الإصحَاحُ
السَّادِسُ

 

«وكانت
أريحا مغلقة مقفلة بسبب بني إسرائيل، لا أحد يخرج ولا أحد يدخل» (يشوع 1:6) إن
أريحا في هذا السفر نظير رمز إلى قوة الشيطان في هذا العالم، لكن قوتهُ التي
يستعملها لكي يمنعنا عن التمتع ببركاتنا السماوية ليست قوتهُ التي يستخدمها ليذلنا
في مصر أو ليرجعنا إليها بعد فرارنا منها، نعم قوتهُ هي هي لكنه يستعمل وسائط
كثيرة ويصلي فخاخاً مختلفة بالنسبة إلى البركات التي يقصد الله أن يمنحنا إياها في
وقتٍ ما يفرغ كل جهدهِ فيما يوقف القديسين أو يسقطهم أو يلهيهم عن طلب ما هو فوق،
وعن تعلق قلوبهم بما هو هناك، وكانت أريحا أول مدينة محصنة في طريق الشعب بعد
عبورهم الأردن، ولا يمكنهم التقدُّم في طريقهم ما لم يأخذوها أولاً، فشاء الله
أنها تحرَّم ونخرب أصالةً، فلذلك أوصاهم سبحانه وتعالى بالتفصيل كيف يعملون، ولم
يتخذ عَلَى نفسهِ أن يقاتل عنهم هو وحدهُ كما عمل معهم حين أهلك فرعون وجيشهُ. هنا
ينبغي للشعب أن يحاربوا ويكون لكل منهم شركة في الحرب، ولكن كان يجب أن يأخذوا
أريحا أولاً بالإيمان فقط والوسائط التي استعملوها كانت خلاف الطبيعة، ومما لم يكن
يظنُّ أنهُ فعَّال لأخذ مدينة محصنة، لكن لم تؤْخذ مدينة هكذا بأكثر سهولة منذ
ابتداء العالم. «بالإيمان سقطت أسوار أريحا بعدما طيف حولها سبعة أيام» (عبرانيين
30:11) علمهم الله كيف يعملون بأعظم تدقيق، واضطرَّهم الأمر أن ينتبهوا إلى
كلامهِ. لا بدَّ أن المدينة تؤْخذ، غير أنهُ ينبغي أن تؤْخذ عَلَى حسب كلمة الله،
ولا مدخل مطلقاً لحكمة الإنسان. وعيّن لهم سبعة أيام وقتاً كافياً لامتحان إيمانهم
وصبرهم، فإنهُ كان قادراً أن يهدم تلك الأسوار أول يوم، ولكنهُ لم يشاء ذلك، وهكذا
يمتحننا نحن أيضاً في جهادنا الروحي. نرى هنا أن تابوت عهد الرب تقدَّمهم كما أنهُ
سبقهم ونزل قدامهم في مياه الأردن ونشفها، هناك عبر أمامهم ليصونهم من لجج الموت،
هنا يقودهم للنصرة عَلَى أعدائهم.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر عاموس Amos 09

 

«وكان
في اليوم السابع أنهم بكروا عند طلوع الفجر، وداروا دائرة المدينة عَلَى هذا
المنوال سبع مرات، في ذلك اليوم فقط داروا دائرة المدينة سبع مرات، وكان في المرة
السابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق أن يشوع قال : اهتفوا لأن الرب قد أعطاكم
المدينة، فتكون المدينة وكل ما فيها محرماً للرب» (يشوع 15:6-17). هل يمكن وجود شئ
أعجب مما عمل يشوع حين دعا الشعب أن يهتفوا متأَكدين أن المدينة مزمعة أن تسقط مع
أنهم لم يستعملوا لذلك وسائط كافية حسب نظر البشر لا بل حقيرة أيضاً! ولكن الرب
كان معهم وعملوا حسب كلمتهِ تاركين لهُ نتيجة الأمر، فنظروا إلى المدينة كأنها
خربة مع أنها قائمة وكل قوتها فيها، ذلك من قوة الإيمان وشدة اليقين، ويجب أن يكون
الحال هكذا معنا. شاء الله أن يعلن لنا ما لم نرهُ لكننا نتأَكدهُ قبل حدوثهِ.
راجع ( بطرس الثانية الإصحاح 3). إن العالم سيعرف حقيقة الكلمة بعدما تتم فعلاً
رغماً عن عدم إيمانهم الحالي واستهزائهم بها وبالذين يعملون بموجبها. قال
الرسول:«وأما نحن فلنا فكر المسيح» (كورنثوس الأولى 16:2) ليس من جهة الحوادث
المتنبأَ بها فقط، بل في جميع ما أعلنهُ الله لإيماننا، ولكن لا يخفى وجود ما
يعيقنا عن إدراك كل ذلك كما يجب، وأكبر مانع لنا هو حب العالم؛ لأنهُ إذا امتزج
القديسون مع العالم لا يمكنهم أن يتمتعوا بالقرابة مع الرب، وإدراك أفكارهُ لأجل
تعزيتهم، بل تراهم مثل العالم يخبطون خبط عشواء في ظلام عدم الإيمان وطياشة
الأفكار والظنون البشرية الباطلة، إذ ينكرون مجد المسيح ويحزنون الروح القدس
بواسطة الترتيبات البشرية في الكنيسة، والابتعاد عن كلمة الله، وذلك الذي قد منع
شروق شمسها اللامعة عَلَى قلوبهم.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح حياتة جواب عملي على سؤال المعمدان ن

 

لم
يبق الله ليشوع ولا للشعب أدنى مدخل لاستعمال حكمتهم بترتيب شئٍ ما بل رتب هو كل
شئ بحكمتهِ الفائقة، فكانوا من أعظم الحكماء لو اقتصروا عَلَى ذلك، ولكنهم حسب
دأْب الإنسان خانوا كما سنرى.«وأما أنتم فاحترزوا من الحرام لئلا تحرَّموا وتأخذوا
من الحرام وتجعلوا محلة إسرائيل محرَّمة وتكدروها، وكل الفضة والذهب وآنية النحاس
والحديد تكون قدساً للرب وتدخل في خزانة الرب» (يشوع 18:6و19) فكانت المدينة
وسكانها وثروتها للدمار والهلاك مطلقاً، ماعدا المعادن الثمينة التي كانت للرب
الذي إذا شاء يقدر أن يأخذ شيئاً من قوة إبليس، ويحولها لأجل مقاصدهِ، كما نعلم
أنهُ قادر أن يستخدم الشيطان نفسهُ بعض الأوقات كما في تأديب عبدهِ أيوب، وخداع الملك
آخاب، إلى غير ذلك. ولكن لا يجوز لنا أن نشرع بعمل كهذا؛ لأننا إذا دخلنا العالم
في الكنيسة عَلَى أمل أن نصلحهُ بهذه الواسطة أو أنهُ يساعدنا في عمل الخير، نجعل
المحلة محرَّمة ومكدرة.

 

«وحلف
يشوع في ذلك الوقت قائلاً: ملعون قدام الرب الرجل الذي يقوم ويبني هذهِ المدينة
أريحا» الخ (يشوع 26:6و27) ثم أنهُ صار تعدٍّ فيما بعد عَلَى هذا الحلف، أنظر(
الملوك الأول 34:16) ولكن لماذا لعن الرب الرجل الذي يتجاسر أن يبني أريحا؟ أليس
لأجل السبب الذي سبق ذكرهُ وهو أنها رمز دائم إلى قوة الشيطان في هذا العالم التي
يستعملها لمنع شعب الله عن امتلاك بركاتهم الخاصة؟ لذلك لما استولى عَلَى إسرائيل
فيما بعد حرَّك حئيل البيتئيلي أن يجدد بناء أريحا غير خائف من لعنة الله.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي