الْمَزْمُورٌ
التِّسْعُونَ
صلاة لموسى رجل الله
مضمون هذا المزمور : حياة الإنسان قصيرة وبائسة
+ قال
القديس أثناسيوس : إن هذا المزمور قد كتبه موسى النبى وادخره فى الخفاء ليعرف
الأسرائيليون بما كان مزمعا أن يصيبهم من المصائب لأجل قساوة قلوبهم ومعاندتهم
وسبيلهم أن يصلوا هكذا حين تصيبهم الأحزان.
1 – " صلاة لموسى
رجل الله.يا رب ملجأ كنت لنا في دور فدور ".
+ يستهل
الكاتب صلاته الرائعة بالقرار بأن الرب وحده هو الملجأ منذ القديم القديم. ويقول
القديس أغسطينوس أن الكلمة دور فدور، تشير إلى العهدين القديم والجديد. والرب تجلى
في العهد القديم لموسى وأعطاه الناموس، وبذلك صار خادم العهد القديم. وبالاعلان
الذي أعطي له عن المسيح، صار نبي العهد الذي يتصل بالعهد الجديد (تثنية 18:15).
في
الواقع أن يسوع ضامن العهد وفاديه، قال لليهود الذين بسبب تعصبهم لناموس موسى،
اعترضوا على أعمال محبته في يوم السبت " لا
تظنوا إنى أشكوكم إلى الآب. يوجد الذى يشكوكم وهو موسى الذى عليه رجاؤكم. لأنكم لو
كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى. فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك
فكيف تصدقون كلامى " (الإنجيل بحسب يوحنا 5 : 45 – 47)
كم
يجب أن نشكر المسيح، لأجل هذا الإعلان! إنه يبين الفرق، بين الناموس والإنجيل. إن
موسى أي الناموس يشكوكم، لأن بالناموس معرفة الخطيئة. إنه يدينكم، وهو لكل
المتكلين عليه خدمة الموت والدينونة. أما إنجيل المسيح فلم يقصد به أن ندان بل أن
نتبرر. هكذا نقرأ لأنه لَمْ يُرْسِلِ اللّهُ
ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.
اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لا يُدَانُ، وَالَّذِي لا يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأنه لَمْ
يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللّهِ الْوَحِيدِ " (الإنجيل بحسب يوحنا
3:173 : 17، 18)
لم
يأت المسيح إلى العالم كإله شاكٍ، لكي ينتقد كل إنسان ويتشاجر مع كل إنسان. أو
كجاسوس على تصرفات الناس، أو ليتصيد الجرائم. كلا، فقد جاء كمدافع لا كمتهم. لم
يأت لكي يباعد بين الله والإنسان، بل جاء لكي يصالح الإنسان مع الله.
لقد
تنبأ موسى بصفة خاصة عن المسيح، وقال عنه: إنه نسل المرأة، الذي يسحق رأس الشيطان،
ونسل إبراهيم الذي به تتبارك جميع الأمم. وقال: إنه شيلون أي المسيا المنتظر،
والنبي العظيم.
2 –
" من قبل ان تولد الجبال او أبدأت الارض والمسكونة منذ الازل الى الابد انت الله
".
+ إن
الله موجود قبل كل شيء. فهو كائن واجب الوجود، قبل أن نوجد. ولما وجدنا صار ملجأ
لكل من يرجع إليه. ولسعادة البشرية أن أشواق الله تصرخ كل يوم " ارْجِعُوا إِلَيَّ أَرْجِعْ إِلَيْكُمْ "
(ملاخي 3 : 7).
" فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ
أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ " (أعمال 3 : 19). ارجع إلى الله يا أخي
بالتوبة، فإنه يكتنز الغفران وعنده فدى كثير، وهو يفدي من الحفرة حياتك. التجئ
إليه واجعله حصن حياتك، فتحيا في سلام.
3 –
" ترجع الانسان الى الغبار وتقول ارجعوا يا بني آدم "
+ إن
الإنسان سريعاً ما ينسى الطينة التي أخذ منها، فيتكبر ويستعلي، والله في حكمته
يريد له التواضع، لينعم بشركة الودعاء السعداء. ونتعلم من سفر الأمثال أن الكبرياء
نذير للخراب، إذ يقول " قَبْلَ الْكَسْرِ
الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أمثال 16
: 18) ويخبرنا الكتاب المقدس أن الكبرياء كانت علة خراب رئيس ملائكة. لأن العلي
ساكن الأبد القدوس اسمه ضد المنتفخين، فقد قال الرسول يعقوب " يقاوم الله المستكبرين
أما المتواضعون فيعطيهم نعمة ".
والعلي
نفسه تواضع بتجسده وقال " اِحْمِلُوا نِيرِي
عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لِأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ،
فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ " (الإنجيل بحسب متى 11 : 29).
وأنه خير للإنسان أن يكون صغيراً في عيني نفسه، لأن المسيح قال " من يضع نفسه يرتفع "
4 –
" لان الف سنة في عينيك مثل يوم امس بعدما عبر وكهزيع من الليل "
+ الإنسان
في طبيعته يحب الحياة، ويهوى كثرة الأيام، ولكن الزمان في نظر الله لا حساب له.
فألف سنة لديه مثل يوم أمس العابر، لا مثل الغد المقبل. لأن الأيام تحصى على أساس
أنها مرت وعبرت. ويضيف المرنم قائلاً أن الألف سنة في عيني الله كهزيع من الليل،
والهزيع يدوم ثلاث ساعات. ولعل المرنم قصد أن يقول إن الله لا يحده الزمن، فهو
أزلي سرمدي، يملأ الزمن بمجده وعظمته. قال الرسول بطرس " أَنَّ يَوْماً وَاحِداً عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ
سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ " (بطرس الثانية 3 : 8) ولا بد للمتأمل بعمق
في هذه الآية أن يجد فيها تحذيراً لكي لا ينخدع ويظن أن لديه وقتاً طويلاً، يمكنه فيه
أن يرجع إلى الله بالتوبة.
5 –
" جرفتهم.كسنة يكونون.بالغداة كعشب يزول "
6 –
" بالغداة يزهر فيزول.عند المساء يجزّ فييبس "
+ هنا
يشير رجل الله إلى ناموس مكتوب في حكمة الله الخفية، فيه وضع حداً لسِني البشر
الزائلين، معبراً عن ذلك بالقول " كسنة يكونون
بالغداة كعشب يزول ".
أي
سنو حياة الإنسان قصيرة، تمضي كما تمضي الأحلام. وتضمحل حياته، كما يضمحل العشب.
وكأن رجل الله يقول إن سني الإنسان لا تساوي شيئاً فهي تزول سريعاً، لأنها لا تأتي
لكي نلبث هنا، بل لكي نذهب.
إن
وجوه الشبه بين حياة عمر الإنسان والعشب متعددة: فالعشب يُجز في الصباح فيذبل.
وعند المساء يكون قد يبس. وعمر الإنسان يسقط بالموت ويذبل في الجثة، وييبس في
القبر.
ولكن
شكراً لله بربنا يسوع المسيح لأن حياة الإنسان لا تقاس بالسنين القليلة على أرض
الآلام. ولأن الموت ليس نهايته. إنه مخلوق على صورة الله، في البر وقداسة الحق.
والله أعطاه امتياز الخلود. صحيح أن جسده سيعود إلى تراب الأرض كما كان، ولكن روحه
ترجع إلى الله الذي أعطاها، وهذا الجسد الذي عاد إلى تراب الأرض سيقيمه الله ثانية
وفقاً للقول الرسولي: " فِي لَحْظَةٍ فِي
طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الْأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَّوَقُ، فَيُقَامُ
الْأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. لِأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ
لَا بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ
مَوْتٍ " (الرسالة الأولى إلى كورنثوس 15 : 51 – 53).
إن
جسدنا الحاضر في هوان، وأما جسد القيامة فسيكون في مجد. لأن أجسادنا المتغيرة إلى
شبه جسد مجد المسيح، لن تكون خادمة لشهواتنا وبواعثنا. ولكنها ستكون أدوات خدمة
طاهرة لله. إن جسدنا الحاضر جسد حيواني طبيعي أما جسد القيامة فسيكون جسداً
روحانياً. ويمكننا به أن نقدم لله العبادة الكاملة والخدمة الكاملة، والمحبة
الكاملة.
نعم
يا رب أنت ملاذنا وحصننا. وأنت رجاؤنا المكين. نشكرك لأجل صلاحك، ونحمدك لأجل
رحمتك، ونهلل لك لأجل العون الذي ترسله إلينا من قدسك. إن أيام سنينا على الأرض
قصيرة، فاعطنا الحكمة لكي نصرفها حسب مشيئتك، عاملين ما يرضي أمامك بيسوع المسيح
ربنا.
7 –
"لاننا قد فنينا بسخطك وبغضبك ارتعبنا "
8 –
" قد جعلت آثامنا امامك خفياتنا في ضوء وجهك "
9 –
" لان كل ايامنا قد انقضت برجزك.افنينا سنينا كقصة "
10 – " ايام سنينا هي سبعون
سنة.وان كانت مع القوة فثمانون سنة وافخرها تعب
وبلية.لانها تقرض سريعا فنطير "
11 – "
من يعرف قوة غضبك.وكخوفك سخطك "
+
القديس أنطونيوس يشجع أولاده على عمل الفضيلة قائلا لهم ما هو عمر الإنسان يا
أولادى ؟! أيام سنينا سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وأفخرها تعب وبلية.
والحال أن هذه السنين وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وأفخرها تعب وبلية. والحال أن
هذه السنين التى نمضيها فى خدمة الله لا نعطى عوضها أجرا يدوم على مقدار هذه
السنين. بل نعطى ملكا أبديا يدوم بدوام الله.
يجب
أن نتعب هذه السنين البسيطة لنربح الحياة التى لا إنتهاء لها.
12- " احصاء ايامنا هكذا علمنا
فنؤتى قلب حكمة "
13 – "ارجع يا رب.حتى متى.وترأف
على عبيدك "
+ + ابتداءً
من هذه الآية، يتقدم الكاتب بمجموعة من الطلبات، أولاها سؤال الرب الإله أن يعلمنا
حكمة إحصاء الأيام لكي نغتنم كل فرصة تمكننا من أن نكسب الخير ونفعله، مفتدين
الوقت من الاتلاف.
هذا
هو السلوك بالتدقيق الذي دعا الرسول بولس أهل أفسس إليه، لكي لا يميلوا عن سنن
القداسة والطاعة لله، كما يليق بأولاد نور. وعلل دعوته بكون الأيام شريرة تكثر
فيها التجارب القوية. فما على المؤمن أن يفعله، يجب أن يفعله بسرعة.
" إِنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ
النُّورِ فِي جِيلِهِمْ " (الإنجيل بحسب لوقا 16 : 8).
وهو
أيضاً السلوك بحكمة، الذي طلب الرسول بولس إلى أهل كولوسي أن يمارسوه، تجاه الذين
هم من خارج، فالمسيحي مدعو أن يتصرف بحكمة، وخصوصاً بوداعة. لكي لا يترك لدى السامع
شعوراً بأنه أعلى منه، أو بأنه رقيب يحصي عليه زلاته. وفي ممارسة هذه المسؤوليات، يجب
على المسيحي أن يفتدي الوقت منتهزاً كل فرصة لعمل ما يرضي الله في خدمة الناس.
إن
العمل اليومي والحياة اليومية يقدمان للمؤمن باستمرار الفرص المؤاتية للشهادة لعمل
نعمة الفادي للتأثير على الناس، واكتسابهم للرب، وفقاً لقول المسيح " فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ،
لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ " (الإنجيل بحسب متى 5 : 16).
إن
الكنيسة تقدم لأعضائها فرصاً طيبة للتعليم، أو للزيارات، أو للعمل الصالح. ولكن
للأسف فهنالك كثيرون لا يشتركون في نشاطات الكنيسة، لكأنهم يرفضون بإصرار هذه
الفرص، مفضلين استهلاك الوقت في الكسل، أو في ممارسات ليست بحسب مشيئة الله.
لقد
علل بولس الدعوة لافتداء الوقت، بكون الأيام شريرة وعسيرة، مما يجعل فرص الكسب
نادرة جداً. لأن سوق الفضيلة في كساد، وسوق الرذيلة في رواج. فالعالم كله وضع في
الشرير. وعدو الخير يريد اغتنام كل فرصة لمصلحته. فلا يرى باباً مفتوحاً للخير،
إلا ويسعى في إغلاقه.
لذلك
وضعت الضرورة على أبناء النور، لكي يتسلحوا بالحكمة الغيورة لله ويتقدموا لخدمة
النفوس الضالة. ومَن غير المستنير بنور الله يستطيع أن يميز الأوقات، ويتذوق ما هو
مرضي عند الرب؟
إن
كنت تشعر بعدم حيازتك حكمة إحصاء الأيام وافتداء الوقت، فليس المعنى أن الفرصة قد
فاتتك. فالرب مصدر الحكمة وكل نعمة، مستعد أن يهبك بكل غناء. هكذا قال الرسول
يعقوب " إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ
حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلَا
يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ " (يعقوب 1 : 5).
14- " اشبعنا بالغداة من رحمتك
فنبتهج ونفرح كل ايامنا "
+ يسأل
الله في هذه الطلبة أن يشبعه الرب الإله من رحمته، لتكون حياته مفعمة بالبهجة.
وحقاً ما أحلى أن ينهض المرء في الصباح، فيجد نفسه جائعاً لبر الله، فيفتتح يومه
بالصلاة، وسرعان ما يشبعه الله، وفقاً لقول المسيح: "
طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لِأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ "
(الإنجيل بحسب متى 5 : 6).
يشبعهم
المسيح لأن أمامه شبع سرور وفي يمينه نعم إلى الأبد.
قال
المرنم " أَمَّا أَنَا فَبِالْبِرِّ أَنْظُرُ
وَجْهَكَ. أَشْبَعُ إِذَا اسْتَيْقَظْتُ بِشَبَهِكَ " (مزمور 17 :
15) هذا هو نصيب المؤمن أنه بالبر الذي من الله بالمسيح يشبع، وينظر وجه الله
ويتمتع بالشركة معه. هذا هو الشبع من رحمة الله. فما أعظم الفرق بين نصيب المؤمنين
ونصيب أبناء هذا الدهر! فأبناء هذا الدهر يحاولون عبثاً إشباع نفوسهم من أشياء هذا
العالم الفانية. أما المؤمنون فيشبعهم أنهم بالبر يرون الله في شخص يسوع، الذي جسد
رحمة الله.
15- " فرحنا كالايام التي فيها
اذللتنا كالسنين التي رأينا فيها شرا "
16- " ليظهر فعلك لعبيدك وجلالك
لبنيهم "
+ + يلتمس
رجل الله التعزية من الهم، لكي يفرح بعد الوقت الطويل الذي عانى خلاله من الذل.
ويدعم سؤله بكون التعزيات الإلهية وسيلة لله لكي يظهر ذاته لعبيده كإله تعزية
ورحمة. وهذا يمهد السبيل لإظهار جلاله للأبناء بعد الآباء. وهكذا تنتشر الشهادة
لعمل النعمة المخلصة.
لا
ريب أن الصعوبات التي يواجهها المؤمن كثيرة وقاسية. وعلى المؤمن أن يتسلح
بالإيمان، للوقوف في وجه التجارب والانتصار عليها. قال أحدهم لمسيحي متألم: إن
الصعوبات والآلام تغير لون الحياة أليس كذلك؟ فأجابه قائلاً: نعم، ولكن أنا الذي
اختار اللون الجديد.
حين
تنتابنا الصعاب ويعصف بنا الألم، لنذكر أننا لسنا متروكين لنواجه الارزاء وحدنا.
بل إن تعزية الله معدة لنا بالروح القدس، وإن رحمة الله هي لنا كل يوم. اطمئن يا
أخي فكلمة تعزية في العهد الجديد تعني أكثر مواساة مسكنة ومهدهدة للألم. إنها تؤدي
إلى معنى الشجاعة، التي تمكن الإنسان من كفاح الإيمان. والمعزي هو الروح القدس،
الذي هو الله فينا. ومن كان الله فيه يستطيع أن يغلب التجارب ويقود سفينة حياته
إلى شاطئ السلام.
17 – " ولتكن نعمة الرب الهنا علينا وعمل ايدينا ثبت علينا
وعمل ايدينا ثبته "
+ يختم
رجل الله هذا المزمور المجيد بصلاة مفعمة بالخشوع، طالباً فيها نعمة الله، لتجعل
أيدينا وأعمال أيدينا مستقيمة. هناك ركن في الحياة المسيحية تنبع منه كل الأعمال
الصالحة، وهو الإيمان العامل بالمحبة. وما أحلى ما قاله رسول الجهاد العظيم بولس
في هذا الصدد " نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ
فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللّهُ فَأَعَدَّهَا
لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا " (أفسس 2 : 10). فإيماننا العامل بالمحبة
ليس منا، بل من الله بيسوع المسيح. وإذا تأملنا في كلمة الله بعمق نكتشف أن قصد
الله قبل أن خلقنا كان لكي نسلك في الأعمال الصالحة، التي أعدها وأعطانا النعمة
للقيام بها.
ولكن
يجب أن نذكر أن الأعمال الصالحة التي نقوم بها، ليست علة خلاصنا وإنما هي ثمرة
خلاصنا. هذه حقيقة عظيمة تدعونا إلى رفع الشكر لله، لأنها تعلمنا ضمناً، أننا في
الخليقة الجديدة التي تصنع البر، تظهر إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة.
يا رب
صخرتنا وولينا، لك شكرنا وحمدنا، لأجل مراحمك الغنية بالغفران. نعترف أمامك بأنه
ليس فينا شيء صالح. وإن كان فينا حب للخير فهو من صنعك. إننا نعيش من نعمتك، التي
تأنت علينا ولم تشأ أن نهلك، بل أن نقبل إلى التوبة. جدد توبتنا يا إلهنا كل يوم.
وثبتنا في إيماننا واجعله عاملاً بالمحبة. نقر بأننا عبيد بطالون، لأننا لم نعمل
ما علينا، لذلك نلتمس أن تشبعنا بالغداة من رحمتك، فنفرح كل أيام حياتنا. آمين.