الإصحَاحُ
الأَوَّلُ

 

«وكان
بعد موت يشوع أن بني إسرائيل سألوا الرب قائلين: من منا يصعد إلى الكنعانيين أولاً
لمحاربتهم؟ فقال الرب: يهوذا يصعد، هوذا قد دفعت الأرض ليدهِ. فقال يهوذا لشمعون
أخيهِ: اصعد معي في قرعتي لكي نحارب الكنعانيين فأصعد أنا أيضاً معك في قرعتك،
فذهب شمعون معهُ، فصعد يهوذا ودفع الرب الكنعانيين والفرزّيين بيدهم، فضربوا منهم
في بازق عشرة آلاف رجل، ووجدوا أدوني بازق في بازق فحاربوه وضربوا الكنعانيين
والفرزّيين، فهرب أدوني بازق فتبعوهُ وأمسكوهُ وقطعوا أباهم يديهِ ورجليهِ، فقال
أدوني بازق: سبعون ملكاً مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانوا يلتقطون تحت مائدتي،
كما فعلت كذلك جازاني الله، وأتوا بهِ إلى أورشليم فمات هناك» ( قضاة 1:1-7)
فتحركت غيرتهم مؤقتاً ولكنها لم تكن شديدة؛ لأن الغيرة الحقيقية من ثمر الإيمان
المتنشط والطاعة لكلمة الله، فالتي ليست كذلك إنما هي كلهيب فتيلة المصباح الفارغ
من الزيت الذي يلتهب بسرعة وينطفئ كذلك. يظهر من قصة الملك أدوني بازق أولاً حال
الكنعانيين أدبياًّ كيف أنهم كانوا يتصرفون بكل قساوة بعضهم نحو البعض، وثانياً
نقمة الرب الذي جازاه كما كان قد فعل.

 

«وحارب
بنو يهوذا أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار… الخ» (قضاة
8:1-21) فكان المقام الأول لبني يهوذا في هذا الجهاد الجديد، غير أنهم لم ينجحوا
فيهِ نجاحاً كاملاً، إذ «لم يطرد سكان الوادي؛ لأن لهم مركبات حديد» (قضاة 19:1)
نعم أنهم حاربوا، ولكن ليس بالإيمان؛ لأنهم نظروا إلى قوة أعدائهم وإذ ذاك خافوا
من الذين هم أقوى منهم حسب الظاهر.

 

«وصعد
بيت يوسف أيضاً إلى بيت إيل والرب معهم إلى الخ» (قضاة 22:1-29) وهؤلاءِ أيضاً لم
ينجحوا إلاَّ إلى درجة معلومة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر المكابيين الأول I Maccabees 02

 

 «زبولون
لم يطرد سكان قطرون… الخ » (قضاة 30:1-39) فلا يوجد هنا ذكر للأسباط الآخرين، فإن
الغيرة الوقتية أخذت تبرد وعند ذلك كفوا عن الجهاد وارتضوا ببقاءِ الكنعانيين في
وسطهم، وصارت غلبة عظيمة للعدو. ومثل إسرائيل هذا مثل الكنيسة المسيحية التي
أقامها الله عَلَى الأرض في مقام معين، وباركها بكل بركة روحية في السماويات في
المسيح يسوع، ولكنها لم تستمرّ عَلَى امتيازاتها بل انحرفت سريعاً كقوس مخطئة.
وكما أن سفر يشوع يتضمن رموزاً أو تشبيهات تناسب أحوال الكنيسة بالنظر إلى كونها
شهادة لله في العالم وحائزة عَلَى امتيازات سامية، هكذا سفر القضاة يتضمن ما يوافق
انحطاطها أيضاً، وهذا ليس من التفاسير الغامضة التي يمكن اختلاف الرأي فيها بوجهٍ
صوابي؛ لأنهُ قد ورد في العهد الجديد شواهد عديدة جدًّا عَلَى ذلك وصريحة أيضاً
بهذا المقدار، حتى أنهُ يُعدّ من الأمور الغريبة وجود مسيحي واحد يستغرب كلامنا
هذا؛ لأنهُ قبل وفاة الرسل وأصحاب الوحي امتدت الخيانة بين المسيحيين، واستولى
عليهم سلطان الظلمة إلى درجة بليغة، وإذ ذاك أُدرجت بالوحي أقوال كثيرة في العهد
الجديد من جهة انحطاط الكنيسة وازدياد الفساد فيها من سوء التعليم وسوءِ السلوك
إلى أن يتقياها الرب من فمهِ. وليس علينا إلاَّ أن نراجع رسائل بولس وبطرس ويهوذا
وسفر الرؤيا فنتأَكد ذلك كل التأكيد، ليس بأوهام بشرية بل بأقوال الله، فلا ينكر
ذلك إلاَّ من يرفض الكتاب أو يهملهُ إهمالاً كلياً، وعَلَى الحالين ليس لهُ عذر؛
لأنهُ كلما مضت الأجيال تزايدت الشرور تحت اسم المسيح، ولكن عوضاً عن أن يعثرنا
ذلك ويلقينا في الشك من جهة الوحي، إنما يقوي إيماننا لأننا نرى في كتابنا أخباراً
مفصلة عن جميع أنواع الشر الحاصلة، ونعرف أيضاً نهايتها، ولولا ذلك لكنا في
ارتباكات وشكوك لا تحتمل، لذلك يثبت إيماننا بالوحي الكامل من الجهتين، أعني من
جهة الخير العظيم للمتكلين عَلَى المسيح حق الاتكال، ومن جهة الشر العظيم الحاصل
تحت اسمهِ أيضاً، فإذاً انحطاط الكنيسة لا يضعف إيماننا البتة، بل يجعلنا نسأل:
كيف يجب أن نتصرف في أيام خِرَب كهذه؟.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أَبْشَاي ي

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي