الإصحَاحُ الرَّابعُ

 

بنو إسرائيل
تصلهم أنباء الحملة ويعلمون بأن المواجهة حتمية

فيتجهون إلى الله بالإبتهال ويستعدون للحرب

 

1وسَمِعَ
بنو إِسْرائيلَ المُقيمونَ في اليَهودِيَّةِ بِكُلِّ ما
صَنَعَه
أَليفانا، رَئيسُ قُوَّادِ نَبوكَدْنَصَّر مَلِكِ أَشُّور،
بالأُمَمِ وبِالطَّريقةِ الَّتي
نَهَبَ بِها جَميعَ مَعابِدِها
وأَسلَمَها
إِلى الإفْناء،
2 فخافوا
خَوْفاً
شَديداً
جدّاً مِن وَجِهه وآضطَرَبوا لِأَمرِ أُورَشَليم وهَيكَلِ
الرَّبِّ إِلهِهِم.3 ذلك بِأَنَّهم صَعِدوا مِن جَلائِهم مُنذ عَهْدٍ قَريب،
وآجتَمَعَ مُنذُ قَليل شَعبُ
اليَهودِيَّةِ
كلُّه وطُهِّرَتِ الأَدواتُ والمَذبَحُ وَالبَيتُ بَعدَ
تَدْنيسِها.

 

وصلت أنباء
الحملة إلى سكان أورشليم وبقية اليهودية فخافوا هم أيضاً حيث تلعب الطبيعة البشرية
دوراً كبيراً فى مثل تلك الظروف، ولأول وهلة عند ظهور الخطر فإن الإنسان يفكر فى
إمكانياته هووقد ينتابه الذعر، ناسياً عجائب الله السابقة معه، والمواقف التى
إنتصر الله له فيها، ويعود الصوت الحنون ليداعبه " يا قليل الإيمان لماذا
شككت " مت (14: 31) " لا تخف " (تك 15: 1، 26: 24، أش 41: 10، 13:
50، لو12: 32).

 

فقد خشى
اليهود أن يصنع بهمأليفانا كما صنع ببقية الشعوب، ليس ذلك فقط وإنما لئلا يدمر
الهيكل كما دمر معابد وهياكل بقية الشعوب، والسبى المشار إليه هنا هوبلا شك سبى
منسىّ.

 

وهو منسىّ
به حَزقيا وخليفته فى مملكة يهوذا، ملك سنة 693 ق.م. وهو ما يزال حديث السن

(12 سنة)
وقد أضل الشعب وعبد الوثنيين (2 مل 21: 2 – 9) حاول التحالف مع بابل ضد أشور، أسره
الأشوريين، ولكنهم عادوا فأطلقوه فعاد إلى ملكه ومات هناك سنة 639 ق.م.

 

وقد جرت
أحداث السفر خلال تلك المرة التى فيها منسى بعيداً عن اليهودية، ومن الدلائل
التاريخية على ذلك أن منسى دفع الجزية لكل من أسر حدون وأشور بانيبال (راجع الرد
على الإعتراضات فى المقدمة) وفى مثل تلك الحالات كان رئيس الكهنة مسئلاً عن الشئون
الإدارية أيضاً، أوالمرجع لأمراء البلاد عند الضرورة.

 

4 فأرسَلوا
رُسُلاً إِلى جَميعِ
أَراضي
السَّامِرة وكونا وبَيتَ حُورون وبَلْمائين وأَريحا وكُوبا
وعَزورا ووادي شَليم.5 وآحتَلُّوا جَميعَ رُؤُوسِ الجِبالِ العالية وسَوَّروا
القُرى الَّتى فيها وتَزَوَّدوا
استِعْداداً
لِلقِتال، لِأَنَّ حُقولَهم حُصِدَت مُنذُ عَهْدٍ
قَريب.6 وكانَ يُواكيمُ عَظيمَ الكَهَنَةِ
في
أُورَشليم
! في تِلكَ الأَيَّام، فكَتَبَ إِلى سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى
وبَيتَ مُسْتَئيمَ اللّتَين حيالَ
يزْرَعيل وقُبالةَ. السَّهلِ
القَريبِ
مِن دوتائين،
7 طَالِباً
إِلَيهم أَن
يَضبِطوا
مَسالِكَ الجَبل، لِأَنَّ بِها يَتِمُّ الوُصولُ إِلى
اليَهودِيَّة
ولِأَنَّه مِنَ السهْلِ صدُّ المُتَقَدِّمين، إِذ إِنَّ
ضيقَ
المَمَرِّ يَفرِضُ التَّقَدُّمَ آثنَينِ آثنَين فقط
.8 ففَعَلَ
بنو إِسْرائيلَ كَما رَسَمَ لَهم يُواكيمُ،
عَظيمُ
الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ شَعْبِ إِسرائيلَ كلِّه الَّذي كانَ
يَعقُدُ جَلَسَاتِه في أُورَشليم.

 

أصدر
ألياقيم رئيس الكهنة فى أورشليم تعليماته إلى جميع أمراء وسكان المناطق الجبلية فى
اليهودية ليضبطوا مداخل الجبال، ومن المعروف أن اليهودية عبارة عن سلاسل من الجبال
وبعض مداخلها لا يسع إلا لمرور جندى أوإثنين، مما يجعل إصطيادهم سهلاً من قبل
الجنود المحليين، وقد احتاج نبوخذ نصر عند حصاره لأورشليم إلى مساعدة الآدوميين فى
معرفة مداخل البلاد وقد قام الآدوميين بهذا الدور جيداً وشتموا فى كسرة اليهود
(راجع 136) واما البلاد المشار إليها فهى:

 

كونا:
وتأتى فى الترممات الأخرى
Villages وهى مجموعة المداخل والقرى التى بين السامرة وأورشليم.

 

وبَيتَ
حُورون:
إسم عبرى معناه (بيت المغلرة) وتقع شمال أورشليم بمسافة 21 كم،
وكانت هناك بيت حورون العليا بنيت فوق تله والأخرى السفلية وبنيت أسفل وتسمى حالياً
بيت حور الفوقة وبيت حور التحتة.

 

بَلْمائين:
Belmen ويسمى أيضاً (بلمان) وربما كان هوبلما المذكور
فى 7: 3 وبلمون المذكور فى 8: 3، وهى موقع يقع على بعد 35 كم من سور. ويقول العالم
ربواسون فى مجلة الأراضى المقدسة، أن بلمائين هى (آيل بيت معكة) وأنها لم تكن فى
نواحى (بانياس) وإنما بالقرب من بحيرة طبرية (عدد 15 / 8 / 1894).وأما العالم كاران
فى كتابه (الجغرافيا مجلد السامرة) فيقول أن بلما هى اليوم خربة بلعمة
على مقربة من دوثان.

 

وأَريحا: َوتعنى
(مدينة القمر) أو(مكان الروائح العطرية) وتقع على مسافة 8 كم غرب نهر الأردن
ومسافة 30 كم شمال شرق أورشليم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أبشالوم 1

 

وكُوبا choba: احدى القرى الواقعة إلى الشمال من فلسطين،
وكانت عندئذ ضمن الحصون، وقد ذكرت مرة أخرى فى 15: 4، 5 ضمن البلاد التى أرسل
إليها رئيس الكهنة لتعقب الغزاة الأشوريين بعد هربهم بمقتل أليفانا.

 

وعَزورا:
Esora وربما كانت حاصور Hazor وهو إسم عبرى معناه (حظيرة) وكانت ضمن المدن التى حصنها سليمان
والتى سبى تفلث فلاس سكانها إلى أشور، وتقع شمال فلسطين (راجع قض 4: 1 – 21)

 

ووادي
شَليم:
salem وربما كان saleim وهو وادى يقع على مسافة حوالى 10 كم شمال شرق أورشليم بالقرب من
وادى فرعة
1. واستعد بنى إسرائيل لذلك الخطر وجمعوا القمح
وقاموا بتخزينه تحسباً للحصار الذى قد يطول.. أماّ الموقع الذى كان فى الصدارة
تجاه قوات الأشوريين فهوبيت فلوى وبيت مستيئم.

 

بَيتَ
فَلْوى
Bethulia: مدينة صغيرة تقع على حافة منجرف صخرى عالى، يقع أسفله وادى سحيق
يجرى فيه مجرى مائى، وقد ورد الإسم فى العبرية فى صيغة
Bethliya ومعناه المكان المرتفع، وتقع بيت فلوى فى وادى يزرعيل بالقرب من
تل دوثان (دوثائين) وقد رأى أحد العلماء أن الموقع كان تلاً بركانياً يعرف بأسم
هتين ويقع على مسافة 7 كم غرب بحر الجليل، ويرى بعض العلماء أن الموقع حالياً هو
(سنور) أو(البريد) أو(سيج سبيل) أو(مصيلح) الذى يبعد 12 كم جينين الحالية، كما ظن
البعض الآخر، أن الموقع هوقمة جبيل المسماه الأسىّ، وأما الشراح الذين مالوا إلى
التفسير الرمزى، فقد رأوا أن بيت فلوى هو، إما الإسم المستعار ل (شكيم) أو(بيت
الله) حيث ورد فى اللغة العبرية فى صيغة. وسميت أيضاً (مدينة جبل إفرايم)
1

ولكن
العالم ربواسون يقول أن (بيت فلوى) كانت فى المحلّ المسمىّ اليوم (المدينة
الطويلة) على مقربة من (حطّين) أو(قرن حطّين) فى غربى بحيرة طبرية (راجع مجلة
الأراضى المقدسة عدد 15 / 6 / 1894) وأما العالم كاران فيرى أن بيت فلوى هى
المسماه الآن سانور (الجغرافيا / السامرة – جزء 1 ص 346).

 

وبَيتَ
مُسْتَئيمَ
: Betomestham وربما جاء من الإسم Beth، Masthama ومعناه (بيت الحفوقة أوبيت الشيطان) ولا يذكر هذا الموضع إلا فى
هذا السفر، ويقع مقابل سهل يزرعيل بجوار تل دوتان، ومن هنا فإن له أهمية خاصة فى
الإستعداد لمواجهة جيش الأشوريين.

 

يُواكيمُ، عَظيمُ الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ:
يواكيم ألياقين يهوياكن كلها أسماء تعنى (يهوه يقيم) أو(من يثبته
الله) وقد خوّل رئيس الكهنة صلاحيات كبيرة فى كثير من الفترات، ومع أن مجلس
السنهدريم قد تأسس بعد ذلك التاريخ بكثير، إلا أنه كان هناك مجالس من المشيرين
يشتركون مع رئيس الكهنة فى إدارة بعض الشئون الدينية وأحياناً المدنية، فى أيام
المسيح كانت هناك مجالساً صغيرة فى المدن والقرى فى حين كان المجلس الأعظم فى
أورشليم
2، وبينما كانت المجالس الصغيرة تضم من
ثمانية إلى ثلاثة وعشرين شيخاً، فقد كان السنهدريم الأعظم يتكون من سبعين شيخاً
عالماً بقيادة الكهنة، كانوا يعملون فى السياسة فى غياب الملك مثلما حدث بعد عصر
المكابيين وفى فترة الإحتلال اليونانى.

 

وكما سبق،
فإن الملك هنا وهو منسى، وقد كان فى ذلك الوقت مأسوراً من الأشوريين بسبب تحالف مع
البابليين ضدهم، وقد عاد فيما بعد، بعد توبته، حيث حاول القيام بإصلاحات دينية،
بعد أن أضل الشعب وجرهم إلى الوثنية فى بداية ملكه.

 

9 وصرَخَ
جَميعُ رِجالِ
إِسْرائيلَ
إِلى الرَّبِّ صُراخاً حارّاً جِدّاً. وذلَلوا أَنفُسَهم
تَذليلاً
شَديداً،
10 هُم
ونساؤُهم وأَولادُهم
وقُطْعانُهم
وجَميعُ النُّزلاءِ مِن أُجَراءَ وعَبيد
. 11 وجَميع
رجالِ إِسْرائيلَ والنِّساءُ والأَولادُ
المُقيمونَ
في أُوَرَشليم سَجَدوا أَمامَ الهَيكَل وعَفَّروا رؤوسَهم
بِالرَّماد وبَسَطوا مُسوحَهم
أَمامَ الرَّبّ،
12 وغَطَّوا
مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح وصَرَخوا
صُراخاً
حارّاً إِلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ
أَطْفالَهم إِلى النَّهْبِ
ونِساءَهم إِلى السَّبْيِ ومُدُنَ ميراثِهم
إِلى
الدَّمار والمكانَ المُقَدَّسَ إِلى التَّدْنيس وإِلى شَماتِ
الأمَمِ المُهين. 13 فسَمِعَ الرَّبُّ أَصْواتَهم ونَظَرَ إِلى
شِدَّتِهِم.

 

لم ينهج
بنو إسرائيل نهج سائر الأمم الذين لجأوا إلى أليفانا، يستجدون منه السلام والأمان،
ليعفيهم من بطش الجنود وإكتساح السيف، ولكنهم لجأوا إلى الله، إله الآلهة ورب
الأرباب، ففى إطار يهودى ضيق وبتقييم وطنى للموقف أصبح الأمر فى نظرهم يتعلق
بالآلهة !! لقد إعتبروها حرب آلهة.. ولكن الله يبيد جميع آلهة الأمم، وأما أليفانا
ونبوخذ نصر سيده فهم بشر تخرج روحهم فيعودون إلى ترابهم (مز 146)، وقد إستدر
اليهود عطف الله بالصلاة والصوم والصراخ ولبس المسوح وحسوالتراب، فسمع أنينهم ونزل
لتخليصهم.

هل تبحث عن  م الإنسان خبرات فى الحياة علاقتنا بالفضائل ل

 

مُسوحَهم Sackcloth المسح: ويسمى فى العبرية (ساكّْْ)
وهو لباس خشن ذولون قاتم (أسود أوبنى) كما ورد فى (أش 50: 3، رؤ 6: 12) ذلك لأنه
كان يُصنع من وبر الإبل، وأستخدم المسح فى التعبير عن الحزن ومرارة النفس، ويرتبط
بالجلوس فى الرماد مثلما فعل يعقوب عندما فقد إنه يوسف (تك 37: 34) وعندما فعلت
رصفة عندما صلب الجبعونيون إنيها (2 صم 21: 10) كما إستخدم المسح فى إستدرار العطف
مثلما سلك الجبعونيون مع يشوع (يش 9: 14) وبنهدد ملك أرام ليحظى بعفوملك إسرائيل
(1 مل 20: 31 – 34). وإستخدم المسح لطلب مراحم الله مثلما سلك شعب نينوى (يون 3)
وأيوب الصديق (أى 16: 15) ومدينتى صورا وصيدا (مت 11: 21، لو10: 13) كما استخدم
كسلوك نسكى شخصى مثل يوحنا المعمدان والأنبياء (رؤ 11: 3) وقد سلك اليهود ذات
المسلك فيما بعد عندما أهانهم السلوقيون ودنس أنطيوخس أبيفانيوس المذبح (1 مكا 3:
17)

 

وغَطَّوا
مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح
: هذه هى
المرة الأولى التى يذكر فيها، تغطية المذبح بمسح، ربما كان المقصود بذلك أن
المشكلة تتعلق أيضاً بالمذبح، فإذا كان المذبح هونقطة تلاقى الشعب مع الله، فإن
الإنسحاق والتذلل هنا يبلغ أقصاه متجاوزاً بذلك مجرد الزهد الشخصى فى المخادع، كما
أن اليهود هنا يطرحون أطفالهم عند المذبح يستدرون بهم حنوالله ورأفاته ويعرضون
حالتهم الخطرة، وهى المرة الأولى فى العهد القديم أيضاً التى يسلك فيها اليهود هذا
المسلك.

 

عموماً..
وعلى الرغم من أن الله يظهر فى السفر كإله خاص قومى، فإن اليهود هنا لم يعتبروا
حماية الله لهم حقاً مشروعاً وواجباً، وإنما يلتمسون ذلك بالدموع والتذلل على هذا
النحو، فهم يدركون أن حماية الله لهم، ليس بسبب برهم وإنما بسبب حنوه ورأفته.

 

وكانَ
الشَّعبُ يَصومُ أَيَّاماً
كثيرةً
في كُلِّ اليَهوديَّةِ وأُورَشليم أمامَ المَكانِ المُقَدَّس،
مَكانِ الرَّبِّ القَدير. 14 وكانَ يُواكيم، عظيمُ الكَهَنة، وجَميعُ القائِمينَ
أمامَ الرَّبّ، وأَوساطُهم مشْدودة
بِالمُسوح،
يُقرِّبونَ المُحرَقَةَ الدَّائِمة ونُذورَ الشَّعبِ
وتَبَرُّعاتِه.15 وكان الرَّمادُ على عَمائِمِهم، وكانوا يَصرُخونَ إِلى
الرَّبِّ بِكُلِّ قوَّتِهم أَن
يَفتَقِدَ
بَيتَ إِسْرائيلَ بِأَجمَعِه
.

 

يعتبر هذا
الصوم وهذا المسح والصراخ، عن الذكريات المريرة، والتى مازالت راسخة فى أذهانهم،
فقد أذلهم المصريون وبعض الأمم الوثنية، وكيف أسلمهم الله لأيدى تلك الأمم بين آن
وآخر، لاسيما الفلسطينيين والآراميين، وكيف أخذ تابوت عهد الرب إلى محلة الفلسطينيين
(1 صم 4: 11) وكيف طلب ناحاش العمونى أن يقلع العين اليمنى لكل يهودى !! (راجع 1
صم 11: 2) وكيف أهان ربشاقى قائد جيش الآشوريين (2 مل 18).

 

كان اليهود
واثقين، مالم يسلمهم الله إلى أليفانا، فلن يتمكن أليفانا من مسّهم بأى أذى، ولذلك
فهم يطلبون الغفران من الله لعلهم أخطأوا إليه فيستحقوا بذلك الهوان، فإنه من
الثابت أن الله كان يسلمهم لأيدى معانديهم لا لبر الأعداء ولكن بسبب شر وخيانة
اليهود (راجع تثنية 32) وهو نفس المعنى الذى ورد فى حديث أحيور العمونى مع أليفانا
(راجع الإصحاح الخامس).

 

ونحن نؤمن
بأن الله لا يترك مصير وحياة شعبه فى أيدى أى أشخاص آخرون أوقوى أخرى، بل يسخر كل
القوى فى سبيل تحقيق مشيئته الصالحة لأولاده، فهوضابط الكل ومدبرهم، يسوس الكل فى
سيمفونية رائعة.

 

وفى جولة
تفقدية، راح رئيس الكهنة يشدد الشعب ويقويهم ويتفقد الحصون والأبواب والمؤن.. وكان
المشهد مؤثراً ورهيباً مثيراً للشفقة من قبل الله الذى يتعاطف مع المنسحقين وفى
النسخة اللاتينية يرد أن رئيس الكهنة قد حثهم على الأستمرار فى الطلبة مذكراً
إياهم بموقعة رفيديم التى هزم فيها موسى النبى العمالقة برغم قوة بطشهم وكثرة
عدتهم، حيث تشتت العمالقة وإنهزموا أمام بنى إسرائيل (راجع خر 17: 8 – 16، تث 25:
17 – 19) فإن الحرب للرب ومسيحه وهو سوف يغلب بالكثير وبالقليل.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فيبة ة

 

واللجاجة
هنا لا تعنى رغبة الله فى إذلال أولاده ولكنها تعنى يقينية إستجابة الله.. وتأتى
اللجاجة فى اللغة اليونانية بمعنى (الإستمرار الذى لا يخجل) ومن هنا فإن الإنصاف
أوالأستجابة من قبل الله تعنى النتيجة الطبيعية الحتمية، لأناس وضعوا رجائهم فيه.

 

المُسوح

وفى تصعيد
لمظاهر التذلل والإنسحاق، نجد رئيس الكهنة هنا يتمنطقون بالمسوح وينثرون الرماد
على عمائمهم وهم يقدمون الذبائح ويتقبلون نذور الشعب وعطاياهم، فإذا كانت ملابس
الكهنة ورئيس الكهنة أثناء الخدمة بيضاء وعظيمة ومبهجة، فإن لبس المسوح والشعر
فوقها يجسد خطورة الأمر وأهميته.

 

ويسمى
المسوح
Sackcloth وفى العبرانية ساك Saq وفى اللغة الأكادية Saqqu وفى اليونانية فهوساكوس Sakkos وأما الأنجليزي الحديث فيرد
بمعنى نفس جنائزى !
Funeral.

 

ويُصنع
المسح إما من وبر الإبل أومن شعر الماعز، وكان يلبس إما تحت الملابس العادية كنوع
من الإذلال للجسد، وإما من فوق الملابس بصورة رمزية تعبر عن الخطب إما لشخص، مثل
رثاء العروس لزوجها (يؤ 1: 8) والحزن على الموت عموماً مثلما فعلت سرية شاول عندما
لم يدفن حسناً بعد موته (2 صم 21: 10). أوعند المصائب الوطنية كما فى السفر هنا،
وكما فعل بعد ذلك – فى عصر المكابيين – حين لبس متنيا وأولاده (1 مكا 2: 14، 3:
47)

 

واستخدم
المسح فى بعض الأحيان مثل (شوال) فوق الملابس، وأحياناً يلبس فوق إسم السفر ؟!
الحقوين لإخفاء العورة (راجع 15: 3، 22: 12) ويعبر عموماً عن الآلام النفسية
والشدة المعنوية

(2 صم 3:
31، 2 مل 6: 30).

كان لبس
المسوح معروفاً لدى جميع الشرق الأدنى القديم، بما فى ذلك المصريين القدماء حيث
يظهر ذلك فى الرسوم الموجودة على جدران معابدهم، وكانت تلك الممارسات تتم عند موت
أحدهم، كذلك عند الكوارث الطبيعية والمشاكل الوطنية، وكان التعبير عن الحزن، يشمل
أيضاً البهائم (كما يرد فى سفر يونان 3: 8) والملوك مثل آخاب (1 مل 21: 27).

 

أما فيما
يختص بالكهنة، فقد كان كهنة الأوثان، يلبسون المسوح فى فصل الجفاف من كل عام
لإعتقادهم فى موت معبودهم فى هذا الفصل، وقد جاءت الوثية فى (لا 21: 1 – 12) لتحدد
مظاهر الحزن بالنسبة للكهنة، فى حين تمنعها على رئيس الكهنة مهما كان السبب، أما
وأن يتقدم الكهنة هنا إلى المذبح وهم لابسون مسوحاً، فإن هذا قد يشير إلى التطور فى
الطقس اليهودى، متأثراً فى ذلك بالتطور السياسى والجغرافى لهم من أن لآخر، ومع ذلك
فقد وردت إشارة فى الكتاب المقدس إلى إرتداء الكهنة للمسوح (راجع يؤ 1: 13).

 

هذا وقد
درجت الكنيسة على مدار تاريخها وحتى اليوم فى الإستعانة بالصوم والإنسحاق عندما
يحيق بها الخطر ويحيط بها الأعداء (مثل الصوم ثلاثة أيام قبل معجزة نقل جبل المقطم
وغيرها) وقد إستلمت هذا التدبير من الأسفار المقدسة:

 

+ فهوذا
حنة أم صموئيل تصلى صائمة علّ الرب ينزع العار عنها (1 صم 2: 34).

+ وها
هوداود النبى يصوم عن مرض إبنه " من بتشبع " (2 صم 12: 16 – 23).

+ وقديماً
عندما صار اليهود مهددين من بنى بنيامين (قض 20) كيف صاموا مجتمعين فى بيت إيل.

+ ثم إجتمعوا أيضاً على النحو ذاته فى المصفاة عند حربهم مع
الفلسطينيين (1 صم 7: 6).



1 I. D. of the Bible – salis

1 Interpreter Dic of the
Bible – Judith

ويرد
فى الموسوعة اليهودية أن هذه الأوصاف تنطبق على شكيم بالقرب من السامرة , لأنها
تطل على جميع الممرات الهامة على هذا الطريق ومنها الممر الذى من خلاله يتم الدخول
إلى اليهودية , وكذلك من وصف عيون الماء والمجرى المائى والوادى الواقع إلى الغرب
أسفل المدينة (12: 7 ) حيث يظن أنه (بيت ألمو) الحديثة والتى تقع بالقرب من شكيم وكان
الصعود إلى المدينة يتم من خلال وادى ضيق , أما ينبوع الماء الذى يمد المدينة (7:
12 ) فهوالينبوع الأعظم المسمى رأس العين
Ras
el Ain
راجع مقاله للعالم تورى Torry
فى جريدة الجمعية الأمريكية للشرقيات 20 / 160 – 172 , وراجع أيضاً: الجغرافيا
الفيزيائية للأرض المقدسة للعالم روبنسون
Robinson ص 427.

2 I. D. of the Bible – Judith

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي