الْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالْعِشْرُونَ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلْمِئَةُ وَٱلْعِشْرُونَ – ترنيمة في الحج

1إِلَى
ٱلرَّبِّ فِي ضِيقِي صَرَخْتُ فَٱسْتَجَابَ لِي. 2يَا رَبُّ نَجِّ
نَفْسِي مِنْ شِفَاهِ ٱلْكَذِبِ، مِنْ لِسَانِ غِشٍّ. 3مَاذَا يُعْطِيكَ
وَمَاذَا يَزِيدُ لَكَ لِسَانُ ٱلْغِشِّ؟ 4سِهَامَ جَبَّارٍ مَسْنُونَةً
مَعَ جَمْرِ ٱلرَّتَمِ. 5وَيْلِي لِغُرْبَتِي فِي مَاشِكَ، لِسَكَنِي فِي
خِيَامِ قِيدَارَ! 6طَالَ عَلَى نَفْسِي سَكَنُهَا مَعَ مُبْغِضِ ٱلسَّلامِ.
7أَنَا سَلامٌ، وَحِينَمَا أَتَكَلَّمُ فَهُمْ لِلْحَرْبِ.

هذا هو
المزمور الأول في مجموعة المزامير التي سميت بمزامير أنشدها المسبيون الراجعون من
الأسر فيما هم يجتازون المسافة الطويلة بين بابل ومدينة القدس. ولكن القول نصعد،
كان يطلق أيضاً على الحج إلى المدينة المقدسة، في أيام الأعياد الكبيرة (صموئيل
الأول 1: 3).

فحجاج
مدينة القدس في تلك الأعياد كانوا يترنمون في طريقهم إليها (إشعياء 30: 29) ولكن
هذه المزامير هي أشد موافقة وملائمة للأحوال بعد العودة من السبي. والأفكار التي
فيها، يسهل أن تخطر على بال كل من الأسرى العائدين.

(1-4)
في هذا المقطع من المزمور يظهر أن المرنم كان يعاني حالة ضيق شديد من جيرانه
المعادين له، فيصرخ إلى الرب طالباً النجاة، متأكداً أن الرب يستجيب له، بناء على
أمانته التي اختبرها سابقاً. وإنما الذي كان يؤلمه بالأكثر هو الكذب والغش وقد
ناله من الكذبة الغشاشين شرور كثيرة.

من
أكبر المشجعات للمؤمن أن يتذكر مراحم الله الماضية، ويجعلها أساساً لثقته في الوقت
الحاضر. فبناء على هذا الاتكال الراسخ الوطيد قدم المرنم المتألم صلاته وفيها
إشارة إلى فريق أو شخص يهيج الخصومات مستعملاً الأكاذيب والغش. وفي العهد القديم
كثيراً ما شُبه لسان الغش بقوس ترمي سهام الكذب والنفاق. هكذا قال إرميا النبي
«يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ» (إرميا 9: 3) «لِسَانُهُمْ
سَهْمٌ قَتَّالٌ يَتَكَلَّمُ بِٱلْغِشِّ» (إرميا 9: 8) وقال حكيم الكتاب
«ٱلَّذِي يَرْمِي نَاراً وَسِهَاماً وَمَوْتاً، هٰكَذَا ٱلرَّجُلُ
ٱلْخَادِعُ قَرِيبَهُ وَيَقُولُ: أَلَمْ أَلْعَبْ أَنَا» (أمثال 26: 18 و19)
وقال الرسول يعقوب «فَٱللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ ٱلإِثْمِ…
وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ» (يعقوب 3: 6) فالتعذيب حينذاك يليق بالكاذب الغشاش
لأنه أطلق سهام السعاية والافتراء والخداع. والآن سيُرمى بسهام أحد وأمضى، من يد
من هو أقوى منه. وجمر الرتم الشديد الاستعار، سيلتهم الوشاة والنمامين. وهكذا ينال
جميع الكذابين نصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني (رؤيا
21: 8).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر إرميا 44

(5
و6) أما السبب الثاني الباعث على نوح رجل الله واكتئابه فهو مجاورته لأناس ليسوا
من جنسه ولا من ميله. وماشك هو اسم قبيلة متحدرة من يافث (تكوين 10: 2) وقيدار هو
اسم إحدى القبائل الرحل المتحدرة من إسماعيل، وكانت تعيش على السلب والنهب. يقول
المفسرون أن داود لم يعش في جوار ماشك أو قيدار. وإنما استعار اسمي القبيلتين
لجيرانه المعادين الذين ضايقوه وأزعجوه. فحن قلبه شوقاً إلى الوئام والسلام. ولكن
جيرانه كرهوا السلام، وسعوا في النزاع والخصام، فليس عجيباً إذن أن يقول «ويل لي».

(7)
يختم رجل الله هذا المقطع بكلمة «أنا سلام» أي أنه حاول مسالمة جيرانه وبذل جهداً
لأجل مصادقتهم، ولكنهم صدوه ساخرين هازئين. وابوا أن يقبلوا شيئاً سوى الحرب
والخصام.

وهذا
أمر يبعث على أشد الحزن، ولكنه مألوف معروف بشهادة الاختبار. فالمزمور نشيد مسافر،
أو سائح. وهو يمثل حالة المسيحيين الحقيقيين الذين رغم تمسكهم بمبدأ المسالمة،
اضطهدوا، والعالم لم يشأ أن يعرفهم مع أن كل واحد منهم صيره المسيح إنساناً جديداً
صانعاً سلاماً.

وما
أسعدها من إنسانية، حين تتكون من وحدات حية في المسيح، أو ما عبر عنه الرسول
بإنسان الله الكامل المتأهب لكل عمل صالح. هذا هو الإنسان الجديد، المخلوق بحسب
الله في البر وقداسة الحق. إنسانية كهذه، لا مجال فيها للغش والكذب. ولا وجود فيها
للخلاف الذي توجده الجنسية، ولا للعداء الذي يسببه اللون، ولا للمشاحنة التي
تولدها الكذبة. لأنها إنسانية مخلوقة في المسيح لأعمال صالحة سبق الله فأعدها، لكي
نسلك فيها. إنسانية جديدة حية كجسد واحد، كل عضو فيه يصير للآخر، لأنه في المسيح
يحيا ويتحرك ويوجد.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي