَمَّا سمع ما واجهوه به قائلين: «كفاكما،
إن كل الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب، فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب»؟
سقط موسى على وجهه من هول المفاجأة. فلم يكن يتوقع إطلاقاً بأن يُتَّهم بهذا
الاتهام وهو الذي طلب من الرب قبلاً أن يُشاركه في قيادة الشعب سبعين شيخاً من
رؤساء الأسباط. لذا فقد كان سقوطه على وجهه تعبيراً عن حزنه الشديد وانزعاجه من
تمرُّدهم، مُقدِّماً الدليل على عدم ترفُّعه عليهم، عساهم أن يرجعوا عن غيِّهم.

 

ولم
يحاول موسى أن يُدافع عن نفسه ولا عن هارون أخيه، بل لجأ إلى تحكيم الله بينهما
وبينهم، قائلاً: «غداً يُعلن الرب مَن هو له؟ ومَن (هو) المقدَّس حتى يُقرِّبه
إليه؟ فالذي يختاره (الرب) يُقرِّبه إليه». وطلب منهم أن يأخذوا لهم مجامر بعددهم
ويجعلوا فيها ناراً ويضعوا فيها بخوراً أمام الرب في اليوم التالي. وكان تقديم
البخور من اختصاص الكهنة، ولم يكن مسموحاً لغير الكهنة أن يرفعوا بخوراً أمام
الرب؛ بل كان لتقديم البخور أحكام خاصة وطقوس يلزم اتِّباعها، وإلاَّ يُرفض البخور
ويُعاقب مقدِّمه. وهل ننسى ما حدث مع ابني هارون ناداب وأبيهو اللذين أخذ كلٌّ
منهما مجمرته وجعلا فيهما ناراً ووضعا عليها بخوراً وقرَّبا أمام الرب ناراً غريبة
لم يأمرهما بها؟! وكيف خرجت نارٌ من عند الرب وأكلتهما فماتا أمام الرب، مع أنهما
كانا كاهنين مُكرَّسين للرب (لا 10: 1و2)؟ ولكن لكونهما لم يسلكا بحسب أمر الرب
بتقديمهما ناراً غريبة لم يأخذاها من وقود مذبح المحرقة الدائم الاتقاد؛ لذلك رفض
الرب تقدمتهما، لأن الرب يريد الخضوع والطاعة لأوامره أكثر من الذبائح والمحرقات.

 

كما
كان البخور في حدِّ ذاته له مواصفات خاصة، ليس مسموحاً لأحدٍ تقليدها، حسب قول
الرب لموسى: «خُذ لك أعطاراً، ميعة وأظفاراً وقِنَّة عطرة ولُباناً نقيًّا، تكون
أجزاء متساوية. فتصنعها بخوراً عطراً صنعة العطار، مُملَّحاً نقياً مُقدساً..
والبخور الذي تصنعه على مقاديره لا تصنعوا لأنفسكم، يكون عندك مُقدَّساً للرب. كل
مَن صنع مثله ليشُمَّه يُقطع من شعبه.» (خر 30: 34-38)

 

أما
تقديم البخور برائحته الزكية وصعود حلقاته نحو السماء، مكوِّناً ما يشبه السحاب
المحلِّق المرتفع إلى العلاء، فهو يشير إلى حضرة الله، ويوحي إلى الإنسان بحلوله،
وإلى قبول الله لصلوات الإنسان وتقدماته مثل رائحة سرور أمام الرب. وهكذا نجد أن
ترتيب استخدام البخور في العهد القديم كان له مكانة عظمى في العبادة. وبتحوُّل
العبادة من العهد القديم إلى العهد الجديد لم يفقد تقديم البخور مكانته، بل سما
بها إلى معانٍ مقدَّسة أكثر عمقاً، تختص بتقديم الرب ذاته محرقة ورائحة زكية أمام
أبيه الصالح على خشبة الصليب من أجل خلاص الإنسان.

 

ومن
أقوال القديس أمبروسيوس في شرحه لإنجيل لوقا واصفاً ظهور الملاك لزكريا الكاهن وقت
تقديم البخور ما يؤكِّد استخدام البخور منذ العصور الأولى للكنيسة، قوله:

 

[فليته
يقف بجوارنا أيضاً ملاك يؤازرنا وقت حرق البخور على المذبح.]

 

كما
يؤكِّد ذلك أيضاً مار أفرام السرياني (306-373م) في قوله:

 

[أتوسل
إليكم أن لا تدفنوا جسدي بالأطياب، فالروائح الطيبة تليق ببيت الله. أحرقوا بخوركم
في بيت الرب كرامة له ومديحاً.]

 

إذن،
فقد كان قورح متوقِّحاً للغاية عندما تجاسر على موسى وهارون طالباً أن يتساوى
معهما في الكهنوت والرئاسة هو وجماعته الذين انضموا إليه في تمرُّدهم وكبريائهم.

 

ورغم
أن موسى قد وضع الأمر بين يدي الله، وحينما طلب منهم أن يأخذوا لهم مجامر ويضعوا
فيها بخوراً أمام الرب، فالذي يقبل منه الرب بخوره هو المقدس عند الرب؛ إلاَّ أن
موسى لأجل شفقته عليهم من غضب الرب الذي توقَّع موسى انسكابه عليهم، قال لهم:

 

+
«اسمعوا يا بني لاوي، أقليلٌ عليكم أن إله إسرائيل أفرزكم من جماعة إسرائيل
ليُقرِّبكم إليه لكي تعملوا خدمة مسكن الرب وتقفوا قدام الجماعة لخدمتها؟ فقرَّبك
وجميع إخوتك بني لاوي معك وتطلبون أيضاً كهنوتاً؟!

إذن،
أنت وكل جماعتك متفقون على الرب. وأما هارون فما هو حتى تتذمَّروا عليه؟!» (عد 16:
8-11)

 

هنا
يُحذرهم موسى من أن تذمُّرهم هذا ليس على هارون؛ بل على الله نفسه الذي عيَّن
هارون وبنيه لخدمة الكهنوت، كما أفرز بني لاوي لخدمة مسكن الرب والوقوف قدام
الجماعة لخدمتها. فتذمُّرهم، إذن، هو على الرب وعلى ترتيبه الإلهي!

 

مواجهة
موسى مع داثان وأبيرام:

+
«فأرسل موسى ليدعو داثان وأبيرام ابنيْ أليآب. فقالا: لا نصعد. أقليل أنك أصعدتنا
من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتُميتنا في البرية حتى تترأَّس علينا ترؤُّساً؟! كذلك
لم تأتِ بنا إلى أرض تفيض لبناً وعسلاً، ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم. هل تقلع
أعين هؤلاء القوم؟ لا نصعد.» (عد 16: 12-14)

 

بعد
أن تحدث موسى إلى قورح وجماعته لعلَّهم يُصلِحون طريقهم أمام الرب، أراد أيضاً أن
يتحدث مع داثان وأبيرام لعلَّه يربحهما. فأرسل إليهما يدعوهما للحضور. ولكنهما
رفضا الحضور باعثين إليه برسالة تنمّ عن منتهى التبجُّح والمغالطة، متهمين موسى
بأنه أخرجهم من مصر التي تفيض لبناً وعسلاً ليُميتهم في البرية، ولكي يترأَّس
عليهم ترؤُّساً!! بل واتهموه أيضاً بأنه لم يأتِ بهم إلى الأرض التي تفيض لبناً
وعسلاً كما وعدهم، ناسين أنهم هم الذين حرموا أنفسهم منها بعدم إيمانهم وتذمُّرهم
بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من دخولها.

 

أما
قولهم لموسى: «هل تقلع أعين هؤلاء القوم»؟ فالأرجح أنهم يقصدون بها أن هؤلاء القوم
ليسوا عمياناً عمَّا فعلته وتفعله لهم، إذ حرمتهم من خيرات مصر وأتيت بهم إلى برية
قاحلة، ولم تُدخِلهم إلى الأرض التي وعدتهم بها، تلك التي تفيض لبناً وعسلاً!

 

ثم
أكَّدوا رفضهم للصعود إليه معلنين عصيانهم وتذمُّرهم وإصرارهم على التمرُّد.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نوم م

 

+
«فاغتاظ موسى جداً وقال للرب: لا تلتفت إلى تقدمتهما. حماراً واحداً لم آخذ منهم
ولا أسأت إلى أحد منهم (من الشعب).» (عد 16: 15)

 

لقد
كان غيظ موسى في محلِّه، فقد توقَّحوا جداً في اتهاماتهم له، حتى أنه لأول مرة
ينطق بكلماتٍ ضد أي فرد من الشعب بقوله للرب: «لا تلتفت إلى تقدمتهما». وهو طلب عادل،
لم يطلب فيه إيذائهم، وإنما تأديبهم حسب قول الرب: «ذبيحة الأشرار مكرهة الرب» (أم
15: 8)، لأنه أحس أنهم لم يخطئوا إليه بل إلى الله.

 

ولأول
مرة أيضاً يُدافع موسى عن نفسه ضد افترائهما عليه وادِّعائهما بأنه يستبد بهم.
فهوذا يدفع عن نفسه أي استبداد بهم أو طمع في شيء مما لهم حتى ولوكان حماراً. كما
أنه لم يُسئ إلى أحد ولم يضر أحداً. فهو لم يطلب لنفسه قط رئاسةً ولا سلطاناً على
أحد لأنه مختارٌ من الله.

 

اعتراضات
والرد عليها

 هنلك
تناقض بين عدد أسباط بنى اسرائيل فى الاصحاحات (1 – 4) وبين عددهم فى الاصحاح 26
فبعض الأسباط زاد عددها، والأخر نقص عددها.

الرد

 فات
المعترض أن هذا الاختلاف سببه أن ما يقارن به هو تعدادين وليس تعداد واحد انما
اثنان بينهما مدة 38 سنة. كانت كافية لولادة أناس ووفاة ~أخرين اما الإحصاء الأول
فتجده متطابقاً مع ما جاء فى (خر 30: 12 ن 38: 26).

 

 من
(عد 2: 17) فهم أن الخيمة والتابوت كانت فى وسط المحلة بينما ذكر فى (عد 10: 33)
ان التابوت كان أمامهم ليلتمس لهم منزلاً.

 

 الرد

 كان
الوضع الطبيعى ان تكون الخيمة، بالتابوت فى وسط المحلة بحسب (2: 17) أما ما جاء فى
(10: 33) ففيه احتمالان: اما ان يكون التابوت قد تقدمهم هذه المرة على سبيل
الاستثناء، أو يكون التابوت المقصود يتقدم المسيرة هو المعنى المعنوى، فقائد الجيش
يتقدم جنوده – بأوامره – مهما كان موقعه الجغرافية ومكان تمركزه.

 

 ذكر
فى (4: 3 و23 و30 و35 و39 و43 و47 9 ان خادم خيمة الاجتماع يكون من ابن 30 سنة الى
50 سنة. بينما 1كر فى (8: 24 – 25) انه يكون من 25 الى 50 سنة.

 

الرد

 كان
اللاويون يبدأون عملهم من سن 25 سنة كتلاميذ يتدربون تحت ارشاد نت هم أكبر منهم من
الكهنة. ولما يبلغون سن الثلاثين كانوا يباشرون الخدمة كامة. ولما يبلغون الخمسين
يتوقفون عن القيام بالخدمات الثقيلة. ولكن يستمرون فى آداء الواجب الخفيفة وتدريب
الشبان.

لا
يوجد تعارض، فالشواهد الأولى ذكرت سن الخدمة الفعلية. والشاهد الثانى ذكر سن بداية
التدريب

 

 جاء
فى (3: 10، 16: 40) ان الكهنة من نسل هرون فقط. وان الغريب الذى يتقدم لخدمة
الكهنوت يقتل. ولكنا تقرأ فى (2 صم 8: 18) ان بنى داود كانوا كهنة.

 

الرد

 الكلمة
العبرية المترجمة كهنة فى الشاهد الثانى لا يعنى فقط " كاهن " بمعنى
مقدم الذبائح وخادم الطقوس، بل أيضاً حادم وناصح ومقدم خدمات ". من هذا النوع
كان بنو داود اذ كان مركزهم شرفياً ودينيناً كالكهنة.

 

 من
(عد 16: 31 – 33، 26: 10) نفهم ان الأرض ابتلعت قورح ولكن فى (16: 35) و(مز 106: 18)
يقول ان النار اكلته.

 

 داثان
وأبيرام من سبط رأوبين، ومكانه من المحلة فى الطرف الجنوبى منها (أنظر مخطط
الاسباط). اما قورح وهو من نسل لاوى فكانت خيامه تحيط بالخيمة نفسها.

 

 وفى
اليوم الذى عينه قورح دعا داثان وأبيرام الى باب خيمة الاجتماع فرفضا (16: 12 14)
وبقيا فى خيامتها.

 

 وبعدما
جهزوا مجامرهم كأمر موسى ف (18 – 24) اتجه موسى وشيوخ بنى اسرائيل الى خيام
وأبيرام. وهنا ترك قورح رجال المئتين والخمسين يبخرون فى خيمة الاجتماعه، تركهم
وتبع موسى، ربما لكى يثبت داثان وأبيرام فى موقعهما. فوصل مع موسى الى خيامهما. فأمر
موسى الشعب بالابتعاد عن خيام هؤلاء فاتبلعتهم الأرض. وفى نفس الوقت خرجت نار من
عند الرب فاكلت الرجال المائتين والخمسين الذين قدموا البخور فى الخيمة.

 

 من
هنا نفهم الاحتمالين معاً وكلاهما يعنى هلاك قورح سواء بالنار لو كان قد بقى مع
المئتين والخمسين، أو ابتلعته الارض لو كان قد ذهب مع موسى الى خيام داثان وأبيرام.

 

 بحسب
الاعتراض السابق هناك تناقض بين ذكر الكتاب. ان الارض ابتلعت كل من كان لقورح. وبين
ما جاء فى (26: 11)

 

 "
ان بنى قورح لم يموتوا "

الرد

 أغلب
الظن ان قورح لم يكن فى خيمته وقت القضاء – النار لحاملى المجامر – وابتلاع الارض
لخيام داثان وأبيرام.

 

 اما
قول الكتاب عن ابتلاع الارض لكل ما كان لقورح، فالمقصود بها كل الرجال التابعين له.
وعن أولاده. فلم يكونوا داخل خيام داثان وأبيرام، كما لم يتواجدوا بين الشيوخ
الثائرين ال (250).

 

 ولعلهم
كانوا أطفالاً، لم يساهموا مع أبيهم فى ثورته، أو لعل قورح كان قد أخذ لنفسه خيمة
أخرى بعيدة خارج المحلة يدبر فيها مؤامراته بعيدا عن اللاويين أخوته.

 

 أولعل
زوجته كانت تخاف الله، ولم تناصر زوجها فانقذها الرب مع أبنائها.

 

 وللمعرفة
نذكر أنسلالة قورح مذكورة فى (1 أى 6: 22 – 38) ومنه نتعرف على سلسلة من سبعة
أجيال تنتهى بصموئيل النبى وأبنه يوئيل 0

 

 وهناك
أكثر من خمسة وعشرين مزموراً من سفر المزامير تنسب لينى قورح (42 – 29، 84، 85، 87،
88) وأساف من نسل قورح ايضاً (50، 73 – 83) وهيمان (88) وايثان (89).

 

 جاء
فى) عد 20: 18 – 21) و(قض 11: 17، 18) أن الأدوميين رفضوا مرور بنى اسرائيل فى
أرضهم ولكن جاء فى (تث 2: 4، 8) أنهم سمحوا لهم بالمرور وأعطاهم طعاماً.

 

 الرد

 فى
مبدأ الأمر جاء بنو اسرائيل لأرض آدوم من جهة الغرب، وهى منيعة فلم يتمكنوا من
المرور ولا التذود بالمؤونة. ولكن لما داروا وجاءوا الى أرض أدوم من جهة الشرق،
وقد كانت أقل مناعة، سمحوا لهم بالمرور وباعوهم الماء والطعام.

 

 جاء
فى (عد 25: 9) أن الذين ماتوا بالوباء كانوا 24 الفاً. وجاء فى (1 كو 10: 8) أن
الذين ماتوا كانوا 23 الفاً هذا تناقض.

 

 الرد

 ما
ذكره بولس السول فى (1 كو) هو عدد الذين ماتوا فى يوم واحد، اما سفر العدد فذكر
عدد القتلى كلهم. وقد يكون بولس قد استقى هذه المعلومة من تقليد شفاهى أو أى مصدر
آخر تحرى صدقه

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي