تَفْسِير سِفْرُ صَمُوئِيلَ
الثَّانِي

 

ويقال
له سفر الملوك الثاني ويشمل تاريخ أربعين سنة، وذلك من موت شاول وقيام داود ملكا
مكانه سنة 1056 قبل الميلاد إلى أواخر ملك داود (صموئيل الثاني4: 5و5). ويتضمن هذا
السفر إقامة داود وتثبيته ملكا، كما يتضمن أيضًا تاريخ المملكة وتاريخ داود الشخصي
إلى قرب نهاية حياته، واسم داود معناه " المحبوب جدًا " وهو ابن يسى من
نسل بوعز اليهودي وراعوث الأممية، وفي هذا إشارة إلى أن اليهود والأمم معًا
سيتباكون في المسيح أصل وذرية داود، والذي كان داود رمزًا له.

إصحاح1-4
يفتتح هذا السفر بخنق داود على ذلك العماليقي الذي أتهم نفسه كذبا بقتل شاول ظانًا
أن ذلك يرضي داود، فقضى عليه بالموت، ثم مرثاة المخلصة التي رثا داود بها شاول
وبنيه. ولم يتعجل داود في الاستيلاء على المملكة بل سلم طريقه للرب وسأله عن
المدينة التي يصعد إليها، وكان قانعًا وراضيًا بأن يملك في حبرون سبع سنين وستة
أشهر إلى أن جاء وقت الله المعين ليملك على كل أسباط إسرائيل.

أما
ابنير رئيس جيش شاول فقد أخذ ايشبوشث بن شاول وجعله ملكا في محنايم، ولكنه لم يكن،
كما كان شاول، مسيح الرب، وكانت الحرب طويلة بين البيتين ولكن داود لم يتداخل فيها
وإنما كانت دائرة بواسطة يوآب وابنير، وكان داود يتقوى باستمرار وبيت شاول يضعف.
ولما اغتاظ ابنير من توبيخ ايشبوشث له بسبب " رصفة " سرية شاول وعصى
عليه وانحاز إلي داود، ولكن لأن ابنير كان قد قتل عسائيل أخا يوآب في إحدى الحروب
قتله يوآب بغدر ليس انتقامًا لدم أخيه فقط بل بدافع الغيرة والحسد أيضًا، وقد قام
اثنان من رؤساء جيش شاول وقتلا ايشبوشث واتيا برأسه إلى داود، فما كان منه إلا أن
أمر بقتل هذين الباغيين لأنهما قتلا رجلا صديقا في بيته على سريرة.

إصحاح5
أتي جميع أسباط إسرائيل إلى حبرون ومسحوا داود ملكا عليهم، ومن ذلك الحين أقام في
أروشليم، وهناك أخذ لنفسه نساء وسراري وولد له بنون وبنات، وأخذ داود حصن صهيون
المنيع، وأرسل ملك صور إليه هدايا، وعبثًا اجتمع الفلسطينيون ضد داود، فقد سأل
الرب بدلا من أن يذهب متعجلا اعتمادًا على شجاعته وانتصاراته السابقة، واجتمعوا
ضده مرة ثانية ولكن داود كان يعمل كما يأمر الرب.

هل تبحث عن  م الملائكة ملائكة أشرار الشيطان ن

إصحاح
6و7 يتضمنان إحضار تابوت الله إلى أورشليم، فقد تاقت نفس داود إلى إحضار التابوت
إلى مكانه اللائق به، ولكن لم يسأل الرب ولا فتش الكتب لمعرفة كيف يجب أن ينقل
التابوت، لذا كانت النهاية موتًا لأن البداية كانت خطأ، وبعد أن بارك الرب بيت
عوبيد ادوم وكل ما له بسبب وجود التابوت فيه نقله داود إلى مدينته بفرح. وإذ لم
يكن الهيكل قد بني بعد وُضع التابوت في الخيمة التي أقامها داود والتي لم يكن
مسموحًا له أن يفعل أكثر منها، لأن راحة المجد كانت محفوظة لسليمان الذي هو رمز
للمسيح في دائرة السلام، كما كان داود رمزًا له في حروبه وانتصاراته، كل هذا نراه
جليًا في الأسفار النبوية التي تجيء بعد ذلك، ولسنا نرى داود هنا كملك على عرشه،
ولكنه كخادم ممتلىء وعامل بالنعمة الأمر الذي أثار غضب ميكال ولكنها نالت جزاء
احتقارها لرجل الله.

لقد
فكر داود في بناء بيت لله ولكن ذلك لم يكن بحسب إرادة الله، أما الرب فقد أخبره
بأنه هو يبني له (أي لداود) بيتًا، وأن ابن داود الذي سيكون ابنًا ليهوه أيضًا هو
الذي يبني بيتًا لله.

إصحاح8-10
لقد أخضع داود كل أعداء إسرائيل، وبذا كان رمزًا للرب رجل الحرب، أما رجل السلام –
سليمان – فهو يبني بيت الرب، وكان داود يجري قضاء وعدلا لكل شعبه، ولقد أظهر نعمة
وإحسانًا إلى بيت شاول في شخص مفيبوشث بن يوناثان، الذي وأن كان أعرج الرجلين
ولكنه كان يجلس دائما على مائدة الملك. وحانون ملك بني عمون إذا أساء إلى عبيد
داود الذين أرسلهم لتعزيته، جلب على شعبه قصاصًا مريعًا وكذا على الاراميين الذين
اتحدوا معهم في محاربة إسرائيل، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الذين يرفضون النعمة
المقدمة لهم لابد أن يعاملوا بلدينونة.

إصحاح11و12
هنا تجيء قصة خطية داود المحزنة بيثشبع. والكيفية التي بها أمات زوجها. ولقد وبخه
ناثان النبي وإذ اعتراف بخطيته نقلها الرب عنه فلا يموت، ولكنه كان محتومًا عليه
أن يحتمل التأدبيات المرة القاسية، فالابن المولود يموت، والسيف لا يفارق بيته إلى
الأبد، وفي هذا إنذار خطير لكل مؤمن حقيقي «مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي».

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فُول ل

إصحاح13-20
تعطينا هذه الإصحاحات سلسلة الاضطرابات والحوادث الأليمة التي حدثت في بيت داود
تأديبا له، فقد قُتل آمنون أبته لأنه أذل ثامار أخته، وقد اضطر ابشالوم إلى الهروب
فكان منفيًا في جشور، وبعد ثلاث سنين رجع إلى أورشليم ولكن بغير توبة حقيقية، ثم
تمرد على أبيه وقام بجيش عظيم ضده حتى اضطر داود إلى الهروب من أورشليم، فالقصاص
الذي سبق فأخبره ناثان النبي به قد جاء عليه، ولمن الرب أشفق على مسيحه ورحمة إذ
حمَّق الله مشورة اخيتوفل، ولقي ابشالوم مصيره المريع الذي يستحقه، ورجع داود إلى
أورشليم، ومع أن شبع بن بكري ثار ضد داود ولكن ثورته انتهت بموته.

إصحاح21و22
أرسل الرب جوعًا استمر ثلاث سنين لأنه كانت له خصومة مع بيت شاول، إذ قتل
الجبعونيين الذين حلف لهم بنو إسرائيل في أيام يشوع بحمايتهم، فعالج داود الأمر،
وطلب الجبعونيون أن يعطوا سبعة رجال من نسل شاول فيصلبونهم أمام الرب، ورصفة التي
كانت أما لبعض أولئك المصلوبين حرست أجسادهم نهارًا وليلا حتى دفنهم داود مع عظام
شاول ويوناثان ابنه، وبعد ذلك استجاب الله من أجل الأرض.

وحارب
الفلسطينيون إسرائيل مرة أخري فقتل أبطال داود الجبابرة الفلسطينيين،وعندئذ أنشد
داود نشيده المشهور(الوارد أيضًا في مزمور18) الذي فيه يشهّر بفعل الرب العظيم
وكيف كان له ومعه في ضروراته وضيقاته الكثيرة، وبعض عبارات هذا النشيد كبعض عبارات
مزامير كثيرة ستتم إتمامًا كاملاً في شخص المسيح نفسه دون سواه.

إصحاح
23 يعطينا "كلمات داود الأخيرة " التي فيها يعتز متهللاً بعهد الله
الثابت غير المتغير معه، ولكنه لا يغفل هذا الأمر المحزن وهو أن بيته لم يكن هكذا
مع الله.

ويلي
ذلك أسماء الأبطال الذين لداود وأعمال الشجاعة والتكريس التي أظهروها في خدمتهم
لمسيح الرب، وهكذا سيكون لله رجاله الأبطال الذين سيعُدهم عندما يحصي شعبه(مزمور
6: 87).

إصحاح
24 أنه من المحزن أن يكون آخر عمل علني يقوم به داود هو خطية مصدرها كبرياء القلب،
وذلك بالمباينة مع الشخص الفريد في الكمال الذي كان داود يرمز إليه كثيرًا، ومن
الضروري ملاحظة أن غضب الرب حمي على إسرائيل فعاقبهم على عصيانهم بسماحه للشيطان
بأن يثير كبرياء قلب داود، فأغواه ليحصي إسرائيل (أنظر أخبار أيام أول 1: 21)، حتى
أن يوآب أدرك بأن ذلك العمل كان خطأ وحاول أن يحول الملك عن قصده، ولكن الشيطان
نجح في هذا الأمر وأحصي الشعب، وعندئذ أدرك داود بأنه أخطأ جدًا واعترف بذلك أما
الله وطلب إليه أن يزيل أثمه، فعرض عليه النبي بأمر الرب ثلاث عقوبات، فأختار داود
بأن "يسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة " فأكتسح الوباء في يوم واحد
سبعين ألف رجل، ولكن الرحمة قد افتخرت على الحكم لأنه لما بسط الملاك المهلك يدة
على أورشليم ليهلكها منع الرب يده، فاشترى داود بيدر ارونة وبقره، وبنى هناك
مذبحًا للرب وأصعد محرقات وذبائح سلامه، هذا المكان الذي صار مركز الاجتماع
لمصالحة الشعب إلى الأبد.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شَر ر

ولقد
كان داود في زمان رفضه، وفي إخضاعه لكل أعدائه رمزًا واضحًا للملك الحقيقي المحبوب
ربنا يسوع المسيح، الذي لابد أن يأتي المجد والقوة عند انقضاء هذا الدهر لإخضاع
أعدائه قبل أن يملك ملك السلام.

ومع
أنه قد ذكرت خطايا داود ولكنه كان يرجع بكل قلبه إلى الله، وكان الله يجيب على
إيمانه بالنعمة ورد النفس، ولو أنه كان لخيره أن لا يهمل الله معاملته قضائيًا
لتأديبه وتهذيب

 بعض
الشواهد المقتبسة من سفر صموئيل الثاني في العهد الجديد

 

1.«متى
كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أقيم بعدك 1. «لأن داود بعد ما خدم جيله بمشورة الله
رقد وأنضم

 نسلك
الذي يخرج من أحشائك» (إصحاح12: 7) إلى آبائه » (أعمال36: 13)

2.«ويأمن
بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيك يكون 2. «فأجابه الجمع نحن سمعنا من الناموس
أن المسيح

 ثابتًا
إلى الأبد» (إصحاح16: 7) يبقى إلى الأبد» (يوحنا34: 12)

3.
«وعزى داود بثشبع امرأته … فولدت ابنًا فدعا اسمه 3. «وداود الملك ولد سليمان من
التي لأوريا »

 سليمان
والرب أحبه» (إصحاح24: 12) (متى6: 1)

4.
«وجميع الشعب يعبرون وعبر الملك في وادي 4. «قال يسوع هذا وخرج مع تلاميذه إلى عبر
وادي

 قدرون»
(إصحاح23: 15) قدرون» (يوحنا1: 18)

5.«وأمسكت
يد يوآب اليمني بلحية عماسا ليقبله. وأما 5. «يهوذا أحد الاثنى عشر يتقدمهم فدنا
من يسوع

عماسا
فلم يحترس من السيف» (إصحاح9: 20و10) ليقبله» (لوقا47: 22)

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي