تَفْسِير
سِفْرُ باروكُ

 

إسم السفر:

سفر
باروك
Baruch

الاختصار
: با =
Ba

سفر
من الأسفار القانونية الثانية. يقول العنوان (1 :1ي) إن باروك الّفه حين كان يقيم
في بابل وبعد دمار أورشليم. بعد العنوان والخبر التمهيدي (1 :3-14)، نقرأ نشيدين.
الأوّل (3 :9-4 :4) : تعليمي. على اسرائيل أن يعود إلى ينبوع سعادته، إلى الحكمة،
أي إلى الشريعة. الثاني (4 :5-5 :9) يتألّف من أناشيد تعزية ورثاء تشبه الى حد
بعيد مزامير سليمان (كتاب منحول). يبدو أن القسم الأول دوِّن في العبرية في القرن
الأوّل ق.م. والقسم الثاني الذي كُتب في العبرية يعود الى القرن الأوّل ب.م. ويبدو
أن الجمَّاع فضلوا أن ينسبوا الى ارميا وباروك كتابات تتعلّق بدمار أورشليم. هذا
هو وضع سفر باروك، المراثي، رسالة ارميا، وحتى الكتاب المنحول : رسالة باروك في
السريانية. هناك شراح يظنّون أن سفر باروك دوّن قبل القرن الثالث ق.م.، ولكن هذا
الرأي غير ثابت، ونشير إلى أن سفر باروك حُفظ لنا في اليونانية لا في العبرية. أما
الرسالة التي أرسلها ارميا إلى المسيحيّين فقد زيدت على سفر باروك وشكّلت في بعض
النسخات الفصل السادس من باروك.

 

كاتب السفر:

باروك

+
باروك أسم عبراني معناه "مبارك".

+
صديق ارميا النبي ورفيقة في الجهاد فقد كان كاتبا محبا ومخلصا له (ار 12:32) حيث
سلمه صك الحقل الذي اشتراه، كما استدعاه فكتب كلام الله (ار 36) الذي تنبأ به
ارميا في درج وقرأه علي مسامع الشعب في بيت الرب ثم قرأه بعد ذلك في أذان رؤساء
اليهود فاضطربوا اضطرابا عظيما، وأشار بعضهم علي باروك أن يذهب ويختبئ هو وارميا
من وجه الملك يهوياقيم لأن هذا الملك احتدم غيظا ومزق السفر وألقاه في النار عند
استماعه جزءا صغيرا منه. ثم أوحي بعد ذلك إلي ارميا أن يكتب السفر ثانية فاحضر
صديقه باروك وأملى عليه ما كان مكتوبا في السفر السابق وبعض الزيادة أيضا (أر 32 :
12، 36 : 4).

 

+
باروك وهو تلميذ أرميا النبي ويسمى في سفر أرميا بباروك الكاتب لأنه كان يكتب سفر
أرميا عن فم أرميا عندما يمليه عليه. واحتمل باروك آلاماً كثيرة بسبب ملازمته
لمعلمه أرميا وتنفيذ وصاياه فكان مُعرضاً للقتل من يهوياقيم الملك. ويُفهم من
الإصحاح الخامس والأربعين من سفر أرميا النبي أن باروك كان صاحب أملاك كثيرة وحدائق
وكروم وكان يتطلع إلى مركز سام في المملكة أيام يهوياقيم. وهو كاتب السفر المسمى
باسمه:باروك أو باروك وأحياناً يسمى كتاب أو نبوة باروك أو باروك.

+
باروك بن نيريا بن معسيا بن صدقيا بن حسديا بن حلقيا من سبط يهوذا وأخو سرايا رئيس
المحلة. وكلمة باروك بالعبرانية تعني” مبارك” أو “مغبوط” وبالقبطية “مكاري”.

 

باروك
كلمة عبرية معناها "مبارك". وقد ذكرت الكلمة في الكتاب المقدس إسماً
لثلاثة أشخاص كان أحدهم هو "باروك" كاتِب السفر المعروف باسمه والذي
نتحدث عنه الآن.

 والأول
هو "باروك بن زباي" الذي ذكر عنه نحميا أنه رمم جزءاً من سور أورشليم
(نح20:3). وقد كان باروك هذا من بين الرؤساء واللاويين والكهنة الذين ختموا على
الميثاق الذي أقسم فيه الشعب كرجل واحد أن يسيروا في شريعة الله (نح6:10). أما
الثاني فهو "باروك ابن كلحوزة" وأبو معسيا الذي هو من رؤساء الشعب الذين
عادوا بالقرعة للسكنى في مدينة أورشليم (نح5:11).

 

كاتب
هذا السفر هو باروك بن نيريل بن معسيا بن صدقيا بن حسديا بن حلقيا. وقد كتب سفر
نبوته في بابل بعد السبي. وكان ذلك في السنة الخامسة في السابع من الشهر حين أخذ
الكلدانيون أورشليم وأحرقوها بالنار. وقد نسب السفر إلى باروك لأنه كتب الأصحاحات
الخمسة الولى منه. أما الأصحاح السادس والأخير فقد كتبه إرميا لليهود الذين كان
ملك بابل مزمعاً أن يسوقهم في السبي إلى بابل.

 

 وباروك
كاتب السفر كان يعمل كاتباً لإرميا النبي يكتب له ما يأمر بكتابته. وقد كان مخلصاً
لأرميا. وعرف عنه أيضاً أنه كان نبياً صدّيقاً. وقد اشترك الإثنان في الأتعاب
والإضطهادات التي لقياها من يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.

 

 وقد
ذكر في الكتاب المقدس الكثير عن باروك. فإن أرميا -وهو في السجن- بعدما اشترى
لسنفسه حقل عمه "حنمئيل بن شلوم" الذي في "عناثوث" بحث
الفكاك، أخذ صك الشراء المختوم وسلَّمه لباروك (أر6:32-12)، فقد إئتمنه على حفظ
الوثائق الخاصة به. وبينما أرميا في السجن أيضاً، استدعى إليه باروك وأملاه ما
أوحى الله به إليه من نبوءة، فكتبه في درج بالحبر. وبأمر إرميا، قرأ باروك المكتوب
في الدرج في آذان كل الشعب في بيت الرب في يوم الصوم. كما قرأه مرة أخرى في آذان
رؤساء يهوذا بناءً على طلبهم. فلما سمعوا الكلام خافوا خوفاً شديداً وأشاروا على باروك
أن يهرب ويذهب ويختبئ هو وارميا من وجه الملك يهوياقيم. وقد حدث أن الملك لما سمع
بعض ما ورد في الدرج إغتاظ بحنث وألقى السفر كله في النار وأحرقه! وقد طلب الملك
أن يقبض على باروك الكاتب وإرميا النبي لكن الرب خبأهما فلم يعثر عليهما. وقد أوحى
إلى إرميا بعد ذلك فأخذ درجاً آخر وأملى السفرة مرة أخرى عل باروك فكتبه. وقد زيد
عليه أيضاً كلام كثير (راجع إر36). وقد روى الكتاب المقدس أيضاً أن رجال يهوذا لم
يسمعوا لإرميا فيما يتعلق بقول الرب لهم على لسانه الإقامة في أرض يهوذا وعدم
الذهاب إلى مِصر. فقاوموه متكبرين عليه وعلى باروه وأخذوهما عنوة مع بنات الملك وحملوهما
على الذهاب إلى أرض مِصْر حيث أتوا إلى مدينة "تحفنحيس" وأقاموا فيها
(6:43-7).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر صموئيل الأول 25

 

مكان وزمن كتابة السفر:

 لقد
كتب باروك هذا السفر في بابل سنة 581ق.م. ويؤرخ كتابته في السنة الخامسة من حريق
أورشليم بيد “نبوزرأدان” رئيس شرط نبوخذ نصر.

 

لغة السفر:

 قد
كُتب سفر باروك أصلاً باللغة العبرية. وكان معتبراً إنه جزء مكمل لسفر أرميا. وقد
تبقى السفر متداولاً بالعبرية. كما بقيت نسخته الأصلية متعارفة حتى القرن الثاني
الميلادي حين ترجمها (تاودوسيون) إلى اللغة اليونانية. ومنذ ذلك الحين اختفت
النسخة العبرانية ولم توجد.

+
كتب هذا السفر في بابل أوائل القرن السادس ق. م (باللغة العبرانية). إذ يحوى
الكلمات التي نطق بها على مسامع ملك يهوذا وكثير من المسبيين في بابل.

+
كان يعد جزءا مكملا لنبؤة ارميا، وقد بقيت نسخته الأصلية متعارف عليها إلى القرن
الثاني الميلادي، وأغلب الآراء ترجح إنها كتبت في عصر قريب من السبي.

 

محور السفر:

+
الخطية ونتائجها، حث على التوبة، تعزية، رسالة ارميا

+
الحفاظ علي الإيمان

 

مفتاح السفر:

الله
العادل (15:1)

 

رسالة السفر:

 تنشيط
وتعزية الشعب الذي لا يزال في السبي (24:4).

 

مكان السفر بين أسفار الكتاب المقدس:

 يوضع
هذا السفر بعد مراثي ارميا.

 

غاية السفر:

+
الحفاظ علي الإيمان في ارض السبي. والتمسك بالشريعة بكونها وصية الله كنز الحكمة
الحقة، ورفض العبادة الوثنية، الرجوع إلى الله بالتوبة حتى يردهم إلى أرضهم. ففي
(ص9:3- 4:4) تقريظ بديع للحكمة لأنه يحول النظر عن الكرب المحيط إلي التأمل في
الحكمة التي تستلزم الإخلاص للشريعة التي هي الميراث الموقوف علي إسرائيل فيقول
"تب يا يعقوب واتخذها وسر في الضياء تجاه نورها" (ص2:4).

+
يقدم لهم بشرى الخلاص من السبي معلنا بهاء أورشليم ومجدها ص 5

+
يحوي رسالة وجهها أرميا النبي إلى المسبيين إما قبيل وصولهم إلى بابل أو بعد
وصولهم مباشرة، وقد جاءت هذه الرسالة في بعض المخطوطات منفصلة عن سفر باروك بين
مراثي أرميا وحزقيال (النسخة الفاتيكانية والنسخة الإسكندرانية للكتاب المقدس قرن
4 /5) وفي النسخة السريانية بميلان والعربية، لكنها وجدت في نهاية سفر باروك في
بقية المخطوطات اليونانية والسريانية والنسخة اللاتينية لهذا ترجمت كإصحاح سادس
لسفر باروك

 

سمات السفر:

+
يبدو من هذا السفر أن باروك سافر إلي بابل حاملا رسالة من النبي ارميا تنبئ بما
كان مزمعا أن يحل بتلك المدينة العظيمة من القصاص الإلهي والعقوبة وما لبث أن رجع
ارميا إلي أورشليم حتى وقع الحصار علي المدينة وسجنا كلاهما. فلما فتحت المدينة
أُخرجا من السجن، وكان باروك وأرميا من جملة من أخذوا إلي مصر (إر 1:43- 7).

+
السفر يصف الله بأنه حاكما علي شعبه ومصدرا للعدل والسلطان (ص 15:1،19 و2 : 6، 3
:1)، وإنه يثبت دائما محبته ورحمته ويعلم صريحا أن الآلام هي تأديب لسبب الخطية
(ص13:1، 10:2، 6:4- 8).

 

أقسام السفر:

 إن
نبوة باروك قد جاءت في ستة إصحاحات ويمكن تقسيمها إلى قسمين:-

1-القسم
الأول:و يشمل الإصحاحات الخمسة الأولى التي كتبها باروك النبي.

2-القسم
الثاني:و هو الإصحاح السادس الأخير المعنون(رسالة أرميا النبي).

 القسم
الأول فيشمل على جزئيين:

الجزء
الأول (من ص 1إلى ص8:3) ويشمل على مقدمة للسفر وكلمة تاريخية. فهو يذكر أن السفر
كان في السنة الخامسة من خراب أورشليم وسبيها. ويقول أن باروك تلاه على يكنيا الملك
ابن يواقيم ملك يهوذا وجميع المسبيين من اليهود في بابل، فبكوا وصاموا تائبين وأرسلوا
تقدمات فضة إلى يواقيم بن حلقيا الكاهن ليقدم عنهم محرقات وذبائح خطية. وأرسلوا مع
تقدماتهم إلى بني وطنهم في أورشليم كتاب هذه النبوة ليقرأوها في بيت الرب ولكي
يذكرّوا الشعب بخطاياهم داعين إياهم أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله وطالبين منهم أن
يصلوا عنهم وعن ملك بابل وولي عهده. وفي هذا الجزء يذكر باروك كيف أن بني إسرائيل
أخطأوا ضد الله فاستحقوا قضاء بالانتقام منهم وخضوعهم تحت يد الأمم الوثنية. لكنه
يعود فيتنبأ أنه بسبب رجوعهم إلى الله وهم في أرض السبي فسوف يعودون إلى أرضهم مرة
أخرى ويقيم الله معهم عهداً أبدياً.

 

أما
الجزء الثاني من القسم الأول (من ص 9:3_ص 5) ففيه يحث الكاتب الشعب أن يرجعوا إلى
نبوغ الحكمة ويتعلموا الفطنة والتعقل ويفهموا سبل الرب ويقدموا توبة صادقة إلى
الله ويستغيثوا به فينقذهم. وفي هذا الجزء أيضاً يطالبهم باروك أن يرضوا الله ولا
يذبحوا للشياطين. ثم يعد أورشليم بأنها سوف تخلع حلة المذلة وتتسربل بثوب البر. وتلاحظ
أن باروك يتحدث في هذا الجزء بروح النبوة عن عقيدتين من العقائد المسيحية وهما:-

1-عقيدة
التجسد. 2-عقيدة الثالوث الأقدس.

 

أ-
عقيدة التجسد: ففي الأصحاح الثالث يتبَّأ عن تجسد الله الكلمة لأجل خلاص كل جنس
البشر ولأجل أن يتسِّع ملكه في كل الأرض (ما أوسع موضِع مُلكه" (با24:3). وفي
نبوئته يتحدَّث عن ذلك الذي نزل من السماء وصعد إليها "مَنْ صَعِدَ إلى
السماء.. مَنْ إجتاز إلى عبر البحر.." (با29:3و30). ويقول مؤكداً حقيقة
التجسد: "وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردَّد بين البشر" (با38:3).

 

ب-
عقيدة الثالوث الأقدس: وقد ألمح إلى هذه العقيدة في الأصحاح الرابع بقوله:
"فإني في رجوت بالأزلي (يشير إلى الله الآب) خلاصكم، وحلَّت بي مسرى من
لَدُنِ القدوس (يشير إلى الروح القدس) بالرحمة التي تؤتونها عمّا قليل من عند
الأزلي مخلصكم (يقصد به الابن الكلمة المخلص وفادي البشر" (با22:4).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبى 01

 

 والقسم
الثاني من السفر هو الإصحاح السادس المعنون (رسالة أرميا النبي ويتضمن الرسالة
التي بعث بها أرميا بيد باروك إلى اليهود الذين أزمع بابل أن يسبيهم ويسوقهم نظير
أخوتهم إلى بابل. وفيها يوضح النبي فساد عبادة الأوثان ويحذرهم من السجود للأصنام
التي ليس لها نطق ولا حركة ولا روح قائلاً لهم عنها (إنها ليست بآلهة) (با14:6).

وفي
الرسالة أيضاً يتنبأ النبي عن أن السبي في بابل سوف يستمر "سبعة أجيال"
(با2:6) أي سبعين سنة "وبعد ذلك أخرجكم من هناك بسلام.

 

قانونية السفر:

1-
لم تضم الكتب القانونية العبرية هذا السفر وذلك لسببين:

·
اليهود لم يعتبروا باروك ضمن الأنبياء ولكنه كان تلميذاً لأرميا.

·
تمسُك المسيحيين به وخاصاً بنبؤته عن تجسد الكلمة.

2-
كل أباء الكنيسة اعتبروه سفراً قانونياً وجزء من سفر أرميا النبي هو ورسائله إلي
المسبيين في بابل مثل: (القديس أثانسيوس _ القديس يوحنا ذهبي الفم).

3-
ومن المجامع التي أقرت قانونية السفر:

·
مجمع اللاذقية (لادوكية). سنة 343م.

·
مجمع قرطاجنة. سنة 419م.

·
مجمع هيبو. سنة 393م.

 

نبؤات السفر:

·
النبوة الأولى: (العهد الجديد).

 "و
أقيم لهم عهداً أبدياً فأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً ولا أعود أزعزع شعبي
إسرائيل من الأرض التي أعطيتها لهم".(با35:2).

 

·
النبوة الثانية: (تجسد الكلمة).

 "هذا
هو إلهنا ولا يعتبر حذاءه (نظيره) آخر هو وجد طريق التأدب بكماله وجعله ليعقوب
عبده ولإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردد بين البشر"(با36:3_38).

 

·
النبوة الثالثة (النصرة).

 "قد
اضطهدك العدو ولكنك سترى هلاكه عن قليل وتطأ رقابهم"(با25:4).

 

·
النبوة الرابعة (العودة من السبي).

 "ها
إن بنيك الذين ودعتيهم قادمون. يقدمون مجتمعين من المشرق إلى المغرب بكلمة القدوس
مبتهجين بمجد الله… انهضي يا أورشليم وقفي في الأعالي وتطلعي من حولك نحو المشرق
وانظري بنيك مجتمعين من مغرب الشمس إلى مشرقها بكلمة القدوس مبتهجين بذكر اللهإن
الله سيعيد إسرائيل بسرور في نور مجده برحمة وعدل من عنده"(با9،5:5،37:4).

 

 ورغم
إعتراف جميع الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية بصحة هذا السفر، فإن البروتوستانت
ينكرون على باروك أنه كاتِب السفر. وهم يقولون أن الإصحاح السادس منه المعروف باسم
"رسالة أرميا" كان مُعتبراً سِفراً قائماً بذاته في الترجمة السبعينية. ويقول
مؤلف كتاب "مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين – طبعة بيروت 1937
ص306"، وهو بروتستانتى: "هذا السفر عبارة عن مجموعة إضافات إلى نبوات
ارميا وهي غير صحيحة". ولا يمكن الأخذ بهذا القول لأن الذي يقرأ الأصحاحات من
سفر إرميا التي تتحدث عن باروك يتأكد بكل يقين أن باروك لم يكن مجرد كاتِب فقط
ولكنه نبياً أيضاً. غير أن المؤلف البروتستانتي المذكور، يضطر إزاء إجماع الكنائس
عل الإعتراف بقانونية هذا السفر أن يضيف إلى قوله السابق عنا احتواه السفر من
إضافات إلى نبوات ارميا قائلاً: "وهي وإن تكن غير صحيحة من الوجهة التاريخية،
لكنها تُظْهِر تقوى وغيرة غذّتها كلمة العهد القديم وروحه".

 

 وستجد
في مقدمة الاسفار القانونيه الثانيه في هذا الموقع تواريخ المجامع التي عُقِدَت
وأقرَّت قانونية وصحة أسفار المجموعة الثانية للتوراة التي جمعت بعد عزرا ومن بيها
سفر باروك. كما قلنا أنها وردت ضمن قائمة الأسفار الموحى بها ذكرت في قوانين الرسل
وقوانين ابن العسال.

 

 ونضيف
أنه ورد في كتابات يوحنا فم الذهب قوله: "كما أنه كتبا إرميا النبي ليس فيه
شك، كذلك كتاب باروك لا يجب أن يرتاب فيه أحد ولا في بقية الأسفار التي قبلتها
الكنيسة. لكن تحسب من رتبة نفس الكتب القانونية". وهذا، وقد ورد في كتاب
"مشكاة الطالبين في حل مشكلات الكتاب – ص167) أن الكثيرين من القديسين آباء
الأجيال الأولى المبكرة للمسيحية قد شهدوا لهذا السفر واستشهدوا منه في كتاباتهم
ومقالاتهم وعِظاتهم ورسائلهم ومنهم:

       
اكليمندس
الاسكندرى (في كتابه المربي، كتاب 10:1؛ 3:2)

       
ديوناسيوس
الاسكندرى (في مؤلفه المسألة العاشرة)

       
البابا
اثناسيوس الرسولى (في خطبه ضد اريوس الهرطوقي)

       
ترتليانوس
وكبريانوس واوسابيوس وكيرلس الاورشليمي وباسيليوس ويوحنا فم الذهب في كتاباتهم.

   
في
عدد من أعداد مجلة مرقس (دير أبو مقار – أغسطس 1983 ص22و23) ساق المحرر ترجمة
لمقال للقديس إيرينيموس عن القديسة فابيولا، وهو خطاب ايرينيموس إلى أوقيانوس،
يستشهِد في كاتب الخطاب بأقوال وردت في سفر نبوءة باروك.

 

لايوجد
هذا السفر في التوراة العبرية، ولكنه موجود في الترجمة السبعينية (مع سفر المراثي
الملحق لنبوة إرميا)، وهو بذلك يكون جزءاً من أبوكريفا العهد القديم. ويدعي هذا
السفر القصير ان كاتبه هو باروك بن نيريا المشهور بأنه كاتب إرميا النبي (ارميا 36
: 4 و18 و32)، وقد الحق به مايسمى " برسالة إرميا " (التي كثيراً
ماتعتبر الأصحاح السادس من سفر باروك).

 

1-محتوياتة:
" ينقسم سفر باروك إلى الأقسام الأتيه : مقدمة (1 : 1 – 14)، واعتراف (1 : 15
– 2 : 10)، وصلاة (2 : 11 – 3 – 8)، وقصيدة شعرية عن الحكمة (3 : 9 – 4 : 4)،
وأناشيد رثاء وتحريض (4 : 5 – 5 – 9).

 

والمقدمة
عبارة عن حديث عن تجمع المسبيين في بابل ليرسلوا إلى أورشليم ما استطاعوا جمعه من
مال للتقدمات المختلفة وللصلوات من أجل سلامة نبوخذنصر (ومن ثم سلامتهم وخيرهم).
وأرسلوا مع المال (طلب الصلاة، كتاب اعتراف للقراءة الدورية في الهيكل، ولذلك يعقب
المقدمة اعتراف وصلاة توبة. والاعتراف (الذي لايوجه مباشرة للرب، الذي يذكر بضمير
الغائب) يبدأ بإشارة واضحة إلى دانيال (9 : 7 و8) ويركز على فشل بني اسرائيل
ويهوذا وعصيانهم، مما استجلب عليهم الدينونة العادلة من الرب. ولايعتبر هذا
العصيان شيئا جديداً، بل شيئاً منذ " اليوم الذي فيه أخرج الرب آباءنا من أرض
مصر إلى هذا اليوم " (باروك 1 : 19). أما الصلاة فاعتراف بالخطية التماس
الرحمة والنجاة، مع اقتباسات عديدة من نبوة إرميا (2 : 21 = ارميا27 : 12 , 2 : 23
= إرميا 7 : 34 , 2 : 25 = إرميا 36 : 30)، مع عدد من الإشارات إلى بعض أسفار
العهد القديم الأخري وبخاصة التثنية ودانيال. وتذكر الصلاة أن الانبياء كانوا
محقين في تحذيراتهم، ومع ذلك فقد رأو في أثناء السبي أن إسرائيل سيرجع إلى الرب ("
سيرجعون إلى قلبوبهم في أرض جلائهم " 2 : 30) ويبدو ان الكاتب في ملتمسه
الأخير، يعتبر صلاته معبرة عن موقف الشعب جميعه لتحقيق هذا الرجاء.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بَحْرُومِي ي

 

أما
القصيدة عن الحكمة – التي تعقب ذلك – فتؤكد أن إله إسرائيل وحده هو الذي يمتلك
الحكمة، وقد اعلنها لإسرائيل في صورة الناموس – وهو بذلك يساوي بين الناموس
والحكمة. والنتيجة المباشرة هي. :" طوبي لنا ياإسرائيل لأن مايرضى عنه الله
معروف لدينا " (4 : 4). وهذا الفصل عن الحكمة يذكرنا بقصائد أخرى عن الحكمة
مثل الأمثال (1 – 9 – انظر ايوب 21).

 

أما
الجزء الأخير من السفر فيضم المراثي والأمل، على لسان أورشليم (4 : 5 – 29) وبه
إشارات كثيرة إلى إشعياء. ويعقب ذلك عبارات تشجيعية من الشاعر نفسه (4 : 30 – 5 :
9).

 

محتويات السفر:

+
يقع هذا السفر فى جزأين، وكل جزء ينقسم إلي قسمين، وكتب الأول نثرا وهو يشمل مقدمة
واعترافا عاما.

+
أما الجزء الثاني فهو بأسلوب القصيدة العبرية المنظومة فيشمل عظة عن الحكمة وسبع
قصائد فى التعزية.

 

أولا
: الخطية علة السبي ص 1 – 3: 8

 –
مقدمة تاريخية ص 1 : 1 – 14

 –
الاعتراف بالخطية ص 1 : 15 – 3 : 8

+
يبدأ بمقدمة تاريخية يعلن فيها الكاتب وتاريخ الكتابة، وتلاوة ما ورد في هذا السفر
أمام يكنيا الملك وجميع المستمعين من المسبيين.

+
عند سماعهم هذا بكوا وصاموا وصلوا أمام الرب معترفين بخطاياهم.

+
جمعوا فضة وأرسلوها إلى يوياقيم الكاهن ومن معه لتقديم محرقات وذبائح خطية ولبانا،
لكي يهبهم الله نعمة فى عيني الملك نبوخذنصر وابنه بيلشاصر وطلبوا منه تلاوة هذا
الكتاب أمام المحفل فى العيد "للرب إلهنا العدل، ولنا ولآبائنا خزي الوجوه
كما في هذا اليوم" (1 :15) فأسمع يارب وارحم لأنك أنت اله رحوم ارحمنا لأننا
أخطأنا إليك (3 : 2).

 

ثانياً:
وصايا الحياة ص 3 : 9 – 4 : 20

+
حث علي الرجوع إلي نبع الحكمة

 –
الله نبع الحكمة ص3 : 9 – 38

 –
بركات الشريعة ص 4 : 1 – 5

 –
السبي للتأدب والبنيان ص4 : 6 – 20

+
ما هي الخطية التي ارتكبوها وبسببها تم السبي ؟ إنها عصيان وصية الله أو شريعته
مصدر الحياة والحكمة فالشريعة تهب العامل بها مجدا أما العاصي فيسقط تحت التأديب
لأجل بنيان نفسه برجوعه إلى الله.

+
أنكم مبتاعون للأمم، ليس للهلاك بل لأجل إنكم أسخطتم الله أسلمتم للمعاندين 4 : 6

 

ثالثا
: العودة المجيدة ص 4 : 21 – 5 :9

+
تعزية ووعد بالنجاة (ص5:4- 9:5)

يشمل
هذا الجزء سبع قصائد في التعزية، في الثلاث قصائد الأولي تمتزج أنات التوبة والحزن
بالتعزية والرجاء، أما الأربع الأخيرة فكلها تعزيات ووعود لأورشليم بأن الدائرة
ستدور يوما علي أعدائها فإن كان عصياننا يدخل بنا إلى التأديب فان رجوعنا يدخل بنا
إلى المجد من جديد ويعود إلينا الفرح الحقيقي بالله.

+
إخلعى يا أورشليم حلة النوح والمذلة وإلبسي بهاء المجد إلى الأبد (5 : 1)

 

رابعاً:
رسالة أرميا النبي ص 6

وهي
الرسالة التي كتبها أرميا إلى اليهود المسبيين عشية ترحيلهم إلى بابل وفيها :

 –
سر السبي : " لأجل الخطايا التي أخطأتم أمام الله يسوقكم نبوخذنصر ملك بابل
في الجلاء إلى بابل " (6 : 1)


يحذرهم من الوثنية " فاحترزوا أن تتشبهوا بالغرباء وتأخذكم منها رهبة "
(6 : 4) وإنذار بطول مدة السبي،

 وبعبادة
الأوثان التي سوف يشاهدونها في الأرض الغريبة.

 

 –
أطال الحديث عن بطلان العبادة الوثنية وما تنطوي عليه من جهالة مؤكدا بعظة يدلل
فيها بشتى الأدلة علي أن هذه الأوثان لن تنفع عبادها شيئا في شئون الحياة،
وبشهادتها بنفسها تكشف عجزها عن العمل لحساب نفسها أو عابديها وأنها ليست بآلهة
فلا تخافوها…ثم يعزيهم فيقول " هل من حاجة إلى التنبيه علي أنها لست بآلهة ؟
" (6 : 51) ويحثهم علي الابتعاد عن عبادة الأوثان والترفع عن حياة الغاصبين
وأساليب حياتهم ويشدد عزائمهم بقوله أن ملاك الرب سيكون معهم ويحرسهم.


يختتم الرسالة بقوله أن "الصديق الذي لا صنم له أفضل لأنه بمعزل عن
العار".(72:6)

+
نلاحظ وجود تشابهات كثيرة بين أجزاء الرسالة وبين بعض عبارات سفر ارميا (10 :1 -16)
مما يدل صراحة علي أن خواص الرسالة تتفق مع أسلوب ارميا، والواقع أن الرسالة يمكن
وصفها بأنها شرح لذلك الفصل من سفر ارميا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي