الإصحَاحُ السَّادِسُ عَشَرَ

 

الشقاء
الذى ينتظر الخطاة

1 لا تَشتَهِ كَثرَةَ أَولادٍ لا خَيرَ فيهم ولا تَفرَحْ
بِالبَنينَ الكافِرين. 2 حَتَّى إِن كَثُرَ عَدَدُهم فلا تَفرَح إِذا لم تَكُنْ
فيهم مَخافةُ الرَّبّ. 3 لا تَعتَمِدْ على طولِ حَياتِهم ولا تَستَنِدْ إِلى
عَدَدِهم. وَلَدٌ واحِدٌ خَيرٌ من أَلْف والمَوتُ بِلا وَلَدٍ خَيرٌ مِنَ
الأَولادِ الكافرين. 4 لأنّه بعاقِلٍ واحِدٍ تُعمَرُ المَدينة ولكِنًّ قَبيلةَ
الآثِمينَ تُباد. 5 عَيني رَأَت كَثيرًا من أَمثْالِ هذه وأُذُني سَمِعَت
بِأَعظَمَ مِنها.

 

فى العهد القديم بصفة
عامة يمثل كثرة الأولاد ثروة بشرية تعكس لصاحبها رضى الرب عنه، ويحمله ذلك على
الفخر، لاسيما وأن المرأة العاقر كانت عاراً بين جيرانها، وظن الأقدمون بأن عدم
الإنجاب هو لعنة من الرب (راجع قصة ميلاد كل من شمشون ويوحنا بن زكريا) ويعبّر
داود النبى عن ذلك قائلاً " الْبَنُونَ مِيرَاثٌ
مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ… مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ… ثمرة
البطن عطية منه…
" كما أن كثرة الأولاد على المستوى الإجتماعى كانت
تمثل عوناً لرب البيت إذ يجد من يحمل عبء العمل أو المرعى، ومازال هذا الفكر سائداً
بين المجتمعات الريفية البسيطة، وإن كان قد بدأ ينحسر قليلاً نتيجة الحملات
الإعلامية الضخمة التى تشجع على تنظيم الأسرة.

 

ومع ذلك فقد كان هناك
فى العهد القديم أمثلة لأولاد صاروا لعنة وجلبوا العار على ذويهم بدءاً من قايين ومروراً
بحفنى وفينحاس ابنى عالى الكاهن، فى ذلك يقول سليمان الحكيم
" مَنْ يَلِدُ جَاهِلاً فَلِحُزْنِهِ وَلاَ يَفْرَحُ أَبُو
الأَحْمَقِ.
" (أمثال 17 : 21) ليس
لأنه قد يبدد ثروته فحسب وإنما لأنه سيُلحق العار بعشيرته كلها. من هنا يشير علينا
ابن سيراخ بألاّ نسعى لكثرة البنين بقدر ما نسعى لكثرة البنين بقدر ما نسعى إلى
تربيتهم حسناً. فإن ولداً واحداً نافعاً لهو خير من ذرية كثيرة خاطئة تجلب اللعنة،
وقد تسبب الحروب والخصومات. ولعله يقصد بطول حياتهم، أن يمتد اسمه من خلالهم – أى
اسم رب البيت – وأن يحملوا هم ذكراه.

 

يقول القديس يوحنا
ذهبى الفم
:
" يتكون العالم من عشرات
الآلاف، لكنهم ليسوا عشرات الآلاف عندما لا يأتوا إلى الله طوبى لمن يفعل إرادة
الله الواحد "
لا تَشتَهِ كَثرَةَ أَولادٍ لا خَيرَ
فيهم
" "مثل هؤلاء يجلبون تجديفاً ضد الله أكثر
مما لو كانوا غير مسيحيين
1.

 

و يقول أيضاً : " هكذا يقول الكتاب طوبى لمن يفعل مشيئة الله أفضل من عشرة
آلاف خاطىء، لا شىء أكثر ضعفاً من حشد من الرجال الأشرار، لا شىء أقوى من رجل واحد
يعيش بحسب شريعة الله
" ثم يوصى بالإهتمام بالحياة الروحية للأولاد
فيقول " إن كان هذا لديه أطفال فليوقظهم أيضاً وليجعل
بيتهم كنيسة فى الليل ولكن إذا كانوا ضعاف فليحضروا الصلاة الأولى أو الثانية ثم
يخلدوا للراحة
"
2.

 

كم كان حزن عالى الكاهن
عندما وصلته الأخبار المخزية عن سلوك إبنيه فى الهيكل
(صموئيل الأول 2) هكذا جلب بعض الأولاد
العار على ذويهم حتى تمنوا لو لم يكونوا قد أنجبوا أصلاً ! فى حين صار آخرون سبب
بهجة وفخر لذويهم.

 

6 في
جَماعةِ الخاطِئينَ تَشتَعِلُ النَّار وفي الأمَّةِ المُتَمَرِّدةِ اْضطَرَمَ
الغَضب. 7 لم يَعْفُ عنِ الجَبابِرَةِ الأَوَّلينَ الَّذينَ تَمَرَّدوا بِقُولهم. 8
ولم يُشفِقْ على قَوم لوط وكانَ يَمقتُهم لِكبرَيائِهم. 9 ولم يَرحَمْ أُمَّةَ
الهَلاك أولئِكَ المُتَباهينَ بِخَطاياهم. 10 وكذلك السِّتَ مئةِ أَلْفٍ مِنَ
الرجَّالة الَّذينَ تَجَمَّعوا في قَساوةِ قُلوبهم.

 

الأشرار
من جهة عددهم :
يورد النص هنا أمثلة لجماعات كبيرة من الأشرار أبادهم الله
بالرغم من أن ميلاد كل منهم كان بلا شك بهجة لأسرته !، وكيف أن
الأمَّةِ
المُتَمَرِّدةِ (آية 6) و
يقصد بها بنى اسرائيل عند خروجهم من مصر وكان
عددهم ست مائة ألف بادوا جميعاً فى البرية، وكان بالطبع من بين الذين هلكوا فى
البرية ابكارٌ نجوا برش الدم من سيف الملاك المهلك !! ومع ذلك لم يشفق الرب عليهم
بسبب شرورهم، راجع (خروج 12 : 37)، (الآية 11 : 1
(سيراخ 46 :
8 – 11).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر التثنية Deuteronomy 05

 

و قد تحدثنا فيما سبق أن
الأشرار يجلبون الدمار على البلاد مثل الناس فى أيام نوح وأيام لوط، فى حين أن نوح
البار أعيد تعمير المسكونة من جديد من خلاله وكذلك عمرت أورشليم وبنى هيكلها عن
طريق نحميا وزربابل.

 

من جهة
نوعيتهم :

هذا من جهة العدد، وأمّا
من جهة القوة فلم يسرّ الرب أيضاً بالجبابرة الأشرار فقد أباد ذوو البأس المذكورين
فى (تكوين 6 : 1 – 7) وذلك ضمن العالم الذى
ضلّ فى أيام نوح البار، راجع أيضاً (حكمة 6 : 14
(باروخ 3 : 26 – 28).

 

 التمرّد : وفى مثَل ثالث للأشرار
الذين أبيدوا، يجىء ذكر قورح وبنيه الذين قاموا بمحاولة فاشلة ل تأميم الكهنوت،
فجلبوا هلاكاً سريعاً على عشيرتهم وابتلعتهم الأرض (آية 22)
الإنحراف، ثم يشير
ابن سيراخ إلى الأولاد الذين دنسّوا أجسادهم وفعلوا الفحشاء، الذين تسببت كبريائهم
فى انحرافهم فاستحقوا الهلاك وآنية الغضب (تكوين 19).

 

 الوثنيين: ويقصد بهم هنا سكان
كنعان الأقدمين، وهنا يساوى بين نسل الشرير مهما كثر وبين جموع الوثنيين الذين
استحقوا الطرد.

 

11 بل لَو
وُجِدَ واحِدٌ قاسي الرَقبَة لَكانَ مِنَ العَجَبِ أَن يَبْقى بِلا عِقاب. لأَنَّ
الرَّحمَةَ والغَضَبَ مِن عِندِه وهو قَديرٌ على الغُفْرانِ وساكِبٌ لِلغَضَب. 12
كما أنّه كَثيرُ الرَّحمَة هكذا هو كَثيرُ الاْستِنْكار فيَدينُ الرَّجُلَ
بِحَسَبِ أَعْمالِه. 13 لا يُفلِتُ الخاطئ بِغَنائِمِه ولا يَضيعُ صَبرُ
التَّقِيّ. 14 لِكُلِّ عَمَلِ رَحمَةٍ يَجعَلُ مَكانًا كلُّ واحِدٍ يَلْقى ما
تَستَحِقّ أَعْمالُه

 

المكافأة
والمجازاة :
قد تكون المكافأة هنا فقط، وقد تكون فى السماء فقط وقد تكون المجازاة
هنا وهناك، وقد تكون المكافأة هنا وهناك أيضاً، فإن كان الإنسان ممن يسعون إلى
المجد الباطل، كوفىء هنا، فى حين لا يتبقى له هناك ما يعوّض به " قد استوفيت
خيراتك… " وقد تكون المجازاة (العقاب) هنا فقط بحيث يصل إلى السماء نقياً،
مثلما يحدث أن يموت إنسان هنا على نحو مؤسف بينما هو بار ينتظره مجد القديسين فى
الملكوت.

 

يرد فى بستان الرهبان
خبر عن رئيس دير جاءه أحد الأشخاص الفقراء على باب الدير راغباً فى مقابلته ولكنه
تباطأ فى ذلك بحجة أن معه ضيوفاً غرباء، وراح رئيس الدير يستقبل فوجاً ويودع آخر
على باب الدير بينما الرجل واقفاً يتوسل إلى الرئيس لكى يحادثه ولكنه تركه ودخل
إلى داخل مع بعض الضيوف، وهنا انصرف الرجل بعد أن ترك لرئيس الدير رسالة مع البواب
قائلاً
"إن كنت تحب مجد العالم فإننى سأرسل لك أناس من جميع أطراف
الأرض، وأما خيراتى فلن ترثها على هذا النحو!!
" لقد كان الرجل هو
السيد المسيح نفسه. راجع تعليقنا على
(سيراخ 5 : 4 – 7).

 

و مع ذلك فمهما بلغت
خطايانا فإن الله يغفر لنا متى قدمنا توبة صادقة ولائقة لأنه لا يشاء موت الخاطىء
مثلما يرجع وتحيا نفسه. وقد يظن الناس أن البار يعانى بلا نهاية، والشرير يُفسد
بلا حدود ولكن الله يضع لكل أمر وقت، وفى الزمن المحددّ لن يفلت الشرير من العقاب،
ولن يخسر التقى جعالته أو تضيع مكافأته فإن كل عمل رحمة يجد مكانه لدى الرب فى سفر
الحياة ودرج المكافأة. نقول ذلك لأن هناك من الأبرار من عاش ومات وهو مايزال
مظلوماً ولكن ليس كما يرى الناس يرى الله ولكننا عندما يقول الكاهن فى القداس "
يعطى كل واحد حسب أعماله " نرد بتوسل ومسكنة كرحمتك يارب ولا كخطايانا (هكذا
نصلىّ فى القداس الإلهى).

 

و يرد فى كتاب المعلم " انَا الرَّبَّ الَهَكَ الَهٌ غَيُورٌ افْتَقِدُ ذُنُوبَ
الابَاءِ فِي الابْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ
وَاصْنَعُ احْسَانا الَى الُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ" (خروج 20 : 5، 6) إن الله صالح سوف يدين الإنسان بحسب
أعماله، إنه مقياس جيد حتى الله عرفنا بوجه الصلاح فى شخص يسوع الذى عن طريقه
عرفنا الله. عن هذا يقول الكتاب أيضاً "
لأَنَّ
الرَّحمَةَ والغَضَبَ مِن عِندِه وهو قَديرٌ على الغُفْرانِ
" 3.

هل تبحث عن  هوت دستورى قوانين الأحوال الشخصية 13

 

17 لا
تَقُلْ: ((سأَتَوارى عنِ الرًبِّ ومِنَ العُلى منِ الَّذي يَذكرني؟ في وَسْطِ
شَعْبٍ كَثيرٍ لا أعرَف، ومَن أَنا في خَلْقٍ لا يُقَدَّر؟)) 18 ها إِنَّ
السَّماءَ وسَماءَ السَّماءِ والغَمر والأَرضَ تتزَعزعُ عِندَ اْفتِقادِه 19
والجِبالَ وأُسسُ الأرضِ تَرتَعِدُ رُعباً عِندَما يَنظر إليها. 20 ولكِنَّ
القَلبَ لا يَتأمَّلُ في ذلك ومَنِ الَذي يَنتَبِهُ لِطرقِه؟ 21 وكالزَّوبَعةِ
الَّتي لا يُبصِرُها الإِنْسان فان أكَثرَ أَعْمالِ الربَ في الخَفاء. 22
((أَعْمالُ البِرِّ مَن يُخبرُ بِها؟ أَو مَن يَتَوَقَعُها؟ فإِن العَهدَ بَعيد)) 23
الفاقِدُ القَلبِ يَتأمَّلُ في ذلك والرَّجُلُ الغَبِيُّ الضالّ يَتأَمَّلُ في
الحَماقات.

 

هذه نصيحة للخاطىء الذى
يظن أنه يهرب من غضب الله، وتحذير له بألاّ يطمع طمعاً سيئاً فى محبة الله وحنانه،
كما أن يستصغر خطيته بالقياس إلى خطايا الآخرين الكبيرة، ولكن الخاطىء الذى يموت
فى خطيته لا يفلت من يد الله لاسيما وأن الله قد منح جميع السبل التى يمكنه أن
يحيا بها متخلصاً من خطاياه. إن هذه الفكرة الساذجة هى من الشيطان أيضاً، فالشيطان
يعرف جيداً بأن الله سيدين المسكونة بالعدل، وهو عندما يحارب الخاطىء بأنه أقل
فجوراً من الآخرين فهو بذلك يستخف به " أَيْنَ
أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟
إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ
هُنَاكَ وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ
. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ
الصُّبْحِ وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ
فَهُنَاكَ
أَيْضاً تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ
. فَقُلْتُ: [إِنَّمَا
الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي]. فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي
! الظُّلْمَةُ أَيْضاً لاَ
تُظْلِمُ لَدَيْكَ وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هَكَذَا
النُّورُ.
" (مزمور 139 : 7 – 12)
ويروى القديس بيصارون كيف طلب من تاييس التائبة وهى ماتزال فى ماجورها البحث عن
مكان خفى، فأكدت له ثقتها بأن الله يرانا فى كل موضع.

 

و لعلّ هذه الفكرة هى
التى دارت فى ذهن أبينا آدم عندما أحسّ
أنه أخطأ، فتوارى، وعند ذلك أتاه صوت الرب
هادراً " ادَمَ ايْنَ انْتَ؟ " (تكوين 3 : 9) وكذلك أيضاً بعدما قتل هابيل أخيه (تكوين 4 : 9).

 

و مع أنه يعيش الآن
ستّة مليارات إنسان على وجه الأرض فإن الله يرى كل منّا ويسمع له ويراقبه ويهتم به،
فالله غير محدود ولا يمكن لإنسان أن يكون مخفى عنه، نقول هذا لأولئك الذين يشعرون
بالأمان وهم بمعزل عن الآخرين فيستبيحون لأنفسهم الخطايا وكأن ضمائرهم فى أعين
الناس وأفواههم فقط، يقول أحد الآباء
: " إذا ذهبت إلى بيت الراحة فلا تبطىء هناك وتذكر أن الله يراك
فى كل موضع
" وقال آخر " عموم الناس
يظنون أن الله فى الهياكل فقط فيحسنون سيرتهم فيها وذوى الافراز يؤمن بأن الله
كائن فى كل موضع
" يعلق إرميا النبى على ذلك فيقول " إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ
أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلَأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ يَقُولُ الرَّبُّ؟
" (إرميا
23 : 24
).

 

سماء
السموات :
نادراً
ما يذكر هذا التعبير فى الكتاب المقدس ولعل ذلك ما قصده معلمنا بولس الرسول حين
قال عن نفسه أنه قد اختطف إلى السماء الثالثة
(كورنثوس الثانية 12 : 2) ومن سماء السماء وحتى أعماق
الأرض ككرة فى يده فى قبضته مكشوف قدامه، وكل ما فى الخليقة يرتعد قدامه جبال وآكام
وبحار.

 

و لكن وياللأسف فإن
الإنسان ينسى ذلك فى كبريائه، بل أن كلمة الأبدية والدينونة تبهت مع الوقت من كثرة
تكرارها، ويحتاج الإنسان إلى أوقات ليتأمل فيها عظمة الله وقدرته، فمن شأن ذلك أن
يثبته فى الله ويقوى إرادته، بل أن التفكير فى السماء فيه حلٌ لكثير من المعضلات
فتصبح له رؤيا جديدة فى كل ما حوله " فإن حكمة الله تدرك من خلال مصنوعاته
". إن التأمل هنا مناسب وضرورى لأن أكثر أعمال الله خفيّة لا يدركها الإنسان
السطحى والإنسان المشغول ولكن من ذا الذى يستطيع أن يدرك أحكام الله فى النهاية وقضاءه.
أمّا الجهال فبدلاً من التأمل فى ذلك فهم يظنون أنهم بعيدون عن دينونة الله يؤجلون
توبتهم آملين أن الدينونة مبطئة (العَهدَ بَعيد)
إنه فكر أحمق، أى الهروب من الدينونة المزمعة وتجاهل يوم الحكم.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر المزامير 80

 

24 إِسمَع
لي يا بُنَيَّ وخُذ ِالعلِم ووَجه قَلبَكَ إِلى كَلامي. 25 أَكشف عنِ التَّأديبِ
بِوَزنٍ وأُعلِنُ العِلمَ بِتَدْقيق. 26 لَمَّا خَلَقَ الرَّب أَعْمالَه في
البَدءِ ميَزَ أَجْزاءَها مُنذُ إِنْشائِها. 27 زًّينَ أَعْمالَه للأبد مُنذُ
مَبادِئِها إِلى أَجْيالِها البَعيدة. فلا تَجُوعُ ولا تَتْعَبُ ولا تَترُكُ
عَمَلَها. 28 لا يَصدِمُ الواحِدُ جارَه ولا تَعْصي كَلِمَتَه أَبَدًا. 29 وبَعدَ
ذلك نَظَرَ الرَّب إلى الأَرض ومَلأَها مِن خَيراتِه 30 وغَطَّى وَجهَها بِجَميعِ
أَنواعِ الحَيَوانات وإليها تَعود.

 

يضيف هنا ابن سيراخ إلى
كلمات الحكمة المجسدة ويرجو الإنسان أن ينصت إليه هو أيضاً فهو عنده روح الرب (كورنثوس الأولى 7 : 40) والله الذى هو الحكمة هو
أيضاً وضع فى قلب ابن سيراخ كلمات الحكمة ليعلّم البشر بعضهم بعضاً، ويؤكد ابن
سيراخ فى البداية إنه يتكلم بتدقيق ووزن فكلام الحكمة يوزن ولا يعدّ !، وهو يتكلم فى
أمانة شديدة، فغرضه أن يقدم الحكمة لأولاده. إن الله من خلال هذه الحكمة التى
يسلمها لهم " اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي.
هَئَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتِي.
" (أمثال 1 : 23).

 

الله يخلق
خليقته فى البدء : و
يقصد بدء عملية الخلق وليس فى الأزل، لأن
المخلوقات مخلوقة عند زمن معين ولا يرجع أصلها إلى الأزل، وقد خلقها بترتيب عجيب ووزن
دقيق، وحددّ لكل مساره لا يتجاوزه، وحددّ لكل منها عمله، حتى الإنسان الأول آدم وبنيه
خلقه كاملاً على صورته وأعد له ما يحتاجه، وأعطى له طعامه وأعطى أيضاً لكل المجرات
والنجوم طعامها أيضاً، فلاشك أن هذه الأجرام تستهلك طاقة كبرى فى سبيل عملها هذا،
فالشمس على سبيل المثال يحدث فيها يومياً آلاف الإنفجارات النووية وهو ما ينتج عنه
الضوء والدفء والتوازن الفلكى لها.

 

و قد تأثر ابن سيراخ
كثيراً بالنظام العجيب للكواكب الذى تدور فى حركة دائرة دونما توقف أو خلل. ونحن
أيضاً نتعجب لذلك كثيراً، فإن المخلوق الوحيد الذى يخالف هو الإنسان !! فلم يحدث
يوماً أن اعتذرت الشمس عن أن تشرق أو القمر أن يعطى ضوءه، أو الأرض لتكف عن
الدوران ولكن الإنسان وهو الوحيد الذى وهبت له الإرادة بدأ فى استخدامها ضد نفسه وضد
الله. هذا وتسبّح الكنيسة فى الهوس الرابع المأخوذ عن المزمور 148 الآتى :
تسبح
جميعها لاسم الرب هلليلويا… لأنه قال فكانت وأمر فخلقت هلليلويا… أقامها إلى
الأبد وإلى أبد الأبد.. صنع لها أمراً فلن تتجاوزه هلليلويا… سبحى الرب من الأرض.

 

ثم غطى الأرض بجميع
أنواع الحيوانات والطيور والدبابات وجميعها لخدمة آدم الإنسان المحبوب ليتسلط
عليها
(تكوين 1 : 24 – 26) غير أنه أيضاً سوف
يموت ويعود إلى أديمها
" بِعَرَقِ
وَجْهِكَ تَاكُلُ خُبْزا حَتَّى تَعُودَ الَى الارْضِ الَّتِي اخِذْتَ مِنْهَا.
لانَّكَ تُرَابٌ وَالَى تُرَابٍ تَعُودُ
" (تكوين
3 : 19
) وقد وضعت هذه الحقيقة أمام الإنسان منذ البداية أنه سيموت، إن
مكانه الدائم ليس الأرض وإنما هو ضيف عليها وغريباً فيها وعليه ألاّ يتمسك بها
لأنها هى أيضاً بكل ما فيها ستفنى لتبدأ الحياة الجديدة " فَيَرْجِعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ وَتَرْجِعُ
الرُّوحُ إِلَى اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهَا.
" (جامعة 12 : 7).



1 Nicene & P. N.،
V.11
،
P.159

2 Nicene & P. N.،
V.11
،
P.172

3 Anti Nicene V.2،
P.227

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي