الْمَزْمُورُ
التَّاسِعَ عَشَرَ

 

الله يعلن عن ذاته

ربما
كان داود يتأمل جمال السموات وقت السحر حين ألهم بكتابة هذا المزمور.

تعلن
الخليقة عن قدرة الله ومجده، أما كلمته فتعرفنا حب الله الخلاصى من أجل تقديسنا،
أى تعلن عن قداسته. ومن خلال خبرتنا اليومية نكتشف العلاقة الشخصية بين الله وكل
عضو من أعضاء الكنيسة، التى تتحقق خلال نعمته الإلهية.

" السموات تذيع مجد الله " [1]

السموات
هى الكتاب الذى يمكن للعالم كله أن يستقى منه معرفته بالله. يكشف علم الفلك عن بعض
عجائب السموات غير المدركة. القليل الذى نعرفه عن ملايين النجوم والمجموعات
الشمسية يكشف عن مجد الله، كما يقدم لنا شعورا بالفرح إذ خلق الله الكون كله
لأجلنا. فنحن الخليقة الترابية ننظر إلى فوق نحو السموات، متأملين أعمال الله،
ممجدين إياه، لا نعيش كالحيوانات متطلعين بأنظارنا إلى أسفل نحو الأرض.

+ التناغم
الرائع الذى للسموات يعلن عن الحكمة التى تشع فى الخليقة وتبرز عظمة مجد الله من
خلال الأمور المنظورة.

 

" يوم إلى يوم يبدى كلمة،

وليل إلى ليل يظهر علما " [2]

كل
الأيام والليالى هى ينابيع تفيض بمجد الله وتعلن مراحم الله ورعايته المتجددة فى
حياتنا. تفتح قلوبنا بالحب المتجاوب مع حب الله فنسمع صوته الإلهى إلينا بكلمة
خاصة بنا، وينير أذهاننا بالعلم الروحى والمعرفة.

مع كل
نهار إذ يشرق شمس البر ينطق المؤمنون بكلمات جديدة تعكس تجديدهم المستمر وخبرتهم
مع الثالوث القدوس. تصير حياتهم ينبوعا يفيض مياة حية بلا توقف.

 

" ليس أقوال ولا كلام،

الذى لا تسمع أصواتهم،

فى كل الأرض خرج منطقهم،

وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم " [3، 4].

تشهد
الكنيسة للإنجيل بحياتها أكثر مما بكلماتها. إذ يسكن كلمة الله فى حياتنا الداخلية
ينطق للآخرين حتى بصمتنا. بالحياة المقدسة فى المسيح نعلن عن الأخبار السارة خلال
الصمت كما بالكلمات.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس القس أنطونيوس فهمى ى

 

" جعل فى الشمس مظلته (مقدسه)،

وهو مثل
العريس الخارج من خدره "
[5]

الشمس
فى العبرية كما فى الآرامية " مذكر "، لهذا تقارن الشمس بالعريس.

السيد
المسيح – العريس السماوى – هو شمس البر الذى يشرق والشفاء فى أجنحته (ملا 3).

فى كبد السماء نصبت الشمس خيمتها، وتبدو كأنها تسير مثل ملك جبار فى
موكب علنى عالمى، تشع ببهائها على مشارق الأرض ومغاربها.. إنها كملك يرحل، يضرب
خيمته ثم سرعان ما يخلعها ويرحل إلى موضع آخر.

تشرق
الشمس بنورها وتبعث حرارتها لتهب حياة، هكذا جاء شمس البر يشرق على نفوس مؤمنيه فى
المشارق والمغارب ليهبهم استنارة ودفئا روحيا وحياة متجددة على الدوام.

+ إنه هو الذى يعد خيمته – الكنيسة – فى الشمس، على مرأى من جميع
الناس.

 

" ناموس الرب بلا عيب، يرد النفوس،

شهادة الرب صادقة، تعلم الأطفال " [7]

إن
كنا قد فسدنا بالخطية فلم يعد فينا أى فى جسدنا شىء صالح، فإن ناموس الرب أو كلمة
الله بلا عيب، تحمل النفس الفاسدة إلى الصليب لتنهل من الدم الكفارى، فتصير هى
أيضا بلا عيب.

" شهادة الرب "، تشهد عن مرارة الخطية، وعن صدق وعود الله
بالخلاص التى تقدم للنفوس الواثقة فى الرب، كثقة الأطفال البسطاء فى والديهم،
الذين يلتقون على صدورهم كما على صخرة الحب، يتمتعون بعهده الإلهى الصادق.

" فرائض الرب مستقيمة تفرح القلب،

وصية الرب مضيئة، تنير العينين عن بعد " [8].

كلمة
الرب ليست أوامر ونواه تسبب مرارة للنفس، إنما هى علامة حب بين الله والإنسان،
تبعث الفرح الداخلى..

" خشية الرب زكية، دائمة إلى أبد الأبد،

أحكام الرب أحكام حق وعادلة معا " [9]

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ إمّير ر

"
خشية الرب "، بمعنى مخافة الرب هنا لا تعنى خوف العبيد إنما روح التقوى.

لئلا
يساء فهم الخوف، أبرز المرتل شوق المؤمن للكلمة وتقديره لها وإحساسه بعذوبتها، إذ
يقول:

" شهوات قلبه مختارة أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن،

وأحلى من العسل والشهد.

وأن عبدك يحفظها، وفى حفظها مجازاة كثيرة " [10، 11].

الكلمة
الإلهية الشاهدة عن أبوة الله وحنانه ليست فرضا نتغصبه، وإنما هى أولا " شهوة
قلب "، تطلبها الأعماق إذ تجد فيها شبعها الحقيقى، وهى الغنى الحق أفضل من
الذهب والحجر الكريم، وعذبة أحلى من العسل والشهد، بجانب هذا كله تقدم مجازاة
كثيرة… أبدية لا يغبر عنها. إنها فوق كل غنى العالم وقيمه وملذاته الأرضية.

 

"…… وتكون جميع أقوال فمى بمسرة،

وتلاوة قلبى أمامك فى كل حين،

يارب أنت معينى ومخلصى " [14]

هكذا
يختم المرتل المزمور بالسرور والفرح المعلنين بالفم والقلب، خلال التسبيح العلنى
والخفى، لأن الله هو معيننا فى كل عمل صالح ومخلصنا غافر الخطية !

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي