نبؤة بلعام الثانية

 

العظة
السادسة عشر

 

1 في العظة السابقة
حاولنا بقدر الإمكان شرح الجزء الأول من نبوة بلعام ونبدأ الآن شرح الجزء الثاني
حتى نفسر ما يرد فيها من أفكار حسب طاقتنا وبإلهام الرب لنا.

 

الحالات:
الظروف والملابسات

أصيب الملك بالاق
بالفزع من الكلمات غير المتوقعة التي سمعها من بلعام. إنه سمع بركات بدلاً من
لعنات فلم يحتمل واعترض قائلاً « ماذا فعلت بي؟ لتشتم أعدائي أخذتك وها أنت قد
باركتهم
»
(عد1:23)، هذا الملك
السيئ لم يتحمل عذوبة البركات فهو يبحث عن اللعنات ويطلبها. إنه ينتسب لتلك التي
قال عنها « ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية »
(تك 3: 14).

ماذا يجيبه بلعام
" الذي وضع الله كلام في فمه "، قال « أما الذي يضعه الرب في فمي
أحترص أن أتكلم به
»
(عد23: 12) اعتقد بالاق بأن بلعام
أرتعب من عدد شعب إسرائيل وأنه ليس عنده شجاعة، ولهذا السبب افتكر بأن يغير المكان
حتى ينجح في مسعاه وقال له «هلم معي إلى مكان آخر تراه منه وإنما ترى أقصاءه
فقط وكله لا ترى فإلعنه لي من هناك
»
(عد23: 13). يا له من أحمق!!
إعتقد بأن نعمة الإسرائيليين يمكن أن تختفي بواسطة عائق موضعي ولا يعرف أن « المدينة
الموضوعة على جبل لا يمكن أن تختفي
»
(مت3: 14). « فأخذه
إلى حقل صوفيم إلى رأس الفسجة وبنى سبع مذابح وأصعد ثورًا وكبشًا على كل مذبح وقال
لبالاق: قف هنا عند محرقتك وأنا أوافي هناك. فوافي الرب بلعام ووضع كلامًا في فمه
وقال بلعام: إن الله هو الذي يتكلم… وأنه قال أرجع إلى الأرض وتكلم هكذا… لكن
هو.. اسمعوا لبالاق كان واقفًا عند محرقته ورؤساء موآب معه فقال له بالاق: ماذا
تكلم به الرب
»؟
(انظر عد14:2317). العرافة تعمل بواسطة ذبائح دنسة، وتبحث
بأن يحصل إتصال بالسحر لكن الله يريد بأنه « حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة
جدًا
»
(رو5:
20)
.
فالله يتكرم بوجوده ولا يلتفت إلى هذه الطقوس المقامة حسب ضلال الوثنيين وليس حسب
الطقس الإسرائيلي. أنه لا يتجلى مع ذلك في الذبائح لكن يحضر للذي يأتي أمامه.إنه
يعلّم كلامه ويعلن أسراره المستقبلة بواسطة من يتمتع أكثر بثقة وإعجاب الوثنيين
حتى إن الذين لا يريدون أن يصدقوا أنبيائنا، يصدقون سحرتهم وعرّافيهم.

 

النص

2 فنطق بمثله وقال 
بلعام يقول إذا بمثل « قم يا بالاق اسمع… إصغ إلىَّ يا ابن صفور.. ليس الله
إنسانًا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟ أني قد
أُمرت بأن أبارك. فإنه قد بارك فلا أرده، لم يبصر إثمًا في يعقوب ولا رأى تعبًا في
إسرائيل. الرب إلهه معه وهتاف ملك فيه، الله أخرجه من مصر، له مثل سرعة الرئم. إنه
ليس عيافه على يعقوب ولا عرافه على إسرائيل… ما فعل الله. هوذا شعب يقدم كلبوة
ويرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى
»
(انظر عد23:
18 24)
.

 

"ينهض" من عبادة
الأوثان

هذا هو مضمون النبوة
الثانية لبلعام. فلنفحص أولاً الكلام: « قم يا بالاق »
(عد23: 18). إنه يدعوه
أن ينهض، رجل سبق أن قيل عنه إنه "كان واقفًا". هذه الكلمة من النبوة لا
يجب أن تُهمل إذا ما قيلت بأنه "واقف عند محرقته". هذا يعني بأن نيته
كانت غير مستقيمة. إنه كان واقفًا مع الأصنام، أنه كان يعادي الله فليس من الأفضل
أن يقف بل أن يقع. وقد وقع فعلاً. ولهذا السبب بلعام يأمره بلغة النبوة بأن "ينهض"،
أنه وقع بالعمل الوحيد بأن كان واقفًا في معبد الأصنام، فأمره في هذه الحالة بأن
"ينهض" بشجاعة بأن "ينهض بإيمان"، وأن يصبح شاهدًا، "شاهدًا"
للإيمان إذا إهتدى، "شاهد" لإدانته إذا ثبت في عدم الإيمان.

 

صدق الله

3 لكن لنرَ ما تحتويه
هذه الرسالة « ليس الله إنسانًا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم »
(عد23: 19)، حيث إن كثير
من الحوادث والرذائل تمنع الإنسان من أن يقول الحقيقة عندما يتكلم. تارة يتكلمون
تحت تأثير الغضب، تارة بتأثير الخوف وبتأثير الكبرياء وشهوات أخرى مماثلة. كل ما
يقال تحت سلطان الرذيلة لا يكون إلا كذبًا وباطلاً. ولكن في الرب، لا يوجد شهوات
ولا يوجد طيش، وكل كلماته تهتم بما يستحقه كل كائن مسئول. لهذا السبب لا يستطيع أن
يكذب، حيث كل ما يقول بإدراك لا يمكن أن يكون مخالفًا للصواب، إذ ليس الله
كالإنسان الذي يتكلم بالباطل ولا ابن إنسان فيندم (يخاف) أو بصورة أخرى " أنه
لا يخاف مثل ابن إنسان ". أحيانًا الخوف يغير رأي الإنسان، لكن الله الذي هو
فوق الكل من ماذا يخاف حتى يتغير رأيه؟

ومن الجزء الثاني من
الآية نأخذ الدرس الذي سبق أن قلناه " وأنه لا يخاف كابن إنسان ". هذا
يشير إلى الرجال الذين بكبريائهم يسببون الخوف ويهددون أناسًا دون أن يضروهم، أما
الله فبالعكس لا يخيف الإنسان كأنه لا يستطيع أن يعاقبه. وإن كان يسبب خوفًا فهو
خوف معقول. هذا لكي يبكت الإنسان ببعض التجارب حتى متى خاف بالتهديد، يتهذب المذنب
بما تسببه له أعماله السيئة. إذًا الله لا يسبب الخوف مثل الإنسان. والإنسان كما
قلنا يسبب الخوف بسبب كبريائهن بينما خوف الله سببه رغبته في إصلاح الإنسان.

 

مقاصد الله الثابتة

4 ثم يقول بلعام:
" هل هو يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟" يجب أن ندرك هنا أنه يطلب
بصيغة السؤال: هو  يعني الله  ألا يعمل إذًا ما يقوله، إلا يفي بكلامه؟ الإنسان لا
يعمل ما يقوله. وبسبب عدم ثبات الإنسان لا يفي بكلامه حيث إن الإنسان مُتقلب، أما
الله فلا تغيير فيه ولا ظل دوران.

 

يونان، داود: اعتراض

    نستطيع أن
نعترض: كيف أن الله لم يفِ بكلامه، بأن «
نينوى ستهلك
كلها بعد ثلاثة أيام
» (يون3: 4). ولا بكلامه المنطوق
لداود، في خلال ثلاث أيام الموت سيكون على شعبك، وهذا لم يستمر إلا يومًا واحدًا،
حتى ساعة العشاء
(انظر 2صم13: 25).

 

الإجابة: هي عبارة عن
سؤال

نستطيع أن نجيب بأن هذه
الجملة كانت في صورة سؤال، لا يمكن أن تؤخذ كأنها تأكيد صريح بأنه ستكون هي طريقة
للتعبير عن الكلمة، ولا يكون لها لفظ لقصد أكيد ومحتوم بالطريقة " التي بها
يقول، ولا يفعل؟ " فهذا تعبير أبسط من التعبير " سيفعل بكل تأكيد ".

 

حالة يونان

لكن لنرَ مرة أخرى
النصوص نفسها في الكتاب المقدس، سواء في سفر يونان، أو في سفر الملوك، ربما الكتب
الإلهية تحمل كالعادة أسرارًا إذ أنه مكتوب في سفر يونان « وصار قول الرب إلى
يونان بن إمتاى قائلاً: قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ونادٍ عليها لأنه قد
صعد شرهم أمامي
»
(يون1: 1 2؛ 2: 11)، وبعد ما قذف الحوت
يونان إلى البر حسب الأمر الذي أُعطى له، كما إنه مكتوب أيضًا « ثم صار قول
الرب إلى يونان ثانية قائلاً: قم اذهب نينوى المدينة العظيمة، ونادِ عليها
المناداة التي أنا مكلمك بها
»
(يون 3: 1 2).

ويونان
"نادي" وقال "بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى، فآمن أهل نينوى بالله.
ونادوا بصوم ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبعد قليل: لما رأى الله أعمالهم
وأنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة. « ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم
فلم يصنعه
». يونان قد دخل المدينة التي هي مسيرة ثلاثة أيام، وهو الذي يقول:
بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى بطريقة أن الكلمة المنطوقة وغير المكتملة تبدو من
فعل يونان وليس من الله.

 

في حالة داود

فلنعرض أيضًا نص الكتاب،
حيث بعد التعداد المعمول بواسطة داود، كان كلام الرب إلى جاد النبي، الرائي
قائلاً: « اذهب وقل لداود هكذا قال الرب، ثلاثة أنا عارض عليك فأختر لنفسك
واحدًا منها، فأفعله بك فأتي جاد إلى داود وأخبره قائلاً: أتأتي عليك سبع سني جوع
في أرضك، أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وبأ في
أرضك. فالآن انظر واعرف ماذا أرد جوابًا على مرسلي. فقال داود لجاد قد ضاق بي
الأمر جدًا فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان. فجعل الرب
وبأ في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف
رجل وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب على الشر وقال للملاك المهلك
كفى. الآن رد يدك
»
(2صم 24: 11 16).

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسى بكر كل خليقة ب ب

 

كلام النبي وكلام الله:

لاحظ
أيضًا في هذه التهديدات الثلاثة، نجد أيضًا أن الله قد تكلم عن الموت لمدة ثلاثة
أيام. هذا الإعلان موجود في كلمات جاد وليس في أوامر الرب. إذًا الكلمات المنطوقة
من النبي لا تؤخذ دائمًا على أنها كلمات الله.

موسى كمثال، إجتهد
كثيرًا لينقل كلام الرب على لسانه لكنه أعطى أيضًا عددًا من الأوامر الصادرة منه
شخصيًا. الرب قد أوضح هذا التمييز في الأناجيل عندما سُئل عن طلاق المرأة، يقول: «
موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا
»
(مت
19: 8)

فالذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى، وباركهما قائلاً: « من أجل هذا يترك
الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا
»
(مت19: 4 5)، ويضيف: « إذًا
فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان
» (تك5: 2). نرى من هذا النص أن الله لم يأمر
ولم يُرد الطلاق، ولكن موسى " من أجل قساوة قلوب اليهود "، قد كتب بأنه «
يعطي كتاب بالطلاق »
(1كو7: 10). وأكد بولس هذا التمييز
في رسالة عن بعض المواضيع بقوله: « فأوصيهم لا أنا بل الرب »
(1كو7: 19). وأيضًا « الذي
أتكلم به بحسب الرب
»
(1كو7: 25؛ 2كو11: 17). أيضًا بنفس الطريقة
في الأنبياء الآخرين يوجد كلمات من الرب وليس من النبي، وبالعكس يوجد كلمات من
النبي وليس من الرب. بهذا يبدو أن الاعتراض قد وجد حلاً. فالرب لا يرجع في كلامه
ولكنه يصحح كلام الأنبياء إلى الأحسن.

 

أحيانًا يغير الله
مقاصده:

لكن
في رأييي أن الحل الأول يترابط بالحرى مع معنى الكتاب المقدس عامة وخاصة مع
الكلمات التي أعلنها الرب "طويل الأناة وكثير الرحمة" الذي " يندم
على الشر". ولكن بالأخص في كل حالات ارميا الذي يرينا بوضوح كثرة رحمته وفي
لطفه غير المدرك، "الله يقول ولا يفعل، يتكلم ولا يتمادي". أنه يقول على
فم إرميا "أتكلم" أي بطريقة متقطعة « على أمة وعلى مملكة بالقطع
والهدم والهلاك فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها فأندم على الشر الذي
قصدت أن أصنعه بها. وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس فتفعل الشر في
عيني فلا تسمع لصوتي فأندم على الخير الذي قلت أني أحسن إليها به
»
(إر18: 7
10)
.
كيف إذًا نستطيع أن نفضل شهادات بلعام المشكوك فيها على تأكيدات ارميا الصريحة،
إلا لأن الإنسان المتراخي والغافل سيتمسك بالثانية. وأما الكاملون فسوف يتمسكون بالشهادات
الأولى وسيجاهدون لفهم مغزاها السري العميق.

 

البركات

5 يكمل بلعام « أني
قد أمرت أن أبارك فأنه قد بارك فلا أرده
»
(عد23: 20). بلعام أختير
ليبارك وليس بالاق، والله هو الذي وضع كلامًا في فمه "ليبارك الشعب" و
"لا يرد" هذه البركة. حقًا لا يستطيع لسان بشري أن يغير كلام الله.

 

لا ألم ولا تعب في
الحياة الآتية

ويكمل: « لم يبصر
أثمًا في يعقوب ولا تعبًا في إسرائيل
»
(عد23: 21)، تنبأ بكل
صراحة في هذه الآية عن الحياة الآتية: من الذي يستطيع أن يعبر الحياة الحاضرة بدون
ألم ولا تعب؟ لا أحد ولا حتى بطرس وبولس أيضًا. كيف لا يكون الإنسان في ألم ولا
تعب عندما يضرب بالعصى ثلاث مرات، ورُجم مرة، عندما انكسرت به السفينة ثلاث مرات
وعندما يكون « قضيت في العمق ليلا ونهار واحتمل آلاف الآلام والأتعاب »
(أنظر 2كو11:
25)
،
الأخرى التي ترد في الرسائل؟ لكن كل هذا سيكون له إكليل كما كُتِبَ « ويهرب
الحزن والتعب والتنهد
»
(إش35: 10).

مع هذا الكلام لا يخص
كل إنسان، لكن هؤلاء فقط الذين باستحقاقهم يكونون يعقوب وإسرائيل. وأيضًا لعازر
المسكين، هو الذي قضى حياته الحاضرة في "ألم وتعب" ولكن في الحياة
الآتية، كما قيل للغني فإنه يتعزى للأبد: « يا ابني أذكر أنك استوفيت خيراتك في
حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يتعزي وأنت تتعذب
»
(لو16: 25). إسرائيل
ويعقوب واحد، هم إذًا الذين لم يلحقوا "بالألم ولا بالتعب". الغني هو
أيضًا كان إسرائيل بحسب الجسد، حيث يقول له إبراهيم إن أخوته " لهم الناموس
والأنبياء وإنه ليس علينا إلا أن نسمعهم ". لكن لأنه ليس من إسرائيل بحسب
الروح لذلك يقع في " الألم والتعب ".

 

امتيازات الملوك

6 « الرب إلهه معه وهتاف
ملك فيه
»
(عد23:
21)
.
في الحقيقة الله لم يهمل إسرائيل أبدًا. ولكن أي ملك يملك على إسرائيل له هذه
الامتيازات، فامتيازات الملوك القوة، السلطة، والملكوت ولكن يوجد ملوك سيعزلون أو
قد عزلوا
[1] فعلاً، والذين سيوضعون مكانهم على عروشهم هم
الإسرائيليون الحقيقيون، كل امتيازات الملوك الذين لم يحفظوا عروشهم والذين قد
تركوا المساكن الأبدية سينضمون لإسرائيل ويعقوب، المعبر عنهم بالذين قد صارعوا
وانتصروا ولذلك ستمكث فيهم كل امتيازات الملوك
(تك32: 34).

 

الغزال…
وحدانية في المسيح

" الله أخرجه من
مصر له مثل سرعة الرئم ". إسرائيل القديم أخرج من مصر الأرضية، وإسرائيل
الروحي أخرج من مصر العالم "وربوبية الظلام" ومجده، مثل سرعة الغزال.
الرئم هو حيوان أو اسم يشير إلى شكله وهيئته. الرئم يساوي ثور وحشي. نجد هذا
الحيوان مذكورًا كثيرًا في الكتاب المقدس ولا سيما في سفر أيوب
(أي39: 9)، حيث الله
يظهر قدرته وقوته، هنا كما في كثير من الأماكن هو يمثل المسيح. من جهة أخرى في
الكتب الإلهية نجد كثيرًا  قرن  بمعنى مملكة كما جاء في النبوة " الأربع قرون
هم الأربع ممالك "
(دا22:8). أيضًا اسم الرئم
(الثور الوحشي
Unicorne) ينطبق على المسيح بمعنى أن قرنه الوحيد يشير إلى مملكة وحيدة
يملكها المسيح، « لأنه أخضع كل شئ تحت قديمه »
(1كو15: 26 27). وتحت
عنوان الرئم (الثور الوحشي)، المسيح يملك المملكة الوحيدة لكل الكائنات حيث إنه
مكتوب « لا يكون لملكه نهاية »
(لو1: 33). إذًا إسرائيل الروحي
سوف يكون له "مجد مثل الرئم". حقًا المسيح نفسه قال في الإنجيل « ليكون
الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا
»
(يو21:17). لذلك
سيعطي لإسرائيل "مجد مماثل لمجد الرئم (الثور الوحشي) ولا سيما الذي سيغير
شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده
(في 3: 21).

 

العرافة

«
أنه ليس عيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل في الوقت يقال عن يعقوب وعن
إسرائيل ما فعل الله
»
(عد 23: 23). حيث أننا قد عرضنا أن
ندرس بإصغاء تفاصيل النص، أنه لا يبدو مستحيل أن نبحث عن ما هي العيافة، أو
العرافه المذكورة في الكتاب المقدس بأن نُظن جيدًا بأن نعمل تذكير، نحن نريد بأن
لا يسقط إنسان في هذه الضلالة[2].

أنه
يبدو لي بأن معرفة المستقبل هي شئ لا تعني أحدًا، هذا الشئ لا خير منه ولا شر منه.
أن معرفة المستقبل ممكن أن تأتي أحيانًا من الشيطان وبواسطته ولكن عند الضرورة
وعندما يريد الله، فإنه يعطي أيضًا بالأنبياء معرفة المستقبل للبشر.

أيضًا
قلنا إن معرفة المستقبل لا يمكن أن نسميها خير تمامًا لأنها قد تأتي أحيانًا من
الشر ولا أن نسميها شر لأنها قد تكون من الله.

 

مثال
التابوت عند الفلسطينيين

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر التكوين 15

مع
أن الكتب الإلهية تفيض بأمثلة بشأن هذه الحقيقة يكفينا  أعتقد  أن نورد هذه
الحادثة من الكتاب. " أخذ الفلسطينيون تابوت الله وأتوا به من حجر المعونة
إلى أشدود "، وهناك يقول الكتاب المقدس « أخذ الفلسطينيون تابوت الله
وأدخلوه إلى بيت داجون وأقاموه بقرب داجون. وبكر الأشدوديون في الغد إذا بداجون
ساقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب… فثقلت يد الرب على الأشدوديين وأخرجهم
وضربهم بالبواسير
»
(1صم 5: 2 10)، وبعد ذلك يقول الكتاب
المقدس « تابوت الله أرسل إلى عقرون، والعقرونيون أرسلوا رسلاً وجمعوا كل أقطاب
الفلسطينيين، وجمعوا كهنتهم وسحرتهم قائلاً ماذا نصنع بتابوت إله إسرائيل؟ أخبرونا
كيف نرسل تابوت الله إلى مكانه… الكهنة والعرافون أجابوا، إذا أرسلتم تابوت إله
إسرائيل فلا ترسلوه فارغًا بل ردوا له قربان إثم، وحينئذ تشفون ويعلم عندكم لماذا
لا ترتفع يده عنكم
». وبعد ذلك بقليل « فالآن خذوا واعملوا عجلة واحدة
جديدة وبقرتين مرضعتين لم يعلهما نير واربطوا البقرتين مع العجلة وارجعوا ولديهما
عنهما إلى البيت وخذوا تابوت الرب واجعلوه على العجلة وضعوا أمتعة الذهب التي
تردونها له قربان إثم في صندوق بجانبه وأطلقوه فيذهب وانظروا فإن صعد في طريق تخمه
إلى بيتشمس فإنه هو الذي فعل بنا هذا الشر العظيم وإلا فنعلم أن يده لم تضربنا.
كان ذلك علينا عرضًا
»
(1صم6: 7 9). فنلاحظ هنا كيف يبحث
الكهنة والعرافون عن سبب الشرور التي أصابت الفلسطينيين بحسب علامات تبين إذا كان
هذا العقاب من الله الذي أراد أن ينتقم للتابوت، أو بسبب عارض وقالوا: « إذا
صعد في طريق تخمه إلى بيتشمس فإنه هو الذي فعل بنا هذه الشرور
»
(1صم6: 9)، ونتابع
القصة: « وبعدما وضعوا تابوت الرب على العجلة، استقامت البقرتان في الطريق إلى
طريق بيتشمس وكانتا تسيران في سكة واحدة وتجأران ولم تميلا يمينًا أو شمالاً »
(1صم6: 12). من يستطيع
أن يقول هنا، بعد تفكير عميق، إنه يعرف أن الاتجاه الذي مرت فيه البقرتان هو من
عمل عارض وليس بتدخل الشياطين الذين يخافون من قدرة تابوت الرب التي سببت الويلات
وكانت عقابًا للفلسطينيين ولا سيما هذه القدرة التي قلبت التعبد للشياطين بأن طرحت
تماثيلهم أرضًا في معابدهم في كل مرة يدخلون تابوت الرب فيها! هكذا تتدخل الشياطين
في التنبؤ بالمستقبل، هذا التدخل قد حدث عن طريق بعض الحيل بواسطة الذين وضعوا
أنفسهم في طاعة الشياطين والذين يدّعون بالأقدار أو ينادون العرافين، سواء بفحص
الأحشاء التي تسمى
haruspices، أو بواسطة طلاسم أخرى من نفس النوع؟ يبدو أنهم يصلون بهذا إلى
إعلام وذكاء. هذه الحيل عُمِلتْ كثيرًا لإغراء الجنس البشري، حتى إن منسى ابن
حزقيا قد ضَّل بهذه الضلالة وبنَّى كما يقول الكتاب المقدس « مذابح لكل جند
السماء في داري بيت الرب
»
(2مل21: 5). جند السماء بحسب
الرسول بولس كما أظن هي: « هذه أجناد الشر الروحية في السماويات »
(أف6: 12)، فإنه كان
لهذه الحيل قدرة عظيمة في الأغراء والتضليل حتى إن ابن أحد الرجال العظام الذي نشأ
في ناموس الرب وقع في الضلالة التي ذكرت في كتاب الملوك « إنه مارس الأقدار
والعيافة، وإنه عمل ذبائح للأصنام وعبرَّ ابنه في النار، وقد أكثر من السحرة بكثرة
"بأنه أكثر عمل الشر في عيني الرب لإغاظته
»
(2مل21: 6). هذه كانت
خطاياه، لكن يمكن أن يقال إن هذه الخطايا قد أُرتكبت « بكل قوة وبآيات وعجائب
كاذبة »
(2تس2:
9)
،
« حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضًا »
(مت24: 34). حيث الشعب
قد ضَّل لدرجة إنه عمل " ما هو شر أمام عيني الرب، أكثر من الشعب الذي أبادهم
الرب أمام أبناء إسرائيل ". في الكتاب الثاني في سفر أخبار الأيام قد ورد
كلام مماثل عن كفر منسى.

«
عمل سواري وسجد لكل جند السماء وعبدها، وبنى مذابح في بيت الرب الذي قال عنه
الرب في أورشليم يكون اسمي إلى الأبد وبنى مذابح لكل جند السماء في داري بيت الرب،
وعبر بنيه في النار في وادي ابن هنوم وعاف وتفائل وسحر واستخدم جانا وتابعة وأكثر
الشر في عيني الرب لإغاظته
»
(2أي 33: 3 6).

كل
هذه الممارسات: العيافة، فحص الأحشاء، ذبح كل حيوان وأيضًا كل استخدام السحر، كل
انتقال للطيور، للحيوانات، وكل فحص الأحشاء وكل خضوع  بدون شك  للشياطين التي توجه
انتقالات الطيور والحيوانات أو الأحشاء بتتميم علامات علّموها للذين أودعوا لديهم
معرفة العرافة، يجب أن يكف عنها نهائيًا. رجل الله الذي « قد أحصى في النصيب
الإلهي
»
(تث3:
9)
،
ولا يكون له أي علاقة بالأعمال الخفية المنصوبة من الشياطين لئلا يتحالف معهم،
ويمتلئ من روحهم ومن قدرتهم ويخضع بعبادتهم. إن إيماننا الإلهي السماوي يرذلهم،
وفي سفر اللاويين يذكر ناموس الرب هذا الأمر بدون غموض.

"لا
تتفاءلوا ولا تعيفوا"، وأيضًا « لا تلتفتوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع
فتتنجسوا بهم. أنا الرب إلهكم
»
(لا 19: 26، 31)، وأيضًا في سفر
التثنية: « متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك لا تتعلم أن تفعل مثل وجه
أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو بنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا
عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يرقى رقية ولا من يسأل جانًا وتابعة ولا من
يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب وبسبب هذه الأرجاس طردهم الرب
إلهك من أمامك
»
(تث18: 9 12). بكل الوصايا، يعلمنا الله أن كل إنسان يمارس
هذه الممارسات لا يقوم بعمل خلاف استشارة الموتى، والموتى هم الذين ليس لهم نصيب
في الحياة لأن « إلهنا إله أحياء وليس إله أموات »
(مت22: 32).

وعلاوة
على هذه الوصايا يضيف الرب بأن الذي يريد أن يكون كاملاً يجب ألا يكون تلميذًا لأي
شخص آخر خلاف النبي المختار بسلطانه الإلهي ليخدم الشعب حقًا. يقول الكتاب « تكون
كاملاً لدى الرب إلهك. إن هؤلاء الأمم الذين تخلفهم يسمعون للعائفين والعرافين
وأما أنت فلم يسمح لك الرب إلهك هكذا. يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من أخوتك
مثلي. له تسمعون حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلاً: لا
أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضًا لئلا أموت
»
(تث18: 13
16)
.

الله
لا يريدنا أن ندخل مدرسة الشياطين ولا أن نتعلم منهم ما يجب ألا نتعلمه. إنه من
الأفضل أن نبقى جهالاً من أن نتعلم من الشياطين، إنه أيضًا من الأفضل أن ندخل
مدرسة النبي من أن نستفسر من المتفائلين [التفاؤل حقًا ليس كما نتصوره هبة إلهية
لكن يبدو لي إنه أخذ هذا الاسم من السخرية] المتفائلون هم جماعة من الرجال مملؤون
من الشياطين. والدين الوثني عندهم يعتبر إلهيًا وهو كل ما صور من أي روح. نحن
يمنعنا الله من أن نتعلم أي شئ من المتفائلين خوفًا من أن نشاركهم في سحرهم ونكون
قد سُلمنا للعقاب الذي كتب عنه إشعياء النبي « فتتضعين وتتكلمين من الأرض
وينخفض قولك من التراب ويكون صوتك كخيال من الأرض ويشقشق قولك من التراب
»
(إش29: 4). ولهذا
السبب لم يقبل ربنا يسوع شهادة الشياطين لكن يقول: « اخرس وأخرج منه »
(مر1: 25)، وبولس
الرسول إقتدى به عندما « ضجر والتفت إلى روح العرافة وقال : أنا أمرك باسم يسوع
المسيح أن تخرج منها
»
(أع 16: 18). ربما تفكر أي
"حزن" دفع بولس الرسول حتى يطعن روح عرافة، هل قالت بعض تجاديف؟ حسب
الكتاب المقدس، "أن جارية بها روح عرافة استقبلتنا"، واتبعت بولس
ورفقاءه وصرخت قائلة « هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي الذين ينادون لكم بطريق
الخلاص. وكانت تفعل هذا أيامًا كثيرة
»
(أع16:1618). إذًا يوضح
إنه ليس التجديف الذي أحزن بولس الرسول لكنه رأى أنه لا يجب أن تشهد عرّافة
لكلامه. فهو لا يرضى أن الشياطين تشهد له أيضًا. الذي أحزنه كما يجب علينا أن
"نحزن" برؤيتنا النفوس تضل بواسطة الذين يعتقدون إن روح العرافة هو كائن
إلهي، وأن روح الجان روح متفائل، بل هو روح ساحر، روح شيطاني أو أي روح آخر مماثلة
من الشيطان. لذلك يقول " إنه ليس عيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل
". لكن ماذا يقول الكتاب المقدس بعد ذلك؟ "في الوقت يقال عن يعقوب وعن
إسرائيل ما فعل الله" ماذا تعني "في الوقت؟" متى يكون ذلك؟ عندما
يكون ذلك مفيدًا، هذا ما تعنيه "في الوقت". إذًا عندما يكون لنا مفيدًا
أن ندرك المستقبل سيُعلن لنا ذلك عن طريق أنبياء الرب والروح القدس. لكن إذا لم
يُعلن، أعلم بأنه غير مفيد لنا أن نعرفه. أما الذين لا يحتملون الانتظار لمعرفة
المستقبل ويبحثون عنه بطرق مختلفة منها استدعاء الشياطين، لا يعملون شيئًا سوى
البحث لمعرفة ما هو غير مفيد. هنا تحت اسم يعقوب كل إنسان يستطيع أن يدرك أن عليه
أن يصارع « مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة هذا العالم»
(أف 6: 12)، وتحت اسم
إسرائيل يُفهم أن كل إنسان بالطهارة والإيمان وطهارة العقل يحصل على رؤية الله.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح هل قال أنا هو الله فإعبدونى ى

لكن
يمكننا أن نقول: إذا كان الله هو الوحيد الذي يجب أن يعرّفنا المستقبل، فإذا يجب
علينا أن لا نقبل لا ساحرًا ولا عرافًا ولا أي شئ يأتي منهم ولا يجب أيضًا أن نقبل
بلعام حيث إن الوصية الإلهية تمنع قبوله. لكن فلننتظر جيدًا لنتذكر ما قد سبق أن
قرأناه: " الرب يقول: وضع كلامًا في فم بلعام ". إننا لا نتعلم هنا هذه
الحقائق من بلعام لكن من كلام الرب الذي وضع في فمه الكلام. حيث إن هذا الكلام من
الرب فإنه لا يمكن أن يعلن كلمات موسى التي كان هذا الأخير لا يستطيع أن يعرفها
إلا بإعلان إلهي حيث إنه كان بعيدًا جدًا عندما قيلت من بلعام لملك بالاق.

ولكي
ننتهي من هدم العرافة وكل ممارسات أخرى من نفس النوع، سنضيف أيضًا ملحوظة في هذا
الموضوع: كل السحرة استعملوا الطيور أو الحيوانات والتي كانت تهاجم الجنس البشري
والمعتبرة دنسة حسب الناموس والثعابين والزحافات (دبابات) اعتبروها مخصصة لخدمة
الشياطين، وخدمة أرواح العرافة.

 

أسد
وشبل: المؤمنون والمسيح

8
وبعد ذلك يقال: « هوذا شعب يقوم كلبوة ويرتفع كأسد »
(عد23: 24). هنا يبدو
لي وصف اتكال الشعب الذي يؤمن بالمسيح. فصدق إيمانه وسمو رجائه قد رمز إليها بشبل
عندما يقصد الكمال لأنه منشرح ومجتهد، وقد رمز إليه بأسد عندما يكون قد حصل على
الكمال فعلاً. ففي الواقع الأسد والشبل لا يخشيان أي حيوان آخر، ولا أي بهيمة
أخرى، لكن كل الحيوانات تخضع لهما. كذلك المسيحي الكامل الذي « يحمل صليبه
ويتبع المسيح
»
(مت16: 24)، الذي يستطيع أن يقول « العالم قد صلب لي
وأنا للعالم
»
(عد6: 14)، ويدوس كل شئ تحت قدميه فهو ينتصر على كل شئ…
في الحقيقة هو يحتقر ويرذل كل ما هو للعالم ويقتدي بالذي سُمى " الأسد من سبط
يهوذا " وأيضًا "الشبل" حيث إن المسيح الذي هو "نور
العالم"
(يو8:
12)
،
الذي قد أعطى لتلاميذه أن يكونوا هم أيضًا "نور للعالم"
(مت5: 14)، بما أنه
أسد وشبل فإنه أعطى للذين يؤمنون به اسم الأسد والشبل كما هو واضح، فلنتأمل بأن
هذا لم يرد عن الشعب قديمًا، لكن عن الشعب الذي كان سيأتي بعد ذلك. حيث يقول بلعام
« هوذا شعب يقوم كلبوة ويرتفع كأسد »
(عد23: 24). الشعب
الذي يقوم، هو بكل تأكيد الشعب الآتي فلو كان يتكلم عن الشعب الذي يراه لكان بلا
شك قد قال: هوذا الشعب الذي قام كلبوة لكن من المؤكد بأنه كان يتكلم عن الشعب الذي
أشار إليه سفر المزامير « ويأتون ويخبرون ببره شعبًا سيولد بأنه قد فعل »
(مز22: 31). إذًا هذا
الشعب مثل لبوة. فمادام مثل المولود حديثًا « كأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن
العقلي العديم الغش
»
(1بط2:2) لكن يكون أسدًا
مرتفعًا، وعندما يصير رجلاً كاملاً، يبطل ما للطفل
(1كو13: 11).

 

أكل
جسد وشرب دم كلمة الله

9
عن التفسير الحرفي « لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى »
(عد23: 24) ما هو
المدافع، من هو الشرس الذي إذ يرفض وينفر من رعب الحرف، ولا يلجأ مجبرًا إلى عذوبة
المعنى الرمزي؟ كيف أن هذا الشعب الأصيل الجليل الذي لا يكف عن اللهج في كلام الرب،
وعن مدحه كثيرًا ويأتي هنا ليشرب من دم القتلى حينما يمنعه الله بقوة بأن لا يأكل
من الدم حتى نحن الذين قد دعينا من ضمن "الأمم" قد قبلنا الوصية « أن
تمنعوا عن الدم » إن لم يكن « عما ذبح للأصنام »
(أع15: 29)، إذًا
فليقولوا لنا ما هو هذا الشعب الذي له عادة شرب الدم؟

إنه
بسبب هذه الكلمات كما جاء في الإنجيل عند اليهود الذين كانوا يتبعون الرب وقالوا «
من يستطيع أن يأكل الجسد ويشرب الدم؟ » لكن الشعب المسيحي، الشعب المؤمن سمع هذه
الكلمات وتعلق بها وتبع المسيح الذي قال « إن لم تأكلوا جسدي وتشربوا دمي فلا
يكون لكم حياة أبدية لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق
»
(يو6: 54)، والذي
يقول هذا قد جُرح فعلاً بسبب الإنسان لأنه « مجروح لأجل معاصينا » كما يقول
إشعياء النبي
(إش5:53). وقد قيل
لنا بأن " نشرب دم المسيح "، ليس فقط عندما نأخذه أثناء سر التناول، لكن
أيضًا عندما نقبل كلامه في داخلنا حيث تستقر الحياة كما قال هو بنفسه « الكلام
الذي أكلمكم به هو روح وحياة
»
(يو6: 63). إذًا هو مجروح ذاك
الذي "نشرب دمه"، عندما نقبل تعاليمه، وأيضًا هم مجروحون الذين قد بشروا
بكلامه، إذ عندما نقرأ كلمات لهؤلاء الرجال، أي كلمات التلاميذ والرسل فإننا نجد
معهم الحياة و"نشرب دم المجروح".

 

الفريسة:
ملكوت السموات

«
لا ينام حتى يأكل فريسة » (عد23: 24). هذا الشعب الذي قد رمز له بلبوة أو
بأسد، سوف لا يرتاح إلا عندما يخطف فريسته بمعنى أن يغتصب ملكوت السموات، حيث « من
أيام يوحنا المعمدان إلى الآن ملكوت الله يغصب والغاصبون يختطفونه
»
(مت11: 12). لكن حتى
نفهم أن هذا النص يختص بشعبنا الذي قد أكمل عهد الأسرار عن المسيح، اسمع موسى كذلك
« وزبدة بقر ولبن غنم مع شحم خراف وكباش أولاد باشان وتيوس مع دسم لب الحنطة.
ودم العنب شربته خمرًا
»
(تث32: 14). ما قد سُمى دم العنب
يختص بالعنب الذي ينمو في هذه الكرمه كما قال المخلص عنها « أنا الكرمة
الحقيقية وأبي الكرام وأنتم الأغصان
»
(يو15: 1).

إذًا
أنت هو الشعب الإسرائيلي الحقيقي، أنت الذي تعرف " أن تشرب الدم " أنت
الذي تعلمت أن تأكل جسد كلمة الله وأن تشرب دمه، ومن الأغصان الذي ينقيها الآب.
فلنختم هنا رؤية بلعام الثانية. فلنصل إلى السيد المسيح الذي تنازل لأجلنا ليكشف
لنا ويعلمنا بقية نبوته، والمعاني الأكثر لمعانًا وأكثر قربًا من الحقيقة حتى أن
ما يكون قد أذيع بالروح وما كتب بالروح القدس ينكشف بمقارنة الروحيات
بالروحيات". وهكذا تشرح النصوص بطريقة لائقة بالرب وبالروح القدس الذي قد
قبلناه بالمسيح يسوع ربنا الذي له المجد والسلطان إلى الأبد آمين.



[1] ربما هم "اليهود حسب الظاهر" حيث إن المسيحيين هم،
إسرائيل الحقيقي، قد ورثوا الملكوت ولكن أرواح الشر والشيطان رئيس هذا العالم، سوف
يُهزموا في المعركة الأخيرة.

[2] هنا يبدأ أوريجينوس بحديث طويل لدحض العرافة
واستعمالها كما كرس في العظة السابقة حديثه ضد السحر. نذكر أن الرؤى أحتلت مكانًا
هامًا في الديانات القديمة. وهذا الموضوع كان موضع نقاش في القرن الثالث.
وأوريجينوس يحاول أن يؤكد أن التقليد الكنسي يقف ضد العرافة كما هو ضد السحر.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي