تَفْسِير سِفْرُ إِرْمِيَا

عظات العلامة
أوريجانوس على سفر إرميا

بعض كلمات مذكورة
في الفيلوكاليا

PHILOCALIE

 

1. إذا حدث أثناء قراءتك للكتاب المقدس
أنك تعثرت في بعض كلماته، فلا تتهم إلا نفسك، لأنه مكتوب: "ها أنا أضع في
صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا يخزي"
(رو 9: 33). إذًا آمن
أولاً، وعندئذ سوف تجد في الكلمات التي كانت تسبب لك العثرة، فهمًا ونفعًا عظيمًا.
وإذا كنا نحن قد أخذنا من الله وصية بالا نقول أي كلمة بطالة لأننا سوف نعطي
عنها حسابًا في يوم الدين
(مت 12: 36)، وإذا كنا نبذل كل جهدنا لكي تكون كل
كلمة تخرج من أفواهنا نافعة بالنسبة لنا وكذلك بالنسبة للذين يسمعوننا، فما بالكم
إذًا بالأنبياء الذين يتكلمون بكلام الله؟ فإنه مما لاشك فيه أن كل كلمة تخرج من
أفواههم تكون نافعة وفعالة.

أنه ليس أمرًا غريبًا أن نجد أن بعض
الكلمات التي يقولها الأنبياء لا تحمل تفسيرًا مطابقًا لمعناها الحرفي، بل على
العكس أعتقد أن كل كلمة بل كل حرف من كلمات الرب الموجودة في الكتاب المقدس لها
تأثير فعال وغرض معين، وأنه لا يوجد حرف واحد أو نقطة واحدة من
الكتاب المقدس لا تحمل في طياتها تأثيرًا فعالاً ونفعًا عظيمًا للذين يعرفون كيف
يستخلصون النفع من وراء تلك الكلمات.

2. نفس الشيء يُقال عن النباتات: لكل
نبات نفع معين، سواء لشفاء بعض أمراض الجسد، أو لأغراض أخرى؛ لكن ليس جميع الناس
يعرفون ما هو نفع كل نوع من أنواع النباتات. يجب أن نحصل على معرفة بعلم النباتات
لكي نعرف كيفية التعامل معها، بذلك يمكننا التعرف على الوقت المناسب لجمعها،
والمكان المناسب من الجسد الذي ينبغي أن تُوضع عليه، والمراحل التي يجب أن تمر بها
أثناء عملية تحضيرها، حتى تكون ذات نفع بالنسبة للإنسان الذي يستخدمها. الإنسان
البار عالم نبات روحي: يقطف من الكلمات المقدسة أصغر حرف وأصغر نقطة
ويكتشف نفعها والغرض من ورائها؛ وفى نظره لا توجد أية كلمة في الكتاب المقدس
زائدة، أو مكتوبة بلا داعٍ.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يهوذا الاشتقاق الشعبي ي

إذا أردت مثالاً آخر على هذا الموضع
فتأمل الجسد: إن كل عضو في جسدنا قد صنعه الله الخالق لغرضٍ معينٍ؛ لكن ليس جميع
الناس يعرفون ما هي فائدة كل عضو من هذه الأعضاء، إنما فقط الأطباء الذين مارسوا
علم التشريح وحدهم الذين يستطيعون أن يعرفوا ما هي فائدة ولو أصغر عضو من أعضاء
الجسم وما الغرض من خلقه في جسد الإنسان.

طبق إذًا نفس الشيء على الكتاب المقدس،
واعتبر أن كلماته هي نباتات أو هي أيضًا جسد واحد كامل لكلمة الله. فإذا كنت لست
عالم نبات روحي، ولا توجد عندك المقدرة على تشريح كلمات النبوات، فلا تظن أن هناك
كلمات زائدة وضعت بلا داعي في الكتاب المقدس، بل اتهم نفسك أنت أولاً بدلاً من أن
تتهم الكتاب.

لقد
وضعت هذه المقدمة لكي تكون ذات منفعة عامة لجميع الذين يقرأون الكتاب المقدس كله،
وليس سفر إرميا فقط، داعيًا هؤلاء الناس أن يقفوا عند كل حرف يقرأونه وألا يهملوا
أي كلمة دون دراستها وفحصها والانتفاع منها.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي