الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

 

هذا
هو آخر إصحاح في هذا السفر يختم به الجامعة كلامه، ويعطي النصائح الأخيرة، ويوضح
فيه الهدف من السفر كله ومن كل ما كتبه فيه.

1. فاذكر خالقك في أيام
شبابك قبل أن تأتي أيام الشر أو تجيء السنون إذ تقول ليس لي فيها سرور.

من
الناحية الحرفية أو الدنيوية هذه نصيحة من شيخ حكيم عرف بطلان العالم وتعلم الكثير
في حياته المليئة بخبرات من كل نوع وعلى جميع المستويات وتأكد أنه لا راحة كاملة
في هذا العالم مثلما سيكون في الدهر الآتي في ملكوت السموات وأن ما يجب أن يعمله
الشاب هو أن يذكر خالقه في أيام شبابه. والمفروض فعلا أن كل إنسان كبير في السن
ينصح الأحداث والشباب الذين يحبهم أن يذكروا الله من بداية حياتهم، فكل طريق روحي
يحتاج سنين طويلة لكي يصل فيه الإنسان إلي مستوى جيد يليق بالأبدية. ثم أن أفضل ما
يقدم الإنسان لربه هو فترة شبابه، فترة القوة والحيوية والطاقات والفترة التي ممكن
أن يتأقلم وينمو فيها سريعا.

"أيام
الشر والسنون التي ليس فيها سرور"، ربما يقصد بها أيام الظلمة والاضطهاد أو
المرض أو أي ظروف قاهرة، وربما يقصد أيضا يوم الممات، وربما قصد سنين الشيخوخة
ولكن للشيوخ نرجوهم أن لا يفقدوا رجائهم في الله الذي وعد من يسلك في طريقه خاصة
الذين يصومون ويصنعون الرحمة بأنه سيجدد مثل النسر شبابهم "أش 58".

أما
من الناحية الروحية، فربما يقصد أيضا شباب الروح، حينما يكون في خدمات روحية كثيرة
وجيدة تتمم بها مشيئة الله. ويكون المقصود بأيام الشر والسنون التي ليس فيها سرور،
الفترة التي أكون فيها غير قادر علي إتمام خدماتي هذه أو غير قادر علي التقدم أو
النمو في أي طريق روحي.

و
عن هذه كلها يوصينا السيد المسيح قائلا "صلوا لئلا يكون هربكم في شتاء أو في
سبت"، ومعناها صلوا لئلا تهلكوا في أيام الشر أو في أوقات الضيق والاضطهاد..
فلذلك يجب أن نصلي قائلين (يا رب نرجوك، لا تجعل هربنا في شتاء أو في سبت).

2.قبلما تظلم الشمس
والنور والقمر والنجوم وترجع السحب بعد المطر

نلاحظ
كلمة "قبلما"،إنها تشمل كل الأعداد إلي آخر عدد6، أي أن من عدد2 إلي آخر
عدد6 هو كل الذي سيحدث في أيام الشر والسنين التي ليس فيها سرور، ويؤكد هذا وجود
نفس كلمة "قبلما" في أول عدد6.

الظلام،
كما قلنا، قد يكون المقصود به الاضطهاد أو المرض أو أي ظروف شديدة أو يوم الممات
أو حتى الشيخوخة التي فيها يضعف بصر الشخص فلا يرى النور، أو يكون قد يقصد، قبل أن
يظلم نورك وأعمال الخير التي تعملها فلا تقدر بعد أن تصير نورا للعالم كما أوصانا
رب المجد، فينطفئ سراجك أو حتى تتزحزح منارتك من مكانها، أو تصير مثل السحب التي
ليس فيها ماء، أي تصير بلا أي فائدة لا خير فيك ولا منفعة منك.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م مجدل شكيم م

3. في يوم يتزعزع فيه
حفظة البيت وتتلوى رجال القوة وتبطل الطواحن لأنها قلت وتظلم النواظر من الشبابيك.

4. وتغلق الأبواب في
السوق. حين ينخفض صوت المطحنة ويقوم لصوت العصفور وتحط كل بنات الغناء.

5. وأيضا يخافون من
العالي وفي الطريق أهوال واللوز يزهر والجندب يستثقل والشهوة تبطل لأن الإنسان
ذاهب إلي بيته الأبدي والنادبون يطوفون في السوق. 6. قبلما ينفصم حبل الفضة أو
ينسحق كوز الذهب أو تنكسر الجرة علي العين أو تنقصف البكرة عند العين.

من
عدد3 إلي عدد6،كما رأينا، امتداد لعدد2 أي امتداد لكلمة "قبلما". وهم
نوع من التأمل أو إشارات لعدة أشياء.

3.
عدد3 : "في يوم يتزعزع فيه حفظة البيت وتتلوى رجال القوة" ربما يشير إلي
انتهاء القوة والعضلات، أو ربما يشير إلي زعزعة خدام بيت الله.


تبطل الطواحن لأنها قلت" ربما إشارة إلي الأسنان التي تطحن الأكل التي تقل في
الشيخوخة، أو إشارة إلي قلة طواحين القمح حيث الخير قليل في أيام الشر.

"
وتظلم النواظر من الشبابيك"ربما إشارة إلي ضعف النظر لأن العيون تشيخ مع
الإنسان، أو إشارة إلي عدم دخول النور من الشبابيك فتكون البيوت مظلمة.

4.
" وتغلق الأبواب في السوق حين ينخفض صوت المطحنة" ربما إشارة إلي غلق
الفم أي أنهم لا يتكلمون وسط الناس لأن مكانتهم انتهت حيث السوق في الكتاب المقدس
يشير إلي أماكن تجمع الناس، أو ربما إشارة إلي غلق أبواب السوق لأن التجارة توقفت
والخير قل.


يقوم لصوت العصفور" أي يذهب لينام ولكن من القلق يستيقظ مضطربا حتى من صوت
العصفور.


تحط بنات الغناء" وحتى المغنيات ينتهي عملهن ويظلم أو ينطفئ نجمهن.

5.
" وأيضا يخافون من العالي وفي الطريق أهوال" أي يخافون من الأماكن
العالية أو يخافون من أصحاب المناصب والمراكز العالية، ومن أهوال الطريق.

"اللوز
يزهر" ربما يقصد أن شعر الشيوخ يبيض فيبدو كلوزة وقت الإزهار، ومن المعروف أن
شجرة اللوز تزهر أسرع من مثيلاتها ولذلك فهو ربما يشير هنا إلي سرعة مجيء الشيخوخة
للإنسان.

"
والجندب يستثقل"، الحقيقة أنا لا أعرف بالضبط ماذا يقصد هنا، لكن طبعا سيكون
في نفس اتجاه الكلام ومعناه، لأن هذا الجزء كله يسير في اتجاه واحد.


الشهوة تبطل" ربما يقصد أن طموحات الإنسان ستنتهي ويدخله يأس، أو ربما يقصد
أن قدرة الإنسان علي الإنجاب ستنتهي.

"لأن
الإنسان ذاهب إلي بيته الأبدي والنادبون يطوفون في السوق" أي لابد سيموت
ويبكي عليه الجميع وتنتهي حياته هنا علي الأرض، وهذا يتعلق أو متضمن في مفهوم هدف
الجامعة من كتابة هذا السفر أن يعلن أن الحياة علي الأرض ما هي إلا استعداد
للأبدية وتحديد لمصير الإنسان الأبدي كله، وهذا يجعلك تبدأ حياتك مع الله منذ
شبابك ولا تضع في قلبك أن تؤجل للشيخوخة، واعلم أن الله يدعو كل إنسان في أحسن وقت
له فإن دعاك في شبابك ورفضت فربما لا توبة بعدها، خاصة أنك لا تعرف يوم مماتك،
وحتى لو عرفت وتبت والله قبل توبتك، فماذا ستكون درجتك في الأبدية ؟ لكي تتحسن
درجتك هناك تحتاج لوقت طويل وجهاد كثير وتداريب متنوعة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر صموئيل الثانى 08

6.
"قبلما ينفصم حبل الفضة"ربما يشير بكلمة "ينفصم الحبل" إلي
انقطاع ما يربط الروح بالجسد أي موت الإنسان بالجسد، و"الفضة" عادة في
الكتاب المقدس تشير إلي المال (الفلوس) فربما يقصد افتقار الإنسان. وأحيانا
"حبل الفضة" تطلق علي العمود الفقري، فيكون المقصود أيضا ضياع كل قدرات
الإنسان أو حتى موته أيضا.

"أو
ينسحق كوز الذهب" كانوا قديما يشربون الماء بالكوز بدل الكوب، والماء فيه
الحياة ويشير كثيرا إلي الروح القدس معطي الحياة، والذهب يشير في الكتاب المقدس
أساسا

 للملك
وللجمال وللطهارة والبر. فهنا ربما يقصد انقطاع وسيلة الحياة أي الماء الطاهر أو
الروح القدس الذي أخذناه بيسوع المسيح الذي يرمز له كثيرا بالذهب لأنه هو ملك
الملوك.

"أو
تنكسر الجرة علي العين" نفس المعنى، حيث الجرة هي التي نحضر بها الماء من أي
عين.

"أو
تنقصف البكرة عند البئر" نفس المعنى أيضا، فالبكرة هي التي تنزل بها البكرة
أو الدلو في البئر حتى مستوى الماء فتمتلئ ثم أخرجها بها أيضا. فهي ستنقصف في يوم
الشر مثلها مثل الجرة التي ستنكسر ومثل كوز الذهب الذي سينسحق.

كل
ما فات من عدد2 إلي هنا، آخر عدد6، كل هذا هو ما يمكن أن يحدث لأي إنسان في أيام
الشر أو في السنين التي ليس فيها سرور.

7.فيرجع التراب إلي
الأرض كما كان وترجع الروح إلي الله الذي أعطاها.

الجسد
من تراب والتراب من الأرض فيرجع الجسد إلي الأرض كما كان. والروح نفخها الله نسمة
حياة في أنف آدم فترجع إلي الله الذي أعطاها.

8. باطل الأباطيل قال
الجامعة الكل باطل.

تأكيد
لما قاله عدة مرات في بداية السفر عن أن كل ما هو "تحت الشمس" باطل.

9. بقي أن الجامعة كان
حكيما وأيضا علم الشعب علما ووزن وبحث وأتقن أمثالا كثيرة.

الجامعة
كلنا نعلم الآن أنه هو سليمان، وهو بالفعل علم الشعب الكثير وما زال يعلم شعوب
كثيرة بأسفاره الموجودة في الكتاب المقدس، فهو كاتب هذا السفر وسفر
"الأمثال" وسفر "نشيد الأناشيد"،و أيضا سفر "حكمة سليمان"
في الأسفار القانونية الثانية والذي يجب أن نميز بينه وبين سفر "حكمة يشوع
ابن سيراخ".

10. الجامعة طلب أن يجد
كلمات مسرة ومكتوبة بالاستقامة كلمات حق.

طلب
أن يجد كلمات مسرة لأنه لما زاد جدا في الحكمة والمعرفة والفهم ازداد غما وحزنا
كما قال هو في "1: 18" ولذلك نجده يوصينا كثيرا أن نفرح.

"كلمات
حق" لأنه عرف أهمية الحق والعدل بصفة عامة ومع الحكمة والمعرفة بصفة خاصة،
وأوصانا كثيرا بالعدل والحق كما رأينا في هذا السفر وأيضا في سفر الأمثال، خاصة
وأنه علم كيف أن الله يحب فعل العدل والحق أكثر وأفضل من الذبيحة. وقد تكلم اشعيا
النبي أيضا كثيرا عن العدل وهو أيضا كان من العائلة المالكة وقد رأينا كيف أن الله
وعد أنه سيرفع الذي يعمل بالعدل.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ اندراوس س

11. كلام الحكماء
كالمناسيس وكأوتاد منغرزة أرباب الجماعات قد أعطيت من راع واحد.

المناسيس،
مفردها منساه ويقال أنها عصا في رأسها حديدة تنخس بها البهائم، والأوتاد، مفردها
وتد وهو ما يستخدم في تثبيت الخيام. فيقصد هنا أن كلام الحكماء يدخل العقول
والقلوب ويثبت هناك لأنه من الله، وعن هذا يقول الكتاب "كلمة الله حية وأمضي
من كل سيف ذي حدين".

و
الراعي الواحد هو المسيح إلهنا الذي هو "حكمة الله"، وكل كلام حكمة يعطى
منه بواسطة الروح القدس إلهنا الذي هو روح الحكمة والفهم…

12. وبقي فمن هذا يا
ابني تحذر. لعمل كتب كثيرة لانهاية والدرس الكثير تعب للجسد.

حينما
تدرس، حتى لو كنت تدرس الكتاب المقدس لابد أن ترتاح لأن الدرس الكثير تعب للجسد،
وأذكر أن الله أوصانا بالراحة تماما كما أوصانا بأي وصية أخرى بل وتعتبر وصية
الراحة من أهم الوصايا لأنها في الوصايا العشرة ولأن كل وصايا الله هي لخير وراحة
الناس.

13. فلنسمع ختام الأمر
كله. اتق الله واحفظ وصاياه لأن هذا هو الإنسان كله. 14. لأن الله يحضر كل عمل إلي
الدينونة علي كل خفي إن كان خيرا أو شرا.

هذا
هو هدف السفر كله أن نتقي الله ونحفظ وصاياه وهو في ترجمات أخرى خاف الله واحفظ
وصاياه كما في ترجمة
King James وهي :

 “Fear God and Keep His Commandments”

لأن
كل عمل سيعمله الإنسان سواء خير أو شر، خفي أو ظاهر، لابد سيدان عليه في يوم
الدينونة. والحقيقة، موضوع مخافة الله موضوع طويل، أفضل شئ لمن يحب معرفته أن يقرأ
كتاب قداسة البابا شنوده "مخافة الله"و يكفي هنا أن أقول كلمة أخيرة وهي
"رأس الحكمة مخافة الله" فإذا أردت أن تكتسب حكمة إلهية خاف الله، وأيضا
إذا أردت أن تخاف الله كما يجب اسع في الحكمة.

عزيزي
القارئ،لا تنسى أن كل شئ تحت الشمس باطل أما فوق الشمس أو في السماء فهو دائم
واعلم أن الحالة التي سيدخل بها الإنسان الأبدية سيظل بها إلي الأبد فاستعد في كل
حياتك علي الأرض لكل حياتك في السماء، وهذا الاستعداد يكون بعمل الخير وبأن تتقي الله
وتخافه وتحفظ وصاياه،و أذكر قول رب المجد " الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو
الذي يحبني يو15: 21"، ولا تنسى أن أهم وصية في الكتاب المقدس بعهديه هي
"تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك". له
كل مجد وبركة وعزة وسلطان وكرامة من الآن وفي كل أوان وإلي دهر الدهور كلها. آمين.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي